مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #29  
قديم 22-09-2006, 04:36 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

أبو فرحان الملاَك :

هناك أشخاص لا يعرفون العمل ، وما معناه ، ومع ذلك يعطون آرائهم بموضوع العمل ، وقد يصلوا الى أعلى المراتب في المجتمع ، ويساهمون في وضع قوانين للعمل ، وهم لم يمارسونه طيلة حياتهم .. وقد يعتبرون وضعهم طبيعيا جدا ، إذ أن هناك من يجب أن يعمل من أجلهم !

من هؤلاء الناس تجد طبقة الملاَكِين ، الذين يعتقدون أنهم ورثوا عن آبائهم وأجدادهم ما ورثوا لينعموا هم بالراحة و عدم العمل ، وقد يدعموا آرائهم ببطولات قد تكون حقيقية وقد تكون وهمية ، وهو الغالب ، فقد تكون ثروة هؤلاء التي ورثوها جاءت عن كد و تعب الأجداد و قطع اللقمة عن أفواههم ليحولوها الى عقارات ، وقد تكون ثمنا لخيانات قدمها أجدادهم لسلطات الاحتلال فأصبحوا ملاَكين ..

وهناك أناس يثرون بالصدفة من امتلاك أراض حقيرة غير منتجة ، لكن قرارا إداريا جعل أراضيهم ذات قيمة ، فترتفع أثمانها بشكل خرافي ، يجعل ورثتهم من الأثرياء ..

كان أبو فرحان يجلس على (دكة ) صنعت من الطين و الحجر وطليت بطبقة رقيقة من الإسمنت ، أنشئت عند بوابة بيت منزله ، بعرض يستوعب فرشة رقيقة من القطن ، كانت تمد له عندما يصل الظل لها بعد الظهر ، كان يجلس عليها ، وقد تدلت أنسجة خديه لتكون بشكل شبيه بالكرتين المسطحتين بجانب طرفي فمه ، كان يخيل لمن يراه أن تلك الكرتين قد تكونتا بفعل الجاذبية الأرضية ، حيث أجبرت تلك الجاذبية بانزلاق محتويات أنسجة وجهه لتستقر في ذلك المكان .. كما تطاولت الجاذبية على مقلتيه فسحبت أطرافها للأسفل ، لتكشف عن بياض مصفر في عينيه أفقدهما هيبتهما ، فبدا صاحبهما كنموذج غير متقن في متحف الشمع ..

كانت زوجته الثانية ، تجلس بجنبه في هذا المشهد اليومي ، ليرقبوا لا شيء بل يمضون طقسا يوميا ، بشكل أزلي ، يضعان بالقرب منهما ( سخان) قهوة ، يسكبان منه بعض القهوة بتثاقل و بلا حماس ..و قنينة ماء مثلجة ..

إنه كان في جلوسه ، يحرك حدقتا عينيه بملل ، عساهما يقعان على جسم يعرفه ويستعيد بعض ذاكرته المهشمة ، من خلال النظر لابن من أجياله ، تأخر قدره في طلبه كما تأخر في طلب أبي فرحان نفسه ..

لم يهنأ أبو فرحان بأملاكه الواسعة التي كانت تزيد عن مائة هكتار من الأراضي الزراعية الجيدة ، وكان يحول ما تنتج من حبوب ، الى أراض يشتريها من المعوزين ، لتزيد أملاكه باستمرار .. كان يعمل بيده ، ويفاصل من يعاونه على الأجرة ، وبعد إنجاز الأجير يقص من قيمة ما يدفعه له ، متذرعا بأن الأجير لم يبذل جهدا يعادل ما اتفقا عليه ، وأن ظنه خدعه في تقدير الأجرة ، كان الأجراء يعرفون طبعه ، فيحاولوا زيادة ما يتفقون عليه ، لضمان أخذ أجرتهم بعد الاقتطاع المعهود ..

كان ذات مرة ، قد أتى لدكان ، وكان صاحب الدكان قد أحضر للتو صينية واسعة من الحلويات الشعبية ( هريسة ) وهي تتكون من السميد والسكر والسمن ، ويثبت فوقها حبات من الفول السوداني المحمص ، فسال لعاب أبي فرحان ، فانحرف قليلا واستخرج من جيبه منديلا معقود فحل عقدته فأخرج منديلا آخرا من داخله فحل عقدته ، فوقعت يده على بعض النقود النحاسية الحمراء تقريبا ، فمسك بين أصبعيه قرشا ، ليشتري به بعض الحلوى لنفسه ، ثم خاطب نفسه قائلا : الله يذلك أيتها النفس مثلما أردتي إذلالي ، فأعاد القرش الى المنديل الأول وشد عقدته ، ثم أعاد عقد المنديل الثاني و انصرف ، منتصرا على شهوته ..

عندما ماتت أم فرحان ، ضغط عليه بعض الأقارب فأقنعوه بالزواج وكان عمره في وقتها ، حوالي الخمسين ، وكان ذلك قبل اثني وثلاثين عاما ، وكان له من أم فرحان ثلاثة أبناء ذكور يشبهونه في حرصه على المال ، وابنتين تزوجتا منذ وقت طويل .. فتزوج أم حسين التي تجلس جنبه في المشهد اليومي ، وكانت أم حسين ماكرة ، فسجل معظم ممتلكاته باسمها و احتفظ بالربع تقريبا ..

وعندما كبر حسين ، وأحس بأنه يتكئ على قوة والدته العظمى ، أطلق العنان لعفريت الشهوات الذي كان محبوسا في قمقم منذ آلاف السنين ، ليهتدي حسين بمساعدة والدته التي فكت طلاسم زوجها من قبل ، على فك طلاسم العفريت .. فلم تعد الهريسة إلا شيئا حقيرا لا يشتهيه لا حسين ولا والدته ، حتى الكنافة والبقلاوة ، بل لم تعد السهرات في عواصم دول قريبة إلا كمشوار قريب ، لقد ابتكر حسين طرقا في إفناء ثروة والده ، فلم يتبق منها شيئا خلال عشرة سنوات ، فمن سيارة حديثة الى أخرى ومن لعب قمار في صالات الفنادق ذات النجوم الكثيرة .. الى كل دروب الفحش و التبذير .. حتى آتى على كل ما جمعه والده .

اقترب الغروب ، فطلبت أم حسين من زوجها أبي فرحان ، وكانت تناديه بأبي حسين .. أن يدخل الى المنزل .. أبو حسين .. أبو حسين .. ولكنه لم يجاوبها فعندما هزته خر ساقطا عن الدكة منتهيا ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م