مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #61  
قديم 18-02-2004, 04:03 PM
المشرقي الإسلامي المشرقي الإسلامي غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 637
إفتراضي

إلى نازك
"هذه القصيدة إهداءٌ إلى الشاعرة العراقية نازك الملائكة صاحبة قصيدة بعنوان"مرثية يوم تافه" والتي ترثي فيها يوماً واحداً مر من عمرها بغير فائدة"
أنازك يوماً واحداً يُرثى؟
تعالي اليوم وارثي كل أيامي
روحي تردت في أحلام مملكة
ضاعت عليها أوراقي وأقلامي
الحب والخير والأخلاق يملؤها
فالحب والخير والأخلاق أوهامي
أنازك إثماً واحداً يُبكى؟
تعالي اليوم وابكي كل آثامي
أني ظننت الأرض مدرسة
فيها أحقق كل أحلامي
الأرض سجنٌ حولي يُحاصرني
ويأتيني بأحكام ٍلإعدامي
الأرض أحسبني فيها لأغنية ً
فإذاها حقل كل ألغامي
واليأس ما زال في عمري يراودني
ليزيد في الإظلام إظلامي
أنازك نغماً واحداً يُبكى؟
واليوم ضاعت كل أنغامي
آماليَ اليوم في الدنيا محطمةٌ
وأفراحي مقيدة فيْ آلامي
آسري في الدنيا بلا هدفٍ
وأحيا كقطعان أغنام ِ؟
اليوم ما شعري وما فني وما
إبداعي وما يعنيه إلهامي؟
واليوم ما مالي ما علمي وما عملي؟
صفرٌ في بحرأرقام ِ
أحقاً سارت في الظلمات أ لوية
وامتلأت أشجارٌ بأنسام ِ؟
إني سئمت وصار العمر مشنقة ً
فأين الخطو وأين تسير أقدامي؟
* * *
المشرقي الإسلامي أحمد محمد راشد
27-11-2003
3-10-1424
__________________
هذا هو رأيي الشخصي الخاص المتواضع، وسبحان من تفرّد بالكمال
الرد مع إقتباس
  #62  
قديم 23-02-2004, 07:43 AM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

أريد أن أعرف

- هيا يا نورة اسرعي سنتاخر..
صاح فهد مناديا نورة..
- حسنا.. ثوان قليلة وتجهز الحقائب يا عزيزي..
اطل عليها من باب الحجرة وقال مبتسما: هيا قبل ان تطير عنا الطائرة.. فلا نذهب بشهر عسل ولا بصل حتى..
ضحكت نورة وقالت:
- ان طارت عنا الطائرة ذهبنا بالرحلة الاخرى.. الموضوع بغاية البساطة.. الا انكم يا معشر الرجال تعشقون تعقيد الامور.. بل بمعنى اصح.. تنتهزون الفرص ..
قال فهد بلكنة ذات معنى:
- هل انا مثل بقية الرجال ؟؟
اتم جملته وغمز لنوره التي احمر وجهها فقالت:
- لا بالطبع .. انت مختلف..لذا انا احبك..
قال فهد:
- ماذا؟لم اسمع .. ماذا قلت؟
- قلت انك مختلف ..
- لا لا.. لا اقصد هذا.. بل ما تلت ( انت مختلف ) ..
- فهد كفى..لم اقل شيء !!
اجاب باصرار: لا بل قلت.. اعيديها ارجوك.. هيا يا نورة.. اخبريني ماذا قلت!
اخفضت راسها وتظاهرت بالانشغال بترتب الملابس وقالت هامسة:
- احبك
اقبل عليها بسرعة وجلس امامها وقال:
- اعيديها.. هيا ارجوك.. تريد اذني ان تسمعها..فما اعذبها من شفاهك.. بل ما امتع ناظري وانا اراك تنطقيها.. هيا يا نورة.. اتستكثرين علي كلمة بسيطة كهذه؟؟اتريدينني ان اطلب عطفك وامتنانك حتى تقوليها لي؟؟
نظر اليها املا..فرفعت راسها وقالت برقه: احبــك ..
اغمض فهد عينيه وتنفس بعمق قائلا:
- وانا احبك..احبك..احبك.. وحتى مماتي ساظل احبك..
نهرته نوره بقولها:
- فهد.. ويحك.. لاتنطق الموت بلسانك..حفظك الله لي..
غمز لها فهد وقال:
- اتخافين علي؟
اجابته نورة:
- اخاف عليك؟ اهذا سؤال؟ بالطبع اخاف عليك.. بل انا اخاف عليك اكثر مما اخاف على نفسي.. انت زوجي.. خليل روحي.. وبالمستقبل ان شاء الله..والد اطفالي.. انت يا فهد الان كل شيء بحياتي.. انت تعلم اننا سننتقل للعيش في مدينة اخرى..وليس لدي احد من اهلي سواك..
فهد..بغض النظر عن اي شيء..انت حبيب الطفولة..رفيق القلب وخليل الروح.. فلا تسالني يوما عن غلاك بقلبي..او معزتك بفؤادي.. لاني مهما حاولت التعبير.. فلن استطيع التعبير لك عما يدور في نفسي.. احبك يا فهد.. اقسم لك اني احبك..

امسك فهد بيديها بين يديه..وقربها الى شفتيه..قبلها برفق وقال:
- احبك يا نورة .. ولا عدمتك ان شاء الله.. ساحاول ان اكون لك نعم الزوج.. ولابنائنا في المستقبل نعم الاب.. ولا تخافي من العيش بعيدا عن اهلنا.. ساحاول ان اعوضك عن كل شيء..ساكون لك الاب والاخ والاخت والصديق والزوج والحبيب.. لن ادعك تشعرين بالوحدة..
نوره.. ان كنت تحبيني مرة.. فانا احبك الف مرة..احبك يا نورة كما لم احب احد من قبل.. وكما انا حبيب طفولتك..فانت بقلبي منذ نعومة اظافري.. كنت تشغلين القلب والفكر والروح منذ رايتك..وعلمت انك ابنة عمي..
احبك يا نورة واحب كل ما فيك.. والحمد لله انك اصبحت من نصيبي.. لاني بصراحة..كنت ساموت لو انك تزوجت غيري.. بل اني كنت ساقتله!! فبدل ان اعيش معك.. اعيش مع المجرمين في زنزانة واحدة..

ضحك فهد ونظر الى نورة فوجدها مخفضة الراس تنحدر دموعها على وجنتيها.. قال لها فزعا:
- نورة.. ما بك يا حبيبتي؟؟ لم تبكين؟؟
رفع ذقنها بيديه برفق وقال:
- حبيبتي نورة.. صارحيني ما يحزنك.. هل اغضبتك بكلمة قلتها؟؟
قالت مغالبة دموعها:
- لا يا فهد.. بالعكس.. لم تغضبني يوما.. ولم تفعل الان.. الا ان الموضوع..
سكتت قليلا ثم اردفت:
- انا لم اعتد الابتعاد عن امي يا فهد.. بعدي عنها يقتلني.. يعذبني..
اقسم اني لا اطيق الابتعاد عنها.. ولا عن روز..ولا عن اخوتي ايضا.. حتى مدينتنا.. لا اطيق الابتعاد عنها.. كيف لي ان اتنفس هواء ليس بهوائها؟؟ وانا لم اغادرها يوما ولا حتى للسياحة؟ كيف لي ان ارى نورا غير النور الذي يشرق على ارضها؟ وانا لم تر عيناي سوى نورها؟
كيف ساعيش بعيدا عن كل احبابي؟؟ عن كل اصحابي؟ عن اهلي.. اخوتي.. عن روز..عن امي؟؟
امي يا فهد!! لا ادري كيف ساتركها.. كيف ساصبح في الصباح دون ان اقبلها واقول لها (صباح الخير يا امي) ؟ كيف يقبل الليل.. دون ان اقبل كفها فاتمنى لها ليلة هانئة؟
لم افارق امي ابدا يا فهد .. فكيف لي ان افارقها الان.. وبعد ان اصبحت في هذا العمر.. لا ادري يا فهد لا ادري..
ضمها فهد اليه وقال وهو يمسح على شعرها:
- نورة.. حبيبتي.. لا تبك.. انا زوجك.. ولن اتركك ابدا.. ساحاول ان اعوضك عن كل شيء.. واعدك يا حبيبتي اني باقرب فرصة ساحاول ان اجد فرصة عمل في مدينتنا هنا.. حتى انا يا نورة لا اطيق الابتعاد عن روز وسعود..ولا عن خالتي وابناء عمي.. ولكن ماذا نفعل؟ انترك مستقبلنا يضيع؟؟ بالطبع لا..نمسك بخيط المستقبل..ثم نبحث عن البديل..
نورة.. لا استطيع ان اعيش بدونك.. لذا تزوجتك قبل ان اسافر.. لاني اعلم انك ستعوضينني عن كل الدنيا..انت بعيني يا حبيبتي كل شيء.. كل شيء..
وانا ايضا سافتقد خالتي هدى.. فهي بمثابة الام لي بعد امي رحمها الله... نورة.. ساكون دوما بقربك.. فلا تتركيني وتدعيني للايام تتلاطم امواجها بي كيفما شاءت.. فانا وفي غربتي.. احتاجك قربي.. تشدين من ازري.. فلا تتخلين عني ارجوك يا حبيبتي..
مسحت نورة دموعها وقالت :
فهد حبيبي.. لن اتركك ما حييت.. ستظل يدي ممسكة بيدك حتى تقبض روحك.. ساظل بقربك..ولن اتركك.. اعدك اني لن اتركك.. انت روحي يا فهد.. فكيف يترك المرء روحك؟؟
انت كل ما املك.. فاي عاقل سيفرط باغلى ما يملك؟؟
احبك يا فهد ولن اتخلى عنك ابدا.. ابدا يا فهد..
ابتسم لها فهد وقال:
- هيا يا حبيبتي.. دعينا نذهب للمطار.. قبل ان تقلع الطائرة بدوننا هيا..
- حسنا يا حبيبي..
انتهى العروسان من ترتيب حقائبهم.. وبعد ساعات قليلة..كانوا في الطائرة..

بعد ان خرجنا من غرفة الدكتورة حصة.. اتجهنا الى المخرج.. لنذهب الى المنزل.. وبعد ان استقرينا بالسيارة.. رايت ان فيصل اخذ الطريق المؤدي الى منزل خالتي فقلت له:
- فيصل لو سمحت.. اريد ان اذهب الى منزلي..
نظر الي وقال:
- وهل ساخذك الى بيت الجيران ؟ ساخذك الى بيتك بالطبع!!
اجبت بحنق:
- اقصد بيتي.. بيت والدي.. بيت اخوتي..
رد وبكل برود:
- اعلم.. ومن يسكن بيتك غير والدك واخوتك؟؟ بالطبع هم..
- فيصل !! انت ذاهب لبيت خالتي..لبيتكم.. انا اريد ان اذهب لبتي انا!!
رماني بنظرة قاسية وقال:
- اما عاد بيتنا هو بيتك؟ هل اصبح ذلك البيت الذي عشت فيه قرابة السنة فقط هو بيتك؟؟ انسيتي سنين عمرك التي قضيتيها فيه؟؟ هل مسحت من ذاكرتك كل ما مر بك فيه؟ كم انت جاحدة ناكرة للجميل..
الان بعد ان اصبح لك هذا البيت الفاخر.. نسيتي بيتك المتواضع البسيط..
سكت ثم اردف بغضب:
لا تخافي.. ساخذك لبيتك..
نظرت اليه بذهول ولم اعرف بماذا اجيبه..
رددت بعد ان ادركت الموقف وقلت:
فيصل ما بك؟ خذ هاتفك واضربني به!
التفت الي ونظر الي ساخرا فاردفت قائلة:
فيصل..ما بك هداك الله؟؟ لم اقصد ما قلته انت.. ولم افكر به ابدا.. فيصل بيتكم هو بيتي.. ولم اجد له بديلا ولن افعل.. الموضوع هو اني اريد ان انام في منزلي اليوم.. منزل اخوتي..عندي بعض الامور اود انجازها هناك.. فهل هذا عيب ام حرام؟؟
فيصل لم اخذت الموضوع بهذه الحساسية؟ الموضوع لا يستحق.. و على العموم انا اعتذر..
تنهد فيصل وقال:
لا تعتذري يا روز.. انا من يجب ان يعتذر.. انا اسف.. لا ادري ماذا دهاني.. فجاة أحسست اني فقدت السيطرة على اعصابي ولم اتمالك نفسي..
اه يا روز.. ولادة جولي خلطت علي الامور.. احس بان مسؤولية كبيرة وقعت على عاتقي..لا اعلم ان كنت استطيع تحملها ام لا..ويومي هذا.. اه كم كان صعبا هذا اليوم..
لذلك ارجوك اقبلي اعتذاري يا روز..
- لا باس عليك يا ابن عمي.. لا تهتم.. انسى الموضوع.. لم يحصل الا كل خير.. وانا اقدر ما مررت به اليوم.. فلا تشغل بالك..ولا تعتذر لان الموضوع لا يستحق..
وانت باذن الله ستتحمل هذه المسؤولية وستقوم بها على اكمل وجه.. فلا تحمل هما..
كان احمد نائما على حجري فعدلت راسه.. وبعد تردد كبير قلت: فيصل..
كان فيصل منشغلا بالنظر امامه فاصدر صوتا بمعنى نعم ..
قلت: عندما كنا بالمستشفى.. قبل ان تلد جولي..
- اجل
- قلت لي انك السبب..
نظر الي متسائلا..فقلت مجيبه عن التساؤل في عينيه: انك السبب في ولادة جولي المبكرة..
- اجل قلت ذلك..
- هل لي ان اسالك كيف حصل ذلك؟ ولماذا؟
- ايهمك ان تعرفي لان الموضوع يهمك؟ ام انه مجرد فضول انثوي؟؟
خجلت من نفسي ومن فضولي فقلت له: كما تريد.. ان احببت ان تقول لي .. فانا اريد ان اعرف..
- حسنا..ساقول لك.. الموضوع اني كنت اريد ان انام.. بينما هي لا تريد ذلك.. وكعادتكم ايها النساء..ظللت تنوح وتنتحب على امور سخيفة..ولاني كنت اريد النوم..نهضت من فراشي مغادرا الغرفة..وعندما وجدتها لا تريد الصمت.. اخذتها ودفعتها..وحصل ما حصل..
- اها..
لم اقتنع برده فاردفت:
ولكنك قلت لي انها تطاولت على روحك..
- روز.. قلت لك ما يهمك من الموضوع.. اما التفاصيل.. فهي تخصني وحدي..واعذريني انما لا دخل لاحد فيها..وخصوصا انت..
- انا اسفة..
- لا عليك ..
لم يتحدث احدنا حتى وصلنا الى المنزل.. هممت بالنزول فقال فيصل:
- روز هل ستاخذين احمد معك؟
- اجل.. هل تعتقد اني ساتركه وحده معك؟ حتى تقتله وانت نائم!
- حرام عليك.. لن اقتله..فقط سارميه من النافذة ان بكى..
- وتريدني ان ابقيه عندك؟لا شكرا دع اخي معي..حتى لا يقذف من الشباك..
ضحك فيصل ثم قال:
- كما تشائين..ولكني اعود واعرض عليك العرض ذاته.. دعيه عندك لتنعمي بنوم هانئ اليوم..
- لا شكرا.. اخي عندي اهم من اي نوم..
- وهل صدقت اني سارميه ؟؟
- لا لم اصدق.. لانك تعلم انك ان فعلت ..سترميك امي خلفه..
ضحك ثم قال: بهذه صدقت..على العموم.. تصبحين على خير..
- وانت من اهل الخير.. الى اللقاء..
هممت بالنزول الى اني التفت اليه وقلت:
فيصل انا لم اسالك..هل تحتاج شيئا؟ هل تريد ان اعد لك شيئا لتاكله؟؟انت لم تاكل شيئا منذ الصباح!
ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه وقال:
- اشكرك يا ابنة عمي.. لا اريد شيئا سوى النوم على فراشي.. هيا اذهبي ولا تشغلي بالك بي..
- امتاكد انت؟
- اجل..هيا اذهبي..الى اللقاء..
- الى اللقاء..
اغلقت باب السيارة واخرجت المفاتيح من حقيبتي..فتحت الباب ونظرت خلفي..حاولت ان انظر اليه..فوجدته ينظر الي..لوح الي.. فلوحت اليه بالمقابل.. ومن ثم.. اغلقت الباب.. واتجهت لغرفتي..


يتبع...
الرد مع إقتباس
  #63  
قديم 03-03-2004, 11:27 AM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

أخفتني!


وبعد دخولي المنزل.. نظر فيصل الى باب منزلنا.. ضرب بيده بقوة على المقود وقال:
- كم انا غبي.. كيف اضعتك من يدي..كيف؟ اه كم احبك.. احبك.. اقسم بالله اني احبك.. وكم اموت وانا اتظاهر بعكس ذلك..كم اتعذب وانا ادوس على قلبي النابض واعذبه بالصدود..كلما رايتك.. ا,د ان اضمك..ولكن كيف لي ذلك؟؟ وباي حق؟؟
اخبريني ماذا افعل وكيف اتصرف وابنتي اصبحت تشبهك لحد الخيال؟؟انت معي في كل لحظة..اراك في كل شيء..وحتى.. في وجه ابنتي.. اه يا روز .. ليتني لم اسافر..ليتني اكملت دراستي هنا.. فلا ابتعد عنك ولا لحظة واحدة..
ليت قدماي كسرت قبل ان اغادر البلاد..ليتني ليتني ليتني..
ولكن ما فائدة الندم الان؟؟ لا فائدة منه..لا فائدة..
اتم فيصل حديثه ووضع راسه على عجلة القيادة..

عندما وضعت احمد في سريري..دخلت لاستحم.. ففي وقت مماثل..أحسست اني احتاج لحمام ماء دافئ.. وبعد حوالي ساعة وربما اكثر.. ازحت الستار عن النافذة.. لا ادري لماذا ولكنني أحسست بفضول لرؤية الخارج..وفي هذا الوقت بالذات..
كانت نافذة غرفتي تطل على الباب الرئيسي للمنزل.. وعندما نظرت من النافذة..هالني ما رايت.. اسدلت الستار بسرعة ..
قلت بفزع:
- فيصل؟؟ ماذا يفعل هنا؟؟
اعدت النظر مرة اخرى..فوجدت ان السيارة لازالت تعمل.. ولكن ماذا يفعل حتى الان هناك؟؟
اخذت افكر قليلا ولكني وجدت ان افضل حل..ان انزل له بنفسي.. لارى ما به..
ارتديت عباءتي وحجابي.. تاكدت ان احمد نائما.. ومن ثم خرجت من غرفتي على عجل..
كنت احس ان قدماي تسابق عتبات الدرج.. كدت اسقط.. الا ان وقوف فيصل امام منزلنا..وسيارته تعمل..اقلقني وافزعني..
وصلت الى باب المنزل الداخلي.. فتحته بسرعة..وجريت نحو الباب الخارجي.. ركضت حتى وصلت الى سيارته.. نظرت من خلال زجاج السيارة ..فوجدته واضعا راسه على عجلة القيادة.. ارتعبت لذلك..فاخذت انقر بخفة على زجاج السيارة..عله يجيبني.. ولكنه لم يفعل.. نقرت بشدة اكبر ولكنه ايضا لم يجبني..
لم اجد امامي سوى ان ادخل السيارة.. فوضعه ليس طبيعيا ابدا..
فتحت باب السيارة وجلست بقربه.. ناديته:
- فيصل.. فيصل..
ولكنه بالطبع لم يجب..
كدت اموت من الخوف.. فاقتربت اكثر.. مددت يدي بخوف وهززته بخفة ولازلت اهتف باسمه.. الا انه رغم ذلك لم يجبني..
سالت عيناي دون شعور..ربما مات.. هكذا مر ببالي..فلم اعلم كيف اتصرف.. مددت يدي وتحسست طاقة انفه.. فشعرت بحرارة انفاسه تحرق اصبعي.. وقتها علمت انه لا يزال على قيد الحياة..
تنفست الصعداء الا ان الخوف لازال يعصرني.. ما باله لا يكلمني وهو حي يرزق؟؟
نترته بقوة وهززته وانا اصيح باسمه:
- فيصل.. اجبني يا فيصل.. ما بك؟؟
فتح فيصل عيناه بسرعة وقال فزعا:
- ماذا! ماذا حصل؟ ماذا هناك؟
ولكانه افاق وعاد لوعيه فقال:
- روز؟ لم انت هنا؟؟ ما الذي يجري هنا؟
اجبت وانا اخفي وجهي حتى لا يرى دموعي: لا ادري.. رايت سيارتك عند الباب.. اتيت لاكلمك.. فوجدتك لا تكلمني.. خفت عليك.. حسبت ان مكروها اصابك.. ولكنك الحمد لله بخير..
قال معتذرا: اعذريني يا روز.. لم اشعر بما حولي.. فانت تعلمين ان منذ ليلتين لم اذق للنوم طعما.. لذلك عندما وضعت راسي على عجلة القيادة لم اشعر بنفسي.. فلقد نمت في اللحظة ذاتها.. وحتى عندما اتيت لتناديني.. لم اشعر بك.. اعتذر ان كنت قد ازعجتك او اخفتك دون سبب..
- لا تقل هذا يا فيصل .. المهم انت بخير..
- روز! هل كنت تبكين؟؟
قلت بفزع: انا؟بالطبع لا.. انما السبب يعود الى ان الجو حار في الخارج..
- الجو حار؟ ابتسم ثم اكمل قائلا:
-حسنا روز..استاذنك الان.. ساعود الى البيت.. فانا احس بصداع شديد..
- لا لن تذهب الى البيت!
- ماذا؟ ماذا تقولين انت؟؟
- اجل لن تذهب الى منزلكم..كيف تقود السيارة وانت بهذه الحالة؟؟انظر الى نفسك.. هل استغنيت عن حياتك؟؟ إذا فعلت فلا اتوقع ان زوجتك وابنتك استغنوا عنك..
رد بضيق: والحل؟؟ ابقى هنا حتى الغد؟
- بالطبع لا.. اليس هذا منزل اختك ومنزل عمك؟
قال في نفسه: ومن قال انك اختي؟؟
اجابني: بلى..
- إذا هيا..ستنام عندنا اليوم.. وعندما تصحو من النوم افعل ما يحلو لك..
اتسعت عيناه وقال: انام عندكم؟؟؟
- اجل.. وما المشكلة؟
- لا يا روز لا يمكن!!
- لماذا؟ ما الذي يمنع؟
- انا وانت وحدنا في المنزل.. ولا استطيع ان ادخل منزلكم.. ماذا سيقول الناس؟جيرانكم؟؟ وخصوصا وهم لا يعرفونني!!
- اولا لسنا وحدنا في المنزل.. احمد معنا والخدم ايضا..واخي سعود سيعود بعد قرابة الساعة..وثانيا لن تنام معي في الغرفة.. ستنام في غرفة فهد..وثالثا وهو الاهم..انا لا اهتم للناس ما دام ما افعله صوابا!!
ابتسم وقال: لا اعلم ماذا اقول..
- لا تقل شيئا.. هيا انهض وتعال معي ارشدك لغرفة فهد..
- ولكن يا روز..
قاطعته قائلة: فيصل! انت مثل اخي.. ولطالما كنا في منزل واحد معا.. ما الذي يمنع وجودنا معا الان؟
وكان كلامي لم يعجبه لما بدا من تعابير على وجهه الا انه استدرك قائلا: اجل بالطبع.. هيا تفضلي..
سبقته نحو الباب.. الا اني صحت قائلة:
- فيصل.. لا تنسى ان تقفل سيارتك..
رد ساخرا:
- حسنا يا عمتي ..
مشيت امامه حتى وصلنا لغرفة فهد.. فتحت الباب وقلت: تفضل.. اعتبر نفسك في غرفتك..هناك ملابس لفهد..من حظك انه لم ياخذها معه.. خذها والبسها ان ناسبتك..حتى وان لم تناسبك البسها.. افضل من ان تنام بملابسك..
ابتسم لي وهممت ان اغادر الا اني قلت:اجل فيصل تذكرت.. اتصل على خالتي عند جولي واخبرها انك ستنام واحمد عندنا..
- حسنا سافعل..
- تصبح على خير..
- وانت من اهله..
ابتسمت له وغادرت غرفة فهد متجهة نحو غرفتي ..فناداني فيصل: روز..
التفت اليه فقال: اشكرك..
اجبته بابتسامة:
- لا شكر على واجب..
دخل فيصل غرفة فهد.. القى نفسه على السرير.. تنهد بعمق وقال:
- احــبـــــــهـــــــا
بحث فيصل عن محموله ولم يجد .. قال:
ويحي.. لقد نسيته في السيارة.. ساستخدم هاتف المنزل..
رفع سماعة الهاتف.. وهاتف امي ..
- الو..السلام عليكم يا امي..
- وعليك السلام..فيصل؟
- اجل انا فيصل يا امي..كيف حالك؟ وكيف حال الصغيرة؟؟
كانت امي تتحدث وجولي تسترق السمع.. تغير وجه امي عندما لم يسال فيصل عن جولي فقالت:الصغيرة بخير..وجولي ايضا بخير..
- الحمد لله.. اماه..سانام اليوم انا واحمد في بيت عمي..لاني تعب قليلا ولا استطيع الذهاب للبيت..وفي الصباح ان شاء الله سامر عليكم..
- حسنا يا بني.. اعتني باحمد ..
- احمد عند روز.. واكيد انا انها ستعتني به جيدا.. اعذريني الان يا امي.. فانا تعب جدا..واستاذنك لانام..
- حسنا يا صغيري..تصبح على خير..
- وانت من اهله يا امي..
اغلق فيصل السماعة فسالت جولي امي: خالتي.. اكان هذا فيصل؟
- اجل يا جولي.. انه فيصل..
- فيصل؟ ما به فيصل؟
- اخبرني انه سينام في بيت اختي رحمها الله..
ردت بغضب: ينام في بيت اختك؟ لماذا ؟؟اليس لديه بيت؟
ام انه كما يقالإذا غاب القط العب يا فار)! ولماذا لم يخبرني انا بذلك؟؟
اجابت امي بهدوء: لا اعرف يا ابنتي..
اردفت بنفس الصوت المرتفع: ولكن انا اعرف.. لم يخبرني لانه يعلم ان ما يفعله خاطئ.. اراد ان ينام هناك ليحلو له الجو مع حبيبة القلب بعيدا عن الانظار..
صاحت بها امي قائلة: الى هنا وكفى يا جولي.. لا اسمح لك بالتطاول على ابنائي افهمت؟؟ روز وفيصل اشرف من الشرف ذاته.. ولا اسمح لك بالتكلم عليها بسوء..افهمت؟؟
احست جولي بالخجل من نفسها.. فكيف قالت لامي مثل هذا الكلام!! قالت معتذرة: خالتي انا اسفة.. لم اقصد.. ولكنه اغضبني حينما لم يخبرني هو بنفسه .. فهو لم يكلف نفسه عناء تمني ليلة سعيدة لي..
بحنق بالغ قالت امي: مهما يكن الامر.. لا اسمح لك بالتطاول على ابنائي في اي حال من الاحوال..افهمت؟
- اجل يا خالتي ..انا اعتذر.. واعدك انها لن تتكرر..
- حسنا.. هيا نامي الان وارتاحي قليلا..
سكتت جولي ولم تنطق بحرف..انما في داخلها براكين ثائرة لا تهدا ولا تستكين.. فهي تنتظر الصبح.. لتصب جام غضبها على فيصل..فمتى يحين الصبح؟


يتبع..
الرد مع إقتباس
  #64  
قديم 22-03-2004, 07:52 AM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

تريدني أن أنساها؟


فتح فيصل عيناه بتثاقل.. تمدد في الفراش ثم نظر إلى الساعه.. نهض بسرعة من الفراش وأخذ ساعته من على الطاولة ونظر إليها.. صاح بذهول:الساعة العاشرة والنصف؟ يا إلهي لقد نمت اثنى عشر ساعة! هداك الله يا روز.. لو أني نمت في السيارة لكنت صحوت منذ زمن بعيد وذهبت لأرى ابنتي!
تثاءب ثم قال: سأذهب لأغتسل وأتوضأ فأصلي الفجر.. ويحي من تعبي لم أستطع النهوض للصلاة..
نهض من السرير.. وذهب ليغتسل.. وبعد نصف ساعة كان جاهزا للخروج..
لبس ملابسه وارتدى ساعته.. سرح شعره وابتسم للمرآة ثم خرج..
نظر إلى غرفة روز.. ابتسم وقال: صباح الخير يا مالكة القلب..
أخذ طريقه متجها إلى الاسفل.. وهناك صادف سعود..
- صباح الخير يا ابن العم..
قال فيصل محييا سعود..
- صباح النور يا فيصل.. كيف حالك؟؟
- أنا بخير والحمدلله.. وأنت كيف حالك؟
- أنا بخير.. مبارك عليك الصغيرة..
- أشكرك.. وبانتظار أن أبارك لك طفلك.. ولكن متى؟؟
ضحك سعود وقال: ليس قبل أن أطمئن على أختي سعيدة في بيت زوجها..
آلمت جملة سعود فيصل فلقد بان ألمه على وجهه.. ربما لم يعتقد أن روز قد تتزوج يوما.. كما فعل هو!
قال سعود مغيرا مجرا الحديث: أخبرني يا فيصل.. كيف هي الصغيرة؟ روز أليس كذلك؟
أجاب بثقة: أجل.. روز الصغيرة.. الحمدلله هي بخير..
- وعلى من أشباهها؟؟ أنت؟ أم أنها أخذت من أشباه العم سام؟
ابتسم فيصل وقال مسترسلا: لا لم تأخذ أشباههم.. بل هي تشبه روز.. لها مثل عيناها السوداويتين القاتلتين.. ونفس الاهداب الكثيفة..التي هي كرماح تصيب القلب فتجعله أسيرا لها.. وحاجباها المتشابكان بغرور وخيلاء.. هما قاربا النجاة.. أتعلق بهما بعد أن تلفظني سهام أهدابها.. وتلك الشامة التي تعلو خدها فتؤكد لمن يراها أن جمالها مميز.. لا يشبهها بشر أبدا..
وجهها يا سعود.. كفلقة القمر.. جميلة بجمال صافي عذب.. تسحر الالباب لجمالها.. آه يا سعود.. أحس أني سأفقد عقلي ما أن تكمل ابنتي عامها الاول..
ربت سعود على كتف فيصل وقال: حفظها الله لك يا فيصل..
صمت سعود قليلا ثم أردف قائلا:
- فيصل.. لا تحتاج أن أوصيك بابنتك والاهم بزوجتك.. فهم كل ما تملك الان.. وأجل ما تملك.. انسى الماضي يا أخي.. انساه بكل ما يحمل من ذكريات.. حلوة كانت أم مرة.. أنت الان لك حياتك.. فاعتن بحياتك..
فيصل يا أخي.. اطوي صفحة الماضي.. ولا تعود فتقلب الصفحات إليها من جديد.. امحها من شريط حياتك.. فذلك أفضل لك ولابنتك وزوجتك..
تنهد فيصل بقوة ثم قال: وما العمل إن كان الماضي هو حياتي؟؟ أفأستغني عن حياتي ذاتها؟ سعود.. أعلم ما تلمح له.. تريدني أن أنسى روز.. أليس كذلك؟
- أجل هذا ما قصدته..ذلك أفضل لك صدقني..
- سعود.. أتعلم من هي روز بالنسبة لي؟ دع ما في القلب للقلب يا أخي.. ولكن ثق بأني أحاول.. ليس من أجلي فقط.. بل من أجل روز.. روز الصغيرة.. وروز العمر.. أنا من فرط بروز وأنا من يجيب أن يجني ثمار غلطته.. أليس كذلك؟ سأبذل كل ما في وسعي لأجل ابنتي.. وبإذن الله أستطيع..
- بإذن الله يا ابن عمي.. بإذن الله..
- عن إذنك يا سعود.. سأذهب للمستشفى.. فلقد تأخرت على ابنتي..
- إذنك معك..ولكن يا فيصل.. الا تريد أن تأكل شيء؟فأنت لم تأكل شيء منذ الامس..
- لا شكرا يا سعود.. فأنا لا أود أن أتأخر أكثر.. سآخذ لي كوب من القهوة فيما بعد..
- حسنا..كما تشاء..
- إلى اللقاء يا سعود..
- إلى اللقاء..
خرج فيصل من المنزل واتجه إلى سيارة.. شغل السيارة.. وفي غضون ثوان.. انطلق باتجاه المستشفى..
* * * *
وفي تلك الاثناء.. كانت جولي تأكل في نفسها.. تكاد تموت من التفكير.. ترفع الساعة تارة.. وأخرى تضرب بيدها على السرير.. وتارة ثالثة ترفع سماعة الهاتف..فتتصل بفيصل ولكنه كان مغلقا..
قالت أمي لجولي: كفاك يا ابنتي.. ارتاحي.. فيصل بخير..
قالت بحدة: أعلم أنه بخير.. ولكن ما يثير أعصابي أنه يتركني هنا في المستشفى ولا يحضر.. ولكأنه ارتاح مني.. والساعة الان الثانية عشرة الا ربع.. فأين هو؟؟ وماذا يفعل طوال النهار؟؟
- يا جولي.. الغائب عذره معه.. فالتمسي لزوجك العذر يا عزيزتي..
- حسنا سنلتمس له العذر.. ولكن ويله إن حانت الساعة الثانية عشرة ولم يأتي..
أطلقت أمي زفرة غضب وأشاحت بوجهها عن جولي.. حانت الساعه الثانية عشرة وبالفعل.. حضر فيصل في الوقت المحدد.. تأخر قليلا رغم أنه وصل إلى المستشفى منذ الحادية عشرة والنصف.. لأنه ذهب ليرى ابنته.. ذهب إليها.. أخذ يحدثها ويخبرها عما جرى معه.. عن حبه لها..وعشقه لعينيها.. ولكأنها تفهم ما يقوله.. ثم بعد أن فرغ من حديثه مع ابنته.. استأذنها قليلا واعدا اياها بالعودة.. وذهب لزوجته..
مر على بائع الزهور.. اشترى لها باقة من الزهور الجميلة الملونة.. ومن ثم.. اتجه إليها.. طرق باب الحجرة.. ودخل وابتسامته تعلو وجهه.. الا أنها زالت وتلاشت بل ماتت على شفاهه ما أن رأى وجه جولي العابس..
قال فيصل: صباح الخير يا حبيبتاي..
ردت أمي:صباح الورود يا حامل الورود.. كيف حالك يا بني؟
- أنا بخير يا أمي..
اقترب من جولي متجاهلا عبوسها.. قدم إليها الزهور.. وقال:
- تفضلي يا أم روز..
أخذت الورود منه وبلا مبالاة رمتها أمامها..
ابتلع فيصل حنقه وقال متظاهرا بأن شيء لم يكن: كيف حالك اليوم؟
نظرت إليه بازدراء وقالت: بخير..
وأشاحت وجهها عنه..
وعندما أحست أمي بأن الجو بدأ يتوتر بينهما.. قالت: استأذنكما يا أبنائي..
خرجت أمي وأغلقت الباب خلفها.. وهنا استغلت جولي الفرصة..فقالت بحدة: هل لك أن تخبرني أين نمت ليلة البارحه؟
أجابها ببرود: في بيت خالتي.. لقد اتصلت وأخبرت أمي.. ألم تخبرك؟
- بلى أخبرتني.. ولكن قل لي.. لماذا لم تخبرني أنت بذلك؟ والاهم لماذا نمت هناك؟ أليس لديك بيت؟ بلى لديك.. فلماذا نمت هناك؟
- لا شيء سوى لأني كنت تعبا ولم أستطع أن أذهب للبيت.. فدعتني روز للمبيت في منزلهم.. ماذا في هذا؟
- هناك الكثير يا سيد.. أولا نمت في بيت غريب.. ليس بيتك.. ومن ثم كيف تنام في منزلهم وأنت وروز في المنزل وحدكم؟ الا تخجل من نفسك؟؟
ثارت ثائرة فيصل عندما قالت هذا الكلام وقال صائحا: اسمعي يا جولي.. أنا لم أفعل ماهو عيبا أو حراما.. ومن ثم لم نكن وحدنا في المنزل.. سعود كان في المنزل وأحمد أيضا.. وحتى لو كنا وحدنا في المنزل.. ماذا في هذا؟ روز ابنة عمي ومثل اختي نورة.. ولا تنسي يا جولي أني متزوج ولدي ابنة.. فهل سأفكر بغير زوجتي وابنتي؟؟
أجابت جولي بتحد: لا لم أنسى.. ولكن يبدو أن شخصا آخر هو من نسى أنه متزوجا..
- ماذا تقصدين؟
- أقصد أنك لم تفكر أن تطمن زوجتك أم ابنتك أنك بخير.. ولم تكلف نفسك العناء فتفتح محمولك لأكلمك أنا فأذكرك أن لك زوجة وابنة تسأل عنهم..
- في هذه صدقت.. أنا أعتذر.. ولكني نسيت المحمول مقفلا في السيارة.. ولم أتذكره سوى الان..
- حسنا.. أخبرني.. أين كنت طوال النهار؟؟ ظللت أنتظرك ولم تأتي!
- صحوت من نومي متأخرا.. اغتسلت وارتديت ملابسي وحضرت في الحادية عشرة والنصف..
اتسعت عيناها وقالت: منذ الحادية عشرة والنصف أنت هنا ولم تأتني؟؟ أين كنت إذا؟؟
رد ببرود: كنت عند ابنتي..
- عند ابنتك؟؟ من الحادية عشرة والنصف حتى الثانية عشرة؟؟
- أجل..
- وماذا تفعل عند ابنتك؟ أتذهب لها قبل أن تأتي لي؟
- أفعل ما أفعل.. جولي ما بك؟ هل تغارين حتى من ابنتك؟
- أنا لا أفعل.. ولكن كان من المفروض أن تأتي لي أولا.. وليس أن تذهب لهذه الصغيرة التي لا تفهم شيء.. أموت وأعرف ماذا كنت تفعل عندها كل هذا الوقت؟؟ أتتأمل جمالها؟ أم تتحدث معها؟
أطلق فيصل زفرة غضب وقال:لا حول ولا قوة الا بالله.. جولي كفى.. إن لم تسكتي سأخرج وأتركك..
أحست جولي بغلطها فقالت: لا أرجوك.. لا تخرج وتتركني..
- إذا ستسكتين؟
- أجل أجل.. ولكن لا تخرج..
- حسنا..
- فيصل..
أجاب باقتضاب: نعم..
- أتعلم أني سأخرج اليوم؟
- حقا؟ وروز الصغيرة؟
- أهذا كل ما يهمك؟ روز الصغيرة؟
- جولي!! هل عدنا؟
- اعذرني لم أقصد.. أجل سنخرج معا.. أنا وروز.. فلا حاجة لأن تبقى في المستشفى أكثر..
ابتسم فيصل بعمق وقال: الحمدلله لك يارب.. سأذهب لأخبر ابنتي وأعد أوراق خروجكما..مع السلامه يا جولي..
طبع قبلة على جبينها وخرج بسرعة دون أن يدع لها المجال للحديث..
قالت بغضب: يتركني أنا ليذهب فيتحدث مع الصغيرة تلك.. وما الذي تفهمه هي؟؟ سأريه ما إن يعود..

وفي الحضانة.. كان فيصل يجلس بقرب ابنته.. نظر إليها بعطف وقال: روز حبيبتي.. ستعودين مع أبيك اليوم إلى المنزل.. ستنيرين منزله يا صغيرتي..
سكت ثم أردف: أعلم أنك فرحة كما هو أبيك.. أعدك يا صغيرتي أني لن أفرط بك أبدا.. أبدا مدى حياتي.. أحبك يا روز يا ابنتي..
قبّل فيصل ابنته.. ثم ذهب ليكمل الاجراءات.. إجراءات خروج جولي وروز الصغيرة..من المشفى.. إلى بيتهما الهادئ..


يتبع...
الرد مع إقتباس
  #65  
قديم 22-03-2004, 07:54 AM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

غلطة يا خالتي!


كومة كبيرة من الضباب..كانت تحيطني..لم أستطع ان أرى شيئا.. ولا أي شيء.. لم أستطع أن أميز حتى أصابع يدي.. ولكن بدأ هذا الضباب يتلاشى.. ويخف تدريجيا.. فرأيت فيصل.. رأيته مقبلا نحوي.. يحاول أن يمسك بيدي.. ولكني هربت منه بسرعة..حتى وصلت إلى باب كبير ضخم.. دفعته بخفة ففتح بسرعة.. دخلت بخطوات خائفة.. ولكني وجدت خلف هذا الباب عالما آخر.. عالم أخضر جميل ممتع..حديقة غناء تضج بالأشجار والورود العذبه.. شجرة كبيرة خضراء كانت تتوسط تلك الحديقة.. نظرت إليها.. فوجدت شخصا ما جالسا أسفلها.. دققت النظر..أجل ..إنه هو.. إنه عبدالعزيز.. مشيت نحوه بخطى حثيثه.. وناديته..عبدالعزيز.. أنا روز..
نظر إلي متسائلا..فقلت أجيب تساؤلات عينيه:أنا روز..حبيبتك..
ابتسم لي بعذوبه وضمني إليه.. أحسست وكأنك ملكت الدنيا لحظتها..
ولكن بعد ثوان.. جاء أشخاص مربع مرتدين السواد..لم أميز أشكالهم.. أمسكوا بعبدالعزيز.. وسحبوه بقوه.. شددت قبضتي على يده وكذلك هو.. ولكنهم كانوا أقوى مني ومنه.. فافلتت يدي يده.. وصحت وقد ملأت الدموع عيوني:عبد العزيز.. لا ترحل.. أرجوك..
رد بصوت قد شارف على المغيب والاختفاء:لا أستطيع.. لا أقدر..
ولم يعلق في أذني سوى هاتين الكلمتين.. لا أستطيع.. لاأقدر..
صوت قوي أزعجني.. فلقد ظل يصيح ويصيح ولم يسكت لحظة.. رجوته أن يصمت وأنا مغمضة العينين.. أرجوك.. أصمت.. دعني أكمل نومي.. لا تقطع علي حلمي.. أرجوك.. دعني أطلب من عبد العزيز أن يظل معي.. أرجوك لا تدعه يرحل.. ولكنه كان عنيدا..فاستمر بالصياح..ولكأنه أراد رحيله.. عرفت مصدر الصوت المزعج.. فمددت يدي تجاه الطاولة قرب سريري وضربت المنبه بضربة أسكتته.. قلت ولازلت مغمضة العينين: تستحق..لو أنك صمت..لما تعرضت للضرب..
تمددت في فراشي بتثاقل ثم فتحت عيني.. نظرت إلى الساعه ثم صحوت من فراشي..
- أصبحنا وأصبح الملك لله.. والحمدلله.. ولا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير..

ذهبت اغتسلت.. ثم هممت بالنزول.. إلا أني تذكرت أن فيصل كان نائما عندنا.. فلبست عبائي وحجابي.. ونزلت للأسفل..
وبينما كنت أخطي خطواتي للأسفل.. سمعت فيصل وسعود يتحدثان.. يبدو أنهما كانا يتحدثان بشيء مهم.. لن أنزل قبل أن يتموا حديثم..
سمعت فيصل يقول:
- سأبذل كل ما في وسعي لأجل ابنتي.. وبإذن الله أستطيع..
- بإذن الله يا ابن عمي.. بإذن الله..
- عن إذنك يا سعود.. سأذهب للمستشفى.. فلقد تأخرت على ابنتي..
- إذنك معك..ولكن يا فيصل.. الا تريد أن تأكل شيء؟فأنت لم تأكل شيء منذ الامس..
- لا شكرا يا سعود.. فأنا لا أود أن أتأخر أكثر.. سآخذ لي كوب من القهوة فيما بعد..
- حسنا..كما تشاء..
- إلى اللقاء يا سعود..
- إلى اللقاء..
ترى!! عن ماذا يتحدثان؟ وما بها الصغيرة؟لا أستطيع أن أسأل سعود.. لأنه بالطبع لن يجيبني..وخصوصا في موضوع يخص فيصل.. وسيتهمني باستراق السمع.. سأسكت ولن أتكلم حتى يخبرني هو بنفسه.. أجل!
عندما سمعت خطوات فيصل مبتعده..علمت أنه غادر.. فاتجهت للأسفل.. فوجدت سعود جالسا على الكرسي يشرب قهوته ويفتح صحيفته هاما بقرائتها.. ابتسمت له وقلت: صباح الخير يا سعود..
رد بابتسامه: صباح الورود يا روز.. كيف أصبحت؟
- الحمدلله بخير..
- هل أنت هنا منذ زمن؟
- لا للتو.. لماذا؟
- كان فيصل هنا فحسبتك كنت هنا قبل أن يغادر
قلت في نفسي: يبدو أن بالموضوع سر..فكأنما سعود لا يردني أن أعرف ما كانا يتكلمان عنه.. عجبا..
رددت عليه:
- لا لم أره.. أرحل؟
- أجل..ذهب ليرى ابنته وزوجته..
- حسنا.. ألن تذهب للعمل اليوم؟
- بلى.. ثوان وسأذهب.. أتريدين شيء؟
- لا سلامتك.. سأذهب لبيت خالتي..
- حسنا.. أراك فيما بعد يا صغيرتي.. وانقلي سلامي وتحياتي لخالتي هدى..
- بأمرك يا سيد..
- أشكرك..
نظر لساعته..فنهض مسرعا ممسكا قهوته وحقيبته.. رشف من قهوته قليلا ثم وضعها على الطاولة وقال: الى اللقاء يا روز فلقد تأخرت كثيرا..
- حسنا رافقتك السلامة.. انتبه وأنت تقود.. ولا تسرع!!ولا تنسى دعاء الركوب..
- بأمرك يا أمي..
ضحك فغمز لي وخرج..
قلت:
- حفظك الله يا أخي وأعادك لي سالما..
ابتسمت انا من أعماقي فلقد أعجبتني كلمة أمي.. أمي.. ما أعذبها من كلمة.. ولكن..ترى متى سأصبح أما؟
* * * *
كعادتها الأيام.. تمر سريعا... كلمح البصر.. ترحل بسرعة.. تأخذ معها أعمارنا.. ترحل دون أن نشعر بها.. دون أن نحس برحيلها.. ولكن لابد أن يحين وقتا.. نتأمل فيه أنفسنا.. نظر إلى أعيننا.. إلى وجوهنا.. إلينا.. فنرى التغيير واضحا.. وقتها فقط.. نعي حقيقة مرور الأيام ورحيلها.. ولكن هل ستعود؟ بالطبع لا..

مر شهر وبضعة أسابيع منذ أن خرجت جولي وابنتها من المستشفى.. ومن يومها لم يفارقهم فيصل لحظة واحدة.. أجل يذهب إلى العمل.. ولكن حتى وفي عمله.. لا يشغل فكره سوى زوجته وابنته.. أو بالأحرى ابنته فقط.. وذلك ما كان يقتل جولي وينحرها من الوريد إلى الوريد.. اهتمام فيصل الزائد.. بطفلته الصغيرة.. لم يكن ينام قبل أن يقبلها.. وكثيرا ما كان ينام بقرب سريرها.. أو يحضرها لتنام بحضنه.. أحيانا لما تبكي في الليل..كان هو يصحو ليهدئها ويسكتها.. جولي كانت صامته لم تعلق على تصرفاته.. ولكن.. إلى متى يطول السكوت؟؟ وأيان يحين الإنفجار؟

كان فيصل جالسا في مكتبه في العمل.. أمامه أوراق وملفات.. وكأس قهوه.. وإناء به زهرتا (روز).. كان قد وصل للتو للعمل.. ما إن جلس على كرسيه.. نظر إلى الورود.. وكأنه تذكر شيء مهم.. رفع سماعة الهاتف واتصل بغرفته..
جولي كانت نائمه.. سمعت صوت الهاتف.. فتحت عينيها.. نظرت إلى ساعة يدها.. زفرت بغضب ثم مدت يدها التقطت سماعة الهاتف وردت بصوت نعس نائم غاضب نوعا ما فمن هو ذا الذي يجرؤ و يقطع عليها نومها ويقلق راحتها..قالت: ألو..
وبمرح قال فيصل: أهلا حبيبتي..
نهضت من السرير بسرعة وقالت: فيصل؟ مابك؟ هل أنت بخير؟
- أجل أجل أنا بخير..
- إذا لماذا تتصل الآن وفي هذه الساعة؟
- أفتقدتك.. وأحببت أن أسمع صوتك..
- فيصل.. عندما كنا للتو متزوجين لم تفعلها.. أتفعلها الآن؟ أخبرني مابك؟
- أجل يا جولي.. وما الذي يمنع؟؟ ألست زوجتي حبيبتي أم ابنتي؟
ابتسمت جولي وقالت بعذوبه: بلى.. وأنت حبيبي وروحي..
- إذا ما الذي يمنع من أن أشتاق لك وأحبك بل وأصرخ بأعلى صوتي أحبك يا زوجتي..
ضحكت جولي بعمق وقالت: حبيبي.. بوجه من أصبحت اليوم؟ أنت سعيد جدا..وهذه ليست عوائدك..
- بوجهك أنت ومن لدي غيرك؟؟ ألست أول من تراه عيني ما أن أفتحها من بعد اغلاق طويل؟؟ ومن اليوم هذه عوائدي..ولست أعرف غير البسمة والفرحة..
احمرت وجنتاها فقالت: حبيبي كفى.. أنت تخجلني.. لا حرمني الله منك وأدام حبك لي دوما..
- إن شاء الله..
سكت ثم أردف:جولي..
- نعم يا حبيبي..
- كيف حال ابنتي؟؟ أهي نائمه؟؟ هل أطعمتها؟ أم نسيتي؟
بغضب أردفت: بخير.. والآن عرفت سبب اتصالك.. هيا إلى اللقاء دعني أعود لنومي..
- لحظة جولي.. مابك؟ لم غضبت؟ لم أقصد شيء سوى أني سألت عن ابنتي!!
- أجل وسؤالك استغرق عشرون دقيقة منذ السؤال الذي سبقه!! ألم تكن معها قبل قليل؟؟
- جولي!! انها ابنتي الوحيدة.. ليس لدي سواها.. ألا تريديني أن أحبها وأتعلق بها؟
- كما تريد.. على العموم سترى ابنتك ما أن تعود.. فلو سمحت دعني أعود للنوم الآن..
- كما تريدين يا حبيبتي..وأنا آسف.. قبّلي لي الصغيرة..
بحنق قالت: حسنا.. كما تريد
- الى اللقاء..
- الى اللقاء..
أغلقت جولي سماعة الهاتف بقوة وقالت: اشتقت لك.. أيحسبني غبية أم مغفلة لأصدق أنه اتصل لأجلي؟؟ أعلم أنه اتصل لأجل ابنته..
وبسبب صوت اغلاق جولي للسماعة بقوة.. صحت الطفلة..وبدأت تبكي..
وصل صوت بكاءها العذب لأذني والدتها فتأففت وقالت: أهذا وقتك أيتها المزعجة؟
احكمت غطائها وقالت: ابكي كما تريدين.. لست جائعة ولا شيء. إن حان موعد إرضاعك سأقوم لك.. نامي الآن..
وبالفعل.. نامت جولي.. وظلت الصغيرة تبكي..
ولحسن الحظ.. كانت أمي لحظتها تمر بقرب غرفة فيصل قاصدة غرفتي.. سمعت صوت بكاء الطفلة.. بكاء أخذ يتعالى شيئا فشيئا.. خافت أمي.. اقتربت من الباب لتتأكد من مصدر الصوت..
- أجل إنها روز الصغيرة..
قالت أمي..
ركزت سمعها علها تسمع صوت جولي.. ولكنها لم تسمعه.. والطفلة لازالت تبكي.. ارتعبت أمي من بكاء الطفلة ومن هدوء جولي.. طرقت أمي الباب بقوة.. وبعد طرقات متواصلة ومكثفة من أمي.. فتحت جولي الباب وهي تفرك عيناها وتتثاءب..
بادرتها أمي بقولها: جولي.. ما بالها ابنتك؟؟
التفت خلفها حيث سرير روز الصغيرة ثم عادت والتفت لأمي قائلة: ابنتي؟؟
وكأنها للتو أدركت الكيان ككل.. هي جولي.. وتلك تدعى روز..وهي ابنتها!!يا سبحان الله!!
أجابت:آه أجل ابنتي مابها؟
ردت أمي بغضب: ابنتك ما بها تبكي؟
بلا مبالاة أردفت: لا أعلم.. كنت نائمة ولم أرها.. على العموم هي ليست جائعة.. كل الموضوع أنها تريدني أن أحملها.. وأنا لا أريد أن أعودها على الحمل باليد..
هاهي أمامك...ادخلي يا خالتي وانظر إليها.. لا شيء بها وكأنها من الجن..
تركت أمي وعادت واستلقت في فراشها..
صاحت بها أمي: ألا تحملين قلبا أنت؟؟ ومن ثم لا تقولي عن ابنتك مثل هذا الكلام.. ما بالك أنت؟
- خالتي يا خالتي.. لا تغضبين.. لا شيء يستحق الغضب.. سأنام قليلا ثم سأرى ما بها..
- ويحك يا جولي..
أسرعت أمي إلى الصغيرة.. حملتها بين ذراعيها.. ضمتها إليها وأخذت تهزها بخفة.. دقائق هي وسكتت الصغيرة وعادت للنوم..
عندما أدركت جولي أن الصغيرة صمتت قالت لأمي: أخبريني خالتي.. لم كانت الصغيرة تبكي؟
بحدة أجابتها: كانت تحتاج تغيرا لحفاظها..
- آه حسنا.. الحمدلله أنك بدلتها لأني لا أطيق فعل ذلك..
- بالله أخبريني.. كيف أصبحت أما أنت؟
جلست جولي على سريرها وأجابت بكل وقاحه: غلطة يا خالتي.. غلطة دفعت ثمنها غالي.. والغلطة هي ذاتها التي أحضرتني لهنا..
- وماذا تقصدين بغلطة؟؟
- أقصد أني لم أكن لأتزوج فيصل لولا هذه الغلطة!!
صاحت أمي: ماذا؟ أتعنين ما تقولين؟؟
- أجل.. لماذا ألم تكوني تعرفين؟مسكينة أنت.. أحسبتي أني تزوجته لأني أحبه؟
- ويحك يا جولي..
خرجت أمي بسرعة وصفقت الباب خلفها..وفي صدرها بركان ثائر..
ابتسمت جولي بسخرية وقالت: غبية.. تصدق كل ما يقال.. الآن سأعرف كيف أتعامل معكم جميعا.. وكما أريد أنا.. أنا بدون قلب أيتها العجوز؟ سأدعك تدفعين الثمن غاليا.. ستدفعين الثمن عقلك.. أعدك..


يتبع...
__________________


أحـــــــ هو حيــــــــــاتــــــي ــــمـــــــــــــد


الرد مع إقتباس
  #66  
قديم 22-03-2004, 07:56 AM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

وبكت أمي..


لم تصدق أمي ما سمعت..فكادت أن تقع لحظتها..خارت قواها ولم تعد قدماها تحملانها.. نظرت إلى جولي باحتقار وخرجت من غرفتها وصفقت الباب خلفها..
اتجهت أمي إلى غرفة مكتب أبي رحمه الله.. جلست على كرسيه بقوى خائرة.. أخذت تسأل نفسها.. أيعقل ما سمعت؟ ابني أنا؟ فيصل ابني أنا يفعل هذه الأمور المشينه؟ فيصل الذي ربيته على يدي حتى أصبح رجلا وعاونني في تربيته والده حسن رحمه الله؟ فيصل الذي كنت سأزوجه ابنتي؟ لا يمكن.. لا أصدق.. ولكن كيف أتأكد؟ أجل.. لا حل غيره!!
التقطت سماعة الهاتف من قربها وأدرات رقم فيصل..
رد فيصل بعد قليل من اتصال أمي: ألو..
بحدة قالت أمي: فيصل
- أهلا أمي صباح الخير..
- فيصل.. تعال للمنزل الآن..
- الآن يا أمي؟ لماذا؟ ماذا هناك؟ هل أنتم بخير؟
- أجل نحن بخير ولكن تعال الآن.. ولا تتأخر..
- ولكن يا أمي لا أستطيع.. لدي عمل مهم و ...
قاطعته أمي وقالت: قلت لك الآن.. ولا أريد أي أعذار.. أفهمت؟
- أماه أخفتني.. ماذا حدث؟؟
- تعال للمنزل وستعرف ولا تتأخر أفهمت؟
- حسنا يا أمي.. ولكن أرجوك انتظري فقط ربع ساعة ثم سأخرج من العمل.. لم أكمل الساعة هنا ولا يحق لي الخروج قبل الساعة..أي نصف ساعة أو أكثر بعشر دقائق وأنا عندك..
- حاول أن لا تتأخر لأن ذلك أفضل لك..
- أماه..أتوسل إليك..أخبريني ماذا هناك؟
- ستعرف ما أن تأتي..
وأغلقت أمي السماعة..
- أمي.. أمي..
وعندما انعدمت الإجابة أغلق السماعة وقال: ترى..مابها أمي؟ صوتها ليس مطمئنا أبدا.. هل بها شيء؟ أو ربما روز؟
نهض من مكانه بسرعة وقال في نفسه: سأخرج الآن ولو اضطررت أن أخسر وظيفتي.. أخاف أن مكروها أصاب روز.. أو ابنتي؟ لا أظن أنها ابنتي فلتو كنت أتكلم مع جولي وكانت الصغيرة نائمه..
يا الهي لا أعرف ماذا أفعل!! سأذهب لأخذ الإذن من المدير..

* * * *

أخذت أمي صورة أبي الموضوعة أمامها على المكتب.. حملتها.. نظرت إليها مطولا فانسابت الدموع من عينيها حارة غزيرة..دموع من الأعماق.. ما أقساها من دموع..
نظرت إلى أبي وقالت باكية: آه يا حسن.. لم رحلت يا حبيبي وتركتني وحدي في هذه الدنيا؟ أرأيت حالي؟ أترى ماذا جرى لي؟ أرأيت آخر تربيتنا في فيصل؟
سكتت تغالب دموعها ثم قالت: حسن.. أكنت تعرف يا حبيبي؟؟ أكنت تعلم بما يجري؟ أهو السبب الذي أفقدك توازنك وجعلك حزينا تعيسا من بعد عودة فيصل؟ حزينا لدرجة أننا لا نراك سعيدا أبدا.. ابتسامتك لا نراها.. أجل قد نرى شبح ابتسامة على شفتيك.. ولكنها ابتسامة صفراء باهته.. ليست ابتسامتك الصافية النابعة من أعماق الأعماق..ماهي إلا زيف ابتسامه..
أكان فيصل سبب ذبولك؟ أكان وراء اختفاء ابتسامتك وبريق عينيك؟
آه يا حسن.. ليتك هنا.. بقربي.. لأسألك فتجيب على أسألتي.. ليتك تجيبني فلا تبقى أسألتي حائرة ضائعة دون إجابة..
ليتك معي.. فأضع رأسي على صدرك فأبكي كبكاء طفلة صغيرة.. أبكي وأنتحب فتخفف عني آلامي بيدك الحانية..حيث تربت على رأسي وتزيل معها كل أوجاعي..
ليتك معي.. فتخبرني ماذا أفعل! لا أدري ماذا أفعل.. أو كيف أتصرف؟ هل أسكت عن هذا الأمر؟ هل أتجاهله وكأنه لم يكن..
كيف اتصرف مع ابني الذي كان لي سندا وعونا.. فكيف أعتمد عليه بعد الآن..
أحتضت أمي الصورة وألقت برأسها إلى الخلف بوهن.. تحاول أن تستعد لصدامها مع ابنها.. فهل سيؤكد ابنها فلذة كبدها الخبر.. أم سينفيه؟

وفي تلك الأثناء.. ذهب فيصل لمكتب المدير.. أراد أن يقابل المدير.. سأل ابراهيم.. سكرتير مديره المباشر:
- صباح الخير يا ابراهيم..
- صباح الخير استاذ فيصل..
- ابراهيم..هل دكتور محمود موجود؟
أجاب معتذرا: أنا اعتذر يا أستاذ فيصل.. دكتور محمود ليس موجودا.. فهو لم يداوم بعد.. أظن أن لديه اجتماع مع وفد أجنبي في فرع العاصمه..
- ماذا؟ ليس موجودا؟؟ مستحيـل!!
- خير يا أستاذ فيصل؟ هل أستطيع أن أخدمك بشيء؟
- أريد أن أستأذن الدكتور في الخروج لمدة ساعة.. ساعة ضرورية جدا..
- لا أحد يستطيع خدمتك في هذه الحالة سوى دكتور محمود نفسه.. انتظر قليلا..فهو ان شاء الله بعد نصف ساعة سيكون هنا!
أجاب فيصل بحدة: نصف ساعة؟ لا أستطيع أن أنتظر!! أقول لك ساعة ضرورية.. فتقول لي انتظر ربع ساعة أو أكثر؟
اعتلت حدة صوت ابراهيم هو الآخر فقال: وماذا أفعل لك أنا؟ ءأذن لك بساعة وأوقع لك على الطلب؟
- لم أقل ذلك.. ولكن تصرف يا أخي.. اتصل به أو أعطني أنا الرقم لأتصل به..
بتحد قال ابراهيم:اعذرني يا استاذ فيصل.. لا أستطيع أن أفعل لك شيء.. ولا أن أعطيك رقم الدكتور محمود.. لك أن تتصرف بأي طريقة أخرى..
- ابراهيم أرجوك.. إنها مسأله ضرورية.. اعطني الرقم إن لم ترد مساعدتي..
- لا أستطيع..
- ابراهيم.. أنا رجل وأتوسل لك.. ألا يعني لك هذا شيء؟ أكنت أطلب منك المساعدة وأترجاك لولا أن المسألة ضرورية؟
أطرق ابراهيم رأسه خجلا فلقد عرف مدى خطأه.. قال لفيصل: اعذرني يا أستاذ فيصل.. أنا آسف.. سأطلبه لك الآن..
رفع ابراهيم سماعة الهاتف وأدار رقم مديره.. ولكن فيصل..كانت الأفكار تدور في رأسه وتعصف تفكيره.. ترى..ماذا هناك؟؟
انتبه من شرودهعلى صوت ابراهيم يقول:
- أجل يا دكتور هو عندي.. تريد أن تكلمه؟؟ حسنا هاهو معك..
ابعد سماعة الهاتف عن أذنه وقال: أستاذ فيصل..دكتور محمود يريدك..
أخذ فيصل سماعة الهاتف من ابراهيم وتكلم مع الدكتور محمود:
- صباح الخير يادكتور محمود
- صباح الخير يا أستاذ فيصل.. كيف حالك يابني؟
- بخير يا دكتور..
- خير يا فيصل.. ابراهيم يقول أنك تريد الإستئذان.. ليست هذه من عوائدك فماذا هناك؟؟
- خير ان شاء الله.. ولكن هناك ظروف بالمنزل ويجب أن أكون هناك.. أرجوك اسمح لي بهذه الساعة يادكتور.. فقط هذه الساعة.. أرجوك..
- حسنا يا بني.. خذ ما تحتاج من الوقت.. فأنا أعلم أنك لو بقيت لظللت مشتت التفكير.. فاذهب واقض حاجتك..وإن لم تنهها.. لا تعد.. حسنا؟
فرح فيصل واتسعت عيناه فرحا فقال له: أشكرك يا أبا عمر.. أشكرك من كل قلبي..
- لا تشكرني على واجبي يا بني..هيا اذهب ولا تضع الوقت..إلى القاء..
- إلى اللقاء يا سيدي..
ابتسم فيصل لابراهيم وغادر المكان بسرعة..


يتبع...
__________________


أحـــــــ هو حيــــــــــاتــــــي ــــمـــــــــــــد


الرد مع إقتباس
  #67  
قديم 22-03-2004, 07:57 AM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

كان يريد أن يطير.. يسابق الريح.. ليصل إلى المنزل.. لا يعلم ماذا هناك ولكن بالطبع لم يكن شيئا مطمئنا.. ماذا حدث؟ سأل فيصل نفسه: عندما خرجت من المنزل لم يكن بها شيء..فما الذي بدل حالها؟ استرها يارب..
وصل فيصل بسرعة جنونية إلى المنزل... أدار المفتاح في الباب وفي يده رعشة شديدة.. فتح الباب ودخل..
أخذ يبحث عن أمي..
قال بصوت مرتفع مناديا: أمي.. أمي..
وصل صوته المنادي لأذني أمي.. مسحت أمي دموعها.. وعدلت من وضعها فاكتست حلة الصلابة والقوة من جديد..
بعد أن فشلت جميع محاولات فيصل في البحث عن أمي.. لجأ إلى مكتب والدي.. فوجدها هناك.. ابتسم لها واقترب منها مقبلا يدها كعادته إلا أنها نهته باشارة من يدها أي لا تقترب..
بهتت ابتسامة فيصل فقال لأمي متداركا الموضوع: بحثت عنك ولم أجدك.. وأخيرا وجدتك هنا.. ألم تكوني تسمعي ندائي؟
- لا لم أسمعه.. ومن ثم أنا هنا.. وها أنت أمامي الآن..
- أماه.. مابك؟ منظرك ليس طبيعيا أبدا.. مابك أرجوك أخبريني..
- اجلس يا فيصل..
جلس وعبناه لازالت تحمل ألف سؤالا لأمي..
طال صمت أمي وبالطبع لم يجرؤ فيصل على سؤالها.. حتى قالت بعد حين: فيصل..
رفع عيناه وقال لأمي: بأمرك يا أمي..
- سأسألك سؤال فأجبني عليه بكل صراحة.. واعلم أني لا أقبل الكذب أبدا.. أفهمت؟
تعالت ضربات قلب فيصل وتلعثم لسانه فلم يقوى الإجابة فاكتفى بأن أومأ برأسه علامه الموافقة..
بحده تكتسي برود الثلج قالت: فيصل.. لم تزوجت جولي؟
فتح فيصل عيناه ذاهلا فردد ما قالت أمي:لم تزوجت جولي؟
- أجل.. هل السؤال صعب جدا؟
- لا لم أقصد.. ولكني لم أتوقعه..
- توقعته أم لا.. لا تهمني..ما يهمني إجابتك..هيا انطق..
حار فيصل ماذا يقول لها؟ ليس لديه ما يخبأه.. فلماذا تسأله هذا السؤال؟
قال: لا أعلم تزوجتها..
- وكيف لا تعلم؟؟ لا يتزوج المرء إلا لسبب..!!
- لا أدري يا أمي.. ولكني تزوجتها..
- لا تكذب يا فيصل! ولا تثل لي لجمالها أو لأخلاقها.. لأن جولي تفتقر الإثنان والأخيرة أكثر.. فلماذا تزوجتها؟؟
- أماه ما بك؟؟ لا أدري كيف أجيبك أو بم أجيبك!
نهضت أمي من الكرسي واتجهت إلى فيصل.. أمسكته من ثوبه وشدته فقالت بحزم: أجبني بالحقيقة.. ولا أقل بغيرها..
نظر فيصل إلى يد أمي القابضه على تلابيب ثوبه وعلى وجهها المتجهم المخيف.. دفعته أمي بيدها دفعة كادت أن تسقطه.. سوا ثيابه ثم قال: أمي عندما عدت من الخارج متزوجا جولي..أخبرتكم أنت وأبي لم تزوجتها.. أحسست أن بيننا توافق.. كلانا يفهم الآخر.. وجدت فيها ما أريد من النساء.. أحببتها.. ولذلك تزوجتها..
أغمضت عينها بألم ثم قالت: وروز الصغيرة؟
- مابها ابنتي؟
- أمتأكد أنها ابنتك؟
- أمي!! بالطبع متأكد!! مابك؟
استجمعت أمي نفسها وسألت فيصل سؤالا كان أشبه بالضربة القاضية:
- هل تزوجت جولي لأجل روز الصغيرة؟؟؟
فغر فاهه وقال: أمي ماذا تقولين؟
- أقول لك هل تزوجت جولي لأجل روز الصغيرة؟ هل تزوجتها لأنها كانت حاملا؟
- لا..لا يا أمي.. بالطبع لا.. مابك؟؟ أتشكين بي؟؟ لا يا أمي لم يحدث..
- إذا لماذا تزوجتها؟
- يا أمي أقسم لك أني تزوجتها لما قلت لك من قبل..
- أنت تكذب.. أتحسبني لا أراكم وأنتم معا؟؟ أنت لا تطيقها.. لا تطيق اسمها.. ولولا هذه المولود الصغيرة لما نظرت لوجهها.. أتحسبني صماء لا أسمع صراخكم وخلافاتكم بشكل دوري؟؟ هل تحسبني غبيه فلا أرى نظراتك لروز؟ كيف تود أن تموت كل لحظة وأنت تراها.. تود قربها ولكن لا يمكنك ذلك؟؟
أخفض فيصل بصره وقد امتلأت عيناه بالدموع.. اقتربت منه أمي.. وضعت يداها على كتفه.. وقالت بصوتها الحاني الطبيعي: بني.. أخبرني.. أرح قلبي..
تنهد فيصل بعمق ثم أجاب: أنا السبب يا أمي.. أنا الغبي..
سكت فيصل فنظرت إليه أمي.. وكأنه فهم مرادها فأكمل:
- أماه.. أنا من أضعت روز من يدي.. كنت أحسب أني لو تزوجت روز.. لكنت انقدت وراء رغبات أبي.. رغم كوني أنا من طلب الزواج من روز.. لم يفاتحني أبي بهذا الموضوع أبدا.. ولكني أحببت أن أتمرد.. أن أشعر أبي.. وأنتي ويوسف وأحمد والجميع وحتى نفسي.. أني رجل.. أستطيع أن أتخذ قراري بنفسي.. وفي لحظه.. دون أن أشاور أحد حتى.. أجل تزوجت جولي لني اعتقد أنها حاملا.. رغم كوني متأكدا من عدم ذلك.. وبعد زواجنا علمت أنها ليست حاملا.. فقررت تركها.. إلا أني قلت دعني أكمل معها حتى تنتهي دراسي وأعود.. وقبل أن أعود.. اكتشفت أنها حاملا.. ولكن هذه المرة حقيقه.. وقتها لم أجد بدا من اعادتها معي.. كزوجتي أم طفلي المنتظر.. لم أعتقد أن الموضوع قد يكون صعبا لهذه الدرجه.. لم أعتقد أني أحب روز.. وبهذه القسوة.. أماه أكاد أموت حين أراها.. فلا أستطيع أن أضمها.. بل حتى لا أستطيع أن أكلمها.. أتدرين يا أمي؟
هنا صمت فيصل هنيهة مسح دمعة طفرت من عينه.. ابتلع غصة في حلقه وقال: كلما تذكرت عيناها عندما رأتني ممسكا بيد جولي قائلا بكل فخر..أنها زوجتي.. أماه لقد تألمت.. رأيت ذلك في عينيها السوداوتين.. رأيت الدوع فيهما.. فكانت سكاكين مسلطة على قلبي.. أمي.. عندما كلمتها في الحديقه.. قالت أني خائن.. خائن.. كلما تذكرت نبراتها.. عبراتها.. كلما وددت لو أن أدفن مكاني بالحياة.. أمي أنا لا أستحق العيش.. لقد جرحت من أحب..
ضمته أمي إليه وهمست: آه يا بني.. لم فعلت ذلك؟ ما استفدت الآن؟ لا شيء.. لا شيء سوى الندم.. سوى الألم.. ولكن كل ذلك ماضي الآن.. انسى الماضي.. وعش حاضرك..
- أماه.. هي الحاضر والماضي والمستقبل..
- بني.. لا يجوز مثل هذا الكلام الآن.. اصرف حبها كله لابنتك.. روز الصغيره..
- وهذا ما أفعله أنا يا أمي.. أمي أرجوك لا تغضبي مني.. أنا أحبك يا أمي.. أنت كل ما لدي في هذه الدنيا.. أمي أنا لا أستطيع أن أعيش وأنت غاضبة مني.. أرجوك سامحيني.. ماحصل كانت غلطة دفعت ثمنها غالي جدا جدا.. أرجوك سامحيني..
- أنا أم يا فيصل.. وقلب الأم لا يمكن أن يغضب على أبناءه.. مافعلته رغم عظمته إلا أنه ماض.. تب إلى ربك واستغفره.. هو أولى بأن تطلب رضاءه وغفرانه.. لست أنا.. أنا إن غضبت اليوم ولم أستطع النسيان..سينسيني الزمن.. هيا يا بني..عد لعملك.. لقد تأخرت كثيرا..
- لا يا أمي.. لا أقدر.. أود لو أجلس لوحدي مع ابنتي قليلا..
- حسنا يا بني.. هيا اذهب من هنا الآن ودعني أنا أيضا وحدي..
- بأمرك أمي..
نهض فيصل واستدار خارجا.. إلا أنه التفت إلى أمي وقال: أماه..
- أجل..
- ألست غاضبة مني؟
ابتسمت أمي وقالت لفيصل: لست غاضبة.. هيا اذهب الآن..
ابتسم فيصل وخرج وأغلق الباب خلفه..
أطلقت أمي زفرة ألم من صدرها الملكوم.. نهضت من مكانها.. اتجهت إلى مكتب أبي..جلست عليه.. ضمت صورة أبي إليها بقوة.. وبكت..


يتبع...
__________________


أحـــــــ هو حيــــــــــاتــــــي ــــمـــــــــــــد


الرد مع إقتباس
  #68  
قديم 06-04-2004, 09:07 AM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

قد دنى وقت الرحيل


أيام كثيرة مضت.. وأنا أنتظر رسالة من نواف.. أي رسالة.. أي كلمة تطمنني عليه.. كنت قد أخبرته أن يرسل لي رسالة فارغة في حال انشغاله.. فلم لم يرسل لي؟؟ أكاد أموت من الخوف عليه.. أين هو يا ترى؟؟ أي أرض تقله؟ وأي سماء تظله؟
أرسلت له أكثر من عشرة رسائل.. كان يقرأها.. وأعلم أنه كان يقرأها.. ولكنه لم يكن يجيب.. كل يوم أفتح بريدي على أمل أن أرى منه شيء.. كل يوم تتعالى دقات قلبي وأنا أفتح بريدي... تتعالى وتقفز علها ترى منه شيئا فتطير فرحة.. ولكن واحسرتاه عليها.. فكل يوم أفتحه.. تقابل بالصدود.. كل يوم تصفع.. كل يوم تخنق.. فتقف عن الحركة..وتموت.. كل يوم تذبل البسمة على شفاهي.. لإازداد ذبولا وشحوبا..
أين أنت؟؟ أين أنت؟؟ كل يوم تصرخ بدومعي بهذين السؤالين.. أين أنت؟
كدت أجن.. ماذا أفعل؟ هل أسألأ عنه في المستشفيات والشرطه؟ هل أبحث عن رقم هاتفه وأتصل فأسأل عليه؟ رغم أن ذلك مناف تماما لمبادئي إلا أن لا شيء أمامي لأفعل.. ولا شيء.. أجل لن أتكلم معه.. ولن أخبره أني المتصله.. ولكن فقط لأطمئن عليه..
وهكذا قررت أن أبحث عن رقم هاتفه..وبالفعل وجدته.. إلا أني قلت في نفسي:
- سأنتظر ثلاثة أيام.. إن لم يرسل لي شيئا.. سأفعل هذا الأمر.. ولكم أكره فعله..
وبعد ثلاثة أيام.. أي في اليوم الذي حددته لنفسي.. كنت في بيت أمي... جالسة مع أمي وأحمد.. سارحة بفكري في عالم آخر..فقد كنت معهم بالجسد..وإنما الروح.. فهي معه.. أحمد يقفز يمنة ويسرى.. يضحك ويقلد هذا وذاك..
وأمي تضحك عليه.. فلقد كان أحمد أشبه بالمهرج الصغير..
هتف أحمد بمرح وهو يقفز: ويسجل الكابتن ماجد هدفه الذهبي في شباك مرمى فريق السعادة.. فيفوز فريق المجد..
أخذ غطاء الطاوله ووضعه على كتفه فقال مقلدا مشجات فريق الكرة: مرحى مرحى فريق المجد..
رغم كوني لست في مزاج يسمح للضحك.. إلا أني ضحكت وبعمق لمنظره..
وبينما احمد يقص علينا أحداث حلقة اليوم من البطل ماجد.. صرخ مرة واحدة: نـــــورة..
وركض للباب.. التفتنا أنا وأمي فوجدانها بالفعل.. نورة أختي..
نهضت أمي بسرعة ونهضت أنا خلفها.. كضنا إلى نورة.. انتزعت أمي أحمد من بين أحضانها أو بمعنى أصح من على رقبتها وحضنت نورة بقوة إليها.. قالت لها عاتبة: هكذا يا نورة؟ شهر ونصف أيتها الظالمة ولا تزوريني؟؟
مسحت نورة دموع فرحتها من على وجنتيها وقالت: أماه.. ليس بيدي.. لم يستطع فهد أخذ إجازة سوى اليوم.. أعذريني يا أمي..
استللت نورة من بين أحضان أمي قائلة:أرجوك أماه دوري أنا..
ضممت نورة بقوة وكذلك هي ولمثتها قائلة: ويحك يا نورة.. هل هنا عليك؟؟
- بالطبع لا ي روز..ولكن فهد..
وقطع حديثها دخول فهد فقال: فهد فهد فهد.. بالطبع هي تخبركم أني أنا المذنب..
صاحت أمي: ابني فهد.. تعال إلي أضمك أيها الفيلسوف..
ضمته أمي إليها وقبلته..قال لها: كيف حالك يا خالتي؟
- لا تسألني عن حالي فأنا بأفضل وأسعد حال..
- الحمدلله دوما إن شاء الله..
قالت أمي: تفضلوا للداخل.. فمن فرحتي بكم وقفت بكم عند الباب..
قلت لفهد معاتبه: وأنا يا فهد؟؟ ألا يسلم المرء على أخته ويقبلها؟
اقترب مني قبلني على جبيني وقال: بالطبع يفعل وخصوصا لو كان لديه أغلى وأرق أخت بالعالم..
احمر وجهي فقلت له: بالطبع كعادتك تغلبني بحلو حديثي وتهدم حصون دفاعي..
ضحك وقال: أهم شي أني أستطيع أن أدك حصونك المنيعه.. وقتها أكون بأفضل حال..
دخلنا وجلسنا في الصالة..
قال فهد لأمي: خالتي.. لا تصدقي نورة.. أنا ومنذ أول يوم أقول لنورة..دعينا نزورهم..دعينا نذهب.. وهي تقول لا أريد..هنا أفضل.. هنا أنا معك وحدنا.. لا أحد يزعجنا.. هنا أحبك كما أريد
قاطعته نورة قائلة: أنا قلت هذا؟؟
ضحك فهد فأخذت نورة الوسادة وضربته بها.. وقالت: حتى لاتتعلم الكذب..
التفتت إلى أمي وقالت: لا تصدقيه يا أمي.. ما حدث كان العكس..حتى أسأليه..
قالت أمي لفهد ضاحكة: أصحيح ما تقوله زوجتك يا فهد؟؟
- آه أجل صحيح..
أجاب وهو يهز رأسه بالنفي..
تدخلت أنا منقذة الوضع حينما رأيت نورة بدأت تغضب بجد.. وقلت:أعلم أن فهد يمزح ونورة لم تقل هذا.. ولكن كل شيء غير مهم.. المهم أنكم هنا معنا..
أردفت أمي: أجل يا بنيتي..صدقتي.. وأخيرا أنرتم بيتي؟
قالت نورة: النور نورك يا (ست الحبايب)..
غمز فهد بعينه لنوره وقال: نورة.. أنا أغار إن قلت لغيري كلام من هذا النوع.. الغزل لي أنا فقط.. كما قلبي وروحي وعقلي لك أنت فقط..
احمرت وجنتا نورة فقالت لفهد:كفى يا فهد.. أنت تخجلني..
التفت فهد حوله ثم تابع قائلا: لا أحد غريب هنا لنخجل.. أمي وأختي.. دعيني أقول مافي قلبي..
نهضت من مكاني إلى حيث فهد.. أغلقت فمه بيدي وقلت: حتى تتعلم كيف تسكت..
ضحكنا جميعا بعمق.. ومر وقت طويل ونحن نتجاذب أطراف الحديث والضحك..
أتى أحمد وجلس على حجر نورة وقال: هيا هيا تكلمي..
- ماذا أقول؟
- أخبريني ماذا فعلتم هناك؟؟ ومن رأيتم؟
ضحكت نورة وقالت: فعلنا أشياء كثيرة ورأينا أناس كثر..
سكت يفكر ثم قال: هل رأيتم الفأر الكبير؟
- لا لم نره..
- إذا هل رأيتم الكابتن ماجد؟
- ولا هو لم نره..
- امم هل رأيتم أبطال الديجيتال؟
- ولا هم لم أراهم.. أرأيتهم أنت يا فهد؟؟
- لا لم أرهم.. ولكن أخبرني مدير أعمالهم أنهم كانوا في جوله سياحيه
أجاب فهد ساخرا..
قال أحمد: ولم تري عدس ولا بندق ولا أي من هؤلاء؟
- لا ياحبيبي لم أرهم..
نهض من على حجرها وقال: إذا لم تستمتعا..ولكن أخبريني.. ماذا أحضرتي لي؟
- الكثير الكثير من الهدايا..
- حقا؟ هيا اذهبي واحضريهم..
قالت أمي: عيب يا ولد.. أختك للتو وصلت.. اصمت..
- دعيه يا أمي.. فكم أشتاق إليه..
- أسمعت يا أمي؟؟ قالت دعيه.. فلتتحمل هي أسالتي..
ضحكت أمي وقالت:تحملي أخيك يا نورة.. وسأذهب أنا لأتصل على أخويك فأخبرهم أنكم هنا..
وما أن أتمت أمي جملتها حتى بان فيصل.. نزل من غرفته..وما أن رأى فهد ونورة حتى أقبل بسرعة وسلم عليها.. وسبحان الصدف.. في نفس الوقت دخل يوسف البيت..على غي عادته في هذا الوقت.. وشاركنا الجلسة..
قالت أمي: الآن أنا سعيدة.. أبناي كلهم حولي..
قال يوسف: لا حرمنا الله منك يا أم فيصل يا نورنا كلنا..
لم يزد أحد على كلامه فقال معاتبا: أمّنوا على كلامي هيا بسرعه..
ضحكنا جميعا وقلنا: آمين
كان فهد على يمينها ونورة على شمالها وفيصل واقفا قريبا منها ويوسف أيضا وحتى أنا.. رغم أن عاصفة من الحزن اجتاحتني.. نظر إليّ فيصل.. ابتسمت له وأشحت بوجهي بسرعه.. أحسست أنه يجب أن أنقذ نفسي من هذا الموقف..فانا أكيدة أن فيصل سيسألني مابي.. ويجعل أمي ونورة ينتبهان أن هنالك خطب بي.. لا.. لن أعكر فرحتهم لأجلي أنا..
قلت مستأذنه مصطنعة المرح: ولأجل هذا الاجتماع الرائع سأذهب وأعد أفضل عصير ليمون قد تتذوقونه في حياتكم..
ضحك يوسف وقال: لا أرجوك.. أخاف أن أموت.. سأذهب أنا الآن..
وقال فهد: يوسف انفذ بجلدك قبل أن تجبرك روز على شرب العصير بأكمله..أنا لا أستطيع الفرار..فمحامي روز ممسكا بتلابيب ثيابي..
تدخلت نورة وقالت: اسكتوا جميعا لا تقولوا هذا عن أختي.. أفهمتم؟؟
- يا حبيبتي يا أختي..
رد فهد: أرأيت يا فهد؟ تكلم المحامي..
قال يوسف: دعوني أذهب الآن قبل أن تقوم المعركة..
قلت له: اذهب فوجودنا بودونك أفضل أيها المزعج..
- لن أرد عليك فأنا أكبر منك..
استدار خارجا إلى أن أمي قالت: يوسف..هل ستخرج؟؟
أجابها: أجل يا أمي..
- للتو أتيت..فل تذهب؟
- أتيت أحضر بعض الأغراض وأبدل ملابسي.. أصحابي بانتظاري..ومن ثم لست وحدك اليوم..نورة وروز هنا..
- حسنا يا بني لا تتأخر..
- بأمرك يا أمي.. إلى اللقاء جميعا..
خرج يوسف واتجهت أنا إلى المطبخ.. ظل الجميع يتكلمون ويضحكون إلى أن فيصل غمز لنوره لتقترب.. اقتربت منه فهمس في اذنها:
- نورة.. روز متضايقة.. اذهبي وانظري مابها..
- وما أدراك أنت؟؟ هاهي كانت هنا تضحك ولا بها شيء..
- نوره.. اذهبي ولا تناقشيني... وهل هناك من هو أعلم بالروح من الروح؟
- أفحمتني.. حسنا سأذهب الآن..
- ولا تنسي أن تردي لي خبر.. أنا بانتظارك..
ذهبت إلى المطبخ أعد العصير..فلحقتني نورة..
دخلت خلفي المطبخ.. نظرت إليها وابتسمت.. نظرت إلي مطولا ولم تتكلم فقلت لها: مابك يا نورة؟
أجابت: تسأليني أنا؟ اسألي نفسك..أنت ما بك؟
- أنا؟ لا شيء.. أنا بأفضل حال..
- روز.. لا تكذبي علي.. أنت كتاب مفتوح أمامي.. هيا.. أخبريني بما عندك..
استندت على طاولة المطبخ..تنهدت بقوة فترقرقت دموعي في عيني..
ضربت نورة بيدها على صدرها واقتربت مني بسرعة: روز.. تكلمي ما بك؟ هل حصل لك أمر ما؟
هززت رأسي بالنفي فعادت تسأل: روز ويحك أجيـبـيني.. أنت تخيفيني هكذا..
- بم أجيبك؟ ماذا أقول لك يا نورة!!
- أي شيء.. بل كل شيء..
- لا أدري ما بي يا نورة..
- أهو عبد العزيز؟
نظرت إليها بعينين ملئتان بدمع غير جار منهما.. فقالت: هو أليس كذلك؟
أومأت برأسي مجيبة.. فأردفت: مابه عبد العزيز؟ هل هو بخير؟
- أتمنى ذلك..
- روز تكلمي.. هل حصل لعبد العزيز شيء؟؟
- لا أدري يا نورة.. أقسم لك أني لا أدري..
- وكيف لا تدرين؟؟
- لا أدري لأنه منذ فترة طويلة لم يرسل لي شيئا..
ضحكت نورة وقالت: ويحك خفت أن مكروها أصابه.. ليس بالغريب عليه الغياب.. ألم تعتادي على غيابه؟ منذ عرفته وهو يغيب.. فما المختلف هنا؟
- لا أدري يا نورة.. المختلف أن الفترة طويلة جدا.. تعدت أي غياب سابق له.. لم يرسل لي يا نورة منذ شهر ونص الآن!! أكاد أجن يا نورة والله أكاد أجن..
- لم لا ترسلين له؟؟
- وهل قصرت؟؟ أرسلت له الكثير من الرسائل.. ولكنه لم يجيبني بأي شيء..حتى أني في آخر رسالة رجوته وسألته أن يجيبني بدافع الشفقة والعطف.. إن لم يكن بدافع الحب والشوق..
- ألهذه الدرجة يا روز؟؟
- أجل يا نورة.. بل وأكثر.. آه يا ويح فؤادي..
- لا تخافي يا أختي.. هو بخير إن شاء الله.. هيا دعينا نذهب لغرفتك ونرى بريدك..متأكده أنك سترين منه رسالة.. هيا تعالي..
- ولكن يا نورة..
قاطعتني قائلة: تعالي ودعي الكلام عنك..هيا..
مسكتني من يدي وجرتني معها إلى الأعلى.. دخلنا غرفتي.. جلست على سريري وهي شغلت الجهاز.. ودخلت إلى الشبكه.. قالت لي: هيا تعالي.. وإلا سأفتحه أنا..
بحزن وإطراق قلت: افتحيه أنت.. سأموت هذه المرة إن لم أجد شيئا..نفذ صبري يا نورة..
- كما تريدين ولكني سأفتحه لأثبت لك أنك مخطئة.. وأنه أرسل لك ليخبرك بأنه يحبك.. يحبك كما لم يحب أحد.. بل و يفتقدك.. وسترين..
- آه يا نورة.. لا آمل سوى أن يطمئنني عليه.. فقط لا أطمع بشيء آخر..
- إن شاء الله ستجدين ما يثلج صدرك يا أختي..
فتحت نورة بريدي.. وعندما رأيت أنها تتصفحه..أخفضت بصري ونكست رأسي.. وضعت يدي على أذني و أغمضت عيني بقوة.. لا أريد أن أسمع لا أريد..
صرخت نورة وأتتني تهزني: روز قومي.. هنالك رسالة منه.. قومي..
فتحت عيناي ونظرت إليها ذاهلة.. عادت وقالت: انهضي أيتها الغبية وأقرأي الايميل.. هيا..
- نورة أتمزحين معي؟؟؟
- بالطبع لا يا روز..انهضي يا قلبي وأقرأي الايميل..
قفزت فرحة ووجهي متوردا سعيدا.. عادت إليه حياته التي سلبت منه..
اتجهت إلى الكرسي بسرعه..جلست ووقفت هي بجانبي.. أخذت يدها ووضعتها على قلبي الهائج بدقاته وضرباته وقلت: أتشعرين بنبضاتي؟؟
ابتسمت وقالت: أجل.. وأعرف كيف تكون..فكذلك هي عندما أرى فهد...هيا يا عزيزتي..أريحي نفسك وأريحيني معك..
- أجل.. سأفعل..
وبيد مرتعشه أمسكت الفارة.. وفتحت الرسالة......


يتبع...
الرد مع إقتباس
  #69  
قديم 06-04-2004, 09:09 AM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

اللحن الأخير!


" لا أقوى أن أودعك فقط سأقول..
أحبك.. "
أودعك.. أحبك.. لا أقوى.. لحنه الأخير؟؟
ما الذي يحصل؟
عندما قرأت رسالته.. ووصلت إلى آخرها.. عندما قال.. يعزف لحنه الأخير.. غشت عيني غشاء رقيق من دموعي.. لم أعي ما بعدها.. لم أفهم ما كتب وراءها.. هل قصد ما قرأت؟ هل قصد الوداع؟ هل سيتركني؟؟ يهجرني ويرحل؟؟
وضعت راحتي على خدي وجمدت في مكاني مصعوقة مقتولة..
وبلا شعور.. دون أدنى حواس.. اخترت ارسال رد للرسالة وأرسلت له..
لا أعلم ماذا كتبت.. أو بم همست.. لم أقرأ ما كتبت.. لأني لم أكن أنا من يكتب.. بل روحي وقلبي اتفقا على الكتابة..فكتبا..
جائتني نورة ضاحكة.. تهمس: بشريني.. ماذا يقول نواف؟؟
التفت إليها وقلت بلا وعي: سيرحل..
فتحت عيناها ذاهلة وقالت: سيرحل؟ إلى أين؟ هل سيسافر؟
صحت: أجل سيرحل و يذهب بعيدا.. يحزم أمتعته ويسافر.. ولكن ليس أي سفر.. سيسافر سفرا نهائيا بعيد عن حياتي..دون العودة اليها أبدا.. سيرحل عني نواف يا نورة..
شهقت نورة وقالت: روز.. وما أدراك؟
وبيد مرتعشه أشرت إلى الجهاز لتقرأ الرسالة..
قرأت نورة الرسالة بينما ظللت أفكر وأفكر.. هل ما قرأته هو الواقع؟ وان كان كذلك فلماذا؟ أريد أن أعرف السبب.. من حقي أن أعرف السبب..
التفتت نورة إلي وقالت: يا حبيبتي يا روز.. ولكن روز.. ربما لا يقصد الوداع.. ربما لا يقصد أنه سيتركك.. قد تكوني فهمت الموضوع بشكل خاطئ..
تنهدت بعمق سالت عبرتي لأجل ذلك وقلت: آه يا نورة.. ليت الأمر كذلك.. ولكني أعرف نواف.. أفهمه أكثر مما أفهم نفسي.. لي معه الآن ما يقارب السنتين.. فهل تعتقدين أني قد أغفل عن قصده أو مراده؟؟ نوره لقد خسرته.. ولن أراه مجددا.. أعلم أنه لن يرد على رسالتي حتى.. فهاهو ودعني.. طبع قبلة الوداع على جبيني ورحل.. وليته لم يفعل.. ليته أطلق رصاصة لقلبي لترديه قتيلا.. بدل أن يقبله ويرحل..
اقتربت مني نورة.. وضعت رأسي على صدرها.. إلا أن دموعي جفت.. أبت أن تنزل.. فحزني وألمي أكبر من أن تعبر عنه الدموع..
وبعد برهه.. نهضت من مكاني..أخذت حجابي.. نظرت إلي نورة باستغراب أي ماذا تفعلين؟
قلت لها: سأنزل.. هل تأتين؟
- روز لا تذهبي للأسفل وأنت بهذه الحالة..
- أرجوك يا نورة.. أتوسل إليك.. دعيني أنزل الآن.. إن بقيت هنا سأنهار.. وأنا لا أريد ذلك..
- حسنا يا أختي.. المهم ما تريدينه..
- ما أريده هو أن أعرف لماذا؟ لماذا هذا القرار المفاجئ.. ماذا فعلت له أنا؟ هل أخطأت بحقه؟ هل جرحته؟ ماذا فعلت؟
- لا تشغلي بالك يا أختي.. ستعلمين قريبا بإذن الله...سيرسل لك ويشرح لك كل الأمور..
- أتمنى هذا يا نورة.. أتمنى..
ابتسمت لي فاغتصبت الإبتسامة لأجلها.. فتحت الباب.. اتجهت ونورة إلى الأسفل..
* * * *
كان وجهي جامدا رغم الابتسامة المرسومة عليه.. وكأني لوحة معروضة في واجة أحد المحلات.. ترتسم الابتسامة على ملامحها رغم كونها جامدة.. لاروح ولا حياة فيها.. لا نبض.. لا قلب.. ولكن.. ابتسامة صفراء باردة..
رآني أحمد فأتي راكضا وحضنني.. قال: روز.. أنا أحبك..
استغربت لقوله فقلت: وأنا أيضا يا حبيبي.. ولكن لماذا تقول لي أنك تحبني؟ أنا أعلم أنك تفعل..
تخلص من ذراعي.. فكر قليلا ثم هز ذراعيه وقال: لا أدري.. أيزعجك هذا؟
سحبته مجددا وضممته بقوة وقلت: أبدا يا حبيبي أبدا.. قل ما تريد ووقت ما تريد..
قال لي: روز.. أنا رجل.. لا تضميني هكذا كأني طفل..
ضحك الجميع الذين كانوا يستمعون إلى محادثتنا الصغيرة وقالت أمي: كم تبلغ من العمر يا رجل؟
قال: احدى عشر مليون سنة وربع..
قال فهد: وما فائدة هذا الربع يا أحمد؟
التفت أحمد إليه وقال بحنق: أيها الغبي.. ألا تعلم أن الربع أكبر من الصفر؟
- بلى أعرف..
- إذا الاحدى عشر وربع أكبر من الإحدى عشر.. أليس كذلك؟؟
ضحك فهد بعمق وقال لأحمد: غلبتني أيها الصغير!!
قالت أمي: أحمد..اعتذر لفهد..
- ولماذا أعتذر له؟ ما الذي فعلته؟
- أليس من العيب أن نخاطب الكبار بهذه الطريقة؟ هيا اعتذر من أخيك..
تدخل فهد وقال: لا داعي يا أمي..
- بلى يا بني.. يجب أن يعتاد الاعتذار إذا أخطأ في حق احد.. هيا يا أحمد.. اعتذر له..
تأفف أحمد وقال: أنا آسف يا فهد..
ابتسم له فهد وقال: لا عليك يا رجل..
سألت نورة أحمد: أحمد.. متى تنوي الذهاب للمدرسة؟ أنت الآن في السادسه من عمرك.. ويجب أن تذهب للمدرسة..
فتح عينيه بذهول وقال: المدرسه؟
- أجل المدرسه وما بالك هكذا؟
وبنفس اللكنة الذاهلة قال: ولماذا أذهب للمدرسة؟
- تذهب للمدرسة يا أستاذ فهمان لتتعلم..
- ألست أتعلم في البيت؟ ألا تعلمني أمي الأدب؟ والأخت روز ألا تقتلني بالدروس؟ وكأنها تطبق ما درسته في الجامعة؟
قلت ضاحكة: أنا يا أحمد؟؟
نظر إلي بنصف عين وقال: أجل أنت.. ومن يمارس علي دور المدرس القاسي غيرك؟
قالت أمي: لا نفعل ذلك إلا لمصلحتك.. وبإذن الله ستدخل المدرسة في السنة المقبلة..
صاح أحمد: يا قوم.. افهموني.. حسوا بما بي.. أنا لا أريد أن أذهب إلى المدرسة.. التعليم ليس بإجباري يا اخوان!!
قال فهد: ولكن يا أحمد.. ستصبح بلا قيمة إن لم تتعلم..
قال بتحد: أنا أريد أن أصبح عامل من عمال التنظيف.. ولا أعتقد أن هذه الوظيفة تحتاج إلى تعلم!! ولا تحاولوا أن تثنوني عن رأيي..
ضحكنا جميعا بعمق حتى كادت تدمع أعيينا..وأنا أيضا ضحكت.. وكأني بضحكي أهرب من واقعي المر..أهرب من دموعي..ولكن إلام يطول الهرب؟نظرت إلي نورة مطولا وهمست لنفسها:
- آه يا أختي.. تضحكين وتتكلمين وكأنك بأروع حالاتك.. كم أنت قوية يا روز.. ليت لدي نصف قوتك.. أي نصف أريد؟ لو كان لدي ربعها لكنت طرت فرحا.. أراح الله قلبك يا أختي.. أراح الله ذلك القلب الذي يعتصر ألما.. ذلك القلب الذي تعصفه الأحزان وتصفعه الآلام.. أراح الله قلبك الكبير المحب..
ضحكنا كلنا على قصص أحمد وأحاديثه المضحكه.. إلا فيصل.. لم يضحك.. بل لم يشاركنا الحديث.. كان صامتا واجما.. لا يتحدث ولا يهمس.. عيناه سارحه وكأنه يفكر بحمل كبير أثقل كاهله وعذبه..
ولكنه علم بما أفكر فاستطرد قائلا: نورة.. هل لك أن تساعديني في أمر في الكمبيوتر؟
نظرت إليه بذهول وقالت: أنا؟ وما أدراني أنا بالكمبيوتر؟؟ خذ معك روز!
وقف قلبي عندما قالت ذلك فنظرت إليها أي اصمتي.. ولكنه قال: لا أريد روز.. أريدك أنت..ثم أ الموضوع لا يحتاج عبقرية.. الموضوع أنك ستملين علي بعض المعلومات وسأكتبها أنا على الجهاز.. لكن إذا كنت لا تعرفين العربية فهذه مشكلة.. ووقتها سأستدعي روز أستاذه العربية..
ضحك بصمت فقالت نورة: أتسخر مني يا فيصل؟ لن آتي..
قلت لها: نورة.. أتتعللين؟ اذهبي.. أم أنك تخافين أن تكتشفي أنك جاهلة بالعربية فلا تسلمي من لساني وفهد طوال عمرك؟؟
- سأريك يا روز.. ما أن أنتهي من عملي مع فيصل..
- حسنا ننتظر..
أمسكت الوسادة وضربتني فيها وقالت لفيصل: هيا تعال وسأريك فنون العربية..
اغتصب ضحكة وقال: سنرى..
ذهبا معا ولحقتهما بعيني.. ترى.. ماذا يريد منها؟ ليس من عادة فيصل أن يطلب مساعدة أحد.. وخصوصا في عمله.. فهل حقا يريدها في عمل؟؟
انتبهت من شرودي على صوت أمي تسألني: روز.. هل أنت معي؟
التفت إليها ببلاهة وقلت: نعم يا أمي؟
قالت: لم تكوني معي فأين كنت؟
- لا لا أنا معك يا أمي.. ولكني سرحت قليلا..
- بم سرحت يا ابنتي؟
- لا شيء يا أماه.. ولكن أخبريني ماذا كنت تقولين؟
- كنت أقول يا صغيرتي هل ستنامين عندي اليوم؟
- آه لا يا أمي.. سأنام في منزلي اليوم وغدا أحضر إلى هنا.. نورة ستنام هنا وفهد في منزلنا.. وغدا ننام كلنا هنا بإذن الله..
- ولم لا تنامين هنا اليوم؟
- لا أدري يا أمي.. لدي بعض الأعمال.. أكملها وغدا سأكون عندك بإذن الله..
- بيتك يا صغيرتي..
سكتت أمي ثم أردفت: روز..
- أجل يا أمي..
- ما بك ؟
- أنا؟
- أجل أنت.. ما بك؟
- لا شيء يا أمي..
- لا تكذبي يا روز.. أحس بقلب الأم أن هناك ما يقلقك.. بل ما يشغلك لدرجة أنك تحاولين أن تتناسيه بالضحك والحديث..
- لا شيء يا أمي.. أبدا..كل مافي الأمر أني بدأت أبحث عن عمل.. وقد قدمت في إحدى المدارس.. وها أنا أنتظر الرد..
هتفت أمي بفرح: حقا يا صغيرتي؟
- أجل.. قدمت إليها قبل يومين أو ثلاثة..
- ولماذا لم تخبريني؟؟ ألست أمك؟؟
- بلى يا أمي لم تقولين هذا؟
- لأني لو لم أسألك ما أخبرتيني..
- آه يا أمي اعذريني.. لقد اعتقدت أني أخبرتك.. أقسم أني لم أقصد عدم إخبارك.. ولكني نسيت..
- معذورة يا ابنتي.. ولكن هل المدرسة قريبة من منزلكم؟؟
- أجل تقريبا.. تبعد مسافة عشر دقائق بالسيارة..
- ليست قريبة جدا ولكنها جيدة..إن شاء الله ستحصلين على الوظيفة.. فأنت طيبة وتستحقين كل الخير..
نهضت من مكاني.. قبلت رأسها وقلت: حفظك الله لي يا ست الحبايب..
عادت أمي وقالت: رغم أن ما قلته أقنعني ولكن ليس تماما.. أحس بأن هناك ما تخفيه عني..
- لا يا عزيزتي.. لا شيء.. فقط هذا الأمر.. صدقيني..
- أصدقك يا حبيبتي.. أصدقك.. فقط سألت لأتأكد..
آه يا أمي.. صدقتي وصدق حدسك.. مابي بحر ألام وأمواج من الحزن.. وبحري لا ساحل له.. وأمواج جزنه عاتية لا تهدأ ولا تستكين.. فأواه يا أمي من حزني أواه.. لكن ما يشغلني الآن.. ويسلب فكري ليس حزني وألمي.. بل فيصل.. ماذا يريد من نورة؟؟
أعلم أن الموضوع لا يتعلق بالعمل.. ولا أي شيء..فيصل يريدها لأمر آخر.. هل حصل أمر بينه وبين جولي؟؟ أجل أين جولي؟ ولماذا لم تنزل إلينا؟ العادة تنزل لتراقب الوضع خوفا من أن أضحك مع فيصل أو أكلمه أو حتى يكلمني.. وأين الصغيرة؟ ليس من العادة أن لا تكون مع فيصل... غريب هو الأمر..
ترى..ما الذي يحصل بين أسوار تلك الغرفة؟


يتبع...
الرد مع إقتباس
  #70  
قديم 06-04-2004, 09:12 AM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

فقط لعينيها


دخلت نورة غرفة المكتب ودخل خلفها فيصل.. أغلق الباب خلفه وكانت نورة قد اتجهت إلى حيث جهاز الكمبيوتر.. وقالت: هيا يا فيصل.. لنبدأ العمل لأثبت لك أني أستاذه في اللغة العربية وليس روز!!
نظر إليها مطولا فقالت باستغراب: ما بك؟ هيا لنبدأ!
قال لها: ويحك أيتها الغبيه.. أي عمل تتكلمين عنه؟
ردت ببلاهه: وما أدراني أنا؟ أنت قلت هذا!!
أجاب: ومنذ متى أطلب مساعدة أحد في عملي؟
- أنا أيضا استغربت ولكني ظننت أنك تغيرت بالكامل.. في كل طباعك وليس معظمها..
نظر إليها بحدة فقالت معتذرة: اعذرني لم أقصد..
سكتت ثم أردفت: أخبرني.. لماذا إذا قلت أنك تريدني؟
بحنق قال: ألا تدرين لماذا؟
- بصراحة لا..
- نورة أتريدين قتلي؟؟ هل تتعمدين البلاهة؟
- أنا؟؟ لا يا أخي..
- إذا كيف تدعين أنك لا تعرفين لم أريدك!!
- فيصل.. أتقصد أن تفقدني عقلي؟ وكيف أعرف عما في عقلك؟ هل أخبروك أني قارئة للخواطر والأفكار؟
- نورة سأقتلك.. أقسم أني سأضربك إن استمريتي فيما تفعلينه.. ألم أكلفك أن تذهبي لتري ما بروز ثم تأتين وتخبريني؟
- آه أجل تذكرت.. هل لأجل هذا فقط اختلقت كل هذه القصة؟
- أجل لأجل هذا فقط..
- كنت سألتني منذ البداية وأنا أخبرتك.. هل قالوا لك أني غبيه؟
- نورة.. ستعرضيني لنوبة قلبية.. أتدرين؟؟ هيا أخبريني.. ماذا قالت لك؟
- لا شيء.. لم تقل لي شيئا..
اقترب من نورة.. نظر في عينيها وقال: نورة.. أنا فيصل.. لا تكذبي علي.. قولي لي ما بها.. أعلم أن ما بها لهو شيء عظيم.. كبير جدا.. لدرجة أنها تدوس على قلبها الآن وتضحك لأتفه سبب..تضحك ودمعها حائر وسط عينيها.. أنا أعرف روز أكثر مما أعرف نفسي.. أرجوك نورة أخبريني ولا تحاولي أن تخدعيني ولكأني طفل صغير أمامك..
أحست نورة أنها تحت ضغط كبير جدا.. وأن فيصل لو إزداد في إلحاحه فستقول له كل شيء.. لذلك نهضت من مكانها وسارت مبتعده عن فيصل الذي لازال ينتظر اجابتها..
قالت دون أن تلتفت إلى فيصل: بصراحة يا أخي.. روز متضايقة.. لم تخبرني عن السبب.. ولكنها تقول أنها متضايقة.. حزينة دون سبب.. ولم تخبرني ولو سبب صغير عما بها.. لذلك فأنا مثلك تماما لا أعرف شيء..
- تكذبين..
صاح فيصل بقوة فارتعدت أطراف نورة.. عرفت أن فيصل لا يمكن أن يقتنع بكلامها ولكن لابد من المحاولة.. ماذا تخبره؟ وعن أي شيء؟
التفتت إيه وقالت: لا أكذب يا فيصل صدقني..
- لا أصدقك ولن أصدقك..
اقترب من نورة.. أمسك بثوبها بقوة وقال: نورة.. إباك أن تفكري أن تكذبي علي.. روز هي روحي.. ولا أستطيع أن أرى روحي تزهق أمامي ولا أفعل شيء.. أخبريني يا نورة..
اتسعت عينا نورة ذهولا وقالت: فيصل.. انزع يداك عني..
وكأن فيصل كان غافلا.. غائبا عن الوعي.. لا يعي تصرفاته.. صاحت به نورة فعاد للواقع.. نزع يده بسرعة وابتعد قليلا ثم همس معتذرا: آسف يا نورة.. آسف يا أختي..
ألقى بجسده الواهن على الكرسي الكبير.. تنهد بعمق ثم أردف: نورة.. عندما يتعلق الأمر بروز.. أنسى نفسي..أنسى كل شيء.. فلا أعود أفكر إلا بها..لا أفكر إلا بحالها.. أرجوك أعذريني على فعلتي.. ولكن يا نورة.. أحسست أني انهرت.. كدت أموت حين نظرت في عينيها.. فوجدت فيها ذلك الجرح القديم.. جرح أنا السبب فيه.. نظرت في عينيها يا نورة وجدتها تغالب دموعها.. ولكم أمقت منظر دموعها.. نظرت في عينيها فوجدت الموت فيها.. وجدت هلاكي خلف أهدابها.. كانت روز ولكأنها فقدت حبيبا..
سكت يفكر هنيهة ثم نهض بسرعة وقال: نورة..
نظرت إليه نورة فقال: هل السبب بما تمر فيه روز الرجل الآخر؟
ثغرت نورة فمها ذهولا وقالت بلا وعي: ماذا؟
قال بغضب: هو السبب أعلم ذلك.. هو من أجرى مدامع روز وأرهق قلبها.. هو السبب.. أليس كذلك يا نورة؟
لم تجب نورة فأعاد قوله: أعلم أنه هو السبب.. ولكنه لو فعلا كان هو السبب.. سأقتله.. أقسم لك يا نورة سأقتله.. لن أسمح لأي مخلوق أن يجرح روز.. وخصوصا لو كان رجلا آخر.. أعدك أني لن أدعه يفلت بفعلته.. أعدك يا أختي ولكن دعيني أتأكد أولا..
قالت نورة بكلام غير مرتب مرتبك: فيصل أي رجل آخر؟ وحتى ولو أي شيء كان فلا تأتي بطاري القتل على لسانك.. أفهمت؟ وما الذي تستفيده إن قتلته؟ ألن تؤلم روز بفعلتك هذه؟
- لن أجيبك بشيء قبل أن تجيبيني..
- وبم أجيبك؟
- هل كل شيء بسبب الرجل الآخر؟
- ويحك يا فيصل.. أي رجل آخر تقصده وما أدراك أنت؟
- لا دخل لك.. المهم أني أعرف.. اسمعي يا نورة.. لا تخبري روز بما دار بيننا.. أفهمت؟ لا أريدها أن تعرف.. ولكن يا أختي.. إن علمت أن ما بها هو بسبب الأحمق ذاك.. قد أفعل مالا يخطر ببال مخلوق.. فقط لأجل عينيها..
قالت نورة برقة: ألهذه الدرجة تحبها يا فيصل؟
أغمض عينه بقوة وقال: بل أكثر.. أكثر أكثر يا نورة..
ابتسمت نورة ثم قالت: لا فائدة من ذلك كله يا فيصل الآن.. لديك روز الصغيرة.. أحبها كما تحب روز..والآن أعذرني يا أخي.. سأذهب لفهد منذ أن وصلنا لم أجلس معه..
- تفضلي يا أختي واعذريني على ما بدر مني.. أرجوك..
- لا عليك يا أخي.. لم يحصل شيء..
اقتربت منه نوره.. قبلت جبينه.. ففتح عينيه.. ضمها إليه بقوة وقال: تقطع يداي ولا أمدها عليك يا أختي..
همست نورة: أحبك كثيرا يا أخي..
- وأنا كذلك يا صغيرتي..
استلت نورة نفسها من بين ذراعيه وغادرت الحجرة.. بينما ظل فيصل في مكانه..سارحا شاردا.. يفكر.. كيف ينتقم من الرجل الآخر؟

خرجت نورة من غرفة المكتب فوجدتني أنظر إليها.. وقتها أدركت أن الهرب أفضل حل أتقاء لأسئلتي التي لا تنتهي..
اتجهت نورة بسرعة إلى الدرج محاولة الصعود دون الإصطدام معي أو التحدث معي حتى.. ولكني ما أن لمحتها خارجة حتى استأذنت من أمي وركضت خلفها.. ناديتها وناديتها لكنها لم ترد علي.. حاولت نورة أن تسرع خطواتها حتى تصل حجرتها قبل أن أصل إليها.. ولكن خطواتي كانت أسرع فلقد وصلت إليها وصحت بها: نورة.. أنا أحدثك التفتي إلي..
التفتت وقالت: آه روز.. ما بك؟
قلت بغضب: ما بي؟ أناديك ولا تردين علي!!
اصطنعت البراءة وقالت: أنا؟
- لا بل أنا!!
- اعذريني يا روز لم أسمعك.. أخبريني ماذا تريدين؟
- نورة..
- أجل..
- ماذا يريد منك فيصل؟
- وهل كل هذا النداء والهتاف لتسأليني ماذا يريد فيصل؟؟
- أجل.. أريد أن أعرف..
- لم يرد شيئا.. ساعدته في عمله.. هذا كل مافي الأمر..
- لا أصدقك!
- ولم لا تصدقيني؟؟ هذا ما حصل.. وأنت كما تشائين.. إن شئت صدقيني.. وإن لم تشائي ذلك.. فافعلي ما يحلو لك يا أختي..
- نورة.. هيا أخبريني.. أعلم أن خلف أسوار تلك الغرفة حصل شيئا مهما وليس مساعدة في عمل..
اقتربت مني.. وضعت يدها على كتفي وقالت: حبيبتي.. هذا ما حصل هناك.. فلا تشغلي بالك بأمور لم تحصل..إنما روز..أريد أن أخبرك شيئا..
- تفضلي يا نورة.. ماهو؟؟
- روز.. فيصل يحبك كثيرا كثيرا كثيرا.. فاختاري من يحبك بدل أن ترهقي قلبك وتنحريه مع من لا يحبك..
- نورة لم تقولين هذا الكلام؟؟
- لا شيء.. دعيني أذهب الآن.. أريد الذهاب لزوجي..ألا يكفيك أني سأنام هنا الليلة وهو في منزلكم؟؟
ربتت على كتفي.. ابتسمت إلي ودخلت حجرتها.. بينما ظللت أنا أناديها: نورة توقفي أرجوك نورة..
هزت لي رأسها بالنفي وأغلقت الباب..
- ويحك يا نورة.. سأريك..
كانت نورة واقفة خلف الباب تستمع لحديثي وتضحك..فسألها فهد: نورة حبيبتي.. هل جننت؟ تضحكين مع نفسك؟
أجابت ضاحكة: لا يا حبيبي.. ليس لوحدي.. إنما أضحك على روز..
- روز؟؟ وما بها روز؟؟
- تتوعدني أنها ستضربني..
ضحك وقال: لماذا تريد ضربك؟؟ أكيد أنا أنك فعلت ما يغضبها.. وإلا روز أختي ليست بمتوحشة أبدا..
اصطنت نورة الغضب وقالت:أتعني أن العيب مني صحيح؟؟ أجل اتفقوا الإخوة علي.. تلك تريد ضربي والسيد يدافع عنها..
مد فهد ذراعيه القويتين وضم نورة إليه فقال: أيتها الغبية.. لا تقولي هذا.. أنت لست مجرد ابنة عمي.. أنت زوجتي وحبيبتي وسيدة قلبي..
نظرت إليه وقالت بخفة: حقا؟؟
ضربها على رأسها بخفة مازحا وقال: أتشكين بحبي أيتها السيدة؟؟
دفنت رأسها في صدره وقالت: أبدا.. لا أفعل ولا أستطيع أن أفعل لأن القلب سيقتلني حينها..
- حفظك الله لي يا حبيبتي.. ولكن تعالي هنا.. لم تخبريني لم تريد روز أن تضربك؟
ضحكت وقالت: ألم تنس؟
- لا لم أنسى.. هيا أخبريني..
- فيصل أخي طلب مني أن أساعده في بعض أعماله.. سمعته حين طلب مني أليس كذلك؟؟
- أجل سمعته.. وما دخل ذلك بروز؟؟
- روز يا فهد كاد أن يقتلها الفضول.. تريد أن تعرف ماذا يريد مني فيصل..وعندما أخبرتها لم تصدقني.. تقول أن هنالك شيء مهم حصل.. أخبرتها أن شيء مهما لم يحصل إلا أنها لم تصدقني.. وعندما رأيت أن جدالي معها عقيما وأنها لا يمكن أن تقتنع.. تركتها ودخلت الغرفة..لذلك هي تود ضربي..
ضحك فهد بعمق ثم قال: كم أنت مجنونة يا أختي.. لا عليك يا نورة.. ثوان قليلة وستهدأ روز.. ولكن لا تحلمي أن تنسى الموضوع.. لأنها ستعود وتسألك عنه مرة أخرى.. فحضري لك أقراص الصداع لأن روز ستسبب لك صداع عظيما لا يمكن شفاءه..
- هيا يا فهد.. لا تتكلم عن روز بهذه الطريقة..
- أعلم وروز عزيزة بقلبي كما بقلبك..ولكن هذه هي الحقيقة.. أليس كذلك؟؟
- لا أدري ربما..
- نورة حبيبتي.. سنضطر غدا للعودة إى منزلنا..
التفتت إليه بسرعه وقالت: غدا؟؟ ولماذا؟لم أجلس معي أمي وروز وأخوتي كثيرا..
- أعلم يا حبيبتي وأنا أيضا لم أجلس مع سعود ولم أره حتى.. ولكن العمل اتصلوا بي وأخبروني أنه يجب أن أحضر غدا مساء لمسألة مهمة..
- أما تستطيع تأجيلها ليومين فقط؟
- لا ياحبيبتي.. حاولت ولكنهم رفضوا.. أخبروني أنها مهمة جدا ويجب أن أكون متواجدا.. وأنت تعلمين أنه لا يوجد أحدا بمثل تخصصي.. كنت أنا وعلاء صديقي.. إلا أن علاء ترك العمل.. فبقيت وحدي..
أطرقت نورة وقالت بحزن: كما تشاء يا فهد..
رفع ذقنها باصبعه وقال: حبيبتي.. أعلم أن حزينة.. وأنا كذلك حزين.. ولكن ما باليد حيلة.. سأعوضها عليك بأقرب وقت ان شاء الله.. لا تغضبي يا نور قلبي ولا تتضايقي.. أرجوك.. لا أحب أن أراك هكذا.. هيا ابتسمي.. لأجل حبيبك ابتسمي..
ارتسمت على شفتي نورة ابتسامة حلوة عذبة.. كيف لا وحبيب القلب طلب ذلك؟؟ألقت برأسها على كتف فهد وقالت ممسكة بيده: أنا معك أينما ذهبت.. وكيفما قضيت.. والحمدلله أني رأيتهم.. بإذن الله المرة القادمه نجلس أكثر..
صاح فهد: ويلومونني لو أحببتك؟؟ أحبك يا نورة.. أحبـــــــــك..
اصطبغ وجه نورة بالحمرة فقال فهد: أحبك..
نظرت إليه خجلة وأهدابها تظلل عينيها الخجلى وقالت: أحبك يا فهد..
قبّل فهد جبين نورة وقال: أعذريني الآن يا حبيبتي.. سأذهب إلى منزلنا.. أتريدين شيئا؟
- لا يا فهد.. فقط طمني عليك إن وصلت.. واتصل علي قبل أن تنام..
- من عيني..
- إلى اللقاء فهد..
- إلى لقاء قريب جدا يا نورة..
لوح لها فهد مودعا وخرج.. ابتسمت نورة بعذوبة وخجل.. وألقت بنفسها على فراشها متمددة.. بانتظار فهد أن يتصل عليها..


يتبع...
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م