مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #41  
قديم 22-05-2001, 07:22 PM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Lightbulb

وبالرغم من كل العبث الذي نلمسه من مطالب الملأ من قريش نرى رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) يجيبهم إجابة الداعية الواثق المستبصر ذي الرؤية الواضحة لدوره ولمهمته، يجيبهم: (ما أنا بفاعل، ما أنا بالذي يسأل ربه هذا، وما بُعثت إليكم بهذا، ولكن الله بعثني بشيراً ونذيراً، فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه عليّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم).

(بشيراً ونذيراً) يحرك مساحات العقل المعطلة في المجتمع المكي الجاهلي، ويوقظ ما نام من طاقات الفكر الإنساني، يدعو كل فرد ليتحمل مسؤولية نفسه، ويتخلص من قيود وضغوط التفكير الجماعي الذي ترعاه الفئة المستفيدة من أساطين العائلات القرشية، وهي الخائفة على مصالحها وتجارتها، و(التوحيد) يعني في قاموسها أن لا يكون للقبائل العربية آلهة في الكعبة وما حولها، وبالتالي أن تفقد مكة محورية اجتماع العرب واهتمامهم بالبيت العتيق وبسدنته، فمكانة قريش السياسية والأمنية والاقتصادية بين العرب، وأحلافها مع الشام واليمن وفارس جاءت من مكانتها في خدمة البيت العتيق.

أليسوا هم القائلين تخوفاً على مصالحهم، أولاً، وتمسكاً بالسائد الموروث ثانياً، دون إعمال فكر ولا تدبّر في آيات الله تعالى: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا! إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص/5].

وهم القائلون بما لا يدع مجالاً للشك في تخوفهم على انفضاض العرب من حولهم، وعلى انهيار أحلافهم التي تحمي قوافلهم التجارية وترعى مصالحهم الاقتصادية وتنهي نعمة الأمن: {وَقَالُوا: إِنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}، وقد بين لهم تعالى أن الأمن والرزق من عنده لا من عند قبائل الجوار، فقال تعالى؛ في الآية نفسها: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا؟ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [القصص/57]، وزادهم بياناً فبين لهم المثل التالي: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ، فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل/112] فالكفر وحده يقضي على نعم الله وليس الإيمان.

وهل من عاقل يسأل أن تكون آيات الله دماراً وقصاصاً: (قالوا: فأسقط السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل ذلك، فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل). فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (ذلك إلى الله، إن شاء فعل بكم ذلك). فأي عقل جاهلي هذا الذي يطلب الدمار! وأي حِلْم هذا الذي يتمتع به الرسول الخاتم (صلى الله عليه وسلم) في بيان أنه لم يأت ليفرض عليهم بالقوة ما لا يعتنقوه ويقبلون عليه بإرادتهم بدون إكراه! وأن الأمر كله، لله.

أما الإصرار الذي لا يقوم على حجة من عقل أو برهان من واقع، فهو جوابهم الذي أورده جل المفسرين: (فقد بلغنا أنه إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له (الرحمن)، وإنا والله ما نؤمن بالرحمن أبداً، أعذرنا إليك يا محمد، أما والله لا نتركك وما بلغت بنا حتى نهلكك أو تهلكنا)( ).

فالأمر بالنسبة إليهم نفق مغلق لا نور في نهايته، وإنما هو تغلب أحد الطرفين على الآخر، إما قاتلاً أو مقتولاً، وشتان بين ما يدعوهم (صلى الله عليه وسلم) إليه وما يدعونه وأنفسَهم إليه: {وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} [غافر/41].

  #42  
قديم 23-05-2001, 06:21 PM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Lightbulb

ويبين لنا الله تعالى في محكم التنزيل بعض نماذج المعاندين الذين ينحرفون بالتفكير فينحرفون بالنتائج:
{وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا: أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء/94]
فبعض التفكير يذهب بصاحبه إلى الاتجاه المعاكس، لأنه بني على أسس غير صحيحة، وما بني على اعوجاج، كانت نتيجته الاعوجاج، وما أسس على الخطأ لا يمكن أن يعطي نتيجة صحيحة. فهؤلاء الممتنعون عن الإيمان، إنما حجبوا أنفسهم بسبب تفكيرهم القائم على أسس منحرفة وخاطئة، ما منعهم سوى استعجابهم من بعثه (سبحانه وتعالى) البشر رسلاً، كما قال تعالى:

{أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرْ النَّاسَ وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ} [يونس/2]

وقوله عز من قائل:
{ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [التغابن/6]

وقد قال فرعون وملؤه تبريراً لكفرهم بموسى وهارون:
{فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} [المؤمنون/47]

ومثلهم قالت الأمم الكافرة السابقة في تبرير كفرها بأنبيائها ورسلها:
{قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [إبراهيم/10]

وحجتهم التي ساقوها في غاية البعد عن قول العقلاء، فالله تعالى اختار الأنبياء والرسل من بني البشر ليفقه الناس ما يقولون، وليروا بأم العين عبادته وعمله فيقتدوا به، وبشريته تقربه منهم ومن مجتمعهم وتيسر له ولهم سبل التخاطب والإيضاح والتعلم والتعليم، ولو كان من غير جنسهم كالجن أو الملائكة لتعذر عليهم فهمه أو التقرب منه، لاختلاف الجنسين ووقوع الإيحاش بينهما واختلاف الطبائع والقابليات والقدرات، واقرأ قوله تعالى في ذلك لتفهم الحكمة من كون الأنبياء والرسل بشراً:

ففي دعوة إبراهيم (عليه السلام) لذريته: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ، يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ، وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة/129]

وبشرية المبعوث الموحى إليه تعينه على تعليم الناس وتعين الناس على التعلم منه: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ، يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا، وَيُزَكِّيكُمْ، وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ، وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة/151]

والتعلم والتعليم تخرج الناس من الضلال إلى الهدى، ومن العمى إلى البصيرة: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ، يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ، وَيُزَكِّيهِمْ، وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران/164]

والنبي عندما يكون من الناس، يتفاعل معهم ويتفاعلون معه، ويدرك مواطن الضعف والقوة فيهم، وهو واحد منهم: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ، عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ، حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ، بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة/128]

وسنة الله تعالى أن يكون نبي كل قوم منهم حتى تتحقق الحكم المرجوة من فهمه للبيئة وأهلها في دعوته وهدايته وإنذاره وبشارته: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ، وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاء، وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ، وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل/89]

ومن لم يستجب لابن بيئته وقد عرفه وخبره عن كثب، فهل سيتفاعل مع من هو من خارجها: {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ: أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ، أَفَلَا تَتَّقُونَ} [المؤمنون/32]

والنبي الخاتم (صلى الله عليه وسلم) جاء على مقتضى حكمة الله وسنته في أن يكون أحد أبناء بيئته: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ، يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ، وَيُزَكِّيهِمْ، وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة/2]

والذين استكبروا وطلبوا أن يكون النبي من غير جنس الناس، ترفعاً عن اتباع أحد بني البشر، عليهم أن يدركوا أن مقتضى سنن الله في خلقه أن يكون الداعية قدوة يستطيعون رؤيتها والتعايش معها ومعرفة أخلاقها وتصرفاتها عن كثب، ليكون حجة على المدعوين، قال تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا، لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا، وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام/9]



[ 26-05-2001: المشاركة عدلت بواسطة: صلاح الدين ]
  #43  
قديم 26-05-2001, 05:06 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Lightbulb

بين الله (عز وجل) في الكتاب العزيز أن اختياره للنبي وللرسول الموحى إليه، المنذر والبشير، من جنس المبعوث إليهم، من بني آدم، أمر محكوم بحكمته تعالى وسننه للبشر، فالقصد من البعث والإرسال إقامة الحجة على الجماعة البشري.

وهؤلاء لا يستطيعون فهم الأمور بشكل مجرد مطلق، وعليهم أن يعايشوا وأن يتلقوا عمن يمثل لهم قدوة عملية في الالتزام والتعبد، بشر مثلهم، يستطيعون فهمه والتفاعل معه، لا يشعرون باختلافه عنهم في التكوين والاستعدادات الفطرية؛ قال تعالى: {قُلْ: لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ، لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا} [الإسراء/95]

قال تعالى: {قل: لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين} أي لو كان أهل الأرض من الملائكة، يعيشون عليها، كما تعيشون أنتم {لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً}، أي من جنسهم، وهذا يفسر الحكمة في بعْث رسول من البشر إلى البشر، رسولاً من جنسهم للحكم والسنن التي ذكرناها آنفاً.
ويخاطب النبي محمداً (صلى الله عليه وسلم) على سبيل التحديد، فيقول سبحانه: {قُلْ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} (الإسراء/96)

فحجة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) على قومه في صدق ما جاءهم به، إنه (سبحانه وتعالى) شاهد عليه وعليهم، عالم بما جاءهم (صلى الله عليه وسلم) به، وهم الذين عايشوه وسموه (الصادق الأمين) قبل البعث، وما كان له أن يترك الكذب على الناس ليكذب على رب الناس، حاشا وكلا، وفي التنزيل العزيز:

{فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ(38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ(39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ(40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ(41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ(42) تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ(43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ(44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ(45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ(46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ(47)} [الحاقة/38-47]

وهو قسم يأتي حجة فوق حجة على صدق النبي المبعوث من البشر (صلى الله عليه وسلم) الذي لا يستطيع التغلب على إرادة الله، ولا مقاومة انتقامه في حال تقوّله على ربه سبحانه.

{وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ، وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجُوهِهِمْ: عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا، مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ، كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسراء/97]

وهذا والعياذ بالله جزاء ما كانوا عمياً وصماً وبكماً عن الحق الذي استكبروا عليه وتعتنتوا في الاستجابة إليه، بالرغم من رؤيته رؤية العين وإقرارهم في قرارة أنفسهم بأنه الصدق الذي لا يأتيه الباطل ولا الزيْف.

وعن الإمام أنس بن مالك (رحمه الله) يقول: قيل: يا رسول الله؛ كيف يُحشر الناس على وجوههم؟ قال (صلى الله عليه وسلم): (الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم)( ).

وعن حذيفة بن أسيد (رحمه الله) قال: قام أبو ذر (رضي الله عنه) فقال: يا بني غفار؛ قولوا ولا تحلفوا، فإن الصادق المصدوق (صلى الله عليه وسلم) حدثني أن الناس يُحشَرون على ثلاثة أفواج: فوج راكبين طاعمين كاسين، وفوج يمشون ويسعون، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم وتحشرهم إلى النار. فقال قائل منهم: هذان قد عرفناهما، فما بال الذين يمشون ويسعون؟ قال: (يلقي الله (عز وجل) الآفة على الظهر حتى لا يبقى ظهر، حتى إن الرجل لتكون له الحديقة المعجبة فيعطيها بالشارف ذات القتب فلا يقدر عليها)( ).

  #44  
قديم 05-06-2001, 09:42 PM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Lightbulb

راسلني البعض عن موضوع التفكير الفردي، وأبدى تخوفه من الشطط والخروج عن الجادة، لأن الأفراد ليسوا سواء في سبلالتفكير ولا في الفهم ولا الاستنباط.
فهؤلاء أذكر ن التفكير الذي ندعو إليه تفكير الفرد في نفسه وفيما حوله بما يؤدي به إلى نجاء الدنيا والآخرة.
وهو تفكير فطري، متحرر من عبودية الذات أو الناس، ومتحرر من ضغوطهم، ومنضبط بضوابط الشرع الحنيف.
ومشكلة الغربي أنه ينقاد للسائد ولا يفكر تفكيراً حراً، والذين يتحررون منهم مما ذكرنا يهتدون أو ينصفون.
وفي الغرب أفراد اهتدوا سبيل الحق، بسبب هذا التفكير المتحرر أولاً.
= يتبع =
__________________
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك/22]
  #45  
قديم 10-06-2001, 07:28 PM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Lightbulb

وانظر إلى العلماء وقد اهتموا بموضوع العقل وتنمينه وتبيان أقسامه وأعماله، فقد أورد الماوردي صاحب (الأحكام السلطانية) في كتابه الرائع (أدب الدنيا والدين) عن العقل المكتسب وطرق اكتسابه:

(‏وأما العقل المكتسب فهو نتيجة العقل الغريزي، وهو نهاية المعرفة‏,‏ وصحة السياسة‏,‏ وإصابة الفكرة‏.‏ وليس لهذا حد‏;‏ لأنه ينمو إن استعمل، وينقص إن أهمل‏.‏ ونماؤه يكون بأحد وجهين‏:‏ إما بكثرة الاستعمال إذا لم يعارضه مانع من هوى ولا صاد من شهوة‏,‏ كالذي يحصل لذوي الأسنان من الحنكة وصحة الروية بكثرة التجارب وممارسة الأمور‏.‏ ولذلك حمدت العرب آراء الشيوخ حتى قال بعضهم‏:‏ المشايخ أشجار الوقار‏,‏ ومناجع الأخبار‏,‏ لا يطيش لهم سهم‏,‏ ولا يسقط لهم وهم‏,‏ إن رأوك في قبيح صدوك‏,‏ وإن أبصروك على جميل أمدوك‏.‏ ‏

‏وقيل‏:‏ عليكم بآراء الشيوخ؛ فإنهم إن فقدوا ذكاء الطبع فقد مرت على عيونهم وجوه العبر‏,‏ وتصدت لأسماعهم آثار الغير‏.‏ ‏

‏وقيل في (منثور الحكم)‏:‏ من طال عمره نقصت قوة بدنه وزادت قوة عقله‏.‏ ‏

وقيل فيه‏:‏ لا تدع الأيام جاهلا إلا أدبته‏.‏

وقال بعض الحكماء‏:‏ كفى بالتجارب تأدباً، وبتقلب الأيام عظة‏.‏ ‏

وقال بعض البلغاء‏:‏ التجربة مرآة العقل‏,‏ والغرة ثمرة الجهل‏.‏ ‏

وقال بعض الأدباء‏:‏ كفى مخبراً عما بقي ما مضى، وكفى عبراً لأولي الألباب ما جربوا‏.‏ ‏

وقال بعض الشعراء‏:‏
ألم تر أن العقل زين لأهله * ولكن تمام العقل طول التجارب

وقال آخر‏:‏
إذا طال عمر المرء في غير آفة ‏* أفادت له الأيام في كرها عقلاً ‏

وأما الوجه الثاني؛ فقد يكون بفرط الذكاء وحسن الفطنة‏.‏ وذلك جودة الحدس في زمان غير مهمل للحدس‏,‏ فإذا امتزج بالعقل الغريزي صارت( ) نتيجتهما نمو العقل المكتسب، كالذي يكون في الأحداث من وفور العقل وجودة الرأي‏,‏ حتى قال هرم بن قطبة حين تنافر إليه عامر بن الطفيل وعلقمة بن علاثة‏:‏ عليكم بالحديث السن‏,‏ الحديد الذهن‏.‏ ولعل هرما أراد أن يدفعهما عن نفسه فاعتذر بما قال‏.‏

وقد قالت العرب: عليكم بمشاورة الشباب، فإنهم ينتجون رأياً لم ينله طول القدم‏,‏ ولا استولت عليه رطوبة الهرم‏.‏ ‏

‏وقد قال الشاعر‏:‏
رأيت العقل لم يكن انتهابا ‏* ولم يقسم على عدد السنينا
ولو أن السنين تقاسمته * حوى الآباء أنصبة البنينا ( )‏

 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م