مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 23-09-2001, 04:54 AM
GaNNaS GaNNaS غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2001
المشاركات: 62
إرسال رسالة عبر ICQ إلى GaNNaS
Lightbulb تعريف السياسة

تعريف السياسة

السياسة هي رعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً، وتكون من قبل الدولة والأمة، فالدولة هي التي تباشر هذه الرعاية عملياً، والأمة هي التي تحاسب بها الدولة.
هذا هو تعريف السياسة، وهو وصف لواقع السياسة من حيث هي، وهو معناها اللغوي في مادة ساس يسوس سياسة بمعنى رعى شؤونه، قال في المحيط "وسست الرعية سياسة أمرتها ونهيتها" وهذا هو رعاية شؤونها بالأوامر والنواهي، وأيضا فإن الأحاديث الواردة في عمل الحاكم، والواردة في محاسبة الحكام، والواردة في الاهتمام بمصالح المسلمين يستنبط من مجموعها هذا التعريف، فقد روى مسلم عن أبي حازم قال : قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي r قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، وأنه لا نبي بعدي ، وستكون خلفاء فتكثر ، قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : فوا ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم» رواه مسلم ، وقوله r : «ما من عبد يسترعيه الله رعية لم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة» رواه مسلم، وقوله عليه السلام : «ما من والٍ يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة»رواه البخاري ، وقوله r : «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف فقد برئ ومن أنكر فقد سلم إلا من رضي وتابع» رواه مسلم والترمذي، وقوله r : «من أصبح وهمه غير الله فليس من الله، ومن أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس منهم» رواه الحاكم، وعن جرير بن عبد الله قال: «بايعت رسول الله r على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم» متفق عليه، فهذه الأحاديث كلها سواء ما يتعلق بالحاكم في تولية الحكم، أو ما يتعلق بالأمة التي تحاسب الحاكم، أو ما يتعلق بالمسلمين بعضهم مع بعض من الاهتمام بمصالحهم والنصح لهم، كلها يستنبط منها تعريف السياسة بأنها رعاية شؤون الأمة فيكون تعريف السياسة المتقدم تعريفاً شرعيا مستنبطاً من الأدلة الشرعية.
ومنذ أن هدمت الخلافة وطبقت أنظمة الكفر السياسية في البلاد الإسلامية، انتهى الإسلام من كونه سياسياً، وحل محله الفكر السياسي الغربي المنبثق عن عقيدة المبدأ الرأسمالي، عقيدة فصل الدين عن الحياة. ومما يجب أن تدركه الأمة الإسلامية، أن رعاية شؤونها بالإسلام لا تكون إلاّ بدولة الخلافة، وأن فصل الإسلام السياسي عن الحياة وعن الدين، هو وأد للإسلام وأنظمته وأحكامه، وسحق للأمة وقيمها وحضارتها ورسالتها.
والدول الرأسمالية تتبنى عقيدة فصل الدين عن الحياة وعن السياسية، وتعمل على نشرها وتطبيق أحكامها على الأمة الإسلامية، وتعمل على تضليل الأمة وتصور لها بأن السياسة والدين لا يجتمعان، وأن السياسة إنما تعني الواقعية والرضى بالأمر الواقع مع استحالة تغييره، حتى تبقى الأمة رازحة تحت نير دول الكفر، دول الظلم والطغيان، وحتى لا تترسم الأمة بحال سبيلاً للنهضة. بالإضافة إلى تنفير المسلمين من الحركات الإسلامية السياسية، ومن الاشتغال بالسياسة. لأن دول الكفر تعلم أنه لا يمكن ضرب أفكارها وأحكامها السياسية إلاّ بعمل سياسي، والاشتغال بالسياسة على أساس الإسلام. ويصل تنفير الأمة الإسلامية من السياسة والسياسيين إلى حد تصوير السياسة أنها تتناقض مع سمو الإسلام وروحانيته. ولذلك كان لا بد من أن تدرك الأمة السر وراء محاربة الدول الكافرة، والحكام العملاء للحركات الإسلامية وهي تعمل لإنهاض المسلمين بإقامة دولة الخلافة وتضرب أفكار الكفر، وتعيد مجد الإسلام.
وعليه لا بد من أن تعي الأمة الإسلامية معنى السياسة لغة وشرعاً، وأن الإسلام السياسي لا يوجد إلاّ بدولة الخلافة، والتي بدونها يغيض الإسلام من كونه سياسياً، ولا يعتبر حياً إلاّ بهذه الدولة، باعتبارها كياناً سياسياً تنفيذياً لتطبيق أحكام الإسلام وتنفيذها، وهي الطريقة الشرعية التي تنفذ بها أحكام الإسلام وأنظمته في الحياة العامة، وأن الله قد أوجب على الأمة تطبيق هذه الأحكام، وحرم الاحتكام لأنظمة الكفر، لمخالفتها للإسلام ولأنها من وضع البشر.
ولذلك كان لا بد من أن تثقف الأمة الثقافة الإسلامية، ودوام سقيها بالأفكار والأحكام السياسية، وبيان انبثاق هذه الأفكار وهذه الأحكام عن العقيدة الإسلامية باعتبارها فكرة سياسية، والتركيز على ذلك من الناحية الروحية التي فيها، باعتبار أنها أوامر ونواه من الله لا بأي وصف آخر. وهذا الوصف هو الذي يكفل تمكن أفكار وأحكام الإسلام في النفوس، ويكشف للأمة معنى السياسة والفكر السياسي، ويجعلها تدرك المسؤولية الملقاة على عاتقها لإيجاد أفكار الإسلام وأحكامه في حياتها العملية، وأهمية الرسالة العالمية التي أوجب الله حملها للناس كافة، خاصة وهي ترى مدى ما وصل إليه حالها في هذا العصر لغياب دولة الإسلام وأفكار وأحكام الإسلام من حياتها، ومدى ما وصل إليه العالم من شرٍ وشقاء واستعباد للناس. وهذا التثقيف السياسي، سواء أكان تثقيفاً بأفكار الإسلام وأحكامه، أم كان تتبعاً للأحداث السياسية فإنه يوجد الوعي السياسي، ويجعل الأمة تضطلع بمهمتها الأساسية، ووظيفتها الأصلية ألا وهي حمل الدعوة الإسلامية إلى الشعوب والأمم الأخرى.

الاشتغال بالسياسة فرض على المسلمين

قال رسول الله r : «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم يا رسول الله؟ قال: لا ما صلوا» وقال: «أفضل الجهاد كلمة حق تقال عند ذي سلطان جائر، أو أمير جائر» وقال: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله» وعن عبادة بن الصامت قال: «دعانا النبي r فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: إلاّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان» . وقال تعالى: ]ألم @ غلبت الروم @ في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون @ في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون[ .
فهذه الأحاديث والآية الكريمة دليل على أن الاشتغال بالسياسة فرض. وذلك أن السياسية في اللغة هي (رعاية الشؤون) . والاهتمام بالمسلمين إنما هو الاهتمام بشؤونهم، والاهتمام بشؤونهم يعني رعايتها، ومعرفة ما يسوس به الحاكم الناس. والإنكار على الحاكم هو اشتغال بالسياسة، واهتمام بأمر المسلمين، وأمر الإمام الجائز ونهيه هو اهتمام بأمر المسلمين ورعاية شؤونهم، ومنازعة وليّ الأمر إنما هو اهتمام بأمر المسلمين ورعاية شؤونهم.
فالأحاديث كلها تدل على الطلب الجازم، أي على أن الله طلب من المسلمين طلباً جازماً بأن يهتموا بالمسلمين، أي أن يشتغلوا بالسياسة. ومن هنا كان الاشتغال بالسياسة فرضاً على المسلمين.
والاشتغال بالسياسة، أي الاهتمام بأمر المسلمين إنما هو دفع الأذى عنهم من الحاكم، ودفع الأذى عنهم من العدو. لذلك لم تقتصر الأحاديث على دفع الأذى عنهم من الحاكم، بل شملت الاثنين. والحديث المروي عن جرير بن عبد الله أنه قال: «أتيت النبي r فقلت: أبايعك على الإسلام، فشرط عليّ النصح لكل مسلم» جاء فيه لفظ النصح عاماً فيدخل فيه النصح له بدفع أذى الحاكم عنه، والنصح له بدفع أذى العدو عنه.
وهذا يعني الاشتغال بالسياسة الداخلية في معرفة ما عليه الحكام من سياسة الرعية من أجل محاسبتهم على أعمالهم، ويعني أيضاً الاشتغال بالسياسة الخارجية في معرفة ما تبيته الدول الكافرة من مكائد للمسلمين لكشفها لهم، والعمل على اتقائها، ودفع أذاها. فيكون الفرض ليس الاشتغال بالسياسة الداخلية فحسب، بل هو أيضاً الاشتغال بالسياسة الخارجية، إذ الفرض هو الاشتغال بالسياسة مطلقاً، سواء أكانت سياسة داخلية أم خارجية. على أن آية ]ألم @غلبت الروم @ في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون[ تدل دلالة واضحة على مدى اهتمام الرسول r والصحابة الكرام بالسياسة الخارجية، وتتبعهم للأخبار العالمية. وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب فقال: بلغنا أن المشركين كانوا يجادلون المسلمين وهم بمكة قبل أن يخرج رسول الله r إلى المدينة، فيقولون: الروم يشهدون أنهم أهل كتاب، وقد غلبهم المجوس، وأنتم تزعمون أنكم ستغلبوننا بالكتاب الذي أنزل على نبيكم فيكف غلب المجوس الروم؟ وهم أهل كتاب، فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم: فأنزل الله ]ألم @ غلبت الروم[ وهذا يدل على أن المسلمين في مكة حتى قبل إقامة الدولة الإسلامية كانوا يجادلون الكفار في أخبار الدول، وأنباء العلاقات الدولية. ويروى أن أبا بكر راهن المشركين على أن الروم سيغلبون، وأخبر الرسول بذلك فأقره الرسول على هذا، وطلب منه أن يمدد الأجل، وهو شريكه في الرهان. مما يدل على أن العلم بحال دول العصر، وما بينها من علاقات أمر قد فعله المسلمون، وأقره الرسول r .
وإذا أضيف إلى ذلك أن الأمة تحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، ولا يتيسر لها حمل الدعوة إلى العالم إلاّ إذا كانت عارفة لسياسية حكومات الدول الأخرى، وهذا معناه أن معرفة سياسة العالم بشكل عام، وسياسة كل دولة تريد حمل الدعوة إلى شعبها، أو رد كيدها عنا، فرض كفاية على المسلمين، لأن حمل الدعوة فرض، ودفع كيد الأعداء عن الأمة فرض، وهذا لا يمكن الوصول إليه إلاّ بمعرفة سياسة العالم، وسياسة الدول التي نعنى بعلاقاتها لدعوة شعبها، أو رد كيدها. والقاعدة الشرعية تقول: (ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب) لذلك كان الاشتغال بالسياسة الدولية فرض كفاية على المسلمين.
ولما كانت الأمة الإسلامية مكلفة شرعاً بحمل الدعوة الإسلامية إلى الناس كافة كان فرضاً على المسلمين أن يتصلوا بالعالم اتصالاً واعياً لأحواله، مدركاً لمشاكله، عالماً بدوافع دوله وشعوبه، متتبعاً الأعمال السياسية التي تجري في العالم، ملاحظاً الخطط السياسية للدول في أساليب تنفيذها، وفي كيفية علاقة بعضها ببعض، وفي المناورات السياسية التي تقوم بها هذه الدول.
على أن أعمال الحكام مع الدول الأخرى هو من السياسة الخارجية، فتدخل كذلك في محاسبة الحاكم على أعماله مع الدول الأخرى. (وقاعدة ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب) تدل على أن الاطلاع على أعمال الدولة، وما تقوم به من رعاية شؤون الأمة في الحكم، وفي العلاقات الخارجية أمر واجب، لأنه لا يمكن أن يتمكّن من الاشتغال بالسياسة الداخلية والخارجية، أي محاسبة الحكام على أعمالهم الداخلية والخارجية إلاّ بمعرفة ما يقومون به من أعمال، لأنه إذا لم تعرف هذه الأعمال على حقيقتها لا يمكن محاسبتهم عليها، أي لا يمكن الاشتغال بالسياسة.
ومن هذا كله يتبين أن الاشتغال بالسياسة سواء السياسة الداخلية أو السياسية الخارجية فرض كفاية على المسلمين جميعاً إن لم يقوموا به أثموا.

الانفصال بين الأمة والدولة ووجوب المحاسبة

من الملاحظ في هذه الأيام أن الأمة منفصلة انفصالاً تاماً عن الدولة، أي عن الحكام وأن العلاقة بين جمهرة الناس والحكام علاقة بين فئتين متباينتين لا علاقة بين رعايا ودولة، وفضلاً عن ذلك فإن هذه العلاقة فوق كونها علاقة بين فئتين متباينتين هي علاقة كراهية وتضاد وتناقض ليس فيها أي تقارب ولا ما يشعر بإمكانية وجود تقارب في المستقبل، وهذا هو الذي يضعف كيان الأمة ويضعف الدولة، كذلك لأن الرعية بدون وجود راع منها تكون واهية البنيان، والدولة بدون وجود رعية تقف صفاً واحداً خلفها تكون واهية الوجود يمكن إزالتها بأقل جهد، وتكون عرضة للاستعانة بأعداء الأمة.
إن هذا الانفصال بين الأمة والدولة كان طبيعياً وواجباً يوم كانت الدولة الكافرة تحكم البلاد مباشرة، يوم كان الانتداب الإنجليزي هو المطبق على البلاد، ولكن بعد أن أزيل سلطان الإنجليز رسمياً وأصبح حكام البلاد يباشرون الحكم وهم من أبناء الأمة مسلمون، فإنه لم يعد هناك مبرر لبقاء هذا الانفصال، وكان يجب أن تتحول العلاقات بين جمهرة الناس وبين الدولة إلى علاقة رعية وراع، وإلى التحام بين الراعي والرعية. غير أن الواقع أن هذا الانفصال قد بقي ولا يزال باقياً، وظل الحكام فئة والأمة فئة أخرى، وظلت إحدى الفئتين مضادة للأخرى، الأمة تنظر إلى الحكام بأنهم أعداؤها كما كانت تنظر للإنجليز بل ربما شعرت بظلمهم أكثر من ظلم الإنجليز، والحكام ينظرون إلى الأمة بأنها تتآمر عليهم وتود أن تفتك بهم وأنها عدوة لهم، فهم يكيدون لها وهي تكيد لهم، وهذا ما يجعل الأمة في حالة يأس من أن تتقدم خطوة واحدة نحو العزة والرفاهية، ويجعل الحكام محصوراً تفكيرهم بما يبقيهم على كراسي الحكم ولو بالاستعانة بالأجنبي، ويجعلهم لا يفكرون برفع الأمة إلاّ نفاقاً وبأساليب تبعد الأمة عن الرقي، وتجعلها دائماً في حالة ضعيفة حتى يظلوا مسيطرين عليها.
إن هذه الحالة من الانفصال بين الأمة والدولة هي نتيجة عدم قيام الأمة بما فرضه الله عليها من محاسبة الحكام، وعدم شعورها بأنها هي مصدر السلطان، فلو كانت تشعر بأنها مصدر السلطان وتقوم بما فرضه الله عليها من محاسبة الحكام، لما تولاها حاكم خائن عدو لها، ولما كان بينها وبين الحكام هذا الانفصال ولما كانت في هذا الضعف، في هذا التفكك، في هذا التأخر، ولما ظلت تحت نفوذ الكفار فعلاً وإن كان الذي يحكمها حكماً مباشراً مسلماً من أبناء المسلمين. لذلك كان لا بد للامة حتى تكون كياناً واحداً هي والحكام وفئة واحدة هي والدولة أن تقوم بواجب محاسبة الحكام، وأن تقول كلمة الحق في وجه الحكام، وأن تعمل بقوة وبجد للتغيير على الحكام أو تغييرهم، وما لم تبادر إلى ذلك فإنها ولا شك ستظل تنحدر بسرعة فائقة هذا الانحدار الذي نراه حتى تفنى أو تشرف على الفناء.
إن الإسلام جعل محاسبة الحكام فرضاً على المسلمين، وأمرهم بمحاسبة الحكام وبقول الحق أينما كانوا لا تأخذهم في الله لومة لائم. أما قول الحق والجهر به فإن المسلمين في بيعة العقبة الثانية حين بايعوا الرسول  قد بايعوه على قول الحق فقد قالوا في نص البيعة ما نصه "وأن نقول الحق أينما كان لا نخاف في الله لومة لائم" وأما محاسبة الحكام وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر فإنه بالرغم من أنها داخلة في آيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد جاءت نصوص صريحة بالأمر بمحاسبة الحكام، فعن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله r : «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر». وعن أبي أمامة قال: «عرض لرسول الله  رجل عند الجمرة الأولى فقال: يا رسول الله أي الجهاد أفضل؟ فسكت عنه، فلما رمى الجمرة الثانية سأله، فسكت عنه، فلما رمى جمرة العقبة ووضع رجله في الغرز ليركب قال: أين السائل؟ فقال: أنا يا رسول الله، قال: «كلمة حق تقال عند سلطان جائر» فهذا نص في الحاكم ووجوب قول الحق عنده، ووجوب محاسبته، وقد حث الرسول  على مكافحة الحكام الظلمة مهما حصل في سبيل ذلك من أذى حتى لو أدى إلى القتل. فقد رُوي عنه  أنه قال: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله» وهذا من أبلغ الصيغ في التعبير عن الحث على تحمل الأذى حتى الموت في سبيل محاسبة الحكام، وكفاح الحكام الظلمة.
إن كفاح ظلم الحكام الذي نراه اليوم، ومحاسبة هؤلاء الحكام على أعمالهم كلها، وعلى خياناتهم وتآمرهم على الأمة فرض فرضه الله علينا معشر المسلمين. والقيام بهذا الفرض هو الذي يزيل الفواصل الموجودة بين الأمة والحكام. وهو الذي يجعل الأمة والحكام كلها فئة واحدة وكتلة واحدة، وهو الذي يضمن التغيير على الحكام، ويضمن كذلك تغييرهم إن لم يكن التغيير عليهم. وهو أول طريق النهضة، فالنهضة لا يمكن أن تتأتى إلاّ عن طريق الحكم حين يقام على عقيدة الإسلام، ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بإيجاد الحكم على العقيدة الإسلامية، وإيجاد الحكم على هذا الأساس، ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بكفاح الحكام الظلمة وبمحاسبة الحكام.

إقامة الأحزاب السياسية فرض كفاية

إن محاسبة الحكام التي أمر الله المسلمين بها تكون من الأفراد، بوصفهم أفراداً. وتكون من التكتلات والأحزاب بوصفها تكتلات وأحزاباً.
والله سبحانه وتعالى كما أمر المسلمين بالدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومحاسبة الحكام، أمرهم كذلك بإقامة تكتلات سياسية من بينهم، تقوم بوصفها تكتلات بالدعوة إلى الخير، أي إلى الإسلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومحاسبة الحكام، قال تعالى :]ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر[ أي لتوجدوا أيها المسلمون جماعة منكم، لها وصف الجماعة، تقوم بعملين: عمل الدعوة إلى الإسلام، وعمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهذا الطلب بإقامة الجماعة هو طلب جازم، لأن العمل الذي بينته الآية لتقوم به هذه الجماعة هو فرض، على المسلمين القيام به كما هو ثابت في الآيات والأحاديث الكثيرة. فيكون ذلك قرينة على أن الطلب بإقامة الجماعة طلب جازم. وبذلك يكون الأمر الوارد في الآية للوجوب، وهو فرض على الكفاية على المسلمين، إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وليس هو فرض عين، لأن الله طلب من المسلمين أن يقيموا من بينهم جماعة، لتقوم بالدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يطلب من المسلمين في الآية أن يقوموا كلهم بذلك، وإنما طلب منهم أن يقيموا جماعة منهم لتقوم بهذا الفرض، فالأمر في الآية مسلط على إقامة الجماعة وليس مسلطاً على العملين.
والعملان هما بيان لأعمال الجماعة المطلوب إيجادها، فيكون وصفاً لنوع الجماعة المطلوب إيجادها.
والجماعة حتى تكون جماعة تستطيع مباشرة العمل بوصف الجماعة، لا بد لها من أمور معينة حتى تكون جماعة، وتظل جماعة وهي تقوم بالعمل.
والذي يجعلها جماعة هو وجود رابطة تربط أعضائها، ليكونوا جسماً واحداً، أي كتلة. ومن غير وجود هذه الرابطة لا توجد الجماعة المطلوب إيجادها، وهي جماعة تعمل بوصفها جماعة. والذي يبقيها جماعة وهي تعمل هو وجود أمير لها، تجب طاعته. لأن الشرع أمر كل جماعة بلغت ثلاثة فصاعداً بإقامة أمير لهم. قال r : «لا يحل لثلاثة بفلاة من الأرض إلاّ أمروا أحدهم».
وهذان الوصفان اللذان هما وجود الرابطة بين الجماعة، ووجود الأمير الواجب الطاعة يدلان على أن قوله تعالى: ]ولتكن منكم أمة[ يعني لتوجد منكم جماعة، لها رابطة تربط أعضائها، ولها أمير واجب الطاعة، وهذه هي الجماعة أو الكتلة أو الحزب أو الجمعية أو أي اسم من الأسماء التي تطلق على الجماعة، التي تستوفي ما يجعلها جماعة، ويبقيها جماعة وهي تعمل. وبذلك يظهر أن الآية أمر بإيجاد أحزاب أو تكتلات أو جمعيات أو منظمات أو ما شاكل ذلك.
أما كون الأمر في الآية بإيجاد جماعة هو أمر بإقامة أحزاب سياسية فذلك آتٍ من كون الآية عينت عمل هذه الجماعة، وهو الدعوة إلى الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وعمل الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر جاء عاماً فيشمل أمر الحكام بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وهذا يعني وجوب محاسبتهم. ومحاسبة الحكام عمل سياسي، تقوم به الأحزاب السياسية، وهو من أهم أعمال الأحزاب السياسية.
لذلك كانت الآية دالة على إقامة أحزاب سياسية لتدعوا إلى الإسلام، ولتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتحاسب الحكام على ما يقومون به من أعمال وتصرفات.
والآية تدل على أن هذه الأحزاب يجب أن تكون أحزاباً إسلامية تقوم على العقيدة الإسلامية، وتتبنى الأحكام الشرعية، ولا يجوز أن تكون أحزاباً شيوعية أو اشتراكية، أو رأسمالية، أو قومية، أو وطنية أو تدعو إلى الديمقراطية، أو إلى العلمانية، أو إلى الماسونية، أو تقوم على غير العقيدة الإسلامية، أو تتبنى غير الأحكام الشرعية. ذلك أن الآية حددت صفة هذه الأحزاب بالأعمال التي تقوم بها. وهذه الأعمال هي الدعوة إلى الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن يقوم بهذه الأعمال لا بد من أن يكون حاملاً للإسلام وقائماً على أساس الإسلام، ومتبنياً أحكام الإسلام. ومن يتكتل على أساس شيوعي أو اشتراكي أو رأسمالي، أو ديمقراطي أو علماني أو ماسوني أو قومي أو وطني أو إقليمي لا يمكن أن يكون قائماً على أساس الإسلام، ولا حاملاً للإسلام، ولا متبنياً لأحكام الإسلام. وإنما يكون قائماً على أساس كفر، ومتكتلاً على أفكار كفر.
لذلك يحرم أن يتكتل المسلمون على أساس الشيوعية أو الاشتراكية، أو الرأسمالية أو الديمقراطية، أو العلمانية، أو الماسونية، أو القومية أو الوطنية، أو على أي أساس غير أساس الإسلام.
ويجب أن تكون هذه الأحزاب علنية غير سرية، لأن الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومحاسبة الحكام، والعمل للوصول إلى الحكم عن طريق الأمة تكون علنية وصريحة، ولا تكون في السر والخفاء، حتى تؤدي الغرض المطلوب منها.
ويجب أن تكون أعمال هذه الأحزاب غير مادية، لأن عملها هو القول، فهي تدعو إلى الإسلام بالقول، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بالقول، لذلك يجب أن تكون وسائلها سلمية، ولا تستعمل السلاح، ولا تتخذ العنف وسيلة لعملها. لأن حمل السلاح في وجه الحاكم غير جائز لورود الأحاديث الناهية عن ذلك، ولذلك يمكن أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاسبة الحكام دون إشهار السلاح عليهم، لذلك يجب أن تكون وسائل سلمية، ويمنع أن تكون مادية، ويحرم إشهار السلاح في وجه الحاكم إلاّ في حالة واحدة، وهي حالة ما لو أظهر الكفر البواح الذي عندنا من الله فيه برهان، كما ورد في حديث عبادة بن الصامت «وأن لا ننازع الأمر أهله قال: إلاّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان».

والله المستعان

أخوكم في الله
قناص

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* المسلمون أمة واحدة من دون الناس *
* يجـب عليهم أن يكونوا دولة واحدة *
* تحت رايـة خليفــة واحـــد*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

TopGenerous@hotmail.com
  #2  
قديم 23-09-2001, 05:03 AM
البكري البكري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 569
Lightbulb

السلام عليكم

شكر الله لك. وزادك حرصاً على الأمة واحتكمها إلى الكتاب والسنة.

وهل أفهم من كلامك أنك مع التعددية السياسية في إقامة الأحزاب والعمل السياسي في دار الإسلام؟
__________________
{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء/53]
  #3  
قديم 23-09-2001, 06:12 AM
GaNNaS GaNNaS غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2001
المشاركات: 62
إرسال رسالة عبر ICQ إلى GaNNaS
Arrow

أخي البكري حفظك الله ورعاك من كل سوء

السلام وعليكم

ماذا تعني بدار الاسلام ؟ هل تقصد أرض الاسلام ؟

اما انا فمع التعددية السياسية ولكن بشرط أن تكون الاحزاب قائمة على اساس العقيدة الاسلامية وليست على الاشتراكية أو الوطنية أو القومية أو ما الى ذلك .
  #4  
قديم 23-09-2001, 09:00 AM
البكري البكري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 569
Lightbulb

السلام عليكم

(دار الإسلام) مصطلح فقهي تعني بلاد المسلمين بغض النظر عن نسبتهم العددية، فدولة الإمارات مثلاً، قد لا يشكل المسلمون النسبة الأعلى من عدد السكان، ولكنها (دار إسلام)، والحنفية ينظرون إلى تطبيق الحكم الشرعي من خلال القاضي الشرعي، فدار الإسلام عندهم تكون بتطبيق الحكم الشرعي فيها، وأدنى مظاهره وجود محكاكم شرعية.

ولم قصرت التعددية على الأحزاب السياسية الإسلامية وحدها؟ ألا يحق للأحزاب القائمة على مبدأ آخر أن تعلن عن نفسها وتمارس نشاطاتها السياسية والإعلامية؟
__________________
{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء/53]
  #5  
قديم 23-09-2001, 06:36 PM
GaNNaS GaNNaS غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2001
المشاركات: 62
إرسال رسالة عبر ICQ إلى GaNNaS
Arrow

السلام عليكم
أخي البكري حفظك الله
أحببت أن أضيف تعقيبا فأرجو منك تقبله

· العالم كله من بلاد إسلامية، وبلاد غير إسلامية إما دار إسلام، وإما دار حرب وكفر، ولا ثالث لهما مطلقاً، ودار الإسلام هي البلاد التي تُحكم بسلطان الإسلام، وتُطبَّق عليها أحكامه، وأمانها بأمان المسلمين، أي بسلطانهم، وأما دار الكفر أو دار الحرب فهي البلاد التي لا تُحكَم بسلطان الإسلام، ولا تُطبَّق عليها أحكامه، أو التي أمانها بغير أمان المسلمين، أي بغير سلطانهم، لأن إضافة الدار للحرب أو للكفر، أو إضافتها للإسلام هي إضافة للحكم والسلطان، لا للسكان ولا للبلاد. بدليل أن الرسول r اعتبر ذلك في وصفه دار المهاجرين، وإعطاء مَن يأتيها أن يكون له ما للمسلمين، وعليه ما عليهم مِن الأحكام، ففي حديث سليمان بن بريدة «ثم ادعهم إلى التحوّل مِن دارهم إلى دار المهاجرين» فأمَر بالتحوّل مِن بلاد ليس عليها سلطان الإسلام إلى بلاد عليها سلطان الإسلام، ثم قال بعد ذلك مباشرة «وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين». فرتب على التحوّل أحكاماً، وجعل التحوّل شرطاً ليكون لهم ما للمهاجرين، وعليهم ما عليهم، مما يدل على أن الدار إنما تُعتَبر بالسلطان والأحكام والأمان، فبحسبها تكون، فإن كانت إسلامية كانت دار إسلام، وإن كانت كفراً، كانت دار كفر.

· البلاد الإسلامية هي البلاد التي حكمها المسلمون بسلطان الإسلام، وطُبِّقت عليها أحكام الإسلام، سواء أكانت لا تزال عامرة بالمسلمين كالقفقاس، أو كانت قد أُجلي عنها المسلمون، واستوطنها الكفار كالأندلس المسماة بأسبانيا فكلها بلاد إسلامية ما دام قد حكمها المسلمون بسلطان الإسلام، وطُبّقت عليها أحكام الإسلام، ويترتب على ذلك أن تظل أحكام أراضيها كما كانت يوم سلطان الإسلام، إن فتحت فتحاً كانت أرضها خراجية كالأندلس، وإن اسلم أهلها عليها كانت أرضها عشرية كإندونيسيا، وكذلك كل بلاد تسكنها أكثرية إسلامية، ولو لم يسبق أن حكمها المسلمون، فهي بلاد إسلامية، لأنه قد اسلم أهلها عليها.

قال تعالى :]ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر[ والآية تدل على أن هذه الأحزاب يجب أن تكون أحزاباً إسلامية تقوم على العقيدة الإسلامية، وتتبنى الأحكام الشرعية، ولا يجوز أن تكون أحزاباً شيوعية أو اشتراكية، أو رأسمالية، أو قومية، أو وطنية أو تدعو إلى الديمقراطية، أو إلى العلمانية، أو إلى الماسونية، أو تقوم على غير العقيدة الإسلامية، أو تتبنى غير الأحكام الشرعية. ذلك أن الآية حددت صفة هذه الأحزاب بالأعمال التي تقوم بها. وهذه الأعمال هي الدعوة إلى الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن يقوم بهذه الأعمال لا بد من أن يكون حاملاً للإسلام وقائماً على أساس الإسلام، ومتبنياً أحكام الإسلام. ومن يتكتل على أساس شيوعي أو اشتراكي أو رأسمالي، أو ديمقراطي أو علماني أو ماسوني أو قومي أو وطني أو إقليمي لا يمكن أن يكون قائماً على أساس الإسلام، ولا حاملاً للإسلام، ولا متبنياً لأحكام الإسلام. وإنما يكون قائماً على أساس كفر، ومتكتلاً على أفكار كفر.
لذلك يحرم أن يتكتل المسلمون على أساس الشيوعية أو الاشتراكية، أو الرأسمالية أو الديمقراطية، أو العلمانية، أو الماسونية، أو القومية أو الوطنية، أو على أي أساس غير أساس الإسلام.

أخوك قناص
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م