مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 16-04-2007, 04:28 AM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي شاعر وداعية

الشيخ "إبراهيم عزت".. الشعر للدعوة
إخوان أون لاين - 09/02/2004



الشيخ إبراهيم عزت وسط إخوانه









في مدينة سوهاج بصعيد مصر عام 1939م أطلَّ على الحياة "إبراهيم"، وكان ثاني ولد لأبيه "محمد سليمان"، بعد أخيه "أحمد"، الذي مات في المهد. كان الوالد- "محمد سليمان"- مهندسًا عمل في التعليم الصناعي، وكانت الأم على علم وخلق ودين وثقافة، ترعرع الطفل المبارك في حضن أبويه اللذين أحاطاه برعايتهما.


واضُّطر الأب أن ينتقل بأسرته إلى طنطا نظرًا لظروف العمل، ثم ألحق ابنه بإحدى مدارسها الابتدائية وانتظم بالدراسة، إلى أن اضُّطر الأبُ ثانية أن ينتقل إلى القاهرة، فسكن بحي الزيتون، بينما التحق "إبراهيم" بالمدرسة الثانوية بعين شمس، ثم التحق بكلية التجارة بجامعة (عين شمس)، وتخرج فيها عام 1955م، ولم تكن سِنُّه قد تجاوزت السابعة عشرة.
بعد ذلك تمّ تجنيده ليخدم في الجيش، وفي تلك الأثناء تقدم لوظيفة مذيع في الإذاعة المصرية، ونجح في اجتياز الاختبارات التي أجريت له، وتمّ تعيينه، فقدَّم العديد من البرامج الدينية والثقافية، مثل: "بيوت الله"، "دنيا الأدب"، وبعد ذلك عُيِّن في الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وبعد حين من الزمان حصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة الأزهر رغم انشغاله بالدعوة إلى الله.


حياته الفكرية والدعوية

وقد أثرت نشأة "إبراهيم عزت" في بيت صالح يحيطه الله برعايته، ويضفي عليه من محبته؛ فاتخذ "إبراهيم" حب الله طريقًا والدعوة إليه منهجًا منذ صغره؛ حيث إنضم إلى أنشطة جمعية الشبان المسلمين، ثم التحق بعد ذلك بأنشطة (الإخوان المسلمين)، وتأثر بالتصوف، وبعد ذلك كان قراره بالانضمام إلى جماعة التبليغ والدعوة عام 1963م؛ وهي جماعة لها نشاطها الدءوب في الدعوة إلى الله. وطريقتهم الأساسية في الدعوة إلى الله تتمثل في "الخروج في سبيل الله"؛ حيث يخرجون في مجموعات ترتاد المساجد، وتدعو الناس فيها إلى طاعة الله تعالى، ويتميزون بالجرأة وعدم الخجل في طوافهم بالشوارع وعلى البيوت والمقاهي والدكاكين والمحلات، داعين الناس إلى الصلاة أو مجالس العلم.


ولا نعلم الأسباب التي دعت "إبراهيم عزت" لترك (الإخوان) آنذاك، لكن أثر دعوة (الإخوان) ظهر جليًّا في مواعظه وخطبه، وقبل ذلك شعره، فهو وإن فارق صفهم بجسده، فإن روحه وقلمه وفكره متشرب بأكثر مبادئهم.


وللشيخ "إبراهيم عزت" الكثير من الخطب والمحاضرات التي ألقاها على آلاف المسلمين بمسجد (أنس بن مالك) بالجيزة في مصر؛ حيث تولى فيه الخطابة منذ عام 1975م، وظلّ داعيًا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، آسرًا مستمعيه بأسلوبه المميز الجذاب في خطابته، إلى أن لقي الله- عز وجل- في شهر رمضان المبارك عام (1404هـ= 1983م)؛ حيث عزم على السفر إلى مكة المكرمة للاعتمار والاعتكاف في المسجد الحرام بصحبة بعض أقربائه، وقبل أن تصل الباخرة إلى ميناء جدة، وبعد إفطار الشيخ وصلاته المغرب، استراح قليلاً، ولم يحن أذان العشاء إلا وقد صعِدت روحه إلى بارئها.


في المعتقل

في ذلك العهد الذي قدر الله لـ"إبراهيم" أن ينشأ فيه لم تكن الأمور على ما يرام بالنسبة لأبناء الحركة الإسلامية على كافة اتجاهاتها، وخاصة (الإخوان المسلمين)، ورغم أن "إبراهيم عزت" قد ترك صفوف (الإخوان المسلمين)، وانضم إلى التبليغ والدعوة، فقد ناله من التعذيب ما نال (الإخوان)، ولن نكون مبالغين إذا قلنا إن ما حدث لهم- بناء على ما ذكر في روايات من نجا ممن وقع عليهم التعذيب، والكتب التي أرّخت لتلك الأحداث- يكاد يقترب مما فعله الإسبان بالمسلمين في محاكم التفتيش، وما فعله أهل قريش بالمسلمين الأوائل، ولم تكن هذه المشاهد المروعة المرعبة لتمر على الشاعر "إبراهيم عزت" دون أن يكون لها أثرها عليه؛ فقد فجرت تجربة المعتقل شاعرية "إبراهيم عزت"، فبلغت أوجها، وأنتج لنا شعرًا رائقًَا متميزًا في جوانبه الفنية المتعددة.


الدعوة.. الوطن.. الحرية

لا نعرف لـ"إبراهيم عزت" سوى ديوان واحد طبع في بيروت عام 1970م بعنوان (الله أكبر)، وأنشد شباب الحركة الإسلامية العديد من قصائد هذا الديوان، ومن أبرزها ما غناه المنشد السوري "أبو مازن"، والديوان يتناول قضايا الدعوة والوطن والحرية، والحرية بالذات هي قضية كل إنسان، لا سيما الشعراء، خاصة من كان منهم مثل "إبراهيم عزت"؛ يحمل من المبادئ والهموم ما يفرض عليه أن يناضل من أجلها.


وبعد قراءة ديوان "إبراهيم عزت" مرات ومرات يمكننا القول باطمئنان إنه شاعر متميز، وإن غلبت الدعوة على مجهوده ونشاطه، فقد كان ما وصلنا من شعره من ذلك الصنف من الشعراء الذين يعبرون عن تجربة حقيقية وقد اصطلوا بويلاتها، فجاء شعره صادقًا في تعبيره عن واقعه، صادقًا في أدائه الفني، لا يعمد- في أكثره- إلى الثرثرة التي نراها لدى الكثيرين من شعراء الأيديولوجيا؛ سواء من كان منهم ينتمي إلى الحركة الإسلامية، أو الحركات القومية أو غيرها، بل إنَّ شعره من الشعر الرائق المتدفق الذي تنساب فيه الكلمات أحاسيس، والأبيات مشاعر، والحروف صورًا، وتتخلله التجربة والمعاناة، كما تتخلل الروح الجسد، لا تستطيع أن تفصل فيه الكلمة عن الفكرة أو الفكرة عن العاطفة؛ لأنه مزيج من كل هذا، نفث فيه الشاعر من روحه، وسقاه من قطرات نفسه التي اعتصرتها المأساة، فانبثق منها أفضل ما فيها، ومضى يردد في درب مسيره:


سألت خالقي وكلنا سأل
لمن لمن تركتنا؟!
سألت خالقي إلى متى..
ستطعم الكلاب ما وهبتنا؟!
الهول يا لقسوته
محافل تضم ألف سوط
والموت قادم يدوس فوق موت


الدرب الذي سار فيه "إبراهيم" هو درب موحش مظلم مرعب، نرى فيه الموت وحشًا خرافيًّا، مشهرًا أظافره، مبرزًا أنيابه، يدوس بأقدامه المهلكة فوق موت آخر كان قد سبقه إلى نفس الدرب، وكأنّ هذا الموت أمواج من الهلاك متراكبة تمامًا مثل الظلمات التي ذكرت في القرآن: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ﴾ (النور: 40).


فنيات شعره

تتنوع الأدوات الفنية التي استخدمها "إبراهيم عزت"، والتي شاعت في تلك الفترة التي كتب فيها أكثر ديوانه- وهي فترة الستينيات؛ حيث شاعت في شعره أدوات فنية استخدمها شعراء تلك الفترة بكثافة، مثل: "أمل دنقل"، و"نازك الملائكة"، و"فاروق شوشة"، و"محمد عفيفي مطر"، ومن هذه الفنيات: المفارقة التصويرية؛ حيث يقيم الشاعر صورة تعتمد على طرفين متناقضين، كان من المفترض ألا يوجد مثل هذا التناقض بين هاتين الصورتين، والصورة الوصفية؛ حيث يعبر الشاعر بكلمات عادية- خالية في أكثرها من التشبيه أو الاستعارة أو أي تعبير مجازي- عن صورة تثير خيالنا، وتؤثر في مشاعرنا وكأنها شريط سينمائي يتمُّ عرضه أمام أعيننا؛ فيثير ابتهاجنا، أو يستدر دموعنا.


ونوّع "إبراهيم عزت" في الأوزان على مستوى القصيدة الواحدة- وربما كان هذا التنوع غير مقصود منه- وضمَّ ديوانه قصائد على نظام شعر التفعيلة، أو ما أطلق عليه الشعر الحر، بالإضافة إلى القصائد الأخرى التي كتبها على نمط الأوزان الخليلية.


ويوظف شاعرنا التراث العربي والإسلامي توظيفًا فنيًّا متميزًا في التعبير عن تجربته التي عاشها، فكان بمثابة كشف جديد لهذا التراث، وتخليد لتلك الأمجاد التي ولَّت، وإثراء لتجربة الشعر العربي الحديث.


نماذج تحليلية من شعر "إبراهيم عزت"

كانت لمعاناة "إبراهيم عزت" في المعتقل- الذي لبث فيه بضع سنين- أثرها في تجربته الشعرية؛ لذلك جاءت أكثر قصائد ديوانه تعبيرًا عن هذه المأساة في صورها المتعددة؛ سواء معاناته الشخصية، أو معاناة إخوانه من شباب الحركة الإسلامية، أو معاناة الوطن ذاته؛ لأنّ هذا الوطن سجين هو الآخر تحت قهر أولئك الجبابرة، يقول "إبراهيم عزت": في قصيدة بعنوان (حبيبتي بلادي):


حبيبتي
قد كنت أصنع الكلام من دمي
وكنت أعزف النشيد هامسًا
لعله إلى الفؤاد ينتمي
وكنت أكتب الحروف واحدًا فواحدًا
لتقرئي.. لتفهمي
وكنت يا حبيبتي وكنت..
والآن يا حبيبتي
لن أكمل الحديث
وإن بدا مشوِّقًا
فليس ما أريده إثارة الطرب
أو أن تحركي الشفاه من دلائلِ العجب
ولن أتمَّ يا حبيبتي النغم
فقد رأيتُ ما يحرِّمُ النشيد
ألف عام
فصرت كلما بدأتُ في الغناء
أجهشتُ بالبكاء
لن أُمسك القلم
فالرعشة التي سرت في قلبيَ المنهوك
أصابت المواقع الخضراء بالعقم
فلم تعد تجيد غير نبضة الألم
لن أكمل الحديث يا حبيبتي
فشمعتي في ليلة الجفاء أُطفئت
وأكذب الأصوات في هواك
قد علت
وقصة الكلام كلها
قد انتهت


أي حب هذا الذي حمله الشاعر لهذا الوطن؟! لقد كان يصنع الكلام من دمه، ويصوغ الحروف من قطرات نفسه وروحه من أجل هذا الوطن الحبيب، لكن يحدث ما يمنع أهازيج الشاعر وأغاريده؛ حيث يرى ما يحرم الغناء، وما هذا الغناء إلا الحرية الطليقة التي كان ينعم بها الشاعر مع هذا الوطن، فأصبح هذا الغناء محرمًا بقدرة خارجة عن إرادة الشاعر والوطن، إنها قدرة العسكر الذين يمتلكون السلاح. أمّا الشاعر فلا يمتلك إلا أشعاره، لكن ما يلبث الشاعر أن يستجمع قواه ومشاعره ليبدأ الغناء من جديد إلا ويغلبه البكاء، فالمواقع الخضراء أصابها العقم والشمعة التي تضيء أطفئت في ليلة الجفاء، لقد تلاشى النور لتحلَّ محلَّه الظلمة وتراجع الحق ليحتلّ مكانه الزيف الذي يدعي حب الوطن والوطن منه بريء:


حبيبتي
وكلهم بالأمس كان في الهوى متيما
حبيبتي
وأين هم؟!
في ليلك الحزين
وأين يا حبيبتي الأمير زائرًا؟
في الموكب الكبير..
يملأ الطريق بالعطور والزهور
يختال فوق صهوة الجواد
وأين يا حبيبتي غناء شاعرك؟
قد سال بحره منغمًا من بسمتك
وأين يا حبيبتي يمين عاشق
أتاك يسبق الرياح كي يُرَى بجانبك



-----------

__________________
السيد عبد الرازق
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 16-04-2007, 04:30 AM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي



ويسأل الشاعر عن الأمير/الحلم والأمل الزائر في موكب كبير يملأ الطريق بالعطور والزهور ويختال فوق صهوة الجواد، ويسأل كذلك عن غناء الشاعر الذي تلاشى بسبب القهر، ويسأل عن عاشق أو يمين عاشق أقسم بحب الوطن، كل هذه المفردات تكوِّن صورة حالمة يتمناها الشاعر لوطنه؛ لكن انقلبت هذه الصورة المشرقة إلى النقيض، فكان الخداع والبكاء:


خُدعت يا حبيبتي
بكت بكفك الجراح..
وارتوت بدمعك السفوح والجبال
ناحت رمالها
في ليلة الحداد حين زارها دمك
شكت سهولها
لوطأة البغي يستبيح حرمتك
نسيت في موائد الثناء
سيدًا تعشق الفداء
الموت عنده حياة
أحب دائمًا أن ترفع الجباه
وكفة الكلام عنده
نصف كفة العمل
أحب أن يراك مسجدًا
مقدسًا ثراه
لا ينال تربه
نسيته مقيدًا
شغلت عنه بالبريق
من سيطفئ الحريق غيره
ومن سيمسح الجراح إن جهلت سرَّهُ
الرعب يسبق الخطا لخصمه
وألف سهم للصدور
تقتدي بسهمه
وحفنة الرمال من يديه
تملأ العيون بالعمى
وسيفه بريقه صواعق
ستحفظ الحمى


نحن إذن أمام صورتين متقابلتين، أو قيمتين متناقضتين: قيمة الزيف وما يمتلكه من أدوات القهر والإرهاب والبطش والجبروت، وقيمة الصدق وما يمتلكه من حب فياض ومشاعر مخلصة.


وإذا جاز لنا أن نبحث عن معادلات هذه الصور في الواقع فإننا نقول: "إن الثورة بشرت بآمال عريضة تفاءل الناس بها خيرًا، لكن هذه الآمال لم تلبث أن تلاشت بعدما انحرفت الثورة عن أهدافها، وتحكَّم في الوطن بعض المنتفعين فأذاقوه من الويلات الكثير، وقد صدق الناس كثيرًا من زيف هؤلاء؛ وهو ما يمكن أن نفهمه من قول الشاعر:


خُدعت يا حبيبتي
بكت بكفك الجراح..
نسيت في موائد الثناء
سيدًا تعشق الفداء


وفي الجانب الآخر من المعادلة، أو الوجه الآخر من الصورة يرى الشاعر نفسه وإخوانه من أفراد الحركة الإسلامية محبين مخلصين لهذا الوطن، لكنه تنكر لهم أو تنكر حاكموه لهم، ورغم ذلك فإن الشاعر لا يستسلم لهذه الأهوال، بل يقابلها بالرجاء والأمل الذي يراه في الأفق مطلاً باسمًا:


حبيبتي
ولم تزل في أفقنا بَقيَّةٌ من الرجاء
حطِّمي قيوده
لتحتمي بسربه
لتصنعي حياتنا به
لتسمعي دعاءه.. بكاءه
يستمطر السماء زَادَهُ.. ونَصْرَهُ
ويستغيث ربَّهُ
فحطِّمي قيوده


وفي قصيدة أخرى بعنوان (اليوم عيد) يقيم الشاعر مفارقة بين صورتين متقابلتين تجعلنا نتعاطف معه ونشاركه أحزانه وآلامه؛ فالمناسبة المشتركة بين الصورتين هي يوم العيد، وهو يوم الفرحة والرحمة والودّ والتسامح والسلام والأمان، وكلّ هذه المعاني المشرقة عاشها الشاعر، ويحكيها لنا فيما يشبه الارتداد أو الـ"فلاش باك":


اليوم عيد
قد عشت فيه ألف قصة حبيبة السماء
أردد الأذان في البكور
أراقب الصغار يمرحون في الطريق كالزهور
وهذه تحية الصباح
وهذه ابتسامة الصديق للصديق
والسلام
يبسط اليدين يرسل الندى
ويملأ الحياة بالأمان
وخضرة الزروع غضة الجنى
تجمعت أمام مسجد الإمام
وأطيب الثمار تطلب الكبار
هدية يحبها الصغار
تحبها صغيرتي
ما أطيب الزمان يا أحبتي
إن عانق الأمان
زماننا ربيعه الأمان

لكن الوضع الحقيقي في حاضر الشاعر على خلاف هذه اللوحة الجميلة الوادعة لأن:

الكل عائد بفرحة تطل مشرقة
من الشفاه والعيون
ودارنا ستنتظر
صغيرتي ستنتظر
والشرفة التي على الطريق تسمع الصدور
تعزف الأشواق تعصر الأسى
هشام لن ينام
قد كان نومه على ذراع والده
نهادُ لن تذوق زادها
لأنها تعودت أن تبدأ الطعام من يد الأسير
شريكة الأسى بدا جناحها الكسير
تخبّئ الدموع عن صغارها
وحينما يلفها السكون
سترتدي الصقيع..
كي تقدم الحياة للرضيع



في هذه اللوحة لا نشعر بالأمان الذي ظلل اللوحة الأولى؛ حيث يسيطر على هذه اللوحة عنصر الفقد والبعد؛ وهو ما ينعكس على دار الشاعر وصغاره، الذين لن يناموا ترقبًا لعودة الأسير الذي غيبته الأسوار، ورغم قسوة هذه المفارقة بلوحتيها المتقابلتين، فإنّ الشاعر يفتش في ذات نفسه عما يجدد الأمل لديه، فيجد حب أهله وأولاده في قلبه فيصر على أنه:


ما زال يومنا ويومهم
لأننا نحبهم
اليوم عيد


قد لا تسمح هذه العجالة بالحديث عن شعر "إبراهيم عزت" بالتفصيل الذي يستحقه، لكن يمكننا أن نقول: "إنه بحق شاعر متميز، امتلك أدوات الشعر ووظفها بمهارة ما كان منها من أصيل تراثنا أو من حديث ثقافتنا، وكانت تجاربه الشعرية نابعة من معاناة حقيقية أكسبت أشعاره الصدقين: الصدق الفني، والصدق الواقعي".
__________________
السيد عبد الرازق
الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 16-04-2007, 05:24 AM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

ات نشيد ملحمة الدعوة من الشريط السابع للمنشد أبو مازن

وهي للشاعر الأسلامي الكبير الشيخ إبراهيم عزت يرحمه الله

وهذه المقدمة في النشيد فقط وليست من كلمات الشيخ ولكن تقدمة للقصيدة من المنشد أبو مازن

عيناه تسبحان في الشرود من يوم أن أريق أول قطرة من دماء أخوته الشهداء
فينادي واحة الامان ان تقفر وسنابل العطاء أن تتكسر وتسقط تيجانها الشماء
وينادي خضرة الزيتون رمز السلام أن ترتدي السواد حداداً على السلام
ومدامع السحاب أن تودع كل شبراً من السماء دمعة
وأن تكثر البكاء على الحرمات التي ينتهكها الظٌـلام أعداء السلام أعداء الحرية بل أعداء الأنسانية
ولا ينسى الشاعر أن يذكر الريحان بأنه يوماً قد أرتوى بدماء مؤمنة بريئة في أرض حرام
فما أفظع أن تهان الفتاة المؤمنة المجاهدة لأنها تقول ربي الله
ويلجاء الشاعر الى ربه سبحانه يصف له سوء الحال
فالطواغيت ينهبون خيرات شعوبهم ويجزونهم في محافل التعذيب الهمجي
فيقهر من يقهر ويثبت من أيده الله بالثبات
وبعد ذلك يسائل الشاعر نفسه .. هل يتابع الطريق ؟ فيتردد في الأجابة
إلا أنه لا ينسى أن يهدي أخوة الطريق دعاة الحق دموعاً سخية
ويتذكر العهد الذي عاهد الله عليه. ويهم بالأجابة.
فتنتابه رعشة من هول مارأى.فتنتابه رعشة من هول مارأى في الطريق
ويتسلل الخور إلى نفسه. ينتظر القول الأخير.
فيأتي الجواب بقوة..سأعود .. سأعود من حيث بدأت..سأعود إلى مسجدي .. وأنطلق منه داعياً إلى الله
فلقد عرفت بأن الطريق شاقاً وصعب. ولكن.. ولكن أشراقة مضيئة تجيئ في الختام..تقول...

ومن هنا تبدأ كلمات الشيخ إبراهيم عزت

"جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا"

وبعد...
وبعدما رأيت ما رأيت
وبعدما عرفت ما عرفت
الموت حينما دنت مخالبه
والليل حينما اعتدى على الصباح ضاريا يغالبه
الموت كان أمنيه
والموت كان للجراح أغنيه
واختار من صفوفنا
أحبّ من رأت عيوننا
واختار من صفوفنا الكبار
واختار من صفوفنا الرجال صانعي النهار
واختار للذّرى أحبّة كرام
تحية لهم سلام
عيناي تسبحان في الشرود يومها
من يوم أن تحرك الفناء فوق كلّ أخضر
يا واحة الأمان أقفري
قد استبيحت الحرم
وسيقت النساء والأطفال للحمم
ليطعموا لوحشة الظلم
ليطفئوا ابتسامة الصغير
ليهتكوا قداسة الحرم
وضجّت الأصوات تستغيث ربها
في الليلة التي بكى بها الحصن من شهقة الدماء
وحملت رياحها بألف آه
الكون كله يقول: آه
ويا لذلّة تراد بالجباه
***
تكسري سنابل العطاء واسجدي
ومرّغي تيجانك الشمّاء في الثرى
يا خضرة الزيتون
فلترتدي السواد فوق كل عود أثمرا
ويا مدامع السحاب طوفي على الديار
وأودعي بكل شبر دمعة من السماء
وأكثري على المحارم البكاء...أكثري البكاء
ويا شذا الريحان قبلها تفوح بالعبير
يا شذا الريحان أود أن أذكّرك...
بأنهم لحظة من الظما تفقّدوا ولم يكن هناك ماء
وأنّك ارتويت يومها بأقدس الدماء
الحرّة الطهور
بالحرمة الطهور
تعذّب الذبول في ملامح الزهور
الحرّة التي تداس يا لهولها
عويلها...
يحرك الصخور في جبالها
فيصرخ الملك
يهتزّ في انتظار ومضة لمن ملك
سألت خالقي وكلّنا سأل:
لمن...لمن تركتنا؟
سألت خالقي إلى متى؟
ستطعم الذئاب ما وهبتنا؟!
الهول يا لقسوته
محافل تضم ألف سوط
والموت قادم يدوس فوق موت
***
وبعدما...
وبعدما رأيت ما رأيت
عرفت كيف يقهر الرجال بالضنى...عرفت
وفي مواقع من الأسى بكيت
تحرّك الشيطان حاملا سلاحه
ومضمرا لكل بسمة للنور في صدورنا نواحه
وأطلق الدخان غاضبا...
واستجمع القوى
وبكل حقده الذي يضمه هوى
رأيت...
رأيت كبوة الجواد مضنيه
رأيت دمعة الجسور مبكيه
وبعد...
وبعدما رأيت ما رأيت...هل تعود للطريق؟ هل تعود؟
وقبل أن أجيب
تحرّكت مدامعي هديّة لمن مضى
وأرهفت مسامعي...
لأستعيد من مواطن الغيوب
وصية سمعتها في لحظة من الرضا
واهتز قلبي الذي قد هدّه العذاب
أحسست رعشة بجسمي الذي يخاف غضبة الذئاب
وجاء ضعفي الكئيب جاء
عرفته في كل لحظة من الضنى قد عشتها
أتى يقدّم الرجاء...
تعلقت عيناه بالجواب
يا ترى وبعد...هل تعود للطريق؟ هل تعود؟
عائد أنا من حيث أتيت
عائد أنا لمسجدي
عائد إلى الصلاة والركوع والسجود
عائد إلى الطريق خلف أحمد الرسول
أطلق الخطى حزينة في إثره
عرفت قصة الطريق كلها...
وعائد أنا برغمها
كالفجر...كالصباح مغدق وباسم
والخطو كالرياح عاصف وعارم
لا بديل للخلود
لا بديل للجنان
لا بديل...لا بديل غير ذلّة الرّغام
لا بديل غير خدعة السراب
لا بديل غير وهدة الظلام
لا بديل للإقدام...غير سحقة الأقدام
***
عرفت قصة الطريق كلّها...
الموت أوّل المطاف
لكنّ خضرة الطريق لا يصيبها الجفاف
قادم...وقادم..وقادم
إشراقة مضيئة تجيء في الختام
تقدموا...تقدموا...تقدموا
فبعد لحظة من المسير
ينتهي الزحام
ينتهي الزحام

أرجو أن تحملو النشيد وتستمعوا له منصتين لتحسوا بصدق مشاعر هذا المنشد العظيم أبو مازن ومدى ماكان يعانيه المتمسكين بدينهم في هذا الوقت من الزمان ( أواخر السبعينات )
مع العلم أنه قد أنشد هذه القصيدة ومعظم شرائطه وهو لم يتجاوز التاسعة عشر ولحنها وأداها بنفسه وسجلها على مسجل صغير بالبيت
__________________
السيد عبد الرازق
الرد مع إقتباس
  #4  
قديم 16-04-2007, 06:15 AM
صمت الكلام صمت الكلام غير متصل
كنتـُ هيّ ..!
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: QaTaR
المشاركات: 4,043
إفتراضي

موضوع شيق اخي الفاضل
شكرآ لك
__________________
الرد مع إقتباس
  #5  
قديم 22-04-2007, 02:36 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

شكرا للأخت الفاضلة صمت الكلام علي المرور.
تحياتي وتقديري
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________
السيد عبد الرازق
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م