قالوا جميعاً : نحن معك واقتنعنا .. لكن كيف غاب على كثير من الباحثين ما رصد في مصادرنا مما لا يقبل الشك ..
قلت : ولكي أزيدكم ، ويستفيد منه من يطلع عليه بعدنا ، فإن الناصري في تاريخه هذا قد غطى حيّزاً كبيراً من أخبار هذه الدعوة بأكثر من عشر صفحات ، وسوف أزيدكم من قوله ، وهو من المؤرخين الموّثقين عندكم ، وتاريخه من مصادر بلادكم المهمة . قالوا : نعم .
قلت : يقول الناصري عن السلطان سليمان بن محمد بن عبد الله العلوي الذي بويع في فاس في حدود عام 1226 هـ ، قد كان معاصراً للإمام عبد الله بن سعود ، ووالده الإمام العالم سعود بن عبد العزيز الذي دخل مكة المكرّمة في المرة الأولى حاجاً عام 1214 هـ ، الموافق لعام 1799م ، بأنه أراد أن يتحقق من ابن سعود وما يدعو إليه ، فأرسل ابنه إبراهيم في جماعة من علماء المغرب وأعيانه ، ومعه جواب من والده فوصلوا إلى الحجاز ، وقضوا المناسك وزاروا الروضة الشريفة ، كلّ هذا على الأمن والأمان والبّر والإحسان ، ثم أردف الناصري قائلاً : حدثنا جماعة وافرة ممن حج مع المولى إبراهيم في تلك السنة ، أنهم ما رأوا من ذلك السلطان – يعني الإمام سعود – ما يخالف ما عرفوه من ظاهر الشريعة ، وإنما شاهدوا منه ومن أتباعه غاية الاستقامة ، والقيام بشعائر الإسلام من صلاة وطهارة ، وصيام ونهي عن المنكر الحرام ، وتنقية الحرمين الشريفين من القاذورات والآثام التي كانت بهما من غير نكير ، وأنه لما اجتمع بالشريف المولى إبراهيم ، أظهر له التعظيم الواجب لآل البيت الكريم ، و جلس معه كجلوس أحد أصحابه وحاشيته ، وكان الذي تولىّ الكلام معه الفقيه القاضي : أبو إسحاق إبراهيم الزّرعيّ ، فكان من جملة ما قاله ابن سعود لهم : إن الناس يزعمون أننا مخالفون للسنة المحمدية ، فأي شيء رأيتمونا خالفناه من السنة ، وأي شيء سمعتموه عنا قبل اجتماعكم بنا ؟؟.
فقال القاضي : بلغنا أنكم تقولون بالاستواء الذاتي ، المستلزم بجسمية المستوي فقال له : معاذ الله ، إنما نقول كما قال الإمام مالك رحمه الله : الاستواء معلوم و الكيف مجهول والسؤال عنه بدعة والإيمان به واجب .. فهل في هذا مخالفة ؟! . قالوا : لا .. وبمثل هذا نقول أيضاً ، ثم قال القاضي الزّرعيّ له : وبلغنا أنكم تقولون بعدم حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وحياة إخوانه من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في قبورهم .. فلما سمع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ارتعد ورفع صوته بالصلاة عليه وقال : معاذ الله ، إنما نقول أنه صلى الله عليه وسلم حيّ في قبره ، وكذا غيره من الأنبياء ، حياة فوق حياة الشهداء .
- ثم في نهاية هذا الحديث ،
يتبع إن شاء الله
|