مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 10-06-2005, 09:41 AM
rajaab rajaab غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 112
إفتراضي الشخصية

[size=5][font=Arial Black]




الشخصية
يقوم الإنسان بأعماله ليشبع غرائزه وحاجاته العضوية ومجموع هذه الأعمال هو سلوك الإنسان وهذا السلوك مرتبط بمفاهيم الإنسان عن الأشياء والأفعال والحياة. والسلوك هو الذي يدل على شخصية الإنسان، ولا دخل لهندامه أو شكله أو لونه أو جنسه في شخصيته.
فالشخصية هي طريقة عقل الإنسان للواقع، وهي أيضاً ميوله نحو الواقع.
وبمعنى آخر شخصية الإنسان هي عقليته ونفسيته. فما هي العقلية ؟ وما هي النفسية؟

العقلية:
قال تعالى : (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)
يحس الإنسان بالواقع، فيربط هذا الواقع بالمعلومات السابقة الموجودة لديه عن هذا الواقع، ثم يحكم على هذا الواقع بناء على القاعدة الفكرية التي يتخذها مقياساً له في تفكيره.
فالبترول – مثلاً – الذي أطلق عليه الذهب الأسود، واقع يحسه الإنسان ويثير عنده حب التملك، فيحكم عليه الإنسان بأنه يشبع غريزة البقاء.
ولكن القاعدة الفكرية التي يتخذها الإنسان مقياساً للحكم على الأشياء تضيف للحكم السابق بعداً آخر.
فالمسلم يرى أن البترول الذي يشبع غريزة البقاء يجب أن يكون ملكية عامة يأخذ منها حصته كما يأخذ غيره حصصهم، فلأفراد المجتمع جميعهم حق فيه، ويرى الرأسمالي أن البترول الذي يشبع غريزة البقاء ملكية فردية، يحق له أن يتملك ما يستطيع تملكه منه دون أن يراعي حقوق الآخرين.
والمرأة الجميلة واقع يثير الميل الجنسي عند الرجل، فيحكم عليه أنه امرأة تشبع جزءاً من غريزة النوع، ولكن القاعدة الفكرية التي يتخذها الإنسان مقياساً في حكمه على الواقع تضيف للحكم الأول بعداً آخر.
فالمسلم يرى أن المرأة التي تشبع غريزة النوع هي عرض يجب أن يصان، بينما الرأسمالي يرى أن المرأة التي تشبع غريزة النوع، هي سلعة يستفاد منها في إشباع غريزة النوع، وفي تحقيق المكاسب المادية كالتجسس والدعاية وجلب الزبائن، فيحكم أيضاً أن المرأة تشبع غريزة البقاء وتحقق له قيمة مادية.
وسبب الاختلاف في الحكم الذي أطلقه المسلم والرأسمالي على البترول وعلى المرأة آت من اختلاف القاعدة الفكرية، التي يفكر على أساسها كل من الاثنين.
فالعقيدة الإسلامية التي تنبثق عنها أحكام المسلم غير العقيدة الرأسمالية التي ينبثق عنها أحكام الرأسمالي.
فالعقلية هي الكيفية التي يجري على أساسها عقل الشيء أو إدراكه، أو هي الكيفية التي يربط بها الإنسان الواقع بالمعلومات بقياسها إلى قاعدة أو قواعد معينة.
والعقلية الإسلامية تعقل الأشياء والأفعال وتحكم عليها بناء على القاعدة الفكرية الأساسية عند المسلم، وهي العقيدة الإسلامية، لأن الأحكام الشرعية التي تنظم علاقة الإنسان بنفسه وبربه وبغيره، ويستعملها للحكم على الأشياء والأفعال، هذه الأحكام تنبثق عن العقيدة الإسلامية، فالمسلم يحس بالواقع ثم يربط الواقع بالمعلومات السابقة فيدرك ماهية هذا الواقع، ثم يبحث عن الحكم الشرعي لهذا الواقع، ويطلقه على هذا الواقع، وهذه العملية من الإحساس إلى إطلاق الحكم الشرعي تسمى العقلية الإسلامية، فمن يسلك هذه الطريقة في إدراك الواقع والحكم عليه يحمل عقلية إسلامية، فيحكم على الجهاد بأنه فرض، وعلى الصدقة بأنها مندوب، وعلى التفاح بأنه مباح وعلى التداوي بالنجس بأنه مكروه، وعلى الزنا بأنه حرام، لأن الحكم الشرعي وهو خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد لا يخرج عن أن يكون حكماً من الأحكام الخمسة : الفرض، والمندوب، والمباح، والمكروه، والحرام.
والذي يحدد أن الحكم حكم الشرعي هو أخذ الحكم من الدليل الشرعي المأخوذ من الوحي، أي هو انبثاق هذا الحكم عن العقيدة الإسلامية.
قال تعالى : (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) .
وكان الصحابة رضي الله عنهم يحملون عقليات إسلامية متميزة يدركون بها الواقع من وجهة نظر الإسلام، ففي صلح الحديبية يقول ابن هشام نقلاً عن ابن اسحق عن الزهري:
(فلما التأم الأمر، ولم يبق إلا الكتاب، وثب عمر بن الخطاب، فأتى أبو بكر، فقال : يا أبا بكر، أليس برسول الله ؟ قال : بلى، قال : أو لسنا بالمسلمين ؟ قال : بلى، قال : أو ليسوا بالمشركين؟ قال : بلى، قال عمر، فعلام نعطي الدنية في ديننا ؟ فقال أبو بكر : يا عمر، الزم غرزه، فإني أشهد أنه رسول الله ...) .
فأبو بكر بعقليته الإسلامية الفذة، أدرك أن صلح الحديبية الذي وافق عليه الرسول صلى الله عليه وسلم جائز، فقال لعمر الذي لم يدرك في أول الأمر ذلك الحكم : (الزم غرزه يا عمر – أي اتبع أمره – فإني أشهد أنه رسول الله) ، فقد انبثق حكمه على الصلح من العقيدة الإسلامية، وهي كونه يشهد أن محمد رسول الله ...، ويتلقى الأمر من الله تعالى.
أما عمر بن الخطاب، وهو أيضاً عقلية إسلامية متميزة فقد قال لأبي بكر : وأنا أشهد أنه رسول الله، ثم أتى الرسول عليه السلام فقال : يا رسول ألست برسول الله ؟ قلى : بلى، قال عمر، فعلام نعطي الدنية في ديننا؟ قال : أنا عبد الله ورسوله ولن أخالف أمره، ولن يضيعني.
قال الزهري : فكان عمر يقول : ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق، من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت به، حتى رجوت أن يكون خيراً.
فعمر بقوله : (وأنا أشهد أنه رسول الله) يبين بأنه لا يزال مسلماً، ولا يزال يأخذ أحكامه من الإسلام، وقد ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ حكم الصلح منه، ورضي به.
فالقاعدة الأساسية التي يتخذها الإنسان لتكون مقياساً للحكم على الواقع هي التي تحدد نوع العقلية، فالذي يعقل الواقع من جهة نظر الإسلام تكون له عقلية إسلامية، والذي يعقل الواقع من وجهة نظر الرأسمالية تكون له عقلية رأسمالية، والذي يعقل الواقع من وجهة نظر الشيوعية تكون له عقلية شيوعية، والذي يعقل الواقع من وجهة نظر قاعدة لا أساس لها، تكون عقليته غير متميزة.

النفسية:

قال عليه السلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) .
إن الغرائز والحاجات العضوية عند الإنسان، تتطلب إشباعاً، وتدفع إلى القيام بأعمال من أجل الإشباع، وتحرك الإنسان فطرياً نحو الإشباع تسمى دوافع، فإن تركت هذه الدوافع دون ضوابط، أشبع الإنسان غرائزه وحاجاته العضوية على هواه، إلا أن هذه الدوافع لا بد وأن ترتبط بمفاهيم الإنسان عن الأعمال والأشياء، لأن الإنسان يعيش في مجتمع تتحكم فيه أفكار معينة، وتؤثر فيه هذه الأفكار فتجعل لديه مفاهيم معينة تتحكم في دوافعه.
هذا الارتباط بين الدوافع ومفاهيمه الذي يحدث تلقائياً في داخله يطلق عليه الميول، فالميول أرقى من الدوافع، لأن الميول دوافع مرتبطة بمفاهيم.
ودوافع الإشباع موجودة عند الإنسان وعند الحيوان، بينما الميول موجودة عند الإنسان وغير موجودة عند الحيوان، لأن الإنسان يتميز عن الحيوان بالإدراك، وبالإدراك وحده توجد المفاهيم.
فالنفسية هي الكيفية التي يربط بها الإنسان دوافع الإشباع بالمفاهيم، وهذه المفاهيم تعود إلى أفكار معينة تنبثق عن وجهة النظر المحدودة أو غير المحدودة في الحياة .
فإن كانت المفاهيم تنبثق عن العقيدة الإسلامية كانت النفسية نفسية إسلامية، وإن كانت المفاهيم تنبثق عن العقيدة الشيوعية أو الرأسمالية كانت النفسية نفسية شيوعية أو نفسية رأسمالية، وإن كانت المفاهيم تنبثق عن قواعد متعددة كانت النفسية فوضوية.
والنفسية هي التي تجعل الإنسان يقدم على القيام بالعمل أو يحجم عن القيام به، فهي التي تتحكم في دوافع الغرائز والحاجات العضوية.
فالمسلم قبل تحريم الخمر كان يقدم على شربها، لأن مفهومه عنها أنها مباح، ولما نزل قوله تعالى : (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر، ويصدكم عن ذكر الله، وعن الصلاة، فهل أنتم منتهون) قالوا عندما سمعوا الآية : قد انتهينا، وعمدوا إلى الخمور التي في حوزتهم وسكبوها في شوارع المدينة، وصاروا بعد ذلك يحجمون عن شرب الخمر.
فتغيير المفهوم عن الخمر غير الميل إلى الخمر، وهذا الميل الجديد الناتج عن ربط الدافع بالمفهوم هو النفسية.
وجاءت المفاهيم الإسلامية لتغيير ميول العرب، وقد غيرتها جذرياً، وتروي لنا السيرة قصة أخوين أحدهما أسلم وهو محيصة بن مسعود، والآخر ظل على كفره حويصة ابن مسعود، إذ طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلم محيصة أن يقتل كعب بن يهوذا أحد زعماء بني قريظة، فقتله فجاء أخوه الكافر يعاتبه قائلاً : أقتلت كعب بن يهوذا، أما والله لرب شحم قد نبت في بطنك من ماله، إنك للئيم يا محيصة، فقال محيصة : لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلك لقتلتك، قال حويصة : والله إن ديناً بلغ بك هذا لعجب، فأسلم حويصة.
فنفسية الشقيق المسلم التي ربطت دوافعه بمفاهيمه جعلت ميوله حسب الأحكام الشرعية لا حسب غرائزه ومصالحه، مما جعله يقول لشقيقه الكافر : لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلك لقتلتك، وهذه النفسية الصادقة التي أوجدها الإسلام جعلت أخاه الكافر يعلن إسلامه.


الشخصية عقلية ونفسية:
قال عليه السلام : (لا يؤمن أحدكم حتى أكون عقله الذي يعقل به) .
قال عليه السلام : (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) .
العقلية هي الكيفية التي يجري على أساسها عقل الواقع أو إدراكه، أو هي الكيفية التي يربط بها الإنسان المعلومات السابقة بالواقع بقياسها إلى قاعدة أو قواعد معينة.
والنفسية هي الكيفية التي يربط بها الإنسان دوافع إشباع غرائزه وحاجاته العضوية بمفاهيمه، أو هي الميول الناتجة عن ربط المفاهيم بالدوافع.
فما هو الرابط بين النفسية والعقلية؟
إن الأمر الطبيعي في الإنسان أن يدرك الأشياء والأعمال، ثم يحكم عليها بالقياس إلى قاعدة معينة كالعقيدة التي يعتنقها، ومن هذا الإدراك يحصل عنده مفاهيم، أي يصبح لأفكاره مدلولات في الواقع، يقع عليها الحس أو يتصورها الذهن ويصدقها كواقع محسوس، فتؤثر هذه المفاهيم في دوافع الإشباع وتخضعها، فتصبح لديه ميول للإشباع ناتجة عن ربط المفاهيم بالدوافع، عندها، يكون الارتباط بين عقلية الإنسان ونفسيته حاصلاً لأن المفاهيم التي تكونت عنده عن طريق عقل الواقع (أي عقليته) تحكمت في الميول الناتجة عن ربط المفاهيم بالدوافع (أي نفسيته).
وهذا الارتباط بين العقلية والنفسية يظهر واضحاً في الشخصية المتميزة، فهذا أنس بن النضر أحد الصحابة رضي الله عنه قد مر في غزوة أحد بعمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار، وقد جلسوا وألقوا سلاحهم بعدما أشيع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل، فقال لهم أنس : ما يجلسكم؟ قالوا : قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : فماذا تصنعون بالحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استقبل قريشاً، فقاتل حتى قتل رحمه الله. هذا السلوك من أنس بن النضر يدل على شخصيته المتميزة ويدل على ارتباط وثيق بين عقليته ونفسيته، فأنس بن النضر أحس بالواقع وهو تخاذل الصحابة بعد إشاعة قتل الرسول صلى الله عليه وسلم، فربط هذا الواقع بالمعلومات السابقة (مرارة الهزيمة، وتحريم التولي يوم الزحف، وأثر إشاعة مقتل الرسول على الصحابة) ، وحكم على هذا الواقع بقياسه إلى القاعدة الأساسية لأفكاره، وهي العقيدة الإسلامية، بأن القتال فرض، وأن عقبى الشهيد الجنة، وأن الأجل محدود، وأن الفرار من المعركة حرام، وهذه الأفكار مفاهيم عنده، لأنه يتصورها ويصدقها ويؤمن بصحتها، ثم ربط بين هذه المفاهيم ودوافع غرائز البقاء التي من مظاهرها، المحافظة على الحياة، والخوف من الموت فسيَّر هذه الدوافع بمفاهيمه، وصار يميل إلى القتال ولو أدى إلى ما يخالف الدوافع الغريزية، فعقلية أنس بن النضر الإسلامية، غيرت دوافعه، وجعلتها ميولاً إسلامية، فصارت نفسيته تميل إلى القتال وإلى الشهادة واللحاق برسول الله صلى الله عليه وسلم.
  #2  
قديم 10-06-2005, 09:42 AM
rajaab rajaab غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 112
إفتراضي تتمه

وقد ترجم أنس شخصيته السامية المتميزة إلى سلوك تجسد في قتال المشركين.
فالعمل غير الشخصية، وغير العقلية والنفسية، ولكنه أثر من آثارها.
والشخصية قد تكون شخصية متميزة، وقد تكون شخصية غير متميزة.
والشخصية المتميزة هي الشخصية التي تكون عقلية صاحبها ونفسيته من جنس واحد، فتكون ميوله خاضعة لمفاهيمه، أي تكون نفسيته خاضعة لعقليته، فهو يميل إلى الأشياء والأعمال التي لديه مفاهيم عنها في إشباع غرائزه وحاجاته العضوية قياساً على القاعدة الفكرية الأساسية التي يستند في تفكيره إليها.
وحتى تكون الشخصية متميزة ولها لون معين لا بد أن تكون القاعدة الفكرية الأساسية عامة، بحيث تصلح لأن ينبثق عنها جميع الأحكام اللازمة لتنظيم جميع علاقات الإنسان، بربه وبنفسه وبغيره، ولا يتأتى ذلك إلا إذا كانت هذه القاعدة الأساسية فكرة كلية عن الكون والإنسان والحياة، بحيث تحل العقدة الكبرى عند الإنسان وهي إشباع شعوره بالنقص والعجز والاحتياج، وبحيث ينبثق عنها نظام لإشباع غرائز الإنسان وحاجاته العضوية جميعها.والشخصية المتميزة لا تكون إلا مبدئية، كالشخصية الإسلامية والشخصية الرأسمالية والشخصية الشيوعية، لأن عقلية ونفسية كل منها مقياسها في تفكيرها وميولها عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام، ينظم جميع علاقات الإنسان، وذلك هو المبدأ.وتكون الشخصية الإسلامية السامية إسلاماً يسير على الأرض، متجسداً في إنسان آمن بالعقيدة الإسلامية، فكرة كلية عن الكون والإنسان والحياة، وعما قبل الحياة الدنيا، وعما بعدها، وعن علاقتها بما قبلها وبما بعدها، وصارت هذه العقيدة هي القاعدة الفكرية التي على أساسها يفكر المسلم، فيربط الواقع بالمعلومات السابقة، ويحكم على الواقع بمقياسها وهو الأحكام الشرعية : الفرض، والمندوب، والمباح، والمكروه، والحرام، وصارت هذه العقيدة هي الأساس لميوله، فصار يربط مفاهيمه الناتجة عنها بدوافع الإشباع الناتجة عن الطاقة الحيوية المتمثلة بغرائزه وحاجاته العضوية.وبذلك تكون الشخصية الإسلامية شخصية متميزة، عقليتها ونفسيتها من جنس واحد، تستندان إلى قاعدة أساسية واحدة، هي العقيدة الإسلامية.
والشخصيات الإسلامية تتفاوت في القوة، فالمسلم إذا جعل العقيدة الإسلامية أساساً لتفكيره وميوله أصبح شخصية إسلامية، إلا أن هذه الشخصية إن حرصت على فعل المندوبات إلى جانب الفروض، وابتعدت عن المكروهات مع الابتعاد عن الحرام، وفعلت من المباحات ما يقربها من الفرض والمندوب، وأحجمت عن فعل المباحات التي تغريها بالحرام والمكروه.
إن فعلت كذلك كانت شخصية إسلامية متميزة وسامية، استطاع صاحبها أن يضبط فكره وميله، ومن ثم عمله بالمفاهيم الإسلامية.
والمسلم الذي يكتفي بأن يقوم بالفروض والمباحات وبعض المندوبات، وأن يحجم عن القيام بالحرام وبعض المكروهات، تكون شخصيته شخصية إسلامية أضعف من الشخصية السابقة الذكر.
وإن اكتفى المسلم بفعل الفروض والمباحات والإحجام عن فعل الحرام، ولا يضيره أن يفعل المكروهات وأن يترك المندوبات، كانت شخصيته شخصية إسلامية ضعيفة... وبين هذه النماذج الثلاثة السابقة تتراوح نماذج أخرى عديدة من الشخصيات الإسلامية قوة وضعفاً.والمسلم قد يرتكب الحرام، أو يترك الفرض، ويظل شخصية إسلامية ما دامت العقيدة الإسلامية أساساً لتفكيره وميوله، أي لعقليته ونفسيته، لأن وجود الثغرات في السلوك لا يخرج المسلم عن كونه شخصية إسلامية، فقد يغفل أو يخطئ في ربط مفهوم من المفاهيم بعقيدته الإسلامية، وقد يجهل تناقض ميل من ميوله مع هذه العقيدة، فيحكم على الواقع حكماً غير إسلامي، ويميل للقيام بعمل لا يقره الشرع، وقد حصل من الصحابة رضوان الله عليهم بعض الثغرات في السلوك ففي غزوة حنين فرّ معظمهم، وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يواجه العدو مع نفر قليل، وبعد انتصارهم، تحدث الأنصار عام الفتح بأن الرسول وجد عشيرته وظنوا أنه لن يرجع معهم إلى المدينة، وفي غزوة بني المصطلق تنادوا لقتال بعضهم بعضاً بسبب تنبه مفاهيم الأعماق التي ظلت فيهم من جاهليتهم، وهذا حاطب بن أبي بلتعة، عندما سمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيغزو قريشاً في مكة، أرسل لهم رسالة يخبرهم بالأمر، ولما كشف الوحي فعلته، أتوا بحاطب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له : يا حاطب ما حملك على هذا ؟ فقال : يا رسول الله، أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله، ما غيرت ولا بدلت، ولكنّي كنت امرءاً ليس لي في قريش أصل ولا عشيرة، وكان لي بينهم ولد وأهل، فصانعتهم (أي فعلت ذلك مقابل أن يحفظوا أهلي، والمصانعة : الرشوة) . فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه، فإن الرجل قد نافق فقال صلى الله عليه وسلم: وما يدريك يا عمر، لعل الله قد اطلع إلى أصحاب بدر يوم بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، فأنزل الله تعالى في حاطب : (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة) إلى قوله تعالى : (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه، إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم، ومما تعبدون من دون الله، كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده).
فحاطب بن أبي بلتعة ظل مسلماً، وظلت شخصيته شخصية إسلامية، رغم أنه قام بعمل حرام، وهو التجسس على المسلمين، واستحق العقوبة، إلا أنه لم ينكر شيئاً من العقيدة الإسلامية، ولم يتخل عنها كقاعدة أساسية في تفكيره وميوله، ويدل على ذلك رده على الرسول بقوله : (إني لمؤمن بالله ورسوله، ما غيرت ولا بدلت) ولكنه برر تصرفه المنافي للشرع بأنه يريد المحافظة على أهله في مكة، ففي هذا التصرف لم يربط ميوله بمفاهيمه الإسلامية، وإنما سيرته غريزة النوع للمحافظة على أولاده وأهله، فحصلت عنده هذه الثغرة في السلوك، نتيجة انفلات هذا الميل من مجال العقيدة الإسلامية، وذلك بجذب من غريزة النوع.
فتصرف الصحابة في غزوة أحد، وفي غزوة بني المصطلق لم يخرجهم عن كونهم شخصيات إسلامية، وقد وصفت الأدلة الشرعية من آيات وأحاديث هذه الشخصيات الإسلامية حين وصفت المؤمنين والصحابة قال تعالى : (محمد رسول الله، والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً)، وقال عنهم في جهادهم : (وينصرون الله ورسوله) وقال : (جاهدوا بأموالهم وأنفسهم) ووصف عبادتهم بقوله : (والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً) وبقوله : (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً) وبقوله : (وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) وبقوله : (التائبون العابدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين) ، ووصف أخلاقهم بقوله: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً) وبقوله : (أولئك هم الصادقون) وبقوله : (لا يسألون الناس إلحافاً) وبقوله (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس) وقال عليه السلام : (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) .
فهم شخصيات إسلامية، يجمعون بين العبادة والسياسة، وبين القيادة والرعاية، وبين الرحمة والعدل، وبين قيام الليل والجهاد، يبتغون فيما أعطاهم الله الدار الآخرة، ولا ينسون نصيبهم من الدنيا، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ويحاسبون الحكام لا يخشون في الله لومة لائم، فعقولهم وميولهم تبع لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنهم أدركوا معنى قوله عليه السلام : (لا يؤمن أحدكم حتى أكون عقله الذي يعقل به) وقوله : (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) .


الشخصية غير المتميزة:

قال تعالى : (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون) .

والشخصية غير المتميزة، تكون عقلية صاحبها غير نفسيته.
والشخصية غير المتميزة تنشأ عند الإنسان إذا كانت القاعدة التي يبني على أساسها أفكاره غير القاعدة التي يبني على أساسها ميوله، فيحكم على الأشياء والأفعال قياساً بالقاعدة التي يعقل بها الواقع (أي عقليته) بينما يميل لإشباع غرائزه وحاجاته العضوية حسب مفاهيم أخذها من قاعدة أخرى استعملها في ربط المفاهيم مع الدوافع (أي نفسيته) .
وأصحاب الشخصية غير المتميزة يظهر عليهم الاضطراب والقلق في سلوكهم، لأن تفكيرهم غير ميولهم فيعطون أحكاماً على الواقع يخالف ميلهم وتصرفهم تجاه هذا الواقع.
وقد ظهرت هذه الشخصيات غير المتميزة في مجتمع المدينة المنورة زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أظهروا إسلامهم وأضمروا الكفر، وصاروا يحكمون على الأشياء والأفعال من وجهة نظر الإسلام، ولكن ميولهم ظلت خاضعة لمفاهيم الجاهلية المستندة إلى كفرهم، وقد وصفهم الله وصفاً دقيقاً في القرآن الكريم مبيناً تناقض عقليتهم وأحكامهم مع ميولهم وأعمالهم، قال تعالى : (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين، يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون، في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون، وإذا قيل لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، إلا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون، وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس، قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء، إلا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون. وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون)، وقال الله تعالى : (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها، ويهلك الحرث والنسل، والله لا يحب الفساد) .
فعقليتهم التي يدل عليها كلامهم، تظهرهم وكأنهم مسلمون، فيقولون : آمنا بالله وبرسوله وباليوم الآخر وزيادة في التمويه يشهدون الله على ما في قلوبهم، ولكن ميولهم لا تزال مسيرة بمفاهيم الكفر، لأن الكفر هو عقيدتهم، وهم يقومون بأعمالهم لإشباع غرائزهم وحاجاتهم العضوية بناء على مفاهيم الكفر، فيفسدون في الأرض ويخاصمون الناس ويتذرعون بأوهى الحجج ليقعدوا عن القتال، بل ويثبطون غيرهم، كما انسحبوا من جيش المسلمين قبل بدء المواجهة مع المشركين في غزوة أحد.
والشخصية غير المتميزة أيضاً، هي التي تتخذ قاعدة أو قواعد معينة مقياساً لتفكيرها وميولها، أي لعقليتها ونفسيتها، ولكن هذه القاعدة أو القواعد لا تعطي فكرة كلية عن الكون والإنسان والحياة، ولهذا لا تصلح لأن ينبثق عنها نظام شامل، ينظم جميع علاقات الإنسان، وإنما ينبثق عنها أنظمة تنظم بعض هذه العلاقات كالنصرانية اليوم، التي تنظم بعض الغرائز والحاجات العضوية، فيضطر معتنقها لأن يشبع بقية غرائزه وحاجاته العضوية حسب قواعد أخرى وبنظام آخر.
والشخصية غير المتميزة قد تكون فوضوية، فلا يضع صاحبها قاعدة أو قواعد ثابتة لعقليته ونفسيته، فتفكيره وميوله تجاه الأشياء والأفعال يختلفان ويتناقضان ويتفاوتان ويتأثران بالبيئة من حين لآخر. فصاحب هذه الشخصية لا يتخذ قاعدة معينة ثابتة للحكم على الأشياء والأفعال، فيصدر أحكاماً مختلفة على الشيء الواحد، كأن يحرم اللحم على نفسه، ثم يعود عن ذلك الحكم فيحله.
وهو أيضاً لا يتخذ قاعدة معينة ثابتة لنفسيته، فيميل ليشبع غريزة التدين إلى عبادة الشمس، ثم يترك ذلك فيميل إلى عبادة النهر ...
والشخصية غير المتميزة قد تكون رتيبة، فيتخذ صاحبها قاعدة أو قواعد ثابتة للحكم على الأفعال والأشياء المحسوسة لديه، ولا تتسع هذه القاعدة أو القواعد للحكم على الأشياء والأفعال المتجددة، ويحدد ميوله بناء على هذه القواعد الجامعة دون أن يكون فاعلاً أو منفعلاً بما يحيط به من وقائع، فيكون رتيباً في تفكيره وميوله، ولا يحدد فيهما أبداً، فيبدو في تصرفاته كالآلة ... يضبط الناس ساعاتهم على وقت مروره في الشارع، وإن تعرض لأحداث جديدة، وقف تجاهها معطل الذهن، ومتبلد الشعور، فلا يجد أفكاراً للحكم عليها، ولا يحدد ميوله تجاهها.
[/font][/size]
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م