مسيحي يتصدى للافتراءات على الإسلام
حاورته: إنتصار سليمان- 22/07/2004
د. نبيل لوقا بباوي
هو الدكتور المصري، نبيل لوقا بباوي، مواليد قرية بهجور، نجع حمادي، محافظة قنا، عام 4419، تخرج في كلية الشرطة عام 1966، حصل على 2 دكتوراة، إحداهما في الاقتصاد والأخرى في القانون، عمل أستاذا للقانون في كلية الشرطة، وخرج على المعاش برتبة لواء عام 9219.
ناقش الشهر الماضي دراسة في الفقه الإسلامي عن حقوق وواجبات غير المسلمين في الدولة الإسلامية. وذلك من خلال دكتوراة ثالثة أشرف عليها د. حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصرية. ويستعد حاليا لمناقشة رسالة دكتوراة عن الدور الوطني للكنيسة المصرية وأثره على الأمن القومي، تحت إشراف الدكتور زقزوق أيضا بالاشتراك مع البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية.
ومن أهم مؤلفاته: "الوحدة الوطنية.. نموذج طنطاوي وشنودة"، و"الوحدة الوطنية ومأساة التعصب"، و"السيدة العذراء وادعاءات المفترين"، و"السيد المسيح وادعاءات المفترين"، و"مشاكل الأقباط في مصر"، و"خطورة مناقشة العقائد في الإسلام والمسيحية".
وفي الجانب الإسلامي: "محمد الرسول صلى الله عليه وسلم وادعاءات المفترين"، و"انتشار الإسلام بحد السيف بين الحقيقة والافتراء"، و"الإرهاب ليس صناعة إسلامية"، و"زوجات الرسول والحقيقة والافتراء في سيرتهن"، و"الجزية على غير المسلمين.. عقوبة أم ضريبة؟". ويستعد الآن لإصدار كتاب عن غزوات الرسول.
رشحه مجمع البحوث الإسلامية لجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، تقديرا لكتاباته التي أنصف فيها الإسلام، وفند آراء المستشرقين الذين دأبوا على الهجوم والافتراء على الإسلام، وهي أول مرة يرشح فيها مجمع البحوث شخصية مسيحية منذ إنشائه.
وفي حوار خاص لـ"إسلام أون لاين.نت" مع الدكتور نبيل لوقا بباوي، أكد على ضرورة فهم الحكمة الإلهية في اختلاف الأديان السماوية، وترك مناقشة العقائد والاهتمام بنشر السلام الاجتماعي الذي دعت إليه جميع الأديان. وهذا نص الحوار:
* كيف بدأ مشوار الاهتمام بالثقافة الإسلامية والرد على افتراءات المستشرقين عليها؟
- درَست الشريعة الإسلامية عندما كنت طالبا في كلية الحقوق، كما أصبح عندي قاعدة عريضة من الثقافة الإسلامية من خلال جمع المادة العلمية لرسالة الدكتوراة التي أعددتها في الشريعة الإسلامية بعنوان: "حقوق وواجبات غير المسلمين في المجتمع الإسلامي"، وقد دفعني الهجوم الشرس الذي يتعرض له الإسلام والمسلمون من بعض المنظمات الغربية والأمريكية إلى الكتابة عن الإسلام لتوضيح الصورة الصحيحة عنه وعن رموزه، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. وتصديت في كتابي الأول للرد على الافتراء القائل بأن الإسلام قد انتشر بحد السيف، وفي كتابي الثاني رددت على من يقولون بأن الإسلام يحرض على الإرهاب، وكان عنوان الكتاب: "الإرهاب ليس صناعة إسلامية"، وقد تمت مراجعة هذه الكتب في الأزهر الشريف، وقوبلت بترحاب كبير برغم حساسية موقفي كمسيحي.
* ما الدافع الذي جعلك تتحمس للدفاع عن الإسلام في ندواتك ومؤلفاتك؟
- أنا لا أدافع عن الإسلام، فالإسلام بما فيه من مبادئ سامية في القرآن والسنة قادر على الدفاع عن نفسه، ولكنني في حقيقة الأمر باحث علمي محايد أؤمن بالمسيحية الأرثوذكسية، أتناول ما يردده الغرب تجاه الإسلام والمسلمين بالافتراء والغمز واللمز، وأرد عليه كباحث علمي فقط، بحيث أتناول الموضوع بحيدة شديدة وبموضوعية دون تعصب، حتى لا أدخل في متاهات المتعصبين من المسيحيين أو المسلمين.
وقد انتابني نوع من الاستياء الشديد بسبب الهجمة الشرسة التي زادت على الإسلام والمسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر، فقبل هذه الأحداث كان بعض المستشرقين يهاجمون الإسلام والمسلمين وهم يرتدون نظارة سوداء من الحقد والكراهية لتشويه صورة الإسلام، ولكننا فوجئنا بعد أحداث سبتمبر أن اشترك في هذه الحملة الشرسة الساسة الأمريكيون والإعلاميون الغربيون، وأخذوا يرددون كلاما يقطر سما وحقدا وكراهية، وللأسف اشترك معهم بعض القساوسة المتعصبين من الغرب وأمريكا، منهم القسيس جبريل أحد زعماء الائتلاف المسيحي في أمريكا، وردد ألفاظا أقل ما يقال عنها أنها غير حضارية، فكيف يقال عن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أنزلت عليه رسالة سماوية يؤمن بها اليوم أكثر من مليار وربع المليار نسمة إنه إرهابي وقاطع طريق؟!.
* في رأيك، ما الأسباب الحقيقية لهذه الهجمة الشرسة على الإسلام؟ وما الهدف منها؟.
- الغرض سياسي معروف، حيث تحاول أمريكا تنفيذ نظرية صموئيل هنتنجتون أستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفارد، المستشار السياسي للمخابرات المركزية الأمريكية، التي نشرها في كتاب صراع الحضارات ونظام الدولة الجديد عام 1998م. والغرض من هذه النظرية هو هدم الحضارات السابقة وفرض الحضارة الغربية.
فأمريكا الآن في مرحلة تكوين النظام العالمي الجديد الأحادي القيادة، وتفعل ذلك من خلال محورين:
1– القيادة المطلقة لأمريكا، وفرض الحضارة الغربية على حضارات العالم. وما يحدث في أفغانستان والعراق وفلسطين ما هو إلا نوع من فرض الهيمنة الأمريكية والحضارة الغربية بالعنف. وتجلى ذلك أيضا من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير.
2- التشكيك والافتراء على الإسلام ورموزه لإزالة الحضارة الإسلامية، ووضع الإسلام في حالة المدافع عن نفسه. وهو ما يقوم به الإعلام الغربي بكل قوته.
* بعد تعمقك في دراسة الدين الإسلامي، ما الحقيقة التي تحب أن يفهمها العالم عن الإسلام والمسلمين؟.
- لا بد أن يحرص الدعاة المسلمون على تصدير الثقافة الإسلامية صحيحة للغرب، كما أن الإسلام يجب أن يكون حجة على تصرفات تابعيه، وليس تصرفات تابعيه حجة عليه. إن الغرب يكيل بمكيالين، وينسب للإسلام تصرفات بعض المسلمين التي لا يقرها الإسلام، فالإسلام لا يقر الإرهاب وقتل النفس.
ومن ناحية أخرى فالإرهاب ظاهرة عالمية مارسها أتباع كل الأديان، ففي عام 1995 وضعت جماعات التعصب المسيحي في أوكلاهوما طنا ونصف الطن من الديناميت أمام أحد المباني الفيدرالية، وفجروا هذه الكمية من المتفجرات عن بُعد، ودُمر المبني، وقُتل 168 وأصيب 320 أمريكيا، وقُتل 20 طفلا كانوا موجودين في حضانة أبناء الموظفين بالمبنى. وذكرت وكالات الأنباء أن من قام بهذا العمل 3 أشخاص ملامحهم شرق أوسطية، ثم ثبت أن مرتكب الحادث شخص ينتمي لجماعة متطرفة مسيحية. فهل قال أحد إن هذا إرهاب مسيحي؟!.
وفي عام 1996 قامت جماعات العنف المسيحية بمهاجمة بعض المباني في فرنسا، ووضعوا متفجرات في محطات مترو الأنفاق، وقتلوا 194 شخصا. هذا بالإضافة إلى ما يفعله الإسرائيليون كل يوم، وما فعلوه في قانا وفي صبرا وشاتيلا. وكلنا نتذكر الإرهابي الإسرائيلي الذي دخل المسجد الإبراهيمي عام 1996، وقتل بمدفع رشاش 94 مسلما، فهل قال أحد إن هذا إرهاب يهودي؟!.
فالغرب إذن يركز على مهاجمة الإسلام لأغراض سياسية، وهو ما يضع على عاتق الدعاة المسلمين مسئولية خطيرة، وهي توضيح صورة الإسلام الحقيقية التي تدعو للسلام، حيث يقول الله تعالى في سورة البقرة، الآية 208: (يَا أَيهَا الذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السلْمِ كَافة)، وفي سورة الأنفال، الآية 61: (وَإِن جَنَحُوا لِلسلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكلْ عَلَى اللهِ إِنهُ هُوَ السمِيعُ الْعَلِيمُ)، وتحية الإسلام نفسها تدل على السلام والرحمة.
لقد أنزل الله تعالى 3 ديانات سماوية، لا ليتشاجر أتباع كل ديانة، فالقرآن الكريم يقول: (وَإِن جَنَحُوا لِلسلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكلْ عَلَى اللهِ إِنهُ هُوَ السمِيعُ الْعَلِيمُ)، وفي الإنجيل نفس المعنى، فقد ورد في إنجيل لوقا إصحاح 2: (المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام). كما ورد في إنجيل لوقا أيضا إصحاح 10: (وأي بيت دخلتموه فقولوا سلام لأهل البيت فإن كان ابنا للسلام يحل سلامكم عليه).