بارك الله بك أختاه على وضع هذا الموضوع كأساس لإضافة ما يجول في خاطر من يطلع عليه ، و على ما أضيف عليه من همسات دافئة متمسكة بوطنها ..
وقد تمت إثارة تساؤلاتي ذات يوم و أنا أجلس بجانب النافذة في الطائرة القادمة من موزمبيق .. تساؤلات كانت شبيهة بما قرأت ، وان كان الحوار ، وقتها ، قد تم بيني و بين نفسي ..
لقد كانت الرحلة طويلة و الطائرة تحلق مارة فوق أقطار إفريقيا ، قطرا بعد آخر ، ولخبرة الطيار فقد كان يحافظ على ارتفاع يكفي من خلاله أن تميز الألوان على الأرض ..
بقيت الألوان خضراء ، و خضراء داكنة ، حتى وصلت الطائرة الحدود السودانية المصرية .. فصرت أرى لونا أزرقا بعرض قلم التخطيط و بجانبه خطين خضر بسمكه .. كان هذا هو نهر النيل .. و أما اللون الذي يلي الخطين الخضر .. فكان أصفرا كلون الصحراء .. لا بل هو الصحراء ، وكأني أقلب خرائط الأطلس ..
تساءلت : لماذا يصر كل أعداء أمتنا على إزعاجنا ، ألم يروا طبيعة جغرافيا أرضنا .. و يقارنوها بأرضهم و ما تتمتع به من أنهار و أمطار و غابات . فأجبت نفسي : عله النفط هو السبب ، أو حماية الكيان الصهيوني .. لكنني ذهبت أبعد من ذلك ، حتى وصلت الى ما قبل المسيح عليه السلام ، فوجدت أنهم كانوا يغزونا قبل تأثير النفط أو الدين ..
ثم قفز تساؤل الى مخيالي ، وهو لماذا أنا استرجعت عربون شراء خمسين ألف دونم في موزمبيق ، بقيمة دولار للدونم الواحد ، و الغلة التي ينتجها كل دونم تصل سبعة أضعاف ما تنتجه أرضنا ؟ أليس هو نفس السبب ؟
أي سبب ؟ لقد كان لدي أنا سبب ، وهو أنني حتى أتكيف مع أرض موزمبيق ، علي أن أنقل كل من أعرف في مدينتي و بلدي و ووطني الكبير ، و أنقل مآذنه و مقرئيه و مطربيه و جباله و كل مكان له سلطة على تحديد إحداثايات ذاكرتي التي تكونت خلال نصف قرن من عمري ..
هاأنذا ، قد عرفت معنى الوطن من خلال تساؤلاتي .. لكن ألم تعرفه قبلي كائنات حية ، ضئيلة الأهمية كالنمل و النحل والخنافس ..
فرددت :
وطني لو شغلت بالخلد عنه.......... نازعتني إليه بالخلد نفسي
__________________
ابن حوران
|