الظواهري توعد أتباع أميركا بعد سحب القوات الأميركية من العراق (الفرنسية-أرشيف)
بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أما بعد أيها الأخوة المسلمون في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أود أن أبدأ حديثي بما ذكرته مرتين سابقا من دعوة الأمة الإسلامية عامة والهيئات الخيرية والإسلامية خاصة لإغاثة وإعانة أخوانهم المتضررين من الزلزال في باكستان، وأناشدهم ألا يكتفوا بتقديم التبرعات للحكومة الباكستانية، وكلنا يعلم حجم الفساد في الإدارة الباكستانية، وكلنا يعلم أن قيادة الجيش الباكستاني هي قيادة مرتشية، همها حشو جيوبها بالأموال، ولتذهب مصالح المسلمين في باكستان بعد ذلك للجحيم، وكلنا يعلم أن حزب الحكومة في باكستان مجموعة من المنافقين جمعهم برويز بالرشوة.
وكلنا يعلم التاريخ المالي لقيادات الحكومة الباكستانية، وخاصة وزير شؤون كشمير صالح حياد، ووزير الداخلية أفتاب أحمد شباوب، وأنا شخصيا قد عملت في مجال الإغاثة في باكستان لقرابة ست سنوات، وأعلم المداخل والمخارج الحقيقية للإدارة الباكستانية، وكيف تنهب أموال الإغاثة، وليس هذا مجال سرد تفاصيلها.
ولذا فإني أناشد الهيئات الخيرية الشعبية الإسلامية، وأهل الخير من المسلمين، أن يأتوا بأنفسهم إلى باكستان، وأن يشرفوا بأنفسهم على العمل الخيري الإغاثي لمتضرري الزلزال، حتى يقللوا من حجم النهب والسلب لأموال الإغاثة، الذي لا بد أنه يحدث، وأناشدهم أن يصبروا على ما نالهم من مضايقات من الحكومة الباكستانية الصليبية التي استغلت مأساة الزلزال كغطاء لتبرير الوجود العسكري والاستخباري الأميركي في كشمير على حدود باكستان الشرقية بزعم إغاثة المنكوبين.
كما استغلت انسحاب إسرائيل القسري من غزة لتعترف بإسرائيل، ويعلم الله أنه لولا السفيرة العسكرية الأميركية في باكستان، ولولا الاستسلام المهين للحكومة الباكستانية للمخابرات الأميركية، وكنت الآن وأخوتي أعين أخواننا المسلمين من ضحايا الزلزال، مثلما سعينا من قبل 25 عاما لمساعدة أخواننا المجاهدين والمهاجرين الأفغان، وكل أخواننا المسلمين في كشمير بشطريها يعلمون مدى الأخوة والمحبة التي نكنها في قلوبنا لهم، بل ويعلمون أنه لولا خيانات الحكومات الباكستانية التي منعت أخوانهم المجاهدين من كل أنحاء العالم من الوصول إلى كشمير، لولا كل هذا لكان آلاف المجاهدين من كافة أنحاء العالم الإسلامي اليوم يتدفقون على كشمير للجهاد وللإغاثة، ولكن صبرا فعسى الله أن يأتي بفتح أو أمر من عنده، فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين.
وإذا كنت أواسي أمتي المسلمة في مصابها بزلزال باكستان، فإني اليوم أهنئها وأبارك لها بانتصار الإسلام في العراق.
وتذكرون أيها الأخوة المسلمون أني قد قلت لكم منذ أكثر من سنة إن خروج الأميركيين من العراق، أصبح مسألة وقت ليس إلا، وها هم الآن، وبفضل الله يتسولون الخروج ويستجدون المفاوضات مع المجاهدين، ويضطر بوش الكذاب لأن يعلن في نهاية نوفمبر الفائت أنه سيسحب قواته من العراق، ولكنه وهو المدمن للكذب يبرر انسحابه بأن القوات العراقية قد وصلت إلى مستوى جيد، وأنه لن يعلن جدولا زمنيا للانسحاب.
أيها الأفاك الدجال ألم تكف عن جعل نفسك مسخرة للدنيا، إذا كانت قواتك بطائراتها وصواريخها ودباباتها وأساطيلها تئن وتنزف وتبحث عن مخرج من العراق؟ فهل سيصمد المنافقون والعملاء والمرتدون لما فشلت فيه ما يسمى بأقوى قوة عظمى في العالم؟
أما جدولك الزمني بالانسحاب فقد وضعته منذ زمن طويل، وعليك يا بوش أن تعترف أنك انهزمت في العراق، وأنك تنهزم في أفغانستان، وستهزم قريبا في فلسطين، بعون الله وقوته.
يا شعوب التحالف الصليبي هل تعترفون ما سبب هزيمتكم في العراق، وخسائركم في أفغانستان، وفلسطين، السبب الأساسي بمنتهى البساطة هو أنكم ترفضون الاعتراف بالواقع، تسيرون خلف الأوهام، يخدعكم بها بوش وبلير، الواقع الذي ترفضون الاعتراف به هو أن الأمة المسلمة لن ترضى أن تعاملوها معاملة العبيد والحيوانات، وطالما لم تتعاملوا مع الأمة المسلمة على أساس من التفاهم والاحترام فستظلون تنتقلون من كارثة لأخرى، ولن تنتهي كوارثكم إلا إذا خرجتم من ديارنا وتوقفتم عن سرقة ثرواتنا، وكففتم عن دعم الحكام الفاسدين في بلادنا، أما عملاء أميركا الذين باعوا لها دينهم وكرامة شعوبهم فقد دنا وقت حسابهم على أيدي الأمة المجاهدة.
أما تجار الدين، وفقهاء التسول ومروجو الخرافات الذين منعوا المقاومة ضد المحتل، والذين عقدوا صفقات الخيانة مع الصليبيين، فسيتركهم الصليبيون وحدهم كما يترك الشيطان أولياءه في كل موقف عسير.
قال تعالي "وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم، وقال لا غالب لكم اليوم من الناس، وإني جار لكم، فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم، إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب".
بوش أيها الكذاب، إنك لم تنهزم ماديا وعسكريا فقط، ولكنك من قبل ذلك انهزمت معنويا وأخلاقيا، فقد عرف كل من لم يكن يعرف مدى الكذب الأميركي، ومدى دجل وغش الحضارة الغربية، وهي تتحدث عن حقوق الإنسان والحرية والإصلاح، الحضارة الأميركية التي استخدمت الفسفور الأبيض لحرق المسلمين في الفلوجة، والحضارة الأميركية التي صرحت وزيرة خارجيتها في أوائل ديسمبر بأن نقل المعتقلين للسجون السرية عمل قانوني، وأنه لا بأس من استخدام بعض الوسائل الاستثنائية للحصول على أكبر قدر من المعلومات من المعتقلين.
حضارة الإصرار على الكذب، والتعذيب والمذابح الجماعية وتزوير الانتخابات، الانتخابات التي تزور في مصر بمباركة وصمت أميركا والغرب والأمم المتحدة، أميركا التي لم تتحمل ما سمته تزوير الانتخابات في أوكرانيا، فضغطت بكل طريق لإعادتها، والتي تعترض على الانتخابات الأخيرة في فنزويلا، ولكنها في مصر تغض الطرف عن الانتخابات الرئاسية، ثم الانتخابات البرلمانية المزورتين، وفي جزيرة العرب فيلم الرسوم المتحركة الذي يسمى بالانتخابات البلدية، بل وبكل وقاحة تعتبرها خطوة على طريق الإصلاح والديمقراطية.
إنها لعبة خداع الشعوب المسلمة لإلهائها عن حقوقها الأساسية في الحكم بالشريعة والتحرر من المحتل وصيانة حرماتها ومحاسبة حكامها.
الانتخابات البرلمانية في مصر التي أعلن المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض بمنتهى الصراحة، أنها لم تكن تحت إشراف القضاء، ولكنها كانت إشراف فعلي لوزير الداخلية كبير الجلادين في مصر، الانتخابات التي نظمت لعبتها أميركا فسمحت لتيارات تنتسب للإسلام لتخوضها بعدد محدد من المرشحين، لو فازوا كلهم فسيظلون أقلية في البرلمان، وأفسحت المجال للحزب الوطني ليمارس كل جرائمه لتسويتها، ولحصول النتيجة التي قد حددتها أميركا مسبقا، الانتخابات التي سينشأ عنها برلمان عاجز عن أي تغيير حقيقي.
ثم يقال للجماهير المسلمة هذا البرلمان الذي يمثلك، وقد أخذ كل طرف نصيبه الذي يستحقه، فلنا الحكم والسيادة والسلطات ولكم الصياح والضجيج وبح الحناجر في المظاهرات، ولنا السيطرة على الأرض والثروة والبشر، ولكم الندب والعويل والاستنكار، ولنا الحرية والتحرر والتحدث ولكم المعتقلات والتعذيب والمذلة.
ولنا القدس والأسلحة الذرية والممرات المائية والقواعد العسكرية، ولكم الجيوش العاجزة وأجهزة الأمن المستكبرة والمحاكم العسكرية وقوانين الطوارئ.
هذه هي حقيقة اللعبة التي أدارتها أميركيا في مصر، في دورتي الانتخابات الرئاسية ثم البرلمانية، وكي تستغفل الجماهير المسلمة التي حرضوها واستثاروها واستغلوا حبها للإسلام، فيقال لقد حصلت من قبل على 30 مقعدا، واليوم تحصلين على 80 وبعد خمس سنوات تحصلين على 100، وهكذا كلما تحسن سلوككم منحناكم أكثر، حتى إذا صرتم علمانيين تنتسبون زورا للإسلام، مثل أردوغان وصحبه سمحنا لكم بتولي الحكم، ولكن شريطة أن تنسوا حاكمية الشريعة، وترحبوا بقواعد الصليبيين في بلادكم، وتعترفوا بالوجود اليهودي، المدجج بالأسلحة النووية المحرمة عليكم.
ألم تصرح رايس في منتصف نوفمبر الفائت بأن نزع سلاح المقاومة الفلسطينية هو شرط الديمقراطية، ما أشبه هذه اللعبة بمرض الحمل الكاذب المعروف في الطب، الذي تعاني فيه المريضة العقيم المتشوقة للحمل بكل أعراض الحمل حتى آلام الولادة، لكنها للأسف لن تلد شيئا.
وهكذا ما زالت هذه التيارات تدور في نفس الحلقة منذ عقود طويلة، فالشيخ حسن البنا رحمة الله منذ الحرب العالمية الثانية خاض هذه التجربة الفاشلة مرتين، فتضغط عليه بريطانيا أعرق الديمقراطيات في زعمها ليتنازل عن الترشيح مرة، ثم أسقطته بالتزوير مرة أخرى.
أما الشيخ صلاح أبو إسماعيل رحمه الله، صاحب التجربة والخبرة الطويلتين في الانتخابات والبرلمانات فقد وقف رحمه الله ليعلن في شهادته أمام المحكمة في قضية الجهاد الكبرى، بأنه لم يجن من كل هذه التجارب الطويلة إلا الفشل، ثم سجل هذه الشهادة التاريخية في كتابه الشهادة.
أما المأساة الكبرى فكانت في الجزائر، فبعد أن حصلت جبهة الإنقاذ على 80% من المقاعد تدخلت فرنسا حامية الحريات وبلد الثورة الأم وبمباركة أميركا أرض الحرية، لتحمل الفائزين لا إلى البرلمان مكرمين، ولكن للسجون مقيدين.
أمتي المسلمة، لن تتمتعي بانتخابات حرة، وحرمات مصانة، وحكومات محاسبة أمام شعوبها، وقضاء مهاب محترم، إلا إذا تحررت من الاحتلال الصليبي الصهيوني، ومن الحكومات الفاسدة المفسدة، ولن يتحقق ذلك إلا بالجهاد في سبيل الله.
أمتي المسلمة، إن فتات الحريات الذي تسمح به أميركا مضطرة، لم تتنازل عنه إلا تحت قرع ضربات المجاهدين في أفغانستان والعراق وفلسطين، ولولا الله ثم تضحيات المجاهدين في العراق وأفغانستان، لانطلقت الدبابات الأميركية من بغداد لتدك منازلنا في الرياض وعمان والقاهرة.
لم يتصد للمخطط التوسعي الصهيوني الصليبي إلا تضحيات المجاهدين، ودماء المستشهدين، هذه التضحيات التي تحاول اليوم الجامعة العربية العجوز الخرساء الصماء الشلاء أن تضيعها وتلتف عليها، ففجأة دبت فيها الحياة، وجرت في شرايينها المتيبسة المتصلبة دماء النفوذ الأميركي، وهي التي عجزت بالأمس القريب عن عقد قمتها المسرحية الشكلية في تونس.
ولكن جمع لها اليوم كل تجار الحرب وصبيان أميركا من العراق إلى مقرها في القاهرة، ليصدروا بيانا للمصالحة تتخذه الإدارة الأميركية ستارا لتغطي به هزيمتها، وتبرر انسحابها من العراق.
ولكن كل هذا لا ينطوي على أمتنا المسلمة وطليعتها المجاهدة التي أكرر لها التهنئة بانتصار الإسلام وهزيمة الصليبية في العراق.
فيا أخواني المجاهدين في العراق، هلموا إلى الوحدة والاجتماع حتى تفسدوا مخططات الصليبيين، ويا أمتنا المسلمة تقدمي واقرعي أبواب بيت المقدس، أقيمي خلافتك الراشدة وانشري لواء التوحيد والجهاد وانتزعي حقوقك من بين أنياب الذئاب.
قال تعالي "الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله، والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت، فقاتلوا أولياء الشيطان، إن كيد الشيطان كان ضعيفا"، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.