مين يشترى قلبى؟

[الشيخ عادل]

مين يشتري قلبي
في حجرتي بالمنزل و بالرغم من ضيق الحجرة إلا أنها صارت قاعة واسعة أعدت
لاستقبال حدث كبير و أتي إليها الناس ليشاركوا في هذا الحدث و هو بيع بالمزاد العلني
لا ليس أثاث الحجرة فهو لا يساوى شئ ولا يستحق مزادا بل أولى به أن يدفن سرا
إنه المزاد الأول من نوعه إنه لبيع قلب
و لكن ليس كما يبدو من الوهلة الأولى أنها تجارة أعضاء
إن المشترى لا ينال من القلب حجراته أو صماماته أو حتى شرايينه التاجية و لكن يحظى ببحر من حب و فيض من حنان بشجرة لمن يستظل و يجنى الثمار .
ها قد امتلأت الحجرة عن أخرها و جلس من اغتنم له كرسى و نجح الباقون أن يجدوا لاقدامهم مكان وسرت فى القاعة همهمات و كلام عن طبيعة المزاد
فالكثير من الحاضرين لا يعرف شيئا عنه سوى ما قيل لهم عن أهميته دون أن يعرفوا سببا لذلك.
وقفت أنا صاحب القلب الكبير والمعروض للبيع أمام الحضور على كرسى الحجرة أما الجرس المستخدم فى المزادات فاستعضت عنه بالمعلقة الصغرى و كوب الشاى ورحت أطرق الكوب بالمعلقة إيذانا ببدأ المزاد
السادة الحضور سيبدأ الأن المزاد لمن يريد قلب محب يبحث عن الأمان و طما قال الإعلان أنه يفيض بالعطف والحنان فمن يبدأ بالكلام
¨ مائة جنية
¨ خمسمائة جنية
¨
ألف جنية
¨
عشرة ألاف جنية
وسكت الخضور عند هذا الرقم و بدا عليهم الإستسلام لصاحبه وابتهج هو لربحه المزاد .
لكن سرعان ما تبدل حاله بالإندهاش والحسرة وأخرج نفسا من صدره كان يكتمه ليخرجه مع إعلان فوزه بالمزاد لكن على غير إرادته خرج النفس حارا يحرق صدره ، لما سمع من صوت أتى صاحبه من أخر القاعة يخطو خطوات واسعة ثابتة كمن خاف أن يفوت على نفسه إدراك ما يوقن بعظيم قيمته .
¨ مليون جنية .
هكذا اشتعل المزاد فجأة و زادت القيمة على غير المألوف و امتلأت القاعة بهمهمات الحضور بين مؤيد و معارض ، ومع استمرار الضجيج و ارتفاعه راحت يدى تطرق كوب الشاى بالملعقة بقوة وعنف حتى كاد أن ينكسر فعاد الهدوء للقاعة
أيها السادة يبدو أنكم أخطأتم الفهم ، إنى لا أبيع أثارا أو تحفا أو صورا فنية ، إنما هى
مشاعر وأحاسيس أهى عندكم تقدر بالمال أهذا ما تظنوه بقلوب الناس .
أيها الناس لو أن القلب بالمال تشرى و تشترى اما تعس غنى ولمات كل فقير بلا قلب حبيب .
و بعد برهة أبعدت الجفون عن عيونى حين سمعت وقع خطوات اعتدلت فى كرسى إذ ابصرت شيخا فى حلة بيضاء فاقترب منى و حيانى فرددت عليه وسألته ألا تبغى يا شيخ الشراء ؟
فقال : يا ولدى كيف تبيع ما لست تملكه ؟ ألا تعلم أن هذا إفتراء ؟
إن القلوب لخالقها يملكها لغيره لا تباع .
قالها كلمات ثم هم بالانصراف .
إلى أين تذهب أيها الشيخ عد إلى عرفنى المزيد .
اختفى الشيخ ، اختفت القاعة ، عادت الحجرة بملامحها كوب الشاى أعلى المكتب تعلوه الملعقة .
آه اضعت الكثير من الوقت ، لا لم يضع الوقت سدى الان سكن قلبى و وجد ما كان يرجوا فلن ابيع قلبى لغير خالقى فقلبى ملك لله ./]