مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 13-06-2000, 11:58 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Post الفاطميون ودولة المظاهر الدينية

استكمالا لمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، شهادة التاريخ فيمن اشترى الدنيا بالآخرة:

بالرغم من كل التدين الذي غلّفت فيه الدعوة الفاطمية رسالتها إلى العالم الإسلامي، والألقاب المستوحاة من عميق التدين الإسلامي التي كان يمنحها الحاكم الفاطمي لنفسه ولدعاته ولوزرائه وقادة جنده، فإن أحداً من الحكام الفاطميين لم يؤد فريضة الحج(!) مع أن السلطة الفاطمية امتدت خلال مراحل تاريخية إلى الحجاز حيث الحرمين الشريفين، وبقيت الخطبة باسمهم؛ إلا في فترات متقطعة؛ حتى سنة 473هـ/ 1080م عندما خضع الحجاز لنفوذ السلاجقة فجعلوا الخطبة للعباسيين.
ويقال إن الحاكم بأمر الله الفاطمي شيّد في المنطقة الواقعة بين القاهرة والفسطاط ثلاثة مشاهد لينقل إليها رفات النبي /ص/ وصاحبيه أبي بكر وعمر؛ رضي الله عنهما؛ من المدينة، غير أن المحاولة باءت بالفشل(1). ولعله قصد تحويل قوافل الزّوار من المدينة المنورة إلى القاهرة.
وانتشر سب الصحابة سنة 395هـ/ 1004م في عهد الحاكم بأمر الله، وأمر بكتابته على جدران المساجد، وعلى أبواب الحوانيت والدور والقياسر(2). وكانوا يضغطون على قوافل الحجاج الذين يمرون بمصر أن يسبوا السلف، وكانوا يؤذون من يأبى ذلك(3). ثم أمر الحاكم بالتوقف عن ذلك ومحو ما كان مكتوباً من السباب سنة 397هـ/ 1006م(4).
وإلى العصر الفاطمي تعود معظم بدع الاحتفالات بالموالد، والمبالغة في إظهار الولاء لأهل البيت كعاشوراء، والبذخ في المواسم الدينية كرمضان. وكانت بعض هذه المواسم لا تخلو من فتن بين العامة وجند الخلافة. ففي يوم عاشوراء سنة 363هـ/ 974م انصرف جماعة من "قبر كلثم بنت محمد بن جعفر بن الإمام الصادق؛ رحمه الله؛ ونفيسة؛رحمها الله؛ ومعهم جماعة من فرسان المغاربة ورجالتهم بالنياحة والبكاء على الحسين، وكسروا أواني السقّائين في الأسواق، وشققوا الروايا، وسبوا من ينفق في هذا اليوم، وثارت إليهم جماعة، فخرج إليهم أبو محمد بن عمار ومنع الفريقين، ولولا ذلك لعظمت الفتنة"(5).
ومن الملفت للنظر أن المقاومة السنيّة للفكر الإسماعيلي في مصر والشام جعل الحكومة الفاطمية حكومة أقلية وافدة معزولة عن رعاياها. يقول د. عارف تامر المتعاطف مع الفاطميين: "فالمغرب العربي الإسلامي؛ وهذا ما تؤكده الوقائع الدامغة؛ لم يستطع هضم التعاليم الشيعية أو تقبلها أو إحلالها محل التعاليم السنية التي رضع لبنها في عهود الإسلام الأولى". ويقول: "بعد أن تم لهم نقل عاصمة ملكهم إلى الديار المصرية فتحوا أعينهم ذات يوم فلم يجدوا في ديار المغرب التي تركوها فرداً يدين بمذهبهم، ولم تنفع كتب الفلسفة أو دور العلم، أو المعاهد والمكتبات، بل لم تنفع المحاضرات ودروس الدعاة، فكل هذا ذهب أدراج الرياح"(6).
وفي محاولة منه لتفسير استجابة كتامة لأبي عبد الله الشيعي وخضوعها للفاطميين في المغرب في بدء عهدهم قال: "لم يكن خروجهم على الولاة وقيام الثورات ومعارضتهم للأوضاع وتأهبهم للحروب والفتوحات والغزوات ناتج عن اعتقاد ديني، أو نـزعة عنصرية، بل على العكس كان سببه الظلم والتعسف والفساد والاضطهاد ولجم الحريات وفرض الضرائب الفادحة المثقلة لكاهلهم، فضلاً عن استئثار الحكام والأمراء بشؤونهم ومقدّراتهم وحياتهم"(7).
ومثل هذا يصدق على الشام، إذ أن الفتكين لما اقترب من دمشق وكانت تحت الحكم الفاطميين في عهد المعز "خرج أشرافها وشيوخها إليه وأظهروا له السرور بقدومه وسألوه أن يقيم عندهم ويملك بلدهم ويزيل عنهم سمة المصريين، فإنهم يكرهونها لمخالفة الاعتقاد، ولظلم عمّالهم، ويكفّ عنهم شر الأحداث"(8)، وبالفعل استنقذها من أيدي الفاطميين، واستنقذ وراءها صيدا التي دانت للفاطميين بسبب وجود حاميتهم العسكرية فيها، وظلم ولاتهم عليها كابن الشيخ وظالم بن موهوب العقيلي(9).
ومن الملاحظ تناقض المراسيم الصادرة عن الخلفاء الفاطميين ما بين التشديد على أهل السنة في اتباع أحكام مذاهبهم الفقهية، وبين التساهل معهم، "وكان مما أحدث عبيد الله أن قطع صلاة التراويح في شهر رمضان، وأمر بصيام يومين قبله، وقنت في صلاة الجمعة قبل الركوع، وجهر بالبسملة في الصلاة المكتوبة، وأسقط من أذان صلاة الصبح: (الصلاة خير من النوم)، وزاد: (حي على خير العمل، محمد وعلي خير البشر). ونص الأذان طول مدة بني عبيد بعد التكبير والتشهدين: (حي على الصلاة، وحي على الفلاح، مرتين. حي على خير العمل، محمد وعلى خير البشر، مرتين مرتين. لا إله إلا الله مرة. ثم يقول: أحياك الله يا مولانا حافظ نظام الدنيا والدين، جامع شمل الإسلام والمسلمين، وأعز بسلطانك جانب الموحدين، وأباد بسيوفك كافة الملحدين، وصلى عليك وعلى آبائك الطاهرين، وأبنائك الأكرمين، صلاة دائمة إلى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين"(10).
وقد منع العزيز في سنة 372هـ/ 982م صلاة التراويح من جميع مساجد مصر(11). وضُرب رجلٌ بمصر وطيف به المدينة في سنة 381هـ/ 991م لأنه يقتني كتاب (الموطّأ) للإمام مالك(12). ثم أمر الحاكم سنة 397هـ/ 1006م بعدم التعرض للصحابة وأجاز الصوم بناء على رؤية الهلال لمن شاء(13). ومما لا شك فيه أن المقاومة الشعبية لإجراءات التعسف التي اتخذتها السلطة كانت وراء استبعاد الدولة الفاطمية لأهل السُّنة والجماعة عن الوظائف العليا والحساسة وإسنادها لأهل الذمة ولأتباع المذهب الإسماعيلي وللمستجيبين الجدد.
ومن الملاحظات الدقيقة التي تعكس فلسفة الدعوة الإسماعيلية وانعكاسها على العمارة وتخطيط المدن أنه "على عكس المدن الإسلامية، فقد كان القصر الفاطمي؛ وليس المسجد؛ هو مركز مدينة القاهرة الذي يتركز حوله نشاط المدينة"(14) ، وقد جاء ذلك انعكاساً لفلسفة الإسماعيلية في استخدام الرموز والتأويل(15)، ومن ذلك قولهم أن القلائد هم الأئمة المستورون، والبيت الحرام هو الخليفة الفاطمي(16)، وذلك في تأويل قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائرَ الله ولا الشهرَ الحرام ولا الهديَ ولا القلائدَ ولا آمّين البيتَ الحرامَ} [المائدة/2]، وبهذا يكون البيت الحرام بمكة قِبلة الظاهر، والإمام الإسماعيلي قِبلة الباطن(17).
وفسّروا الأحاديث المعتمدة عندهم كما فسروا القرآن بالرموز، فقالوا إن المراد بالحديث: "طوبى لمن حفظ الرأس وما وعى"(18) أي: حفظ رأس دعوة الحق والأئمة من ولده. وبقوله: "والعقل وما وعى"(19) ، أي أن في العقل اثني عشر قطعة دليلاً على اثني عشر داع في جزائر الأرض(20). وهو التقسيم الذي اتبعوه في بناء كل من دعوتهم ودولتهم.
ولقد لعبت الرموز دوراً مهماً في أقوال الفاطميين وخططهم، وكان نقش خاتم المنصور الفاطمي (ت341هـ/ 952م): "بنصر الباطن الظاهر، ينتصر الإمام أبو الطاهر"(21).
ورموز الإسماعيلية وإشاراتها "لا يفهمها إلا إسماعيلي صميم تثقف في مدرسة إسماعيلية وعرف كل العلوم التي لها صلة بالإسماعيلية وخاصة بالإمامة"(21).
وإن كان مؤرخو الإسماعيلية يؤكدون - كلما اقتضى الأمر - على أن التأويل لا يعني الخروج على الشريعة، بل هو في حدود ما اتفق عليه المسلمون "فالإمام عند الإسماعيلية ليس إلهاً، ولا يعود، ولا يتقمص، ولا يحل بغيره، وإنما هو الإنسان التام الكامل الحواس والصفات"(23).
-----------
1) البكري، جغرافية مصر57.
2) ابن الأثير، الكامل8/129. وابن خلكان، وفيات الأعيان5/293. والمقريزي، الخطط2/286و341، واتعاظ الحنفا2/54. والسيوطي، تاريخ الخلفا1/414.
3) المقريزي، الخطط2/342.
4) المقريزي، اتعاظ الحنفا2/69.
5) المقريزي، اتعاظ الحنفا1/145.
6) د. عارف تامر، عبيد الله المهدي189-190.
7) د. عارف تامر، عبيد الله المهدي113.
8) ابن الأثير، الكامل7/355. وابن كثير، البداية والنهاية11/280.
9) ابن الأثير، الكامل7/356. وابن كثير، البداية والنهاية11/281.
10) الصنهاجي، أخبار ملوك بني عبيد وسيرتهم1/50-51.
11) المقريزي، الخطط2/341.
12) المقريزي، الخطط2/341.
13) المقريزي، الخطط2/342. والسيوطي، حسن المحاضرة2/282.
14) د. أيمن فؤاد سيد، الدولة الفاطمية389.
15) يقول داعي الدعاة الإسماعيلي، المؤيد في الدين، هبة الله الشيرازي: "من عمل بالباطن والظاهر معاً فهو منا، ومن عمل بأحدهما دون الآخر فالكلب خير منه، وليس منا"، انظر: د. مصطفى غالب، تاريخ الدعوة الإسماعيلية39. ود. رحاب عكاوي، الحشاشون، ص79.
16) القاضي النعمان، الرسالة المذهبية82-84.
17) ولمزيد من التوسع في تأويل العبادات وعلاقة ذلك بالإمام الإسماعيلي انظر: محمد عبد الله عنان، الحاكم بأمر الله وأسرار الدعوة الفاطمية260-261 نقلاً عن: المجالس المؤيدية الملحقة بالمجالس المستنصرية للداعي ثقة الإمام علم الإسلام، المنشور بعناية د. كامل حسين بالقاهرة.
18) ورد عند أهل السنة والجماعة بالصيغة التالية: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ /ص/: "اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ". قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. قَالَ: "لَيْسَ ذَاكَ؛ وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ: أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى. وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا. فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ". قَالَ أَبو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبَانَ بْنِ إِسْحَقَ عَنِ الصَّبَّاحِ ابْنِ مُحَمَّدٍ [الترمذي، صفة القيامة، رقم2382. ومثله في: أحمد، مسند المكثرين، رقم3489].
19) لم يرد في الكتب التسعة بهذه الصيغة.
20) د. مصطفى غالب، تاريخ الدعوة الإسماعيلية28-29.
21) المقريزي، اتعاظ الحنفا1/91.
22) د. مصطفى غالب، تاريخ الدعوة الإسماعيلية230.
23) د. عارف تامر، عبيد الله المهدي20. ويسوق في الصفحات 19-25 الدليل تلو الدليل من المجالس والمسايرات للنعمان بن حيون (قاضي المعز)، والمجالس المؤيدية لداعي الدعاة هبة الله الشيرازي، ورسالة الهادي المستهدي للفيلسوف الإسماعيلي أحمد حميد الكرماني، وغيرهم، على رفض الإسماعيلية للغلو، ومحاربة دعاتهم وحكامهم للغلو والمغالاة بأئمتهم. ومثله: د. مصطفى غالب، تاريخ الدعوة الإسماعيلية40-42.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م