مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 26-12-2001, 10:45 AM
osama-mostafa osama-mostafa غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2001
المشاركات: 10
إفتراضي بل هي حرب علي الإسلام

بل هي حرب علي الإسلام

***
أسامة بن لادن..
وَمَا نَقَمُوا مِنْهُ إلا أَن يُؤْمِن بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ


لا يقهرنا الغرب بقوته ولا بضعفنا.. بل برعب حكامنا

الأدلة الأمريكية ليست محض غباء ولا مجرد استهانة.. إنها إهانة..
********************************




ظُـلُمــــات..

ظلمات في بحر..

والبحر لجيّ..

و أنت تغرقين فيه يا أمة لا إله إلا الله محمد رسول الله.. يا خير أمة أخرجت للناس طالما أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر.. فإن لم تفعلي فأنت مجرد أمة كالأمم.. فإن فعلت كما تفعلين الآن وأمرت بالمنكر ونهيت عن المعروف كنت غثاء كغثاء السيل..

يا قصعة..

يا قصعة تداعت عليها الأمم..

ظُـلُمــــات..

ظلمات في فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ ..

وفوق الموج موج..

وفوق الموج سحاب..

ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ..

ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ..

ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ..

***

من أين أبدأ..؟ و إلى أين؟؟..

وهذا الجسد الإسلامي المسجى والمقيد .. أي جرح من جروحه أشد وأي نزيف أغزر.. و أيها يهدد الوجود كي أتناوله قبل الآخر..؟..

في البداية يا ناس.. منذ ما يقرب من خمسين عاما.. كان قلبي يتمزق من أجل البشرية جمعاء.. وكنت أبكى لمشاهد الموت والظلم والجوع الناجمة عن طغيان طاغ وتجبر متجبر.. ثم استبد بي الغضب حين أدركت أن كل هذا الطغيان والتجبر لم ينتج عن طغيان الطغاة فقط.. بل عن تخاذل المظلومين أيضا..

ومرت أعوام فأدركت أن تحمل هم البشرية أكثر من طاقتي.. فتقلص اهتمامي إلى العالم الإسلامي.. لكنني سرعان ما نزفت الدموع دما من أجل إخوة لي في بلاد إسلامية تناصب حكوماتهم الإسلام العداء..

والله يا ناس لا أبالغ ولا أتزيد.. كان قلبي ينسحق من الألم حين أتخيل المشاعر المسحوقة لتركي أو إيراني وهو يتابع مسحوقا ومرغما علاقات حكومة بلاده بإسرائيل.. كيف تمدها بالبترول وكيف تتبادل معها العلاقات وكيف تصادقها وتعادى عالمها العربي الإسلامي..

ولم أك أدري أن الزمن سيمر لأجدني مكان من بكيت عليهم..

واشتد غضبى على تلك الدول الإسلامية فتقلص اهتمامي إلى العالم العربي.. وهالني فسق مترفيه فيه.. فتقلص اهتمامي إلى وطني .. فروعني أن الناس يخرجون من دين الله أفواجا كما دخلوا فيه أفواجا فتقلص اهتمامي إلى نفسي ..

نفسي .. نفسي.. نفسي..

ولكن كيف أنجو بنفسي يوم الحساب الأعظم حين يسألني ربى ماذا فعلت لقومك ولوطنك ولعالمك العربي وللمسلمين جميعا وللبشرية كلها وكيف تصرفت في الخلافة التي استخلفتك فيها..

واكتملت الدائرة ..

وعادت الأمور كما بدأت..

***

الأمر بالنسبة لي ولكم يا ناس.. ليس مجرد أمر فلسطين أو أفغانستان أو الشيشان..

نعم.. الأمر بالنسبة لي ولكم.. ليس أمرا خارجا عن ذواتنا..

الأمر داخل ذاتك..

داخل أعمق أعماق ذاتك.. حتى لكأنه لا يتعلق بأحد سواك وليس ثمة من البشر ولا ثمت في التاريخ من هو مسئول عنه غيرك.. حين يسألك الله ماذا فعلت لقومك ولوطنك ولعالمك العربي وللمسلمين جميعا وللبشرية كلها وكيف تصرفت في الخلافة التي استخلفتك فيها..

لن يجيب عنك أحد.. ولن يتحمل وزرك أحد .. ولن يوثق وثاقك أحد.. ولن يعذب عذابك أحد..

***

نعم يا ناس..

ليس ما يحدث في فلسطين وأفغانستان والشيشان هو وحده ما يشغلني ولا هو أكبر همي فأكبر همي هو كيف أجيب الله حين يسألني يوم الحساب ماذا فعلت؟..

يوم الحساب..

يوم القيامة ..

يومَ الآزفة..

يوم الراجفة، يومَ الرادفة..

يوم ينفخ في الصور..

يوم لا عاصم من أمر الله..

يومَ يؤتى بالموت فيذبح فلا موت بعده..

يوم الغم، يوم الهم، يوم النشور، يوم النشر، يوم الحشر، يوم البعث، يوم الروع، يوم الفزع، يوم الجزع، يوم القلق، يوم العرق، يومٌ كل دين فيه عند الله سوى الإسلام زور، يوم الغاشية، يوم الواقعة، يوم القارعة، يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت، يوم ترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، يوم الحر، يوم العطش، يوم الخزى، يوم الذل، يوم تسودُّ وجوه وتبيض وجوه، يوم يكون لذي اللسانين في الدنيا لسانان من نار، يوم يؤتى بكل من ولي من أمر المسلمين شيئا فيوقف على جسر جهنم، يومٌ أشد الناس عذابا فيه أشدهم عذابا للناس في الدنيا ، يوم ينادى مناد من كان أشرك في عمله أحدا فليطلب ثوابه من عنده فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك، ويومَ تَرَى الذِين كَذَبُوا على اللَّهِ وجُوهُهُم مُسْوَدَّة، يوم يؤتى بمَن سُئل عمَّا يَعْلَمه فكتمه فيلْجَمه اللّهُ بِلِجامٍ من نارٍ ، يوم يؤتى بطواغيت الأرض فيحاسبون على حكم كان أوله ملامة، وثانيه ندامة ، وثالثه عذاب يوم القيامة، يوم يظهر اللّه للناس فيَخِرُّ المسلمون للسُّجود وتُعْقَمُ أصْلاب المنافقين فلا يَسْجُدون، يوم يأتي شريف الدنيا ذليل الآخرة، يوم يأتي عظيم الدنيا خامل الآخرة، يوم يأتي من لَبِسَ ثوبَ شُهْرة وقد ألبَسه اللّه ثوبَ مّذَلة، يوم يجمع فيه الله عز وجل الناس في أَرضٍ يَشْهَدُ جميعُ الخلائق فيها مُحاسَبةَ العبدِ الواحدِ على انفراده، ويَرَوْنَ ما يَصِيرُ إِليه، يوم لا مرد له..

يوم لا مرد له..

يوم لا مرد له..

هو الأهم في حياتنا كلها..

فما خلقنا الله إلا لنعبده.. ثم ليحاسبنا ذلك اليوم..

***

من أجل هذا لا تسلني يا بنى الحبيب يا طالب جامعة الأزهر الذي أورد رسالته في بريد القراء مغفلا ذكر اسمه كي لا تتعقبه مباحث الشيطان..

لا تسلني: ماذا أفعل؟..

و أنتم أيضا يا قراء.. يا من تنهال عليّ مهاتفاتهم ورسائلهم : ماذا نفعل؟!!..

دعوني أجيبكم:

عندما يوشك المنزل الذي تقيم فيه أن ينقض على أم رأسك فأنت لا تكتب رسالة إلى أحد تسأله ماذا أفعل..

وعندما يشب حولك حريق تكاد ألسنة النار فيه أن تلتهمك فأنت لا تمسك بالهاتف كي تسأل كائنا من كان : ماذا أفعل؟!..

إهرب..

اهرب من ذل الدنيا خزي الآخرة..

اهرب من عار الوجود إلي مجد الخلود..

إهرب..

وفرّ إلي الله..

فإن سألتني أين الدليل و أين الخارطة و أين الحادى و أين الهادي.. سأفحمك بالرد قائلا لك: كلها لديك.. كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم..

فإن واصلت سؤالك ستجدني مشغولا عنك بنفسي كيف أنجو بها من ذل الدنيا وخزى الآخرة ومن عار الوجود إلى مجد الخلود وكيف أفر إلي الله هاتفا: نفسي.. نفسي.. نفسي..

***

كتاب الله وسنة رسوله..

كتاب الله وسنة رسوله..

وتلك هي المشكلة..!!

***

لقد اهتم الجميع بكلمات بوش عن الحروب الصليبية.. وكلمات بيرلسكوني عن الإسلام لكن أقل القليلين من انتبهوا لكلمات لا تقل خطورة انطلقت من بوش وكيسنجر ووزير الثقافة الفرنسي وعشرات غيرهم.. من أن المسلمين ( المتخلفين الهمج) ليسوا ضد أمريكا بل ضد الحضارة الغربية.. ضد الحداثة..

الحداثة..

إنني أرجو القارئ أن يصبر على جفاف الفقرات التالية، فهي ليست خروجا على سياق الموضوع بل هي صلبه ونخاعه، إنني لا أبدأ الحديث عن الحداثة من الصفر و إلا لكان الأمر سهلا، ولكنني أبدأه على كوم هائل من التضليل والتعتيم والتجهيل والخداع قاده الحداثيون في بلادنا، وهم لا يختلفون عن عباد الشيطان في شيء، ولطالما أوهمونا على سبيل المثال أن الحداثة مجرد نظرية في الأدب.. وكانت هذه هي الخدعة الكبرى التي جعلت المجتمع لا يواجهها في الوقت المناسب بما تستحق، واستمرت الخديعة حتى انفجار أزمة الوليمة التي كان لصحيفة الشعب شرف تفجيرها .. عندما فجعت الأمة أن الحداثة تعني أقذع سباب لله تعالي عما يشركون وللقرآن الكريم وللرسول صلى الله عليه وسلم. وبدأ الناس يدركون أن الحداثة ليست مذهبا أدبيا.. بل نظرة شاملة للكون تتناقض مع الدين وتزيحه وتحل محله. لذلك أرجو من القارئ أن يصبر عليّ، و أعده بالاختصار الشديد .

فالحداثة يا قراء كما يصفها الدكتور عوض محمد القرنى – في كتابه الهام : الحداثة في ميزان الإسلام- تقديم سماحة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى أنها : " مذهب فكري جديد يسعى لهدم كل موروث، والقضاء على كل قديم، والتمرد على الأخلاق والقيم والمعتقدات".. و يؤكد :"أن الصراع مع الحداثة ـ أولاً وأخيراً ـ صراع عقائدي بحت"..

ثم يضيف قائلا:

"انتهت الحداثة في النهاية إلى الجمع بين ضلالات البشر، فمن شيوعية مادية إلى دارونية تقول : "بأن أصل الإنسان قرد"، وميثولوجية تنكر أن يكون الأصل في الأديان التوحيد، وأن الإنسان الأول ما لجأ إلى التدين إلا لجهله بالطبيعة وخوفه منها، حين لم يستطع أن يواجهها بالتفسير العلمي الصحيح ـ كما يقولون ـ ."

نفس هذا المعنى يصل إليه كاتب عملاق آخر هو الدكتور عبد العزيز حمودة في كتابه: المرايا المقعرة، وهو سفر يقع في أكثر من خمسمائة صفحة ويبدأ بداية جياشة حين يتحدث عن إحساسه بانشطار الذات في أزمة وليمة لأعشاب البحر حين راح السؤال يهدر داخله : من نحن" ليكتشف شيئا فشيئا أنهم خدعونا بالخلط بين الحداثة والتحديث، و أن الحداثة صفقة شاملة نبيع فيه كل تاريخنا وتراثنا. و أن أهم مستلزمات الحداثة هو القطيعة المعرفية الكاملة مع تراثنا.

والتراث يا قراء مصطلح حداثى يقصد به القرآن والسنة وتاريخ الإسلام و آدابه جميعا.. لكنهم حين يهاجمون لا يقصدون سوي القرآن والحديث.

والحداثة كما يقول الدكتور بشير موسى نافع: " أعلت مرتبة العقل فوق النص المقدس، بل وجعلت من العقل المرجع الأوحد للقيم والسلوك وعلاقات الاجتماع الإنساني. تهاوي بذلك الاعتقاد بوجود ثوابت إنسانية خالدة، وانتقلت القيم من دائرة الثابت إلى دائرة النسبي، ومن الدلالة المطلقة للخير والشر إلى التحولات المتغيرة للاقتصاد والسياسة والتقنية. "

نعم يا قراء.. اقرءوا كل كلمة بتمعن..

على أن شعار سيادة العقل على النص – رغم أنه في جوهره كفر –.. لكنه فضلا عن ذلك لم يكن حقيقيا.. كان مجرد طعم يغريك ويغويك حتى تدلف فيه فيسلمك على الفور إلي غيره..ولقد أسفر بعد قليل عن : سيادة الحس على العقل .. ومن التجليات الفادحة الفاضحة في ذلك المجال تقبل الشذوذ الجنسي و إباحته.. بل وصل الأمر أن تهدد أمريكا مصر بمنع المعونات عنها إن هي استمرت في مكافحة الشذوذ، وفي ضوء ما نرى، فمن المؤكد، أن مكافحة الشذوذ ستعتبر خلال عشرة أعوام – على أبعد تقدير – ضربا من ضروب الإرهاب الذي يخضع لعقاب التحالف الأمريكي. . وقد نقصف بالطائرات والصواريخ إن احتججنا عليه!!..

يستطرد الدكتور نافع قائلا: " عندما سادت ثقافة -الآن وهنا- علي حساب الإيمان الإنساني بالله والعالم الآخر، أخذت الروابط الإنسانية في الانهيار الواحد منها بعد الآخر، طالما أن التجربة الإنسانية تدور في النهاية حول المنفعة والإنجاز الفردي خلال حياة بشرية قصيرة بكل المقاييس."

إن الموضوع معقد إلى حد ما يا قراء.. ليس لصعوبة كامنة فيه.. ولكن لأن الحداثيين لا يسفرون عما في أنفسهم أبدا إلا حين يضمنون أنهم الأقوى و أنهم قادرون علي سحق خصومهم.. تماما كما تفعل أمريكا الآن بالعالم..

إنني أرجو يا قراء أن يتسع الوقت لنا لكي نتناول مقومات الفكر الغربي الحداثى والذي يعتمد في جزء مهم منه على نظرية دارون، وهى نظرية متهاوية لا قيمة لها إلا في إعلاء الكفر والحداثة، وموجز منطقها المختل كأن تقول:

المنضدة لها أربعة أرجل.. والبقرة كذلك.. إذن فالمنضدة بنت البقرة‍‍‍‍!!

لكن التجلى التطبيقي لهذه النظرية كانت فكرة البقاء للأقوى، وهى الفكرة التي تشكل الأساس الرئيسي للفكر الحداثى الغربي وهى الفكرة التي جعلت - كما يقول الدكتور نافع - " تشرتشل، باعتباره وزيرا للمستعمرات، في مجلس العموم البريطاني يدافع عن استخدام القوات البريطانية للقنابل الكيماوية ضد العشائر العراقية الثائرة خلال ثورة 1920 إذ قال بوضوح أن من حق الأمم المتحضرة أن تستخدم الوسائل التي تراها مناسبة لقمع البرابرة."

هذه الفكرة الشريرة كانت وما تزال أساس الصلف الأمريكي في التعامل مع العالم.. في الجرائم البشعة التي ارتكبتها أمريكا في العراق على سبيل المثال.. وفى الجرائم التي سترتكبها باسم الحرب على الإرهاب.

وهي أيضا أساس الصلف الإسرائيلي.. فأمريكا هي إسرائيل و إسرائيل ليست سوي حاملة طائرات ضخمة لأمريكا.. هي أساس الصلف الإسرائيلي التي جعلت خنزيرا كنتنياهو يعلق على ما قيل من أن البحث عن أسامة بن لادن في جبال أفغانستان كالبحث عن إبرة في كومة من القش.. فإذا بالخنزير يقول:

- ولماذا تتعبون أنفسكم بالبحث عن الإبرة.. احرقوا كومة القش..

والآن لنترك الدكتور بشير نافع يختم هذه الفقرة الجافة عن الحداثة:

"المشكلة الرئيسية في التصعيد التبشيري الغربي، الحديث نسبيا، لقيم الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان، إنها لا تبدو (وهي كذلك حقيقة) انعكاسا لإيمان ثابت وراسخ وأصيل بل مجرد تطور قيمي مستمر، وإنها تحتل الفضاء القيمي ذاته الذي تحتله سياسات حصار الشعوب وتجويعها وتشريعات الإجهاض واعتبار العلاقات الشاذة علاقات أسرية. كل شيء قابل للنظر وإعادة النظر. بل وحتى الإرهاب الذي اصبح رمزا للشر الإنساني كله خلال الأسابيع الأخيرة، كان دائما وحتى فترة قصيرة أداة هامة من أدوات السياسات الغربية. أليس مدهشا أن إحدى المنـظمات المستهدفة الآن في قائمة الإرهاب التي أعلنتها الحكومة الأمريكية كانت هي ذاتها التي استلمت عونا بريطانيا سريا لاغتيال العقيد القذافي؟"

***

انتهت تلك الفقرة الطويلة عن الحداثة يا قراء والتي تجعلنا نفهم ماذا يعنونه في العالم الغربي بقولهم أننا نحن المسلمين ضد حداثتهم وتجعلنا نستوعب أن نجاتنا من الطوفان تقبع في كتاب الله وسنة رسوله..

كتاب الله وسنة رسوله..

وتلك هي المشكلة..

***

المشكلة ليست أننا ضدهم..

بل المشكلة أنهم ضدنا..

والمشكلة ليست أننا نريد فرض قيمنا المتخلفة عليهم..

بل المشكلة أنهم يريدون فرض الكفر والفجر علينا.. فإن لم نكفر كنا أعداء الحداثة التي هي أساس الحضارة الغربية ووجب عليهم أن يشنوا علينا حربا صليبية..

***

حرب صليبية..

اعترف بها بوش..

لكن عباد الشيطان عندنا يحاولون التعتيم على الكلمة والاعتذار عنها بأنها كانت زلة لسان..

***

لم تكن زلة لسان بالطبع..

بل كانت لحظة انفجار بدت في بريقه الحقيقة..

فتلك هي نظرتهم الحقيقية إلينا..

نعم كانت تلك هي الحقيقة التي حرص ولاة أمورنا ( وأنا يا قراء أفضل استعمال مصطلح ولاة أمورنا عن مصطلح " مجتمع النخبة" و أقصد فيه الحكام والساسة والكتاب والصحافيين.. وفقهاء السلطان ) على التعتيم علينا و إخفائها عنا حتى بدا لنا أن الانفجارة العنصرية ضد الإسلام لم تبدأ إلا بعد 11 سبتمبر..

وتلك فرية وحديث إفك..

فلقد بدأت الانفجارة ضد الإسلام منذ أكثر من ألف عام، حين روع الدولة البيزنطية سرعة انتشار الإسلام في مستعمرات كانت تحت أيديهم، دخل أهلها الإسلام أفواجا وأصبحوا من أقوي حماته، وخشي البيزنطيون أن ينتشر الإسلام بين مواطنيهم فجندوا آلاف القسس والرهبان والمبشرين لتنفير البيزنطيين من الإسلام واختراع القصص المشوهة عنه لتشويهه ( راجع التفاصيل في كتاب العلامة محمود شاكر: مقدمة في الطريق إلى ثقافتنا). هذه المحاولات الدءوبة للتشويه لم تتوقف قط. ظل العفن الذى تولد منذ ألف عام يتولد ويتخمر ويتخثر فيزداد مع الرمان عطنا وعفونة. ولتقرأ معي أيها القارئ وصف المسلم في كتاب دراسي فرنسي كما رصدته الدكتورة مادلين نصر في كتابها الهام: "صورة العرب والإسلام في الكتب المدرسية الفرنسية الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية" ..

فالمسلم جبان خائف متخلف ساذج يعانى من قصور عقلي.. دنيء فقير.. متخلف أخلاقيا.. ناقص .. إما عدو وإما خائن.. وهو إما لاجئ في مخيم، أو ساكن في مدن من الصفيح، أو راعى غنم في الصحراء أو صياد..

المسلمون والعرب كفار أعداء خونة غير مؤمنين فاشلون مهزومون هامشيون مذعورون فقراء يعيشون في حرمان لأن إلههم بخيل (أما إله الغربيين فكريم و أعطاهم الثروة والمياه الوفيرة) ….

العلاقة بين المسلم وبين الآخرين علاقة عدائية خطرة عندما يفلتون من السيطرة ، إذ أنهم بعدها يتحولون إلى أعداء خطرين بعد أن كانوا مخلصين أوفياء، لكنهم عند فقد السيطرة عليهم يتحولون إلى متمردين تارة وأخرى إلى نهابين وثالثة إلى مخربين بل سفاحين… إنهم قبيلة كريهة من البدو المتعطشين للدماء… الغرب أسياد والمسلمون خدم ، لصوص، متطيرون، يؤمنون بالجان، أذلاء، فاشلون ، لا يتكيفون مع الواقع ، مرعبون ، مفزعون ، قطاع طرق، قتلة، يخافون الموت فيستسلمون ويلحقهم عار الموت دون قتال … ليس لهم أي صفة إيجابية… إنهم إما كسالى مذعورون و إما غزاة سارقون …خائفون ويهددون غيرهم … فُرّارٌ بعد الهزائم… إن المصير المحزن الذي ينتظرهم هو الموت الجسدي أو الخضوع أو الاستسلام أو الانسحاب…

أحيانا يقاتلون بشجاعة لكن هزيمتكم محققة… وهم يثيرون العطف أحيانا لكن القَدَرَ دائما ضدهم والحظ.. إنهم شخصيات محكومة دائما بالهزيمة والفشل والخضوع… وهم غازون ومتطفلون و أجانب حتى عندما يكونون في بلادهم الخاصة…

إنهم دائما في علاقة تناقض مع الآخرين، تتحالف الطبيعة مع القدر ضدهم، ثم يجدون أنفسكم بعد ذلك في صف الأشرار أو ضد الأخيار دائمي التشاحن مع بعضهم..

إنهم ضعفاء.. يطلبون الحماية أو تهربون…

إن طبيعة العلاقة معهم هي الصراع والعداء وشعورهم بالنقص، إنهم أعداء أو خاضعون ..

***

ليست هذه الصفات – يا قارئى - واردة في عصور ما قبل التاريخ ولا في العصور الوسطى، ولا حتى في بدايات القرن العشرين أو منتصفه، إنما هي صفات العرب التي يدرسها – الآن - الطلاب الفرنسيون في مراحل التعليم المختلفة وليست هذه النظرة زلة لسان إنما هي المنهج الرسمي الذي قررته وزارة التربية الفرنسية ، وضع في الاعتبار أنهم لا يقولون كل ما يريدون إذ يجب - طبقا لنص توجيهات صريحة من وزارة التربية - مراعاة وجود تلاميذ من أصل عربي في الفصول الدراسية..!!

وتضيف الدكتورة مادلين نصر : تضمنت كتب القراءة في المرحلة الثانوية مقتطفات عديدة من الآداب الأجنبية( الصينية واليابانية والأمريكية) مترجمة إلى الفرنسية إلا أنها تجاهلت الأدب العربي المعاصر… ثم تعلق على تناول الكتب الفرنسية لظهور الإسلام والفتح العربي فتقول : "كشف الحساب كئيب، غزو وهزيمة، دين جديد مصحوب بالحروب والفتوحات…." أما في الحروب الصليبية فتذكر الكتب : "آلاف المسيحيين مدفوعون بإيمانهم"… و "الصليبي حاج" .. و"أن المسلمين منعوا الحجاج الصليبيين من الوصول إلى بيت المقدس فنشبت الحروب الصليبية لتخليص قبر المسيح…"

"… كان حجاجنا يطاردون العرب ويقتلونهم وبعد أن نجحوا في القضاء على مقاومة العرب الكفار أسروا عددا كبيرا من الرجال والنساء وجمعوهم في المعبد وأخذوا يقتلون من يشاءون ويتركون على قيد الحياة من يشاءون، ثم انطلق الصليبيون إلى مختلف أنحاء المدينة يسرقون الذهب والجنود والجياد وينهبون المنازل، وبعد ذلك ذهبوا وهم يذرفون الدموع من شدة الفرح إلى قبر مخلصنا يسوع المسيح لتقديسه"

" … لقد كانت الحروب الصليبية حملة عسكرية إلى الأراضي المقدسة موجهة ضد الكفار…"

تدرك مادلين نصر أن الفرنسيين يستعملون كلمتي المسلمين و العرب كمترادفتين …

نحن لم نكتشف بعد ذلك!!…

النظرة التي ينظر بها الغرب إلينا واحدة إذن عبر كل القرون …

منذ ألف عام ومنذ مائة عام و الآن وبعد مائة عام … أما صدام الحضارة الذي ابتدعه صمويل هننجتون فانبهر به رواد التنوير فليس جديدا إلا لهم وعليهم …

بالنسبة لنا فإن أول اكتشاف لصدام الحضارات قد ورد في القرآن ذاته ولقد حدد شروطهم كي لا يكون صدام : "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم …"

لم تكن مادلين نصر وحدها هي التي اكتشفت أو كشفت …

هناك الكثيرون أيضا، منهم "شريف الشوباشى" في كتابه : "هل فرنسا عنصرية- إشكالية الهجرة العربية والإسلامية في أوروبا (وكالة الأهرام). يتحدث عن نظرة ومعاملة الفرنسيين للعرب أو المسلمين( حيث تستعمل الكلمتان بالتبادل كمترادفتين) فيذكر نماذج لما يحدث : منها ما حدث في 6 مارس 1990 عندما أطلق شرطي خمسة أعيرة نارية في ظهر شاب عربي بدعوى أنه حاول الهرب بعد أن ألقى القبض عليه بتهمة التشاجر، لكن نية القتل كانت واضحة، إذ كانت الرصاصات موجهة في مقتل في ظهر الشاب العربي. حادثة أخرى أطلق فيها طباخ بأحد المطاعم النار من بندقية على مجموعة من الشباب العرب فقتل اثنين منهم.

في حادث آخر بدأت المأساة حين خرج فرنسيان من أحد المنازل فوجدا بعض الشباب يتحدث بصوت عال، فأخذا يوجهان لهما السباب والإهانات ويهددان بإطلاق كلبهما الضخم الذي اعتاد –كما صاح أحدهما – على أكل اللحم العربي، ثم استقل الفرنسيان سيارتهما ودهما عن عمد شابا عربيا لفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن دفعته السيارة أمامها مسافة 50 مترا..

وفى مدينة ليل انهال ثلاثة من الفرنسيين ضربا على شاب عربي لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره ضربا ولكما وركلا بمقصورة القطار الذي قاده سوء الحظ إلى الجلوس فيها، ولم يكن الشبان الثلاثة يعرفون الشاب العربي، لكن هذا لم يمنعهم من أن يضربوه ضربا وحشيا قبل أن يلقوا به حيا من شباك القطار المسرع ليلقى مصرعه على الفور…

ولم تكن هذه الجرائم هي الوحيدة من نوعها فعدد العرب الذين لقوا حتفهم خلال الثمانينيات نتيجة لاعتداءات عنصرية يقدر بنحو 180 شخصا، أما الذين تعرضوا للضرب والإهانة بسبب لون جلودهم السمراء واستخدام اللغة العربية بأصوات مرتفعة فيتعدى الآلاف.

ضع في الاعتبار أن فرنسا نظرا لطبيعتها الخاصة أفضل بكثير من معظم دول الغرب…

وضع في الاعتبار أن شعوبهم ترى في شعوبنا ما قرأته على الفور أيها القارئ…

وضع في الاعتبار أيضا أن تكون نظرة ملوكهم لملوكنا ووزرائهم لوزرائنا ومفكريهم لمفكرينا هي عين عين النظرة..

تعلم إذن أيها القارئ أن أية كلمة تقريظ من أحدهم في أحدنا ليست وساما تهلل له وسائل الإعلام بل اتهاما بالخيانة يجب أن يستقصى حتى يثبت أو يُنفى …

لم تكن إذن زلة لسان ولا كانت الأحداث التي حدثت بعدها من اعتداء على المسلمين استثناء شاذا بل كانت القاعدة التي يحاول ولاة أمورنا خداعنا عنها.

***

ولاة أمورنا..

أرقب في أسى لا حد له حال ولاة أمورنا، حيث تجاوزت الأمور أي حد يمكن تصوره أو احتماله.

حاكم عربي يذهب إلي البيت الأبيض، ثم يعود ليصرح أنه حصل على وعد من البيت الأبيض بأن الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية باسم مكافحة الإرهاب لن يتطور ليشمل أي دولة عربية..

وفى اليوم التالي يصدر البيت الأبيض نفيا قاطعا لما قاله الحاكم العربي..

وقبل أن نفيق من اللطمة، وفى اليوم التالي مباشرة، نفاجأ بحاكم عربي آخر يعيد الكرّة ليؤكد أن أمريكا لن تضرب أي بلد عربيّ.. وفى نفس اليوم يعلن وزير الخارجية الأمريكي كولن باول أن العراق مستهدف.. و أن حزب الله على قائمة الإرهاب..!!..

حاكم عربي آخر.. يفخر بأنه واجه الولايات المتحدة برأي مخالف.. فما هو هذا الرأي المخالف فض فوه وبورك لاعنوه.. الرأي المخالف أن العرب ما زالوا في حاجة إلى مزيد من الإقناع للاشتراك في التحالف الشيطانىّ..!!..

العرب هم الذين يحتاجون للإقناع .. وليست الولايات المتحدة هي المستحقة للتقريع لإشعالها فتيل حرب عالمية من أجل شخص لم تجرؤ على تقديم أدلة إدانته.. لأن ما طرحته منها حتى الآن لم يكن سوي فضيحة..

ولى أمر آخر من تركيا .. علماني .. والعلمانية - ودعكم يا قراء من أردية الغموض التي يغطونها بها- كفر صريح .. راح يعلمنا كيف يكون الإسلام.. ويحكم على الشيخ أسامة بن لادن أنه خارج على الإسلام..!!

***

والمغزى واضح يا قراء.. فبعض ولاة أمورنا يتسولون من الولايات المتحدة مجرد ورقة توت يسترون بها عوراتهم أمام شعوبهم.. ويبررون بها الاشتراك في حلف الشيطان لضرب بلد إسلامي.. لكن الولايات المتحدة الأمريكية .. وقد استهانت بهم ترفض حتى منحهم ورقة التوت تلك..

وهم ما بين مطرقة الولايات المتحدة وسندان شعوبهم.. لقد كفرت الولايات المتحدة بمبدأ التقية.. ولم يعد لحاكم أن يجهر بأنه مع الإسلام والأمة ثم يسرّ لهم أنه مع أمريكا..

لم تعد أمريكا الآن تقبل ذلك..

إما معها أو مع الإرهاب.. إما إيمان وإما كفر..

لقد أصدر الحكام أوامرهم لعبيدهم : فقهاء السلطان والصحفيين والكتاب أن يمهدوا الأمة لجواز التحالف مع أمريكا..

لكن الحكام يدركون حكم الأمة..

حكم كتاب الله وسنة رسوله..

فالتحالف مع أمريكا لضرب أي بلد إسلامي هو المروق من الملة..

وفى رأي أغلب الفقهاء هو الردة..

والردة تخلع كل بيعة وتمنع كل طاعة.. تمنع طاعة ولي العهد لمليكه.. ورئيس الوزراء لرئيسه.. وقواد الجيوش لحكامهم.. والضباط لقادتهم والجنود للضباط فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

نعم.. الردة لا تبيح فقط للأمة الخروج على الحاكم بل توجب خلعه.. وقتله إن لم يتب..

إنني أشك يا قراء أحيانا أن الولايات المتحدة حين تصر أن تخلع ورقة التوت الأخيرة عن عورات الحكام إنما تستهدف هذا العصيان الجماعي الذي تستطيع أن تتسلل من خلاله لمزيد من شرذمة الأمة.

***

ولاة أمورنا غفر الله لهم وهداهم لا يدركون ذلك..

فهم حداثيون..

لم يقرؤوا مثلما قرأنا قصة الثور الأبيض.. ولا هم قرؤوا قصة الأسد العجوز والغراب والثعلب والجمل، إذ يحكي أن أسدا تصادق مع غراب وثعلب وجمل.. وظلت الصداقة حتى أدركت الشيخوخة الأسد ففقد أنيابه وعجز عن الصيد وكاد الجوع يقتلهم.. ما عدا الجمل لأنه يتغذى على الأعشاب.. وحاك الثعلب مؤامرة لالتهام الجمل.. فجلس معه ومع الغراب واتفقوا أن يعبروا عن حبهم للأسد بأن يعرض كل واحد منهم نفسه على الأسد كي يلتهمه فينقذه من الموت جوعا.. و أكمل الثعلب حيلته بأنه كلما عرض أحدهم نفسه على الأسد سيقوم الآخران بتسفيه رأيه، فينتهي الأمر بسلام لهم جميعا وقد عبروا للأسد عن حبهم ووفائهم دون خسائر، وبدأ التنفيذ فعرض الغراب نفسه فانبرى الثعلب والجمل يسفهان عرضه بأنه ضئيل لا يشبع و أن لحمه لا يصلح، وتقدم الثعلب وعرض نفسه فانبري الغراب والجمل يسفهان رأيه، وهنا تقدم الجمل واثقا أن النهاية ستكون طبقا للاتفاق، و إذا بالثعلب والغراب ينبريان لا لتسفيه رأيه بل لتقريظه وتقرير أنه عين الصواب.. ويقفز الأسد على الجمل المخدوع فيلتهمه ويلتهم الغراب والثعلب بقاياه..

***

يا ولاة أمورنا.. أنتم الجمل..!!

يا ولاة أمورنا: ليس بأمريكا حاجة إلى أوروبا ولا إلى اليابان ولا إلى أي بلد غير بلاد الإسلام.. كي تلتهمها..

يا ولاة أمورنا : كل دولة في العالم ستعرض خدماتها وتحالفها مع أمريكا كالغراب والثعلب لكنها لن تقبل إلا عرض الجمل.. أنتم.. كي تقفز عليكم وتمزقكم شر ممزق.

***

وولاة الأمور إن أحسنا الظن بهم جهلة لا يفهمون.. و إن استعملنا الفراسة حداثيون يؤمنون بما يؤمن الغرب.. ويؤمنون بالقطيعة الكاملة مع كل تراثنا..

مع كتاب الله وسنة رسوله..

***

لقد صدرت التعليمات للصحف ووسائل الإعلام في كافة أرجاء عالمنا العربي لكي يمهدوا الأمة للتحالف مع أمريكا..

والنخبة الطافية المثقفة هم مجوس هذه الأمة.. وهم على استعداد لكل شئ و أي شيء ..

***

وبدأت الحكاية بالهجوم علي أسامة بن لادن وطالبان..

وليست تلك هي القضية.. لأنهم حتى لو كانوا قد خرجوا من الملة فإن معطيات الحضارة الغربية التي يدعونها لا تبيح لأمريكا أن تكون الخصم والحكم ، أن تطلق الاتهام وتعجز عن إثباته، وتكون كل القرائن التي تقدمها لا تعبر عن الغباء وحده، ولا على الاستهانة بعقول الأمة الإسلامية فقط.. بل على الإهانة أيضا. وتماما.. كما اعتبروا عبارة " توكلت على الله " في حادثة الطائرة المصرية التي أسقطوها قرينة على الانتحار راحوا يجمعون أدلة لا تقنع حتى طفلا.. وطلبوا من العالم أن يؤمن بهم بالغيب..

وتماما كفضيحة الرسائل التي نسبوها إلى محمد عطا فدفعت أحد الكتاب للقول ساخرا أنه يدفع عمره لقاء أن يكتشف سر الورق العجيب الذي كتبت عليه الرسالة.. الورق الذي لم تحرقه النار التي أحرقت الصندوق الأسود..

وبرغم هذا الغثاء المهين فإنهم ينادون .. ويصرون..

وولاة أمورنا يستجيبون.

***

المشكلة بالنسبة لأمريكا أن حضارتها الفجة المسطحة اللا إنسانية قد بدأت بحل الخلاف مع الآخر بإبادته.. وكان هذا الآخر هو الهنود الحمر.. أصحاب البلاد الأصليون.. وكان الأمريكيون لصوصا من طراز جديد.. لصوص يسرقون قارة ويبيدون أمة..

تلك هي الخبرة المترسبة في قرارة الوعي الأمريكي.. التجربة التي تطفو من الوعي أو اللا وعي كلما صادفتها أزمة.. وهكذا فعلت مع اليابان .. وهكذا تفعل مع العالم..

المشكلة الأخرى، أن أمريكا قد استفاقت من إحساس مطلق بالأمن والقوة علي درجة مهينة من العجز والتخبط.. والدولة التي ظنت أنها أصبحت قادرة على الأرض وما فيها بل وعلى الفضاء حول الأرض.. الدولة التي تتعامل بالفيتموثانية.. هذه الدولة أبدت خللا جديرا بدولة متخلفة في التعامل مع حدث طارئ..

لن أدخل في التفاصيل.. لكنني أذكر القارئ أن أربع طائرات قد اختطفت كان يجب على الرادار تعقبهم منذ لحظة الاختطاف، فلم يتعقبهم، وضربت الطائرة الأولي أحد برجي مركز التجارة.. وبعدها بـ 18 دقيقة كاملة جاءت الطائرة الثانية لتخترق البرج الثاني.. 18 دقيقة كاملة تأخر فيها رد الفعل فلم ينطلق صاروخ ولا طائرة لتدميرها قبل الوصول .. يحدث هذا لدولة خططت نظامها الدفاعي على الاستجابة في جزء من الثانية.

مزيد من التفاصيل يظهر خيبة لا تتصور.. فالضابط المسئول في البنتاجون تلقى إخطارا بخطف الطائرات.. و أمر بإقلاع الطائرات من قاعدة جوية على مسافة دقيقتين من واشنطن.. ليفاجأ بأن الطيارين غير موجودين في أماكن عملهم..!!.. فأصدر أمرا إلى قاعدة على بعد 200 ميل.. وكانت أطقم الطائرات غير كاملة.. إلا أنها أقلعت بأطقمها الناقصة لتصل بعد تدمير البرج الثاني.. وعادت الطائرات إلى قاعدتها.. والقائد الميداني في البنتاجون.. في مركز القيادة العسكرية علي مستوى العالم يكاد يجن وهو يجري الاتصالات بباقي القواعد الأمريكية ليفهم ما يحدث..

ومرت ساعة كاملة.. ستون دقيقة.. وبعدها توقف القائد الجبار عن جهوده.. فقد كان مكتبه.. مكتب قيادة العالم هدفا للطائرة الثالثة.. ومات الرجل دون أن يفهم ما يحدث..

تم تدمير مركز القيادة.. و أصيبت أمريكا بالشلل عشر ساعات كاملة..

الخسائر المادية هائلة إلا أن لها في النهاية حدودا.. أما الخسائر المعنوية فهي بلا حدود.. لقد ثبت فشل المنظومة الفكرية والعسكرية والتكنولوجية للولايات المتحدة الأمريكية.. وهو ليس ما يمكن استعاضته.. لأن الشك سيظل دائما موجودا أن الغرور الجامح يغطى كيانا زائفا..

***

وانتقلت أمريكا - كما عبرت سفيرة أمريكية – من طور الدهشة والذهول إلى طور الغضب الجامح إلى تساؤلات خافتة: لماذا يكرهنا العالم، إلى شعور أخير بالخوف.. وهو شعور لم يشعر به الأمريكيون قط.

بقيت الكرامة الجريحة.. وكان لابد من وجود ضحية..

وكانت الضحية موجودة .. فلم يعد سواها: العالم الإسلامي..

وكانت الخطة موضوعة تنتظر الذريعة لتنفيذها.. ولو لم تحدث لاختلقت..

ولم يكن ثمة دليل واحد على مسئولية بن لادن.. فأخذت أمريكا تلفق الأدلة وتتخبط تخبط جاهل عيي.. لكنه الجاهل العيي الذي يمسك في يده مسدسا سيطلقه على الفور على من يكذب حججه المتهافتة..

ولم تكن الأدلة التي قدمتها محض غباء ولا مجرد استهانة بالعالم الإسلامي.. بل كانت إهانة..

***

وصدرت الأوامر لولاة الأمر.. فصدعوا..

أما الصحافة والمجلات والتلفاز فقد انفجر فيها طوفان من العفن المعتق منذ ألف عام.. العفن الذي ابتدعه المستشرقون والمبشرون والقسس والرهبان..

آه..

لو أن التكنولوجيا تسعفنا بتقدم يتيح للواحد منا بعد أن يقرأ مقالة الصحافي في الصحيفة أن يمد يده ليصفعه..!!

ولو أن التقدم التقني يتيح لنا أن نتابع المتحدث على شاشة التلفاز فنبصق في وجهه!!..

***

وبدأ الهجوم على أسامة بن لادن..

بدأ بالنباح كلب فتنابح معه ألف كلب..

وراحوا يروجون فرية لم يقل بها أحد سواهم.. وخرجت صحيفة القاهرة في مصر بمانشيت رئيسي عن عمالة بن لادن للمخابرات الأمريكية..!! ثم مقال يحتوى من الأكاذيب ما لا يتصور.. وراحت الصحف تنقل والكذب يكبر.. صحف موظفة خائنة وعميلة..

وتذكروا يا قراء أن نفس الصحيفة – والصحف - اتخذت نفس الموقف منا حين انفجار أزمة الوليمة.

وفى المرتين كانوا مع الحداثة..

***

ليس حسنا يا قراء.. بل هو مروع وفظيع..

إذ لابد أن نتساءل الآن:

ما هي التهم الموجهة إلي الشيخ أسامة بن لادن..

وما هي المرجعية التي سيحاسب على أساسها..

قوانين الحداثة..

أم كتاب الله وسنة رسوله..

***

بالنسبة لنا ولكل مسلم لا يجوز محاكمة الرجل إلا بكتاب الله وسنة رسوله..

وكتاب الله وسنة رسوله وشريعة الإسلام لا يحاكمون الناس بالشبهات..!!

وتلك مرة أخري هي المشكلة..

فالمطلوب تلفيق اتهام لا تحقيق اتهام..

***

من هو أسامة بن لادن وما هي جريمته..

يتحدث هو عن نفسه فيقول:

" أسامة بن محمد بن عوض بن لادن، مَنَّ الله –سبحانه وتعالى- عليه أن وُلِد من أبوين مسلمين في جزيرة العرب، في الرياض، في حي الملز، عام 1377 هجرية، ثم مَنَّ الله –سبحانه وتعالى- علينا أن ذهبنا إلى المدينة المنورة بعد الولادة بستة أشهر، ومكثت باقي عمري في الحجاز ما بين مكة وجدة والمدينة، أبي الشيخ محمد بن عوض بن لادن هو من مواليد حضرموت، كما هو معلوم، وذهب للعمل في الحجاز منذ وقتٍ مبكر جداً، منذ أكثر من 70 سنة، ثم فتح الله –سبحانه وتعالى- عليه بأن شرف بما لم يشرف به أحداً من البنائين ببناء المسجد الحرام حيث الكعبة المشرفة، وفي نفس الوقت بفضل الله -سبحانه وتعالى- عليه قام ببناء المسجد النبوي، على نبينا أفضل الصلاة والسلام، ثم لما علم أن حكومة الأردن قد أنزلت مناقصة لترميم مسجد قبة الصخرة، فجمع المهندسين وطلب منهم أن يضعوا سعر التكلفة فقط، بدون أرباح، فقالوا له يعني نحن -إن شاء الله- نضمن المشروع مع ربح، قالوا إنتوا ضعوا فقط سعر التكلفة، فلما وضعوا سعر التكلفة تفاجئوا أنه -رحمه الله- خفض السعر عن سعر التكلفة حتى يضمن خدمة البناء لمساجد الله ولهذا المسجد، فأرسي عليه المشروع، ومن فضل الله عليه كان يصلي أحياناً في اليوم الواحد في المساجد الثلاثة –عليه رحمة الله- ولا يخفى أنه كان أحد المؤسسين للبنية التحتية في المملكة العربية السعودية، وبعد ذلك درست في الحجاز ودرست الاقتصاد في جامعة جدة، أو ما يسمى بجامعة الملك عبد العزيز، وعملت مبكراً في الطرق، في شركة الوالد -عليه رحمة الله- مع العلم أن الوالد -عليه رحمة الله- توفي وكان عمري عشر سنوات، هذا باختصار عن أسامة بن لادن. "

ويسأله المذيع في حديث مسجل أذاعته قناة الجزيرة ماذا يريد؟ فيجيب:

" الذي نريده ونطالب به هو حق لأي كائن حي، نحن نطالب بأن تحرر أرضنا من الأعداء، أن تحرر أرضنا من الأميركان، فهذه الكائنات الحية قد زودها الله –سبحانه وتعالى- بغيرة فطرية، ترفض أن يدخل عليها داخل، فهذه –أعزكم الله- الدواجن.. لو أن الدجاجة دخل عليها مسلح.. عسكري يريد أن يعتدي على بيتها، فهي تقاتله وهي دجاجة، فنحن نطالب بحق هو لجميع الكائنات الحية فضلاً عن الكائنات الإنسانية البشرية، فضلاً عن المسلمين، فالذي حصل على بلاد الإسلام من اعتداء –وخاصة للمقدسات- ابتداءً بالمسجد الأقصى حيث قبلة النبي –عليه الصلاة والسلام- الأولى، ثم استمر العدوان من التحالف الصليبي اليهودي تتزعمه أميركا وإسرائيل حتى أخذوا بلاد الحرمين –ولا حول ولا قوة إلا بالله- فنحن نسعى لتحريض الأمة كي تقوم لتحرير أرضها والجهاد في سبيل الله –سبحانه وتعالى- لتحكم الشرع ولتكون كلمة الله هي العليا."..

***

من يخالف كتاب الله وسنة رسوله إذن يا قراء؟!..

أسامة بن لادن أم ولاة أمورنا..

من المصيب ومن المخطئ ..

من الشريف ومن المجرم..

ثم..

ما هو الحلال وما هو الحرام في القضية كلها..

فكأمة مسلمة.. يجب أن يكون هذا السؤال عن الحلال والحرام هو المحور الذى ندور جميعا حوله..

***

لماذا كان أسامة بن لادن بطلا وهو يحارب الروس ومجرما حين حارب الأمريكيين؟!..

يا ولاة أمورنا: هل أمريكا هي إلهكم؟!..

تبت أيديكم وتب إلهكم وتب..!!.

***

يا قراء.. يا ناس .. يا أمة..

ليس تسليم أسامة بن لادن هو المطلوب..

ولو كان هو لكان الخطب أخف.. والمصيبة أهون..

المطلوب يا قراء .. يا ناس .. يا أمة هو تسليم القرآن والكفر به والكف عن حمايته..

والمطلوب هو تسليم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم..

فماذا أنتم فاعلون يا قراء.. يا ناس.. يا أمة..

وماذا أنت فاعلة يا أمة لا إله إلا الله.. محمد رسول الله..

***

***



طال المقال..

وما زال هناك الكثير أريد أن أقوله لكم يا قراء.. و أنا والله أريد أن أكمل.. ولكني أدرك أن لقدرة القارئ على الاستيعاب حدا..
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م