مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > خيمة الأسرة والمجتمع
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 26-12-2002, 04:28 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي لماذا يمولون أفلامكم؟

سينما ما الثمن الذي يدفعه مخرجونا مقابل الحصول على التمويل الاجنبي لافلامهم؟

ثالوث الدين والسياسة والجنس في ثلاثة افلام عربية (1/3)
http://www.alarweqa.net/eb/stories.p.../07/25/9268318

في ظل غياب صناعة سينمائية حقيقية من جهة، وانعدام استراتيجية واضحة وفعالة متعلقة بهذا القطاع لدى الدوائر الرسمية العربية من جهة اخرى، واحجام المستثمرين واصحاب رؤوس الاموال العرب عن خوض مغامرة الانتاج السينمائي، يصبح تمويل مشاريع الافلام عائقا حقيقيا امام المخرج السينمائي العربي. ولأن العين السينمائية العربية بصيرة واليد قصيرة، كان الانتاج المشترك مع الدول الاوربية احد السبل واحيانا السبيل الوحيد امام بعض المخرجين العرب كي يخوضوا تجربة الاخراج ويحولوا افكارهم ورؤيتهم الى افلام سينمائية، وخاصة مع غياب التعاون العربي العربي في مجال الانتاج السينمائي...
لكن منطق الاشياء يفرض علينا طرح مجموعة من التساؤلات حول هذا الاستعداد الغريب لدى (الاخر) لتمويل افلامنا، وهو الذي عهدناه يشترط ويفرض المعايير والقيود امام كل مساعدة يقدمها للمشاريع الاقتصادية المنجزة بما يسمى ببلدان الجنوب عموما. فهل الانتاج السينمائي المشترك يسعى حقا لتشجيع الابداع السينمائي العربي، ام ان هناك اهدافا معينة وراء هذا الكرم الحاتمي الغربي؟ الا يحق لنا ان نتسائل عن الثمن السياسي والفكري والابداعي الذي يدفعه مخرجونا مقابل ما يحصلون عليه من تمويل او مساعدات لانتاج افلامهم ومن ثم تأهيلها للمشاركة في مهرجانات سينمائية اوربية؟ لكن الا يحق لهؤلاء، بالمقابل، التعامل مع الاخر ما دامت بلدانهم لا توفر لهم ادنى مستلزمات وشروط العمل السينمائي ماديا على الاقل؟ ان السؤال الثاني يحيلنا بدوره الى تساؤل ثالث وهو لماذا يبدو المخرج العربي مطواعا بين يدي المنتج الاجنبي وقابلا لان يكيف افكاره وفق ما ينتظره الاخر منه تبعا لصورة نمطية سائدة لدى الاخرعن مجتمعنا الشرقي؟ والا يمكن ان يتحقق الانتاج المشترك مع بقاء المخرج العربي صادقا مع نفسه ومع ضميره ومع مشاهده المحلي؟ ما سبب ضعف المناعة الثقافية كما ظهرت لدى بعض المخرجين العرب الذين زيفوا وزورا صورتنا وواقعنا ارضاء للممول الغربي؟
تجليات هذه الاشكالية يتناولها هذا الموضوع من خلال تحليل مضمون ثلاثة افلام عربية انتجت بمشاركة تمويل اجنبي في كل من تونس (صيف حلق الوادي)، المغرب (بيضاوة) ومصر (الابواب المغلقة).
صيف حلق الوادي: فيلم تونسي... هل قلت فيلما تونسيا؟
حظيت الافلام التونسية في السنوات الاخيرة بمكانة خاصة بل رفيعة داخل ما يمكن ان نسميه بفضاء الانتاج السينمائي العربي حيث ما فتئت تتلقى التنويه تلو الاخر وتحصد الجوائز تلو الاخرى بعدد من المهرجانات الجهوية والدولية بدءا بقرطاج مرورا بواغادوغو وانتهاءا بكان (فيلم ليلى عقلي للطيب لوحيشي الذي اختير ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان كان في دورته لسنة 1989 مثلا). ويرجع المتتبعون هذا (النجاح) الى ظهور جيل جديد من السينمائيين يقولون بمحاولتهم (القطع مع التفاهة والمنطق التجاري في السينما المصرية التي ما تزال سائدة في العالم العربي) امثال ابراهيم باباي، رشيد فرشيو، ناصر قطاري، رضا الباهي، محمود بنمحمود، ناصر لخمير، فريد بوغدير، نوري بوزيد، مفيدة تلاتلي....
و الغريب في الامر ان معظم الاقلام العربية المهتمة بالميدان السينمائي تكاد تجمع على تفرد وتميز محاولات هؤلاء المخرجين سواءا عن قناعة تامة تتأتى بعد المشاهدة الفعلية لأفلامهم، او عن طريق التقليد ومجاراة تيار فكري بدا سائدا لفترة ما دون ان تكون لدى الكاتب ادنى فكرة او معلومات قد تسمح له باصدار الاحكام سلبا او ايجابا. ولعمري ان الاجماع المشوه واللامسؤول يبقى واحدا من المزالق التي تجعل العالم الثالث – و نحن ضمنه طبعا- رازحا تحت وطأة التخلف والتردي سياسيا واجتماعيا وثقافيا ايضا. ولا اخفي وانا اؤكد على هذا الامر انني لم اطلع على جميع اعمال بعض المخرجين الذين ذكرتهم آنفا لكنني على كل حال لم اصدر احكاما لحد الآن.
ان ما سمي بالطفرة السينمائية الكبرى التي شهدتها تونس في العقد الاخير يظل مرتبطا - شاء التونسيون او ابوا – بظاهرة الانتاج المشترك. ولان الافلام تكون نتاجا لمخرجين درسوا بالخارج ونهلوا من ثقافة فرنكفونية بالاساس، او ذوي تكوين غربي منفصل عن الواقع المحلي من جهة، وباموال في معظمها خارجية من جهة اخرى، فان النتيجة لن تكون بالطبع وتبعا لمنطق الاشياء الا مجموعة من صور تستهدف دغدغة العين الغربية ومغازلتها قبل أي شيء اخر. ولن نجانب الصواب ان استشهدنا بـ(افلام) من قبيل حلفاوين لفريد بوغدير الذي لم يفعل الا تجريد التونسيات من ملابسهن وتقديمهن عاريات بحمامات تونس، او صمت القصور لمفيدة تلاتلي الذي، وان تميز بنوع من الجودة، فانه يبقى مجرد عرض بسيط للازياء التقليدية التونسية والمعمار التونسي التراثي بهدف الابقاء على الطابع الاسطوري لحكاية الف ليلة وليلة كما الفت العين الغربية تقديمها، تصورها ومشاهدتها، وهو ما سعت المخرجة المغربية فريدة بليزيد الى تقليده بشكل ممسوخ في شريطها (كيد النساء) حتى انها استعانت بمنتج وتقنيين وممثلين تونسيين لانجاز شريطها هذا... واخيرا شريط (صيف حلق الوادي) للمخرج فريد بوغدير – مرة اخرى- وهو موضوع هذا المقال. ولن يفوتنا التذكير بامتناع نفس الجهات الممولة عن دعم شريط (كسوة) للتونسية كلثوم برناز باعتباره يقدم صورة مشرفة عن المرأة العربية عكس ما كان ينتظره الممولون طبعا.
يمكن اعتبار تجربة فريد بوغدير من خلال شريطي (حلفاوين او عصفور السطح) و(صيف حلق الوادي) تمثيلا صادقا ونموذجا مصغرا للانتاجات المشتركة ما بين الاقطار العربية (المغرب الكبير ومصر وسوريا تحديدا) واوربا سواء من حيث التيمة الاساسية التي تتعرض لها او من ناحية مصادر تمويلها وما يصاحب ذلك من تدخل اجنبي في كل مراحل الانتاج من فكرته المحورية الى عرضه النهائي. ففيلمه (صيف حلق الوادي)، الذي انتج سنة 1996 يمثل امتدادا طبيعيا لافلام مغاربية ظهرت دفعة واحدة بعد توقيع اتفاقيات اوسلو وما تلاه من فتح قنوات اتصال بين البلدان المغاربية والكيان الصهيوني ان على المستوى الرسمي او على مستوى بعض مكونات ما يسمى بالمجتمع المدني، وتتكرس فيه كل مظاهر التبعية السينمائية للجهات الممولة. وقد يستغرب القارىء الكريم ان علم ان مجمل الشركات الانتاجية والمنظمات والوزارات التي تكاتفت جهودها لدعم هذا الشريط تعدت العشرين مساهما من تونس، فرنسا، سويسرا، هولندا، المانيا وبلجيكا بالاضافة الى مشاركة رمزية لنجوم عالميين معروفين – وهم من اصل تونسي- كميشيل بوجناح (فرنسا) وكلوديا كاردينالي (ايطاليا) وان كانت مشاركتهم مقحمة في الواقع.
لكن استغرابه يزول حتما بمجرد مشاهدته احداثه ومن تم استيعابه لخطابه الفيلمي وتعرفه على الفاعلين تقنيا وتمثيلا الذين كانوا وراء انجازه من خلال جينريك الفيلم الذي يكفي لوحده لوضع المشاهد في الصورة وجعله في حيرة من امره وهو يحاول انتقاء جنسية له لغلبة الاسماء الاوربية على معظم المهام الرئيسية منها والثانوية.
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 26-12-2002, 04:30 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي

و لتفكيك بعض مدلولات الخطاب الفيلمي الذي حاول "صف حلق الوادي" تمريره عبر قصة تدعي انها تحاول اعادة تصوير مرحلة من تاريخ تونس لما قبل الخامس من يونيو 1967 بواقعية وحياد، سنحاول تقسيم هذا الخطاب على اساس الثلاثية المشهورة (الدين، السياسة والجنس او الجسد) بالرغم من تكوينها لوحدة كلية يصعب مفصلتها كل على حدة خصوصا ما تعلق نتداخلات الديني بالسياسي طوال احداث الشريط.
الدين:
انطلاقا من المشهد الافتتاحي للشريط يتبدى لنا جليا ان التيمة المحورية التي يسعى فريد بوغدير لمعالجتها تتعلق بما اصطلح على تسميته ب التسامح الديني او بشكل اصح مسألة التعايش بين اناس ينتمون لبلد واحد ويعتنقون اديانا مختلفة ان لم تكن متصارعة في بعض الاحيان، ليس في لبها وجوهرها ولكن لتناقض تفسيرات وتأويلات معتنقيها وتراكم خلفيات تاريخية يصعب تجاوزها بسهولة ويسر، حيث يقدم لنا المخرج من خلال هذا المشهد منظرا عاما لمدينة حلق الوادي حيث تتجاور المساجد بالكنائس والاديرة مصاحبا بموسيقى تتغنى بالتسامح والتعايش بلغة فرنسية فصيحة (!).
بعد هذا العرض الافتتاحي ينتقل بنا المخرج الى داخل المدينة وشاطئها الجميل حيث نتعرف شيئا فشيئا على شخصيات الشريط التي غلب عليها التقابل. فمن جهة تتواجد عائلة مسلمة (اب،ام،بنت وفتى) تقابلها عائلتين احداهما مسيحية والاخرى يهودية الديانة بنفس التكوين الاسري تقريبا، بالاضافة الى ثلاثة شبان بنفس التقسيم الديني وشخصيات اخرى اهمها شخصية الحاج العائد حديثا من المشرق. وطوال احداث الفيلم يستثمر بوغدير وقتا طويلا في اظهار اوجه الحياة المجتمعية لهذه الشخصيات حيث تنتفي اية محددات دينية ويحضر الانتماء الى الوطن كضامن للوحدة والتعايش. فالفتيات وامهاتهن يؤدين الصلاة (!) داخل الكنيسة دون ادنى اعتبار لخصوصية الطقوس الدينية التي تحكم كل ديانة على حدة، كما يشارك الجميع في الاحتفال الديني المسيحي ويهبون عن بكرة ابيهم لاستقبال كلوديا كاردينال وكأنها عادت الى تونس فاتحة ظافرة في الوقت الذي لا يهتم فيه احد بالتوتر السياسي الذي تشهده منطقة الشرق الاوسط باستثناء شخص بدا مجنونا من اول الشريط الى نهايته، وفي جانب اخر يحتسي الاباء الخمر على ظهر احدى المراكب دون رادع ديني... وعلى هامش هذا الاندماج الذي يطبع علاقة السكان يبدو الحاج (جميل راتب) كاستثناء اوحد للقاعدة بسبب تشبعه بافكار دخيلة (!) قادمة من المشرق العربي حيث تحول الى انسان غريب عن مجتمعه الاصلي تنسج حوله الاساطير والخرافات كما يتبين من حوار الاطفال وهم يتلصصون عليه داخل فيلته. ومن هذا المنطلق اصبغ عليه المخرج كل صفات المكر والخديعة والاستغلال. فهو الذي يقايض بين زواجه بمريم (الفتاة المسلمة) وبقاء عائلتها في المنزل الذي تكتريه منه، وهو الذي يحلل الربا على نفسه ويحلل الشراء وفق شروط استغلالية لا يقبلها العقل والمنطق، وهو الذي يفسد العلاقة الحميمية بين العائلات الثلاثة بعد وشايته بالفتيات رغبة منه في جسد مريم وليس بدافع الدفاع عن الشرف كما حاول ان يوهم الاخرين، كما انه يقف وراء مطالبة مريم بوضع الحجاب وكأنه مستورد من الشرق ولا علاقة له بتعاليم الديانة الاسلامية بالاضافة الى كرهه الشديد لليهود وتحامله عليهم.
وتأسيسا على ما سبق نجد ان الخطاب الفيلمي يريد ان يعلن صراحة ان الشر مصدره الاساسي هو الشرق، فهو الذي ادى الى زعزعة التعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع التونسي باختلاف دياناتهم او لا دياناتهم. ولان المشرق كان مصدر انبعاث الدين الاسلامي، فاننا لا نستبعد ان يكون المعنى المراد تمريره اعمق واخطر من مسألة التعايش الديني بل قد يتعدى ذلك الى الاسلام ذاته خصوصا اذا اخذنا بعين الاعتبار المد العلماني المتطرف الذي يتزعمه البعض داخل تونس الذي ما فتىء يشكك في تعاليم الدين الاسلامي من اساسها تحت غطاءات متعددة. فالصورة كيفما كانت تبقى في نظر الكثيرين صورة موجهة، غير بريئة، تقوم على لعبة التباس حادة بين ما تقدمه وما تخفيه، مما يستدعي الحذر منها لانها لا تفصح عن شيء الا لتخفي اشياء اخرى. وخلاصة القول ان فريد بوغدير يود على ما يبدو ان يقول بصريح العبارة ان كانت الاديان سبيلا ووسيلة للتفرقة بين الناس فلتذهب الاديان الى الجحيم وليبق الانسان. وهو في ذلك لا يختلف كثيرا عن المدافعين عن عالمية الثقافة وانسانية الحضارة (يوسف شاهين مثلا وهو نتاج تجربته مع الانتاج المشترك اتي حولته مؤخرا الى مجرد مخرج لكليبات غنائية مبتذلة ومشاهد رقص مجانية) ثم نأتي بعد كل هذا لنبكي ونشكو ظهور تطرف ديني هدفه اغتيال الحداثة والابداع و... و...
السياسة:
يتأطر المعطى السياسي الذي يحاول المخرج ومن معه او وراءه التطرق اليه عبر شريط صيف حلق الوادي بمحددين اثنين:
الاول، يتعلق بالمرحلة الزمنية التي تدور خلالها الاحداث، فاختيار مرحلة ما قبل الخامس من يونيو 1967 لاتخفى مراميه واهدافه على احد.
والثاني، في الاصرار على الاشارة منذ اللقطة الاولى الى مكان الاحداث بعبارة (تونس - شمال افريقيا) مما يعني التفريق بين الدول المغاربية وبقية البلدان العربية علما ان مصر- جمال عبد الناصر ارتبطت اكثر بفكرة القومية العربية على حساب انتمائها الافريقي وهو ما يضعها خارج التصنيف الجغرافي الذي حدده الشريط.
اما الخطاب السياسي الذي سعى المخرج الى تمريره فقد ارتكز على ثلاث نقاط اساسية: اولها الصراع الغربي الصهيوني وتأثيره على الاوضاع الداخلية لتونس، وثانيها الدفاع عن دور المكون اليهودي داخل المجتمع التونسي ماضيا وحاضرا، وثالثها التأكيد على البعد الفرنكفوني لنفس المجتمع.
الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 26-12-2002, 04:31 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
إفتراضي

يركز فريد بوغدير اهتمامه على شخصية الحاج باعتباره سفيرا للفكر المشرقي بتونس حيث لا يترك فرصة تفوته دون اظهار كرهه الشديد لليهود بفعل تأثره بما يحدث بالشرق الاوسط (مصر تحديدا) حيث يقدمه في احد المشاهد وهو يستمع لاحدى خطب الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في مشهد مظلم (لا شيء يترك للصدفة في العمل السينمائي) يصرح فيه مباشرة بنواياه ودسائسه الرامية الى اقتناء ممتلكات اليهود الذين سيضطرون حتما لمغادرة البلاد ان قعت الحرب الوشيكة، مصدرا اوامره لخادمته بالتحري وجمع المعطيات المتعلقة بكل المغادرين المحتملين حتى يكون على بينة من امره. وللتاكيد على الارتباط الوثيق بين احداث المشرق والوضعية الداخلية لمجتمع حلق الوادي فان موت الحاج (الجسم المزروع في كيان هذا المجتمع كممثل لفكر دخيل) يتبعه انفراج في التوتر السائد هناك. هذا الانفراج الذي لا يستمر طويلا حيث اندلعت (الحرب) في وقت يظهر فيه الاباء الثلاثة متعانقين متلاحمين ونحن نقرأ على الشاشة ما مفاده ان يهود تونس اضطروا لمغادرة بلدهم الاصلي رغما عن ارادتهم لكنهم ابدا لن ينسوا حلق الوادي وشاطئها. وبجانب شخصية الحاج ارتبط الخطر القادم من الشرق بما يبثه مذياع التصقت به احدى شخصيات الشريط من بدايته الى نهايته متنقلا بين اذاعتي بيروت والقاهرة حتى اصابه ذلك باختلال عقلي (!).
وبموازاة ما سبق، دافع الشريط عن الدور الذي لعبه اليهود ابان مرحلة ما يسمى بمقاومة الاستعمار الفرنسي وهو ما قد يكون صحيحا.في احدى مشاهده يتحدث احد رواد المقهى عن اليهود واصفا اياهم بالخبث والمكر باعتبارهم سكينا ذو حدين يتقنون لعبة العب على الاوتار كلها مؤكدا على ضرورة عودتهم الى بلدهم (؟)، لينتفض الاب المسلم وصاحب المقهى مدافعين عن وطنية اليهود التونسيين وصدق انتمائهم الوطن عبر محاضرة بليدة وتقريرية عن مدى اهمية مشاركتهم في حرب التحرير(!) ودخولهم سجون المستعمر من اجل ذلك. ولم يسلم المشهد من التلميح مرة اخرى الى المشرق ممن خلال كلام وجهه صاحب المقهى الى احد روادها قائلا: اليس اسمك الطرابلسي؟ لماذا لا تعد انت ايضا الى بلادك؟ لكن عليك اولا معرفة ان كنت من طرابلس ليبيا ام لبنان؟ قبل ان يختتم مرافعته بالتأكيد على ان الطيبين والخبثاء يتواجدون بالجانبين وان ممارسة السياسة ترتبط بالانتماء والوطنية وليس بالدين. لكن الغريب في الامر ان هذا الدفاع لم يشمل ولو باشارة بسيطة مسيحيي تونس باعتبارهم مكونا من مكونات المجتمع المحلي كما يوضح الشريط من بدايته الى نهايته. من هنا تتوضح بجلاء عدم براءة الخطاب السياسي المراد تمريره.
اما النقطة الثالثة المتعلقة بالبعد الفرنكفوني لمجتمع التونسي فقد املاها التمويل المشترك الذي كان مصدره الاساسي فرنكفونيا. وهو ما طبع حوار الشريط الذي غلبت عليه اللغة الفرنسية حتى في اغنية الجنريك التي غالبا ما تكون في السينما مفتاحا وتوطئة اولية لجذب اهتمام المتفرج وادماجه في الفضاء العام الذي سيحكم احداثه.و قد نستسيغ استعمال الفرنسية بالنسبة لعائلات مترفة لا صلة لها بالواقع اللغوي والحضاري للشريط كما هو متجسد في في مجتمعاتنا المغاربية الى اليوم. لكننا لن نستسيغ بتاتا اقحام هذه اللغة في احاديث فئات اجتماعية تنتمي الى واقعها قلبا وقالبا وربما رغما عنها ايضا. فبائع الكاكاو (الفول السوداني) لن يكون بتلك الفصاحة والبلاغة اللغوية التي قدم بها خصوصا اذا اخذنا بعين الاعتبار الفئة العمرية التي ينتمي اليها. ولعل استعانة المخرج بممثلين قاطنين خارج تونس او غير منتمين اليها اصلا اسقطه في فخ اعتماد لغة فرنسية يسهل معها التواصل بين هذا الهجين الغير متجانس من الممثلين بالاضافة طبعا الى ما اشرنا اليه من ضرورة ارضاء الممول الاجنبي الفرنكفوني.
تلك اذن كانت اهم المعالم المؤطرة للخطاب السياسي لفيلم صيف حلق الوادي الذي خلق ثلاثية جديدة قد تصبح متداولة لفترة معينة ممثلة في (الشرق/العربية، اليهود والفرنكفونية).
الجنس:
استكمالا لثلاثية (الدين، السياسة، الجنس)، كان من الضروري البحث عن صيغة تسمح بدمج هذا المكون الثالث فكانت حكاية الفتيات الثلاث (مريم، جيجي وتينا) اللائي يقررن العزم على التحول من مرحلة بنت الى مرحلة امرأة، مما يقتضي فض بكارتهن قبل الزواج كثورة على التقاليد المحلية (البالية) التي لم تعد تساير طموحاتهن (؟) وانتظاراتهن. وعبر مشوار بحثهن عن المرشحين للقيام بهذه المهمة المقدسة يتحفنا المخرج بمشاهد عري يقدمها قرابين لاولياء نعمته من الممولين سواء قبل الانتاج او بعده.و قد توزعت هذه المشاهد بين ما اهتم بالجسد الانثوي او الكلام والايحاءات الجنسية.
فعلى المستوى الاول، كان الاهتمام منصبا حول ابراز مفاتن الفتيات الثلاث مع تأثيث ذلك بمشهد عرس راقص اخذ وقتا طويلا من مدة عرض الشريط ورفض اثناءه المدعوون الاستماع للموسيقى الكلاسيكية التي اقترحها عليهم اليهودي على شرف ضيفته كلوديا كاردينال ونالت استلطاف زوجته في وقت انتفض فيه الاخرون مطالبين بموسيقى تتوافق ومصطلح (هز البطن) تأكيدا وتغذية للنظرة الغربية لمجتمع الف ليلة وليلة. وعودة الى مشاهد العري التي احتواها الشريط لابد من ابداء ملاحظة تبدو اساسية وتتعلق بنصيب الفتاة المسلمة (مريم) من هذه المشاهد التي فاقت الستة (تظهلر مرتين نائمة بلباس خفيف لا يستر من جسدها الا القليل، القبلات الساخنة اثناء الحفلة التي نظمها الشبان الثلاثة على هامش حفل العرس، تلاعب الحاج وتتدلل عليه بابراز انوثتها ومفاتن جسدها، تظهر مرتين عارية تماما حين يتلصص عليها الحاج وهي تستحم واخرى في نهاية الشريط حين تقف امامه عارية داخل فيلته مسببة بذلك وفاته في الحين)، في وقت كان نصيب الفتاة المسيحية (جيجي) مشهدين اثنين، اما الفتاة اليهودية (تينا) فلم تظهر بشكل فاضح وعار طوال الشريط بل اصر المخرج على تبرير تقبيلها لاحد الشبان بوقوف والحاح الفتاتين الاخريتين عليها من اجل القيام بذلك. كما كان الشأن بالنسبة لقرارهن بفض بكارتهن حيث كانت اكثرهن استعدادا للتراجع والعدول عن هذه الفكرة.
اما على المستوى الثاني، فقد بالغ المخرج الذي كتب السيناريو ايضا في حواراته البذيئة التي اتخذت من الجنس والخيانة الزوجية محورا اساسيا ودائما لها. وهي احاديث نشك في انها قد تتم بتلك المباشرة والوقاحة في مجتمع عربي ومسلم خصوصا اذا اخذنا بعين الاعتبار الحقبة التاريخية التي يتناولها الشريط، رغم كل ما تتمتع به المرأة التونسية من من حرية (لا علاقة لها بالحرية السياسية) يذهب البعض الى تصنيفها في دائرة الانحلال والدعوة اليه. كما ان الشريط اختصر اهتمامات شباب حلق الوادي في معاكسة وملاحقة الفتيات والتلصص عليهن اثناء استحمامهن.، قبل ان يحولهم الى عاجزين جنسيا حين فشلوا في القيام بمهمة فض البكارة على احسن وجه. ولا نعرف ان كان ذلك جزءا من السيرة الذاتية لمخرج وهو ما لا يجوز تعميمه على الكل حيث لم نصادف طوال احداث الشريط نموذجا ايجابيا واحدا لشباب تونس/ الزيتونة مسايرة للصورة التي تقدمها، عادة، الافلام الاجنبية التي تتخذ من العرب موضوعا لها منذ ما سمي بالسينما الاستعمارية او الكولونيالية الى اليوم.
اوشن طارق: ناقد من المغرب
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م