( 6 )
يبين ميشيل عفلق في كتابه : ( في سبيل البعث ) ص 186 ـ 189 تحت عنوان " القومية العربية والنظرية القومية ) ............
موقفهم من الدين والتراث وأنه موقف الآخذ وفق الرغبة وعلى قدر ما تدعو إليه حاجة التزويق من أجل النفوذ في الأوساط .
فقال : ( وليس المهم أن تكون شتى المعاني السلبية والإيجابية كالعنصر والدين والتراث التاريخي قد أسهمت في الماضي في صنع هذه القومية وتداخلت فيها ، ولكن المهم هو المعنى الذي نستخرجه من كل ذلك في مرحلتنا الحاضرة ، مرحلة انبعاث وخلق المستقبل العربي ) .
تتلخص عقائد البعث في أنه حزب قومي علماني شعاره العقدي والعملي : وحدة وحرية واشتراكية .
وقد وضع " ميشيل عفلق " هذه المباديء وأضفى عليها مسحة وجدانية من خلال شعار حزب البعث
( أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة )
ومن أجل التغلغل في أوساط المسلمين لم يعلن حربه على الإسلام كما فعل شريكه في اليسار والعلمانية " الحزب الشيوعي " بل أثنى على الإسلام وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ليصل من خلال هذا إلى غرس العلمنة .
فالدين عند العلمانيين ضمير بين الإنسان وربه ووجدان قلبي وإيمان بوجود الله فقط وشعور نفسي ، وعلاقة بين الإنسان وخالقه ، وقيم روحية .. إلى آخر تلك الألفاظ التي يتداولها العلمانيون وتدل كلها على أنه : لا يصح أن يتدخل الله جل وعلا في شئون الناس وحياتهم ، وأن الإنسان هو الذي يشرع لنفسه وينظم حياته وفق ما يريد .
وعلى هذا فلا ترى العلمانية بأساً من الصلاة في المسجد والصوم في شهر رمضان والاحتفال بالأعياد الإسلامية والحج إلى مكة والمشاعر وأداء العمرة وكتابه عقد النكاح عند المأذون الشرعي ونحو ذلك . على ألا يتجاوز الإسلام هذه الأشياء . فيطلبون من الناس أن يكونوا عبيداً لله في المسجد فإذا خرجوا منه أشركوا مع الله آلهة أخرى ، إله في السياسة ، وآخر في الحكم يسمى القانون وآخر في المال يسمى الاقتصاد الاشتراكي أو الرأس مالي ، وآخر وآخر .
والبعثيون لا يعتقدون غير ذلك ، وإن رددوا اسم الإسلام وألفاظ الإسلام وأدوا بعض شعائر الإسلام ، ومدحوا نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم ، فالواقع أنهم يدينون بدين غير دين الإسلام ويعتقدون عقيدة غير عقيدة الإسلام ، وليس هذا فحسب بل إنهم يحاربون كل دعوة تنادي بالدين الصحيح وينالون من أي داعية وعالم ينادي بأن الحكم لله وان الحياة لا بد أن يسيرها منهاج الله سبحانه وتعالى . وفي كلامهم وأعمالهم الأدلة الصارخة على ذلك .
يقول : " ميشيل عفلق " في ص 192 :
( وكان التفكير السطحي قبل ظهور حركتنا يوحي أو يوهم بوجود التضاد بين القومية وبين هذا التراث الروحي بحجة الحرص على العلمانية .
ولكن وجدنا أن لا تعارض بين العلمانية وبين الاعتراف بما يغذي روح حضارتنا من تجارب ماضي شعبنا الغنية ، فكانت هذه النظرة الجديدة إلى تراثنا القومي نظرة حية واقعية عميقة أرجعت إلى نفوس الشباب الاستقرار الذي فقدوه زمناً وصالحتهم مع ماضي أمتهم دون أن تجمدهم في هذا الماضي ) .
وفي مكان آخر يصف " ميشيل عفلق " الدولة البعثية وأنها تقوم على العلمــــانية فتحت عنوان " الدولة في البعث العربي " يقول :
( فالدولة إذن تقوم على أساس اجتماعي هو القومية وأساس أخلاقي هو الحـــرية ـ ثم يضيف قائلا ـ إن هذه الدولة نقيض الإلحاد والفساد وكل ما هو سلبي هدام . وعلمانية الدولة بهذا المعنى ليست إلا إمعاناً في الحرص على اتجاهها الروحي والأخلاقي ) ص 175 .
وبعد أن شرح هذه المعاني عقب عليها بقوله ص 176 :
( ومادام الدين منبعاً فياضا للروح ، فالعلمانية التي نطلبها للدولة هي التي بتحريرها الدين من ظروف السياسة وملابساتها ، تسمح له بأن ينطلق في مجاله الحر في حياة الأفراد والمجتمع وبأن أن تبعث فيه روحه العميقة الأصيلة التي هي شرط من شروط بعث الأمة ) .
والذي يدعو إلى العلمانية ويؤمن بالاشتراكية إنما يدعو إلى دين آخر ، يقول عفلق في ص 19 من كتابه " في سبيل البعث " : " إذا سألت عن تعريف للاشتراكية فلن أنشده في كتب ماركس ولينين وإنما أجيب : إنها دين الحياة وظفر الحياة على الموت " .
إن حزب البعث ينكر أن في الإسلام قدرة على سياسة الدنيا وحكم الناس بالشرع وهذا في حد ذاته كفر ، وينكر حزب البعث أن يكون الله عالماُ بمصالح الناس ولذلك قرروا أن تكون سياستهم علمانية واقتصادهم اشتراكية .
وينكر حزب البعث صلاحية الإسلام لحل مشكلات البشر ووضع المناهج السليمة لهم بل يعتبرون الدين هو الذي يوجد المشكلات لهم كما قال عفلق في ص 122 : " الدين في الأوضاع الحاضرة هو الذي يخلق المشكلة وهو الذي يساعد على بؤسهم وعبوديتهم " .
ويقول في موضع آخر ص 125 : " المشكلة الدينية هي بلا شك من أبرز المشكلات في المجتمع العربي الحديث لذلك لا يعقل أن يتجاهل حزبنا وأن يتهرب من إيجاد الحلول لها " .
بعض المواد الدستورية لحزب البعث :
( المادة الأولى : العراق جمهورية ديمقراطية شعبية ذات سيادة هدفه الأساسي تحقيق الدولة العربية الموحدة وإقامة النظام الاشتراكي ) .
( المادة الثانية عشرة : تتولى الدولة تخطيط وتوجيه وقيادة الاقتصاد الوطني بهدف :
أ ـــ إقامة النظام الاشتراكي على أسس علمية وثورية .
ب ـــ تحقيق الوحدة الاقتصادية العربية ) .
( المادة التاسعة والثلاثون : يؤدي رئيس مجلس قيادة الثورة ونائبه والأعضاء أمام المجلس اليمين التالية :
أقسم بالله العظيم وبشرفي ومعتقدي أن أحافظ على النظام الجمهوري وألتزم بدستوره وقوانينه لتحقيق أهدافه العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية ) .
منقول .............
|