هذا الذي يحدث 20
هذا الذي يحدث
20
فعلا إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب ... وكثيرا ما كان يسمع هذا المثل العربي في حياته اليومية ... ولو تفحصه بعين ثاقبة وعقل متنور بدون عواطف وأحاسيس لوجده حقيقة واقعة .... ففي غابة الحياة كثيرا ما تتواجد حقيقة لا خيالا .... إنهم ذئاب من نوع آخر وليسوا ذئابا حيوانية كما يتبادر للذهن ... تلك الحيوانات التي تشبه في أشكالها الكلاب مع الكثير من الذكاء الشرير "الخبث" واللؤم الذي يتطاير من عيونها الحادة ....
إنها ذئاب تقتل علنا ولا تترك آثارا للدماء على جثث ضحاياها بعد تمزيقها والتلذذ بها... لاتسفك الدماء لإشباع غريزة الجوع لديها ... مثل الذئاب الحيوانية التي تقتل من أجل إشباع جوعها ، ولتقتات و تحيا مثلما هو قانون الغابة ...
إن الذئاب المقصودة عنده هي الذئاب البشرية. ذئاب غابة الدنيا والحياة.
فأثناء سيره في هذه الغابة وبين طرقها وشوارعها وهضابها وسهولها وجبالها ووديانها وصحاريها وبحارها ومختلف سلاليمها ومتاهاتها...وهو يحاول جاهدا إثبات جدارته في أن يحيا فيها بكل جدارة ، لا أن يعيش فيها فقط .... برزت أمامه أنيابها ولمعت عيونها وطرّشه عواءها حتى أصمه. فقد كانوا يلهثون وراء كل من يشتمون فيه رائحة الفضيلة العطرة ، والصدق الصافي والإخلاص الجياش.
لم يتخيل في يوم من الأيام أنه سيكون ضحيتهم الشهية ، ولم يتخيل أنها ستمزقه إربا إربا.. وهي تتلذذ وتتفنن في تمزيق أوصاله...
إعترف اليوم أنه طالما كان أجهل هذه المخلوقات كما كان يجهل خبايا نفسه التي طالما بحث عنها فوجدها في إخلاصه لوطنه إتقانه لـــــــــــــــــــــــــــمهامه و عمله وتفننه في تنظيمه وترتيبـــــــــــــــــه وتدقيقه والقيام به على أحسن وجه و أكمل صورة. فبدأ اللهاث المسعور وراءه ودون عواء حتى ضربته بمخالبها ... فعصره الألم حتى لم يجد قوة يقاومه بها ... فقد ضرب حوله حصارا من الذئاب البشرية وهو ينزف ومخالبها تمزقه بشراسة وتتلذذ بأنيابها التي تبرز كثيرا تحت قبلاتها الخادعة الغادرة ...
لكن رغم تلك الجروح إستطاع أن يفلت منهم بوقوعه في حفرة لم يستطيعوا الوصول له فيها... فظنوا أنه إنتهي.....
|