نقد نقد منهج الأشاعرة للحوالي (2)

[أبوأحمد الهاشمي]

بسم الله الرحمن الرحيم
.. تابع
قال الحوالي : "هذا وليس ذم الأشاعرة وتبديعهم خاصة بأئمة المذاهب المعتبرين ، بل هو منقول أيضاً عن أئمة السلوك الذين كانوا أقرب إلى السنة واتباع السلف ، فقد نقل شيخ الإسلام في الاستقامة كثيراً من أقوالهم في ذلك ، وأنهم يعتبرون موافقة عقيدة الأشعرية منافياً لسلوك طريق الولاية والاستقامة ..."

قال الهاشمي : قوله (وأنهم يعتبرون موافقة عقيدة الأشعرية منافياً لسلوك طريق الولاية والاستقامة) إن صح عنهم -ولا أخاله- فمردود للتحقيق بأن من أهل الولاية والاستقامة من هو على طريقة الأشعري ويكفي أن أقول هنا إن معظم أهل البيت عليهم السلام إن لم يكن كلهم على طريقة الأشعري وفيهم من أهل الولاية ولله الحمد والمنة .
لكني أستغرب من الدكتور الحوالي كيف يتكئ على هذا الكلام وهو المعروف بشدة عدائه لأهل الله عامة وأهل البيت عليهم السلام خاصة ؟!

قال الحوالي : "وهاهنا حقيقة كبرى أثبتها علماء الأشعرية الكبار بأنفسهم – كالجويني وابنه أبي المعالي والرازي والغزالي وغيرهم – وهي حقيقة إعلان حيرتهم وتوبتهم ورجوعهم إلى مذهب السلف ، وكتب الأشعرية المتعصبة مثل طبقات الشافعية أوردت ذلك في تراجمهم أو بعضه فما دلالة ذلك ؟ إذا كانوا من أصلهم على عقيدة أهل السنة والجماعة فعن أي شيء رجعوا ؟ ولماذا رجعوا ؟ وإلى أي عقيدة رجعوا ؟"

قال الهاشمي : رجعوا إلى عقيدة حلول الحوادث بذات الرب تعالى !! رجعوا إلى عقيدة قدم العالم بالنوع !! رجعوا إلى اعتقاد أن كلام الله قديم النوع حادث الآحاد !! رجعوا إلى جواز اعتقاد أن الله يستقر على ظهر بعوضة ، وأنه خلق آدم بيديه مسه بهما مسيسا !! رجعوا إلى إثبات الصدر والذراعين والاستلقاء ووضع رجل على رجل بلا كيف !! رجعوا إلى عقيدة "ألزموني ما شئتم فإني ألتزمه إلا اللحية والعورة" !! رجعوا إلى جلوس الله على العرش وقد أخلى أربع أصابع ليسجل عليه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم !! أإلى هذا رجعوا ؟! يا دكتور !! كلا وألف كلا !!

وأبو المعالي ما تاب إلا عن علم الكلام وما رجع إلا عن التأويل إلى التفويض الذي هو من شر أقوال أهل البدع والإلحاد عندكم !! وخير دليل على ذلك أنه قال عند موته : ( لقد خضت البحر الخضم وخليت أهل الإسلام وعلومهم ودخلت في الذي نهوني عنه ، والآن فإن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لابن الجويني ، وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي ، أو قال على عقيدة عجائز نيسابور ) . وقد قال في آخر مصنفاته ما نصه : ( وقد اختلف مسالك العلماء في الظواهر التي وردت في الكتاب والسنة وامتنع على أهل الحق اعتقاد فحواها واجراؤها على موجب ما تبتدره أفهام أرباب اللسان منها فرأى بعضهم تأويلها والتزام هذا المنهج في آي الكتاب وما يصح من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم . وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظواهر على مواردها وتفويض معانيها إلى الرب تعالى. والذي نرتضيه رأيا وندين الله به عقلا اتباع سلف الأمة ... ) الخ العقيدة النظامية ص32 .
فتأمل لقوله رحمه الله تعالى : ( والتزام هذا المنهج –يعني منهج التأويل- في آي الكتاب وما يصح من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم )
وتأمل لقوله أيضا : ( وتفويض معانيها إلى الرب تعالى )

وأما الفخر الرازي فليس فيما يستدلون به من قوله ما يثبت أنه رجع إلى عقيدة الحشوية !! يقول الإمام الرازي : ( ولقد اختبرت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي في القرآن ، لأنه يسعى في تسليم العظمة والجلال لله ، ويمنع عن التعمق في إيراد المعارضات والمناقضات ، وذاك إلا للعلم بأن العقول البشرية تتلاشى في تلك المضايق العميقة والمناهج الخفية ، فلهذا أقول : كل ما ثبت بالدلائل الظاهرة من وجوب وجوده ووحدته وبراءته عن الشركاء كما في القدم والأزلية والتدبير والفعالية فذلك هو الذي أقول به ، وأما ما ينتهي الأمر فيه إلى الدقة والغموض وكل ما ورد في القرآن والصحاح المتعين للمعنى الواحد فهو كما قال والذي لم يكن كذلك فأقول : يا إله العالمين إني أرى الخلق مطبقين على أنك أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين فكل ما مده قلمي أو خطر ببالي فأستشهد وأقول : إن علمت مني أني أردت به تحقيق باطل أو إبطال حق فافعل بي ما أنا أهله ، وإن علمت مني أني ما سعيت إلا في تقديس اعتقدت أنه الحق وتصورت أنه الصدق ، فلتكن رحمتك مع قصدي لا مع حاصلي ... )
ومن تأمل هذا الكلام علم أن الإمام متمسك بعقيدته الأشعرية . قال صلاح الدين الصفدي في الوافي بالوفيات 4/250 (ترجمة الإمام الرازي) : ولما توفي فخر الدين الرازي ... كان قد أملى على تلميذه ومصاحبه إبراهيم بن أبي بكر بن علي الأصبهاني تدل على حسن عقيدته وظنه بكرم الله تعالى ومقصده بتصانيفه والرسالة مشهورة . قال : ومن وقف على هذه الألفاظ –يقصد ألفاظ الوصية- علم ما كان عليه هذا الإمام من صحة الاعتقاد ويقين الدين واتباع الشريعة المطهرة . انتهى

قال الحوالي : أما عوام المسلمين فالأصل فيهم أنهم على عقيدة السلف ؛ لأنها الفطرة التي يولد عليها الإنسان ، وينشأ عليها المسلم ، بلا تلقين ولا تعليم – من حيث الأصل – فكل من لم يلقنه المبتدعة بدعتهم ويدرسوه كتبهم ، فليس من حق أي فرقة أن تدعيه إلا أهل السنة والجماعة .

قال الهاشمي : كلام لا معنى له !! لأن هؤلاء العوام إما يكونون في بيئة شيعية أو إباضية أو أشعرية أو وهابية .. واستحالة أن لا يتلقوا شيئا من مذهب البيئة التي يعيشون فيها .. وإن سلمنا قولك فلا ريب أن الواحد منهم ليس شيعيا ولا إباضيا ولا أشعريا ولا وهابيا ولا هم يحزنون بل مسلما موحدا وكفى ، فيجوز للشيعي أن يدعيه لمذهبه ويجوز كذلك للإباضي وللوهابي وللأشعري ...
وقوله "فكل من لم يلقنه المبتدعة بدعتهم ويدرسوه كتبهم ، فليس من حق أي فرقة أن تدعيه إلا أهل السنة والجماعة" فكلام فارغ وإلا فليس من حق الوهابية أن تدعيه لمذهبها !!
وأما تلقين المبتدعة فالمبتدعة قد يكونون أنت وأهل نحلتك في نظر مخالفك وكما أن مخالفك وأهل نحلته هم من المبتدعة في نظرك . فتبين أن كلامك السابق يقوله مخالفك أيضا ولا تتفرد به أنت .

لكن أين عنك من يثبت لله الصدر والذراعين والاستلقاء و .. و .. إلخ ؟؟؟ وأين عنك من يقول أن الله مس آدم بيديه مسيسا ولمكانه حد ومن كفر بذلك فقد كفر بالتنزيل ؟؟؟ لماذا هؤلاء الغالين في الصفات تعتذر لهم والمنزه الذي يثبت الصفات على وجه التفويض ترميه بأنه جاهل وقوله من شر أقوال أهل الكفر والإلحاد ؟!!

قال الحوالي : ومن الأدلة على ذلك الإنسان الذي يدخل في الإسلام حديثاً ، فهل تستطيع أي فرقة أن تقول أنه معتزلي أو أشعري ؟ أما نحن فبمجرد إسلامه يصبح واحداً منا .

قال الهاشمي : ما شاء الله !! تأملوا لأسلوب هذا الدكتور المتخصص !! يعني بمجرد إسلامه يصبح وهابيا !!

قال الحوالي : وإن شئت المثال على عقيدة العوام فاسأل الملايين من المسلمين شرقاً وغرباً هل فيهم من يعتقد أن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته كما تقول الأشاعرة .

قال الهاشمي : ولا تنس أن تسألهم هل هو محيط حسا بالعالم فيكون شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ؟؟!! واسألهم كذلك هل يمكن لربكم أن ينزل إلى السماء الدنيا من على عرشه وهو مع هذا على عرشه لم يتغير حاله بعد النزول ؟؟!! وهل يمكن له أن يستقر على ظهر بعوضة ؟؟!! وهكذا ؟؟!! ولا تنس أن تسألهم هل لله ثقلا على العرش وهل له صدر وذراعين ؟!! وهكذا فإن استشنعوا هذه الصفات ونزهوا رب الأرض والسماوات فاعلم أنهم ليسوا بوهابية .

قال الحوالي : أم أنهم كلهم مفطورون على أنه تعالى فوق المخلوقات ، وهذه الفطرة تظل ثابتة في قلوبهم حتى وإن وجدوا من يلقنهم في أذهانهم تلك المقولة الموروثة عن فلاسفة اليونان .

قال الهاشمي : طلب الإنسان العلو ليس فيه ما يؤكد ثبوت العلو الحسي وخصوصا أن هذا الطلب إلى جهة فوق مباشرة لا يمين ولا يسار ولا أمام ولا خلف على الرغم من أن هذه الجهات هي في الحقيقة علو بالنسبة للآخرين . والرب تبارك وتعالى واحد !! فما معنى ذلك ؟!
إن حقيقة هذا الطلب ولا شك هو إثبات وجود مدبر خارج عن هذا العالم بمعنى أنه ليس حالا فيه ولا يعني قطعا أنه بجهة حقيقية بحيث يمكن أن يشار إلى مكانه - تعالى ربنا عن ذلك - . وتخيل صورة المعبود عند العوام لا تفارق الذهن والخيال مع أنهم لم يتلقوها عن أحد !! فهل يقال أن تلك الصورة هي صورة المعبود بالفطرة ؟! وهل يصح الاستدلال على هذا بالحديث المروي في صحيح البخاري : ( حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَنَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتْبَعُونَهُ وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ ) تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
إن الفطرة التي يستدل بها هؤلاء الوهابية حجة عليهم لا لهم ، على أن الفطرة لا تتدخل في إثبات صفات كاليد والوجه والعين والاستواء والنزول وأن الإيمان قول وعمل والقرآن كلام الله غير مخلوق وغير ذلك ..

يتبع إن شاء الله ..

[طالب]

سيدي الهاشمي
السلام عليكم

إن الدعاهم الفطرفة في مسألة الجهة من أسخف ما سمعت!
أولا هذا ادعاء كاذب و قد اتينا الدليل
انظر : http://www.khayma.net/hewar/Forum2/HTML/001337.html