مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 12-04-2006, 01:59 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني

السلام عليكم

من أجمل ما قرأت بحياتي كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني

و سأقوم بنقل بعض المقتطفات منه لكم



قصة الكتاب :
أشهر دواوين الأدب العربي وأضخمها، وأجلها وأقدمها. ضربت في جودة تأليفه الأمثال. قال صاحب كشف الظنون: (كتاب لم يؤلف مثله اتفاقاً). طبع لأول مرة ببولاق في القاهرة سنة (1285هـ) في (20) جزءاً، ثم أكمله (رودولف برونو) بطبعه الجزء (21) في ليدن بهولندا سنة 1306هـ 1888م. ووضع له المستشرق الإيطالي غويدي فهرساً أبجدياً مطولاً بالفرنسية سنة 1895م يعرف ب(جداول الأغاني الكبير) أحصى فيه أسماء (1150) شاعرا، ورد ذكرهم في الكتاب. وموضوعه الحديث عن الشعر العربي الذي غناه المغنون، منذ بدء الغناء العربي وحتى عصره، مع نسبة كل شعر إلى صاحبه، وذكر نبذ من طرائف أخباره، وتسمية واضع اللحن، وطرق الإيقاع، والأصبع الذي ينسب إليه، ولون الطريقة، ونوع الصوت، وكل ما يتصل بذلك، ثم ميز مائة صوت كانت قد جمعت لهارون الرشيد وعرفت بالمائة المختارة، وافتتح كتابه بالكلام عنها وعن ثلاث أغان اختيرت من المائة. وذكر من سبقه إلى التأليف في الأغاني، كيحيى المكي وإسحق الموصلي ودنانير وبذل. وترجم فيه ل(426) علماً من أعلام الشعر والغناء، أتى الحمودي وسلوم على ترتيبها وتنسيقها في كتابهما: (شخصيات كتاب الأغاني). وجمع د. حسن محسن الألفاظ التي فسرها أبو الفرج في كتاب: (معجم الألفاظ المفسرة في كتاب الأغاني). قال ابن خلدون: (وكتاب الأغاني ديوان العرب، وجامع أشتات المحاسن التي سلفت لهم في كل من فنون الشعر والتاريخ والغناء وسائر الأحوال، ولا يعول به على كتاب في ذلك فيما نعلمه، فهو الغاية التي يسمو إليها الأديب ويقف عندها، وأنى له بها). ونبه السيد أحمد صقر في مقدمة نشرته ل(مقاتل الطالبيين) إلى أن (الأغاني) لم يطبع كاملاً، بل سقطت من طبعته تراجم برمتها مثل ترجمة صريع الغواني وهي (34) صفحة، نقلها ناشر ديوانه عن الأغاني. (ليدن 1875م). ومما ألف فيه: (دراسة كتاب الأغاني) د. داود سلو، تضمن معلومات مهمة حول اختلاف نسخ الكتاب، كنسخة مكتبة غوتة بألمانيا، وفيها ترجمة لأبي نواس، خلافاً للنسخ المطبوعة. ولابن منظور صاحب اللسان كتاب " مختار الأغاني في الأخبار والتهاني" اختصر به كتاب " الأغاني" وقد طبع هذا المختصر في ثمانية أجزاء ، وفي الجزء الثالث منه ترجمة موسعة لأبي نواس ، تضمنت أخباراً وأشعاراً لأبي نواس ، لا تجدهما في الأصل، وذلك أن لابن منظور كتاباً مفرداً لأخبار أبي نواس ، وهو مطبوع . وانظر (دراسة الأغاني) للمرحوم شفيق جبري. و(صاحب الأغاني) د. خلف الله. و(السيف اليماني في نحر الأصفهاني) لوليد الأعظمي. و(مواطن الخلل والاضطراب في كتاب الأغاني) محمد خير شيخ موسى (التراث العربي س9 ع34 ص47). وانظر في مجلة العرب (السنة3 ص702 والسنة 4 ص64) بحثاً للأستاذ علي العُمير حول كلمة النوبختي: (كان أبو الفرج من أكذب الناس، وكان يدخل سوق الوراقيين وهي عامرة، والدكاكين مملوءة بالكتب، فيشتري شيئاً كثيراً من الصحف، ويحملها إلى بيته، ثم تكون رواياته كلها منها). وانظر في الفهرست لابن النديم ترجمة إسحاق الموصلي، والكلام على كتابه في (الأغاني) وهو غير كتاب (الأغاني الكبير) الذي صنف له. وفي الفهرست أيضاإشارة إلى كتب كثيرة مؤلفة في الأغاني في عصر أبي الفرج، ومنها كتاب قريص الجراحي، من أصحاب ابن الجراح صاحب (الورقة) توفي عام (324هـ) قال: وله من الكتب: (كتاب صناعة الغناء وأخبار المغنين، وذكر الأصوات التي غني فيها على الحروف) يقع في ألف ورقة.
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 12-04-2006, 02:02 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي ذكر خبر عمر بن أبي ربعية ونسبه


نسب عمر بن أبي ربيعة
هو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة، واسم أبي ربيعة: حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر. وقد تقدم باقي النسب في نسب أبي قطيفة. ويكنى عمر بن أبي ربيعة "أبا الخطاب". وكان أبو ربيعة جده يسمى "ذا الرمحين" سمي بذلك لطوله، كان يقال: كأنه يمشي على رمحين.
أخبرني بذلك الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني عمي ومحمد بن الضحاك عن أبيه الضحاك عن عثمان بن عبد الرحمن اليربوعي. وقيل: إنه قاتل يوم عكاظ برمحين فسمي "ذا الرمحين" لذلك.
وأخبرني بذلك أيضاً علي بن صالح بن الهيثم قال حدثني أبو هفان عن إسحاق بن إبراهيم الموصلي عن مصعب الزبيري والمدائني والمسيبي ومحمد بن سلام، قالوا: وفيه يقول عبد الله بن الزبعرى:

ألا لـلـه قــومٌ و** لدت أخت بني سهم
هشامٌ وأبـو عـبـد** منافٍ مدرة الخصم
وذو الرمحين أشبـاك** على القوة والحـزم
فهــــذان يذودان ** وذا من كثبٍ يرمي
أسودٌ تزدهي الأقـرا ** ن مناعون للهضـم
وهم يوم عـكـاظٍ م ** نعوا الناس من الهزم
وهم من ولدوا أشبوا ** بسر الحسب الضخم
فإن أحلف وبيت الل ** ه لا أحلف على إثم
لما من إخـوةٍ بـين ** قصور الشأم والردم
بأزكى من بني ريط ** ة أو أوزن في الحلم

أبو عبد مناف: الفاكه بن المغيرة. وريطة هذه التي عناها هي أم بني المغيرة، وهي بنت سعيد بن سعد بن سهم، ولدت من المغيرة هشاماً وهاشماً ربيعة والفاكه.
وأخبرني أحمد بن سليمان بن داود الطوسي والحرمي بن أبي العلاء قالا: حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا محمد بن يحيى عن عبد العزيز بن أبي ثابت قال أخبرني محمد بن عبد العزيز عن ابن أبي نهشلٍ عن أبيه قال: قال لي أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام - وجئته أطلب منه مغرماً - يا خال، هذه أربعة آلاف درهم وأنشد هذه الأبيات الأربعة وقل: سمعت حسان ينشدها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: أعوذ بالله أن أفتري على الله ورسوله، ولكن إن شئت أن أقول: سمعت عائشة تنشدها فعلت. فقال: لا، إلا أن تقول: سمعت حسان ينشدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ، فأبى علي وأبيت عليه، فأقمنا لذلك لا نتكلم عدة ليالٍ. فأرسل إلي فقال: قل أبياتاً تمدح بها هشاماً - يعني ابن المغيرة - وبني أمية. فقلت: سمهم لي، فسماهم وقال: اجعلها في عكاظ واجعلها لأبيك. فقلت: ألا لـلـه قــومٌ و لدت أخت بني سهم
قال: ثم جئت فقلت: هذه قالها أبي. فقال: لا، ولكن قل: قالها ابن الزبعري. قال: فهي إلى الآن منسوبةٌ في كتب الناس إلى ابن الزبعري.
قال الزبير: وأخبرني محمد بن الحسن المخزومي قال: أخبرني محمد بن طلحة أن عمر بن أبي ربيعة قائل هذه الأبيات:

ألا لـلـه قــوم و** لدت أخت بني سهم

أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري وحبيب بن نصر المهلبي قالا: حدثنا عمر بن شبة قال حدثني محمد بن يحيى قال حدثني عبد العزيز بن عمران قال حدثني محمد بن عبد العزيز عن ابن أبي نهشلٍ عن أبيه بمثل ما رواه الزبير عنه. وزاد فيه عمر بن شبة: قال محمد بن يحيى: و "أخت بني سهم التي عناها ريطة بنت سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب، وهي أم بني المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وهم: هشام وهاشمٌ وأبو ربيعة والفاكه، وعدةٌ غيرهم لم يعقبوا، وإياهم يعني أبو ذؤيب بقوله:

صخب الشوارب لا يزال كأنه ** عبدٌ لآل أبي ربيعة مسـبـع
ضرب بعزهم المثل. "قال": وكان اسم عبد الله بن أبي ربيعة في الجاهلية بحيراً، فسماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبد الله، وكانت قريش تلقبه "العدل"، لأن قريشاً كانت تكسو الكعبة في الجاهلية بأجمعها من أموالها سنةً، ويكسوها من ماله سنةً، فأرادوا بذلك أنه وحده عدلٌ لهم جميعاً في ذلك.
وفيه يقول ابن الزبعري: بحير بن ذي الرمحين قرب مجلسي وراح علي خيره غـير عـاتـم
وقد قيل: إن العدل هو الوليد بن المغيرة.
وكان عبد الله بن أبي ربيعة تاجراً موسراً، وكان متجره إلى اليمن، وكان من أكثرهم مالاً. وأمه أسماء بنت مخربة، وقيل: مخرمة، وكانت عطارة يأتيها العطر من اليمن. وقد تزوجها هشام بن المغيرة أيضاً، فولدت له أبا جهل والحارث ابني هشام، فهي أمهما وأم عبد الله وعياش ابني أبي ربيعة.
أخبرني الحرمي والطوسي قال: حدثنا الزبير قال حدثني عمي عن الواقدي قال: كانت أسماء بنت مخربة تبيع العطر بالمدينة. فقالت الربيع بنت معوذ بن عفراء الأنصارية - وكان أبوها قتل أبا جهل بن هشام يوم بدر واحتز رأسه عبد الله بن مسعود - وقيل: بل عبد الله بن مسعود هو الذي قتله - فذكرت أن أسماء بنت مخربة دخلت عليها وهي تبيع عطراً لها في نسوةٍ، قالت: فسألت عنا، فانتسبنا لها. فقالت: أأنت ابنة قاتل سيده؟ تعني أبا جهل. قلت: بل أنا بنت قاتل عبده. قالت: حرامٌ علي أن أبيعك من عطري شيئاً. قلت: وحرامٌ علي أن أشتري منه شيئاً، فما وجدت لعطرٍ نتناً غير عطرك، ثم قمت، ولا والله ما رأيت عطراً أطيب من عطرها، ولكني أردت أن أعيبه لأغيظها.
وكان لعبد الله بن أبي ربيعة عبيدٌ من الحبشة يتصرفون في جميع المهن، وكان عددهم كثيراً، فروي عن سفيان بن عيينة أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى حنين: هل لك في حبش بني المغيرة تستعين بهم؟ فقال: "لا خير في الحبش إن جاعوا سرقوا وإن شبعوا زنوا، وإن فيهم لخلتين حسنتين إطعام الطعام والبأس يوم البأس". واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي ربيعة على الجند ومخلفيها، فلم يزل عاملاً عليها حتى قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه. هذا من رواية الزبير عن عمه. قال: وحدثني ابن الماجشون عن عمه أن عثمان بن عفان - رحمه الله - استعمله أيضاً عليها.
الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 12-04-2006, 02:11 AM
صمت الكلام صمت الكلام غير متصل
كنتـُ هيّ ..!
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: QaTaR
المشاركات: 4,043
إفتراضي

شكرا لك اخي ماهر على هذا الموضوع الرائع


تحياتي
صمت الكلام
__________________

آخر تعديل بواسطة محمد العاني ، 13-04-2006 الساعة 12:10 AM.
الرد مع إقتباس
  #4  
قديم 12-04-2006, 06:18 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

عمر في مجلس ابن عباس بالمسجد الحرام

أخبرني الجوهري والمهلبي قالا حدثنا عمر بن شبة قال حدثني هارون بن عبد الله الزهري قال: حدثنا ابن أبي ثابت، وحدثني به علي بن صالح بن الهيثم عن أبي هفان عن إسحاق عن المسيبي والزبيري والمدائني ومحمد بن سلام، قالوا: قال أيوب بن سيار، وأخبرني به الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني محمد بن الحسن المخزومي عن عبد العزيز بن عمران عن أيوب بن سيار عن عمر الركاء قال: بينا ابن عباس في المسجد الحرام وعنده نافع بن الأزرق وناسٌ من الخوارج يسألونه، إذ أقبل عمر بن أبي ربيعة في ثوبين مصبوغين موردين أو ممصرين حتى دخل وجلس، فأقبل عليه ابن عباس فقال أنشدنا فأنشده: أمن آل نعمٍ أنت غادٍ فمبكر غداة غدٍ أم رائحٌ فمهجر
حتى أتى على آخرها. فأقبل عليه نافع بن الأزرق فقال: الله يابن عباس! إنا نضرب إليك أكباد الإبل من أقاصي البلاد نسألك عن الحلال والحرام فتتثاقل عنا، ويأتيك غلام مترفٌ من مترفي قريش فينشدك: رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت فيخزى وأما بالعشى فـيخـسـر
فقال: ليس هكذا قال. قال: فكيف قال؟ فقال: قال: رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت فيضحى وأما بالعشى فيخـصـر
فقال: ماأراك إلا وقد حفظت البيت! قال: أجل! وإن شئت أن أنشدك القصيدة أنشدتك إياها. قال فإني أشاء، فأنشده القصيدة حتى أتى على آخرها. وفي غير رواية عمر بن شبة: أن ابن عباس أنشدها من أولها إلى آخرها، ثم أنشدها من آخرها إلى أولها مقلوبة، وما سمعها قط إلا تلك المرة صفحاً. قال: وهذا غاية الذكاء. فقال له بعضهم: ما رأيت أذكى منك قط. فقال: لكني ما رأيت قط أذكى من علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وكان ابن عباس يقول: ما سمعت شيئاً قط إلا رويته، وإني لأسمع صوت النائحة فأسد أذني كراهة أن أحفظ ما تقول. قال: ولامه بعض أصحابه في حفظ هذه القصيدة: "أمن آل نعم..." فقال: إنا نستجيدها.
وقال الزبير في خبره عن عمه: فكان ابن عباس بعد ذلك كثيراً ما يقول: هل أحدث هذا المغيري شيئاً بعدنا؟ قال: وحدثني عبد الله بن نافع بن ثابت قال: كان عبد الله بن الزبير إذا سمع قول عمر بن أبي ربيعة: فيضحى وأما بالعشي فيحضر
قال: لا، بل: فيخزى وأما بالعشي فيخسر
قال عمر بن شبة وأبو هفان والزبير في حديثهم: ثم أقبل على ابن أبي ربيعة فقال: أنشد، فأنشده: تشط غداً دار جيراننا
وسكت، فقال ابن عباس: وللدار بعد غدٍ أبعد
فقال له عمر: كذلك قلت - أصلحك الله - أفسمعته؟ قال: لا، ولكن كذلك ينبغي.

شعره وخلقه وشهادة الشعراء فيه
أخبرنا الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني يعقوب بن إسحاق قال: كانت العرب تقر لقريشٍ بالتقدم في كل شيء عليها إلا في الشعر، فإنها كانت لا تقر لها به، حتى كان عمر بن أبي ربيعة، فأقرت لها الشعراء بالشعر أيضاً ولم تنازعها شيئاً.
قال الزبير: وسمعت عمي مصعباً يحدث عن جدي أنه قال مثل هذا القول. قال: وحدثني عدةٌ من أهل العلم أن النصيب قال: لعمر بن أبي ربيعة أوصفنا لربات الحجال.
قال المدائني قال سليمان بن عبد الملك لعمر بن أبي ربيعة: ما يمنعك من مدحنا؟ قال: إني لا أمدح الرجال، إنما أمدح النساء. قال: وكان ابن جريجٍ يقول: ما دخل على العواتق في حجالهن شيءٌ اضر عليهن من شعر عمر بن أبي ربيعة.
قال الزبير وحدثني عمي عن جدي - وذكره أيضاً إسحاق فيما رويناه عن أبي هفان عنه عن المدائني - قال قال هشام بن عروة: لا ترووا فتياتكم شعر عمر بن أبي ربيعة لا يتورطن في الزنا تورطاً، وأنشد: لقد أرسلت جـاريتـي وقلت لها خذي حذرك
وقولي في مـلاطـفةٍ لزينب: نولي عمرك
أخبرنا علي بن صالح قال حدثني أبو هفان عن إسحاق عن الزبيري قال حدثني أبي عن سمرة الدوماني من حمير قال: إني لأطوف بالبيت فإذا أنا بشيخٍ في الطواف، فقيل لي: هذا عمر بن أبي ربيعة. فقبضت على يده وقلت له: يابن أبي ربيعة. فقال: ما تشاء؟ قلت: أكل ما قتله في شعرك فعلته؟ قال: إليك عني. قلت: أسألك بالله! قال: نعم وأستغفر الله.
قال إسحاق وحدثني الهيثم بن عدي عن حمادٍ الراوية: أنه سئل عن شعر عمر بن أبي ربيعة فقال: ذاك الفستق المقشر.
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير عن عمه قال: سمع الفرزدق شيئاً من نسيب عمر فقال: هذا الذي كانت الشعراء تطلبه فأخطأته وبكت الديار، ووقع هذا عليه. قال: وكان بالكوفة رجلٌ من الفقهاء تجتمع إليه الناس فيتذاكرون العلم، فذكر يوماً شعر عمر بن أبي ربيعة فهجنه. فقالوا له: بمن ترضى؟ ومر بهم حمادٌ الراوية فقال: قد رضيت بهذا. فقالوا له: ما تقول فيمن يزعم أن عمر بن أبي ربيعة لم يحسن شيئاً؟ فقال: أين هذا؟ اذهبوا بنا إليه. قالوا: نصنع به ماذا؟ قال: ننزو على أمه لعلها تأتي بمن هو أمثل من عمر.
قال إسحاق: وقال أبو المقوم الأنصاري: ما عصي الله بشيء كما عصي بشعر عمر بن أبي ربيعة.
قال إسحاق: وحدثني قيس بن داود قال حدثني أبي قال: سمعت عمر بن أبي ربيعة يقول: لقد كنت وأنا شابٌ أعشق ولا أعشق، فاليوم صرت إلى مداراة الحسان إلى الممات. ولقد لقيتني فتاتان مرةً فقالت لي إحداهما: أدن مني يابن أبي ربيعة أسر إليك شيئاً. فدنوت منها ودنت الأخرى فجعلت تعضني، فما شعرت بعض هذه من لذة سرار هذه.
قال إسحاق: وذكر عبد الصمد بن المفضل الرقاشي عن محمد بن فلان الزهري - سقط اسمه - عن إسحاق عن عبد الله بن مسلمة بن أسلم قال: لقيت جريراً فقلت له: يا أبا حزرة، إن شعرك رفع إلى المدينة وأنا أحب أن تسمعني منه شيئاً. فقال: إنكم يا أهل المدينة يعجبكم النسيب، وإن أنسب الناس المخزومي. يعني ابن أبي ربيعة.
قال إسحاق: وذكر محمد بن إسماعيل الجعفري عن أبيه عن خاله عبد العزيز بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، قال: أشرف عمر بن أبي ربيعة على أبي قبيسٍ، وبنو أخيه معه وهم محرمون، فقال لبعضهم: خذ بيدي فأخذ بيده، وقال: ورب هذه البنية ما قلت لامرأةٍ قط شيئاً لم تقله لي، وما كشفت ثوباً عن حرام قط. قال: ولما مرض عمر مرضه الذي مات فيه جزع أخوه الحارث جزعاً شديداً. فقال له عمر: أحسبك إنما تجزع لما تظنه بي، والله ما أعلم أني ركبت فاحشةً قط! فقال: ما كنت أشفق عليك إلا من ذلك، وقد سليت عني.
قال إسحاق: حدثني مصعبٌ الزبيري قال قال مصعب بن عروة بن الزبير: خرجت أنا وأخي عثمان إلى مكة معتمرين أو حاجين، فلما طفنا بالبيت مضينا إلى الحجر نصلي فيه، فإذا شيخٌ قد فرج بيني وبين أخي فأوسعنا له. فلما قضى صلاته أقبل علينا فقال: من أنتما؟ فأخبرناه. فرحب بنا وقال: يا ابني أخي، إني موكل بالجمال أتبعه، وإني رأيتكما فراقني حسنكما وجمالكما، فاستمتعا بشبابكما قبل أن تندما عليه، ثم قام، فسألنا عنه فإذا هو عمر بن أبي ربيعة.
أخبرنا الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني محمد بن الضحاك قال: عاش عمر بن أبي ربيعة ثمانين سنة، فتك منها أربعين سنةً، ونسك أربعين سنة.
قال الزبير وحدثني إبراهيم عن حمزة ومحمد بن ثابت عن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبيه قال: حججت مع أبي وأنا غلامٌ وعلي جمة. فلما قدمت مكة جئت عمر بن أبي ربيعة، فسلمت عليه وجلست معه، فجعل يمد الخصلة من شعري ثم يرسلها فترجع على ما كانت عليه، ويقول: واشباباه!. حتى فعل ذلك مراراً. ثم قال لي: يابن أخي، قد سمعتني أقول في شعري: قالت لي وقلت لها، وكل مملوكٍ لي حرٌ إن كنت كشفت عن فرجٍ حرامٍ قط! فقمت وأنا متشككٌ في يمينه، فسألت عن رقيقه فقيل لي: أما في الحوك فله سبعون عبداً سوى غيرهم.

أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثتني ظبية مولاة فاطمة بنت عمر بن مصعب قالت: مررت بجدك عبد الله بن مصعب وأنا داخلةٌ منزله وهو بفنائه ومعي دفتر، فقال: ما هذا معك؟ ودعاني. فجئته وقلت: شعر عمر بن أبي ربيعة. فقال: ويحك! تدخلين على النساء بشعر عمر بن أبي ربيعة! إن لشعره لموقعاً من القلوب ومدخلاً لطيفاً، لو كان شعرٌ يسحر لكان هو، فارجعي به. قالت: ففعلت.
"قال إسحاق": وأخبرني الهيثم بن عدي قال: قدمت امرأةٌ مكة وكانت من أجمل النساء. فبينا عمر بن أبي ربيعة يطوف إذ نظر إليها فوقعت في قلبه، فدنا منها فكلمها، فلم تلتفت إليه. فلما كان في الليلة الثانية جعل يطلبها حتى أصابها. فقالت له: إليك عني يا هذا، فإنك في حرم الله وفي أيامٍ عظيمة الحرمة. فألح عليها يكلمها، حتى خافت أن يشهرها. فلما كان في الليلة الأخرى قالت لأخيها: أخرج معي يا أخي فأرني المناسك، فإني لست أعرفها، فأقبلت وهو معها. فلما رآها عمر أراد أن يعرض لها، فنظر إلى أخيها معها فعدل عنها، فتمثلت المرأة بقول النابغة:

تعدو الذئاب على من لا كلاب له ** وتتقي صولةً المستأسد الحامـي


قال إسحاق: فحدثني السندي مولى أمير المؤمنين أن المنصور قال -وقد حدث بهذا الخبر-: وددت أنه لم تبق فتاة من قريش في خدرها إلا سمعت بهذا الحديث.
قال إسحاق: قال لي الأصمعي: عمر حجةٌ في العربية، ولم يؤخذ عليه إلا قوله: ثم قالوا تحبها قلـت بـهـراً عدد الرمل والحصى والتراب
وله في ذلك مخرجٌ، إذ قد أتى به على سبيل الإخبار. قال: ومن الناس من يزعم أنه إنما قال: قيل لي هل تحبها قلت بهرا
نسبة ما مضى في هذه الأخبار من الأشعار التي قالها عمر بن أبي ربيعة وغنى فيها المغنون إذ كانت لم تنسب هناك لطول شرحها
شعر عمر الذي غنى فيه المغنون
منها ما يغنى فيه من قوله:


أمن آل نعمٍ أنت غادٍ فـمـبـكـر** غداة غـدٍ أم رائح فـمـهـجـر
لحاجة نفسٍ لم تقل في جـوابـهـا** فتبلغ عذراً والـمـقـالة تـعـذر
أشارت بمدراها وقالت لأخـتـهـا ** أهذا المغيري الذي كـان يذكـر؟
فقالت: نعم لا شـك غـير لـونـه ** سر الليل يطوي نصه والتهـجـر
رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت** فيضحى وأما بالعشي فيخـصـر
أخا سفرٍ جواب أرضٍ تـقـاذفـت ** به فلواتٌ فهو أشـعـث أغـبـر
وليلة ذي دوران جشمتني السـرى ** وقد يجشم الهول المحب المغـرر
فقلت: أباديهم فـإمـا أفـوتـهـم ** وإما ينال السـيف ثـأراً فـيثـأر


هذه الأبيات جمعت على غير توالٍ؛ لأنه إنما ذكر منها ما فيه صنعةٌ. غنى في الأول والثاني من الأبيات ابن سريج خفيف رملٍ بالبنصر عن أحمد بن المكي وذكر حبشٌ أن فيهما لمعبدٍ لحناً من الثقيل الأول بالبنصر.
وغنى ابن سريج في الثالث والرابع أيضاً خفيف ثقيلٍ بالوسطى، وذكر حبشٌ أن فيهما لحناً من الهزج بالوسطى لحكم. وغنى ابن سريج في الخامس والسادس لحناً من الرمل بالوسطى عن عمرو بن بانه. وذكر يونس أن في السابع والثامن لابن سريج لحناً ولم يذكر طريقته، وذكر حبشٌ أن فيهما لمالك لحناً من الثقيل الثاني بالبنصر.
أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال أخبرني محمد بن إسحاق قال أخبرني محمد بن حبيب عن هشام بن الكلبي: أن عمر بن أبي ربيعة أتى عبد الله بن عباس وهو في المسجد الحرام فقال: متعني الله بك! إن نفسي قد تاقت إلى قول الشعر ونازعتني إليه، وقد قلت منه شيئاً أحببت أن تسمعه وتستره علي. فقال: أنشدني، فأنشده: أمن آل نعمٍ أنت غادٍ فمبكر
فقال له: أنت شاعرٌ يا ابن أخي، فقل ما شئت. قال: وأنشد عمر هذه القصيدة طلحة بن عبد الله بن عوف الزهري وهو راكبٌ، فوقف ومازال شانقاً ناقته حتى كتبت له.
أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدثني الحسين بن إسماعيل قال حدثنا ابن عائشة عن أبيه قال: كان جرير إذا أنشد شعر عمر بن أبي ربيعة قال: هذا شعرٌ تهامي إذا أنجد وجد البرد، حتى أنشد قوله:

رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت ** فيضحى وأما بالعشي فينحـصـر
__________________


و جعلنا من بين أيديهم سدا ً من خلفهم سدا ً فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قال صلى الله عليه وسلم:

ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل
ً

كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعاً *** ترمى بحجرٍ فترمي اطيب الثمر
الموسوعة الكبرى للمواقع الإسلامية
الرد مع إقتباس
  #5  
قديم 12-04-2006, 06:31 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

عمر في مجلس ابن عباس بالمسجد الحرام

أخبرني الجوهري والمهلبي قالا حدثنا عمر بن شبة قال حدثني هارون بن عبد الله الزهري قال: حدثنا ابن أبي ثابت، وحدثني به علي بن صالح بن الهيثم عن أبي هفان عن إسحاق عن المسيبي والزبيري والمدائني ومحمد بن سلام، قالوا: قال أيوب بن سيار، وأخبرني به الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني محمد بن الحسن المخزومي عن عبد العزيز بن عمران عن أيوب بن سيار عن عمر الركاء قال: بينا ابن عباس في المسجد الحرام وعنده نافع بن الأزرق وناسٌ من الخوارج يسألونه، إذ أقبل عمر بن أبي ربيعة في ثوبين مصبوغين موردين أو ممصرين حتى دخل وجلس، فأقبل عليه ابن عباس فقال أنشدنا فأنشده: أمن آل نعمٍ أنت غادٍ فمبكر غداة غدٍ أم رائحٌ فمهجر
حتى أتى على آخرها. فأقبل عليه نافع بن الأزرق فقال: الله يابن عباس! إنا نضرب إليك أكباد الإبل من أقاصي البلاد نسألك عن الحلال والحرام فتتثاقل عنا، ويأتيك غلام مترفٌ من مترفي قريش فينشدك: رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت فيخزى وأما بالعشى فـيخـسـر
فقال: ليس هكذا قال. قال: فكيف قال؟ فقال: قال: رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت فيضحى وأما بالعشى فيخـصـر
فقال: ماأراك إلا وقد حفظت البيت! قال: أجل! وإن شئت أن أنشدك القصيدة أنشدتك إياها. قال فإني أشاء، فأنشده القصيدة حتى أتى على آخرها. وفي غير رواية عمر بن شبة: أن ابن عباس أنشدها من أولها إلى آخرها، ثم أنشدها من آخرها إلى أولها مقلوبة، وما سمعها قط إلا تلك المرة صفحاً. قال: وهذا غاية الذكاء. فقال له بعضهم: ما رأيت أذكى منك قط. فقال: لكني ما رأيت قط أذكى من علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وكان ابن عباس يقول: ما سمعت شيئاً قط إلا رويته، وإني لأسمع صوت النائحة فأسد أذني كراهة أن أحفظ ما تقول. قال: ولامه بعض أصحابه في حفظ هذه القصيدة: "أمن آل نعم..." فقال: إنا نستجيدها.
وقال الزبير في خبره عن عمه: فكان ابن عباس بعد ذلك كثيراً ما يقول: هل أحدث هذا المغيري شيئاً بعدنا؟ قال: وحدثني عبد الله بن نافع بن ثابت قال: كان عبد الله بن الزبير إذا سمع قول عمر بن أبي ربيعة: فيضحى وأما بالعشي فيحضر
قال: لا، بل: فيخزى وأما بالعشي فيخسر
قال عمر بن شبة وأبو هفان والزبير في حديثهم: ثم أقبل على ابن أبي ربيعة فقال: أنشد، فأنشده: تشط غداً دار جيراننا
وسكت، فقال ابن عباس: وللدار بعد غدٍ أبعد
فقال له عمر: كذلك قلت - أصلحك الله - أفسمعته؟ قال: لا، ولكن كذلك ينبغي.

شعره وخلقه وشهادة الشعراء فيه
أخبرنا الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني يعقوب بن إسحاق قال: كانت العرب تقر لقريشٍ بالتقدم في كل شيء عليها إلا في الشعر، فإنها كانت لا تقر لها به، حتى كان عمر بن أبي ربيعة، فأقرت لها الشعراء بالشعر أيضاً ولم تنازعها شيئاً.
قال الزبير: وسمعت عمي مصعباً يحدث عن جدي أنه قال مثل هذا القول. قال: وحدثني عدةٌ من أهل العلم أن النصيب قال: لعمر بن أبي ربيعة أوصفنا لربات الحجال.
قال المدائني قال سليمان بن عبد الملك لعمر بن أبي ربيعة: ما يمنعك من مدحنا؟ قال: إني لا أمدح الرجال، إنما أمدح النساء. قال: وكان ابن جريجٍ يقول: ما دخل على العواتق في حجالهن شيءٌ اضر عليهن من شعر عمر بن أبي ربيعة.
قال الزبير وحدثني عمي عن جدي - وذكره أيضاً إسحاق فيما رويناه عن أبي هفان عنه عن المدائني - قال قال هشام بن عروة: لا ترووا فتياتكم شعر عمر بن أبي ربيعة لا يتورطن في الزنا تورطاً، وأنشد: لقد أرسلت جـاريتـي وقلت لها خذي حذرك
وقولي في مـلاطـفةٍ لزينب: نولي عمرك
أخبرنا علي بن صالح قال حدثني أبو هفان عن إسحاق عن الزبيري قال حدثني أبي عن سمرة الدوماني من حمير قال: إني لأطوف بالبيت فإذا أنا بشيخٍ في الطواف، فقيل لي: هذا عمر بن أبي ربيعة. فقبضت على يده وقلت له: يابن أبي ربيعة. فقال: ما تشاء؟ قلت: أكل ما قتله في شعرك فعلته؟ قال: إليك عني. قلت: أسألك بالله! قال: نعم وأستغفر الله.
قال إسحاق وحدثني الهيثم بن عدي عن حمادٍ الراوية: أنه سئل عن شعر عمر بن أبي ربيعة فقال: ذاك الفستق المقشر.
قال إسحاق: وقال أبو المقوم الأنصاري: ما عصي الله بشيء كما عصي بشعر عمر بن أبي ربيعة.
قال إسحاق: وحدثني قيس بن داود قال حدثني أبي قال: سمعت عمر بن أبي ربيعة يقول: لقد كنت وأنا شابٌ أعشق ولا أعشق، فاليوم صرت إلى مداراة الحسان إلى الممات. ولقد لقيتني فتاتان مرةً فقالت لي إحداهما: أدن مني يابن أبي ربيعة أسر إليك شيئاً. فدنوت منها ودنت الأخرى فجعلت تعضني، فما شعرت بعض هذه من لذة سرار هذه.
قال إسحاق: وذكر عبد الصمد بن المفضل الرقاشي عن محمد بن فلان الزهري - سقط اسمه - عن إسحاق عن عبد الله بن مسلمة بن أسلم قال: لقيت جريراً فقلت له: يا أبا حزرة، إن شعرك رفع إلى المدينة وأنا أحب أن تسمعني منه شيئاً. فقال: إنكم يا أهل المدينة يعجبكم النسيب، وإن أنسب الناس المخزومي. يعني ابن أبي ربيعة.
قال إسحاق: وذكر محمد بن إسماعيل الجعفري عن أبيه عن خاله عبد العزيز بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، قال: أشرف عمر بن أبي ربيعة على أبي قبيسٍ، وبنو أخيه معه وهم محرمون، فقال لبعضهم: خذ بيدي فأخذ بيده، وقال: ورب هذه البنية ما قلت لامرأةٍ قط شيئاً لم تقله لي، وما كشفت ثوباً عن حرام قط. قال: ولما مرض عمر مرضه الذي مات فيه جزع أخوه الحارث جزعاً شديداً. فقال له عمر: أحسبك إنما تجزع لما تظنه بي، والله ما أعلم أني ركبت فاحشةً قط! فقال: ما كنت أشفق عليك إلا من ذلك، وقد سليت عني.
أخبرنا الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني محمد بن الضحاك قال: عاش عمر بن أبي ربيعة ثمانين سنة، فتك منها أربعين سنةً، ونسك أربعين سنة.
قال الزبير وحدثني إبراهيم عن حمزة ومحمد بن ثابت عن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبيه قال: حججت مع أبي وأنا غلامٌ وعلي جمة. فلما قدمت مكة جئت عمر بن أبي ربيعة، فسلمت عليه وجلست معه، فجعل يمد الخصلة من شعري ثم يرسلها فترجع على ما كانت عليه، ويقول: واشباباه!. حتى فعل ذلك مراراً. ثم قال لي: يابن أخي، قد سمعتني أقول في شعري: قالت لي وقلت لها، وكل مملوكٍ لي حرٌ إن كنت كشفت عن فرجٍ حرامٍ قط! فقمت وأنا متشككٌ في يمينه، فسألت عن رقيقه فقيل لي: أما في الحوك فله سبعون عبداً سوى غيرهم.

أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثتني ظبية مولاة فاطمة بنت عمر بن مصعب قالت: مررت بجدك عبد الله بن مصعب وأنا داخلةٌ منزله وهو بفنائه ومعي دفتر، فقال: ما هذا معك؟ ودعاني. فجئته وقلت: شعر عمر بن أبي ربيعة. فقال: ويحك! تدخلين على النساء بشعر عمر بن أبي ربيعة! إن لشعره لموقعاً من القلوب ومدخلاً لطيفاً، لو كان شعرٌ يسحر لكان هو، فارجعي به. قالت: ففعلت.
"قال إسحاق": وأخبرني الهيثم بن عدي قال: قدمت امرأةٌ مكة وكانت من أجمل النساء. فبينا عمر بن أبي ربيعة يطوف إذ نظر إليها فوقعت في قلبه، فدنا منها فكلمها، فلم تلتفت إليه. فلما كان في الليلة الثانية جعل يطلبها حتى أصابها. فقالت له: إليك عني يا هذا، فإنك في حرم الله وفي أيامٍ عظيمة الحرمة. فألح عليها يكلمها، حتى خافت أن يشهرها. فلما كان في الليلة الأخرى قالت لأخيها: أخرج معي يا أخي فأرني المناسك، فإني لست أعرفها، فأقبلت وهو معها. فلما رآها عمر أراد أن يعرض لها، فنظر إلى أخيها معها فعدل عنها، فتمثلت المرأة بقول النابغة:

تعدو الذئاب على من لا كلاب له ** وتتقي صولةً المستأسد الحامـي


قال إسحاق: فحدثني السندي مولى أمير المؤمنين أن المنصور قال -وقد حدث بهذا الخبر-: وددت أنه لم تبق فتاة من قريش في خدرها إلا سمعت بهذا الحديث.
قال إسحاق: قال لي الأصمعي: عمر حجةٌ في العربية، ولم يؤخذ عليه إلا قوله: ثم قالوا تحبها قلـت بـهـراً عدد الرمل والحصى والتراب
وله في ذلك مخرجٌ، إذ قد أتى به على سبيل الإخبار. قال: ومن الناس من يزعم أنه إنما قال: قيل لي هل تحبها قلت بهرا
نسبة ما مضى في هذه الأخبار من الأشعار التي قالها عمر بن أبي ربيعة وغنى فيها المغنون إذ كانت لم تنسب هناك لطول شرحها
شعر عمر الذي غنى فيه المغنون
منها ما يغنى فيه من قوله:


أمن آل نعمٍ أنت غادٍ فـمـبـكـر** غداة غـدٍ أم رائح فـمـهـجـر
لحاجة نفسٍ لم تقل في جـوابـهـا** فتبلغ عذراً والـمـقـالة تـعـذر
أشارت بمدراها وقالت لأخـتـهـا ** أهذا المغيري الذي كـان يذكـر؟
فقالت: نعم لا شـك غـير لـونـه ** سر الليل يطوي نصه والتهـجـر
رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت** فيضحى وأما بالعشي فيخـصـر
أخا سفرٍ جواب أرضٍ تـقـاذفـت ** به فلواتٌ فهو أشـعـث أغـبـر
وليلة ذي دوران جشمتني السـرى ** وقد يجشم الهول المحب المغـرر
فقلت: أباديهم فـإمـا أفـوتـهـم ** وإما ينال السـيف ثـأراً فـيثـأر


أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال أخبرني محمد بن إسحاق قال أخبرني محمد بن حبيب عن هشام بن الكلبي: أن عمر بن أبي ربيعة أتى عبد الله بن عباس وهو في المسجد الحرام فقال: متعني الله بك! إن نفسي قد تاقت إلى قول الشعر ونازعتني إليه، وقد قلت منه شيئاً أحببت أن تسمعه وتستره علي. فقال: أنشدني، فأنشده: أمن آل نعمٍ أنت غادٍ فمبكر
فقال له: أنت شاعرٌ يا ابن أخي، فقل ما شئت. قال: وأنشد عمر هذه القصيدة طلحة بن عبد الله بن عوف الزهري وهو راكبٌ، فوقف ومازال شانقاً ناقته حتى كتبت له.
أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدثني الحسين بن إسماعيل قال حدثنا ابن عائشة عن أبيه قال: كان جرير إذا أنشد شعر عمر بن أبي ربيعة قال: هذا شعرٌ تهامي إذا أنجد وجد البرد، حتى أنشد قوله:

رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت ** فيضحى وأما بالعشي فينحـصـر

قليلاً على ظهر المطية ظـلـه** سوى ما نفى عنه الرداء المحبر
وأعجبها من عيشها ظل غـرفةٍ** وريان ملتف الحدائق أخضـر
ووالٍ كفاها كل شيء يهمـهـا ** فليست لشيءٍ آخر الليل تسهـر


فقال جرير: ما زال هذا القرشي يهذي حتى قال الشعر.
أخبرني محمد بن خلف قال أخبرني أبو عبد الله اليمامي قال حدثني الأصمعي قال: قال لي الرشيد: أنشدني أحسن ما قيل في رجل قد لوحه السفر، فأنشدته قول عمر بن أبي ربيعة:

رأت رجلاً إذا ما الشمس عارضت** فيضحى وأما بالعشي فينحـصـر
أخا سفرٍ جواب أرضٍ تقـاذفـت** به فلوات فهو أشـعـث أغـبـر


... الأبيات كلها. قال: فقال لي الرشيد: أنا والله ذلك الرجل. قال: وهذا بعقب قدومه من بلاد الروم.
أخبرني الفضل بن الحباب الجمحي أبو خليفة في كتابه إلي: قال حدثنا محمد بن سلام قال أخبرني شعيب بن صخر قال: كان بين عائشة بنت طلحة وبين زوجها عمر بن عبيد الله بن معمرٍ كلامٌ، فسهرت ليلةً فقالت: إن ابن أبي ربيعة لجاهلٌ بليلتي هذه حيث يقول:

ووالٍ كفاها كل شيءٍ يهمهـا ** فليست لشيءٍ آخر الليل تسهر

أخبرني علي بن صالح قال حدثنا أبو هفان قال حدثني إسحاق عن المدائني قال: عرض يزيد بن معاوية جيش أهل الحرة، فمر به رجلٌ من أهل الشأم معه ترسٌ خلقٌ سمجٌ، فنظر إليه يزيد وضحك وقال له: ويحك! ترس عمر بن أبي ربيعة كان أحسن من ترسك. يريد قول عمر:

فكان مجني دون من كنت أتقي ** ثلاث شخوصٍ كاعبان ومعصر

الرد مع إقتباس
  #6  
قديم 12-04-2006, 06:33 AM
صمت الكلام صمت الكلام غير متصل
كنتـُ هيّ ..!
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: QaTaR
المشاركات: 4,043
إفتراضي

اخي ماهر اعتذر عن الخطأ و التصحيح ماهر ...
__________________

آخر تعديل بواسطة محمد العاني ، 13-04-2006 الساعة 12:11 AM.
الرد مع إقتباس
  #7  
قديم 12-04-2006, 06:44 AM
بيلسان بيلسان غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2001
الإقامة: في جسد امرأة خرافية
المشاركات: 2,221
إفتراضي

مواضيعك دوما مميزه اخي ماهر....

شكرا لقلمك....
__________________

سيدي البعيد جداً من موقعي,,

القريب جداً من أعماقي,,لا أعلم

هل تضخم بي الحزن فأصبحت أكبر من الوجود

أم ضاق بي الوجود.. فأصبح أصغر من حزني

النتيجة واحدة يا سيدي

فبقعة الأرض هذه، ماعادت تتسع لي

فبقعة الأرض التي كنت أقف عليها,,أصبحت الآن تقف علّي






الرد مع إقتباس
  #8  
قديم 12-04-2006, 06:44 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي المفاضلة بينه وبين جميل ابن معمر العذري

المفاضلة بينه وبين جميل ابن معمر العذري

أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدثنا عمر بن شبة قال قال أبو عبيدة حدثنا عوانة بن الحكم وأبو يعقوب الثقعفي: أن الوليد بن يزيد بن عبد الملك قال لأصحابه ذات ليلة: أي بيتٍ قالته العرب أغزل؟ فقال بعضهم: قول جميل:

يموت الهوى مني إذا ما لقيتها** ويحيا إذا فارقتهـا فـيعـود

وقال آخر: قول عمر بن أبي ربيعة:

كأنني حين أمسي لا تكلمنـي** ذو بغيةٍ يبتغي ما ليس موجودا

فقال الوليد: حسبك والله بهذا! أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الحميد عن شيخ من أهله عن أبي الحارث مولى هشام بن الوليد بن المغيرة - قال: وهو الذي يقول فيه عمر بن أبي ربيعة: يا أبا الحارث قلبي طائرٌفأتمر أمر رشيدٍِ مؤتمن
قال: شهدت عمر بن أبي ربيعة، وجميل بن عبد الله بن معمر العذري، وقد اجتمعا بالأبطح، فأنشد جميلٌ قصيدته التي يقول فيها:

لقد فرح الواشون أن صرمت حبلي** بثينة أو أبدت لنا جانب الـبـخـل
يقولون مهلاً يا جـمـيل وإنـنـي ** لأقسم مالي عن بثينة من مـهـل


حتى أتى على آخرها، ثم قال لعمر: يا أبا الخطاب، هل قلت في هذا الروي شيئاً؟ قال نعم.
قال: فأنشدنيه، فأنشده قوله:

جرى ناصحٌ بالود بينـي وبـينـهـا** فقربني يوم الحصاب إلى قـتـلـي
فطارت بحد من فـؤادي وقـارنـت ** قرينتها حبل الصفاء إلى حـبـلـي
فلما تواقفنا عـرفـت الـذي بـهـا** كمثل الذي بي حذوك النعل بالنعـل
فقلن لها هذا عـشـاءٌ وأهـلـهـا** قريب ألما تسأمي مركب البـغـل
فقالت فما شئتن قلن لهـا انـزلـي ** فللأرض خير من وقوفٍ على رحل
نجوم دراري تـكـنـفـن صـورةً ** من البدر وافت غير هوجٍ ولا عجل
فسلمت واستأنسـت خـيفة أن يرى** عدوٌ مقامي أو يرى كاشحٌ فعـلـي
فقالت وأرخت جانب الستـر إنـمـا ** معي فتكلم غير ذي رقبةٍ أهـلـي
فقلت لها ما بي لهم مـن تـرقـبٍ ** ولكن سري ليس يحملـه مـثـلـي
فلما اقتصرنا دونـهـن حـديثـنـا ** وهن طبيبات بحاجة ذي الـشـكـل
عرفن الذي تهوى فقلن ائذني لـنـا ** نطف ساعةً في برد ليلٍ وفي سهل
فقالت: فلا تلبثن قـلـن تـحـدثـي ** أتيناك، وانسبن انسياب مها الرمـل
وقمن وقد أفهمن ذا الـلـب أنـمـا ** أتين الذي يأتين من ذاك من أجلـي


فقال جميلٌ: هيهات يا أبا الخطاب! لا أقول والله مثل هذا سجيس الليالي، والله ما يخاطب النساء مخاطبتك أحدٌ. وقام مشمراً.
قال أبو عبد الله الزبير قال عمي مصعب: كان عمر يعارض جميلاً، فإذا قال هذا قصيدة قال هذا مثلها.
فيقال: إنه في الرائية والعينية أشعر من جميل، وإن جميلاً اشعر منه في اللامية، وكلاهما قد قال بيتاً نادراً ظريفاً، قال جميل:

خليلي فيما عشتما هل رأيتما ** قتيلاً بكى من حب قاتله قبلي

وقال عمر:

فقالت وأرخت جانب الستر إنما** معي فتكلم غير ذي رقبةٍ أهلي

كلمة الفرزدق وقد سمع شعر عمر
أخبرني علي بن صالح قال حدثنا أبو هفان عن إسحاق عن المدائني قال: سمع الفرزدق عمر بن أبي ربيعة ينشد قوله:

جرى ناصحٌ بالود بيني وبينهـا** فقربني يوم الحصاب إلى قتلي

ولما بلغ قوله:

فقمن وقد أفهمن ذا اللب أنـمـا ** أتين الذي يأتين من ذاك من أجلي


صاح الفرزدق: هذا والله الذي أرادته الشعراء فأخطأته، وبكت على الديار.

إستحسان الناس شعر عمر وتفضيله على شعراء عصره

أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال: أدركت مشيخةً من قريش لا ينزون بعمر بن أبي ربيعة شاعراً من أهل دهره في النسيب، ويستحسنون منه ما كانوا يستقبحونه من غيره من مدح نفسه، والتحلي بمودته، والابتيار في شعره والابتيار: أن يفعل الإنسان الشيء فيذكره ويفخر به. والابتهار: أن يقول ما لم يفعل.

نقد ابن أبي عتيق أبيات عمر الرائية
أخبرني محمد بن خلف قال: أخبرني عبد الله بن عمر وغيره عن إبراهيم بن المنذر الحزامي عن عبد العزيز بن عمران قال: قال ابن أبي عتيق لعمر وقد أنشده قوله:

بينما ينعتنني أبـصـرنـنـي ** دون قيد الميل يعدو بي الأغر
قالت الكبرى أتعرفن الفتـى ** قالت الوسطى نعم هذا عمر
قالت الصغرى وقد تيمتـهـا ** قد عرفناه وهل يخفى القمر


- الغناء في هذه الأبيات لابن سريج خفيف رملٍ بالبنصر - فقال له ابن أبي عتيق: - وقد أنشدها - أنت لم تنسب بها، وإنما نسبت بنفسك، كان ينبغي أن تقول: قلت لها فقالت لي، فوضعت خدي فوطئت عليه.

عود إلى سيرته وخلقه
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير بن بكار قال: لم يذهب على أحدٍ من الرواة أن عمر كان عفيفاً يصف ولا يقف، ويحوم ولا يرد.
أخبرني محمد بن خلف قال حدثنا أحمد بن منصور عن ابن الأعرابي، وحدثني علي بن صالح قال حدثنا أبو هفان عن إسحاق الموصلي عن رجاله، قالوا: كان ابن أبي ربيعة قد حج في سنة من السنين. فلما انصرف من الحج ألفى الوليد بن عبد الملك وقد فرش له في ظهر الكعبة وجلس، فجاءه عمر فسلم عليه وجلس إليه. فقال له: أنشدني شيئاً من شعرك. فقال: يا أمير المؤمنين، أنا شيخ كبير وقد تركت الشعر، ولي غلامان هما عندي بمنزلة الولد، وهما يرويان كل ما قلت وهما لك. قال: ائتني بهما ففعل، فأنشداه قوله:

أمن آل نعمٍ أنت غادٍ فمبكر

فطرب الوليد واهتز لذلك، فلم يزالا ينشدانه حتى قام، فأجزل صلته ورد الغلامين إليه.

مميزات شعره
حدثني علي بن صالح بن الهيثم الأنباري الكاتب الملقب "كيلجة" قال حدثني أبو هفان قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الموصلي عن مصعب بن عبد الله الزبيري، وأخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار عن عمه مصعب أنه قال: راق عمر بن أبي ربيعة الناس وفاق نظراءه وبرعهم بسهولة الشعر وشدة الأسر، وحسن الوصف، ودقة المعنى وصواب المصدر، والقصد للحاجة، واستنطاق الربع، وإنطاق القلب، وحسن العزاء، ومخاطبة النساء، وعفة المقال، وقلة الانتقال، وإثبات الحجة، وترجيح الشك في موضع اليقين، وطلاوة الاعتذار، وفتح الغزل، ونهج العلل، وعطف المساءة على العذال، وأحسن التفجع، وبخل المنازل، واختصر الخبر، وصدق الصفاء، إن قدح أورى، وإن اعتذر أبرا، وإن تشكى أشجى، وأقدم عن خبرة ولم يعتذر بغرة، وأسر النوم، وغم الطير، وأغد السير، وحير ماء الشباب، وسهل وقول، وقاس الهوى فأربى، وعصى وأخلى، وحالف بسمعه وطرفه، وأبرم نعت الرسل وحذر، وأعلن الحب وأسر، وبطن به وأظهر، وألح وأسف، وأنكح النوم، وجنى الحديث، وضرب ظهره لبطنه، وأذل صعبه، وقنع بالرجاء من الوفاء، وأعلى قاتله، واستبكى عاذله، ونفض النوم، وأغلق رهن مني وأهدر قتلاه، وكان بعد هذا كله فصيحاً.
فمن سهولة شعره وشدة أسره قوله

فلما تواقفنا وسلمت أشرقـت** وجوهٌ زهاها الحسن أن تتقنعا
تبالهن بالعرفان لما رأينـنـي ** وقلن امرؤٌ باغٍ أكل وأوضعا


ومن حسن وصفه قوله

لها من الريم عيناه وسـنـتـه** ونخوة السابق المختال إذ صهلا

ومن دقة معناه وصواب مصدره قوله

عوجا نحي الطلل المحولا ** والربع من أسماء والمنزلا
بسابغ البوبـاة لـم يعـده ** تقادم العهد بـأن يؤهـلا


ومن قصده للحاجة قوله

أيها المنكح الثريا سهيلاً ** عمرك الله كيف يلتقيان
هي شاميةٌ إذا ما استقلت ** وسهيلٌ إذا استقل يماني


ومن استنطاقه الربع قوله

سائلا الربع بالبلـي وقـولا ** هجت شوقاً لي الغداة طويلا
أين حي حلوك إذ أنت محفو ** فٌ بهم آهلٌ أراك جـمـيلا
قال ساروا فأمعنوا واستقلـوا ** وبرغمي لو قد وجدت سبيلا (وبكرهي لو استطعت سبيلا )
سئمونا وما سئمنا جواراً ** وأحبوا دمـاثةً وسـهـولا

ومن أنطاقه القلب قوله
قال لي فيها عتيقٌ مقـالاً ** فجرت مما يقول الدموع
قال لي ودع سليمى ودعها ** فأجاب القلب: لا أستطيع


ومن حسن عزائه قوله

أألحق إن دار الرباب تبـاعـدت ** أو أنبت حبلٌ أن قلـبـك طـائر
أفق قد أفاق العاشقون وفارقوا ال** هوى واستمرت بالرجال المرائر
زع النفس واستبق الحياء فإنـمـا ** تباعد أو تدني الرباب المـقـادر
أمت حبها واجعل قديم وصالهـا ** وعشرتها كمثل من لا تعـاشـر
وهبها كشيءٍ لم يكن أو كنـازحٍ ** به الدار أو من غيبته المقـا
بـر
الرد مع إقتباس
  #9  
قديم 12-04-2006, 07:09 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي قصته مع فاطمة بنت عبد الملك

قصته مع فاطمة بنت عبد الملك
أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدثني أبو علي الأسدي - وهو بشر ابن موسى بن صالح - قال حدثني أبي موسى بن صالح عن أبي بكر القرشي قال:
كان عمر بن أبي ربيعة جالساً بمنىً في فناء مضربه وغلمانه حوله، إذ أقبلت امرأةٌ برزةٌ عليها أثر النعمة فسلمت، فرد عليها عمر السلام، فقالت له: أنت عمر بن أبي ربيعة؟ فقال لها: أنا هو، فما حاجتك؟ قالت له: حياك الله وقربك! هل لك في محادثة أحسن الناس وجهاً، وأتمهم خلقاً، وأكملهم أدباً، وأشرفهم حسباً؟ قال: ما أحب إلي ذلك! قالت: على شرطٍ. قال: قولي. قالت: تمكنني من عينيك حتى أشدهما وأقودك، حتى إذا توسطت الموضع الذي أريد حللت الشد، ثم أفعل ذلك بك عند إخراجك حتى أنتهي بك إلى مضربك. قال: شأنك، ففعلت ذلك به. قال عمر: فلما انتهت بي إلى المضرب الذي أرادت كشفت عن وجهي، فإذا أنا بامرأة على كرسي لم أر مثلها قط جمالاً وكمالاً، فسلمت وجلست. فقالت: أأنت عمر بن أبي ربيعة؟ قلت: أنا عمر. قالت: أنت الفاضح للحرائر؟ قلت: وما ذاك جعلني الله فداءك؟ قالت: ألست القائل:

قالت وعيش أخي ونعمة والـدي** لأنبهن الحي إن لـم تـخـرج
فخرجت خوف يمينها فتبسمـت ** فعلمت أن يمينها لـم تـحـرج
فتناولت رأسي لتعرف مـسـه ** بمخضب الأطراف غير مشنـج
فلثمت فاها آخذاً بـقـرونـهـا ** شرب النزيف ببرد ماء الحشرج


ثم قالت: قم فاخرج عني، ثم قامت من مجلسها. وجاءت المرأة فشدت عيني، ثم أخرجتني حتى انتهت بي إلى مضربي، وانصرفت وتركتني. فحللت عيني وقد دخلني من الكآبة والحزن ما الله به أعلم. وبت ليلتي، فلما أصبحت إذا أنا بها، فقالت: هل لك في العود؟ فقلت: شأنك، ففعلت بي مثل فعلها بالأمس، حتى انتهت بي إلى الموضع. فلما دخلت إذا بتلك الفتاة على كرسي. فقالت: إيه يا فضاح الحرائر! قلت: بماذا جعلني الله فداءك؟ قالت: بقولك:

وناهدة الثديين قلت لهـا اتـكـي** على الرمل من جبانةٍ لم توسـد
فقالت على اسم الله أمرك طاعةٌ ** وإن كنت قد كلفت ما لم أعـود
فلما دنا الإصباح قالت فضحتنـي ** فقم غير مطرودٍ وإن شئت فازدد


ثم قالت قم فاخرج عني، فقمت فخرجت ثم رددت. فقالت لي: لولا وشك الرحيل، وخوف الفوت، ومحبتي لمناجاتك والاستكثار من محادثتك، لأقصيتك، هات الآن كلمني وحدثني وأنشدني.
فكلمت آدب الناس وأعلمهم بكل شيء. ثم نهضت وأبطأت العجوز وخلا لي البيت، فأخذت أنظر، فإذا أنا بتور فيه خلوقٌ، فأدخلت يدي فيه ثم خبأتها في ردني. وجاءت تلك العجوز فشدت عيني ونهضت بي تقودني، حتى إذا صرت على باب المضرب أخرجت يدي فضربت بها على المضرب، ثم صرت إلى مضربي، فدعوت غلماني فقلت: أيكم يقفني على باب مضربٍ عليه خلوقٌ كأنه أثر كفٍّ فهو حرٌ وله خمسمائة درهم.
فلم ألبث أن جاء بعضهم فقال: قم. فنهضت معه، فإذا أنا بالكف طرية، وإذا المضرب مضرب فاطمة بنت عبد الملك بن مروان. فأخذت في أهبة الرحيل، فلما نفرت نفرت معها، فبصرت في طريقها بقبابٍ ومضربٍ وهيئة جميلة، فسألت عن ذلك، فقيل لها: هذا عمر بن أبي ربيعة، فساءها أمره وقالت للعجوز التي كانت ترسلها إليه: قولي له نشدتك الله والرحم أن لا تصحبني، ويحك! ما شأنك وما الذي تريد؟ انصرف ولا تفضحني وتشيط بدمك. فسارت العجوز فأدت إليه ما قالت لها فاطمة. فقال: لست بمنصرفٍ أو توجه إلي بقميصها الذي يلي جلدها، فأخبرتها ففعلت وجهت إليه بقميصٍ من ثيابها، فزاده ذلك شغفاً. ولم يزل يتبعهم لا يخالطهم، حتى إذا صاروا على أميالٍ من دمشق انصرف وقال في ذلك:

ضاق الغداة بحاجتي صدري** ويئست بعد تقارب الأمـر
وذكرت فاطمة التي علقتها ** عرضاً فيا لحوادث الدهـر


وفي هذه القصيدة مما يغنى فيه قوله:

ممكورةٌ ردع العبير بهـا ** جم العظام لطيفةٌ الخصر
وكأن فاها عند رقدتـهـا ** تجري عليه سلافة الخمر
فسبت فؤادي إذ عرضت لها** يوم الرحيل بساحة القصـر

بمزينٍ ودع الـعـبـير بـه ** حسن الترائب وضح النحـر
وبـجـيد آدم شـادنٍ خـرقٍ ** يرعى الرياض ببلدةٍ قـفـر
لما رأيت مطـيهـا حـزقـاً ** خفق الفؤاد وكنت ذا صبـر
وتبادرت عينـاي بـعـدهـم ** وانهل دمعهما على الصـدر
ولقد عصيت ذوي القرابة** فيكم طراً وأهل الود والصـهـر
حتى لقد قالوا ومـا كـذبـوا ** أجننت أم بك داخل السحـر


خوفه من التصريح باسمها
أخبرنا محمد بن خلف بن المرزبان قال حدثني إسحاق عن محمد بن أبان قال حدثني الوليد بن هشام القحذمي عن أبي معاذٍ القرشي قال: لما قدمت فاطمة بنت عبد الملك بن مروان مكة جعل عمر بن أبي ربيعة يدورحولها ويقول فيها الشعر ولا يذكر باسمها فرقاً من عبد الملك بن مروان ومن الحجاج، لأنه كان كتب إليه يتوعده إن ذكرها أو عرض باسمها. فلما قضت حجها وارتحلت أنشأ يقول:
صوت
كدت يوم الرحيل أقضي حياتي** ليتني مت قبل يوم الـرحـيل
لا أطيق الكلام من شدة الخـو ** ف ودمعي يسيل كل مسـيل
ذرفت عينها وفاضت دموعي ** وكلانا يلقى بـلـبٍّ أصـيل
لو خلت خلتي أصبـت نـوالاً ** أو حديثاً يشفي من التـنـويل
ولظل الخلخال فوق الحشـايا ** مثل أثناء حـيةٍ مـقـتـول
فلقد قالت الـحـبـيبة لـولا ** كثرة الناس جدت بالتقـبـيل


أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال أخبرني أبو علي الحسن بن الصباح عن محمد بن حبيب أنه أخبره: أن عمر بن أبي ربيعة قال في فاطمة بنت عبد الملك بن مروان:

يا خليلي شفنـي الـذكـر ** وحمول الحي إذ صـدروا
ضربوا حمر القباب لـهـا ** وأديرت حولها الحـجـر
سلكا شعب النقـاب بـهـا ** زمراً تحتـثـهـا زمـر
وطرقت الحي مكتـتـمـاً ** ومعي عضبٌ بـه أثـر
وأخٌ لم أخـش نـبـوتـه ** بنواحي أمرهـم خـبـر
فإذا ريمٌ عـلـى فــرشٍ ** في حجال الخز مختـدر
حوله الأحراس تـرقـبـه ** نومٌ من طول ما سهـروا
شبه القتلى وما قـتـلـوا ** ذاك إلا أنهـم سـمـروا
فدعت بالويل، ثـم دعـت ** حرةً من شأنها الخـفـر
ثم قالت للتـي مـعـهـا ** ويح نفسي قد أتى عمـر
ماله قد جـاء يطـرقـنـا** ويرى الأعداء قد حضروا
لشقائي كـان عـلـقـنـا** ولحيني ساقـه الـقـدر
قلت عرضي دون عر** ضكم ولمن ناواكم الـحـجـر



عمر وعائشة بنت طلحة
وما قاله فيها من الشعر
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال أخبرني عبد الملك بن عبد العزيز عن رجل من قريش قال: بينا عمر بن أبي ربيعة يطوف بالبيت، إذ رأى عائشة بنت طلحة بن عبيد الله، وكانت من أجمل أهل دهرها، وهي تريد الركن تستلمه، فبهت لما رآها ورأته، وعلمت أنها قد وقعت في نفسه، فبعثت إليه بجارية لها وقالت: قولي له اتق الله ولا تقل هجراً، فإن هذا مقامٌ لابد فيه مما رأيت. فقال للجارية: أقرئيها السلام وقولي لها: ابن عمك لا يقول إلا خيراً. وقال فيها:


لعـائشة ابـنة الـتــيمـــي عـــنـــدي** حمىً فـي الـقـلـب مـا يرعـى حـمـاهـا
يذكـرنـي ابـنة الـتـيمـــي ظـــبـــيٌ ** يرود بـروضةٍ ســـهـــلٍ ربـــاهـــا
فقلت له وكاد يراع قلبي ** فلم أر قط كاليوم اشتباها
سوى حمشٍ بساقك مستبينٍ ** وأن شـواك لـم يشــبـــه شـــواهـــا
وأنـك عـاطـــلٌ عـــارٍ ولـــيســـت** بعـــاريةٍ ولا عـــطـــلٍ يداهـــــا
وأنـك غـير أفـرغ وهـــي تـــدلـــي **علـى الـمـتـنـين أسـحـم قـد كـسـاهــا
ولـو قـعـدت ولـم تـكـــلـــف بـــودٍّ ** سوى مـا قـد كـلـفـت بـه كـفــاهـــا
أظـل إذا أكـلــمـــهـــا كـــأنـــي ** أكـلـم حـيةً غـلــبـــت رقـــاهـــا
تبـيت إلـي بـعـد الـنــوم تـــســـري** وقـد أمـسـيت لا أخـشـى ســـراهـــا





آخر تعديل بواسطة maher ، 12-04-2006 الساعة 07:16 AM.
الرد مع إقتباس
  #10  
قديم 12-04-2006, 07:22 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي وفاة عمر بن أبي ربيعة

وفاة عمر بن أبي ربيعة

أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني عبد الجبار بن سعيد المساحقي قال حدثني إبراهيم بن يعقوب بن أبي عبد الله عن أبيه عن جده عن ثعلبة بن عبد الله بن صعير: أن عمر بن أبي ربيعة نظر في الطواف إلى امرأةٍ شريفةٍ، فرأى أحسن خلق الله صورةً، فذهب عقله عليها، وكلمها فلم تجبه، فقال فيها: الريح تسحب أذيالاً وتنشـرهـا يا ليتني كنت ممن تسحب الريح

كيما تجر بنا ذيلاً فتطـرحـنـا ** على التي دونها مغبـرةٌ سـوحٌ
أنى بقربكم أم كيف لـي بـكـم ** هيهات ذلك ما أمست لنـا روح
فليت ضعف الذي ألقى يكون بها** بل ليت ضعف الذي ألقى تباريح
إحدى بنيات عمي دون منزلهـا ** أرضٌ بقيعانها القيصوم والشيح


فبلغها شعره فجزعت منه. فقيل لها: اذكريه لزوجك، فإنه سينكر عليه قوله. فقالت: كلا والله لا أشكوه إلا إلى الله. ثم قالت: اللهم إن كان نوه باسمي ظالماً فاجعله طعاماً للريح. فضرب الدهر من ضربه، ثم إنه غدا يوماً على فرس فهبت ريحٌ فنزل فاستتر بسلمةٍ، فعصفت الريح فخدشه غضنٌ منها فدمي وورم به ومات من ذلك.
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م