مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 19-07-2005, 11:14 AM
الهلالى الهلالى غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 1,294
إفتراضي سنوات التيه .... [حسين بن محمود] 12 جمادى الآخرة 1426ه

بسم الله الرحمن الرحيم

سنوات التيه


الحمد لله الواحد القهار الملك الجبار الكبير المتعال ، ناصر المؤمين الأخيار ، الآمر بضرب أعناق الكفار .. والصلاة والسلام على النبي المختار ، سيد الأخيار ، المبعوث بين يدي الساعة بالحسام البتار ، المنصور بالرعب على الفجّار .. أما بعد ..

أخبرني رجل كبير السن - من أحد دويلات جزيرة العرب - بأن الخواجا (الرجل الغربي) كان إذا ودّعه أو استقبله شيخ من شيوخ الخليج فإنه لا ينزل (الخواجا) أو يركب طائرته حتى يقوم أحد الحرس الخاص للشيخ الخليجي بالجلوس على الأرض - جلسة الدواب - فيطأ الخواجا برجله على ظهر هذا الرجل المسلم ليركب طائرته الصغيرة !!

ويقول : كان الخواجا إذا دخل قرية أو مدينة من مدن الخليج الساحلية فإن المدينة تنقلب رأساً على عقب ، ويخرج أهلها – رجالاً ونساء – لاستقباله ، فما تراهم إلا مبتسمين متهللة وجوههم ، ما تسعهم الدنيا ، فإذا انصرف تفاخر القوم بأن أحدهم كلّمه ، والآخر حمل حقيبته ، وأن فلانا استضافه في بيته ... !!

يرى الناظر هذا جليّا في رسائل رؤساء القبائل والأعيان والأمراء العرب لضباط الجيش البريطاني ومسؤولي الحكومة البريطانية أو الفرنسية أو غيرها من الدول الغربية في القرن المنصرم ، فتجد هذا الشيخ أو الأمير يكتب رسائل مجملها بهذه الصيغة : "إلى صاحب الفخامة ، والمقام السامي ،
والسيد المعظم ، وجلالة سفير بريطانيا العظمى المحروسة ، أو حرسها الله ، أو غيرها من عبارا التفخيم والتعظيم ، ثم يوقع أدناه -
من خادمكم الفقير ، أو نائبكم الحقير ، أو تابعكم الذليل ، أو غيرها من عبارات التبعية والإنهزامية ..
وهذه الرسائل فيها من عجائب الذل والهوان وغرائب تعظيم الكفار ما يتقزز منه عقل العاقل ويشمئز منه الإنسان السويّ !! هذه الرسائل وثائق مكتوبة ومدونة في كتب التأريخ الحديث للخليج العربي ..

وهذه الصيغة القبيحة تغيرت قليلاً عالمياً في الآونة الأخيرة لتغير حال السياسات الدولية ، ولاكن عبارات التفخيم والتعظيم الخليجية لا زالت على درجة كبيرة من الوقاحة والدونية ..

هذه النظرة للإنسان الغربي بدأت منذ أكثر من ثلاث مائة سنة ، وفي عصر إنحطاط الخلافة العثمانية ، حيث حرص بعض الخلفاء المنهزمون نفسيا على تغريب جيش الإنكشارية العثماني ، وأتوا بمدربين أوروبيين يعلّمون الجنود المسلمين أساليب الحروب النظامية ، وكان بعض سلاطين الدولة العثمانية يعظمون سفراء الدول الغربية ويجعلون لهم الإمتيازات الخارجة عن المنطق والعقلانية ، فتغلغلت هذه النظرة في صفوف الشعب المسلم ، لتغلّب الغرب التقني وتخلف المسلمين وانشغالهم بالأمور الدنيوية ..

استغل الأوروبيون هذه الفرصة الذهبية فعملوا على تضخيمها وتأكيد ونشر تفوقهم العلمي والفكري والتقني والأدبي !! حتى انكسرت نفوس المسلمين أمامهم وأحسوا بالدونية ، فسبقت الهزيمة النفسية الهزيمة العسكرية وأصبح مجرد التفكير بالوقوف في وجه الدول "العظمى" الغربية ضرب من المجازفة الغبية والخيال البعيد عن الواقعية في نظر كثير من أبناء الملة المحمدية !!

هذا هو عين حال العرب مع الكفار في الجاهلية ، فقد كان شيوخ القبائل يملؤون الجزيرة صياحاً إذا دخل أحدهم على هرقل أو كسرى ، ويشعر أحدهم بأن الجزيرة قد ضاقت عليه ، مع أنهم إذا دخلوا على كسرى يخرون على الأذقان سجداً لا يتجرأ أحدهم أن يضع عينه في عين كسرى فيضل ساجداً حتى يخرج من إيوانه ، مع ما ينال من سوء معالمة الفرس المتغطرسين له !!

وانظر كيف كان استخفاف كسرى بالعرب : فحينما قرأ مقدمة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ، مزقها ولم يُكْملها ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب اسمه قبل اسم كسرى !! أرسل كسرى بعدها إلى واليه في اليمن ليرسل رجلين من عنده يقبضون على النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ويأتونه به مكبلاً بالحديد إلى المدائن !! وكأن كسرى أكبر أن يُرسل جنديين من عنده من الفرس ، وكان يعتقد بأن العرب لا تعصي أمر جنديين يرسلهما من اليمن ليأتيانه بأعظم قادتها !!

لقد كانت العرب تخاف الفرس خوفا شديداً ، وكانت الدولة الفارسية من الكبرياء بحيث لا ترسل ابنائها لتأديب الأعراب ، بل تأمر أتباعها من العرب المناذرة ليفتكوا بمن يفكر أن يعترض مصالح الإمبراطورية الساسانية ..

ذكر ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية خبر المسلمين مع الفرس ، فقال

"لما مات الصديق ودفن ليلة الثلاثاء أصبح عمر فندب الناس وحثهم على قتال أهل العراق وحرضهم ورغبهم في الثواب على ذلك فلم يقم أحد لأن الناس كانوا يكرهون قتال الفرس لقوة سطوتهم وشدة قتالهم ، ثم ندبهم في اليوم الثاني والثالث فلم يقم أحد !! وتكلم المثنى بن حارثة فأحسن وأخبرهم بما فتح الله تعالى على يد خالد من معظم أرض العراق ومالَهم هنالك من الأموال والأملاك والأمتعة والزاد فلم يقم أحد في اليوم الثالث ، فلما كان اليوم الرابع كان أول من انتدب من المسلمين أبو عبيد بن مسعود الثقفي ، ثم تتابع الناس في الإجابة .. أمّر عمر طائفة من أهل المدينة وأمرّ على الجميع أبا عبيد هذا ، ولم يكن صحابيا ، فقيل لعمر : هلا أمّرت عليهم رجلا من الصحابة ، فقال إنما أؤمر أول من استجاب ، إنكم انما سبقتم الناس بنصرة هذا الدين وإن هذا هو الذي استجاب قبلكم ..." (انتهى) ..

انظر ما فعل الخوف بمائة مسلم لقاهم تتري أعزل في الطريق فأمرهم بالوقوف في أماكنهم ريثما يأتي بسيف يقتلهم به ، ففعلوا !! فقتلهم الواحد تلو الآخر !! وكيف أن الأمصار الإسلامية كانت تقع في أيدي التتر وكأنها خاوية على عروشها ، لا لشيء إلا لخوف المسلمين وانهزامهم النفسي أمام هؤلاء الغوغاء ..

إن أمريكا لم تجازف بسمعتها المزيفة المبنية خلال خمسة عقود في جوانتانامو وأبو غريب ، ولم تهين الإسلام والمصحف وتقتل الأطفال والنساء والعزّل إلا لتكسر نفوس المسلمين وتهزمهم هزيمة داخلية تنبع من شعورهم بجبروتها وشدة بطشها ، فيجبنوا عن لقائها ، ويستسلموا لرغباتها ، ويرضوا بواقع احتلالها ..

لقد عمل البريطانيون والفرنسيون لسنوات وعقود بل لقرون في سبيل تكوين هذه النفسية المريضة في صفوف المسلمين ، وقد نجحوا أيما نجاح عن طريق قتل واغتصاب المسلمين والتمثيل والتنكيل بهم والسخرية والإستهزاء بمقدساتهم ومعاملتهم معاملة العبيد ، حتى صدّق كثير من المسلمين زيفهم وكذِبهم فأصبحوا لا يشكون في أفضلية العنصر الأوروبي الغربي وسموّه عليهم .. لقد كانت القوات البرتغالية تجدع انوف عرب ساحل الجزيرة وتقطع آذانهم فيصنع جنودها قلائد من هذه القطع البشرية يتقلدونها إرهاباً للمسلمين .. أجيالاً تربت على الذل والخنوع والتبعية ، تماماً كما حصل لبني إسرائيل في مصر الفرعونية !!

لقد حكم الله على جيل بني اسرائيل بالتيه أربعين سنة ليتبدل جيلا تربى على العزة والأنفة بدلاً من جيل الذل والخنوع الذي تربى على ذبح فرعون له واستعباده واستحياء نسائه ، حتى كاد يصدق دعوة فرعون بأنه لا إله غيره !! ذلك الجيل الذي دعاه موسى عليه السلام للجهاد ، فقال عليه السلام

{يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} (المائدة : 21)

إن الله وعدهم هذه الأرض ، ووعدهم النصر على عدوهم ، وجاء تأكيد ذلك على لسان نبيهم ، وجاءت اللحظة الحاسمة - بعد إغراق فرعون وجنوده أمام أعينهم - ثم جاء الوعيد على ترك الجهاد - بعد الوعد - حرصاً من نبي الله موسى على أمته .. لكن جيل الذل والخنوع الذي تربى على القهر والدونية والإنهزامية :
أبى إلا ان يعطي الدنيّة

{قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} (المائدة : 22)

لا نريد جهاد ولا تعب ولا نصب ، نريد نصرا بلا حرب ، فكما أغرقت فرعون بالعصا ، أخرج هؤلاء القوم من الأرض المقدسة ثم ندخلها !! جهِل هؤلاء الحمقى سنن الله ، وأن النصر لا يكون إلا بعد نُصرة دين الله بالنفس والنفيس .. انظر حال هؤلاء البائسين ، ثم انظر إلى يقين الصحابة والتابعين بوعد رب العالمين ،
قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية

بعث سعد جماعة من السادات منهم النعمان بن مقرن ، وفرات بن حبان ، وحنظلة بن الربيع التميمي ، وعطارد بن حاجب ، والاشعث بن قيس ، والمغيرة بن شعبة ، وعمرو بن معدي كرب يدعون رستم الى الله عز وجل ، فقال لهم رستم : ما اقدمكم ؟ فقالوا : جئنا لموعود الله إيانا : أخذ بلادكم ، وسبي نسائكم وابنائكم ، وأخذ اموالكم ، فنحن على يقين من ذلك

.. (انتهى) ..

أقاموا لكسرى يضربون جنوده = بكل رقيق الشفرتين مهنّدِ
<******>doPoem(0)

انتظروا البقية

آخر تعديل بواسطة الهلالى ، 19-07-2005 الساعة 11:45 AM.
  #2  
قديم 19-07-2005, 11:43 AM
الهلالى الهلالى غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 1,294
إفتراضي

هؤلاء هم أهل الإيمان في كل زمان : ثقة تامة بوعد الله الذي لا يخلف وعده ، وتوكّل تام عليه وحده ، فـ

{ قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } (المائدة : 23)

لا بد من الجهاد والتضحية ، فوعد الله لا يأتي على طبق من ذهب ، إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله ، ووعد بنصرهم إن هم عملوا ما أمرهم وأخلصوا له النية وتوكلوا عليه ، وبمجرد سعي أمثال هؤلاء يأتي النصر {فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} ، ادخلوا فقط ، ابدأوا أنتم وقوموا وأروا الله منكم الجد ..

إنها قاعدة علم القلوب ولُب فن الحروب . . أقدموا واقتحموا ولا تجبنوا . فمتى دخلتم على القوم في عقر دارهم انكسرت قلوبهم بقدر ما تقوى قلوبكم ، وشعروا بالهزيمة في أرواحهم ، وكُتبت لكم الغلبة عليهم .. لكن العقلية الغالبة على هؤلاء : كيف نتجرأ على قتال الجبارين في عقر دارهم !!

إن النفوس المترهلة التي تعودت الكسل والخمول ، وأُشربت العبودية والإنكسار ، تأبى التقدم ، وتهاب التغيير ، وتخاف تقلب الحال ولو لأحسن ، فـ

{ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } (المائدة : 24) ..

هكذا يحرج الجبناء فيتوقحون ، ويفزعون من الخطر أمامهم فيرفسون بأرجلهم كالحمر ولا يقدمون ! والجبن والتوقح ليسا متناقضين ولا متباعدين ، بل إنهما لصنوان في كثير من الأحيان . يُدفع الجبان إلى الواجب فيجبن . فيُحرَج بأنه ناكل عن الواجب ، فيسب هذا الواجب ، ويتوقح على دعوته التي تكلفه ما لا يريد ..

يرى الجبناء أن الجبن عقل = وتلك خديعة الطبع اللئيم
<******>doPoem(0)
{اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون}

..لم يقولوا لموسى عليه السلام "سيدنا" أو "نبي الله" ، بل قالوا {أنت} ، ولم يقولوا "ربنا" أو "الله" ، ولكن قالوا {ربّك} وكأنه ليس بربهم !! هكذا بكل وقاحة بعد أن نجاهم من فرعون وجنوده بمعجزة خارقة أذل فيها الكفار .. إنها وقاحة العاجز الذي لا تكلفه وقاحة اللسان إلا مد اللسان ، أما النهوض بالواجب فيكلفه وخز السنان ..

هل فهمتَ الدين !! هل عرفتَ الأحكام !! هل اعددت للقتال عدّته !! أأنت واثق من نصر الله !! أتظن أنّك تنتصر على الأمريكان والأوروبيين ، هؤلاء الجبابرة ، هؤلاء الذين يملكون الأساطيل البرية والبحرية والجوية والقنابل الذرية !! إذاً {إذهب أنت ومن معك فقاتلهم إنا هاهنا قاعدون} ..

يقول ابن خلدون رحمه الله ، في مقدمته (الفصل التاسع عشر)

( من عوائق الملك حصول المذلة للقبيل والانقياد إلى سواهم ، وسبب ذلك أن المذلة والانقياد كاسران لسورة العصبية وشدتها فإن انقيادهم ومذلتهم دليل على فقدانها ، فما رئموا للمذلة حتى عجزوا عن المدافعة ، ومن عجز عن المدافعة فأولى أن يكون عاجزاً عن المقاومة والمطالبة" (انتهى كلامه رحمه الله)

لا نقاتل الأمريكان ، من أراد قتالهم فليقاتلهم بنفسه ، ومن اغتر بعقيدته فليفعل ما بدا له ، نحن قاعدون في بيوتنا وبين أبنائنا لنحفظ أرواحنا ، هؤلاء الذين يقاتلون أمريكا الجبّارة : شباب أخذتهم الحماسة ، أغرار ، جهال ، ضلّال ، أصحاب فتنة ، خوارج ، متهوّرون يُلقون بأيديهم إلى التهلكة !! نفس المنطق ، ونفس الوقاحة ، : أحجمت أنفسهم فأطلقوا ألسنتهم !!

هنا أيس موسى عليه السلام منهم ، وأدرك حالهم وعرف نفسيتهم الإنهزامية الجبانة ،
فـ { قَالَ رَبِّ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } (المائدة : 25)
هذا حال المؤمنين مع الجبناء المتقاعسين ..

دعوة فيها الحسرة والألم . وفيها الالتجاء . وفيها الاستسلام لله . وفيها - بعد ذلك - المفاصلة والتصميم والحسم {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} ، إنها الآصرة التي يجتمع عليها أو يتفرق المؤمنون .. لا جنس ، لا نسب ، لا قوم ، لا لغة ، لا تاريخ ، لا وشيجة من كل وشائج الأرض إذا انقطعت وشيجة العقيدة ، وإذا اختلف المنهج والطريق ..

ثم يقضي ربنا جل في علاه بقضاء هو الأمثل والأحكم لمن فهم معناه ، فهذا الجيل الذليل الذي تمرغ في العبودية للبشر وانكسر نفسياً على يد فرعون ، لا يصلح لعظائم الأمور ، فلا بد من تبديله أو إعادة صياغة طريقة تفكيره ، فأتى الأمر الإلهي المبين

{قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (المائدة : 26)

أربعون سنة في الصحراء الجرداء كفيلة بأن تنشئ جيل بعيد كل البعد عن صفات الفسق الخنوع والخضوع والذل والإنكسار .. أربعون سنة أتت بجيل من أبناء هؤلاء لم يشهدوا تنكيل فرعون ، ولم يعيشوا عبادة الخوف للبشر ، أربعون سنة وهم ينظرون إلى السماء ليس بينهم وبين الله حجاب في الصحراء ..

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره

ومات أكثر بني إسرائيل هناك في تلك المدة ، ويقال: إنه لم يبق منهم أحد سوى يوشع وكالب ، ومن ههنا قال بعض المفسرين في قوله {قال فإنها محرمة عليهم} هذا وقف تام ، وقوله {أربعين سنة} منصوب بقوله {يتيهون في الأرض} فلما انقضت المدة ، خرج بهم يوشع بن نون عليه السلام ، أو بمن بقي منهم ، وبسائر بني إسرائيل من الجيل الثاني ..
(انتهى)

لقد وعى صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم هذا الدرس جيداً ، وفهموا هذه الآيات فهما دقيقا : فحين واجهوا الشدة وهم قلة أمام نفير قريش في غزوة بدر ، قالوا لنبيهم صلى الله عليه وسلم : إذن لا نقول لك يا رسول الله ما قاله بنو إسرائيل لنبيهم . {فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون} لكن نقول : اذهب أنت وربك فقاتلا فإننا معكما مقاتلون ..

وروي عن المقداد قوله : والله يارسول الله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى {اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون} ولكنا نقاتل عن يمينك وعن يسارك ومن بين يديك ومن خلفك ..

وعن سعد بن معاذ قوله : كأنك تعرض بنا يا رسول الله ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً ، إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء ، لعل الله أن يريك منا ما تقر به عينك ، فسرْ بنا على بركة الله ..

قال ابن كثير في تفسيره
- بعد هذه الآيات -
في وصف يهود : .... فظهرت قبائح صنيعهم للخاص والعام ، وافتضحوا فضيحة لا يغطيها الليل ، ولا يسترها الذيل ، هذا وهم في جهلهم يعمهون وفي غيهم يتردّدون ، وهم البُغَضاء إلى الله وأعداؤهُ ، ويقولون مع ذلك : نحن أبناء الله وأحباؤه ، فقبح الله وجوههم التي مسخ منها الخنازير والقرود ، وألزمهم لعنة تصحبهم إلى النار ذات الوقود ، ويقضي لهم فيها بتأييد الخلود ، وقد فعل وله الحمد في جميع الوجود
(انتهى كلامه رحمه الله) ..

هذا هو حال يهود مع نبيهم ورسولهم الكريم كليم الله موسى عليه السلام ، ولعلك أدركت أيها القارئ - بعد هذه البيان - حقيقة قول النبي صلى الله عليه وسلم
"لتتبعن سُنن من قبلكم ، شبرا بشبر ، أو ذراعاً بذراع ، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتُموه .. قالوا : اليهود والنصارى؟ قال : فمن"
(صحيح : صحيح الجامع 5063)

هل سمعت مسلماً يقول لك : نحن الفرقة الناجية والطائفة المنصورة ، هل سمعت من يقول لك : نحن خير أمة أُخرجت للناس وهو جالس في بيته متخلف عن قضايا امته ، ينتظر النصر من عصى موسى دون بذل أو سعي أو جهاد .. نعم ، لقد قالها اليهود والنصارى من قبل { وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ... } (المائدة : 18)، فكان الجواب الرباني في نفس الآية {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ} ، لستم أفضل من غيركم حتى تعملوا ما لا يعمله غيركم من القيام بواجبات الدين وبذل الغالي والنفيس في سبيله !!

يقولون

إن المجاهدين هم سبب ما فيه المسلمون اليوم !! هم الذين جلبوا على المسلمين المصائب !! هم السبب في هجوم الكفار على بلاد المسلمين!! هم الذين أعطوا أمريكا المبرر لغزو بلاد المسلمين

لا شك أنك سمعت هذا من بعض البائسين الجُهال .. أتريد أن تعرف حقيقة هذا القول !! دونك كلام بني إسرائيل لنبيهم موسى عليه السلام

{ قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا .... }
(الأعراف : 129)

ومن قال لكم ألا تُقاتلوا فرعون من قبل أن يأتي موسى !! وبعد أن أتاهم نبي الله يخلصهم من جبروت فرعون يتذمّرون لأنهم وقعوا في محنة لفترة وجيزة !! هكذا المُستعبَدون ، لا يُحسنون إلا التذمر والشكوى ، أما الصبر على البلاء والعمل الجاد والجهاد ، فدونه خرق القتاد !!

أتريد مثالاً آخر يبين لك بمن يقتدي منتقدي المجاهدين : قال تعالى محدثاً عن بني إسرائيل بعد أن جاوزوا النهر مع طالوت
{فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ}

هي العبارة ذاتها

{لا طاقة لنا اليوم بأمريكا وجنودها} !!
ولكن انظر إلى رد المؤمنين

{قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}
(البقرة : 249)
والصبر الحقيقي لا يظهر إلا في مثل هذه الأوقات ..

ماذا فعل موسى عليه السلام

لقد جاء بوعد إلهي ليحررهم من طغيان فرعون وينتشلهم من وحل عبودية هذا الطاغوت إلى رحاب توحيد الله ، كان يريد أن يقودهم للجهاد في سبيل الله ، يريدهم أن يخلعوا ثوب الخوف والذل الذي ألبسهم إياه جنود هذا الدعيّ ، لكن هؤلاء الخوالف الجبناء عجزت عقولهم عن تصور هذه الحرية التي نسوا ما هيتها !! تجرّؤوا على الله وبدّلوا دينه وعبدوا الدنيا المتمثلة بالعجل الذهبي ، ومع هذا لم يتجؤوا على بشر مثلهم !!


انتظروا البقية
  #3  
قديم 19-07-2005, 11:53 AM
الجلاد10 الجلاد10 غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2005
الإقامة: بلاد الله
المشاركات: 498
إفتراضي


وردت فورا على خاطرى هذه الكلمات,


من أمير المؤمنيين هارون الرشيد الى نقفور كلب الروم.



و تلك الكلمات سطرت على ظهر رسالة نقفور الذى كان يرفض

فيها دفع الجزيه و التى أصبحنا ندفعها عن يد و نحن صاغرين.


ترى أخى الهلالى سيعود مجدنا القديم .
  #4  
قديم 19-07-2005, 12:02 PM
الهلالى الهلالى غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 1,294
إفتراضي إننا اليوم بين جيلين

إننا اليوم بين جيلين

جيل قديم فيه عقدة "الخواجا" : عجل بني إسرائيل الذي فتنهم خِواره الإعلامي .. جيل جَهِل مكْمن القوة في دينه ، وحقيقة وعد نبيه ، والمعجزة الكامنة في قرآنه ، جهلها جهلاً عملياً ، وتربى على الخوف من أمريكا وأوروبا ..
لم يحمل أبناء هذا الجيل سلاحاً ، ولم يشارك في حرب أو غزو ، فهو جيل متخلف متقاعس متقاعد لا يعرف من الحرب إلا رسمه ولا من القتال إلا اسمه . جيل نشأ ينهل من معين التهويل والتضليل والدعاية الكاذبة ، وتغلغل في عروقه الخوف من الأساطير والأوهام التافهة ، جيل عاش تحت سطوة فرعون وجنوده ، جيل أوّل التيه وما قبله ..

أما الجيل الآخر ، فهو جيل نهاية التيه وما بعده : جيل عرف عدوه ، وأدرك مكامن القوة في نفسه ، جيل حمل السلاح وجاهد في ميادين الكفاح ، ولرؤوس الكفار أطاح ، أدرك أن الكفار بشر ، بل أقل من البشر ..
جيل الشباب المجاهد ، الشباب الواعد ، الجيل الذي حطم اسطورة الدب الشيوعي الأحمر ، وسحل على شواطئ الصومال : الجندي الأمريكي الأشقر ، الجيل الذي فجّر قطارات اسبانبا ، وكسر أنف أمريكا وبريطانيا ، ونقل الحرب إلى عقر ديار الجبارين بعد ان كانت ساحات الحروب ديار المسلمين ، جيل أعلن للعالم أجمع : بأن فرعون ليس إلهاً للبشر ، بل هو دون البشر ، وأن اسطورة القوى العظمى ما هي إلا فرية كبرى ..

يقول سن تزو في كتابه "فن الحرب"
من يعرف عدوه ويعرف نفسه لن يُهزم حتى في مائة معركة ، ومن لا يعرف عدوه في حين يعرف نفسه فسيعاني من هزيمة مقابل كل نصر يحالفه ، أما من لا يعرف عدوه ولا يعرف نفسه فسينال الهزيمة في كل معركة يقودها"

(انتهى) ..

جيل الشباب الذي تحرر من الألوهية الفرعونية ، وربوبية المخابرات الهامانية ، وعبودية الأموال القارونية .. إنه جيل الشباب المدرك لحقيقة الصراع ، العارف بمكامن قوة وضعف الأعداء ، المجرب للحروب ، البصير بالخطوب ، المقر لله بالوحدانية ، الكافر بالحلولية والإتحادية ، المستل السيوف القرآنية ، الراكب فلك المنون ، المتخلص من الأوهام والظنون ..

ليس صحيحاً أن كل شاب : متهور مغرر به
وليس صحيحاً أن كل شيخ : حكيم عاقل يُعتد به

.. لقد أمّر النبي صلى الله عليه وسلم الشاب الصغير السن "أسامة بن زيد" على جيش فيه كبار الصحابة من أمثال عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين ..

وما استعصى على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين من بعدهم ، بل ما استعصى على المسلمين لأكثر من ثماني قرون ، حصل على يد شاب في الحادية والعشرين من العمر : ففتَح القسطنطينية الشاب التركي القائد الأمير المجاهد محمد الثاني (الفاتح) الذي أعد جيشاً عظيما لفتح إيطاليا قبل وفاته رحمه الله ..

وفتْح الهند – وما أدراك ما الهند - كان على يد الفارس الرجل الصغير - السن - الكبير العزيمة : الأمير محمود بن سبكتكين الغزنوي (وغزنة التي منها قلب الدين حكمتيار) الخراساني الذي لم يبلغ العشرين من العمر ..

وقد روي عن سيف الله خالد بن الوليد أن سبب تأخره وبعض أقرانه من شباب قريش عن الإسلام : عزوف شيوخ قريش عنه ، وقد ظن هؤلاء الشباب بأن لهؤلاء الشيوخ عقلاً وحكمة تهديهم إلى ما هو خير !! فاغتروا بالشيوخ وتأخروا عن الإذعان للحق ، فلما مات أكثر شيوخ قريش ، ورأى خالد بعقله الثاقب ونظره الصائب حقيقة هذا الأمر دون ضغط قبلي أو عصبي أو تأثير نفسي ، وتخلص من رواسب التأثير الجاهلي : هداه الله وشرح صدره للإسلام ..

إن أكثر الصحابة السابقين الذين هداهم الله للإسلام كانوا من الشباب ، ولم يُسلم من كبار السن في بداية الدعوة إلا نفر قليل يعدون على الأصابع ..

إن رواسب العقلية الإنهزامية الإستسلامية لا زالت عالقة في قلوب كثير من أبناء الأمة ، وكثير من هذه الرواسب موروثة من جيل ما قبل التيه ، وبعض هذه الإنهزامية نتاج عمل الوسائل الإعلامية الحديثة ..

إن هذا الإنكسار والخوف من العدو هو ما يحاربه المجاهدون بإحياء نصوص القرآن : فالضرب فوق الأعناق ، وضرب كل بنان ، وضرب الرقاب ، وإمرار أوداج العدو على السنان ، وأخذهم والقعود لهم في كل مرصد ، هذه الأفعال تفتح الأعين وتملي الآذان بحقيقة عزة وقوة أهل الإيمان ، وهوان وذل أهل الكفر والعصيان ، وكسر لسلسلة دعاية الكذب والبهتان ..

إن المسلم حينما يرى الكافر الأمريكي أو الأوروبي وقد سُحلت جثته ، وقطعت رقبته ، وتناثرت أشلائه ، وتفحمت أمعائه ، وتحطمت طيارته ، ودُمّرت دبابته ، وسُلب سلاحه ، وأُسر ذليلاً حقيرا تنهمر دموعه ، عندها يراجع المسلم نفسه ، ويشك في البالي من معتقداته ، ويتحرر من أوهامه وترهاته ، ويجترئ على اعدائه ، وتتلاشى من عقله مقولة القوة العظمى ، والدولة الكبرى ، فيصبح العدو في نظره صغير ، وفي حسابه حقير ..

إن معركة عين جالوت كانت مصيرية لأن المسلمين بدأوا التتر ، وقطز قطع كل تردد وشك في قلوب المسلمين بقطع رقاب رسل الأعداء في مصر ، وكان في صمود بيبرس وقطز آلاف العبر ، فلما رأى المسلمون أرض الإسلام تصطبغ بدماء هؤلاء الأوباش ، ورأوا الجيوش المصرية تفتك بالعدو بين الأحراش ، عندها شدوا على الأوساط النطاق ، وأشعلوا حرباً لا تُطاق ، فكانت الهزيمة النكراء ، وتفرق جيش هولاكو في سائر الأرجاء ، ثم بعد النصر والفتح : دخل التتار في دين الله أفواجاً ، تحقيقاً لسنة الله ..

لما قصد المسلمون - وهم عشرون الفا - افريقية وعليهم عبدالله بن سعد بن ابي سرح وفي جيشه عبدالله بن عمر وعبدالله بن الزبير ، صمد اليهم ملك البربر جرجير في عشرين ومائة الف وقيل في مائتي الف ، فلما تراءى الجمعان أمر جيشه فأحاطوا بالمسلمين هالة ، فوقف المسلمون في موقف لم ير أشنع منه ولا أخوف عليهم منه ، قال عبدالله بن الزبير : فنظرت الى الملك جرجير من وراء الصفوف وهو راكب على برذون وجاريتان تظلانه بريش الطواويس ، فذهبت الى عبدالله بن سعد بن ابي سرح فسألته ان يبعث معى من يحمى ظهري واقصد الملك ، فجهز معى جماعة من الشجعان ، قال : فأمر بهم فحموا ظهري وذهبت حتى خرقت الصفوف إليه وهم يظنون اني في رسالة الى الملك ، فلما اقتربت منه أحس منى الشر ، ففر على برذونه فلحقته فطعنته برمحي وذففت عليه بسيفى وأخذت رأسه فنصبته على رأس الرمح وكبرت ، فلما رأى ذلك البربر فرقوا وفروا كفرار القطا واتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون ، فغنموا غنائم جمة وأموالا كثيرة وسبيا عظيما ..

ولما اقبل خالد من العراق إلى اليرموك قال رجل من نصارى العرب لخالد بن الوليد ما أكثر الروم وأقل المسلمين ، فقال خالد : ويلك ، اتخوفني بالروم !! إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان لا بعدد الرجال ، والله لوددت أن الأشقر برأ من توجعه وأنهم اضعفوا في العدد .. وكان فرس خالد قد حفا واشتكى في مجيئه من العراق ..

وذكر الوليد بن مسلم : ان ماهان قائد الروم في اليرموك طلب خالدا ليبرز اليه فيما بين الصفين فيجتمعا في مصلحة لهم ، فقال ماهان : انا قد علمنا ان ما أخرجكم من بلادكم الجهد والجوع فهلموا إلى أن أعطي كل رجل منكم عشرة دنانير وكسوة وطعام وترجعون الى بلادكم فإذا كان من العام المقبل بعثنا لكم بمثلها .. فقال خالد : انه لم يخرجنا من بلادنا ما ذكرت غير انا قوم نشرب الدماء وانه بلغنا ان لا دم أطيب من دم الروم فجئنا لذلك .. فقال أصحاب ماهان : هذا والله ما كنا نحدث به العرب ..

وقد كان فيمن شهد اليرموك الزبير بن العوام ، وكان من فرسان الناس وشجعانهم في الإقدام ، فاجتمع اليه جماعة من الأبطال يومئذ ، فقالوا : ألا تحمل فنحمل معك ؟ فقال : انكم لا تثبتون .. فقالوا : بلى ، فحمل وحملوا فلما واجهوا صفوف الروم احجموا وأقدم هو فاخترق صفوف الروم حتى خرج من الجانب الآخر وعاد إلى اصحابه ، ثم جاؤوا اليه مرة ثانية ففعل كما فعل في الأولى وجرح يومئذ جرحين بين كتفيه ، فلله دره من مقدام ..

قال ابن كثير في البداية
وثبت كل القوم في اليرموك على رايتهم حتى صارت الروم تدور كانها الرحا فلم تر يوم اليرموك إلا مخا ساقطا ، ومعصما نادرا ، وكفّا طائرة من ذلك الموطن ، ثم حمل خالد بمن معه من الخيالة على الميسرة التى حملت على ميمنة المسلمين فأزالوهم الى القلب فقتل من الروم في حملته هذه ستة آلاف منهم ، ثم قال : والذي نفسي بيده لم يبق عندهم من الصبر والجلد غير ما رأيتم وإني لارجو أن يمنحكم الله اكتافهم ، ثم اعترضهم فحمل بمائة فارس معه على نحو من مائة ألف فما وصل اليهم حتى انفض جمعهم وحمل المسلمون عليهم حملة رجل واحد فانكشفوا وتبعهم المسلمون لا يمتنعون منهم .


لقد أمات خالد والزبير وابنه والقعقاع والمثنى بن حارثة وأقرانهم جرثومة الخوف في قلوب المسلمين ، وزرعوا بدلاً منها بذرة الإقدام التي سرعان ما شقت طريقها إلى الأرض وناطحت الجوزاء فأصبح المسلم لا يُحجم إلّا عن الإحجام ، فكان أن دخل أحد المسلمين قرية في العراق – وقد شذ عن جيشه – فسل سيفه وأعلن في القرية : الإسلام أو الجزية أو السيف ، فأذعنوا لهمة هذا الرجل الهُمام ، المجاهد الفريد ، اليتيم الحُسام !!

إن ما يفعله المجاهدون اليوم من حز الرؤوس ، وسحل التيوس ، وتصوير هذا ونشره بين الخلائق ما هو إلا لزرع تلك البذرة الخالدية ، والهمة الزبيرية ، الجرأة القعقاعية ، والعزة الحارثية في نفوس الأمة الإسلامية ..
وما يفعله الأمريكان من نشر صور الأسرى في أبو غريب ، وإهانة المصحف ، وتدمير البيوت وقتل الذرية والتصريحات الصحفية والدعايات العسكرية ، هي خطة كِسرويّة لكسر هذه الهمة واجتثاث هذه البذرة من القلوب كي لا تصبح في يوم من الأيام شجرة يشتد عودها ويقوى ساعدها فيستحيل قلعها ، فتُثمر إرهاباً رهيباً وإعصاراً يجرف الأرض ويكون الفتح الذي وعد الملك الحق على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم .. إنها حرب نفسية : حرب على الطريقة الكسروية الفرعونية ..

لقد كان تيه بني إسرائيل أربعين سنة ، وتيه هذه الأمة مضى عليه أكثر من مائتي سنة (تخللتها فترات جهادية) .. وها هي بوادر الأرض المباركة تلوح ، وها هي القيادة اليوشعية تأخذ مكانها في الصفوف الأمامية ..

لو قلت لرجل من جيل ما قبل التيه أننا ننوي غزو أمريكا ، لفغَر فاه ، ولبلغ الخوف في قلبه مداه ، ولصرخ وولول ، وعن مجلسه تحول ، ولقال : أنتم الخوارج الغلاة ، اتظنون قتال أمريكا كقتال بعضكم لبعض في الفلاة !! إنها أمريكا يا أغبياء ، إنها أمريكا يا سفهاء ، إنها أمريكا الجبارة ، إنها ... وإنها ..
تماماُ كما قال وديعة بن ثابت أخو بني أمية بن زيد ومخشي بن حمير وإخوانهم المنافقون : حيث كانوا يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى تبوك فقال بعضهم لبعض "أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال" !!

لقد تبدل الجيل ، واندثرت معالم القلب الذليل ، وأصبح الخوف من الكفار تاريخا أسوداً رمى به المجاهدون في غياهب جُبّ التبعية الذي ردموه بالصخور الإيمانية ، فها هي الحجارة الفلسطينية ، والعبوات العراقية ، والقذائف الأفغانية ، والهجمات الشيشانية ، والغزوات الكشميرية تقول للعالم : إن سنوات التيه قد ولّت : فلا دنيّة ، آن للعدا أن يذوقوا كأس المنية ، لقد استيقضت الأمة الإسلامية ، تطلب وعد رب البرية ، لن تقف رايات الجهاد حتى تركَز في رومية ..

نسأل الله بمنّه وكرمه أن لا يُميتنا حتى نُرغم أنوف فراعنة العصر ، ونهتك ستر إخوان عبد الله ابن سلول ، ونقطع رقاب أتباع مسيلمة الكذاب ، ونُصيّر البيت الأبيض جامعاً ، ويقيم إمامنا صفوف المصلين في الكرملن ، ويؤذن أخو بلال من فوق مبنى برلمان لندن ..

إنه وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : فليس بيت مدر ولا وبر إلا ويدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل .. ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ، ولكن المنافقين لا يعلمون ..


كتبه
الفقير إلى عفو ربه
حسين بن محمود
12 جمادى الآخرة 1426هـ

(انتهى) ..
  #5  
قديم 19-07-2005, 12:06 PM
الهلالى الهلالى غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 1,294
إفتراضي

والله الذى لا إله إلا هو
إنى أحب كاتب المقال فى الله



هل علمتم ياشباب سر تدفق سرايا الأستشهاد لملاقاة أعداء الله

إنها كلمات هذا الرجل و أمثاله ..
كلمات تزلزل الروح بين الجوانح
كلمات تحيي ماضى العزة و الكرامة

لله دره من كاتب
و الحمد لله رب العالمين

آخر تعديل بواسطة الهلالى ، 19-07-2005 الساعة 12:27 PM.
  #6  
قديم 19-07-2005, 01:32 PM
الغرباء الغرباء غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
الإقامة: دولة الخلافه الاسلاميه
المشاركات: 2,050
إفتراضي

إقتباس:
بواسطة :الجلاد10

وردت فورا على خاطرى هذه الكلمات,


من أمير المؤمنيين هارون الرشيد الى نقفور كلب الروم.


و تلك الكلمات سطرت على ظهر رسالة نقفور الذى كان يرفض
فيها دفع الجزيه و التى أصبحنا ندفعها عن يد و نحن صاغرين.


ترى أخى الهلالى سيعود مجدنا القديم ؟
اخي الجلاد:
اسمح لي ان أزيد ــ
تلك الكلمات سطرت على ظهر رسالة نقفور{اي على نفس الرساله وعلى ظهرها}
احتقارا للمرسل ــ وهل هناك اي وجه مقارنه بين ولي الامر {هارون الرشيد} وبين ولي الامر : {صانوم السعادين} فانهم لا يكتفون بالرد المبجل
بل يسجدون ل { كوندرا رز} فالبيت الابيض كعبتهم وقبلتهم وتاج رؤوســـهم
اما قولك : الذى كان يرفض فيها دفع الجزيه و التى أصبحنا ندفعها عن يد
و نحن صاغرين
ـــ أقول سامحك الله اخـي الجـلاد فالجزيه نسبه معينه، اما اليهود والصليبين والغربيين والبوذيين والشيوعيين والكافرين
{ابناء القرده الخنازير} فينهبون كل ثرواتنا وعن طيب خاطر من{ ولاة الامر}
وبدون قتال ولا سفك دماء ــ بل يذهب{ صنم بني عربان }الى قبلـته وكعبــته
{البيت الابيض} ليعرض عليهم ثروات المسلمين {النفط} مجانا والشحن على حساب
الاجاويد{الكرم العربي الاصيل} ولكن ليس على الطراز الطائي { حاتم الطائي}
بل ليبقى محافظا على الكرسي هذا>>
ولو كلفه بالمقابل دم الطفله هذه>
أو هتكت حرمة بيت المسلم هذا :
و لو امروا عليه ان يقوم بهذا>


وازيد ايضا اخي الجلاد
لقد كتب هارون الرشيد
بابي وامي ونعم الرجال
على ظهر الرساله، انظر
كيف اعزنا الله بالاســــلام:
"إن ماتسمعه ليس كما تراه"
وبالمناسبه شاهد ابواق اعداء
الله كيف يضعوا في مخيلتنا ان هارون
الرشيد كان من محبي الطرب والغناء والجواري
اللهم عليك باعدائك واعداء الدين عربا وعربا وعربا وعجما.
__________________

آخر تعديل بواسطة الغرباء ، 19-07-2005 الساعة 01:51 PM.
  #7  
قديم 24-07-2005, 04:26 PM
الهلالى الهلالى غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 1,294
إفتراضي Re: إننا اليوم بين جيلين

إقتباس:
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة الهلالى
إننا اليوم بين جيلين

جيل قديم فيه عقدة "الخواجا" : عجل بني إسرائيل الذي فتنهم خِواره الإعلامي .. جيل جَهِل مكْمن القوة في دينه ، وحقيقة وعد نبيه ، والمعجزة الكامنة في قرآنه ، جهلها جهلاً عملياً ، وتربى على الخوف من أمريكا وأوروبا ..
لم يحمل أبناء هذا الجيل سلاحاً ، ولم يشارك في حرب أو غزو ، فهو جيل متخلف متقاعس متقاعد لا يعرف من الحرب إلا رسمه ولا من القتال إلا اسمه . جيل نشأ ينهل من معين التهويل والتضليل والدعاية الكاذبة ، وتغلغل في عروقه الخوف من الأساطير والأوهام التافهة ، جيل عاش تحت سطوة فرعون وجنوده ، جيل أوّل التيه وما قبله ..

أما الجيل الآخر ، فهو جيل نهاية التيه وما بعده : جيل عرف عدوه ، وأدرك مكامن القوة في نفسه ، جيل حمل السلاح وجاهد في ميادين الكفاح ، ولرؤوس الكفار أطاح ، أدرك أن الكفار بشر ، بل أقل من البشر ..
جيل الشباب المجاهد ، الشباب الواعد ، الجيل الذي حطم اسطورة الدب الشيوعي الأحمر ، وسحل على شواطئ الصومال : الجندي الأمريكي الأشقر ، الجيل الذي فجّر قطارات اسبانبا ، وكسر أنف أمريكا وبريطانيا ، ونقل الحرب إلى عقر ديار الجبارين بعد ان كانت ساحات الحروب ديار المسلمين ، جيل أعلن للعالم أجمع : بأن فرعون ليس إلهاً للبشر ، بل هو دون البشر ، وأن اسطورة القوى العظمى ما هي إلا فرية كبرى ..

إن كنا بين الجيلين
إذن
فلابد أن هناك مخلفات من الجيل الأول
وبشائر من الجيل الثانى

اخى الكريم
أين أنت من الأثنين
من المخلفات
أم من البشائر

هدانا الله للخير
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م