ذكرى حادثة الاسراء والمعراج

[الكثيري]

بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى .
في هذه الأيام يستقبل العالم الإسلامي ذكرى خالدة ذكرى حادثة الأسراء والمعراج على صاحبها افضل الصلاة والسلام .
وما لهذه الحادثة من معناني سامية في حياة الامة الاسلامية .
وتأتي هذه الذكرى في هذه الأيام العصيبة التي تمر بها الامة المحمدية من تحديات وانتهاكات وتدنيس للمسجد الأقصى الذي عرج منه النبي سلى الله عليه وسلم آلي السماوات العلي ومن ثم إلى سدرة المنتهى والى قاب قوسين أدنى .وما خصه الله به من الخصائص العظيمة ، وما شرفه به من المنزلة الكريمة ، فقد كان الإسراء والمعراج من اكبر النعم على هذه الامة ، وقد نوه الله بشأنه في كتابه وبين الحكمة فيه في سورة الإسراء وفي سورة النجم .
وقد اكرم الله فيه نبيه وأراه من آياته الكبرى ، وفرض عليه وعلى أمته الصلوات الخمس التي هي أكد أركان الإسلام بعد الشهادتين ، فرضها خمسين صلاة في اليوم والليلة . ثم خففها إلى خمس صلوات في العمل وهي خمسين في الثواب ، وأرى في هذه الرحلة المباركة من آيات الله الكبرى ما قرت به عينه وقوي به يقينه ، وصار هذا الإسراء من اكبر معجزاته وأعظم آياته عليه صلوات ربي وسلامه . وقد فرح به أهل الإيمان ، واغتاظ من أهل الكفر والطغيان . كما قال تعالى : ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلى فتنة للناس ) فأقام الله به الحجة ،واستنارت به المحجة ، فآمن من آمن على يقين من ربه وكفر من كفر بعد أن قامت عليه الحجة . وفي هذه الرحلة الربانية وهذه الليلة المباركة والتي اخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بينما أنا نائم, ا إذ جاء ني جبريل ,فهمزني بقدمه , فجلست فلم أرشيأ فعدت آلي مضجعي, فجاء ني الثانية فهمزني , بقدمه فجلست فلم أرشيأ , فعدت آلي مضجعي فجاء ني الثالثة فهمزني بقدمه , فجلست ,فأخذ بعضدي , فقمت معه , فخرج بي آلي باب المسجد فذا دابة أبيض , بين البغل والحمار , في فخذيه جناحان يدفع بهما رجله , يضع يده في منتهى طرفه , فدنوت منه لأركبه حرن فوضع جبريل يده على معرفته , ثم قال : ألا تستحي يا براق مما تصنع , فوالله مار كبك عبد الله قبل محمد اكرم عليه منه . قال : فاستحيا حتى سال عرقا , ثم قر حتى ركبته . فحملني عليه , ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته .
فمضى رسول الله صلى الله علية وسلم , ومضى جبريل عليه السلام معه , حتى انتهى به آلي بيت المقدس , فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام , فأمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم , ثم أتى بثلاثة آنية ,إناء فيه لبن سيناء فيه خمر , واناء في ماء فشربت من البن وتركت الماء والخمر , قال: فقال له جبريل : هديت للفطرة , وهديت أمتك يا محمد , لو شربت الماء غرقت وغرقت أمتك ,ولو شربت الخمر غويت وغويت أمتك . ثم عرج به صلى الله عليه وسلم إلى السماوات السبع ثم إلى سدرة المنتهى ثم إلى قاب قوسين آو أدنى . ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة . فلما أصبح غدا على قريش فأخبرهم الخبر . فقال أكثر الناس : هذا والله لأمر عجيب والله إن العير لتطرد شهرا من مكة إلى الشام مدبرة , وشهرا مقبلة , فيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة ,ويرجع إلى مكة ؟
فارتد كثيرا ممن أسلم ,وذهب الناس إلي أبي بكر ,فقالوا له ؛ هل لك في صاحبك , يزعم أنه جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع آلي مكة , فقال أبو بكر والله لأن كان قاله لقدصدق ,فما يعجبكم من ذلك ؟
فوالله انه ليخبرني أن الخبر ليأته من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل آو نهار فأصدقه , فهذا ابعد مما تعجبون . وأنزل الله تعلى فيمن ارتد عن إسلامه لذلك : ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك الافتنة للناس , والشجرة الملعونة في القران ,ونخوفهم , فما يزيدهم ألا طغيانا كبيرا ) صدق الله العظيم وصدق رسولنا الكريم ونحنا على ذلك من الشاهدين