يرى من لج في عذلي هزالي ... فيصبح من جوى قلبي نصيري
لا بل هذا هو هنا وقد نراه متأبطا ذراع المتنبي ومتدثرا ببردة أبي علاء المعري
وقصر العشق إن بالذل ِ يـُفتح ْ… فخير أن أنام على الحصير
صورتين شعريتين فيهما كل مقومات الحسن والإبداع فكأننا نرى في سياق صدر بيته في ذكر من لج في عذله قد أطلق حصانا جامحا من عقاله فما أجمل العذول إن اصبح نصيرا وما أجمل هذا الإبتدار مع الصدار.
اما فقولنا بتابطه ذراع المتنبي وتدثره بردة المعري فمندوحتنا هنا المقارنة لا المطابقة فهيا بنا نمعن النظر بما قاله المتنبي وما قاله ألمعري..
ألم يترافق مجدي والمتنبي حين قال المتنبي :
وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام
ألم يكن مجدي متدثرا عباءة المعري حين يقول الأخير
يصون الحجى والبذل أعراض معشر
وأين يرى العرض الذي ليس يبذل
إذا لنأخذ من الكرمة عنقودا ومن العقد درة وكفى ..
ولكن هل لنا أن نقول إكتفينا بذاك ؟ لا وكلا .. بل نرى الأستاذ مجدي
يقول هنا:
بقيت الدهر أضمر ما بقلبي... وأرضاني اجتـزائي باليسير
إذا من هو مجدي وماذا أراد أن يقول لنا ؟
لعله أراد القول بأنه يحمل بين جنبيه نفسا أبية؟ هل قصد تبيان قناعته وقلة كلفه في ما لم يقسم به مقدر القدر ؟ هل كان زاهدا أم ناسكا ؟
نعم كان كلها ونراه قد ربا فوقها جميعا . فقد كان سيفا لا يرى إلا مسلولا وكان وكان هزبرا لم يستجدي العطف حتى وهو في حالة يأس ولكن هذا اليأس كان نتاج تزاوج قناعة العقل مع رجحانه حيث نرى بأن إباءه قد إتسق مع عقله فترافقا في سلام ليميطا لنا اللثام عن نفس جامحة وشاعرية تضرب جذورها في اعماق صم الصخور
إذن هذا هو مجدي وإن الياء الأخيرة لم تكن إلا لتضفي خصوصية على مجد قريضه وفحولته .. فقد أبان بحق أن حر المتاع الصمت !!