غبت عن صفحات الحوار أياماً معدودات بسبب ضغط العمل، ولما عدت وجدت الموضوع قد تضاعف حجمه بما هو خارج عن أصل المشاركة (عنواناً ومقصداً)، ولا جديد فيما قيل عن السلطة والشورى، وقد سبق إلى هذا المذهب الشاذ في مفهوم (الحرية) و(السلطان) و(الشورى) المرحوم الشيخ سعيد حوى –أحد قيادات ومفكري حركة الإخوان المسلمين-، وكان –يرحمه الله- قد زاد موقفاً متشدداً من (غير المسلمين) يتعلق بوجودهم وحقوقهم في المجتمع الإسلامي وعلى الدولة المسلمة في كتابه (جند الله ثقافة وأخلاقاً) وعرضه على أنه حكم الإسلام فيهم وليس فهمه الشخصي لهذه المسألة. وأطلق الشيخ سعيد (يرحمه الله) موقفاً شاذاً يحدد واجبات أبناء (الحركة الإسلامية) تجاه الدولة الإسلامية القادمة يخالف كثيراً من أحكام الله تعالى.
وتابع الشيخَ على ذلك الموقف الشاذ والشخصي بعضُ المنتسبين إلى الحركات والمنظمات الإسلامية ممن أشغلتهم النصوص عن مقاصد الشريعة، وممن ظنوا أن أقوال من سبق -من أهل العلم والفضل في فقه السياسة والأحكام السلطانية وآليات تنفيذهم لما فهموه في ميدان الطاعة والموالاة والبراء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلخ..- رأوْا ذلك جزءاً لا يتجزأ من النصوص الشرعية التي لا يجوز الخروج عليها، وبمعنى آخر: جعلوا التجربة البشرية في فهم الإسلام ونصوصه وتطبيقاتها السابقة كالدين المنزل لا يجوز نقاشها ولا مخالفتها.
والرد على المداخلات كلها، وتبيان الخطأ من الصواب فيها، يحتاج إلى وقت غير متوفر، وجهد أولى به أعمال تفيد الفرد والجماعة، وكنت أتمنى أن تكون المداخلات المذكورة ذات علاقة بالموضوع، وفي أضعف الإيمان أن يخصص صاحبها –ويظهر أنه يظن إنها إسلامية- موضوعاً مستقلاً لها، قد يشارك فيه من يملك الجلَد لمثل هذا النوع من المواضيع.
وأختم ما بدأته في موضوع (أين دورنا في رسم صورة صحيحة عن الإسلام) فأقول، وبالله التوفيق:
مسؤولية جماعية
علينا أن نجيبَ إجابةً صادقةً على واقع التحدي الحضاري المعاصر، وفي ديننا وتراثنا ما يدفعنا إلى الإبداع مجدداً كما أبدع السلَف في الماضي، وأبواب المعرفة ليست حِكْراً على أحد، والمطلوب أخذ الأمر على محمل الجد، والمبادرة الفردية بالإضافة إلى مساهمات الدول والمؤسسات وإنفاقها في هذا الميدان. وما ذكرناه آنفاً لا يشكل سوى نقطة في بحر تاريخنا العلمي والحضاري، ومهمة إبراز الدور التاريخي، والمساهمة المعاصرة أمانة في عنق الجميع، كلٌّ من موقعه وموقع عمله، لتحقيق انفتاح إنساني عام (شرقي وغربي) على ثروتنا وقيمنا الحضارية.
[انتهى]
[ 19-10-2001: المشاركة عدلت بواسطة: صلاح الدين ]