يحي ابو زكريا كاتب وصحفي مقيم باوربا
لماذا باع حكّام العرب و المسلمين شعوبهم !!
هنيئا للنظام الرسمي العربي الذي إستطاع بإمتياز أن يحولّ الشعوب العربية إلى شعوب تتفرّج على الحدث دون أن تصنعه , تستقبل الأعداء دون مقاومة , وتتيح للغازي الأمريكي أن يصيغ الجغرافيا و الأفكار والمنهج والمعتقد والعادات و الوجوه و نوعية الثيّات و الأكل وكل ما له علاقة بتفاصيل الحياة .
خلال عقود والنظام الرسمي العربي يعمل على وأد الرجولة وعلى تخنيث الأبطال وإخصاء الأحرار ومصادرة الفكر الواعي الطلائعي و تجفيف منابع القوة في هذه الأمة , فعل ذلك وبكل صراحة تواطؤ مع وكالة الإستخبارات الأمريكية و الموساد الإسرائيلي والدوائر الماسونية و كل الدوائر التي كانت تعمل منذ زمن في الخفاء على تمزيق العالم العربي والإسلامي وكأنّ مشروع سايكس بيكو لم يكفهم فخططّوا لمشروع أكبر وأعظم .
ومن الخطأ بمكان أن نتصوّر أن ما أقدمت على فعله أمريكا في العراق وما بعد العراق رهن باللحظة الراهنة , بل هو وليد تخطيط مسبق وإستراتيجيات وضعت عندما كان حكامنا العرب يجتمعون في القمم العربية السابقة ويختلفون نهارا على جدول الأعمال ويتفقون ليلا على شرب أكؤس الصبابة المعتقة وسط العاهرات اللائي يحتفظن بمذكرات ستدخل التاريخ مستقبلا .
كانوا يخططون عندما كانت الدول العربية تتآمر على بعضها البعض , عندما كانت كل دولة عربية في خلاف حدودي مع الأخرى , عندما كانت أجهزة المخابرات في هذه الدولة العربية تخطط لنسف الأمن القومي في الدولة العربية الأخرى .
هنيئا للنظام الرسمي العربي الذي جعل شريحة من أبناء جلدتنا تؤمن بأنّ أمريكا هي المهدي المنتظر , وشريحة أخرى متقاعسة عن أداء دورها , وشريحة أخرى معزولة في سجن السلاطين والحكام والجنرالات القساة البغاة العتاة الزناة الأباة على شعوبهم الأذلاّء لأمريكا والدولة العبريّة .
فاللوم ليس على واشنطن التي تستهدف تاريخنا وراهننا وحاضرنا ومستقبلنا وثقافتنا وجغرافيتنا ودورنا وسلاحنا ودماغنا وفكرنا و عقيدتنا وقرآننا و محمدنا , اللوم على النظام الرسمي العربي الذي شرعن الوجود الأمريكي في مواقعنا كل مواقعنا الجغرافية , اللوم على النظام الرسمي العربي الذي دمرّ العقول والكفاءات وعجز عن إقامة نهضة صناعية متكاملة وأحوجنا إلى الدجاج الأمريكي واللحم الأمريكي والدواء الأمريكي والخبز الأمريكي والعقل الإستراتيجي الأمريكي , اللوم على حكامنا البغاة مدمني الفياغرا و أفلام الخلاعة الذين منحوا أراضينا للأمريكان و جغرافيتنا لقوات التدخل السريع للحفاظ على كراسيهم وأمنهم القومي وأمن دولتهم بخرم أمن مجتمعهم , اللوم على حكامنا الذين راهنوا على حماية الأمريكان لهم بعد أن ألهوا جنودهم بالمخدرات والرشاوى وبيوت الدعارة وكل أنماط الفساد , اللوم على حكامنا الذين أبادوا اللغة العربية وفرضوا اللغة الأنجليزية , والذين قضوا على أم كلثوم و فرضوا مايكل جاكسون والذين حاربوا الإعلام الهادف وفتحوا المجال كل المجال لقنوات العهر الإيطالية والتركية و غيرها , اللوم على حكامنا الذين تخندقوا خلف شاكيرا و سلموا شعوبهم للأمريكان , اللوم على حكامنا الذين عجزوا عن إدارة العباد والبلاد وأستضافوا الأمريكان لكي يتولوا المهمة بإمتياز ويتولون هم دفع الفاتورة من أقوات ودماء الشعوب العربية والإسلامية , اللوم على حكامنا الذين أعجبتهم الشقروات الأمريكيات فباعونا ببضعة كيلوات من اللحم , تماما كما فعل ذلك الحاكم العربي الذي إستقدم فتاة أمريكية شقراء لدى زيارته إلى واشنطن فطلقته زوجته !
اللوم على حكامنا الذين آمنوا بفقه النكاح وتركوا فقه الكفاح , الذين إعتنقوا فقه الجواري وتسليم الأمريكان كل البراري والذين يطلبون منا الآن أن نتفرج , نتفرج على جغرافيتنا وهي تسبى , تاريخنا وهو يصاغ في واشنطن , حكامنا وهم يصنعون في لانغلي , أطفالنا وهم يقتلون بلا ذنب ولا جريرة في بغداد ورام الله وجنين , نتفرج نعم نتفرج دون أن ننبس ببنت شفة , فلا يجوز التعليق على موت الآلاف بل الملايين في العراق , لا يجوز التعليق على دمار العراق , لكن ألا يعلمون أنّ كتمان الغيظ يحوّل الإنسان إلى قنبلة فتاكة تنفجر في وجه حكامنا السمان وفي وجه الأمريكان .
وإنّ غدا لناظره قريب !