الأسرة السعيدة التعيسة

[hasan_a300]

الأسرة السعيدة التعيسة
يبدأ برنامجه اليومي بعد صلاة الفجر , حيث يتفقد شجيرات حول منزله المغلف بالحب والتسامح والطيبة السامية ثم يذهب بعد ما يقارب الساعة الى حجرات أبنائه واحدا تلو الآخر ويقوم بإيقاظهم من نومهم وبطريقته الساحرة المحببة التي أعتادها أبناءه الذكور منهم والإناث . لم يمر يوما من الأيام إلا وتسمع الضحكات مجلجلة في منزله وفي كل وقت ولكن في الصباح الباكر ومع كل يوم جديد تسمع الضحكات بشكل تلفت نظر من لا يعرف هذا المنزل . ثم بعد سماع فيتامينات القلب ( الضحكات ) ترى الأسرة مجتمعة حول مائدة الإفطار وكل واحد منهم يخدم الآخر دون طلب منه , وهذا ناتج عن الحب الذي عاش وتغلغل في أجواء هذه الأسرة منذ صغرها الى أن كبرت وترعرعت وصارت خلال سنوات من فردين الى أحد عشر فردا , كلهم على قلب واحد – وسبحان مؤلف القلوب – ثم بعد الانتهاء من الإفطار تبدأ الام في تقبيل أبناءها الصغار والكبار وتودعهم عند عتبة الباب وهم ذاهبون الى مدارسهم ومعاهدهم , والأب يقوم بإيصالهم واحدا تلو الآخر رغم أن لديه الامكانية لجلب سائق أو أثنين وكذلك رغم وجود باصات النقل من وإلى المدارس , إلاّ أنه لايطمئن أن يكونوا مع أحد غيره , وكل ذلك من حبه الشديد لهم , فقد تحمّل الكثير من المتاعب في سبيل إسعادهم رغم انشغاله بأعماله الخاصة . وبعد فترة الصباح الملئية بالنشاط تجده مع أبنائه يقوم بمساعدتهم حتى أنه يقوم بحل كثير من مسائل المواد الدراسية ويخطئ ويخبره ابنه او ابنته بأنه مخطئ في حل هذه المسألة غير أنه يصر على مساعدتهم بكل ما يملك من قدرة ومعلومة . تأتي فترة المساء وتجد أحلى ليالي السمر وأفضل أوقات السهر بين تلك الأسرة فهناك اللعب والمرح والنقاش الذي تكاد تجزم أنه يدور بين عمالقة في فنون الأدب , وكذلك المسابقات الدينية والثقافية والرياضية والفنية لها النصيب الاكبر من وقت هذه الأسرة , حتى إعداد طعام العشاء ترى المشاركين فيه من الجنسين الاولاد والبنات دون حرج أو خجل 0
وحينما تحين العطلة الاسبوعية ترى الكل منهم يتهافت على حمل ما يحتاج من المتاع ووسائل اللهو والمرح , وفي هذه العطلة لا تجدهم أبدا في منزلهم , فالرحلات البرية وزيارة المسجد الحرام والمسجد النبوي تكاد تكون مستمرة رغم بعدهم قليلا .
وفي ذات يوم من أول أيام هذه العطلة الصيفية , عقدت الاسرة العزم على السفر الى إحدى المدن ذات الاجواء المعتدلة , وذلك لقضاء الاجازة بعد تعب عام كامل , وقبل السفر أصر الأب المحب الحنون إلا أن يودع بعض أقرباءه ومن ثم يعود لأسرته , ولكن هيهات أن يعود فهناك من يتربص به ريب المنون , ويتحين ساعة أجله غير عابئ بما خلّف من براءة لم يكتمل نموها بعد , وغير عابئ بالصغار الذين ينتظرونه بلهفة , ماهذا أيها القدر المحتوم ؟ ألا ترحم صغارا بالكاد يمشون ( اللهم لااعتراض ) وبعد توديع اقرباءه وأحبابه عاد من حيث أتاهم في سيارته الجديدة والتي اشتراها خصيصا لهذه العطلة , التي تم التخطيط لها قبل اسبوع من بدايتها , ولكن القدر المحتوم كان أسرع منه فاعترضت طريقه شاحنة لم تمهله أن يودع أبناءه أو يوصيهم أو يلقي عليهم النظرة الأخيرة نظرة الوداع , فاصطدم بالشاحنة ولم يتم إخراجه إل بعد ساعتين وبعد تقطيع السيارة بالمنشار الحديدي .

المصاب جلل والفاجعة كبيرة , والأسرة تنتظر عودة الأب ولا تعلم أنها تنتظر خبره . أما بقية الاقارب والجيران والاصحاب فقد علموا بالخبر , وكانت الحيرة بينهم كلهم في كيفية إيصال الخبر إلى أسرته , فكل شئ يهون إلا نقل هذا الخبر إلى أبناءه وبناته وزوجته , وكان لابد من ذلك , وحينما علمت الزوجة بالخبر أصيبت بصدمة شديدة انتقلت معها إلى الرفيق الأعلى , وإحدى بناته أصيبت بانهيار عصبي أدى إلى جنونها والبقية الله أعلم بحالهم وما جرى لهم من الهم والغم والحزن والأسى . .
إنها الحياة المرة التي دائما ما نسميها بالحلوة , فأين حلاوتها وقد مزقت القلوب , فليس فيها سوى النسيان الذي لولا أن أنعم الله به علينا لمتنا كمدا وحسرة وحزنا على كل حبيب وصاحب يغادرنا الى الدار الاخرة 0
قال تعالى (( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى )) 0
آسف على الاطالة ولكن كون هذه القصة حقيقية فلم استطع الاختصار أكثر مما فعلت . وبالله التوفيق


[ 17-08-2001: المشاركة عدلت بواسطة: hasan_a300 ]

[alsamer]

اللهم احسن خاتمتناوشكرا لك اخي hasan

[بسمة امل]

السلام عليكم

موضوع شيق اخي حسن ...

لكن لا احد يعرف اين الحكمة موجودة وطالما كانت هذه الاسرة اسرة متعاونة متحابة و قائمة على اسس صحيحة .. فالله سبحانه وتعالى لا يتخلى عن عباده .. فربما كان هذا امتحان او ابتلاء وبالتاكيد لا اعتراض على القدر ونسال الله الثبات والرحمة في الدنيا والاخرة

شكرا لطرح الموضوع