النعمة الكبري
جاء بجريدة الأهرام تحت عنوان: الحرمان من النوم وراء كوارث العصر, ان المعهد القومي الأمريكي لعلاج الاضطرابات العصبية قد حذر من خطورة نقص معدل نوم الإنسان المعاصر, الذي اعتاد علي ساعات اقل بكثير من التي يحتاجها جسده. واكد المعهد ـ من خلال دراسات ميدانية ـ حاجة الانسان الشديدة الي تعويض مافاته من ساعات النوم الطبيعية في اثناء الليل, وذلك لما لنقص النوم من تأثير مباشر في جهاز الانسان العصبي, والذي ينعكس سلبا علي أدائه وتفاعله مع المجتمع بشكل عام, وعلي إصابته بحالة من التوتر وعدم التركيز, وذكرت الدراسة ان من بين الأسباب الرئيسية وراء ارتكاب الحوادث المرورية الجسيمة النعاس والارهاق والإفراط في السهر. والحقيقة إن القرآن الكريم قد ذكر الكثير من الحقائق عن النوم, والتي سبقت هذه الدراسات الحديثة, ومن ذلك
1) ان الله سبحانه وتعالي لاتأخذه سنة ولا نوم, يقول تعالي: الله لا اله الا هو الحي القيوم لاتأخذه سنة ولانوم ـ البقرة:255(2) ان النوم عبارة عن عملية موت للإنسان( تسمي الموتة الصغري), يقول تعالي: وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا ـ الفرقان:47( لباسا: اي سترا, وسباتا: أي موتا), ويقول تعالي: وجعلنا نومكم سباتا ـ النبأ:9(3) ان نوم الليل هو النوم الطبيعي, الذي لايعوضه اي نوم آخر, وهو النوم المنضبطة عليه ساعة الجسم الداخلية الحيوية, حيث يزيد في الجسم خلاله افراز هرمون الميلاتونين المنظم للنوم, وذلك لما يمتاز به الليل من ظلام وسكون وهدوء, يقول تعالي: هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه ـ يونس:67, ويقول تعالي: ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا.. ـ النمل:86, ويقول تعالي:.. من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه افلا تبصرون ـ القصص:72(4) الإشارة القرآنية المعجزة الي وجود مخلوقات نهارية تهجع بالليل, ومخلوقات ليلية تهجع بالنهار, يقول تعالي: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم ـ الأنعام:13.(5) ان النوم نعمة كبري, خصوصا في وقت الأزمات والحروب, لأنه يجدد الطاقة الذهنية والجسدية, ويعطي الفرصة لبناء انسجة الجسم المنهكة, وقد من الله بالنعاس علي طائفة المؤمنين في غزوة احد فقال تعالي: ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة منه نعاسا يغشي طائفة منكم.. ـ آل عمران:154, وقد روي البخاري عن انس ان ابا طلحة قال: غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد, قال: فجعل سيفي يسقط من يدي وأخذه, ويسقط وأخذه.(6) ان مجاهدة حاجة الجسم الي النوم اثناء الليل للقيام بواجبات العبادة, هي صفة اختص بها الله تعالي عباده المؤمنين, يقول تعالي: كانوا قليلا من الليل مايهجعون ـ الذاريات:17, وذلك لأنها عملية شديدة الوطأة علي النفس والبدن, يقول تعالي: ان ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا ـ المزمل:6(7) ان الروح تغادر الجسد اثناء النوم, وتعود اليه عند الاستيقاظ, في حين انها لاترجع الي الجسد إذا ما حدث الموت( يسمي الموتة الكبري), يقول تعالي: الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضي عليها الموت ويرسل الأخري الي اجل مسمي.. ـ الزمر:42 وصدق الله العظيم القائل:.. مافرطنا في الكتاب من شيء.. الأنعام:38.
دكتور/صلاح أحمد حسن
أستاذ بطب أسيوط
بااااي