مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 08-09-2001, 02:22 AM
SAID622 SAID622 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 54
Post صناعة الواقع

صناعة الواقع
د.بـــاســــم خــفـــاجــي¨
articles@khafagi.com

هل لابد للمقالات أن تتناول دائماً قضايا سياسية .. وأحداثاً راهنة .. وأن تكون حول موضوعات عربية أو إسلامية ... والأهم من كل ذلك أن تتناول حاكماً أو مسؤولا بالقدح والتقريع، وهل هناك مشكلة في الخروج عن المألوف والمتعارف عليه في الكتابة الصحفية العربية بأن تبدأ مقالاتنا في التعرض الحقيقي إلى مشكلات وهموم المجتمعات التي نعيش فيها .. ليست فقط السياسية ولكن الاجتماعية والثقافية والفكرية والعقدية أيضاً .. نحن في العالم العربي والإسلامي ليس لدينا الكثير من وسائل الإعلام المستقلة المتميزة .. فلذا لزم علينا –في ظني- أن نحسن استخدام ما بين أيدينا من وسائل إعلامية محدودة لتعبر عن مشكلاتنا وتساعد في حلها.
ومن أبرز مشكلات الكتابة العربية في مجموعها والقراء العرب أيضاً الميل الدائم والمستمر إلى الغرق في تقييم الواقع والحكم على الآخرين حتى أن جل الجهد العام لكثير من الكتاب والقراء على حد سواء يذهب هباء في محاولات مستمرة لفهم الواقع الذي يتغير باستمرار وبالتالي تتوالى الحاجة إلى استمرار محاولة الفهم بلا نهاية حقيقية يتحول بعدها الفهم إلى محاولة التطبيق. ولذلك أصبحت أمتنا وصحفنا وحتى معظم قرائنا هامشيين على ساحات العمل والعطاء في العالم.
أصبحنا نجيد أدوار المتفرجين ونبرع في تقمص شخصيات النقاد المخلصين. كم منا يقضي أغلب الوقت في نقد الحكام ثم الاعتراض على الرؤساء في العمل إلى تقييم أداء الآخرين في كل شيء إلى الاعتراض والامتعاض من تصرفات الغير إلى البكاء على الواقع والتحسر على الماضي وفقدان الأمل في المستقبل. كم منا يذهب أغلب يومه في مراقبة الناس فيموت كل يوم ألف مرة ومرة هما وغما أو حقدا وحسرة. كم منا ينسى أن العمل أهم من النقد وأن العطاء هو نقطة الميلاد التي يظهر من خلالها للواقع كل أمل.
ذكر لي صديق عزيز أنه كان جالساً منذ فترة مع أحد المفكرين البارزين على الساحة الإسلامية، وكان هذا المفكر يتحدث عن أهمية إقامة مراكز فكرية لدراسة مواقف الغرب ومحاولة فهم طرق تفكيرهم. ورغم أن صديقي وافقه على الفكرة من حيث المبدأ والأهمية، إلا أنه ذكر له في المقابل موضوعاً آخر أكثر أهمية وفعالية، وهو لماذا لا نصنع نحن الأحداث، بدلاً من أن تنفق جل الجهود في التعليق على الأحداث. لماذا لا نكون مراكز لصناعة الواقع بدلاً من أن نكون مراكز لدراسة الواقع.
وامتعض المفكر الكبير من الشاب الذي يدعو إلى العمل ولا ينكر قيمة الفكر. وعندما حدثني هذا الصديق بالقصة .. أذكر أن الانطباع الأول لي كان موافقاً لرأي المفكر فكيف تخالف مفكراً وكيف تنكر على إسلامياً .. فلم نتعود نحن على ذلك .. ولم يتعودوا هم أيضاً على ذلك. ولكنني بعد قليل تأمل وجدتني أشارك صديقي رأيه .. فهل كثرة المدارس الفكرية في المجتمعات المتخلفة ظاهرة صحية لمن لا يعمل ولا ينتج أم أنها تجسيد حقيقي للمرض ودلالة عليه.
إن الغرب نجح إلى حد ما في تسيير الواقع الحالي للعالم، ولذلك فلا شك أنه بحاجة إلى مراكز التفكير لمساعدة صناعة القرار من أجل مزيد من الهيمنة والتسلط. أما نحن في عالمنا الحالم، فإننا نضيف بهذه المراكز غلالة خادعة من العمل الفكري الذي يعزز من المرض بدلاً من علاجه. المهم أن نتوقف ونتأمل مدى تغلغل أبشع الأمراض العربية في حياتنا اليومية: الاتكالية والولع بالنقد والتقييم.
لقد لاحظت أننا لا نذكر شخصا ً إلا ونتبع ذلك الذكر بالتقييم سلباً أو إيجاباً، وكأن الأمر ضروري. ولا نذكر مسئولاً أو مرؤوساً إلا ونرفق مع ذلك جملة أو أكثر تحدد موقفنا، وكأن العالم ينتظر ذلك. وننفق الكثير من الجهد والوقت لكي نتقن هذه الخبرة ونجمع لها المعلومات والوثائق لنظهر دائماً بمظهر العارفين. وتذهب أوقاتنا وحياتنا ومراكز قوانا الفكرية والعملية في التقييم والنقد وبحث أحوال الآخرين. لقد لفت نظري أن العرب هم أكثر شعوب العالم اعتراضاً على الحكام في الألعاب الرياضية ابتداء من مباريات الشوارع في الأمسيات الرمضانية إلى كئوس الملوك وأبطال الدوري وما شابه. ولذلك نحتاج دائماً إلى حكام من الخارج لكي نتوقف قليلاً عن النقد، ولا أدري لماذا لم يفكر الرؤساء الذين يتمتعون بكراهية شعوبهم في حل عملي يقتبس من ملاعب الكرة فيأتون بحكام أجانب لبلادنا لعل ذلك يجعل احتمالية العدالة أكثر رجوحاُ، وبالتالي تتفرغ الشعوب للعمل والإنتاج بدلاً من استمراء النقد والتباكي على الحال.
انظروا حولكم أيها العرب والمسلمون، فالعالم يمضي سريعاً ونحن محلك سر نلعن الحاكم سنوات ولا نغيره، ونلعن الغرب صباح مساء ونصطف أمام أبواب سفاراته، وننتقد كل ما في الشرق ونحن إليه كل يوم، ونبكي الواقع ولا نتحرك لتغييره، ونهزأ بكل عامل ولا نمد له يد، ونستصغر كل حل، ونستعظم كل خطوة، ونكره كل حركة، وننتظر من السماء البركة، ولكننا أيضاً لا نرى حاجة إلى رفع اليد بالدعاء فنحن لا نتحرك أبداً خطوة.
إن شعوب إندونيسيا والفليبين التي يهزأ من أبنائها كثير منا للأسف لأنهم عمالة رخيصة في بلادنا قد غيروا حكامهم، وشعوب أوربا الشرقية انتفضت على حكامها وخرجت من عصور الديكتاتورية لتقع في أوحال مشاريع الديقراطية الزائفة، ولكنها بالتأكيد تحركت وتبدلت، وشعوب أمريكا الجنوبية تخلصت في معظمها من الدكتاتورية العسكرية البغيضة، وقدمت تلك الشعوب كلها من الدماء الكثير ومن العمل الكثير أيضاً، أما نحن فلا نزلنا نبحث وسائل التغيير، ونتأمل مكائد الأعداء، وندرس أفكار المستقبل، وكأننا كذلك الذي يذهب كل يوم إلى المخبز فيرى لوحة تقول "الخبز غداً مجاناً" فيعود أدراجه دون خبز ليأتي اليوم التالي وتبقى اللوحة تخبره أن الخبز غداً مجاناً .. أما اليوم فلابد أن ندفع ثمن الخبز لكي نأكله، ولابد أن نهز بجذع كل نخله لكي تساقط علينا رطباً جنياً، فالحياة عمل مهما كنا ضعفاء أو كرماء أو كلاهما، ولابد أن نعمل من اليوم من أجل أن يصبح أمل الغد واقعاً نحياه وننعم به .. أما النقد واستمراء النقد من أجل النقد ومزيد من النقد، فقد أودى بنا إلى ما نحن فيه اليوم، ولنتأمل الواقع، ونبدأ في العمل، والله لا يضيع أجر المحسنين.

واشنطن - الولايات المتحدة www.khafagi.com
  #2  
قديم 08-09-2001, 07:32 AM
برمودا برمودا غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 79
إرسال رسالة عبر ICQ إلى برمودا إرسال رسالة عبر  AIM إلى برمودا
Post

جزاك الله خير
مقالة ممتازة جدا
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م