مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 17-03-2006, 01:13 AM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي

والله سبحانه وتعالى اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ليقاتلوا في سبيله. (قال ابن عيينة معنى الآية: اشترى منهم أنفسهم ألاّ يُعمِلوها إلاّ في طاعة الله، وأموالهم ألاّ ينفقوها إلاّ في سبيل الله). (تفسير المحرر الوجيز لابن عطية الأندلسي، 7/50).

ومن يقوم بعملية استشهادية لا شكّ أنه في طاعة الله بل هو في أعلى مقامات الطاعة ألا وهي الجهاد في سبيل الله، فهو داخل - إن شاء الله تعالى - في معنى هذه الآية.

وقد قرأ حمزة والكسائي وخلف والنخعي وابن وثّاب وطلحة (فَيُقْتَلُوْنَ) على البناء للمفعول (وَيَقْتُلُوْنَ) على البناء للفاعل ووافقهم الحسن والأعمش؛ والباقون وهم ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر وأبو عمرو والحسن وقتادة وأبو رجاء وغيرهم قرأوا بعكس ذلك.

فعلى قراءة (فَيُقْتَلُوْنَ وَيَقْتُلُوْنَ) يمكن توجيهها على أنّ المقاتل في سبيل الله يُقْتَلُ ليَقْتُلَ، كالانغماس في العدوّ الكثير أو اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدوّ الكثير وحده مع غلبة ظنه بالهلاك وتلف النفس، وهكذا في العمليات الإستشهادية أيضاً يُقْتَلُ ليَقْتُلَ ولا فرق بين الحالتين، حال اقتحامه صف العدوّ وحمله على العدوّ الكثير وحده وانغماسه فيهم، وحال قيامه بعملية استشهادية، لأنه في كلا الحالتين يكون موت المجاهد محققاً أو يغلب على ظنه موته في سبيل الله وأنّ الكفار يقتلونه ويريقون دمه. فإن قيل: إنه في الحالة الأولى يكون احتمال نجاته وارداً بخلاف الحالة الثانية فإن موته محقق لا محالة. فيقال: احتمال نجاة القائم بالعمليات الإستشهادية أيضاً قائمة، فكم من مجاهد في سبيل الله يقوم بعملية استشهادية فيَقْتُلُ ولاَ يُقْتَلُ؛ وقد حصلت عشرات الحوادث من هذا النوع في أفغانستان والشيشان وفي البوسنة والهرسك وغيرها، بل إنّ أحد الذين قاموا بتفجير سفارتي أمريكا في نيروبي ودار السلام نفذ العملية بنجاح ولم يمت ولم تتلف نفسه وخرج من المبنى المهدم سالماً.

ثم يقال: ماذا يضر المجاهد في سبيل الله إن تلفت نفسه في ذات الله وهو يسعى إلى تمكين الإسلام في الأرض وإعزاز الدين في أرجاء المعمورة، وإثخان الجراح في الكافرين وإضعاف شوكة اليهود والصليبيين والمشركين، أليس هذا مقام يمتدح فيه الإنسان وهو يعرض نفسه للهلاك والتلف لجعل كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.

ومن المعلوم أنّ من أهمّ مقاصد الدين حفظ الدين، ولما كان حفظ الدين لا يتأتى إلاّ بالجهاد في سبيل الله مع أنّ فيه تلف النفس وإزهاقها وتعريضها للهلاك شرع الجهاد بالنفس والمال، لأن بقاء الدين أهمّ من بقاء النفس والعقل والنسل (العرض) والمال، فمقاصد الشرع تنحصر في حفظ هذه الكليات الخمس وهي الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وحفظ الدين مقَدّم على الكل لأنه أول مقاصد الشرع وهكذا الذي يقوم بالعمليات الإستشهادية هدفه الرئيس إعزاز الدين وإهلاك الكفر والكافرين فضحّى بنفسه إبقاءً للدين وحفاظاً عليه من كيد الكافرين إذ من المعلوم شرعاً (أنّ مصلحة الدين أساس للمصالح الأخرى ومقَدّمة عليها، فيجب التضحية بما سواها مما قد يعارضها من المصالح الأخرى إبقاءً لها وحفاظاً عليها). (انظر: ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، ص 55، د/ محمد سعيد رمضان البوطي).

وإنّ مما قرره الشرع أنّ المحافظة على منافع الخلق وفق مراد الشرع مصلحة، والشرع إنما (قصد بالتشريع إقامة المصالح الأخروية والدنيوية وذلك على وجه لا يختلّ لها به نظام لا بحسب الكل ولا بحسب الجزء، وسواء في ذلك ما كان من قبيل الضروريات أو الحاجيات أو التحسينيات. فإنها لو كانت موضوعةً بحيث يمكن أن يختلّ نظامها أو تختلّ أحكامها، لم يكن التشريع موضوعاً لها، إذ ليس كونها مصالح إذ ذاك بأولى من كونها مفاسد. لكنّ الشارع قاصد بها أن تكون مصالح على الإطلاق، فلا بد أن يكون وضعها على ذلك الوجه أبدياً وكلياً وعاماً في جميع أنواع التكليف والمكلفين وجميع الأحوال. وكذلك وجدنا الأمر فيها والحمد لله). (الموافقات للشاطبي، 2/37)، وهذا المعنى بعينه موجود في العمليات الإستشهادية، لأن القيام بها دفع لمضرة استيلاء الكفار على بلاد المسلمين ومن المعلوم أنّ دفع المضرة مصلحة، وأي مضرة هي أعظم من استيلاء الكفار على بلاد المسلمين واستباحتهم لبيضة الإسلام، وقد قضت الشريعة بوجوب إحراز مرتبة حفظ الدين وجعلها في أول سلم الكليات الخمس حتى وإن قضت الضرورة بالتضحية ببقية الكليات والتي هي دون حفظ الدين (فيجب المحافظة على مصلحة الدين وتقويم شرعته حتى وإن استلزم ذلك فوات ما دونها وهو مصلحة المحافظة على النفس، ومن أجل ذلك شرع الجهاد). (ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، ص 57)، فإذا كان الحفاظ على نفس المجاهد وعدم تعريضه للتلف والهلاك مصلحة، فإن الحفاظ على الإسلام أعظم مصلحة من الحفاظ على أرواح أفراد من مجموع الأمّة، فعند الموازنة بين المصلحتين نجد أنّ مصلحة الإسلام والأمّة كلها أولى من مصلحة فرد أو عدّة أفراد من مجموع الأمّة، فالضرورة قد تحمل المسلمين على القيام بالعمليات الإستشهادية للتضحية بمصلحة القائمين بهذه العمليات الإستشهادية في سبيل بقاء الدين وإنقاذ المسلمين. وهذا الذي عناه الأصوليون بحقيقة الضرورة فهم يقولون إنّ (نظرية الضرورة في حقيقتها تئول إلى توارد مصلحتين ومفسدتين على أمر واحد، وبين هاتين المصلحتين وهاتين المفسدتين تعارض، فنرجح أكبر المصلحتين فنحصلها، وأشد المفسدتين فندفعها). (انظر: نظرية الضرورة الشرعية حدودها وضوابطها للأستاذ/جميل محمد بن مبارك، ص 204).
يتبع
__________________




لله در الفضيل بن عياض حيث يقول : لا تستوحش من الحق لقلة السالكين ، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين . وأحسن منه قوله تعالى : ( ولقد صــدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً مـن المؤمنين)
  #2  
قديم 17-03-2006, 01:14 AM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي

وإلى هذا المعنى أشار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في مجموع الفتاوى (28/540) فقال: (وقد روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قصة أصحاب الأخدود، وفيها: (أنّ الغلام أمر بقتل نفسه لأجل مصلحة ظهور الدين)، ولهذا جوّز الأئمّة الأربعة أن ينغمس المسلم في صف الكفار، وإن غلب على ظنه أنهم يقتلونه، إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين). أهـ

وقد تقاس العمليات الإستشهادية بحالة تترس الكفار بالمسلمين، والفقهاء يقولون بالتضحية بالمسلمين المتترس بهم إذا لم يمكن التوصل إلى الكفار إلاّ بذلك وكان الكف عن قتل الكفار لأجل المتترس بهم من المسلمين يفضي إلى تعطيل الجهاد وانقطاعه لأنهم متى علموا ذلك يتترسون بالمسلمين عند خوفهم فينقطع الجهاد، أو كان الكف عن قتال الكفار لأجل المتترس بهم من المسلمين يؤدي إلى استيلاء الكفار ببلاد المسلمين أو تقوية شوكتهم أو استباحتهم لبيضة الإسلام، ففي هذه الحالة يجوز رمي الكفار مع وجود الترس البشري من المسلمين ولكن نقصد الكفار، ومن قتل من المسلمين المتترس بهم بالخطأ لأجل الجهاد في سبيل الله، كان شهيداً - إن شاء الله تعالى - ويبعث يوم القيامة على نيته، ولم يكن قتله أعظم فساداً من قتل المجاهدين في سبيل الله وإزهاق أنفسهم وهم يحرسون ثغور الإسلام ويمنعون الكفار من استباحة دار الإسلام. فإذا كانت الضرورة دفعتنا إلى التضحية بمصلحة الترس البشري من المسلمين في سبيل الله إعزازاً للدين وإنقاذاً لمجموع الأمّة الإسلامية، فكذلك يقال في العمليات الإستشهادية، إذا كان لا يمكن التوصل إلى قتال الأعداء إلاّ بذلك، ففي مثل هذه الحالة تدعو الضرورة إلى القيام بالعمليات الإستشهادية ولا بأس بالتضحية بفرد أو عدة أفراد يقومون بعمليات استشهادية يضعون فيها مواد متفجرة في سياراتهم أو حقائبهم أو يحيطون أنفسهم بحزام صاعق متفجر ثم يقتحمون مواقع العدوّ وتجمعاته أو يستخدمون الطائرات المدنية كأهداف عسكرية يضربون بها المراكز الحيوية للعدوّ - كالحالة التي حصلت في أمريكا مثلاً - فيفجّرونها بتلك المواد الناسفة لقصد النكاية بالعدوّ أو القضاء عليه أو إرهابه أو إضعاف قوته أو غير ذلك من المقاصد الشرعية لقصد دفع الضرر الأكبر بالمسلمين إذا لم ينتدبوا لمواجهة الكفار. ومعلوم أنه في حالة المسلمين الذين تترس بهم الكفار جاز للمسلم أن يقتل غيره من المسلمين، مع أنّ قتل المسلم لغيره من المسلمين جريمة كبرى في الإسلام، وهو أعظم جرماً من قتل المسلم لنفسه (لأنه إذا كان قاتل نفسه الذي لم يتعد ظلم نفسه ثبت فيه الوعيد الشديد فأولى من ظلم غيره بإفاتة نفسه). (الفتح 3/227).

(فإذا كان ما هو أعظم جرماً لا حرج في الإقدام عليه، لا بحكم استباحة قتل المسلم لغيره من المسلمين، وإنما بحكم الضرورة التي لا بد منها في حالة الحرب، تفادياً لضرر أشد - فإنه ينبغي بطريق الأولى أن لا يكون هناك حرج في الإقدام على ما هو أقلّ جرماً، لا بحكم استباحة الانتحار، أو قتل المسلم لنفسه، وإنما بحكم الضرورة التي لا بد منها في حالة الحرب - تفادياً لضرر أشد). (القتال والجهاد في السياسة الشرعية، د/ محمد خير هيكل، 2/1402 – 1403).

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في مجموع الفتاوى (28/540): (فإذا كان الرجل يفعل ما يعتقد أنه يقتل به لأجل مصلحة الجهاد، مع أنّ قتله نفسه أعظم من قتله لغيره؛ كان ما يفضي إلى قتل غيره لأجل مصلحة الدين التي لا تحصل إلاّ بذلك، ودفع ضرر العدوّ المفسد للدين والدنيا الذي لا يندفع إلاّ بذلك أولى). أهـ

فإن قيل: إنّ المقتحم لصف العدوّ والمنغمس فيه يقتل بيد العدوّ، بخلاف الذي يقوم بالعمليات الإستشهادية فإنه يقتل بفعله. فيقال: قد علم في الشرع أنّ المشارك والمتسبب في قتل النفس التي حرمها الله حكمهما كحكم المباشر لقتلها. فمن حبس رجلاً وقتله آخر فقال عطاء: يقتل القاتل ويحبس الحابس حتى يموت. ومن حبس إنساناً ومنع عنه الطعام والشراب حتى يموت جوعاً أو حفر له بئراً ليقع فيها، فوقع فيها فمات أو قدمه لحيوان مفترس أنه يقتل أو أمسك رجل رجلاً فقتله آخر فإنهما يقتلان لأنهما اشتركا في قتله. وهذا مذهب الليث ومالك والنخعي. وأما الشافعية والأحناف فذهبوا إلى أنّ القاتل المباشر للقتل يقتل وأما الممسك فيحبس حتى يموت جزاءً لإمساكه المقتول. وإليه ذهب أبو ثور والنعمان واختاره ابن المنذر، وهو قول أكثر أهل العلم. وذهب الجمهور مالك والشافعي وأحمد إلى وجوب القصاص على المتسبب في القتل عمداً وخالفه في ذلك أبو حنيفة ومحمد بن الحسن فقالوا: لا يقتل ولا يقتص منه وأوجبوا على عاقلته الدية ولا معنى لهذا القول. وقول الجمهور أقوى حجةً وأظهر دلالة، وهو مذهب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما رواه مالك في الموطأ: أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل نفراً برجل واحد قتلوه قتل غِيلة، وقال: (لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً).

قلت: والغِيلة بالكسر الاغتيال يقال: قتله غِيلة، وهو أن يخدعه فيذهب به إلى موضع فيقتله فيه. وتمالأ القوم: أي تعاونوا واجتمعوا.

والحاصل أنّ المقتحم لصف العدوّ والمنغمس فيه تسبب في قتل نفسه، والذي يقوم بعملية استشهادية باشر قتل نفسه بفعله ضرورةً أو مصلحةً متحققةً أو راجحةً أو غلب على ظنه رجحانها، وحكمهما في الشرع واحد، وقصدهما من ذلك طلب الشهادة ونصرة الإسلام وإلحاق الهزيمة بالأعداء.

وقد روى الإمام مسلم في صحيحه كتاب الإمارة باب فضل الجهاد والرباط (3/1503 - 150 ح 1889) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من خير معاش الناس لهم رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار على متنه يبتغي القتل، أو الموت مظانّه، ورجل في غنيمة في شعفة من هذه الشعف، أو بطن وادٍ من هذه الأودية يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعبد ربّه حتى يأتيه اليقين، ليس من الناس إلاّ في خير).

وفي مسند أبي عوانة (5/59 (ولفظه: (يأتي على الناس زمان أحسن الناس فيهم؛ رجل آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، كلما سمع بهيعة استوى على متنه، ثم طلب الموت، مظانّه). الحديث

وموضع الاستدلال من الحديث: قوله صلى الله عليه وسلم (يبتغي القتل، أو الموت، استوى على متنه ثم طلب الموت، مظانّه).

وفي الصحيحين عن يزيد بن أبي عبيد الأسلمي قال: قلت لسلمة بن الأكوع رضي الله عنه: على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ؟ قال: على الموت. (رواه البخاري في كتاب المغازي - باب غزوة الحديبية، 7/449، ح 7206 وكتاب الأحكام - باب كيف يبايع الإمام الناس، 13/93، ح 7206؛ ومسلم في كتاب الإمارة - باب استحباب مبايعة الإمام الجيش، 3/1486، ح 1860)، والشاهد من هذا الحديث المبايعة على الموت.
يتبع
__________________




لله در الفضيل بن عياض حيث يقول : لا تستوحش من الحق لقلة السالكين ، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين . وأحسن منه قوله تعالى : ( ولقد صــدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً مـن المؤمنين)
  #3  
قديم 17-03-2006, 01:16 AM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي

الخلاصة

وخلاصة الأمر أنه لا فرق بين اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدد الكثير وحده وانغماسه فيهم وبين العمليات الإستشهادية بقصد التنكيل بالكفار وإثخان الجراح فيهم وقذف الرعب في قلوبهم وتكبيدهم الخسائر المادية والبشرية، وتجرئة المسلمين عليهم، ومحو فتنتهم من الأرض حتى يكون الدين كله لله والسعي إلى تمكين الإسلام في الأرض وتطهير بلاد المسلمين منهم ومن دنسهم، وتحرير المقدسات الإسلامية، وطردهم من بلاد المسلمين.

والمقتول في هذه العمليات الإستشهادية - إن شاء الله - شهيد في سبيل الله تعالى، له أجر الشهداء الصادقين، والأدلة على استحباب انغماس الرجل الشجيع أو الجماعة القليلة في العدوّ الكثير وفضله رغبة في الشهادة ونكاية في العدوّ تتناوله - إن شاء الله - وبسط القول في هذه المسألة له موضع آخر وفيما ذكرنا ما يفي بالمقصود ويعين على فهم المراد وبالله تعالى نتأيد.

وختاماً ننقل ما ذكره ابن النحاس في مشارع الأشواق (1/557 – 560) عن العلماء واختلافهم في اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدوّ الكثير وحده، وانغماسه فيهم فقال: (فصل: اعلم أن العلماء - رضي الله عنهم - اختلفوا في اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدوّ الكثير وحده، وانغماسه فيهم وقد تقدم من الأدلة أقوالاً وأفعالاً على استحباب ذلك وفضله ما فيه كفاية.

وقال الإمام أبو حامد الغزالي - رحمه الله تعالى - في الإحياء، في كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: لا خلاف في أنّ المسلم الواحد له أن يهجم على صف الكفار ويقاتل، وإن علم أنه يقتل، وكما أنه يجوز أن يقاتل الكفار حتى يقتل جاز - أيضاً - ذلك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكن لو علم أنه لا نكاية لهجومه على الكفار، كالأعمى يطرح نفسه على الصف أو العاجز، فذلك حرام، وداخل تحت عموم آية التهلكة، وإنما جاز له الإقدام إذا علم أنه لا يقتل حتى يقتل، أو علم أنه يكسر قلوب الكفار بمشاهدتهم جرأته، واعتقادهم في سائر المسلمين قلة المبالاة، وحبهم للشهادة في سبيل الله فتكسر بذلك شوكتهم. أهـ

وقال الرافعي والنووي وغيرهما: التغرير بالنفس في الجهاد جائز، ونقل في شرح مسلم الاتفاق عليه، ذكره في غزوة ذي قرد، وقال في قصة عمير بن الحمام حين أخرج التمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن ثم قال: إن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتل حتى قتل. قال النووي: فيه جواز الانغماس في الكفار والتعرض للشهادة، وهو جائز لا كراهة فيه عند جماهير العلماء. أهـ

وقال البيهقي في سننه: باب من تبرّع بالتعرض للقتل:

958 - قال الشافعي رحمه الله تعالى: قد بورز بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمل رجل من الأنصار حاسراً على جماعة المشركين يوم بدر بعد إعلام النبي صلى الله عليه وسلم إياه بما في ذلك من الخير فقتل. قال البيهقي: هو عوف بن عفراء، ذكره ابن إسحاق ثم ذكر في الباب قصة عمير بن الحمام وأنس بن النضر وغير ذلك.

وقال أبو عبد الله القرطبي في تفسيره: اختلف العلماء في اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدوّ وحده، فقال القاسم بن مخيمرة والقاسم بن محمد وعبد الملك من علمائنا: لا بأس أن يحمل الرجل وحده على الجيش العظيم، إذا كان فيه قوة وكان لله بنية خالصة، فإن لم تكن له قوة فذلك من التهلكة، وقيل: إذا طلب الشهادة وخلصت النية فليحمل، لأن مقصوده واحد منهم، وذلك بين في قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ) [البقرة: 207].

وقال ابن خويزمنداد: فأما أن يحمل الرجل على مائة أو على جملة العسكر أو جماعة اللصوص والمحاربين والخوارج، فلذلك حالتان: إن علم وغلب على ظنه أنه سيقتل من حمل عليه وينجو فحسن، وكذلك لو علم وغلب على ظنه أنه يقتل ولكن سينكي نكاية أو يؤثر أثراً ينتفع به المسلمون فجائز أيضاً، ولما تحصنت بنو حنيفة بالحديقة، قال رجل من المسلمين: ضعوني في الجحفة وألقوني إليهم ففعلوا، فقاتلهم وحده وفتح الباب.

959 - قال القرطبي: ومن هذا: ما روي أنّ رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أريت إن قتلت في سبيل الله صابراً محتسباً ؟ قال: (فلك الجنة)، فانغمس في العدوّ حتى قتل.

960 - وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش، فلما رهقوه قال: (من يردّهم عنا وله الجنة أو هو رفيقي في الجنة ؟) فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة، فقال النبي صلى الهه عليه وسلم: (ما أنصفنا أصحابنا)، هكذا الرواية: (أنصفنا أصحابنا)، وروي بفتح الفاء ورفع الباء، ويرجع إلى من فرّ عنه من أصحابه.

وقال محمد بن الحسن: لو حمل رجل واحد على ألف رجل من المشركين، وهو وحده لم يكن بذلك بأس، إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدوّ، فإن لم يكن كذلك فهو مكروه، لأنه عرض نفسه للتلف من غير منفعة للمسلمين، فإن كان قصده تجرئة المسلمين عليهم حتى يصنعوا مثل صنيعه فلا يبعد جوازه، لأن فيه نفعاً للمسلمين على بعض الوجوه، فإن كان قصده إرهاب العدوّ ليعلم العدوّ صلابة المسلمين في الدين فلا يبعد جوازه (و) إذا كان فيه نفع للمسلمين فتلفت النفس لإعزاز دين الله وتوهين الكفار، فهو المقام الشريف الذي مدح الله به المؤمنين في قوله: (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِيْنَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ) الآية، إلى غيرها من آيات المدح التي مدح الله بها من بذل نفسه، وعلى ذلك ينبغي أن يكون حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، انتهى كلام القرطبي). أهـ

__________________




لله در الفضيل بن عياض حيث يقول : لا تستوحش من الحق لقلة السالكين ، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين . وأحسن منه قوله تعالى : ( ولقد صــدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً مـن المؤمنين)
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م