باب السلو(السلوان)
وقد علمنا أن كل ما هو أول ،فلابد من آخر،حاشا نعيم الله عز وجل،
بالجنة لأوليائه،وعذابه بالنارلأعدائه،.وأما أعراض الدنيا فنافذة فانيو وزائلة
مضمحلة، وعاقبة كل حب إلى أحد أمرين:أما أخترام منية(حلول الموت)
وإما سلو حادث.وقد يجد النفس تغلب عليها بعض القوى المصرفة معها الجسد
فكما نجد نفسا ترفض الراحات والملاذ،للعمل لطاعةالله تعالى ،وللزهادة في الدنيا
حتى تشتهر بالزهد ، فكذالك نجد نفسا تنصرف عن الرغبة في لقاء شاكلها للأنفة
المستحكمة المنافرة للغدر،أو استمرار سوء المكافأة في الضمير. وهذا أصلح السلو.
وما كان من غير هذين الشيئين فليس إلا مذموما.والسلو المتولد من الهجر وطوله،
إنما هو كاليأس يدخل يدخل على النفس من بلوغها إلى أملها،فيفتر نزاعها ولا تقوى رغبتها..
والسلو في التجربة الجميلة ينقسم إلى قسمين ...
سلو طبيعي ،وهو المسمى بالنسيان. يخلو به القلب ويفرغ به البال .ويكون الإنسان
كأنه لم يحب قط .وهذا القسم ربما لحق صاحبه الذم ،لأنه حادث عن أخلاق مذمومة،
وعن أسبابغير موجبة استحقاق النسيان .وربما لم تلحقة اللائمة لعذر صحيح
والثاني سلو تطبعي،(يكون عنه) قهر النفس،وهو المسمى بالتصبر،فترى المرء
يظهر التجلد،وفي قلبه أشد لدغا من وخز الأشفى(المخرز) ولكنه يرى (بعض الشر
أهون من بعض))،أو يحاسب نفسه بحجة لا تصرف ولا تكسر.وهذا قسم لا يذم آتيه
ولا يلام فاعله ,لأنه لا يحدث إلا عن عظيمة،ولا يقع إلا عن فادحة،إما لسبب لا يصبر
على مثله ،الاحرار،وإما لخطب لا مرد له،تجري به الاقدار،وكفاك من الموصوف
به أنه ليس بناس لكنه ذاكر، وذو حنين واقف على العهد ،ومتجرع مررات الصبر،
والفرق العامي بين المتصبر والناسي، انك ترى المتصير،وإن أبدى غاية الجلد،
وأظهر سب محبوبه والتحامل عليه لا يحتمل ذالك من غيرة ...وفي ذالك اقول,,