الشعارات التي رفعت خلال القرن الماضي :
بعد أن ظهرت شعارات مثل المستبد العادل لمحمد عبده ، و شعار لا يصلح أمر هذه الأمة الا كما صلح أمر أولها لجمال الدين الإفغاني ، وشعار لا يصلح أمر هذه الأمة الا بما صلح أمر أعداءها ل بطرس البستاني وسلامة موسى .. تطورت شعارات الأمة السياسية دون أن يدرك واضعوها أنها كانت تشكل عوائق إضافية أمام ركض الأمة نحو مصيرها ..
فمنهم من استعار شعارات لم تستولد في بيئتنا ( يا عمال العالم اتحدوا) ومنهم من وضع شعارات وحدة وحرية واشتراكية ، ثم أتبعها بمعاداة الصهيونية و الإمبريالية والرجعية .. ومنهم من وضع شعار ( الإسلام هو الحل ) ..
كان من أهم دراسة الشعارات التي أفرزت في العالم .. تلك النصيحة التي تقول أنه ( لا ترفع شعارا أكبر من إمكانياتك ) .. فانك إن فعلت ذلك .. فانك ستستعدي من هم أقوى منك ، فيعيقون نموك .. كمن تنذره أمه للأخذ بثأر أبيه تشرح عن نواياه وهو لم يبدأ السير فسيكون عرضة لقتل أعداءه له قبل تمكنه منهم ..
لن نناقش لا أصحاب الشعارات الإسلامية ولا الشيوعية ولا الليبرالية .. فان نصيبهم من الحكم لا يكاد يذكر أمام تجربة القوميين .. لذا سنناقش شعاراتهم لا من باب التشفي ولا من باب التمهيد لغيرهم ، بل من باب التحذير من الوقوع بأخطائهم .. فحتى الأخطاء تصبح إرثا للشعوب ، وعلى الشعوب تحمل وزرها حتى لو كانت تقف ضدها .. فلم يشفع للروس أن قيصرهم الأحمق قد باع الاسكا بأربعة ملايين دولار للأمريكان !!
كانت شعارات القوميين ذات طبيعة وجدانية ، تعتمد ملئ الصدور بالكبرياء القومية ، دون أدنى درجة من درجات التحضير والتهيئة السياسية ، فقد كانوا سببا في تهريب أموال الأمة للخارج ، لعدم إحساس البرجوازيين الوطنيين بأمان تجاه تلك الفئة التي كانت تلتهم الحكم من قطر عربي الى آخر .. فقد جاء وقت في أواسط الستينات أن كان 80% من الشعب العربي تحت حكومات من هذا النوع ( حكومات الشعارات القومية ) (مصر العراق الجزائر اليمن سوريا السودان ) ..
ولو تمعنت بسير تلك الحكومات لاكتشفت أنها أكثر الحكومات بالانكفاء القطري وأكثرها بملاحقة خصومها وإلغاء الآخر .. ما الفائدة اذن من إدعائهم القومية ؟
كما أن وصف شرائح عريضة من القوى الأرستقراطية العربية ، قد تنبهت لخطورة المد القومي ، فبادرت للإحتماء بالأجنبي وربطت مصيرها به ..
لقد حدث أن نبه الشيوعي الضرير ( باكونين ) ، أن نبه ( لينين ) لعدم استعداء البرجوازية الوطنية ، و نصحه بعمل مقتربات معها من أجل الإستفادة من امكانياتها المالية والتقنية .. وكانت النتيجة أن أمر لينين بإعدام رفيقه باكونين من أجل هذره المنحرف .. ولو تم بعثهما الآن لطأطأ لينين رأسه معتذرا لرفيقه باكونين ، وقال له انك على حق !
ونحن اليوم عندما نرى ان أكثر من 2.3 تريليون من الدولارات تودع في البنوك الأجنبية .. و أن فوائد القروض هناك تصل في بعض الأحيان لنسبة قريبة من الصفر ، في حين تصل في بلادنا الى 17% .. معتمدين على خجل المقترض و خوفه من الفضيحة الدينية و الاقتصادية .. حتى بات أكثر من تلثي العرب قريبين من خط الفقر .. وانه في اعتقادي أن وراء ذلك ، هي الزمر الضعيفة التي حكمت مدعية القومية ، قد أساءت للقومية و أبناءها من خلال شعارات وضعها أناس يفتقرون لخيال اقتصادي و سياسي يؤهلهم الى أن يمضوا الى نهاية المشوار ..
_________________
__________________
ابن حوران
|