الباحث عن العلو ولم يجد إلا الدنو
تكذب فارس وهو ناطق بالحق .. الرجل حاول أن يرقى بالحوار معكم ولكن أبيت أنت والوافى إلا بالسفاهة وقلة الأدب .....لدرجة أنى وجدتنى سأهبط لمستوى سافل فتلاحظ أنى أتلاشى الرد على سبابك أنت و الوافى ولا أرد بأشنع الألفاظ إلا إذا سببتم المجاهدين ..... والله لو سببتم الهلالى بأمه وأبيه مارددت عليكم .. ولكن تسبوا من أظنهم أولياء الله فى هذا العصر فستجدوا منى الغلظة وإن صنتم لسانكم عنهم فتجدوا منى حب المسلم للمسلم ولو أختلفنا فى الراى
حتى الرجل المهذب عبود لم يسلم من سلاطة هذا الوافى أنظروا إلى عبود و رقة أدبه ولباقة قوله وحسن منطقه ... وقارنوه ببذائة الوافى
يا باحث عن العلو ....يا وافى ... لا عيب أن تتعلموا الأدب من غيركم ...
اما عن سؤالك لفارس فوالله قد صدقت أن الرجل عنده مشاغل كثيرة ومع ذلك يقوم بأقتدار غريب على فضح كلامك .... يرد على أسئلتك و أنت تعجز عن جواب سؤاله ... و أخذت تتوعد بالرد .. وتؤجل ثم تؤجل ... ولم تمخض الجبل أخرج فأرا..... يالا هشاشة ردك ... يحرسون المجمعات المدنية خوفا من هجوم الأرهابيين ... ما أكثر المجمعات الغير محمية فى البلاد ... أذهب إلى جدة و انت ترى .... غلا قولى لما لم يحموا حى المنفوحة ....
ما علينا كلامك لا يحتاج أكثر مما يقوله فارس
والآن تسأله
إقتباس:
انتحار ولا شك عندي في ذلك ، لكن ليتك تخبرني مامصير قاتل نفسه ؟
|
معذرة يا فارس سأرد عنك لعلمى بمشاغلك و أنا والله أعرف انك لها
خذ عندك ما يضحض كلامك
قبل أن أسرد الأدلة الشرعية والتفاصيل المطولة التى بحثها أكثر العلماء فى قضايا أستحلال العمليات الأستشهادية بفلسطين المحتلة....
اولا : ما رأيك بقصة الغلام التى رواها المصطفى صلى الله عليه وسلم فى قصة الأخدود
وإلى هذا المعنى أشار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في مجموع الفتاوى (28 / 540) فقال: (وقد روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قصة أصحاب الأخدود، وفيها: ((أنّ الغلام أمر بقتل نفسه لأجل مصلحة ظهور الدين))، ولهذا جوّز الأئمّة الأربعة أن ينغمس المسلم في صف الكفار، وإن غلب على ظنه أنهم يقتلونه، إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين). أهـ
ثانيا : أين أنت من قول عكرمة بن عمر بن هشام حينما حضر اليرموك فطلب من الصحابة من يبايع على الموت فبايعه مائة ....
جاء في مختار الصحاح باب (ن ح ر): (النحر) و (المنحر) بوزن المذهب موضع القلادة من الصدر. والمنحر أيضاً موضع نحر الهدي وغيره. و (النحر) في اللبّة كالذبح في الحلق وبابه قَطَع... و (انتحر) الرجل (نحر) نفسه. أهـ، فقوله (نحر نفسه) أي قتلها.
ولقد استدل العلماء في النهي عن قتل الإنسان نفسه بقوله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيْمًا) [ النساء: 29 ].
فقال ابن عطية الأندلسي في المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (4 / 28): ((وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ)، قرأ الحسن: (وَلاَ تُقَتِّلُوا) على التكثير، فأجمع المتأولون أن المقصد بهذه الآية النهي عن أن يقتل بعض الناس بعضاً، ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه للقتل، أو بأن يحملها على غرر ربما مات منه، فهذا كله يتناول النهي). أهـ
وزاد الإمام القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن (3 / 5 / 103) فقال: (... ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا وطلب المال بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدي إلى التلف. ويحتمل أن يقال: (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) في حال ضجر وغضب؛ فهذا كله يتناوله النهي). أهـ
وقال الإمام أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (3 / 141) ما نصه: (ويحتمل (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) في طلب المال وذلك بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدي إلى التلف ويحتمل (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) في حال غضب أو ضجر...). أهـ
وفي كتاب تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان للعلامة نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري والمطبوع بهامش تفسير الإمام ابن جرير الطبري (4 / 5 / 27) ما نصّه: (... لا يقتل الرجل نفسه كما يفعله بعض الجهلة حينما يعرضه غمّ أو خوف أو مرض شديد يرى قتل نفسه أسهل عليه). أهـ
الانتحار المنهي عنه هو أن يقتل الإنسان نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا أو طلب المال بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدي إلى التلف والهلاك أو كان في حال غضب أو ضجر أو يفعله حينما يعرضه غمّ أو خوف أو مرض شديد فيرى قتل نفسه أهون عليه، أو يستعجل الموت لكونه جرح جرحاً شديداً كقصة الرجل الذي قتل نفسه يوم أحد وهو من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه
فالانتحار إذا كان للأسباب الآنفة الذكر فلا شك في حرمته وهو من كبائر الذنوب وصاحبه معرض للوعيد، ولا يجوز للمسلم بأي حال قتل نفسه أو تعريضها للتلف أو الهلاك بسبب الضر الدنيوي.
في مسألتنا هذه، وهي ما تسمى بالعمليات الانتحارية أو تعرف بالعمليات الإستشهادية، - والعمليات التي تمّت في أمريكا هي منها بلا شكّ - إن كان الذين قاموا بها مجاهدين في سبيل الله - فلا يمكن حملها بالأدلة الناهية عن الانتحار ذلك أنّ تلك الأدلة وردت فيمن قتل نفسه بسبب ضر دنيوي لا أخروي أو بسبب الحرص على الدنيا والمال فيحمل نفسه على الغرر المؤدي إلى تلف النفس وهلاكها أو كان بسبب مرض شديد أو في حال غضب أو ضجر أو خوف أو غمّ أو جزع أو عدم صبر، فيستعجل الموت فيقتل نفسه.
أما من قتل نفسه مجاهداً في سبيل الله يهدف من وراء ذلك النكاية في أعداء الإسلام وإثخان الجراح بهم وتكبيدهم الخسائر الباهظة، أو إدخال الرعب في قلوبهم، أو علم أنه يكسر قلوب الكفار حين يشاهدون جرأة المسلم وشجاعته في سبيل الله، أو كان قصده تجرأة المسلمين عليهم حتى يصنعوا مثل صنيعه، أو يكون قصده إرهاب أعداء الله ليعلموا صلابة المسلمين في الدين، أو نحو ذلك من المقاصد الحسنة، فلا يتناوله عموم النهي الوارد في حرمة قتل النفس لاختلاف المقاصد والنيات، فمقصد الذي يقوم بالعمليات الإستشهادية هو مقصد أخروي يبتغي بذلك وجه الله، وإنما يفعل ذلك طلباً للشهادة وللقتال في سبيل الله، مع غلبة ظنه على تحقق المصلحة الشرعية من مثل هذه العمليات، فتلف النفس لإعزاز الدين ولإهلاك الكافرين مقام شريف مدح الله به المؤمنين في قوله تعالى: (إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بِأنّ لهم الجنة... (الآية [ التوبة: 111 ].
يوضح ذلك أنّ الأحاديث التي ورد فيها الوعيد على قاتل نفسه ليست في الجهاد والتعرض للشهادة، إنما هي في حق من قتل نفسه بحديدة أو سمّ تحساه أو استعجل الموت أو بسبب ضر دنيوي نزل به كما أسلفنا.
فمنها ما رواه البخاري في صحيحه (الفتح 10 / 247 (في كتاب الطب باب شرب السمّ والدواء به وما يخاف فيه والخبيث برقم (5778) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً. ومن تحسّى سمًّا فقتل نفسه فسمّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً)).
وله في كتاب الجنائز باب ما جاء في قاتل النفس (الفتح، 3 / 226 - 227) برقم (1363) عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حلف بملة غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال ومن قتل نفسه بحديدة عذِّب به في نار جهنم)). ورواه أيضاً في كتاب الأيمان والنذور - باب من حلف بملة سوى ملة الإسلام (الفتح 11 / 537 ح 6652) بلفظ: ((ومن قتل نفسه بشيء عذِّب به في نار جهنم...)). وله أيضاً في كتاب الجنائز باب ما جاء في قاتل النفس برقم (1364) عن جندب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كان برجل جراح فقتل نفسه فقال الله: بدرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة)). وبرقم (1365) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي يطعنها يطعنها في النار)).
إذن لا يجوز حمل هذه الأحاديث على من يقوم بالعمليات الإستشهادية، ذلك أن الانتحار المحرم شرعاً في الكتاب والسنة هو في من قتل نفسه بسبب ضر دنيوي أو للأسباب الآنفة الذكر، وقاتل نفسه لتلك الأسباب مرتكب للكبيرة عاص لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم بخلاف الذي يقدم نفسه رخيصة في سبيل الله وفي حب الإستشهاد، فالتسوية بينهما كالقياس مع الفارق، وأنّى يستويان، فقاتل نفسه من أجل دنيا أو بسبب ضر دنيوي، قتل نفسه في سبيل الشيطان والطاغوت لقلة إيمانه بقضاء الله وقدره، وأما الذي يقتل نفسه أو يعرضها للهلاك والتلف في سبيل الله إعزازاً لدين الله وإضعافاً لأعدائه وإحقاقاً للحق وإزهاقاً للباطل، وتقوية لشوكة المسلمين، وإضعافاً لشوكة الكافرين وقمعاً لباطلهم وسعياً إلى تقويض سلطانهم، لا يمكن بأي حال قياسه بمن ينتحر من أجل نفسه وهواه.
والمتأمل لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النفس يرى أنّ (جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في الإثم لأن نفسه ليست ملكاً له مطلقاً بل هي لله تعالى فلا يتصرف فيها إلاّ بما أذن له فيه)، حكاه ابن دقيق العيد. (انظر فتح الباري 11 / 539)
فأقول : والقيام بالعمليات الإستشهادية من المأذون فيه شرعاً - إن شاء الله تعالى - لأنه تلف للنفس في سبيل الله وهذا مقام شريف مدح الله به المؤمنين في قوله تعالى: (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِيْنَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُوْنَ فِي سَبِيْلِ اللهِ فَيَقْتُلُوْنَ وَيُقْتَلُوْنَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيْلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيْمُ) [ التوبة: 111 ].
فأمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين ببذل أنفسهم وأموالهم في ذاته سبحانه وتعالى مع أنه سبحانه هو الواهب لهم أنفسهم وأموالهم ووعدهم بذلك ما هو خير منها في الآخرة إن وهبوا أنفسهم وأموالهم رخيصةً في سبيله سبحانه وتعالى وذلك غاية التفضل والإكرام. والذي يقوم بالعمليات الإستشهادية يبذل أغلى ما يملكه في ذات الله - بعد الإيمان بالله وبرسوله - وهو نفسه. كما قال الشاعر:
يجود بالنفس إن ضنّ البخيل بها والجود بالنفس أغلى غاية الجود
ثم يقال: ماذا يضر المجاهد في سبيل الله إن تلفت نفسه في ذات الله وهو يسعى إلى تمكين الإسلام في الأرض وإعزاز الدين في أرجاء المعمورة، وإثخان الجراح في الكافرين وإضعاف شوكة اليهود والصليبيين والمشركين، أليس هذا مقام يمتدح فيه الإنسان وهو يعرض نفسه للهلاك والتلف لجعل كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.
يتبع ========>