عفواً Ashoja3 = الشجاع
على كل حال ها هو تكملة الموضوع
[HR]
سابعاً: ماذا يجب على المسلم بعد الدعاء
وبعد أن رفع المسلم يديه إلى بارئه يسأله من فضله ويستعين به على أعباء الحياة مجتهداً آخذاً بأسباب الإجابة وآداب الدعاء، فعليه بعدها مراعات أدبان مهمان بعد الدعاء، قد يكونا أهم الآداب وأكثرها صعوبة على الإنسان ذلك أن الإنسان خلق جحوداً عجولاً.
أولاً.. بعد أن يدعو الإنسان ربه عليه بالصبرواليقين بالإجابة والتوكل على الله والإيمان بأن الله معه لن يتركه بعد أن وكل إليه أمره ولجأ إليه.
ثانياً.. عدم الإستعجال، وقد خلق الإنسان عجولاً. والإستعجال يفسد كل الشروط والآداب السابقة ويمنع الإجابة فقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا يَزَال يُسْتَجَاب لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَة رَحِم مَا لَمْ يَسْتَعْجِل" قِيلَ يَا رَسُول اللَّه وَمَا الاسْتِعْجَال " قَالَ يَقُول قَدْ دَعَوْت فَلَمْ أَرَ يُسْتَجَاب لِي فَيَسْتَحْسِر عِنْد ذَلِكَ وَيَدَع الدُّعَاء ".
وأخيراً... على المسلم أن يرضى بما قدّره الله له ويحتسب أجر الدعاء عند الله عز وجل وينتظر الفرج من عنده سبحانه مؤمناً بأن " ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج" وألا يترك الدعاء ويصر عليه حتى لا يكون كمن قال الله عنهم " وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ".
وأن يكثر اللجوء الى الله، واذا أجابه الله ان يكون شاكراً لنعمته سبحانه ولا يكون كمن قال الله فيهم " وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ". وقوله سبحانه " وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ "
وعلى المسلم ألا ينسى ان الفضل كل الفضل لله سبحانه وتعالى وأنه عبد فقير ذليل لا حول له ولا قوة. ولا يكون كمن قال الله فيهم " فَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ".
ثامناً: استجابة الله للدعاء
عَنْ أَبِي سَعِيد أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَا مِنْ مُسْلِم يَدْعُو اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلا أَعْطَاهُ اللَّه بِهَا إِحْدَى ثَلاث خِصَال: إِمَّا أَنْ يُعَجِّل لَهُ دَعْوَته، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرهَا لَهُ فِي الأُخْرَى وَإِمَّا أَنْ يَصْرِف عَنْهُ مِنْ السُّوء مِثْلهَا " قَالُوا إِذًا نُكْثِر قَالَ " اللَّهُ أَكْثَر ".
فهذا هو وعد الرحمن ورسوله.... لمن اتبع السبيل وحرص على الأخذ بالأسباب أحدى ثلاث: إما الإجابة وإما الثواب وإما إزالة سوء... وكما قال الحبيب المصطفى " عجباً لأمر المؤمن إن أمره كلَّه له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سرَّاء شكر، فكان خيراً، وإن أصابته ضرَّاء صبر، فكان خيراً له ".
ومع هذا فقد وعد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بألا ترد دعوة مضطر او مظلوم او دعوة بالغيب رحمة ورأفة بأمة محمد صلى الله عليه وسلم. قال سبحانه وتعالى " أمن يجيب المضطر إذا دعاه". وقال صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن " اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب". وقال صلى الله عليه وسلم "ما من مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال ملك: ولك مثل ذلك".
وللدعاء المستجاب علامات يعرفها المؤمن ومنها " الخشية والبكاء والقشعريرة، وربما تحصل الرعدة والغشي والغيبة، ويكون عقيبه سكون القلب وبرد الجأش وظهور النشاط باطناً والخفة ظاهراً حتى يظن الداعي أنه كان على كتفه حملة ثقيلة فوضعها عنه".
فصل: حكمة عدم الإجابة
قال تعالى: "وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً"
فالمسلم المتوكل على الله يعلم علم اليقين أنه إذا دعا الله فلم يستجاب له فذلك لحكمة عند الله لا يعلمها أو لذنب اقترفه او تقصير. قال تعالى " ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه..". وقد تكون الإجابة مؤجلة في الدنيا إلى الوقت المناسب الذي تثمر فيه أو قد لا تجاب في الدنيا لكن يجزى بها يوم القيامة وشتان بين ثواب الآخرة وثواب الدنيا. وقد يدفع بهذه الدعوة سوء كان سيحل بالمسلم فالله سبحانه وتعالى يعلم مصلحتنا فهو خالقنا. ولكن لفهمنا القاصر نتصور أن الخير كل الخير فيما طلبناه وألححنا فيه ولا يخطر ببالنا ما قد يكون نتيجة هذه الاجابة لو أن الله عز وجل استجابها. كما قال سبحانه وتعالى "وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولا". وقال تعالى "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم".
وكما قال عبد الله الحجاج في كتابه " دعاء الرسول" : لنعلم أن الحياة والكون يسيران وفق قوانين وسنن كونية وضعها المولى سبحانه وتعالى، واستجابة دعوات كل الداعين بالصورة التي يريدها الداعون تقتضي الإخلال بهذه السنن. ولنضرب لذلك مثلاً: فالناس يحبون المال والغنى فلو استجاب الله للناس جميعاً لبغوا وطغوا وفسدت الحياة، ولما أصبح هناك غني وفقير وخادم ومخدوم ورئيس ومرؤوس، ولتعطلت مصالح البشر، وهذا مخالف لسنة الله سبحانه وتعالى في الحياة الدنيا.
يقول تعالى: "ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبيربصير" ويقول: "نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً".
والسبب الآخير الجائز لعد اجابة الدعاء هو كما قلنا لأن الدعاء لم يستوف الشروط اللازمة كالاخلاص وعدم الاستعجال والدعاء بالخير وحضور القلب وغير ذلك.
قال ابن الجوزي معاتباً نفسه في كتابه صيد الخاطر:
" نزلت في شدة، وأكثرت من الدعاء أطلب الفرج والراحة، وتأخرت الإجابة فانزعجت النفس وقلقت.
فصحت بها: ويلك ، تأملي أمرك، أمملوكة أنت أم مالكة؟ أمدبرة أم مدبرة؟ أما علمت أن الدنيا دار ابتلاء واختبار، فإذا طلبت أغراضك ولم تصبري على ما ينافي مرادك فأين الابتلاء؟ هل الإبتلاء إلا الإعراض وعكس المقاصد؟ فافهمي معنى التكليف وقد هان عليك ما عز، وسهل ما استصعب.