يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيل.
-----------------------------------------------
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي من المشركين وعدوكم أولياء يعني أنصاراً .
وقوله تلقون إليهم بالمودة يقول جل ثناؤه : تلقون إليهم مودتكم إياهم ،
وقد كفروا بما جاءكم من الحق يقول : وقد كفر هؤلاء المشركون الذين نهيتكم أن تتخذوهم أولياء بما جاءكم من عند الله من الحق ، وذلك كفرهم بالله ورسوله وكتابه الذي أنزله على رسوله .
وقوله يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم يقول جل ثناؤه : يخرجون رسول الله صلى الله عليه وسلم وإياكم ، بمعنى : ويخرجونكم أيضاً من دياركم وأرضكم ، وذلك إخراج مشركي قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة .
وقوله : أن تؤمنوا بالله ربكم يقول جل ثناؤه : يخرجون الرسول وإياكم من دياركم ، لأن آمنتم بالله .
وقوله : إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي من المؤخر الذي معناه التقديم ، ووجه الكلام : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ، وقد كفروا بما جاءكم من الحق إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي ، وابتغاء مرضاتي يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم ويعني بقوله تعالى ذكره : إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي : إن كنتم خرجتم من دياركم ، فهاجرتم منها إلى مهاجركم للجهاد في طريقي الذي شرعته لكم ، وديني الذي أمرتكم به ، والتماس مرضاتي .
وقوله تسرون إليهم بالمودة يقول تعالى ذكره للمؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : تسرون أيها المؤمنون المودة إلى المشركين بالله وأنا أعلم بما أخفيتم يقول : وأنا أعلم منكم بما أخفى بعضكم من بعض ، فأسره منه وما أعلنتم يقول : وأعلم أيضاً منكم ما أعلنه بعضكم لبعض ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل يقول جل ثناؤه : ومن يسر منكم إلى المشركين بالمودة ايها المؤمنون فقد ضل : يقول ، فقد جار عن قصد السبيل التي جعلها الله طريقاً إلى الجنة ومحجة إليها .
وذكر أن هذه الآيات من أول هذه السورة نزلت في شأن حاطب بن أبي بلتعة ، وكان كتب إلى قريش بمكة يطلعهم على أمر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخفاه عنهم ، وبذلك جاءت الآثار والرواية عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم .