مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة المفتوحة
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 20-01-2004, 01:00 AM
شوكت شوكت غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2001
المشاركات: 348
إفتراضي الشعر تحت المطر

الشعر تحت المطر


شوقي بغدادي
أن يمضي شاعر في عمري للمشاركة في احياء امسيتين شعريتين بعيداً في ريف حماة في البرد، وتحت المطر الغزير مغامرة خطرة!. لعل السبب هو انني ما ازال اتمتع بثمالة كافية في كأس العافية، والفضول لمعرفة الاماكن التي لم اتقن معرفتها بعد وخاصة تلك التي تغيب في مروج الريف وشجره، اضافة الى التسهيلات الحنونة التي يقدمها اصدقاء اوفياء مثل الثنائي الجميل الشاعر محمد منذر لطفي وزوجته الشاعرة ايضاً اسماً ومُسمى: «مروة حلاوة» في المبيت والمرافقة اللطيفة..

وصلت بالسلامة بالرغم من جوّ المخاطرة الذي صاحبنا طوال الطريق، وكنا ننام في حماة ثم ننطلق في اليوم التالي الى مقاصدنا في سيارة «اعارنا اياها مدير المركز الثقافي في حماة الاستاذ «فهد سلامة» ـ ابو سلام ـ متّعه الله بالثقافة، والصحة، والطاقة المتجددة على الحب..



الامسية الاولى كانت في «السقيلبية» وهي بلدة تقع في مطلع سفوح الجبال الغربية، وسكانها في حدود ثلاثة وعشرين الفاً، وفيها مركز ثقافي عريق ضخم عمره اكثر من اربعين عاماً. وحين وصلنا وبدأنا ننعم بدفء غرفة «روفائيل فرّوح» مدير المركز الذي سارع الى الترحيب بنا ببشاشة مؤثرة، عندها تفاءلنا بأن قاعة المحاضرات التي لمحناها من خلال بابها الموارب خاوية خالية سوف تمتلئ بعد قليل بالحضور ذلك ان التأخر عن موعد الامسية بات عادة متأصلة في مواعيدنا كما قال مدير المركز ممازحاً وبالفعل وجدنا القاعة بعد ثلث ساعة من التأخر عن الموعد في السادسة ممتلئة الى نصفها، ثم توافد اخرون فامتلأت الى ثلاثة ارباعها، فهدأت خواطري اذ لم يكن اوجع من الصعود الى المنبر في مواجهة «كمشة» من المستمعين البردانين.. ولكن الله سلّم بالرغم من المطر الذي كان يهطل، واستطاع ان يجذب، ويمتع، ويثير، ويمنح ذكريات حلوة عن هذه البلدة الريفية المتفتحة للحياة!.. ‏

في اليوم التالي كانت الامسية مختلفة في «محردة» وهي أقرب الى حماة، واقل سكانا اذ لم يكن عدد الحاضرين في القاعة الفخمة الواسعة اكثر من خمسين شخصاً.. ولكن النوعية الجيدة الحاضرة انقذت الموقف نسبياً، غير انني لم أكن في احسن احوالي وانا اواجه قاعة شبه خالية. وعندما عاتبتهم بصراحة ردّوا الاسباب الى الامتحانات المدرسية ولكنني لم اقتنع فأجبتُ بقولي: إن طلاب «السقيلبية» عندهم امتحانات ايضاً، وقد حضروا بالرغم من البرد والمطر الذي كان يهطل.. قبل الامسية في حين كان الطقس في «محردة» وادعاً هادئاً، فلماذا يا «محردة».. ايتها البلدة الراقية على صغرها، النظيفة، الكريمة كما لاحظت عند التجوّل في شوارعها المعبدة بعناية بالغة، وحين دعينا الى عشاء كريم في مطعم انيق بهمّة ودعوة مدير مركزها الثقافي «ابو جوني» الاستاذ سمير جرجس قشوة».. لماذا يا «محردة» الانيقة هذا الجفاء للشعر؟!... ‏

في مثل هذه الاسفار ليس الشعر وحده ما يعنيني وانما ايضاً الحديث مع الناس في الامور التي تشغلنا في هذه الايام وقد خرجت من هذه الحوارات بكثير من الانطباعات الهامة منها ان هُواة الاستماع للشعر يتناقصون اكثر فأكثر، وان الشعر العمودي ما يزال له جمهوره وخاصة في الارياف. غير ان المؤلم كما لاحظت اكثر من كل الهموم هو «الفساد» من خلال الحكايات التي سمعتها ومن الرغبة المحرقة للمتحدثين في تطويق الفساد اذا لم يكن ممكناً القضاء عليه تماماً. وما من شكّ أن الامل كان ما يزال يسري في عروق كثيرين ممن استمعت إليهم ان الخلاص ممكن حتى الآن. وما اكثر ما طُرح عليّ من اسئلة كانت تدور كلها حول المستقبل مثل: هل السرعة في انجاز الاصلاح مطلوبة ام التأني والتمهل والتدرج افضل؟... ‏

لم يكن لديّ بالطبع من الاجابات ما يُريح ضمائر الذين كانوا يثقون بي إلا انني بذلت جهدي في حدود الممكن للوصول الى غاية اساسية هي: ان المسؤولية في الاصلاح لا تقع على عاتق الحكام وحدهم بل على المواطنين اجمعين وان الحرية تؤخذ ولا تُعطى كما قالوا من قديم الزمن... ‏

وهي مفتاح الخلاص للجميع.. أما الشعر، والشعراء، والامسيات الشعرية، والمطر السخيّ، والثلج الذي يكلّل رؤوس الجبال، فهي جميعاً بحاجة ايضاً الى اهتمامنا وحبنا، فالاصلاح لا يقتصر على المعدة، والفن، واليد، والساقين، بل على الوجدان اولاً... الوجدان بمعناه الاشمل والاعمق في تذوق الجمال، وتوفير الحياة واحترام الآخر، وتقديس العدالة.. ‏

وكل امسية شعرية وانتم بخير، حتى تحت المطر!.. ‏
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م