ثم هناك شكر مستحب، وهو أن يأتي بأنواع الصدقات المستحبة: القولية، والعملية، والمالية، وأن يأتي بنوافل العبادات المتنوعة، فإذن الصدقات نوعان: واجبة، ومستحبة، فالواجبة: هي أن تستعمل الآلات في الطاعة، وأن تبتعد بها عن الحرام، فإذا فعلت ذلك فقد أديت شكر تلك الآلات.
قال -عليه الصلاة والسلام-: ( كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة ) ( كل يوم تطلع فيه الشمس ) كلمة "يوم" قد تأتي في النصوص وفي اللغة ويراد بها أكثر من يوم، فيكون عدة أيام إذا كان يجمعها شيء واحد، كما أنه يقال: ساعة، وقد تكون ساعات كثيرة، وهذا له فوائده المعروفة في اللغة، والبلاغة.
المقصود: قال هنا: ( كل يوم تطلع فيه الشمس ) فلما قيده بـ ( تطلع فيه الشمس ) علمنا أن الوجوب يوما، يعني: كل يوم من طلوع الشمس إلى طلوعها المرة الأخرى، يعني: كما نقول في كل أربع وعشرين ساعة يجب عليك تجاه هذه النعمة، وهي نعمة البدن: المفاصل، العظام -أن تشكر الله -جل وعلا- عليها .
فمثل -عليه الصلاة والسلام- بقوله: ( تعدل بين اثنين صدقة ) "تعدل" يدخل في العدل الحكم بينهما بالعدل، يدخل في ذلك الصلح فيما يصلح به كما قال: ( لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً {114} النساء ، وأشباه ذلك من الأعمال الخيرة.
قال: ( وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة ) الإعانة في كل ما يحتاج إليه هذا من أنواع الصدقات: تعينه في سيارته، تعينه في إصلاح شيء فيها، تعينه في الإركاب، تساعد كبير السن أو المحتاج... إلى آخره، كل هذا من أنواع الصدقات التي يحصل بها شيء من شكر نعمة المفاصل والعظام.
قال: ( والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة ) وهذا واضح ( وتميط الأذى عن الطريق صدقة ) هذه أمثلة متنوعة للصدقات اللازمة والمتعدية، وجاء في رواية، ويجزئ من ذلك في الصحيح: ( ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما المرء من الضحى )
فإذا استعملت هذه المفاصل في ركعتين تركعهما من الضحى -فقد أديت الشكر المستحب لهذه المفاصل.
إنتهى شرح الحديث السادس والعشرون
تحياتي