بقلم / كمال غبريال ( تحليل ورؤيا )
"هل يبدو العنوان غريباً أو لا معقولاً ..؟ "
سنرى إن كان مضمونه كذلك أم العكس.
الآن على مرأى ومسمع من الأمة العربية المناضلة بالحناجر والأحزمة الناسفة تجري على نار هادئة إنضاج النكبة الرابعة للشعب الفلسطيني ..!
كانت
النكبة الأولى إعلان دولة إسرائيل وقرار التقسيم الذي أصدرته الأمم المتحدة ..
والنكبة الثانية رفض هذا القرار .. وما تبع ذلك من توسع لحدود الدولة الإسرائيلية على حساب الجزاء المخصص للفلسطينيين ..!
والنكبة الثالثة جرتها الناصرية المصرية والبعثية السورية تحت رعاية ومباركة الاتحاد السوفيتي راعي قوى التحرير العالمي فكانت نكبة 1967م وسيطرة إسرائيل على كل ارض فلسطين التاريخية فضلاً عما قطعته من أراضى بعض الدول العربية التي أقسمت أن تحرر فلسطين من النهر إلى البحر ..!
والآن النكبة الرابعة قيد الطبخ بدأت يوم تملص خالد الذكر ياسر عرفات من توقيع اتفاقية كامب ديفيد الثانية .. ولجأ إلى تحريض شعبه أطفالاً وصبية على قذف الأحجار ثم الأحزمة الناسفة .. لعدم قناعته بما عرض عليه وقتها وكان يُشكل نسبة 98% من الأراضي المحتلة عام 1967م وإقامة دولة قادرة على البقاء بجانب الدولة الإسرائيلية المزعومة ..!
دعونا نقف عند بعض المحطات الهامة والتي مرّت بها هذه القضية
كشف التشابهات
على أجنحة الأنتفاضة المباركة أتى إرييل شارون بخطته القديمة الجديدة المسماه بالحل من طرف واحد وتتمثيل في تشكيل حدود مثالية من وجهة النظر الإسرائيلية وإلقاء الأجزاء المتبقية من الذبيحة إلى أشاوس بعض الحناجر العربية واصحاب الجهاد الضالي في البراري الفلسطينية ..!
ولكي يستطيع شارون أن يدفع بخطته إلى مرحلة التنفيذ كان بعض العرب كـ العادة عند حُسن ظن عدوهم بِهم خير مُعين لتحقيق أهداف العدو إلا من رحِم الله منهم ..!
فُتِحتّ وأبل الإستشهاديين الساعيين إلى الجنة وأحزمتهم الناسفة ..!
وهؤلأ الإستشهاديين أسدو خِدمة سياسية لشارون تجاه الرآي العام فوجد هذه العمليان مُبرر لبناء ما أسماه الإسرائيليون حائط حماية الأبرياء من التفجيرات الإرهابية ..!
لكنه فوق هذا وذاك كان خط رسم حدود جديدة مثالية لدولة إسرائيل المزعومة .. ومن الواضح أن خير مُعين لشارون كان النهج ( العرفاتي ) الذي يؤكد للعالم أن الفلسطينيين أو ( العرب ) لا يعرفون مصداقية الكلمة ولا وفاء العهود ..!
وظاّهرت عرفات في نهجه .. بل وزايدت عليه إيديولوجية ( حماس الجهادية ) وممارستها .. لتمنح العبث السياسي والقتل اللا إنساني غطاءً دينياً .. يصل بالمنتحر ومحرضيه إلى الجنة .. ويصل بالشعب والوطن الفلسطيني إلى البؤس والضياع ..هذا عن تنفيذ الخطة الشارونية على الأرض ..!
على المستوى السياسي
أحتاج شارون للنهج العرفاتي لأوجه متعددة .. ليقنع العالم ولكن بجهدٍ جهيد إنه لا يجد شريك سلام لكن الشعب الفلسطيني ( المجاهد ) أبى إلا أن يُسدي لشارون وهو على فراش غيبوبته وخطته ،، خدمة جليلة وذلك باختياره ( لحماس ) في إنتخابات يُقال إنها مثالية الديمقراطية ..!!
وقد رد الإسرائيليون على الهدية بمثلها فـ اختاروا ( كاديما ) بتوجهها الشاروني ليُشكل القطبان المنتخبان ديموقراطياً تحالفاً يدفع بالقضية الفلسطينية إلى النكبة الرابعة .. والتي لا يُفيد معها الابتهال أن تكون الأخيرة ..!!
دعونا نُحلل ماذا تُريد
كاديما و في المقابل ماذا تُريد
حماس ..؟..؟
كاديماتريد أن تنفرد برسم خريطة فلسطين ..
وحماس توافقها على ذلك برفضها المشاركة بالتفاوض والإعتراف حتى لا تُدنس أياديها الطاهرة بمصافحة الصهاينة ..!!!!
كاديما تريد أن تثبت للعالم أن الفلسطينيين غير معنيين ومهتمين بالسلام أو بالحصول على حقوقهم .. وإنما كل ما يعنيهم هو إستمرار القتل والتخريب .. مدفعوين بـ أيدلوجيات الكراهية المسيطرة على الساحة العربية ..
وحماس المنتخبة تؤكد ذلك بـ إستمرار من خلال إصرارها على ما تسميه جهاداً ..!
وكذلك بـ إعلانها بوضوح وشجاعة تُحسب لها ،، أنها ستقف في وجه كل العالم متمسكة بخيارها المقدس في القتل العشوائي لكل من تصل إليه أياديها المُقدسة ..!!
كاديما لا تُريد أن تقوم للفلسطينيين دولة قادرة على البقاء ويتحقق لها التواجد في المجتمع الدولي .. كما تهدف خارطة الطريق واللجنة الرباعية ..
وإنما تهدف إلى محاصرة الفلسطينيين في كانتونات متقطعة الأوصال .. بلا حاضر أو مستقبل يرتجى ..
وحماس توافقها على ذلك بموقفها من المجتمع الدولي .. وبجهل وتجاهل بل و ازدراء الرؤى السياسية وتركيزها على كل ما تعرف حصراً وهو ( قتل اليهود ) أعدأ الله ..!
نحن مقبلون إذن على حل مرحلي وقتي يتحقق فيه نوعاً من الإستقرار المضطرب والقلق بالمنطقة ربما يمتد إلى عشرين أو ثلاثين عاماً كما تقترح (
حماس المتحالفة مع
كاديما ) ..وهو ما نعتبره النكبة الفلسطينية الرابعة ..!
ولا نستطيع الآن أن نستشرف المستقبل بعد هذه الفترة .. ولا نستطيع أن نُحدد إن كانت مسيرة التاريخ الحالية ستمتد على ذات الخط ،، لتتجه بعدها إلى نكبة خامسة وسادسة وعاشرة .. أم أن مجاهدي حماس لديهم خطط مستقبلية لما بعد الفترة التي عرضوها ( 20 – 30 عاماً ) ستتيح لهم عكس مسيرة التاريخ ومسلسل النكبات .. لنستعيد الأرض السليبة من النهر إلى البحر ..!!!
دعونا نستكشف بـ نظرة سريعة على حساب مكاسب وخسائر هذه السياسة العرفاتية الحماسية بشكل مختصر ..!
حساب المكاسب :
1 – لن يكون العرب مضطرين بهذه المرحلة على الأقل إلى الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود وما يعنيه من ضياع للجزاء الأكبر من الوطن الفلسطيني ..
2 - سيكون من حق الأجيال التالية فيما لو توفرت لها فرص أفضل أن تستأنف النضال المُقدس لتحقيق ما حاولنا قدر جهدنا تحقيقه ولم تسمح لنا الظروف ..!
3 - سيظل عدونا الإسرائيلي تحت حصار كل جيرانه العرب والأمة وكل الشعوب المناضلة والصديقة بما يحرمه من النمو الذي يمكنه من الهيمنة على المنطقة وعلى العالم ..!
4 - لن يضطر قادة حماس إلى التراجع عن أيديولوجيتهم وشعاراتهم المنادية بقتل اليهود وتحليل الأرض من النهر إلى البحر .. وما قد يتبع ذلك من فقدان جماهيريتهم وربما الإنقلاب عليهم ..!
5 - سيُقتل إسرائيل أو أثنان او عشرة مُقابل فقدان إنتحاري أو إنتحارية من الشعب الفلسطيني بأحزمتهم الناسفة بصرف النظر عن الموقف الدولي تجاه هذه العمليات و ما قد تُسببه ..!
حساب الخسائر :
1 - إلتهام إسرائيل للمزيد من الأراضي الفلسطينية وتقطيع أوصالها ..
2 - ضياع فرصة متاحة ومعروضة من المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية قادرة على البقاء وتتحقق لها السيادة ..!
3 - تضيق الخناق على الشعب الفلسطيني وزيادة تردي أوضاعه الاقتصادية والإجماعية والإنسانية ..
4 - فقدان العرب والشعب الفلسطيني للتعاطف الدولي ..
5 - تعرض المنطقة شعوباً وأنظمة للمواجهه مع العالم في نطاق الحرب على الإرهاب ..!
6 - فقدان المنطقة كلها لفرص التحديث والتنمية المرتبطة بتحقيق السلام ،، وبـ إغلاق ملف الحروب والدماء والتفرغ للتمنية والإصلاح ..!
7 - تفشي ثقافة الكراهية والقتل بين شعوبنا .. وزيادة إنعزالها وعدائها للعالم بالإضافة إلى تفاقم ما يجري حالياً من إمتداد لثقافة القتل والكراهية بتأثيرها لتدمير الوحدة الوطنية بداخل بعض الدول العربية بذاتها ..!
8 - توريث الأجيال التالية ترِّكة وبيلة بـ الدماء والعداء والثار .. بالإضافة إلى واقع مادي وإنساني مُتردّ .. بدلاً أن نورثهم واقعاً واعداً بمستقبل أفضل ..!!
ختاماً
اقول جميعنا يعرف إنه لايوجد وضع يُحقق مكاسب صافية دون خسائر .. كما لا يوجد العكس .. لذلك يبقى الخيار مرهوناً بكفتي ميزان يحدد المحصلة النهائية .. بيد أن الميزان في مثل هذه الأمور لا يؤدي دوره بـ ميكانيكية علمية محضة ..!
وإنما يتأثر جوهرياً بـ الرغبات والمصالح الشخصية والميول الإنسانية .. لهذا يختلف تقييم المحصلة بـ إختلاف وجهات التقييم وأولوياتها المادية والفكرية والنفسية ..!
إذاً على الشعب الفلسطيني أن يُقيّم الخسائر قبل المكاسب من خلال منظور حيادي ديمقراطي لا يخضع لأي مصالح شخصية أو ميولات أو اهداف خاصة بعيدة عن أرض الواقع المؤلم ..!
وايضاً نحن كـ شعوب المنطقة بل وشعوب العالم اجمع لها وعليها أن تُساهم في التقييم ما دمنا نشارك في نعيم الوضع وجحيمه ..!
لذلك اكرر واقول أن على الشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى أن يتدبر ماهو سائر إليه تحت قيادة حماس أو حتى سلفها فتح العرفاتية .. وأن يُقرر ما يختاره لنفسه بـ وعي وإدراك المصير ..!
المصدر