مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #61  
قديم 18-07-2002, 09:23 AM
FATIMA..2 FATIMA..2 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 35
إفتراضي

الطائفة الثالثة : الروايات الموهمة بوقوع التحريف في القرآن بالزيادة والنقصان ، ومنها :
1 ـ ما رواه العياشي في (تفسيره) عن مُيسّر ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : « لولا أنّه زيد في كتاب الله ونقص منه ، ما خفي حقّنا على ذي حجا ، ولو قد قام قائمنا فنطق صدّقه القرآن » (1).
2 ـ ما رواه الكليني في (الكافي) والصفار في (البصائر) عن جابر ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : « ما ادعى أحدٌ من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أُنزل إلاّكذّاب ، وما جمعه وحفظه كما أنزله الله تعالى إلاّ علي بن أبي طالب عليه السلام والاَئمّة من بعده عليهم السلام » (2).
3 ـ ما رواه الكليني في (الكافي) والصفار في (البصائر) عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام ، أنّه قال : « ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن كلّه ظاهره وباطنه غير الاَوصياء » (3).
وهذه الطائفة قاصرةٌ أيضاً عن الدلالة على تحريف القرآن ، فالحديث الاَول من مراسيل العياشي ، وهو مخالف للكتاب والسُنّة ولاِجماع المسلمين على عدم الزيادة في القران ولا حرف واحد ، وقد أدعى الاجماع جماعة كثيرون من الاَئمة الاَعلام منهم السيد المرتضى والشيخ الطوسي والشيخ الطبرسي وغيرهم . أمّا النقص المشار إليه في الحديث الاَول فالمراد به نقصه من حيث عدم المعرفة بتأويله وعدم الاطلاع على باطنه ، لا نقص آياته وكلماته وسوره ، وقوله(عليه السلام)« ولو قد قام قائمنا فنطق صدّقه القرآن » فإنّ الذي يصدّق القائم (صلوات الله عليه) هو هذا القرآن الفعلي الموجود بين أيدي الناس ، ولو كان محرفاً حقّاً لم يصدقه القرآن ، فمعنى ذلك أنّ الاِمام الحجة (صلوات الله عليه) سوف يُظهر معاني القرآن على حقيقتها بحيث لا يبقى فيها أي لبسٍ أو غموض ، فيدرك كلّ ذي حجا أنّ القرآن يصدّقه ، فالمراد من الحديث الاَول ـ على فرض صحّته ـ أنّهم قد حرّفوا معانيه ونقصوها وأدخلوا فيها ما ليس منها حتى ضاع الاَمر على ذي الحجا.



========
(1) تفسير العياشي 1 : 13 | 6 .
(2) الكافي 1 : 228 | 1 ، بصائر الدرجات : 213 | 2 .
(3) الكافي 1 : 228 | 2 ، بصائر الدرجات : 213 | 1 .

========



أمّا الرواية الثانية ففي سندها عمرو بن أبي المقدام ، وقد ضعّفه ابن الغضائري (1) ، وفي سند الرواية الثالثة المنخّل بن جميل الاَسدي ، وقد قال عنه علماء الرجال : ضعيف ، فاسد الرواية ، متّهم بالغلوّ ، أضاف إليه الغلاة أحاديث كثيرة (2).
وعلى فرض صحّة الحديثين فإنّه يمكن توجيههما بمعنى آخر يساعد عليه اللفظ فيهما ، قال السيد الطباطبائي : «قوله عليه السلام : إنّ عنده جميع القرآن ؛ إلى آخره ، الجملة وإن كانت ظاهرةً في لفظ القرآن ، ومشعرة بوقوع التحريف فيه ، لكن تقييدها بقوله: «ظاهره وباطنه» يفيد أنّ المراد هو العلم بجميع القرآن ، من حيث معانيه الظاهرة على الفهم العادي ، ومعانيه المستبطنة على الفهم العادي» (3).

==========
(1) أُنظر مجمع الرجال 4 : 257 و 6 : 139 ، رجال ابن داود : 281 | 516 .
(2) أُنظر مجمع الرجال 4 : 257 و 6 : 139 ، رجال ابن داود : 281 | 516 .
(3) التحقيق في نفي التحريف : 62 .

==========
وقد أورد السيد عليّ بن معصوم المدني هذين الخبرين ضمن الاَحاديث التي استشهد بها على أنّ أمير المؤمنين عليه السلام والاَوصياء من أبنائه، علموا جميع مافي القرآن علماً قطعياً بتأييد إلهي ، وإلهام رباني ، وتعليم نبوي ، وذكر أنّ الاَحاديث في ذلك متواترةٌ بين الفريقين» (1).
ويمكن حمل الروايتين أيضاً على معنى الزيادات الموجودة في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام والتي أخذها عمّن لا ينطق عن الهوى تفسيراً ، أو تنزيلاً من الله شرحاً للمراد ، إلاّ أنّ هذه الزيادات ليست من القرآن الذي أُمِر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتبليغه إلى الاَُمّة .

الطائفة الرابعة : الروايات الدالّة على أنّ في القرآن أسماء رجال ونساء فأُلقيت منه ، ومنها :
1 ـ ما روي في (تفسير العياشي) مرسلاً عن الصادق عليه السلام ، قال : « إنّ في القرآن ما مضى ، وما يحدث ، وما هو كائن ، كانت فيه أسماء الرجال فألقيت، إنّما الاسم الواحد منه في وجوه لا تُحصى، يعرف ذلك الوصاة »(2)
2 ـ ما روي في (الكافي) عن البزنطي ، قال : دفع إليَّ أبو الحسن الرضا عليه السلام مصحفاً ، فقال : « لا تَنْظُر فيه » . ففتحته وقرأت فيه ( لم يكن الذين كفروا ...)( البينة 98: 1) فوجدت فيها اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم . قال : فبعث إليّ : « ابعث إليّ بالمصحف » (3).

=========
(1) شرح الصحيفة السجادية : 401 .
(2) تفسير العياشي 1 : 12 | 10 .
(3) الكافي 2 : 631 | 16 .

=========
3 ـ ما رواه الشيخ الصدوق في (ثواب الاعمال) عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : « سورة الاَحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم يا بن سنان ، إنّ سورة فضحت نساء قريش من العرب ، وكانت أطول من سورة البقرة ، ولكن نقصّوها وحرّفوها » (1). وهذه الروايات لا نصيب لها من الصحّة ، فهي بين ضعيف ومرسل ومرفوع ، ومن الممكن القول بأنّ تلك الاسماء التي أُلقيت إنّما كانت مثبتةً فيه على وجه التفسير لاَلفاظ القرآن وتبيين الغرض منها ، لا أنّها نزلت في أصل القرآن . وقد ذكر ذلك الفيض الكاشاني في (الوافي) والسيد الخوئي في (البيان) وغيرهما.. بل إنّ الشيخ الصدوق ـ وهو رئيس المحدّثين ـ الذي روى الخبر في كتابه (ثواب الاعمال) ينصّ في كتابه (الاعتقادات) على عدم نقصان القرآن ، وهذا مما يشهد بأنّهم قد يروون مالا يعتقدون بصحّته سنداً أو معنىً .
الطائفة الخامسة : الاَحاديث التي تتضمّن بعض القراءات المنسوبة إلى الاَئمة عليهم السلام ، ومنها :
1 ـ روى الكليني بإسناده عن عمران بن ميثم ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : « قرأ رجل على أمير المؤمنين عليه السلام : ( فإنَّهم لا يُكِذّبُونَكَ وَلكن الظَّالمينَ بآيات الله يَجْحَدُون ) (الأنعام6: 33) فقال عليه السلام : بلى والله لقد كذَّبوه أشدّ التكذيب، ولكنّها مخفّفة (لا يكذبونك) لا يأتون بباطل يكذبون به حقّك»(2).
2 ـ وروى الشيخ الكليني بإسناده عن أبي بصير ، عن الصادق عليه السلام أنه قرأ (هذا كتابٌ يُنْطَق عَلَيكُم بالحقِّ )(الجاثية : 29) ببناء الفعل للمفعول ، والقراءة المشهورة ( يَنْطِقُ ) بالبناء للفاعل ، قال عليه السلام : « إنَّ الكتاب لم يُنْطَق ولن يَنْطِق ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الناطق بالكتاب » (3).
وهذه القراءات لا تصلح مستمسكاً للقول بالتحريف ، لاَنَّ القرآن شيء والقراءات شيء آخر ، القرآن منقول إلينا بالتواتر ، وهذه القراءات منقولة بطريق الآحاد ، كما أن الاختلاف في كيفية الكلمة أو حركتها لا ينافي الاتفاق على أصلها .
قال الاِمام الصادق عليه السلام : « القرآن نزل على حرفٍ واحدٍ من عند الواحد» (4) ، وقال عليه السلام في حديث آخر : « إنَّ القرآن واحدٌ ، نزل من عند واحدٍ ، ولكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة » (5).
وقد حثَّ الاِمام الصادق عليه السلام شيعته وأصحابه على متابعة القراءة المعهودة لدى جمهور المسلمين حيثُ قال عليه السلام : « اقرأوا كما يقرأ الناس»(6).

==========
(1) ثواب الاَعمال : 100 .
(2) الكافي 8 : 200 | 241 .

==========
  #62  
قديم 18-07-2002, 09:25 AM
FATIMA..2 FATIMA..2 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 35
إفتراضي

شبهات وردود



فيما يلي نعرض بعض الشبهات التي روّجها البعض متشبثاً بها للدلالة على وقوع التحريف ، وسنبيّن وجوه اندفاعها :
الأَِولى : أنّه كان لاَمير المؤمنين عليّ عليه السلام مصحف غير المصحف الموجود ، وقد أتى به إلى القوم فلم يقبلوا منه ، وكان مصحفه مشتملاً على أبعاض ليست موجودة في القرآن الذي بين أيدينا ، ممّا يترتّب عليه أنّ المصحف الموجود ناقصٌ بالمقارنة مع مصحف أمير المؤمنين عليه السلام ، وهذا هو التحريف الذي وقع الكلام فيه .
نقول : نعم ، تفيد طائفةٌ من أحاديث الشيعة وأهل السنة أنّ علياً عليه السلام اعتزل الناس بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليجمع القرآن العظيم ، وفي بعض الروايات : أنّ عمله ذاك كان بأمر الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأنّه عليه السلام قال : « لاأرتدي حتّى أجمعه » ، وروي أنّه لم يرتدِ إلاّ للصلاة حتّى جمعه (1).
ولكن أعلام الطائفة يذكرون بأنّ غاية ماتدلّ عليه الاَحاديث أنّ مصحف علي عليه السلام يمتاز عن المصحف الموجود بأنّه ، كان مرتّباً على حسب النزول ، وأنّه قدّم فيه المنسوخ على الناسخ ، وكتب فيه تأويل بعض الآيات وتفسيرها بالتفصيل على حقيقة تنزيلها ، أي كتب فيه التفاسير المنزلة تفسيراً من قبل الله سبحانه ، وأنّ فيه المحكم والمتشابه ، وأنّ فيه أسماء أهل الحقّ والباطل ، وأنّه كان بإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخطّ علي عليه السلام ، وأنّ فيه فضائح قومٍ من المهاجرين والاَنصار ، وجميع هذه الاختلافات لا توجب تغايراً في أصل القرآن وحقيقته .
========
(1) أُنظر: شرح ابن أبي الحديد 1 : 27 ، الاتقان 1 : 204 ، أنساب الاشراف 1 : 587 ، الطبقات الكبرى 2 : 338 ، مناهل العرفان 1 : 247 ، كنز العمال 2 : 588 | 4792 .

========


وأهمّ ما في هذه الاختلافات هو الزيادة التي كانت في مصحفه عليه السلام والتي يخلو عنها المصحف الموجود ، وهذه الزيادة قد تكون من جملة الاحاديث القدسية والتي هي وحي وليست بقرآن ، كما نصّ عليه الشيخ الصدوق في (الاعتقادات) (1). وقد تكون من جهة التأويل والتفسير وليست من أبعاض القرآن .
قال الشيخ المفيد رحمَهُ الله في (أوائل المقالات) : «ولكن حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله، وذلك كان مثبتاً منزلاً ، وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز ، وقد يسمّى تأويل القرآن قرآناً ، قال الله تعالى : (ولاتعْجَل بالقُرآنِ مِن قَبْل أن يُقْضى إليْكَ وَحْيُه وَقُلْ رَبِّ زِدْني عِلماً) (طه 20: 114) فيسمّى تأويل القرآن قرآناً ، وهذا ما ليس فيه بين أهل التفسير اختلاف»(2).
وقال السيد الخوئي : «إنّ اشتمال قرآنه عليه السلام على زيادات ليست في القرآن الموجود ، وإن كان صحيحاً ، إلاّ أنّه لا دلالة في ذلك على أنّ هذه الزيادات كانت من القرآن وقد أُسقطت منه بالتحريف ، بل الصحيح أنّ تلك الزيادات كانت تفسيراً بعنوان التأويل ، وما يؤول إليه الكلام ، أو
=========
(1) الاعتقادات : 93 .
(2) أوائل المقالات : 55 .

=========
بعنوان التنزيل من الله تعالى شرحاً للمراد» (1).
وخلاصة القول أنّ الادّعاء بوجود زيادات في مصحف عليّ عليه السلام هي من القرآن ادِّعاءٌ بلا دليل وهو باطل قطعاً ، ويدلّ على بطلانه جميع ماتقدم من الاَدلة القاطعة على عدم التحريف في القرآن .
الثانية : أنّ بعض الاَحاديث تفيد أنّ القرآن الكريم على عهد الاِمام المهدي عليه السلام يختلف عمّا هو عليه الآن ، ممّا يفضي إلى الشكّ في هذا القرآن الموجود ، ومن هذه الروايات :
1 ـ ما رواه الفتّال والشيخ المفيد ، عن أبي جعفر عليه السلام : « إذا قام القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ضرب فساطيط لمن يُعلّم الناس القرآن على ما أنزله الله عزّ وجل ، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم ؛ لاَنّه يخالف فيه التأليف»(2)
وروى نحوه النعماني في الغيبة (3).
2 ـ ما رواه الكليني في (الكافي) عن سالم بن سلمة ، قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : « إذا قام القائم قرأ كتاب الله عزّ وجل على حدّه ، وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام » (4).

هذان الحديثان وسواهما ممّا اعتمده القائلون بهذه الشبهة جميعها ضعيفة ، وإذا تجاوزنا النظر في أسانيدها نقول : لعلّ السرّ في تعليمه الناس القرآن هو مخالفة مصحفه عليه السلام للمصحف الموجود الآن من حيث التأليف، كما تدلّ عليه الرواية المتقدّمة عن أبي جعفر عليه السلام ، أو مخالفته من حيث الخصائص والميزات المذكورة في مصحف علي عليه السلام كما تدلّ عليه الرواية الثانية ، فعندئذٍ يحتاج إلى تفسيره وتأويله على حقيقة تنزيله، فهذه الشبهة مبتنيةٌ إذن على الشبهة السابقة ، ومندفعةٌ باندفاعها ، إذ إنّ القرآن في عهده (صلوات الله عليه) لا يختلف عن هذا القرآن الموجود من حيث الاَلفاظ ، وإنمّا الاختلاف في الترتيب ، أو في الزيادات التفسيرية ، كما تقدّم بيانه في الشبهة الاَُولى .



==========
(1) البيان في تفسير القرآن : 223 .
(2) ارشاد المفيد 2 : 386 تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام ، روضة الواعظين : 265 .
(3) غيبة النعماني : 318 و 319 .
(4) الكافي 2 : 633 | 23 .

==========

الثالثة : أنّ التحريف قد وقع في التوراة والانجيل ، وقد ورد في الاَحاديث عن النبي الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : «يكون في هذه الاَُمّة كلّ ماكان في بني إسرائيل ، حذو النعل بالنعل ، وحذو القذّة بالقذّة» (1). ونتيجة ذلك أنّ التحريف لابدّ من وقوعه في القرآن الكريم كما وقع في العهدين ، وهذا يوجب الشكّ في القرآن الموجود بين المسلمين ، وإلاّلم يصحّ معنى هذه الاَحاديث .
وقد أجاب السيد الخوئي عن هذه الشبهة بوجوه ، منها :
1 ـ إنّ الروايات المشار إليها أخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً .
2 ـ إنّ هذا الدليل لو تمّ لكان دالاً على وقوع الزيادة في القرآن أيضاً ، كما وقعت في التوراة والانجيل ، ومن الواضح بطلان ذلك .


===========
(1) الفقيه 1 : 203 | 609 .

===========
3 ـ إنّ كثيراً من الوقائع التي حدثت في الاَُمم السابقة لم يصدر مثلها في هذه الاَُمة ، كعبادة العجل ، وتيه بني إسرائيل أربعين سنة ، وغرق فرعون وأصحابه ، وملك سليمان للانس والجنّ ، ورفع عيسى إلى السماء، وموت هارون وهو وصيّ موسى قبل موت موسى نفسه.. وغير ذلك ممّا لا يسعنا إحصاؤه ، وهذا أدلّ دليل على عدم إرادة الظاهر من تلك الروايات ، فلابدّ من إرادة المشابهة في بعض الوجوه (1)، وبهذا الوجه اكتفى السيد الطباطبائي في تفسير الميزان (2).

===========
(1) البيان في تفسير القرآن : 221 .
(2) تفسير الميزان 12 : 120 .

===========



أهل السنة ينفون التحريف

إنّ المعروف من مذهب أهل السنة هو تنزيه القرآن الكريم عن الخطأ والنقصان ، وصيانته عن التحريف ، وبذلك صرّحوا في تفاسيرهم وفي كتب علوم القرآن ، إلاّ أنّه رويت في صحاحهم أحاديث يدلّ ظاهرها على التحريف ، تمسّك بها الحشوية منهم ، فذهبوا إلى وقوع التحريف في القران تغييراً أو نقصاناً ، كما أشار إلى ذلك الطبرسي في مقدمة تفسيره (مجمع البيان) (1)، وقد تقدّم قوله في تصريحات أعلام الاِمامية .
ولا شكّ أنّ ما كان ضعيفاً من هذه الاَحاديث فهو خارج عن دائرة البحث ، وأمّا التي صحّت عندهم سنداً ، فهي أخبار آحاد ، ولا يثبت القرآن بخبر الواحد ، على أنّ بعضها محمولٌ على التفسير ، أو الدعاء ، أو السُنّة ، أو الحديث القدسي ، أو اختلاف القراءة ، وأمّا مالا يمكن تأويله على بعض الوجوه ، فقد حمله بعضهم على نسخ التلاوة ، أي قالوا بنسخه لفظاً وبقائه حكماً ، وهذا الحمل باطلٌ ، وهو تكريسٌ للقول بالتحريف ، وقد نفاه أغلب محققيهم وعلمائهم على ما سيأتي بيانه في محلّه إن شاء الله تعالى ، وذهبوا إلى تكذيب وبطلان هذه الاَحاديث لاستلزامها للباطل، إذ إنّ القول بها يفضي إلى القدح في تواتر القرآن العظيم .
يقول عبد الرحمن الجزيري : «أمّا الاَخبار التي فيها أنّ بعض القران المتواتر ليس منه ، أو أنّ بعضاً منه قد حُذِف ، فالواجب على كلِّ مسلم


==========
(1) مجمع البيان 1 : 83 .

==========

تكذيبها بتاتاً ، والدعاء على راويها بسوء المصير» (1).
ويقول ابن الخطيب : «على أنّ هذه الاَحاديث وأمثالها ، سواء صحّ سندها أو لم يصحّ ، فهي على ضعفها وظهور بطلانها ، قلّة لا يعتدّ بها ، مادام إلى جانبها إجماع الاَُمّة ، وتظاهر الاَحاديث الصحيحة التي تدمغها وتظهر أغراض الدين والمشرّع بأجلى مظاهرها» (2).
وجماعة منهم قالوا بوضع هذه الاَحاديث واختلاقها من قبل أعداء الاِسلام والمتربصّين به ، يقول الحكيم الترمذي : «ما أرى مثل هذه الروايات إلاّ من كيد الزنادقة» .
ويقول الدكتور مصطفى زيد : «وأمّا الآثار التي يحتجّون بها.. فمعظمها مروي عن عمر وعائشة ، ونحن نستبعد صدور مثل هذه الآثار بالرغم من ورودها في الكتب الصحاح ، وفي بعض هذه الروايات جاءت العبارات التي لا تتّفق ومكانة عمر وعائشة، ممّا يجعلنا نطمئنّ إلى اختلاقها ودسّها على المسلمين» (3).
إذن ، فهم موافقون للشيعة الاِمامية في القول بنفي التحريف ، فيكون ذلك ممّا اتّفقت عليه كلمة المسلمين جميعاً ، يقول الدكتور محمّد التيجاني : «إنّ علماء السنة وعلماء الشيعة من المحقّقين ، قد أبطلوا مثل هذه الروايات واعتبروها شاذّة، وأثبتوا بالاَدلّة المقنعة بأنّ القرآن الذي بأيدينا هو نفس القرآن الذي أُنزل على نبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وليس فيه زيادةٌ ولا نقصان ولا تبديل ولا تغيير» (4).

==========
(1) الفقه على المذاهب الاَربعة 4 : 260 .
(2) الفرقان : 163 .
(3) النسخ في القرآن 1 : 283 .
(4) لاَكون مع الصادقين : 168 ـ 176 .

==========
  #63  
قديم 18-07-2002, 09:25 AM
أسير الجرح أسير الجرح غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 42
إفتراضي

لاحول ولا قوة الا بالله

شكرا أخت سلوى على الموضوع والله يجزيك خيرا

__________________


<embed width="215" height="158" src="http://mypage.ayna.com/abo_badr333/aser.swf" type="application/x-shockwave-flash">
  #64  
قديم 18-07-2002, 09:26 AM
FATIMA..2 FATIMA..2 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 35
إفتراضي

حقيقتان مهمّتان



إنّ قيل : إنّ الروايات التي ظاهرها نقصان القرآن ، أو وجود اللحن فيه ، مخرّجةٌ في كتب الصحاح عن بعض الصحابة ، وإنّ تكذيبها وإنكارها قد يوجب الطعن في صحّة تلك الكتب ، أو في عدالة الصحابة . نقول :
أولاً : إنّ القول بصحّة جميع الاَحاديث المخرّجة في كتابي مسلم والبخاري ـ وهما عمدة كتب الصحاح ـ وأنّ الاَُمّة تلقّتهما بالقبول ، غير مسلّم ، فلقد تكلّم كثير من الحفاظ وأئمة الجرح والتعديل في أحاديث موضوعةٍ وباطلةٍ وضعيفةٍ ، فتكلّم الدارقطني في أحاديث وعلّلها في (علل الحديث) ، وكذلك الضياء المقدسي في (غريب الصحيحين) ، والفيروز آبادي في (نقد الصحيح) وغيرهم ، وتكلّموا أيضاً في رجال رُوي عنهم في الصحيحين ، وهم مشهورون بالكذب والوضع والتدليس . وفيما يلي بعض الارقام والحقائق التي توضّح هذه المسألة بشكل جليّ :
1 ـ قد انتقد حفّاظ الحديث البخاري في 110 أحاديث ، منها 32 حديثاً وافقه مسلم فيها ، و 78 انفرد هو بها .
2 ـ الذي انفرد البخاري بالاخراج لهم دون مسلم أربعمائة وبضعة وثلاثون رجلاً ، المتكلّم فيه بالضعف منهم 80 رجلاً ، والذي انفرد مسلم بالاخراج لهم دون البخاري 620 رجلاً ، المتكلّم فيه بالضعف منهم 160 رجلاً .
3 ـ الاَحاديث المنتقدة المخرّجة عندهما معاً بلغت 210 حديثاً ، اختصّ البخاري منها بأقلّ من 80 حديثاً ، والباقي يختصّ بمسلم .
4 ـ هناك رواة يروي عنهم البخاري ، ومسلم لا يرتضيهم ولا يروي عنهم ، ومن أشهرهم عكرمة مولى ابن عباس .
5 ـ وقع في الصحيحين أحاديث متعارضة لا يمكن الجمع بينها ، فلو أفادت علماً لزم تحقّق النقيضين في الواقع ، وهو محال ، لذا أنكر العلماء مثل هذه الاَحاديث وقالوا ببطلانها .
وقد نصّ ببعض ما ذكرناه أو بجملته متقدّمو شيوخهم ومتأخروهم ، كالنووي والرازي وكمال الدين بن الهمّام ، وأبي الوفاء القرشي ، وأبي الفضل الاَدفوي ، والشيخ عليّ القاري ، والشيح محبّ الله بن عبد الشكور، والشيخ محمّد رشيد رضا ، وابن أمير الحاج ، وصالح بن مهدي المقبلي ، والشيخ محمود أبو ريّة ، والدكتور أحمد أمين ، والدكتور أحمد محمّد شاكر وغيرهم، معترفين ومذعنين بحقيقة أنّ الاَُمّة لم تتلقَّ أحاديث الصحيحين بالقبول ، أو أنّه ليس من الواجب الديني الاِيمان بكلّ ما جاء فيهما ، فتبيّن أنَّ جميع القول بالاجماع على صحّتهما لا نصيب له من الصحّة .
قال أبو الفضل الاَدفوي : «إنّ قول الشيخ أبي عمرو بن الصلاح : إنّ الاَُمّة تلقّت الكتابين بالقبول ؛ إن أراد كلّ الاَُمّة فلا يخفى فساد ذلك . وإن أراد بالاَُمّة الذين وجدوا بعد الكتابين فهم بعض الاَُمّة . ثمّ إن أراد كلّ حديث فيهما تُلقّي بالقبول من الناس كافّة فغير مستقيم ، فقد تكلّم جماعة من الحفّاظ في أحاديث فيهما ، فتكلّم الدارقطني في أحاديث وعلّلها ، وتكلّم ابن حزم في أحاديث كحديث شريك في الاِسراء ، وقال : إنّه خلط، ووقع في الصحيحين أحاديث متعارضة لا يمكن الجمع بينها ، والقطع لا يقع التعارض فيه» (1).
وقال الشيخ محمد رشيد رضا : «ليس من أُصول الدين ، ولا من أركان الاِسلام ، أن يؤمن المسلم بكلّ حديث رواه البخاري مهما يكن موضوعه، بل لم يشترط أحد في صحّة الاِسلام ، ولا في معرفته التفصيلية ، الاطلاع على صحيح البخاري والاقرار بكلّ ما فيه» (2).
فاتّضح أن ما يروّجه البعض من دعوى أنّ أحاديث نقصان القرآن ووجود اللحن فيه ، مخرجةٌ في الصحاح ، ولا ينبغي الطعن فيها ، ممّا لاأساس له ؛ لاَنّه مخالف للاجماع والضرورة ، ومحكم التنزيل ، فليس كلّ حديثٍ صحيحٍ يجوز العمل به ، فضلاً عن أن يكون العمل به واجباً ، ورواية الاَخبار الدالّة على التحريف غير مُسلّمة عند أغلب محقّقي أهل السنة إلاّ عند القائلين بصحّة جميع ما في كتب الصحاح ، ووجوب الاِيمان بكلّ ما جاء فيها ، وهؤلاء هم الحشوية ممّن لا اعتداد بهم عند أئمّة المذاهب .
ثانياً : دعوى الاجماع على عدالة جميع الصحابة باطلةٌ لا أصل لها ، إذ إنّ عمدة الاَدلّة القائمة على عدالتهم جميعاً ما روي أنّه صلى الله عليه وآله وسلم قال : «أصحابي كالنجوم ، بأيّهم اقتديتم اهتديتم » . وقد نصّ جمعٌ كبيرٌ من أعيان أهل السنة على أنّه حديثٌ باطلٌ موضوعٌ (3)، هذا فضلاً عن معارضته للكتاب والسُنّة والواقع التاريخي ، فقد نصّت كثيرٌ من الآيات القرآنية على أنّ بعض الاَصحاب ممّن هم حول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم خلال حياته ، كانوا منافقين فسقة ، كما في سورة التوبة وآل عمران والمنافقون ، ونصّت بعض الآيات على ارتداد قسم منهم بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم كقوله تعالى : ( أفَإن ماتَ أو قُتِلَ انْقَلَبْتُم على أعْقَابِكُم ) ( آل عممران 3: 144) ، وممّا يدلّ على ارتداد بعضهم بعده صلى الله عليه وآله وسلم حديث الحوض : « أنا فرطكم على الحوض ، ولاَنازَعَنّ أقواماً ثمّ لاَُغْلَبَنّ عليهم ، فأقول : يا ربِّ أصحابي . فيقال : إنّك لاتدري ما أحدثوا بعدك » (4) ، وقد عدّه الزبيدي الحديث السبعين من الاَحاديث المتواترة ، حيث رواه خمسون نفساً (5)، كما قامت الشواهد على جهل كثير من الاَصحاب بالقرآن الكريم والاحكام الشرعية ، كما أنّ بعضهم تسابّوا وتباغضوا وتضاربوا وتقاتلوا ، وحكت الآثار عن ارتكاب بعضهم الكبائر واقتراف السيئات كالزنا وشرب الخمر والربا وغير ذلك .
قال الرافعي : «لا يتوهمنّ أحدٌ أنّ نسبة بعض القول إلى الصحابة نصّ في أنّ ذلك القول صحيحٌ البتّة ، فإنّ الصحابة غير معصومين ، وقد جاءت روايات صحيحة بما أخطأ فيه بعضهم في فهم أشياء من القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك العهد هو ماهو» (6).


===========
(1) التحقيق في نفي التحريف : 312 .
(2) تفسير المنار 2 : 104 ـ 105 .
(3) أُنظر: لسان الميزان 2 : 117 ـ 118، 137ـ 138 ، ميزان الاعتدال 1 : 413 كنز العمال 1 : 198 | 1002 ، نظرية عدالة الصاحبة : 20 . الإمامة في أهم الكتب الكلامية وعقيدة الشيعة الإمامية : 463 ـ 514 .
(4) صحيح البخاري 9 : 90 | 26 ـ 29 ، صحيح مسلم 1 : 81 | 118 ـ 120 و 4 : 1796 | 32 ، مسند أحمد 5 : 37 و 44 و 49 و 73 ، سنن الترمذي 4 : 486 | 2193 ، سنن أبي داود 4: 221 | 4686 . والآية من سورة آل عمران 3 : 144 .
(5) التحقيق في نفي التحريف : 342 .
(6) اعجاز القرآن : 44 .

===========





إذن فنسبة أحد الاَقوال الدالّة على تحريف القرآن إلى أحد الصحابة ، لا تعني التعبّد به ، أو التعسّف في تأويله ، بل إنّ إمكانية ردّه وإنكاره قائمةٌ مادام شرط عدالة الجميع مرفوعاً
  #65  
قديم 18-07-2002, 09:30 AM
FATIMA..2 FATIMA..2 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 35
إفتراضي

نماذج من روايات التحريف في كتب أهل السنة





نذكر هنا جملة من الروايات الموجودة في كتب أهل السنة ، ونبيّن ماورد في تأويلها ، وما قيل في بطلانها وإنكارها ، وعلى أمثال هذه النماذج يقاس ما سواها ، وهي على طوائف :
الطائفة الاَُولى : الروايات التي ذكرت سوراً أو آيات زُعِم أنّها كانت من القرآن وحُذِفت منه ، أو زعم البعض نسخ تلاوتها ، أو أكلها الداجن ، نذكر منها :
الاَُولى : أنّ سورة الاَحزاب تعدل سورة البقرة
1 ـ رُوي عن عائشة : «أنّ سورة الاَحزاب كانت تُقْرأ في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مائتي آية ، فلم نقدر منها إلاّ على ماهو الآن» (1). وفي لفظ الراغب : «مائة آية» (2).
2 ـ ورُوي عن عمر وأُبي بن كعب وعكرمة مولى ابن عباس : «أنّ سورة الاَحزاب كانت تقارب سورة البقرة ، أو هي أطول منها ، وفيها كانت آية الرجم» (3) .
3 ـ وعن حذيفة : «قرأتُ سورة الاَحزاب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنسيتُ منها
____________
(1) الاتقان 3 : 82 ، تفسير القرطبي 14 : 113 ، مناهل العرفان 1 : 273 ، الدر المنثور 6 : 560 .
(2) محاضرات الراغب 2 : 4 | 434 .
(3) الاتقان 3 : 82 ، مسند أحمد 5 : 132 ، المستدرك 4 : 359 ، السنن الكبرى 8 : 211 ، تفسير القرطبي 14 : 113 ، الكشاف 3 : 518 ، مناهل العرفان 2 : 111 ، الدر المنثور 6 : 559 .

--------------------------------------------------------------------------------

سبعين آية ما وجدتها» (1).
وقد حمل ابن الصلاح المدّعى زيادته على التفسير ، وحمله السيوطي وابن حزم على نسخ التلاوة ، والمتأمّل لهذه الروايات يلاحظ وجود اختلاف فاحش بينها في مقدار ماكانت عليه سورة الاَحزاب ، الاَمر الذي يشير إلى عدم صحّة هذه النصوص وبطلانها ، أمّا آية الرجم الواردة في الحديث الثاني فستأتي في القسم الرابع من هذه الطائفة .
الثانية : لو كان لابن آدم واديان...
رُوي عن أبي موسى الاَشعري أنّه قال لقرّاء البصرة : «كنّا نقرأ سورة نُشبّهها في الطول والشدّة ببراءة فأنسيتها ، غير أنّي حفظت منها : لو كان لابن آدم واديان من مالٍ لابتغى وادياً ثالثاً ، ولا يملاَ جوف ابن آدم إلاّ التراب» (2).
وقد حمل ابن الصلاح هذا الحديث علىالسنة ، قال : «إنّ هذا معروف في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أنّه من كلام الرسول ، لا يحكيه عن ربِّ العالمين في القرآن ويؤيده حديث روي عن العباس بن سهل ، قال: سمعت ابن الزبير على المنبر يقول : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لو أنّ ابن آدم أُعطي واديان..» وعدّه الزبيدي الحديث الرابع والاَربعين من الاَحاديث المتواترة وقال : «رواه من الصحابة خمسة عشر نفساً» (3). ورواه أحمد في
____________
(1) الدر المنثور 6 : 559 .
(2) صحيح مسلم 2 : 726 | 1050 .
(3) مقدمتان في علوم القرآن : 85 ـ 88 .

--------------------------------------------------------------------------------


(المسند) عن أبي واقد الليثي على أنّه حديث قدسيّ .(1)
أمّا إخبار أبي موسى بأنّه كان ثمّة سورة تشبه براءة في الشدّة والطول ، فلو كانت لحصل العلم بها ، ولما غفل عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة وكُتّاب الوحي وحُفّاظه وقُرّاؤه .
الثالثة : سورتا الخلع والحفد
روي أنّ سورتي الخلع والحفد كانتا في مصحف ابن عباس وأُبي بن كعب وابن مسعود ، وأنّ عمر بن الخطاب قنت بهما في الصلاة ، وأنّ أبا موسى الاَشعري كان يقرأهما.. وهما :
1 ـ «اللّهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك» .
2 ـ «اللّهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إنّ عذابك بالكافرين ملحق» (2).
وقد حملهما الزرقاني والباقلاني والجزيري وغيرهم على الدعاء ، وقال صاحب الانتصار : «إنّ كلام القنوت المروي : أنّ أُبي بن كعب أثبته في مصحفه ، لم تقم الحجّة بأنّه قرآن منزل ، بل هو ضرب من الدعاء ، ولو كان قرآناً لنقل إلينا وحصل العلم بصحّته» إلى أن قال : «ولم يصحّ ذلك عنه، وإنّما روي عنه أنّه أثبته في مصحفه ، وقد أثبت في مصحفه ما ليس
____________
(1) مسند أحمد 5 : 219 .
(2) مناهل العرفان 1 : 257 ، روح المعاني 1 : 25 .

--------------------------------------------------------------------------------


بقرآن من دعاء أو تأويل.. الخ» (1).
وقد روي هذا الدعاء في (الدر المنثور) والاتقان والسنن الكبرى و(المصنّف) وغيرها من عديد من الروايات عن ابن الضرس والبيهقي ومحمد بن نصر ، ولم يُصرّحوا بكونه قرآناً (2).
الرابعة : آية الرجم
روي بطرق متعدّدة أنّ عمر بن الخطاب ، قال : «إيّاكم أن تهلكوا عن آية الرجم.. والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس : زاد عمر في كتاب الله لكتبتها : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة ، نكالاً من الله ، والله عزيز حكيم . فإنّا قد قرأناها» (3).
وأخرج ابن أشتة في (المصاحف) عن الليث بن سعد ، قال : «إنّ عمر أتى إلى زيدٍ بآية الرجم ، فلم يكتبها زيد لاَنّه كان وحده» (4).
وقد حمل ابن حزم آية الرجم في (المحلى) على أنّها ممّا نسخ لفظه وبقي حكمه ، وهو حملٌ باطلٌ ، لاَنّها لو كانت منسوخة التلاوة لما جاء عمر ليكتبها في المصحف ، وأنكر ابن ظفر في (الينبوع) عدّها ممّا نسخ تلاوةً ، وقال : «لاَنّ خبر الواحد لا يُثبت القرآن» (5).

____________
(1) مناهل العرفان 1 : 264 .
(2) السنن الكبرى 2 : 210 ، المصنف لعبد الرزاق 3 : 212 .
(3) المستدرك 4 : 359 و 360 ، مسند أحمد 1 : 23 و 29 و 36 و 40 و 50 ، طبقات ابن سعد 3 : 334 ، سنن الدارمي 2 : 179 .
(4) الاتقان 3 : 206 .
(5) البرهان للزركشي 2 : 43 .

--------------------------------------------------------------------------------


وحملها أبو جعفر النحاس على السُنّة ، وقال : «إسناد الحديث صحيحٌ، إلاّ أنّه ليس حكمه حكم القرآن الذي نقله الجماعة عن الجماعة، ولكنها سُنّةٌ ثابتةٌ ، وقد يقول الاِنسان كنتُ أقرأ كذا لغير القرآن ، والدليل على هذا أنّه قال : لولا أنّي أكره أن يقال زاد عمر في القرآن ، لزدته» (1) .
الخامسة : آية الجهاد
رُوي أنّ عمر قال لعبد الرحمن بن عوف : «ألم تجد فيما أُنزل علينا : أن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرّة ، فأنا لا أجدها ؟ قال : أُسقطت فيما أسقط من القرآن» (2).
نقول : ألم يرووا في أحاديث جمع القرآن أنّ الآية تُكتَب بشهادة شاهدين من الصحابة على أنّها ممّا أنزل الله في كتابه ؟ فما منع عمر وعبدالرحمن بن عوف من الشهادة على أنّ الآية من القرآن وإثباتها فيه ؟ فهذا دليلٌ قاطعٌ على وضع هذه الرواية ، وإلاّ كيف سقطت هذه الآية المدّعاة عن كُتّاب القرآن وحُفّاظه في طول البلاد وعرضها ، ولم تبق إلاّ مع عمر وعبد الرحمن بن عوف ؟
السادسة : آية الرضاع
رُوي عن عائشة أنّها قالت :« كان فيما أُنزل من القرآن : عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
____________
(1) الناسخ والمنسوخ : 8 .
(2) الاتقان 3 : 84 ، كنز العمال 2 : 567حديث | 4741 .

--------------------------------------------------------------------------------


وهنّ ممّا يقرأ من القرآن» (1).
لقد أوّل بعض المحقّقين خبر عائشة هذا بأنّه ليس الغرض منه أنّ ذلك كان آيةً من كتاب الله ، بل كان حكماً من الاَحكام الشرعية التي أوحى الله بها إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في غير القرآن ، وأمر القرآن باتّباعها ، فمعنى قولها: «كان فيما أُنزل من القرآن...» كان من بين الاَحكام التي أنزلها الله على رسوله وأمرنا باتّباعها في القرآن أن عشر رضعات يحرمن ، ثمّ نسخ هذا الحكم بخمس رضعات معلومات يحرمن ، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا الحكم باقٍ لم ينسخ ، فأمّا كونه منزلاً موحى به فذلك لاَنّه صلى الله عليه وآله وسلم لاينطق عن الهوى ، وأمّا كوننا مأمورين باتّباع ما جاء به الرسول من الاَحكام فلاَن الله تعالى قال : ( وَمَا آتاكُم الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَانَهاكُم عَنْهُ فَانْتَهُوا ) ( الحشر59: 7.) وحمله البعض على أنّه ممّا نسخت تلاوته وحكمه فأبطلوه ، وهذا الحمل باطلٌ على ما سيأتي بيانه . لكن بعض الشافعية والحنابلة حملوه على نسخ التلاوة ، وذلك لا يصحّ لاَنّ الظاهر من الحديث أنّ النسخ كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو أمرٌ باطلٌ بالاجماع ، وقد ترك العمل بهذا الحديث مالك بن أنس وهو راوي الحديث ، وأحمد بن حنبل وأبو ثور وغيرهم ، وقال الطحاوي والسرخسي وغيرهما ببطلانه وشذوذه وعدم صحته ، ومن المتأخرين الاَُستاذ السايس وتلميذه الاَُستاذ العريض وعبد الرحمن الجزيري وابن الخطيب وغيرهم (3).

____________
(1) صحيح مسلم 2: 1075|1452، سنن الترمذي 3: 456، المصنف للصنعاني 7: 467و 470..
(2) الفقه على المذاهب الاَربعة 4 : 259 .
(3) مشكل الآثار 3 : 6 ـ 8 ، الناسخ والمنسوخ : 10 ـ 11 ، أُصول السرخسي 2 : 78 ، فتح المنان: 223 ـ 230 ، التمهيد في علوم القرآن 2 : 282 ، الفقه على المذاهب الاربعة 4: 258 ـ 260.

--------------------------------------------------------------------------------
  #66  
قديم 18-07-2002, 09:30 AM
FATIMA..2 FATIMA..2 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 35
إفتراضي

وهذا الحديث بلفظ «فتوفي رسول الله وهنّ ممّا يقرأ من القرآن» رواه أنس بن مالك عن عبدالله بن أبي بكر ، وقد رُوي عن غيره بدون هذا اللفظ، قال أبو جعفر النحاس : «قال بعض أجلّة أصحاب الحديث : قد روى هذا الحديث رجلان جليلان أثبت من عبد الله بن أبي بكر ، فلم يذكرا أنّ هذا فيه، وهما القاسم بن محمد بن أبي بكر ويحيى بن سعيد الاَنصاري» (1)، وقال الطحاوي : «هذا ممّا لا نعلم أحداً رواه كما ذكرنا غير عبدالله بن أبي بكر ، وهو عندنا وهمٌ منه» (2).
لكنّ خلوّ الرواية من هذا اللفظ لا يصحّح كونها قرآناً يُتلى ولا ينفيه ، قال صاحب المنار : «لو صحّ أنّ ذلك كان قرآناً يتلى لما بقي علمه خاصاً بعائشة ، بل كانت الروايات تكثر فيه ، ويعمل به جماهير الناس ، ويحكم به الخلفاء الراشدون ، وكل ذلك لم يكن» وقال : «إنّ ردّ هذه الرواية عن عائشة لاَهون من قبولها مع عدم عمل جمهور من السلف والخلف بها»(3).
السابعة : آية رضاع الكبير عشراً
رُوي عن عائشة أنَّها قالت : «نزلت آية الرجم ورضاع الكبير عشراً ، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري ، فلمّا مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها» (4).

____________
(1) الناسخ والمنسوخ : 10 ـ 11 .
(2) مشكل الآثار 3 : 7 ـ 8 .
(3) تفسير المنار 4 : 472 .
(4) مسند أحمد 6 : 269 ، المحلّى 11 : 235 ، سنن ابن ماجة 1 : 625 ، الجامع لاَحكام القرآن 14 : 113 .

--------------------------------------------------------------------------------


وظاهرٌ من هذه الرواية أنّه لم يحفظ القرآن ولم يكتبه غير عائشة ، وهو أمرٌ في غاية البعد والغرابة ، فأين سائر الصحابة والحُفّاظ والكتبة منهم ، قال السرخسي : «حديث عائشة لا يكاد يصحّ ؛ لاَنّ بهذا لا ينعدم حفظه من القلوب ، ولا يتعذّر عليهم به إثباته في صحيفة أُخرى ، فعرفنا أنّه لاأصل لهذا الحديث» (1). أمّا بالنسبة لآية الرجم المذكورة في الحديث فقد تقدم أنّه لا يصحّ اعتبارها قرآنا لكونها من أخبار الآحاد ، وحكم الرجم من السنن الثابتة عن الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم .
ثم إنّ هذا الحكم ـ في رضاع الكبير عشراً ـ قد انفردت به عائشة ، وعارضها فيه سائر أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولم تأخذ واحدة منهنّ بقولها في ذلك ، وأنكره أيضاً ابن مسعود على أبي موسى الاَشعري ، وقال : «إنّما الرضاعة ما أنبت اللحم والدم» فرجع أبو موسى عن القول به (2).
الثامنة : آية الصلاة على الذين يصلون في الصفوف الاَُولى !
عن حميدة بنت أبي يونس ، قالت : «قرأ عليّ أبي ، وهو ابن ثمانين سنة ، في مصحف عائشة : إنّ الله وملائكته يصلّون على النبيّ يا أيُّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلّموا تسليماً وعلى الذين يصلون في الصفوف الاَُولى». قالت : «قبل أن يغيّر عثمان المصاحف» (3).
وظاهر أنّ هذا من الآحاد التي لايثبت بها قرآن ، وإلاّ فكيف فات هذا
____________
(1) أُصول السرخسي 2 : 79 .
(2) جامع بيان العلم 2 : 105 .
(3) الاتقان 3 : 82 .

--------------------------------------------------------------------------------


عن سائر الصحابة وكُتّاب الوحي منهم وحُفّاظه وجُمّاعه ، واختصت به عائشة دونهم ؟ ولو صحّ فهو روايةٌ عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فاعتقدت عائشة كونها من القرآن فكتبتها ، حيثُ روي عن البراء بن عازب أنّه قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنّ الله وملائكته يصلون على الصفوف الاَُوّل» (1)، وروي عن عائشة أنّها قالت : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنّ الله وملائكته يصلّون على الذين يَصِلُون الصفوف» (2)، ولعلّه أيضاً ممّا يُكْتب في حاشية المصحف، حيث كانوا يسجّلون مايرون له أهميةً وشأناً في حاشية مصاحفهم الخاصّة.
التاسعة : عدد حروف القرآن
أخرج الطبراني عن عمر بن الخطاب ، قال : «القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف» (3). بينما القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار ، قال الذهبي : «تفرّد محمّد بن عبيد بهذا الخبر الباطل» (4)، هذا فضلاً عن الاختلاف في رواية عدد الحروف ، فقد روي ألف ألف وواحد وعشرون ألفاً ومئة وخمسون حرفاً ، وقيل : غير ذلك ، الاَمر الذي يضعف الثقة بصحة صدورها .
وإذا صحّ ذلك فلعلّه من الوحي الذي ليس بقرآن كالاَحاديث القدسية؛ وقد لاحظنا في أدلّة نفي التحريف أنّه بلغ من الدقّة والتحرّي
____________
(1) المصنف لعبد الرزاق 2 : 484 .
(2) المستدرك 1 : 214 .
(3) الاتقان 1 : 242 .
(4) ميزان الاعتدال 3 : 639 .

--------------------------------------------------------------------------------


في ثبت آيات القرآن أن يحمل بعض الصحابة السيف لحذف حرف واحد منه ، فكيف يحذف ثلثاه ولم نجد معارضاً منهم ، ولا مطالباً بتدوين ما بقي من ثلثيه ؟! هذا فضلاً عن وجود كثير من الصحابة ممّن جمع القرآن كلّه أو بعضه في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ كما سيأتي بيانه ـ حفظاً في الصدور ، أو تدويناً في القراطيس ، فكانت القراطيس شاهدة على ما في الصدور ، والصدور شاهدة على ما في القراطيس ، فكيف يضيع ثلثاه في حال كهذه؟!
وأخيراً فأنّ الملاحظ على كثير ممّا أدّعي أنّه من القرآن مخالفته لقواعد اللغة وأُسلوب القرآن الكريم وبلاغته السامية ، ممّا يدل على أنّه ليس بكلام الخالق تعالى ، وليست له طلاوته ، ولا به حلاوته وعذوبته ، وليست عليه بهجته ، بل يتبّرأ من ركاكته وانحطاطه وتهافته المخلوقون ، فكيف برب العالمين ، وسمّو كتابه المبين ؟!
ومن أراد الاطلاع على ماذكرناه ، فليراجع مقدمة (تفسير آلاء الرحمن)، للشيخ البلاغي ففيه مزيد بيان .
والملاحظ أيضاً أنّ قسماً منه هو من الاَحاديث النبوية ، أو من السُنّة والاَحكام التي ظنّوها قرآناً ، كما روي أنّ قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « الولد للفراش ، وللعاهر الحجر » هو آية ، ولا يشكّ أحدٌ في أنّه حديث . و الملاحظ أيضاً أنّ أغلبه روي بألفاظ متعدّدة وتعابير مختلفة ، فلو كان قرآناً لتوحّدت ألفاظه .
  #67  
قديم 18-07-2002, 09:35 AM
FATIMA..2 FATIMA..2 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 35
إفتراضي

نسخ التلاوة

قسّموا النسخ في الكتاب العزيز إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ نسخ الحكم دون التلاوة ، وهذا هو القسم الذي نطق به محكم التنزيل ، وهو المشهور بين العلماء والمفسرين ، وهو أمر معقولٌ مقبولٌ ، حيثُ إنّ بعض الاَحكام لم ينزل دفعةً واحدةً ، بل نزل تدريجياً لتألفه النفوس وتستسيغه العقول ، فنسخت تلك الاَحكام وبقيت ألفاظها ، لاَسرارٍ تربويةٍ وتشريعيةٍ يعلمها الله تعالى .
2 ـ نسخ التلاوة دون الحكم ، وقد مثّلوا له بآية الرجم ، فقالوا : إنّ هذه الآية كانت من القرآن ثمّ نسخت تلاوتها وبقي حكمها .
3 ـ نسخ التلاوة والحكم معاً ، وقد مثّلوا له بآية الرضاع .
وقد تقدّم في ثنايا البحث السابق أنّ البعض حمل قسماً من الروايات الدالة على النقصان على أنّها آيات نسخت تلاوتها وبقيت أحكامها ، أو نسخت تلاوةً وحكماً ، وذلك تحاشياً من التسليم بها الذي يفضي إلى القول بتحريف القرآن ، وفراراً من ردّها وتكذيبها الذي يؤول إلى الطعن في الكتب الصحاح والمسانيد المعتبرة ، أو الطعن في الاَعيان الذين نُقلت عنهم ، ولا شكّ أنّ القول بالضربين الاَخيرين من النسخ هو عين القول بالتحريف : وهو باطل لما يلي :
1 ـ يستحيل عقلاً أن يرد النسخ على اللفظ دون الحكم ، لاَنّ الحكم لابدّ له من لفظ يدلّ عليه ، فإذا رفع اللفظ فما هو الدليل الذي يدلّ عليه ؟
--------------------------------------------------------------------------------


فالحكم تابع للّفظ ، ولا يمكن أن يرفع الاَصل ويبقى التابع .
2 ـ النسخ حكم ، والحكم لابدّ أن يكون بالنصّ ، ولا انفكاك بينهما ، ولا دليل على نسخ النصوص التي حكتها الآثار المتقدّمة وسواها ، إذ لم ينقل نسخها ولم يرد في حديث عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في واحدٍ منها أنّها منسوخة ، والواجب يقتضي أن يُبلّغ الاَُمة بالنسخ كما بلّغ بالنزول ، وبما أنّ ذلك لم يحدث فالقول به باطل .
3 ـ الاَخبار التي زعم نسخ تلاوتها أخبار آحاد ، ولا تقوى دليلاً وبرهاناً على حصوله ، إذ صرحوا باتّفاق العلماء أجمع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد (1)، ونسبه القطّان إلى الجمهور (2)، وعلّله رحمة الله الهندي «بأنّ خبر الواحد إذا اقتضى عملاً ولم يوجد في الاَدلّة القاطعة مايدلّ عليه وجب ردّه» (3)، بل إنّ الشافعي وأصحابه وأكثر أهل الظاهر ، قد قطعوا بامتناع نسخ القران بالسُنّة المتواترة ، وبهذا صرّح أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه ، بل من قال بإمكان نسخ الكتاب بالسُنّة المتواترة منع وقوعه (4)، لذا لا تصحّ دعوى نسخ التلاوة مع بقاء الحكم أو بدونه ، حتّى لو ادّعي التواتر في أخبار النسخ ، فضلاً عن كونها أخبار آحاد ضعيفة الاسناد واهية المتن كما تقدّم .
4 ـ أنكر بعض المعتزلة وعامة علماء الاِمامية وأعلامهم الضربين
____________
(1) الموافقات للشاطبي 3 : 106 .
(2) مباحث في علوم القرآن : 237 .
(3) إظهار الحق 2 : 90 .
(4) الاحكام للآمدي 3 : 139 ، أُصول السرخسي 2 : 67 .

--------------------------------------------------------------------------------


الاَخيرين من النسخ واعتبروهما نفس القول بالتحريف ، وكذا أنكرهما أغلب علماء ومحققي أهل السنة المتقدمين منهم والمتأخرين ، وحكى القاضي أبو بكر في (الانتصار) عن قومٍ انكار الضرب الثاني منه (1)، وأنكره أيضاً ابن ظفر في كتاب (الينبوع) (2)، ونُقِل عن أبي مسلم «أنّ نسخ التلاوة ممنوع شرعاً» (3) وفيما يلي بعض أقوال محققي أهل السنة في ابطال القول بنسخ التلاوة :
1 ـ قال الخضري : «أنا لا أفهم معنى لآيةٍ أنزلها الله تعالى لتفيد حكماً ثمّ يرفعها مع بقاء حكمها ؛ لاَنّ القرآن يقصد منه إفادة الحكم والاعجاز معاً بنظمه ، فما هي المصلحة في رفع آية مع بقاء حكمها ؟ إنّ ذلك غير مفهوم ، وقد أرى أنّه ليس هناك مايدعو إلى القول به» (4).
2 ـ وقال الدكتور صبحي الصالح : «أمّا الجرأة العجيبة ففي الضربين الثاني والثالث اللذين نسخت فيهما بزعمهم آيات معينة ، إمّا مع نسخ أحكامها وإمّا دون نسخ أحكامها ، والناظر في صنيعهم هذا سرعان ما يكتشف فيه خطأً مركباً ، فتقسيم المسائل إلى أضرب إنّما يصلح إذا كان لكلّ ضربٍ شواهد كثيرةٍ أو كافيةٍ على الاَقل ليتيسّر استنباط قاعدةٍ منها ، وما لعشّاق النسخ إلاّ شاهدٌ أو اثنان على كلّ من هذين الضربين ، وجميع ماذكروه منها أخبار آحاد ، ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار
____________
(1) البرهان في علوم القرآن 2 : 47 .
(2) البرهان في علوم القرآن 2 : 43 .
(3) مناهل العرفان 2 : 112 .
(4) التحقيق في نفي التحريف : 279 ، صيانة القرآن من التحريف : 30 .

--------------------------------------------------------------------------------


آحاد لا حجّة فيها» (1)
3 ـ وقال الدكتور مصطفى زيد : «ومن ثمّ يبقى منسوخ التلاوة باقي الحكم مجرّد فرض لم يتحقّق في واقعةٍ واحدةٍ ، ولهذا نرفضه ، ونرى أنّه غير معقولٍ ولا مقبول» (2).
4 ـ وقال عبد الرحمن الجزيري : «إنّ الاَخبار التي جاء فيها ذكر كلمةٍ (من كتاب الله) على أنّها كانت فيه ونسخت في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهذه لا يُطلق عليها أنّها قرآن ، ولا تُعطى حكم القرآن باتّفاق ، ثمّ ينظر إنّ كان يمكن تأويلها بما يخرجها عن كونها قرآناً ، فإنّ الاِخبار بها يعطي حكم الحديث ، وإن لم يمكن تأويلها فالذي أعتقده أنّها لا تصلح للدلالة على حكم شرعي ؛ لاَنّ دلالتها موقوفةٌ على ثبوت صيغتها . وصيغتها يصحّ نفيها باتّفاقٍ ، فكيف يمكن الاستدلال بها ؟! فالخير كلّ الخير في ترك مثل هذه الروايات» (3)
5 ـ وقال ابن الخطيب : «أمّا مايدّعونه من نسخ تلاوة بعض الآيات مع بقاء حكمها ، فأمر لا يقبله إنسان يحترم نفسه ، ويقدّر ما وهبه الله تعالى من نعمة العقل ، إذ ماهي الحكمة من نسخ تلاوة آية مع بقاء حكمها ؟ ماالحكمة من صدور قانون واجب التنفيذ ورفع ألفاظ هذا القانون مع بقاء العمل بأحكامه ؟ ويستدلّون على باطلهم هذا بإيراد آيةٍ من هذا النوع يدّعون نسخها ، ويعلم الله تعالى أنّها ليست من القرآن ، ولو كانت لما
____________
(1) مباحث في علوم القرآن : 265 .
(2) فتح المنان : 229 .
(3) الفقه على المذاهب الاَربعة 4 : 260 .

--------------------------------------------------------------------------------


أغفلها الصحابة (رضوان الله عليهم) ولدونّها السلف الصالح في مصاحفهم»(1).
الطائفة الثانية : الروايات الدالّة على الخطأ واللحن والتغيير .
الاَُولى : روي عن عثمان أنّه قال : «إنّ في المصحف لحناً ، وستقيّمه العرب بألسنتها . فقيل له : ألا تغيره ؟ فقال : دعوه ، فإنّه لا يحلّ حراماً ، ولايحرّم حلالاً» (2).
حمل ابن أشتة اللحن الوارد في الحديث على الخطأ في اختيار ماهو أولى من الاَحرف السبعة ، وعلى أشياء خالف لفظُها رَسْمَها ، وهذا الحمل غير مستقيمٍ ، والاَولى منه هو ترك الرواية وتكذيبها وإنكارها ، كما فعل الداني والرازي والنيسابوري وابن الاَنباري والآلوسي والسخاوي والخازن والباقلاني وجماعة آخرين (3)، حيثُ صرّحوا أنّ هذه الرواية لايصحّ بها دليل ولا تقوم بمثلها حجّة ؛ لاَنّ إسنادها ضعيف ، وفيه اضطراب وانقطاع وتخليط ، ولاَنّ المصحف منقولٌ بالتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يمكن ثبوت اللحن فيه ، ثمّ إنّ مابين الدفّتين هو كلام الله بإجماع المسلمين ، ولا يجوز أن يكون كلام الله لحناً وغلطاً ، وقد ذهب عامّة الصحابة وسائر علماء الاَُمّة من بعدهم إلى أنّه لفظ صحيح ليس فيه أدنى خطأ من كاتبٍ ولا من غيره ، واستدلّوا أيضاً على إنكار هذه الرواية
____________
(1) الفرقان : 157 .
(2) الاتقان 2 : 320 ، 321 .
(3) تاريخ القرآن الكردي : 65 ، التفسير الكبير 11 : 105 ، تفسير النيسابوري 6 : 23 المطبوع في هامش تفسير الطبري ، تفسير الخازن 1 : 422 .

--------------------------------------------------------------------------------


بقولهم : إنّ عثمان جعل للناس إماماً ، فكيف يرى فيه لحناً ويتركه لتقيّمه العرب بألسنتها ، أو يؤخّر شيئاً فاسداً ليصلحه غيره ؟! وإذا كان الذين تولوا جمعه وكتابته لم يقيّموا ذلك ـ وهم الخيار وأهل اللغة والفصاحة والقدرة على ذلك ـ فكيف يتركون في كتاب الله لحناً يصلحه غيرهم ! ثمّ إنّ عثمان لم يكتب مصحفاً واحداً بل كتب عدة مصاحف ، فلم تأتِ المصاحف مختلفة قطّ ، إلاّ فيما هو من وجوه القراءات والتلاوة دون الرسم ، وليس ذلك باللحن» (1).
والذي يهوّن الخطب في هذه الرواية ومثيلاتها الآتية أنّها برواية عكرمة مولى ابن عبّاس ، وكان من أعلام الضلال ودعاة السوء ، وكان يرى رأي الخوارج ، ويُضرب به المثل في الكذب والافتراء ، حتى قدح به الاَكابر وكذّبوه ، أمثال ابن عمر ومجاهد وعطاء وابن سيرين ومالك بن أنس والشافعي وسعيد بن المسيب ويحيى بن سعيد ، وحرّم مالك الرواية عنه، وأعرض عنه مسلم (2).
الثانية : روي عن ابن عباس في قوله تعالى : ( حَتّى تَسْتَأنِسُوا وتُسلّموا ). (النور24:27) قال : «إنّما هو (حتّى تستأذنوا) ، وأنّ الاَوّل خطأٌ من الكاتب»(3)، والمراد بالاستئناس هنا الاستعلام ، أي حتى تستعلموا من في البيت ، فهذه الرواية مكذوبةٌ على ابن عباس ولا تصحّ عنه ؛ لاَنّ مصاحف الاِسلام كلّها قد ثبت فيها (حتى تَسْتَأنِسُوا) وصحّ الاِجماع فيها
____________
(1) روح المعاني 6 : 13 .
(2) أُنظر وفيات الاعيان 1 : 319 ، ميزان الاعتدال 3 : 93 ، المغني في الضعفاء 2 : 84 ، الضعفاء الكبير 3 : 373 ، طبقات ابن سعد 5 : 287 ، تهذيب الكمال 7 : 263 .
(3) الاتقان 2 : 327 ، لباب التأويل 3 : 324 ، فتح الباري 11 : 7 .

--------------------------------------------------------------------------------
  #68  
قديم 18-07-2002, 09:36 AM
FATIMA..2 FATIMA..2 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 35
إفتراضي

منذ عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإلى الآن ، فلا يعوّل على مثل هذه الرواية ، قال الرازي : «إعلم أنّ هذا القول من ابن عبّاس فيه نظر ؛ لاَنّه يقتضي الطعن في القرآن الذي نُقِل بالتواتر ، ويقتضي صحّة القرآن الذي لم يُنْقَل بالتواتر ، وفَتح هذين البابين يطرق الشكّ في كلِّ القرآن ، وإنّه باطل» (1).
وقال أبو حيان : «من روى عن ابن عبّاس أنّ قوله تعالى : ( حَتّى تَسْتَأنِسوا ) خطأ أو وهمٌ من الكاتب ، وأنّه قرأ (حتى تَسْتَأذِنُوا) فهو كافرٌ في الاِسلام ، مُلْحِدٌ في الدين ، وابن عباس بريءٌ من هذا القول (2).
الثالثة : روى عروة بن الزبير عن عائشة : أنّه سألها عن قوله تعالى : ( لكن الراسخون في العلم )( النساء4: 62 ) : ثمّ قال ( والمقيمين ) ، وفي المائدة : ( إنّ الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون )، و ( المائدة5: 69) ( إنّ هذان لساحران ) (طه20: 63) فقالت يابن أُختي ، هذا عمل الكُتّاب ، أخطأوا في الكتاب (3).
أمّا قوله تعالى : ( و المقيمين ) فانّه على العطف يكون (والمقيمون) كما في قراءة الحسن ومالك بن دينار ، والذي في المصاحف وقراءة أُبيّ والجمهور ( والمقيمين ) قال سيبويه : «نُصِب على المدح ، أي وأعني المقيمين» وذكر له شواهد وأمثلة من كلام العرب (4).
قال الآلوسي : «ولا يُلْتَفَت إلى من زعم أنّ هذا من لحن القرآن ، وأنّ
____________
(1) التفسير الكبير 23 : 196 .
(2) البحر المحيط 6 : 445 .
(3) الاتقان 2 : 320 .
(4) الكتاب 1 : 288 ـ 291 .

--------------------------------------------------------------------------------


الصواب (والمقيمون) بالواو.. إذ لا كلام في نقل النظم متواتراً ، فلا يجوز اللحن فيه أصلاً» (1).
وأمّا قوله تعالى : ( والصابئون )بالرفع فهو معطوفٌ على محلّ اسم إنّ.
قال الفراء : «ويجوز ذلك إذا كان الاسم ممّا لم يتبيّن فيه الاِعراب ، كالمضمر والموصول ، ومنه قول الشاعر :


فمن يكُ أمسى بالمدينة رحله * فإنّي وقيارٌ بها لغريبَ


برفع (قيار) عطفاً على محلّ ياء المتكلّم» (2)وقد أجاز الكوفيون والبصريون الرفع في الآية واستدلّوا بنظائر من كلام العرب .
وقال صاحب المنار : «قد تجرأ بعض أعداء الاِسلام على دعوى وجود الغلط النحوي في القرآن ، وعدّ رفع (الصابئين) هنا من هذا الغلط ، وهذا جمعٌ بين السخف والجهل ، وإنّما جاءت هذه الجرأة من الظاهر المتبادر من قواعد النحو ، مع جهل أو تجاهل أنّ النحو استنبط من اللغة ، ولم تستنبط اللغة منه» (3).
وأمّا قوله تعالى : ( إنّ هَذانِ لَسَاحِرانِ ) فإنّ القراءة التي عليها جمهور المسلمين هي تخفيف إن المكسورة الهمزة ، فتكون مخففةٌ من الثقيلة غير عاملةٍ ، ورفع (هذان) .

____________
(1) روح المعاني 6 : 13 .
(2) معاني القرآن 1 : 310 ، مجمع البيان 3 : 346 ، صيانة القرآن من التحريف : 183 .
(3) تفسير المنار 6 : 478 .

--------------------------------------------------------------------------------




قال الزمخشري : «إنّ هذان لساحران على قولك : إنّ زيد لمنطلق ، واللام هي الفارقة بين إن النافية والمخففة من الثقيلة» (1)، وعليه فلا إشكال في هذه الآية ، ولا لحن من الكُتّاب !
قال الرازي : «لما كان نقل هذه القراءة في الشهرة كنقل جميع القرآن ، فلو حكمنا ببطلانها جاز مثله في جميع القرآن ، وذلك يفضي إلى القدح في التواتر ، وإلى القدح في كلِّ القرآن ، وإنّه باطل» (2).
الرابعة : روي أنّ الحجاج بن يوسف غيّر في المصحف اثني عشر موضعاً ، منها :
1 ـ كانت في سورة البقرة2: 59 (لم يَتَسَنَّ) فغيّرها ( لم يَتَسَنَّه ) بالهاء.
2 ـ وكانت في سورة المائدة 4: 48(شريعةً ومنهاجاً) فغيّرها ( شِرعةً ومنهاجاً ) .
3 ـ وكانت في سورة يونس 10: 22(هو الذي ينشركم) فغيّرها ( هو الذي يسيّركم ) (3).

وهذه الاَمثلة ، وسواها منقولةٌ من (مصاحف السجستاني) برواية عباد ابن صهيب (4)، وعباد متروك الحديث لدى أئمّة الحديث والجرح
____________
(1) الكشاف 3 : 72 .
(2) التفسير الكبير 22 : 75 .
(3) الفرقان : 50 .
(4) المصاحف : 49 .

--------------------------------------------------------------------------------


والتعديل ، ومغموزٌ فيه بالكذب والاختلاق (1).
قال السيد الخوئي : «هذه الدعوى تشبه هذيان المحمومين وخرافات المجانين والاَطفال ، فإنّ الحجّاج واحدٌ من ولاة بني أُمية ، وهو أقصر باعاً وأصغر قدراً من أن ينال القرآن بشيءٍ ، بل هو أعجز من أن يغيّر شيئاً من الفروع الاِسلامية ، فكيف يغير ماهو أساس الدين وقوام الشريعة ؟! ومن أين له القدرة والنفوذ في جميع ممالك الاِسلام وغيرها مع انتشار القرآن فيها ؟ وكيف لم يذكر هذا الخطب العظيم مؤرخ في تاريخه ، ولا ناقد في نقده مع مافيه من الاَهمية ، وكثرة الدواعي إلى نقله ؟ وكيف لم يتعرض لنقله واحد من المسلمين في وقته ؟ وكيف أغضى المسلمون عن هذا العمل بعد انقضاء عهد الحجاج وانتهاء سلطته ؟ وهب أنّه تمكّن من جمع نسخ المصاحف جميعها ، ولم تشذّ عن قدرته نسخةٌ واحدةٌ من أقطار المسلمين المتباعدة ، فهل تمكّن من إزالته عن صدور المسلمين وقلوب حفظة القرآن وعددهم في ذلك الوقت لا يحصيه إلاّ الله» (2)، وقد بيّنا في أدلّة نفي التحريف أنّ خلفاء الصدر الاَول لم يجرأوا على حذف حرفٍ منه ، وقد بلغ من دقّة وتحرّي المسلمين أن يهدّدوا برفع السيف في وجه من يُقدِم على ذلك ، فكيف يتمكّن الحجّاج بعد اشتهار القرآن وتعدّد نسخه وحفّاظه أن يغيّر اثني عشر موضعاً من كتاب الله على مرأى ومسمع جمهور المسلمين ومصاحفهم ؟!

الطائفة الثالثة : الروايات الدالّة على الزيادة .

____________
(1) أُنظر المغني 2 : 326 | 3037 .
(2) البيان في تفسير القرآن : 219 .

--------------------------------------------------------------------------------


1 ـ روي عن عبدالرحمن بن يزيد أنّه قال : «كان عبدالله بن مسعود يحكّ المعوذتين من مصحفه ، ويقول : إنّهما ليستا من كتاب الله» (1).
2 ـ وروي عن عبدالله بن مسعود أنّه لم يكتب الفاتحة في مصحفه ، وكذلك أُبي بن كعب (2). تقدّم في معنى التحريف أنّ التحريف بالزيادة في القرآن مجمعٌ على بطلانه ، لاَنّه يفضي إلى التشكيك في كتاب الله المتواتر يقيناً كلمةً كلمةً وحرفاً حرفاً ، ومن ينكر شيئاً من القرآن فإنّه يخرج عن الدين ، والنقل عن ابن مسعود غير صحيحٍ ، ومخالفٌ لما أجمع عليه المسلمون منذ عهد الرسالة وإلى اليوم من أنّ الفاتحة والمعوذتين من القرآن العزيز .

والرأي السائد بين العلماء في هاتين الروايتين هو إنكار نسبتهما إلى ابن مسعود، وقالوا: «إن النقل عنه باطل ومكذوب عليه» كما صرّح به الرازي وابن حزم والنووي والقاضي أبو بكر والباقلاني وابن عبد الشكور وابن المرتضى وغيرهم (3)، وقال الباقلاني : «إنّ الرواية شاذّة ومولّدة» (4) واستدلّوا على الوضع في هاتين الروايتين بما روي من قراءة عاصم عن زرّ ابن حبيش عن عبدالله بن مسعود ، وفيها الفاتحة والمعوذتين ، فلو كان
____________
(1) مسند أحمد 5 : 129 ، الآثار 1 : 33 ، التفسير الكبير 1 : 213 ، مناهل العرفان 1 : 268 ، الفقه على المذاهب الاَربعة 4 : 258 ، مجمع الزوائد 7 : 149 .
(2) الجامع لاحكام القرآن 20 : 251 ، الفهرست لابن النديم : 29 ، المحاضرات 2 : 4 | 434 ، البحر الزخّار 249 .
(3) التفسير الكبير 1 : 213 ، فواتح الرحموت بهامش المستصفى 2 : 9 ، الاتقان 1 : 79 ، البحر الزخّار 2 : 249 ، المحلّى 1 : 13 .
(4) اعجاز القرآن بهامش الاتقان 2 : 194 .

--------------------------------------------------------------------------------

ينكر كون هذه السور من القرآن ، لما قرأهما لزر بن حبيش، وطريق القراءة صحيح عند العلماء (1).
وقيل : إنّ ابن مسعود أسقط المعوذتين من مصحفه إنكاراً لكتابتهما ، لا جحداً لكونها قرآناً يُتلى ، أو لاَنّه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعوّذ بهما الحسن والحسين عليهما السلام ، فظنّ أنّهما ليستا من القرآن ، فلمّا تبيّن له قرآنيتهما بعدُ ، وتمَّ التواتر ، وانعقد الاجماع على ذلك ، كان في مقدمة من آمن بأنّهما من القرآن فقرأهما لزرّ بن حبيش ، وأخذهما عاصم عن زرّ (2).

____________
(1) أُنظر البرهان للزركشي 2 : 128 ، شرح الشفاء للقاري 2 : 315 ، فواتح الرحموت 2 : 9 ، مناهل العرفان 1 : 269 ، المحلى 1 : 13 .
(2) شرح الشفاء 2 : 315 ، مناهل العرفان 1 : 269 .
  #69  
قديم 18-07-2002, 09:42 AM
FATIMA..2 FATIMA..2 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 35
إفتراضي

أعلم بأن الهروب أسهل وسيله لكم من أن تطلعوا على ما وضعت

فلو أنكم شجعان حقاً لقرأتم جميع ما وضعت كلمة كلمة و كلفتم أنفسكم عناء البحث عنها في جميع المصادر المرفقه لكن الهرب و المراوغة هو ديدنكم فهنيأً لكم ذلك يا شيعة آل سفيان
  #70  
قديم 18-07-2002, 09:47 AM
FATIMA..2 FATIMA..2 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 35
إفتراضي

جمع القرآن



مراحل جمع القرآن :
المتحصّل من جميع الروايات الواردة في جمع القرآن أنّ مراحل الجمع ثلاث :
الاَُولى :بحضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حفظاً وكتابةً، حيثُ حُفِظ في الصدور، وكُتِب على السطور في قراطيس وألواح من الرقاع والعسب واللخاف والاكتاف وغيرها . أخرج الحاكم بسند صحيح على شرط الشيخين، عن زيد بن ثابت، قال : «كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نؤلّف ـ أي : نكتب ـ القرآن من الرقاع» (1)
الثانية : على عهد أبي بكر ، وذلك بانتساخه من العسب والرقاع وصدور الرجال وجعله في مصحفٍ واحد .
الثالثة : ترتيب السور على عهد عثمان بن عفّان ، وحمل الناس على قراءة واحدة ، وكتب منه عدّة مصاحف أرسلها إلى الاَمصار ، وأحرق باقي المصاحف .

____________
(1) المستدرك 2 : 611 .

--------------------------------------------------------------------------------



جمع القرآن وشبهة التحريف
إنّ موضوع جمع القرآن من الموضوعات التي أُثيرت حولها الشبهات ، ودُسَّت فيها الروايات ، وتذرّع بها القائلون بالتحريف فزعموا أنّ في القرآن تحريفاً وتغييراً ، وأنّ كيفية جمعه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستلزمةٌ في العادة لوقوع هذا التحريف والتغيير فيه ، حيثُ إنّ العادة تقتضي فوات شيءٍ منه على المتصدّي لذلك إذا كان غير معصوم .
قال الرافعي : «ذهب جماعة من أهل الكلام ممّن لا صناعة لهم إلاّ الظنّ والتأويل واستخراج الاَساليب الجدلية من كلِّ حكمٍ ومن كلِّ قول إلى جواز أن يكون قد سقط عنهم من القرآن شيءٌ حملاً على ماوصفوه من كيفية جمعه» (1).
إنّ امتداد زمان جمع القرآن إلى مابعد حروب اليمامة ، كما نطقت به الروايات ، وتضارب الاَخبار الواصفة لطريقة جمعه ، أثارا الشبهة لدى الكثيرين ، فعن الثوري أنّه قال : «بلغنا أنّ أُناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يقرأون القرآن ، أُصيبوا يوم مسيلمة ، فذهبت حروف من القرآن» (2).
إنّ حقيقة جمع القرآن في عهد الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم تُعدّ من الحقائق التاريخية الناصعة ، التي لا تحتاج إلى مزيد من البحث والاستقصاء وإثارة الشبهات ، وتعدّ أيضاً ضرورةً ثابتةً تاريخياً دامغةً لكلّ الاَقاويل والشبهات، ولكل مادُسّ من الاَخبار والروايات حول هذه المسألة .

____________
(1) اعجاز القرآن : 41 .
(2) الدر المنثور 5 : 179 .

--------------------------------------------------------------------------------



أدلّة جمع القرآن في زمان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم




أجمع علماء الاِمامية على أنّ القرآن كان مجموعاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنّه صلى الله عليه وآله وسلم لم يترك دنياه إلى آخرته إلاّ بعد أن عارض مافي صدره بما في صدور الحفظة الذين كانوا كثرة ، وبما في مصاحف الذين جمعوا القرآن في عهده صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد اعتُبِر ذلك بحكم ما علم ضرورة ، ويوافقهم عليه جمعٌ كبيرٌ من علماء أهل السنة، وجميع الشواهد والاَدلة والروايات قائمةٌ على ذلك ، واليك بعضها :
1 ـ اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة بحفظ القرآن وتعليمه وقراءته وتلاوة آياته بمجرد نزولها ، وممّا روي من الحثّ على حفظه ، قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « من قرأ القرآن حتى يستظهره ويحفظه ، أدخله الله الجنّة ، وشفّعه في عشرة من أهل بيته كلّهم قد وجبت لهم النار » (1)وفي هذا المعنى وحول تعليم القرآن أحاديث لا تحصى كثرة ، فعن عبادة بن الصامت قال : «كان الرجل إذا هاجره دفعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى رجلٍ منّا يعلّمه القرآن ، وكان لمسجد رسول الله ضجّة بتلاوة القرآن حتى أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يخفضوا أصواتهم لئلا يتغالطوا» (2).
وقد ازداد عدد حُفّاظ القرآن بشكل ملحوظ لتوفر الدواعي لحفظه ،
____________
(1) مجمع البيان 1 : 85 .
(2) مناهل العرفان 1 : 234 ، مسند أحمد 5 : 324 ، تاريخ القرآن للصغير : 80 ، مباحث في علوم القرآن : 121 ، حياة الصحابة 3 : 260 ، مستدرك الحاكم 3 : 356 .

--------------------------------------------------------------------------------



ولما فيه من الحثّ من لدن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والاَجر والثواب الذي يستحقّه الحافظ عند الله تعالى ، والمنزلة الكبيرة والمكانة المرموقة التي يتمتّع بها بين الناس ، وحسبك ما يقال عن كثرتهم على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبعد عهده أن قُتِل منهم سبعون في غزوة بئر معونة خلال حياته صلى الله عليه وآله وسلم ، وقُتل أربعمائة ـ وقيل : سبعمائة ـ منهم في حروب اليمامة عقيب وفاته صلى الله عليه وآله وسلم ، وحسبك من كثرتهم أيضاً أنّه كان منهم سيّدة ، وهي أمُّ ورقة بنت عبدالله ابن الحارث ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزورها ويسمّيها الشهيدة ، وقد أمرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تؤمّ أهل دارها (1).
أمّا حفظ بعض السور فقد كان مشهوراً ورائجاً بين المسلمين ، وكلّ قطعةٍ كان يحفظها جماعة كبيرة أقلّهم بالغون حدّ التواتر ، وقلّ أن يخلو من ذلك رجلٌ أو أمرأةٌ منهم ، وقد اشتدّ اهتمامهم بالحفظ حتى إنّ المسلمة قد تجعل مهرها تعليم سورة من القرآن أو أكثر .
2 ـ لا يرتاب أحدٌ أنّه كان من حول الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم كُتّاب يكتبون ما يملي عليهم من لسان الوحي ، وكان صلى الله عليه وآله وسلم قد رتّبهم لذلك ، روى الحاكم بسندٍ صحيح عن زيد بن ثابت ، قال : «كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نؤلّف القرآن من الرقاع» (2).
وقد نصّ المؤرخون على أسماء كُتّاب الوحي ، وأنهاهم البعض إلى اثنين وأربعين رجلاً ، وكان صلى الله عليه وآله وسلم كلّما نزل شيءٌ من القرآن أمر بكتابته لساعته ، روى البراء : أنّه عند نزول قوله تعالى : ( لا يستوي القاعدون من
____________
(1) الاتقان 1 : 250 .
(2) المستدرك 2 : 611 .

--------------------------------------------------------------------------------



المؤمنين (النساء4: 95) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ادعُ لي زيداً ، وقُل يجيء بالكتف والدواة واللّوح ، ثمّ قال : اكتب ( لا يستوي...) » (1).
وكان صلى الله عليه وآله وسلم يشرف بنفسه مباشرة على ما يُكْتَب ويراقبه ويصحّحه بمجرد نزول الوحي ، روي عن زيد بن ثابت قال : «كنتُ أكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان إذا نزل عليه الوحي أخَذَتْهُ برحاء شديدة... فكنت أدخل عليه بقطعة الكتف أو كسرة ، فأكتب وهو يُملي عليّ ، فإذا فرغت قال : « اقرأه »، فأقرؤه، فإن كان فيه سقط أقامه ، ثمّ أخرج إلى الناس»(2).
أمّا في مفرّقات الآيات فقد روي عن ابن عباس ، قال : «إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا نزل عليه الشيء دعا من كان يكتب فيقول : ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا» (3)وذلك منتهى الدقّة والضبط والكمال .
3 ـ روي في أحاديث صحيحة «أنّ جبرئيل كان يعارض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القرآن في شهر رمضان، في كلِّ عامٍ مرّة، وأنّه عارضه عام وفاته مرّتين» (4) وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعرض ما في صدره على مافي صدور الحفظة الذين كانوا كثرة ، وكان أصحاب المصاحف منهم يعرضون القرآن
____________
(1) كنز العمال 2 : حديث 4340 .
(2) مجمع الزوائد 1 : 152 .
(3) المستدرك 2 : 222 ، الجامع الصحيح للترمذي 5 : 272 ، تاريخ اليعقوبي 2 : 43 ، البرهان للزركشي 1 : 304 ، مسند أحمد 1 : 57 و 69 ، تفسير القرطبي 1 : 60 .
(4) كنز العمال 12 : حديث 34214 ، مجمع الزوائد 9 : 23 ، صحيح البخاري 6 : 319 .

--------------------------------------------------------------------------------


على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فعن الذهبي: «أنّ الذين عرضوا القرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبعة: عثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، وعبدالله بن مسعود ، وأُبي ابن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبو موسى الاَشعري ، وأبو الدرداء» (1).
وعن ابن قتيبة : «أنّ العرضة الاَخيرة كانت على مصحف زيد بن ثابت»(2)، وفي رواية ابن عبدالبرّ عن أبي ظبيان : «أنّ العرضة الأخيرة كانت على مصحف عبدالله بن مسعود» (3).
4 ـ وفي عديد من الروايات أنّ الصحابة كانوا يختمون القرآن من أوله إلى آخره ، وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد شرّع لهم أحكاماً في ذلك ، وكان يحثّهم على ختمه ، فقد روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : « إنّ لصاحب القرآن عند كلِّ ختم دعوةً مستجابةٍ » (4). وعنه صلى الله عليه وآله وسلم قال : « من قرأ القرآن في سبعٍ فذلك عمل المقربين ، ومن قرأه في خمسٍ فذلك عمل الصدّيقين » (5). وعنه صلى الله عليه وآله وسلم قال : « من شهد فاتحة الكتاب حين يستفتح كان كمن شهد فتحاً في سبيل الله ، ومن شهد خاتمته حين يختمه كان كمن شهد الغنائم»(6).
ومعنى ذلك أنّ القرآن كان مجموعاً معروفاً أوّله من آخره على عهد
____________
(1) البرهان للزركشي 1 : 306 .
(2) المعارف : 260 .
(3) الاستيعاب 3 : 992 .
(4) كنز العمال 1 : 513حديث 2280 .
(5) كنز العمال 1 : 538حديث 2417 .
(6) كنز العمال 1 : 524حديث 2430 .

--------------------------------------------------------------------------------
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م