مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة المفتوحة
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 14-08-2007, 09:52 PM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي قرأت لكم عن فيلسوف العصر (مالك بن نبى) !!!

حلقة (1)


مالك بن نبـي وحضارة عصر المعرفة


محمد عدنان سالم
16/7/2006

(1) حضارة الأشياء وحضارة الأفكار

لم يكن المجتمع المعرفي –الذي أخذت ثورتا المعلومات والاتصالات ترسمان ملامحه- قد اتضحت معالمه بعد؛ عندما رحل مالك بن نبي إلى بارئه عام 1973؛ مودعاً تراثه الفكري الغني - الذي سلكه في عقد واحد تحت عنوان (مشكلات الحضارة)- كل ما يبشر بقرب تشكل هذا المجتمع المعرفي، وينذر باقتراب الحضارة الغربية من خط النهاية، نظراً لعجز منطلقاتها عن تلبية احتياجات العصر الجديد. ويستصرخ المسلم لتجاوز وهنه الحضاري وعجزه النهضوي اللذين تطاول أمدهما، ويستنفره لاستئناف دوره الحضاري، والانخراط في دورة حضارية إنسانية جديدة، هو الأجدر بالإسهام في بنائها الحضاري، والانخراط في دورة حضارية إنسانية جديدة، هو الأجدر بالإسهام في بنائها..
لقد رأى مالك بن نبي أن الإنسان- فرداً كان أو جماعة – إنما ينوس بين ثلاثة عوالم: عالم الأشياء، وعالم الأشخاص، وعالم الأفكار.
(عالم الأشياء) هو أول ما يلفت نظر الطفل منذ الولادة، فالثدي بالنسبة له ليس أكثر من (شيء) قد تقوم الرضّاعة مقامه، ثم يبدأ بعد ذلك بالتعرف على أمه ومحيطه (في عالم الأشخاص)، ثم ينتقل إلى التجريد والتحليل والتركيب محلقاً في (عالم الأفكار).

وحين يجد الإنسان نفسه معزولاً عن العالم في جزيرة نائية، فإن لديه طريقتان لملء فراغه: فإما أن يوجه نظره نحو الأرض حول قدميه، وإما أن يرفع بصره إلى السماء. ففي الطريقة الأولى يملأ الإنسان فراغه بالأشياء يطمح لامتلاكها، وفي الثانية يملأ وحدته بالأفكار متطلعاً إلى السماء باحثاً عن الحقيقة يهفو لمعرفتها..
هكذا تنشأ لدينا طريقتان تعبران عن نوعين من الثقافة؛ ثقافة الأشياء مثلها دانيال دي فوي في قصته روبنسون كروزو، وثقافة الأفكار مثلها عامر بن الطفيل في قصته حي بن يقظان. وينشأ عنهما نموذجان من الحضارة: نموذج حضارة ذات جذور تقنية تتمحور فيها الأفكار حول الشيء، ونموذج حضارة ذات جذور أخلاقية تتمحور فيها الأشياء حول الفكرة (1) .
ويلحظ مالك أن الانتقال من مرحلة لأخرى في المجتمع، ليس بالوضوح الذي نراه عند الفرد، ففي نشاط المجتمع المتناغم ثمة تشابك بين العوالم الثلاثة: الأشياء والأشخاص والأفكار.
وإن من سنن الله تعالى أن غروب الأفكار إبان أفول الحضارات، يمهد الطريق لبزوغ الأوثان والأصنام والارتكاس في عالم الأشخاص (2) .
فحين عاد المجتمع الإسلامي أدراجه إلى عصر ما بعد الحضارة، انكفأ عالم أشخاصه إلى نموذج المقلدين والدجالين والمشعوذين، واستعادت أشياؤه سلطتها على العقول، ولم تعد أشياؤه بسيطة تلبي ضروراته، بقدر ما أصبحت تافهة براقة تبهظ الجيوب حين يتعين شراؤها من الخارج (3).
لقد نذر مالك بن نبي نفسه لدراسة ظاهرة الحضارة، وتداولها بين الأمم، وكشف عن عوامل انبثاقها واكتمالها ثم أفولها لدى كل أمة، ورسم لها خطها البياني الذي ينطلق من الروح ، وينضج بالعقل، ثم ينكفئ بالغريزة، وحدد لنا الظواهر التي تطبع سلوك الإنسان والمجتمع في كل مرحلة من مراحل التحضر، بحيث نستطيع تفسير كل ظاهرة أو حدث حين نضعه في سياقه الحضاري، حسب المرحلة التي يمر بها المجتمع؛ مرحلة ما قبل التحضر، أو مرحلة الحضارة، أو مرحلة ما بعد الحضارة.
وخلافاً لمعظم الدارسين الذين لا يرون المجتمعات إلا متحضرة أو غير متحضرة، فإن مالكاً يميز بين مجتمع بدائي بكر يعيش مرحلة ما قبل الحضارة مذخوراً بطاقته الكاملة للانخراط فيها عندما تتوفر له شروطها، وبين مجتمع ما بعد الحضارة الذي كان قد حمل أعباءها، ثم خرج منها خائر القوى، محملاً بكل الرواسب والشوائب والمعوقات التي تصحب سقوط الحضارات وأفولها، وهي حال الأمة العربية الإسلامية اليوم..
إنه يرى انخراط إنسان ما قبل الحضارة فيها أيسر بكثير من عودة إنسان ما بعد الحضارة إليها، ويضرب لذلك مثلاً جُزَيْء الماء الذي يقف على عتبة الشلال مستعداً لتوليد الطاقة متى اندفع فيه، فإذا بلغ القاع فقد قدرته على التوليد والعطاء ما لم يخضع لعملية تبخير معقدة؛ تخلصه من شوائبه ورواسبه وترفعه نقياً صافياً إلى السماء، ثم لعملية تقطير تعيده إلى عتبة الشلال على الأرض.
إنه يرى الحضارة حصيلة التفاضل بين الواجبات التي هي عطاء محض والحقوق التي هي أخذ محض، ويضع لذلك معادلة تحدد لنا المرحلة الحضارية للمجتمع. فلا ينهض بالحضارة إلا جيل معطاء؛ يرسم لها خطها البياني الصاعد، الذي يقترب من الشاقولي كلما أربت فيه الواجبات على الحقوق، وتلك هي مرحلة الروح. ثم يستوي خطها البياني على يد جيل يأخذ من الحق بقدر ما يعطي من الواجب فتتعادل كفتا العطاء والأخذ، وتلك هي مرحلة العقل. ثم يأتي من بعد ذلك جيل مسترخٍ يأخذ ولا يعطي، فيهوي هابطاً بها إلى القاع، وتلك هي مرحلة الغريزة(4).
إنه يرى الحضارة نتاج فكرة جوهرية تزج بالمجتمع في سياق التاريخ(5).
سألته صبية في أحد مجالسه في دمشق عام 1972: ولكن من أين نبدأ؟ فأجابها بكل حنان الأبوة الفكرية: يابنتي!! ابدئي من حيث بدأ الرسول؛ بدأ بفكرة ملأت عليه نفسه؛ فعاشها وطبقها، وتحمل من أجلها العذاب، ورفض عروض قريش المغرية قائلاً لعمه : “والله يا عم: لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر، ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه”(6).
دوّن مالك بن نبي فكره تحت عنوان شامل اختاره هو (مشكلات الحضارة).. لم يكتب ما كتب بوصفه أديباً أو شاعراً أو فيلسوفاً، إنما كتب بوصفه صاحب قضية مهموماً بها، أحاطت به، وامتلكت مشاعره، فعاشها وسخر لها حياته، فاستمدت حيويتها من حياته، وعاش هو بها، فإذا هو حاضر بيننا، كلما ألحت علينا مشكلات الحضارة، يصرخ فينا: حيَّ على الفلاح!! حيَّ على النهوض!!

(2) المسلم بين صحة الفكرة وفعاليتها

لقد أرقت مالكاً مشكلةُ المسلم؛ سكونِه، كلالتِه، عجزِه، خروجِه من دائرة الفعل، غيابِه عن العالم، قعودِه عن أداء دورٍ فاعل فيه، طولِ أمده.. فراح يحفِر حولها في الأعماق يبحث عن جذورها، يحاول اجتثاثها. و يشخِّص أدواءها، فتتلخص لديه في أنها أزمة حضارته، فقد أفاق المسلم من غفوته ليجد نفسه على خط الانحدار إلى الحضيض، والعالم من حوله يتسلق إلى الذرا.. توهم أن وضعه قانون وحتمية تاريخية لا فكاك له منها. حاول مالك إقناعه بإمكانية الانعطاف لاستعادة دوره الحضاري، فراح يترنم بتاريخ الأجداد، ويجتر حلولهم وإبداعاتهم وبرامجهم، متوهماً أنه سيطير بزمانه إلى زمانهم بدلاً من أن يستخدم مناهجهم لإنتاج حلول لمشكلاته.
لم يُقدَّر لفكر مالك بن نبي أن يدخل حيز التداول في حياته فقد ظلت كتبه حبيسة أيدي بعض النخب الثقافية، محجوبة عن الجمهور الذي من شأنه أن يصنع التغيير.. محجوبةً بأراجيفَ وأوهامٍ يتولى كبر ترويجها كل من يهمه إطالة أمد نوم المسلم، وتعثره وغيابه عن ساحة الفعل والنهوض.. فهي تارة فلسفية معقدة تستعصي على الأفهام، وهي تارة غربية المصادر لا تستشهد بالنصوص المعتمدة.. هكذا غُيبِّت أفكار مالك على يد إسلامي تقليدي ماضوي، تتصاعد ثقته بالأفكار كلما أوغلت في الزمن الماضي، ويحجبها عن الفكر الحي الذي نعيش. مثلما غيبت على يد حداثي، لا يعترف بفكر لا ينهل من معين الفكر الغربي، ولا يولِّي وجهه شطره، منطلقاً من قطيعة معرفية حاسمة مع تاريخه وثقافته..
كان بن نبي ينتقد حركة النهضة بشقيها السلفي والحداثي في العديد من جوانب عملهما، لذا لم يتبنَّ الاثنان فكره وأعرضا عنه، فأشكل تصنيفه في أي من التيارين.. وكان يرى أن هذه الازدواجية تدفع بحركة النهضة في اتجاهين متناقضين، وتنبأ في حينها بانفصامها الأكيد، فقال: “إنها مقسمة حائرة بين الجاذبية الأصولية نحو الماضي، والنـزعة النقدية في الحاضر، وكانت تلك الحيرة صادرة عن إهمال منظري النهضة للتفكير في وسائل تحقيقها، وفي النموذج الذي تختاره لها.. هكذا نرى أن النية الحسنة قد تكون حاضرة لديهم حين غابت المنهجية”(7).
وكان مالك يدرك تماماً أن فعالية الفكرة لا تعتمد على صحتها بقدر ما تعتمد على قدرتها على التفجر لاختراق المحيط الذي ولدت فيه كي تستقر في ضمير المجتمع وتدخل إلى عالمه الثقافي. لكنه كان مدركاً أيضاً وفي الوقت ذاته أن “الزمن الذي ولدت فيه الفكرة قد يلجئها إلى الاغتراب حيناً ريثما تجد فرصتها للتطبيق”(8).
  #2  
قديم 14-08-2007, 09:53 PM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي

حلقة (2)




(3) التحديات الراهنة والمشروع الحضاري لمالك بن نبـي


لكن الأمر الآن بات مختلفاً.
فقد أخفقت مشاريع النهضة كلها؛ التوفيقية التي أرادت أن تعالج مشكلات القرن العشرين بآليات اجتهاد القرون السالفة ومناهج تفكيرها وتأويلها؛ فعانت من غربة في الزمان، والحداثية التي نأت عن جذورها لتطرح فكراً هجيناً، وتبذر في الأرض بذوراً مستعارة لم تلبث أن اجتثت من فوق الأرض، لم تفلح في أن تتجذر فيها أو يقِرَّ لها قرار، فعانت من غربة في المكان..
وقد استحكمت أزمة الحضارة الغربية، منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وتفرد القوة العظمى بقيادة العالم، وعجز الفلسفة الغربية ومنطلقاتها المادية، عن تقديم حلول لأزماتها المتلاحقة؛ السياسية والاجتماعية والاقتصادية، عجزاً تجلى في تردٍّ أخلاقي غير مسبوق ، أفقد الإنسانية كل مكتسباتها التي أحرزتها عبر تجاربها المريرة في حربيها العالميتين خلال القرن العشرين، ولم يبق للإنسان الغربي من الحقوق والضمانات ما يفخر به، مما أظهر هشاشة البنيان الحضاري الغربي ومرتكزاته الفلسفية والأخلاقية.
والتاريخ الإنساني كله يدخل الآن في منعطف حاد يتحول به بسرعة مذهلة من عصر اقتصاد الصناعة إلى عصر اقتصاد المعرفة.
وقد ظل الإنسان يضاعف معلوماته مرات ومرات منذ هبوطه إلى الأرض؛ لم يكن يعلم عنها شيئاً ، ولم يكن فيها شيئاً مذكوراً..
يضاعفها بوتائر متسارعة ، كانت إحداها يوم أن حملت أمتنا راية العلم قبل أكثر من ألف عام . وها هو اليوم أصبح يضاعفها في أقل من عقد في ظل ثورتي المعلومات والاتصالات، في حين تؤكد تقارير التنمية الإنسانية أن نسبة إسهامنا في الانفجار المعرفي الراهن لا تجاوز الصفر إلا قليلاً.
وفي هذا العصر المعرفي،لم يعد تقدم الأمم يقاس بما تملكه من عتاد صناعي؛ مدني أو عسكري، بقدر ما أصبح يقاس بما تملكه من معلومات ومعارف. وقد حلت تكنولوجيا المعلومات محل التكنولوجيا الصناعية، وأخذت العمالة اليدوية فيه تُخْلي مكانها رويداً رويداً لمصلحة العمالة الفكرية، مما وضع الأمم كلها على عتبة سباق واحدة، أمام فرص متكافئة، يفوز فيه من كان الأكثر إعمالاً لعقله، فالعقل هبة الله للإنسان موزعة بين الأمم بالتساوي.

(4) اللحظة التاريخية المواتية لإعادة الإقلاع


هكذا نرى أن قد آن الأوان لفكر مالك التنويري النهضوي الحضاري أن يبلغ مداه، وأن اللحظة التاريخية المواتية لإقلاعه قد حانت، وأن وعي الإنسان في عصر العولمة والانفجار المعرفي، بات مستعداً لتلقفه، وأن التاريخ الإنساني آخذ بالتأهب لاستقباله.
وإننا الآن لنشعر بمسؤولية كبرى إزاء هذه اللحظة التاريخية السانحة، وبالحاجة إلى الخروج بفكر مالك بن نبي من أيدي النخب الثقافية التي تدندن به في أبراجها العاجية، إلى أيدي الناس العاديين في المجتمع. فلا قوَّةَ لكلمة تعيش معزولة في الأبراج، لا تمشي بين الناس في الأسواق. ولن تتحول من إطار النظر إلى نطاق الفعل، إلا إذا ولجت قيمها في ضمائرهم، واستقرت في وجدانهم، لتتجسد في سلوكهم وعملهم، وما لم تفعل ذلك ظلت ظاهرة صوتية تؤوب بمقت الله (كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون( [ الصف 61/3 ]. ليس المطلوب الآن الدفاع عن أصالة الإسلام، بل مجرد إعادة فعاليته إليه بتحريك قواه الإنتاجية”(9).
في هذا العصر الذي تتحول فيه البشرية من إيديولوجية القوميات المتناحرة إلى فكرة العالمية المتكاملة، لن تستطيع إنجاز هذا التحول من دون المسلم؛ الذي استقرت وحدة الأصل البشري في ضميره، فلا مكان عنده لتمييز عنصري؛ “كلكم لآدم، وآدم من تراب”. والذي استقرت في وجدانه قيم مطلقة للحق والخير والعدالة والمساواة، فلا مكان عنده للأثرة والكيل بمكيالين.
في هذا المنعطف الحاد الذي يتحول فيه الإنسان من عصر اقتصاد الصناعة إلى عصر اقتصاد المعرفة؛ لا مناص لنا من الدخول في المنعطف، والاضطلاع بدور فاعل فيه.
من دوننا لن يستطيع الإنسان اجتياز المنعطف، والوصول إلى سواء السبيل بأمان، لمتابعة كدحه إلى الحقيقة الكبرى.. إلى الله.
وها نحن نرى العالم بأم أعيننا يتعثر؛ ينظر كالأعور بعين واحدة.. يمشي كالأعرج برجل واحدة.. يخبط خبط عشواء كتائه في البيداء من غير بوصلة ولا دليل.
لقد لحظ مالك بن نبي أواسط القرن المنصرم أزمة الحضارة الغربية، ووصولها إلى الطريق المسدود، وفقدانها مبررات وجودها، مثلما لحظ حاجتها إلى الإسلام لتقويم مسارها. غير أنه رأى أن المسلم المعاصر لا يمكنه أن يرفد الحضارة الغربية بشيء، لأن الماء المنخفض لا يستطيع أن يسقي الأرض العطشى إن هو لم يرتفع إلى أعلى من مستواها. فتلخصت أزمة المسلم عنده في أنها أزمة حضارته، ورسم له دوره المنتظر في الثلث الأخير من القرن العشرين، محذراً من أن رياح الحضارة ستتحول عنه إذا لم يستدرك نقصه طبقاً للقانون القرآني (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم( [محمد 47/38 ].
وها نحن نجد أن العالم الإسلامي لم يستطع أن يلبي طموحات مالك بن نبي، ولم يتحرك قيد أنملة باتجاهها، وأنه الآن يواجه تحديات كبيرة تستهدف وجوده؛ تستخف به إلى درجة التجاهل، وتهزأ منه إلى حد السخرية، وتستتبعه إلى درجة الإلحاق.. تتعامل معه كقاصر لا يحسن تدبير شؤونه.. تمارس عليه وصايةَ قاهر مستبد؛ يروم نهب ثرواته، وأكل أمواله، وطمس هويته، وفصله عن بيئته، وقطع صلته بتاريخه، وتهميش لغته، وتسفيه قيمه، والعبث بمورثاته، وتبليد أحاسيسه، وتجهيله بانتمائه، ومسح ذاكرته، وصهره في بوتقتها، واحتلال أوطانه، وتشريد أبنائه، وزرع أجسام غريبة في جسده، تمهيداً لاستبدال الشرق الأوسط الكبير—حسب المشروع الأميركي- والشراكة المتوسطية- حسب المشروع الأوربي- بالعالم الإسلامي؛ اسمه التاريخي، الذي لا يزال يعتز به.
هل لتحدٍّ بهذا الحجم أن يوقظ العالم الإسلامي من رقاده؛ حسب قانون التحدي عند توينبي، أو قانون لحظة اليأس في القرآن الكريم: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا جاءهم نصرنا( [يوسف12/80] ؟!
إن مالك بن نبي يراهن، من قبره، على هذه اللحظة، ويرنو إلى أن لا يدع العالم الإسلامي لحظة التحدي واليأس هذه تفلت منه، مع عميق إيمانه بأن الإسلام هو الملاذ الآمن للبشرية؛ تتخلص به من أوضارها التي تذيقها اليوم أشد العذاب؛ لا فرق عنده أن تهب ريحه من المشرق أو من المغرب، فهو هبة الله للإنسانية كلها مشرقها ومغربها.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م