الدرس العشرون /2
عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : ( إنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدمَ من تُرابٍ فجعَلهُ طيناً ثُمَّ تَرَكهُ حَتى إذَا كَان حَمأً مَسْنُوناً خَلَقَهُ وصوَّرَهُ ثمَّ تركَهُ حتى إذا كان صَلصَالاً كالفخار كان إبليس يمرُ بِه فيقول : لقد خُلِقتَ لأمر عظِيم ، ثم نَفَخَ فيه من رُوحِه وكان أول ما جَرَى فيه الرُّوحُ بَصَرَهُ وخَيَاشِيمَهُ فَعَطَسَ فقال : الحَمدُ الله ، فقال الله يَرْحَمُكَ رَبُّكَ )
" رواه الترمذي والنسائي والبزار وصححه ابن حبان "
الــشــرح :-
يشهد لقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله خلق آدم من تراب قوله تعالى من سورة فاطر (والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ) فاطر :11 . أي خلق آدم من تراب وخلق ذرّيَّته من نطفة . وقوله : فجعله طيناً بأن بَلّهُ بالماء حتى صار طيناً ، ثم تركه زمناً حتى حمأ مسنوناً أي متغير اللون والرائحة ثم خلقه وصوره بأن جعله جسماً وجسداً كأجسام وأجساد الناس اليوم ، وتركه زمناً حتى صار صلصالاً كالفخَّار ، ثم نفخ فيه من روحه . قوله : وخياشيمه الخياشيم جمع خيشوم وهي أقصى الأنف وعروق أيضاً في باطن الأنف . قوله : فعطس فقال : الحمدالله أي بإلهام من الله تعالى .
إرشــادات للــمربي :-
1- اقرأ الحديث قراءة هادئة جملة جملة والمستمعون يقرأون سراً حتى ترى أن أكثرهم قد حفظ الحديث .
2- اقرأ الشرح بتأنٍ جملة جملة مبيناً لهم مالبس عليهم وصعب فهمه ز
3- علمهم أن الأمر الذي كان إبليس يقوله لما يمرُ بجسد آدم قبل نفخ الروح فيه ، هذا الأمر العظيم هو التكليف بالعبادة والجزاء عليها بالجنَّة والرضوان .
4-ذكِّرهم بسنّة قول :- الحمدالله لمن عطس ، وقول : يرحمك الله لمن سمعه ، والرد عليه يقول : يغفر الله لي وللك وهو الغفور الرحيم أو يهديك الله ويصلح بالك حيث ثبتت السنة بذلك .
5- علّمهم أن لفظ الحمد معناه الوصف بالجميل ، وهو رأس الشكر ، وهو متعيّن عند حصول كل نعمة ، وخاصة بعد الفراغ من الأكل والشراب وتجدّد النعمة .
لـلفائده
السؤال:
هل يجوز بعد العلم بضعف حديث أن نأخذ به ؛ وذلك من باب فضائل الأعمال " إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها " علماً أن الصوم نفلاً في تعبد لله وكذلك قيام الليل .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ما ورد في فضل الصلاة والصيام والعبادة في النصف من شعبان ليس من قسم الضعيف ، بل هو من قسم الموضوع والباطل ، وهذا لا يحل الأخذ به ولا العمل بمقتضاه لا في فضائل الأعمال ولا في غيرها .
وقد حكم ببطلان الروايات الواردة في ذلك جمعٌ من أهل العلم ، منهم ابن الجوزي في كتابه " الموضوعات " ( 2 / 440 - 445 ) ، وابن قيم الجوزية في " المنار المنيف " رقم 174 – 177 ) ، وأبو شامة الشافعي في " الباعث على إنكار البدع والحوادث " ( 124- 137 ) ، والعراقي في " تخريج إحياء علوم الدين " ( رقم 582) ، وقد نقل شيخُ الإسلام الاتفاق على بطلانها في " مجموع الفتاوى " ( 28 / 138 )
وقال الشيخ ابن باز – رحمه الله - : في " حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان "
إن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها وتخصيص يومها بالصيام : بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم ، وليس له أصل في الشرع المطهر .
وقال – رحمه الله - :
ليلة النصف من شعبان ليس فيها حديث صحيح ، كل الأحاديث الواردة فيها موضوعة وضعيفة لا أصل لها ، وهي ليلة ليس لها خصوصية لا قراءة ولا صلاة خاصة ولا جماعة ، وما قاله بعض العلماء أن لها خصوصية : فهو قول ضعيف ، فلا يجوز أن تُخصَّ بشيءٍ ، هذا هو الصواب ، وبالله التوفيق .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 511 ) .
انظر السؤال رقم ( 8907 )
ثانياً :
وإن سلَّمنا أنها ضعيفة وليست موضوعة : فإن الصحيح من أقوال أهل العلم هو عدم الأخذ بالحديث الضعيف مطلقاً وإن كان في فضائل الأعمال والترغيب والترهيب ، وفي الصحيح ما يغني المسلم عن الأخذ بالضعيف ، ولا يُعرف تخصيص هذه الليلة ونهارها بشيء في الشرع لا عند النبي صلى الله عليه وسلم ولا عند أصحابه .
وقال العلاَّمة أحمد شاكر: لا فرقَ بين الأحكام وبين فضائل الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة ، بل لا حجةَ لأحدٍ إلا بما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث صحيحٍ أو حسنٍ .
" الباعث الحثيث " ( 1 / 278 ) .
وانظر لزيادة البيان " القول المنيف في حكم العمل بالحديث الضعيف " .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 44877 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (
www.islam-qa.com)
وقفه :-
ما أخاف على هذه الأمة من مؤمن ينهاه أيمانه ، ولا من فاسق بيّن فسقه ، ولكني أخاف عليها رجلاً قد قرأ القرآن حتى أزلقه بلسانه ثم تأوله على غير تأويله . " عمر بن الخطاب رضي الله عنه "
الحقاق