يعتقد العديد من العلماء والمفكرين التربويين ، وفي المقدمة منهم العالم [ فرويد ] أن القلق يعتبر عاملاً أساسياً في حدوث المشكلات النفسية لدى الطفل خلال مراحل النمو ، ابتداءً من الميلاد وحتى الطفولة المبكرة ، حيث يواجه الطفل ضغوطاً مستمرة من الوالدين وغيرهم من أفراد الأسرة
المحيطين به ، لكي يستطيع التكيف مع العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية ، وهم يسعون إلى كفّ غرائزه الأولية ومنع إشباعها الفوري .
أما الطفل فيحاول نتيجة تلك الضغوط كبت الغرائز غير المقبولة لدى الأسرة ، والتي غالباً ما تنطوي على رغبات جنسية وعدوانية ، بسبب تلك الضغوط المسلطة عليه أثناء عملية تدريبه وتنشئته الاجتماعية من قبل أسرته ، غير أن شدة تأثير وسيطرة تلك الغرائز على الطفل تحول دون كبتها بصورة تامة ، حيث تبقى ضاغطة على الطفل طلباً للإشباع ، وهذا ما يؤدي إلى أن تصبح الغرائز مصدراً للتهديد بالظهور والإفصاح عن نفسها من وقت إلى آخر . (19)
ويسود الاعتقاد لدى العلماء أن تهديد الغرائز بالظهور إلى منطقة الشعور ، ومحاولة الطفل إشباعها
تعتبر السبب الأساسي لحدوث[ القلق ] لدى الطفل ، حيث يُجبر على
بذل أقصى الجهد لمنع ظهور تلك الغرائز إلى الشعور ، وقد يؤدي إخفاقه في كبت غرائزه إلى التعرض إلى [القلق الحاد] ، وربما إلى [الهلع ] لدى البعض الآخر ، وقد يتسبب ذلك في حدوث أعراض جانبية أخرى كالمخاوف المرضية ، والشكوى من بعض الأشياء البيتة ، والشكوى من بعض الآلام الجسمية دون سبب عضوي واضح ، وقد يوجه الطفل دوافعه العدوانية إلى نفسه ، حيث يظهر ذلك في صورة أعراض [الاكتئاب] ، [والخوف ] من الانفصال عن الوالدين ، أو من المدرسة ، كما يمكن أن يحدث الاكتئاب نتيجة محاولة الطفل التحكم في الغضب ، والحزن ، لاشعورياً ، وذلك بتوجيه تلك المشاعر نحو الذات .
ويرى العالم [ أريكسن ] أن خبرة الطفل في اكتساب الثقة بدلاً من الشكوك تعد مرحلة مهمة في حياته ، والتي سوف يبني بموجبها علاقاته مع الآخرين ، ومع العالم من حوله مستقبلاً، فإذا أخفقت تلكالخبرات المبكرة في توفير مشاعر الأمن والارتباط بالآخرين فإنه سوف ينظر للعالم من حوله باعتباره عالماً مخيفاً لا يوفر الأمن الكافي والتقبل به ، وهذا يقود بدوره إلى أن يصبح القلق أمرٌ حقيقي في وجوده ، وقد يتعرض في المراحل التالية من حياته إلى نتائج مدمرة تسبب له القلق واليأس وتشمل تلك المراحل في نظر [ أريكسن ] الاستقلال في مقابل الخجل والريبة ، والمبادءة مقابل الشعور بالإثم والذنب ، والمثابرة مقابل الشعور بالعدوانية ، والشعور بالهوية مقابل تشويه الهوية .
وبسبب عدم قدرة الطفل على التعامل مع العالم المحيط به بثقة ، فإنه يتعرض للشعور المزمن بالقلق ، والميول الدفاعية ، والانطواء ، وكل ذلك يؤدي في النهاية إلى نشوء مشكلات نفسية شديدة ، وقد تتخذ صور الجبن ، والعزلة الاجتماعية والاكتئاب .
ولابد أن أشير في النهاية إلى أن أساليب التخويف الذي تمارسها الأسرة تجاه الأطفال يمكن أن تتحول إلى محفّز أساسي للقلق ،ثم أن الخوف يتحول إلى حالة مرضية لدى الطفل من خلال المعايشة والمواجهات الاجتماعية ، فعندما يرى الطفل والده يواجه متطلبات الحياة باستمرار بحالة بخوف ،أو يتحدث أمامه بأسلوب يعبر عن اليأس والاكتئاب والقلق من المستقبل ،فإنه يمكن أن ينقل تلك المشاعر والأفكار المؤذية لطفله ، حيث ينتاب الطفل شعور بأن العالم من حوله مكان مخيف ، ويدفعه إلى الانكماش والانعزال ، والجبن ، والخجل الشديد ، والتخوف من النقد.
إن على الآباء والأمهات أن يدركوا أن أبناؤهم يراقبونهم دائماً في كل حركاتهم وتصرفاتهم ويقلدونهم ويتعلمون منهم ، ولذلك يتوجب عليهم أن يكونوا قدوة مثالية لأبنائهم ، ويمدونهم بكل ما هو جيد ومفيد ، ويبعدوا عنهم أي شعور بالخوف أو القلق ، ويوضحوا لهم أن الحياة شيء جميل ورائع مهما واجه الإنسان من مصاعب ، وأن السعادة كل السعادة في أن يواجه الإنسان الصعاب ويتغلب عليها بجده وجهاده ، ولا شك في أنه قادر على تحقيق ذلك إذا شاء .
ذكرنا فيما سبق أن الأطفال يتشبهون دائماً بآبائهم وأمهاتهم ، ويقلدونهم في حركاتهم وتصرفاتهم ، ويأخذون منهم الكثير من الصفات والعادات ، وقد اتضح من الدراسات التي أجراها العديد من العلماء أن الأطفال ذوي المشكلات الشخصية هم في الغالب ينتمون إلى أسرٍ يعاني فيها أحد الوالدين ،وربما كلاهما من نفس المشكلات .
فقد أوضحت الدراسات التي أجريت على العديد من أسر الأطفال المراهقين ذوي المشكلات الشخصية ، وجود العديد من الخصائص التي تجمع بين الوالدين والأبناء ، ومن بينها التسلط والقسوة ، والتحكم الزائد ، فالوالدان يعلّمان أطفالهما ،سواء عن قصد أو دون قصد ، أن العالم من حولهم مخيف ، وأن الفرد الذي يعيش فيه يتعرض تلقائيا للتوتر والقلق، ويحذرونهم باستمرار من أن أي أخطاء يرتكبونها تعرضهم للنبذ والرفض من الآخرين .
إن هذه الأساليب تسبب للطفل الشعور المستمر بالخجل مما يجعله يتجنب لقاء الآخرين ، أو جلب انتباههم لكي لا يتعرض للنقد أو الرفض ، وبالتالي يسيطر عليه الجبن والعزلة الاجتماعية .وقد تلجأ عض الأسر إلى توجيه النقد لأطفالهم باستمرار من أي عمل أو تصرف تأتوا به ، فهم ينتقدونهم على مظهرهم ، أو ملابسهم ، أو عاداتهم ، أو خصائصهم الشخصية ، أو أصدقائهم ،أو قدراتهم وإنجازاتهم الدراسية ، وقد يوجهون لهم صفات سيئة جداً ، كأن يصفونهم بالغباء ،أو القبح أو التفاهة ،وغيرها من الصفات السيئة التي تؤثر بالغ التأثير على حالتهم النفسية .
كما أن بعض الأسر تغالي في حرصها الشديد على أطفالها ،وتسعى لتوفير الحماية الزائدة لهم من المخاطر المحتملة ، وتحذرهم باستمرار من الآخرين ، أو من الكلاب أو غيرها من الحيوانات ويحاولون أن يصوروا لهم صورة مفزعة عما يمكن أن يحدث لهم إن هم ابتعدوا عنهم ، وهكذا يخلقون لدى أطفالهم شعوراً بأن ذويهم يحاولون فعلاً تجنب المواقف والناس لشعورهم بالخطر .
وفي أحوال أخرى تحاول بعض الأسر تشجيع أطفالها على تأكيد ذاتهم ، واستقلاليتهم ، وقد يوجهون لهم العقوبة إذا ما مارسوا أموراً تعبر عن عدم الاستقلالية بتوجيه الاتهامات لهم بعدم الكفاءة والقدرة ،وفي أحيان كثيرة يشجعون أطفالهم على اتخاذ القرارات بأنفسهم ، لكنهم يعاقبونهم إذا أخطأوا ،وقد نجد البعض يشجعون أطفالهم على التحدث وفي الوقت نفسه يخبرون الآخرين الجالسين معهم بأن طفلهم يشعر بالخجل ، وغير ذلك من الصفات التي تعبر عن عدم الكفاءة ، وهذه الازدواجية في التعامل مع أطفالهم يمكن أن تعرضهم إلى الكثير من المشاكل النفسية كالارتباك والقلق ، والغضب ، والجمود .
ينبغي على الوالدين وعلى المربين أن يحرصوا على عدم توجيه أي عبارات تنم عن الاستهانة بالأطفال ، أو تحط من قدرهم أو قابليتهم ،او إشعارهم بالإحباط إذا ما أخطأوا في عمل ما ، فالذي لا يعمل هو فقط الذي لا يخطئ . إن الواجب يقتضي منا تقويم أخطائهم إن حدثت بروح من التفهم والاحترام لمشاعرهم ، وتنمية شعورهم بالثقة بالنفس ، وبعث الشجاعة الأدبية لديهم لكي نمكنهم من مواجهة المجتمع والعالم المحيط بهم بكل همة ونشاط وهم على اكمل استعداد .
أولاً : ماذا يقصد بالتأخر الدراسي ؟
ثانياً : كيف نحدد التأخر الدراسي ؟
1 ـ اختبارات الذكاء .
2 ـ اختبارات القدرات .
3 ـ اختبارات التكيف الشخصي والاجتماعي .
ثالثاً : أنواع التأخر الدراسي :
1 ـ التأخر الدراسي المرضي .
2 ـ التأخر الدراسي غير الطبيعي .
رابعاً : مسببات التأخر الدراسي :
1 ـ العوامل العقلية .
2 ـ العوامل النفسية .
3 ـ العوامل الاجتماعية .
خامساً : كيف نعالج التأخر الدراسي ؟
1 ـ دور البيت .
2 ـ دور المدرسة .
أولاً : ماذا يقصد بالتأخر الدراسي ؟
يتشكى الكثير من الآباء والأمهات من حالة التأخر الدراسي التي يعاني منها أبناءهم ، غير مدركين للأسباب الحقيقية وراء هذا التأخر وسبل علاجها ، وقد يلجأ البعض منهم إلى الأساليب غير التربوية والعقيمة ، كالعقاب البدني مثلاً في سعيهم لحث أبنائهم على الاجتهاد . ولاشك أن الأساليب القسرية لا يمكن أن تؤدي إلى تحسين أوضاع أبنائهم ، بل على العكس يمكن أن تعطينا نتائج عكسية لما نتوخاه .
إن معالجة مشكلة التأخر الدراسي لدى أبنائنا تتطلب منا الاستعانة بالأساليب التربوية الحديثة ، والقائمة على العلم ، فهي المنار الذي يمكن أن نهتدي بها للوصول إلى ما نصبوا له لأبنائنا ولأجيالنا الناهضة من تقدم ورقي وهذا بدوره يتطلب منا أن الإجابة على الأسئلة التالية :
1 ـ كيف نحدد التأخر الدراسي ؟
2 ـ ما هي أنواع التأخر الدراسي ؟
3 ـ ما هي مسببات التأخر الدراسي ؟
4 ـ كيف يمكن علاج التأخر الدراسي ؟
كيف نحدد التأخر الدراسي :
لكي نستطيع تحديد كون التلميذ متأخر دراسياً أم لا ، ينبغي إجراء الاختبارات التالية :
1ـ اختبارات الذكاء .
2 ـ اختبارات القدرات .
3 ـ اختبارات التكيف الشخصي والاجتماعي
وسأحاول أن أقدم لمحة عن هذه الاختبارات وما يمكن أن تكشفه لنا كل واحدة منها من معلومات هامة ومفيدة تساعدنا على التعرف على مستوى ذكاء التلميذ ، وما إذا كان عمره العقلي يتناسب مع عمره الزمني ، أم انه أعلى ،أم أدنى من ذلك ، وتدلنا على الوسائل التي يمكن الاستعانة بها لمعالجة أسباب تأخره ، وتوجيهه الوجهة الصحيحة ، وملافات الهدر الذي يمكن أن يصيب العملية التعليمية والتربوية إذا ما أهمل هذا الجانب من الاختبارات .
الذكاء كما هو معلوم ، القدرة على التعلم ، واكتساب الخبرات ، وكلما زاد الذكاء ، كلما زادت القدرة على التعلم ، وطبيعي أن الأطفال جميعاً يختلفون بعضهم عن بعض بنسبة الذكاء ، كاختلافهم في القدرة الجسمية سواء بسواء .
ولقد كان العلماء فيما مضى يهتمون بكمية الذكاء لدى الطفل بصورة عامة ، إلا أن الأبحاث الجديدة كشفت أن للذكاء أنواع متعددة ، فقد نجد تلميذاً متفوقاً في الرياضيات ، ولكنه ضعيف في الإنشاء والتعبير . إن لاختبارات الذكاء أهمية قصوى وينبغي أن تأخذها مدارسنا بالحسبان لكي تستطيع أن تؤدي عملها بنجاح .
ماذا تكشف لنا اختبارات الذكاء ؟
1 ـ تعرفنا هذه الاختبارات إن كان تحصيل التلميذ متفقاً مع قدراته ، أم أن تحصيله أقل من ذلك ، وإلى أي مدى ؟
2 ـ تساعدنا على تقبل نواحي النقص ، أو الضعف ، لدى التلميذ ، فلا نضغط عليه ، ولا نحمله ما لا طاقة له به ، فيهرب من المدرسة ، ويعرض مستقبله للخراب .
3 ـ تساعدنا على تحديد نواحي الضعف التي يمكن معالجتها لدى التلميذ .
4ـ توضح لنا الفروق الفردية بين التلاميذ ، ولهذا الأمر أهمية بالغة جداً ، لا يمكن لأي معلم ناجح الاستغناء عنها .
5 ـ تساعدنا هذه الاختبارات على تحديد نواحي القوة والتفوق لدى التلميذ ، والتي يمكن الاستعانة بها على معالجة نواحي الضعف لديه .
6 ـ تساعدنا هذه الاختبارات على توجيه التلميذ الوجهة الصحيحة ، فلا يكون معرضاً للفشل وضياع الجهود والأموال . (25)
وهكذا يتبين لنا أن الاهتمام بمثل هذه الاختبارات يتسم بأهمية كبيرة إذا ما أردنا النجاح في عملنا التربوي ، وتجنبنا إضاعة الجهود ، وحرصنا على أحوال التلاميذ النفسية ، وجنبناهم كل ما يؤدي إلى الشعور بالفشل ، وضعف الثقة بالنفس ، وعدم القدرة ، والشعور بالنقص ، وربما يلجأ التلميذ إلى الهروب من المدرسة إذا ما وجد نفسه غير قادر على القيام بواجباته المدرسية شأنه شأن بقية زملائه في الصف .
ويوضح لنا العلاقة بين [العمر العقلي]و[العمر الزمني]للتلميذ ، وتعبر عنه هذه النتيجة ب [ نسبة الذكاء ] حيث تقاس نسبة الذكاء بحاصل قسمة العمر العقلي على العمر الزمني مضروباً في 100 فلو فرضنا أن طفلاً عمره الزمني يعادل 10 سنوات ، وأن نتائج اختبارات الذكاء بينت أن عمره العقلي يعادل 9 سنوات فإن نسبة الذكاء لديه تساوي 90% .
ومن الواضح أن التلميذ المتوسط تكون نسبة ذكائه 100 %
ومن كان نسبة ذكائه ما بين 80إلى 90% كان دون المتوسط .
ومن كان نسبة ذكائه من بين 90 إلى 110 كان متوسط الذكاء .
ومن كانت نسبة ذكائه ما بين 110 إلى 120 كان ذكياً
ومن كانت نسبة ذكائه ما بين 120 إلى 140 كان ذكياً جداً .
ومن كان نسبة ذكائه ما فوق 140 كان التلميذ عبقرياً .
ب ـ نوع يقيس الأنواع المختلفة للقدرات العقلية :
ويبين لنا موطن الضعف ، وموطن القوة ، إلى جانب الذكاء الكلي ، وطبيعي أن هذا النوع أدق من الاختبار الأول .
كان علماء النفس يعتقدون أن نسبة الذكاء ثابتة ، غير قابلة للتغيير ، ولا زال البعض منهم يأخذ بهذه الفكرة ، غير أن الدلائل تشير إلى أن النمو في قدرة الطفل العقلية لا تسير على وتيرة واحدة ، وبشكل منتظم ، بل تتخلله حالات من البطء ،وحالات من السرعة ، وهي تتوقف على طبيعة النمو ، وعوامله المختلفة .
إن الذكاء يتأثر حتماً بالتفاعل بين عاملي [الوراثة] و[البيئة] ، وإذا ما تبين أن ذوي التلميذ لا يعانون من أي عوق أو تخلف عقلي أو اضطرابات نفسية ، وإذا ما توفرت البيئة الصحية والطبيعية الملائمة ، فإن النمو يجري على أحسن الوجوه .
غير أن هناك حقيقة لا ينبغي إغفالها وهي أن اختبارات الذكاء قد لا توصلنا إلى حد الكمال ، بسبب وجود عوامل مختلفة تؤثر على مدى دقتها، كالمرض والاضطراب النفسي،والخبرة التي اكتسبها الطفل من بيئته لأنها تلعب دوراً مهماً في الموضوع . وعلى كل حال يمكننا أن نحصل على النتائج المفيدة إلى حد بعيد ، إذا ما كانت الاختبارات التي نجريها دقيقة ، وإذا ما أخذنا في الاعتبار جميع العوامل المؤثرة في هذا المجال وينبغي لنا أن نؤكد على أن نجاح التلميذ في اختبارات الذكاء لا يعني أنه لن يفشل في دراسته العليا ، إذا ما اجبر على دراسة فرع لا يرغب به ، وليست له القدرة عليه ، ولذلك لابدّ وأن تكون هناك اختبارات أخرى تحدد الاتجاه الذي ينبغي للتلميذ أن يسلكه .
وهذا النوع من الاختبارات له أهمية خاصة ، حيث أنه لا يعطينا فقط مستوى قدرة التلميذ في مجال ما ، في الوقت الذي جرى فيه الاختبار ، وإنما يتعداه إلى كشف المستوى الذي يمكن أن تبلغه قدراته في هذا المجال ، إذا ما نال من مربيه في البيت والمدرسة ، الرعاية والعناية اللازمتين .
ومن الأنواع الشائعة لهذه الاختبارات
1ـ الاختبار في القدرة الموسيقية .
2 ـ الاختبار في القدرة الفنية ، من رسم ونحت وتمثيل .
3 ـ الاختبار في القدرة الميكانيكية .
4 ـ الاختبار في القدرة الأدبية .
وبهذه الأنواع من الاختبارات نستطيع أن نحدد قابلية التلميذ في هذه المجالات ، ومدى إمكانية تطوير هذه القابلية في أي من هذه المجالات ، كي نوجهه الوجهة الصحيحة التي تمكنه من النجاح فيها بتفوق .
ثالثاً : اختبارات التكيف الشخصي والاجتماعي :
وهذه الاختبارات تكشف لنا عن ميول التلميذ ، ومزاجه ، ومشاكله الشخصية ، وهي لا تعطينا إجابات محددة ،صحيحة أو خاطئة ، عن الأسئلة المطروحة ، والتي يطلب فيها من التلميذ الإجابة بما يشعر به ، بل تقيس جميع مظاهره الشخصية . وهذا النوع من الاختبارات له أهمية بالغة بالنسبة لعمليتي التربية والتعليم ، وذلك لأن المعلم لا يستطيع أن يربي تلاميذه التربية الصحيحة ، ويعلمهم بسهولة ويسر ، إلا إذا فهم كل تلميذ فهماً صحيحاً ، من حيث الميول ، والرغبات ، والمزاج،والتعرف على المشاكل التي يعانيها في البيت والمدرسة ، ويعمل على تذليلها .
بقي لي كلمة أخيرة أقولها بكل أسف ومرارة ، أن المدارس في معظم ما يسمى بالعالم الثالث لا تهتم بهذه الأنواع من الاختبارات ، وجل اهتمامها ينصب على اختبارات التحصيل الدراسي ، بل لا أغالي إذا قلت أن الكثير من المعلمين لم يسمعوا عن هذه الاختبارات ، ولا يعرفون شيئاً عنها ، وهكذا بقيت الأساليب التربوية والتعليمية مبتورة ، وسببت ضياع الجهود والإمكانيات لدى الأبناء ، وعلى هذه المدارس أن تغير من أساليبها ، لتلافي نواحي النقص فيها إذا شاءت النهوض بشعبها إلى مصاف الأمم المتقدمة الأخرى .
يختلف التأخر الدراسي من تلميذ إلى آخر ، ولكل نوع من التأخر الدراسي أسبابه وظروفه وسبل معالجته وإجمالاً يمكن تحديد أنواعه بما يأتي :
1 ـ التأخر الدراسي المرضي :
ويتطلب هذا النوع علاجاً طبياً ،وغالباً ما يكون علاجه صعباً .
2 ـ التأخر غير طبيعي :
وهذا النوع يمكن علاجه بالوسائل التربوية العلمية ، وهو ما يمكن أن تقوم به المدرسة بالتعاون مع البيت ، وهذا النوع من التأخر يمكن أن يكون في جميع الدروس ، وقد يكون تأخراً في بعض الدروس ، وقد يكون تأخراً في درس واحد فقط ، وقد يكون التأخر وقتياً ، وقد يستمر وقتاً طويلاً ، ولكل نوع من هذه الأنواع مسبباته ووسائل علاجه .(28)
ما هي مسببات التأخر الدراسي ؟
إن أهم العوامل التي تسبب التأخر الدراسي هي :
1 ـ العامل العقلي : كالتأخر في الذكاء بسبب مرضي أو عضوي .
2 ـ العامل النفسي :كضعف الثقة بالنفس ،أو الكراهية لمادة معينة ، أو كراهية معلم المادة بسبب سوء معاملته لذلك التلميذ ، وأسلوب تعامل الوالدين مع أبنائهم .
3 ـ العامل الجسمي : ككون التلميذ يعاني من عاهة أو أي إعاقة بدنية ، على سبيل المثال .
4 ـ العامل الاجتماعي : ويتعلق هذا العامل بوضع التلميذ في البيت والمدرسة ،وعلاقاته بوالديه ،ومعلميه ،وأخوته ،وأصدقائه .
إن هذه العوامل كلها ذات تأثير مباشر في التأخر الدراسي لدى التلاميذ ، وعلى ضوء دراستها نستطيع أن نعالج التلاميذ المتأخرين دراسياً والذين تثبت مقاييس الذكاء أن تخلفهم أمر غير طبيعي.
ومما تجدر الإشارة إليه أن التأخر الدراسي لدى التلاميذ يصاحبه في اغلب الأحيان الهرب من المدرسة والانحراف نحو الجرائم ، من سرقة واعتداء وغيرها ، ذلك أن التلاميذ الفاشلين في دراستهم يستجيبون أسرع من غيرهم لهذه الأمور بسبب شعورهم بالفشل ، وعدم القدرة على مواصلة الدراسة والتحصيل .، ولو تتبعنا أوضاع وسلوك معظم المنحرفين لوجدنا أنهم خرجوا من بين صفوف التلاميذ المتأخرين دراسياً
إن معالجة مسألة التأخر الدراسي للنوع الثاني [ غير الطبيعي ] تتوقف على التعاون التام ، والمتواصل بين ركنين أساسيين :
1 ـ البيت 2 ـ المدرسة
1 ـ البيـت
ونعني بالبيت طبعاً مهمة الأباء والأمهات ومسؤولياتهم بتربية أبنائهم تربية صالحة ، مستخدمين الوسائل التربوية الحديثة القائمة على تفهم
حاجات الأبناء وتفهم مشكلاتهم وسبل تذليلها ، والعائلة كما أسلفنا هي المدرسة الأولى التي ينشأ بين أحضانها أبناءنا ويتعلموا منها الكثير . ولا يتوقف عمل البيت عند المراحل الأولى من حياة الطفل ، بل يمتد ويستمر لسنوات طويلة حيث يكون الأبناء بحاجة إلى خبرة الكبار في الحياة ، وهذا يتطلب منا :
أولاً ـ الإشراف المستمر على دراستهم ، وتخصيص جزء من أوقاتنا لمساعدتهم على تذليل الصعاب التي تجابههم بروح من العطف والحنان والحكمة ، والعمل على إنماء أفكارهم وشخصياتهم بصورة تؤهلهم للوصول إلى الحقائق بذاتهم ، وتجنب كل ما من شأنه الحطّ من قدراتهم العقلية بأي شكل من الأشكال ، لأن مثل هذا التصرف يخلق عندهم شعوراً بعدم الثقة بالنفس ويحد من طموحهم .
ثانياً ـ مراقبة أوضاعهم وتصرفاتهم وعلاقاتهم بزملائهم وأصدقائهم ، وكيف يقضون أوقات الفراغ داخل البيت وخارجه ،والعمل على إبعادهم عن رفاق السوء ، والسمو بالدوافع ، أو الغرائز التي تتحكم بسلوكهم وصقلها ، وإذكاء أنبل الصفات والمثل الإنسانية العليا في نفوسهم .
ثالثاً ـ العمل على كشف مواهبهم وهواياتهم ، وتهيئة الوسائل التي تساعد على تنميتها وإشباعها
رابعاً ـ مساعد أبنائنا على تحقيق خياراتهم ،وعدم إجبارهم على خيارات لا يرغبون فيها .
خامساً ـ تجنب استخدام الأساليب القسرية في تعاملنا معهم ، وعدم النظر إليهم ، والتعامل معهم وكأنهم في مستوى الكبار ، وتحميلهم أكثر من طاقاتهم ، مما يسبب لهم النفور من الدرس والفشل .
سادساً ـ مساعدتهم على تنظيم أوقاتهم ، وتخصيص أوقات معينة للدرس ، وأخرى للراحة واللعب مع أقرانهم .
2 ـ المدرسـة
المدرسة هي المؤسسة التي تعمل على إعداد الأجيال وتهيأتهم ليكونوا رجال المستقبل مسلحين بسلاح العلم والمعرفة ، والقيم الإنسانية السامية لكي يتواصل تقدم المجتمع الإنساني ، ويتواصل التطور الحضاري جيلاً بعد جيل . وهكذا نجد أن المدرسة لها الدور الأكبر في إعداد أبنائنا الإعداد الصحيح القائم على الأسس العلمية والتربوية القويمة .
إن المهمة العظيمة والخطيرة الملقاة على عاتق المدرسة تتطلب الإعداد والتنظيم الدقيق والفعال للركائز التي تقوم عليها المدرسة والتي تتمثل فيما يلي :
1ـ إعداد الإدارة المدرسية .
2 ـ إعـداد المعلمـين .
3 ـ إعداد جهاز الأشراف التربوي .
4 ـ إعداد المناهج والكتب المدرسية .
5 ـ نظام الامتحانات وأنواعها وأساليبها .
6 ـ تعاون البيت والمدرسة .
7 ـ الأبنية المدرسية وتجهيزاتها .
إن هذه الركائز جميعاً مترابطة مع بعضها البعض ، وكل واحدة منها تكمل الأخرى ، ويتوقف نجاح العملية التربوية والتعليمية في المدرسة على تلازم وتفاعل هذه الركائز ببعضها ، وكلما توطدت وتعمقت حركة التفاعل هذه كلما استطاعت المدرسة تحقيق ما تصبو إليه من خلق جيل واعٍ ، متسلح بسلاح العلم والمعرفة ، وملتزم بالأخلاق والمثل الإنسانية العليا .وسوف نأتي على بحث هذه الركائز في الفصول قادمة .
1 ـ الصفات الواجب توفرها بمدير المدرسة .
2 ـ أسلوب اختيار مدير المدرسة .
3 ـ واجبات مدير المدرسة .
4 ـ وصايا لمدير المدرسة :
أولاً ـ الصفات الواجب توفرها بمدير المدرسة :
مما لاشك فيه أن إدارة المدرسة من المهام الصعبة والحساسة التي تتطلب من صاحبها لكي يكون مديراً ناجحاً ، وقادراً على القيام بواجباته على الوجه الأكمل أن يكون :
1 ـ سليم الجسم والعقل .
2 ـ ذو قدرة وكفاية تؤهله لتحمل أعباء عمله .
3 ـ أن يكون موضع ثقة من لدن المعلمين والمسؤولين التربويين
4 ـ أن يكون قادراً على البت في الأمور والمشاكل التربوية بصورة صحيحة وحاسمة ودقيقة
إن هذه الأمور هامة جداً ، وينبغي توفرها لدى مدير المدرسة ، لكي يكون ناجحا في عمله. فالإنسان الذي يعاني من أمراض جسمية كانت أم نفسية لا يمكنه أن يعالج المشاكل التي تجابهه بهدوء وتبصر ، بل على العكس من ذلك تظهر لديه عند مجابهته لأبسط المشاكل حالات انفعالية تجعله يفقد أعصابه فيتصرف تصرفات خطيرة ومضرة تزيد المشاكل تعقيداً بدلاً من حلها ، وعلينا أن لا ننسى الحكمة القائلة [ العقل السليم في الجسم السليم ] .
أما بالنسبة للصفة الثانية [ المقدرة والكفاءة ] فيمكن تقدير مدى توفرها في من يراد اختياره الإدارة المدرسة من خلال عمله كمعلم ، قبل أن يصبح مديراً ، إذ بالإمكان معرفة مدى قابليته على القيام بواجباته المدرسية ، والجهود التي كان يبذلها لرفع مستوى طلابه في مختلف المجالات ، ومدى ضبطه لصفه ، ونوع العلاقات السائدة بينه وبين طلابه وزملائه المعلمين ، ومدى احترامهم له ، ومدى قابليته على خلق العلاقات الإنسانية الطبيعية في المحيط المدرسي ، إدارةً ومعلميَن وطلاباً ، ذلك أن مدير المدرسة بطبيعة عمله مسؤول عن النضوج الفكري للمعلمين والطلاب معاً ، وإن أي جهل لهذه الحقيقة إنما يسبب التوتر في العلاقات المدرسية ، ويشيع الفوضى ، ويُفقد النظام ، ويؤدي بالتالي إلى فشل المدرسة .
أما ما يخص الصفة الثالثة [ الثقة ] فإنها تتوقف على سلامته الجسمية والنفسية من جهة وعلى مقدرته وقابليته من جهة أخرى ،إذ أن هاتين الصفتين تمكناه من أداء واجباته المدرسية كما ينبغي.
أما الصفة الرابعة فإن لها أهمية قصوى ، ذلك أن مدير المدرسة يواجه كل يوم العديد من المشاكل الإدارية والتربوية ،داخل المدرسة وخارجها ،منها ما يخص الطلاب ،ومنها ما يخص المعلمين ، وإن المدير الناجح هو الذي يستطيع البت في هذه المشاكل بشكل حاسم ودقيق . وطبيعي أن ما أقصده بالحاسم ليس التسرع في إعطاء الحكم لأن ذلك يعطي النتائج العكسية ، بل على العكس من ذلك ينبغي أن يكون متبصراً ، قادراً على تحليل المشاكل وفهمها ، وسماع آراء المعلمين ، والأخذ بما هو صائب منها دون مكابرة أو استعلاء .
هذه هي أهم الصفات الواجب توفرها بمدير المدرسة والتي تمكنه من القيام بعمله على الوجه الأكمل وأن أي أساس آخر لاختيار مدير المدرسة لن يعطي النتائج المرجوة ، وبالتالي لن يساعد على نجاح المدرسة في مهمة أعداد الأجيال التي نصبو إليها ، والمسلحة بسلاح العلم والمعرفة والأخلاق ، والقيم الإنسانية النبيلة .