# زوال الـهــم والغــم .
من الأسباب الموجبة للسرور وزوال الهم والغم السعي إلى إزالة الأسباب الجالبة للهموم ، وإلى تحصيل الأسباب الجالبة للسرور ، وذلك بنسيان ما مضى عليه من المكاره التي يمكنه ردها ، ومعرفته أن اشتغال فكره بها من باب العبث والمحال ، وأن ذلك حمق وجنون فيجاهد قلبه عن التفكير فيها ، وكذلك يجاهد قلبه عن قلقه لما يستقبله مما يتوهمه من فقر أو خوف أو غيرهما من المكاره التي يتخيلها في مستقبل حياته ، فيعلم أن الأمور المستقبلية مجهولة .. غير معروف ما يقع فيها من خير وشـر وآمـال وألام ، وأنها بيد العزيز الحكيم ليس بيد العباد منها شئ إلا السعي إلى تحصيل خيراتها ودفع مضراتها ، ويعلم العبد أنه إذا صـرف فكره عن قلقه من أجل مستقبل أمره ، واتكل على ربه في إصلاحـه واطمأن إليه في ذلك .. إذا فعل ذلك اطمأن قلبه وصلحت أحواله وزال عنه همه وقلقه . ومن أنفع ما يكون في ملاحظة مستقبل الأمـور استعمـال هذا الدعـاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعـو به: (
اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي إليها معـادي ، واجعل الحياة لي زيادة في كل خير ، والموت راحـة لي من كل شـر ) . وكذلك قوله: (
اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلـى نفسـي طـرفـة عين ، وأصلح لي شأنـي كلـه ، لا إلـه إلا أنــت ) .
فإذا لهـج العبد بهـذا الدعاء الذي فيه صلاح مستقبله الديني والدنيوي بقلب حاضـر ،ونية صـادقـة ، مع اجتهاده فيما يحقق ذلك ، حقق الله له ما دعاه ورجاه وعمل له وانقلب همـه فـرحـاً وسـروراً .