مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #31  
قديم 20-10-2005, 02:38 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

العربي بين مفهومي النخوة و تلقي الأوامر ..




اذا صاحت امرأة بالحي مستصرخة من فيه من حيف حل بها أو اقترب أن يحل ، فان من في الحي ممن سمعها سيهرعون لنجدتها دون أي منظم لهم . فالعرض و الأرض مقترنات ببعضهما عند العربي ، ويرتبطان بمسئوليته تجاههما . في حين يهرب من خدمة العلم أو التجنيد الإجباري الكثير ، لا لأنه جبان ، بل لأن ذلك يقترن بأوامر .. وهنا يبرز الواجب بدل المسئولية !

عندما يكون لدى أحدنا ولد في مقتبل العمر ، و نود تكليفه بمهمة بسيطة كأن يشتري بعض الخضار للبيت من أجل عمل طعام للأسرة .. فان كان هذا الولد سيلقى عليه مجموعة من التعليمات ، كوجوب أن يلبس في رجليه و ينتبه من السيارات في الشارع ، وأن يبلغ تحيات الوالد لبائع الخضار ، ويعد النقود التي يعطيها للبائع وينتقي الخضار الجيدة الخ من قائمة طويلة من التعليمات ، فان ذلك يوحي باحتمالين إما تدني مستوى الوالد العقلي أو تدني مستوى الولد .. فيكفي أن يعطي الوالد بالحالات الطبيعية لولده إشارة بالطلب لإحضار بعض الخضار !

ان تعدد القوانين و تعدد الجهات المصدرة للقوانين والتعليمات ، في الدولة وتداخل عدة قوانين في قضية واحدة .. فترى مثلا قانون نقابة المهندسين يسمح بمسألة ما ، في حين لا تسمح بها قوانين البلديات . ان تلك الحالة تجعل المواطن أمام خيارات عدة ، بين البحث عمن يرشده لفهم قانون ما ، أو البحث عمن يرشده على التحايل على قانون ما .

يكون أحدنا ابن أسرة كبيرة أو عشيرة كبيرة أو ابن قطر كبير أو ابن أمة كبيرة .. وعندما يقع في محنة ما يحس أن كبر الهالات التي كانت حوله أو ينتمي لها لم تسعفه كثيرا .. لا بل سيجد نفسه وحيدا في كثير من الأحيان .. ان وجوده وحيدا ، يحتاج الى وقفة ..

فلا يعقل أن تجتمع عشيرة بكل رجالها في لحظة معينة لتنصر أحد أفرادها في شجار لم تأخذ العشيرة علم بأسبابه و توقيتاته .. كما أن هذا الشجار قد يكون المخطئ به هو ابن العشيرة ، فتخبو دوافع الوقوف الى جانبه .. وان حدث ووقفت العشيرة بجانب ابنها مرة ، فلن تقف معه على الدوام ، هذا بحالات عدم إخبار العشيرة باحتمالات حدوث مثل ذلك الشجار ..

أو قد يتعرض تاجر لإفلاس ، ولن يجد من يقف الى جانبه لكي يعيد وقوفه من جديد على قدميه لاستعادة عافيته التجارية ..

كنا نحس بألم شديد عندما ينتصر الكيان الصهيوني بغربته و أعداد أفراده الضئيلين في منطقتنا العربية ، ونحن أصحاب الأرض و التراث و الحضارات وقبل كل شيء أصحاب الحق ..ونتساءل بحسرة شديدة لماذا حدث و يحدث ذلك ونحن الأكثر ..

ان أي فئة قليلة منظمة ومؤمنة بسيرورتها نحو أهدافها ، ستتغلب على الفئة الأكبر غير المنظمة ، وغير المدربة على الإيمان بقضاياها ، وهذه مسلمة لا تحتاج الى حديث كثير ..فخمسة أشخاص ينوون الشر لقرية مكونة من ألف نسمة ، سيحققون هدفهم ، طالما أنهم هم في حالة توثب و تنظيم والقرية عبارة عن شخص غير مبال وغير مستعد مضروب بألف !

هذا في حالة الشرور .. أما في حالة الخير و الحق فان الخمسة يستطيعون التغلب على آلاف مؤلفة .. اذا استطاعوا ان يسوقوا خططهم و برامجهم لجموع المواطنين الغافلة ، فانهم بكل تأكيد سيكسبون و سيحققون انتصارات هامة قصرت المدة أم طالت و لا أظنها ستطول ..

فالرهان على المقاومة العراقية البطلة ينبع من هذا الأساس في الفهم .. وان شئنا التأسيس لحالة عربية أوسع ، فالطرق مفتوحة على سعتها .. لا نحتاج الا قليلا من خفض الجناح و الصبر في نقل وعي من يعي لمن لا يعي ، مع الاهتمام بإبراز رغبتنا بالحاجة لمن نخاطب لا أن نسفه دوره الساكن ، متخذين من سكونه الآني صفة دائمة ملتصقة به و بمن حوله ..

علينا التذكر أن في كل شيء حولنا أو في إمكاننا الوصول اليه فائدة ما ، فكما قد نجد ببقايا بيدر القمح الذي نأكله ، تبن لحيواناتنا ووقودا لأفراننا ، لا نستصغر من رأي في صالح قضايانا يأتي من معارض في دول أعداءنا .. فهذا سيفتح ثغرات بجبهة أعداءنا .. وهذه ليست استلهاما لأساليب أعداءنا في حربهم علينا فحسب ، بل هي سنة الصراع على مر التاريخ ..

لكن قبل أن نقوم بالتفكير باستغلال جهود من هم معنا من شعوب أعداءنا ، علينا أن نتدرب لنمتن علاقاتنا بمن هم من جنسنا و ديننا و أمتنا و أقطارنا .. وعندما ننجز رص جبهتنا الداخلية ، لا نعود في حاجة لمزيد من التعليمات لتلمس طريقنا .. فنحن أبناء أمة نجيبة تكره الإطالة في التعليمات و تكره الضيم وتحب النخوة وتهب من أجل رفعة شأن الأمة ودينها ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #32  
قديم 21-10-2005, 06:36 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

ان من يرث شيئا مأمونا يحبذ أن لا يكون له شريك فيه ؟



من يولد في بيت فقير ، ويموت والده ، عليه أن يشق طريق حياته بجد ومواظبة و كدح ، وقد يفلح و قد لا يفلح .. لكن من يولد في بيت غني موسر ، فانه يبقى طيلة حياته يحلم بحيازة ما سيترك أبوه ، فان توفت والدته بحياة أبيه فانه سيكون من كبار المعارضين لزواج أبيه ، لما قد يخلق له هذا الزواج من شركاء في التركة لم يحسب حسابهم أثناء أحلامه ..

ومنهم من يمضي ما تبقى من عمر أبيه ، في التآمر على نيل أكبر قدر من التركة ، كأن يأخذ وكالة ، أو يعبئ صدر والده ليحرم أخوته الآخرين من التركة في حياة أبيه ، أو أن ينال نصيبا من والده في حياته كحظوة دون أخوته ..

وقد يكون الأب مستقيما مؤمنا ، لا ينشد سوى رضا الله ، و إحلال العدل بين أبنائه و بناته .. ولكن دهاء بعض أبناءه يجعله أحيانا يبتعد عن الصواب ، فتمتلئ صدور من يغبن في حياة الأب أو بعد غيابه ..

هذه أحوال الحكم في بلادنا العربية ، فمن يحيط برأس الحكم ، يستمرئ الأبهة التي يحظى بها ، فحتى يضفي عليها صفة الديمومة ، أو يضيف على حظوته مزيدا من الامتيازات ، فعليه أن يمنع بروز مزيد من الشركاء .. حتى لو كانوا على درجة من القدرة و الإبداع مما يصب في مصلحة الوطن .. فتلوح في صفحة أفكاره ، أن رأس الحكم قد يعجب بمثل هؤلاء المبدعين ، فيقربهم منه أكثر ، وقد يكون هذا التقريب على حساب من هم قريبون في الوقت الراهن .

ان الهالة المحيطة برأس الحكم ، قادرة على معرفة ما يسره و ما يغيضه ، فيختارون فهرسا كاملا بخصال قد يبدو شيئا منها ظاهر لرأس الحكم ، كالادعاء بالمعرفة أو المعرفة نفسها ، ويضيفون عليه ما يجعل هذه المعرفة مصدرا للإزعاج و الخطر في المستقبل .. ويعمد من في الهالة المحيطة بالحكم على إعطاء رأيهم على دفعات ، يكون توقيت إبلاغ رأس الحكم بها منوطا بمعرفتهم الدقيقة بإحداث الأثر الذي ينشدون من وراءه ..

ان الهالة التي تحيط برأس الحكم ، تعرف خصائص و أطماع مكونات الهالة عنصرا عنصرا ، فتتعايش مع بعض وتوحد جهدها لخدمة أهدافها كفئة متعايشة مع بعضها و مع رأس الحكم .. لذا فان الخارجين من دائرة نعيمها أو رضاها ستتعامل مع رأس الحكم و الهالة المحيطة به ككيان واحد أو مجموعة واحدة .

و إن كانت وحدة الهالة المحيطة برأس الحكم لها ما يبررها .. فان وحدة أعداءها رغم اختلاف دوافع العداء له ما يبرره ..وان كان عدم تعرض أعداء أي حكم لبعضهم البعض ، وظهورهم (في حالة التعايش) و كأنهم جبهة أو حشد متماسك ، فان هذا الحشد سرعان ما يختلف و ينفرط عقد تعايشه الآني ، بمجرد إحساسه ببعض الأمان .. وذلك عند اقتسام الغنائم و التركة !!

ان هذا الشكل من الحكم سيجبرنا على ربط ما بدأنا به الحديث ، بتشبيه الحكم بالخيمة التي عناها الشاعر
( البيت لا يبتنى الا وعماد له ... ولا عماد ان لم ترس أوتاد )
ان ديمومة أي حكم ، وانطلاقه نحو العظمة ، يكون مرهونا بدقة ربط كل أجزاء الحكم من رأس وهالة و هالات و أقاليم و محافظات و أقضية و نواح و قصبات وقرى ، و أحياء و أسر و أفراد .. مرورا بتنظيم القطاعات الفاعلة ، دعائيا وإداريا و مهنيا و ثقافيا و فنيا ..

وهذه الوحدات المتداخلة والمتشابكة والفاعلة لا ينظم سيرها دون اصطدام أو تضاد سوى منظومة فكرية تراعي الموروث النوعي للأمة و الفهم الواعي لكيفية تفجير إبداعات المجموعات و الأفراد وفق التطور الحضاري الذي يمكن للأمة القيام به بكفاءة قياسية ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #33  
قديم 24-10-2005, 05:51 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

المصلح السياسي .. و مفهوم البطولة المنتظرة ..



عندما يسود الكبت في مجتمع ما و زمان ما ، فان مكنونات المجتمع من أحاسيس ستجد طريقها للظهور بأشكال مختلفة .. تماما كما هي الحال اذا ترك أحد أنابيب معجون الأسنان مفتوحا لمدة فان فوهة الأنبوبة ستتصلب عليها المادة ، حتى لا تعود تخرج منها بيسر .. و اذا ما تعرضت الأنبوبة لضغط عليها فان محتوياتها ستخرج من خاصرتها أو من أي مكان عدا الفتحة الأساسية ..

لن يتوقع أحد مكان خروج الاحتقانات ، ولن تنسب الأقوال و الانتقادات الى أشخاص معينين .. وستغيب ظاهرة البطل الذي له اسم محدد ، وسيظهر أبطال بشكل أشباح ترى أثرهم و لكن لن تعرف أسماؤهم .. وقد يسرق أي شخص أو أي فئة عمل الأبطال المستترين ، وينسبه لنفسه ، أو قد تنسب جهة ثالثة البطولة الى جهة أخرى ، لتوظف هذا التنسيب لأغراضها . كل هذا يحدث طالما الأبطال الحقيقيون لا يفضلون الإعلان عن أنفسهم .. لغايات يدركونها تمام الإدراك و يعلمون وقت تبيان شخوصهم ..

في القديم ، خرج بعض الرواة بالحديث بلسان الحيوانات ، لكي يعبروا عما يسود من بؤس ومن ظلم ، لا يستطيعون قوله بالقلم العريض .. فأسهمت أعمالهم في ملئ الفضاء الذهني بما يجول بخاطر البؤساء من الشعب ، فكان عمل ( كليلة و دمنة ) إعلانا مواربا لمنطوق الصامتين من الشعب ..

و اليوم الطاغوت الأكبر بظلاله العالمية الثقيلة يحاول أن يخرس أي صوت يخرج هنا وهناك ، منذ بدايته .. فمن الطبيعي أن يتحول التذمر الى تأمل و تفكير و همس و من ثم الى صراخ صامت .. يتم التعبير عنه بمقالة بحديث في زاوية ، بعمل فني ، أو بأشكال تعبيرية مختلفة ستملأ الفضاء الذهني برأي عام لا يستطيع من يكرهه أن يتتبع مصادره ..


سيكتشف القاصي و الداني أن حالة الرضا المزعومة ، لم تعد كما تعبر عنها لا الدوائر الغربية و لا الدوائر الرسمية العربية ..

ان المصلح السياسي هو كالمصلح الاجتماعي ، أو هو مصلح اجتماعي أصلا ، لن تكون مناسبة ظهوره ، مناسبة استثنائية ، أو محض صدفة ، بل تكون نتيجة انشغال المجموع العام من الناس في التفكير بمسائل مشتركة ، دون إبلاغ بعضهم البعض عن هذا الانشغال .. فتكون مناسبة ظهور المصلح السياسي (البطل في هذه الحالة) .. هي مناسبة طبيعية .. ولكنه سبق الآخرين الى خط اكتشاف الممر المؤدي للخلاص قبل غيره ..

قد يكون المصلح فردا ، وقد يكون فردا من مجموع أفراد .. خاضوا تجربة جماعية عملاقة ، لكنهم لم يستطيعوا الوصول بها الى نهايتها ، لأن الظروف الموضوعية تغلبت على قدرتهم الناشئة في عينة من الوقت . وهذا لا يعني بالضرورة التسليم بخطأ السلوك .. بقدر ما هو اعتراف بعدم إحكام فنون اللعبة بما يتلاءم مع شراسة القوى الداخلة ضمن الظرف الموضوعي ..

في حالة أن يكون الفرد أو الفئة هم من النوع الذي خاض تجربة عملاقة ، وبدا لمن يراقب أو من الضعاف الذين اشتركوا بخوض التجربة تلك ، والذين خاضوها لا لتمثل عقيدة منهجها بسلوكهم المتصاعد .. بل من خلال التصرف كمن هم سائرين ضمن ( نزعة القطيع ) .. في تلك الحالة فان التعنيد أي استخراج جيل قد عركته التجارب المريرة و بقي على إيمانه ، سيكون من ضمن المكاسب الهائلة التي قد لا يطول الاعتراف بوضعها ..

في حين يرتكس من كان يراهن على التجربة كمراقب ، أو من الضعاف ، على أن لا أمل يرتجى بعد من المضي بما تم السير به .. وسيكونون بابتعادهم أو بالافصاح عن مكنونات دواخلهم ، قد قدموا خدمة جليلة للأمة .. حيث يكون من تبقى على عهد الإيمان الأولي قد ارتقى لمصاف الأبطال ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #34  
قديم 26-10-2005, 07:11 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

أبواب أمل مشرعة .. أمام أبناء أمتنا ...


لم تكن الأمة العربية في حال وجداني ، أفضل مما هي عليه الآن .. وقد يستغرب البعض من طرح كهذا في أيام كهذه .. ووجاهة استغرابه آتية من قبح ما يرى .. لكن ان أقبح صور المرأة الجميلة ، هي في لحظات ولادتها ، حيث ينفش شعرها و يسيل ريالها و يكثر صراخها .. لكن ما تضع من مولود ينسي من يرصد تلك الأعراض قبحها ، بل يجعل هذا القبح طقسا من طقوس الولادة لا بد منه ..

ما الذي يدعونا لتلمس أبواب الأمل تلك ؟


1 ـ لقد مر على الأمة العربية أكثر من ألف عام سلبت السلطة من أبناءها ، من خلال تسامحهم في إعطاء الأولوية الدينية على الأولوية القومية ، فمارس الحكم على العرب ، عروق مختلفة ممن اعتنقوا الاسلام .. ليس من الانصاف التعامل مع كل من حكمنا منهم بنفس الطريقة .. فمنهم قادة عظام أعطوا الدين بعده العالمي من خلال فرض هيبة الحضارة الاسلامية .. ومنهم من ذاد عن الأمة أخطار المغول والصليبيين ..

لقد تكدست فرص مزاولة الحكم عند أسر غير عربية ، وحرمت منها أبناء العرب بشكل لا مثيل له .. فتولد شعور عند أبناء الأمة ، كالشعور الذي يمر به من استعان بأحد لانقاذ أرضه من العدو ، فينقذها و يستغلها أسوأ استغلال ، حارما أصحابها الأصليين من خيرها .. بل وينقل خيرها الى مكان بعيد غير الذي استخرج منه .. ويستغله في بناء حواضرها و تعليم أبناءها .. في حين يبقى ابن الأرض المستغلة ينعم بحمى المستغل (بكسر الغين) و ينعم معه بالفقر والجهل والبؤس !

ان هذا التأرجح بالشعور تجاه تلك الحكومات التي حكمت العرب و هي من أصل غير عربي .. هو من أوجد التباين في النظرة الإيبستمولوجية للمستقبل .. فمن مناد بالعودة الى الدين كمخلص الى مناد بتقليد الغرب بليبراليته و ماركسيته ، الى مناد بتجميع العنصر العربي حيث وجد في الرقعة التي ألصق عروبته باسمها ..

ان كل هذا و ما جرى عليه من تجريب ، خلال قرن من الزمان ، و بعد مطالعة نتائج كل تجربة على أي خلفية ، و الوقوف عند إخفاقات ونجاحات كل نموذج .. اكتسب العربي خبرات لا أظن أن هناك في العالم من اكتسب مثلها من خبرات .. وهذه نقطة أمل أولى ..

2 ـ بعد أن دافع المدافعون عن فضل غير العرب على العرب ، في الدفاع عن ديارهم .. وبعد أن تأمل العرب بما هم فيه ، وهل حقا أن هؤلاء لهم كل هذا الفضل علينا ، لدرجة أننا نتسامح معهم لتذويب شخصيتنا ؟
لم يأت هؤلاء على العرب طائعين يعلنون اسلامهم ، بل بعد معارك تحرير ونشر الاسلام ، ولم يألو جهدا في مقارعة الفاتحين العرب ، وعندما تم إدخالهم في الاسلام ، كان العرب عنصر نقي في جيوش الفتوحات .

3 ـ ان اسهام غير العرب في نشر الدين أو في الفتوحات ، أو في العلوم ، هو آت من تهيئة أجواء و بيئة الإبداع لهؤلاء في كل المجالات ، عسكرية أو علمية ، يعني بضاعتنا ردت إلينا ..

مع ذلك بعد كل هذا وذاك خرجت أجيال ، لا يعييها التوفيق بين كل تلك الرؤى في تلمس طريق الخلاص .. فلم تعد المغالاة بالتطرف ، سواء كان العرقي ، أو الطائفي أو غيرها ، تقرب من الخلاص ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #35  
قديم 28-10-2005, 07:28 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

لا نحب اسمكم أيها العرب !


يتطير البعض من ذكر مصطلح الوطن العربي ، أو الهوية العربية ، متذرعا بأن في تلك البقعة عروق غيركم أيها العرب .. و تنطلي تلك الاعتراضات على التسمية ، حتى على بعض المثقفين العرب ، فيقولون : فعلا نحن نستفز هؤلاء بذكر العروبة و جعلها مقترنة باسم المكان ..

ماذا نسمي بلادنا ؟ أنسميها بلاد العرب و الكرد ونسرد كل مجموعة اثنية حتى يكون الاسم واقعي ؟ وفي كل الأشياء فان الشيء الأكثر هو من يحمل الاسم ، فكيس الحنطة الذي به حبات شعير أو حتى عدس ، حتى لا يفهم بأن الشعير أرخص من الحنطة .. فانه سيبقى كيس حنطة .. ولن يذكره أحد باسم كيس الحنطة الذي به حبات شعير وعدس وزيوان و بعض الحصى و اللؤلؤ !


ثم ألا يحق للعرب أن يحملوا اسم تلك المنطقة ، فبغض النظر على أنهم الأكثرية ، لكنهم الفاتحين لها و الصابغين لها بصبغة حضارية موحدة ، من دين و أدب و أحلام و آلام ..


ألم تأخذ أمريكا ك ( قارة ) اسمها من اسم ( أمريكو فسبوشي) .. وألم تأخذ كولمبيا اسمها من ( كولومبس) .. لم نسمع أحد يحتج على تلك المسألة ..

لقد حاول البعض بقصد خبيث أن يهمش مسألة القومية ، أو حتى يلغيها ، بحجة نتانة الدعوة لها . رغم أن القومية العربية لم تكن قومية شوفينية في أي عهد ، بل كانت منفتحة على كل القوميات وتفاعلت معها آخذة من غيرها و معطية لها .. رغم كل ذلك ، فان من يحرم ذكر القومية مستندا الى الآية الكريمة { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } الحجرات 13


نعم ان الأكرم عند الله هو الأتقى .. وأيضا موضوع التعارف ، يبلغ درجة هامة ، في كل شيء .. فنحن عندما نقول (عرب) ليس إعلانا بالحرب على العالم ، بل لنعرف غيرنا بأننا عرب .. فلا يعقل أن يحمل كل سكان العالم نفس الاسم ، حتى لو اعتنقوا كلهم دين الاسلام .. فلا بد من التعريف بالمنطقة واللغة والتاريخ ، حتى يسهل التعامل مع تلك العينة من أبناء الأرض .


ان المقاصد الخبيثة التي يطلقها البعض عن قصد ، ويرددها بعض العرب عن حسن نية .. ترتبط مع نشاط فكري آخر ، يسفه من ماضي العرب ، وقدرتهم على الإبداع .. فعندما يتكلم عن الطب يقول الرازي و أصله من كذا وابن سينا و أصله من كذا و الفارابي و الغزالي والبخاري .. ولا يحاول ذكر عربي في أي مجال ، ليوصل لك رسالة بالتالي ، بأن أهميتك كعربي ، جاء بها رفد هؤلاء غير العرب بالإبداعات !


لقد تناسى هؤلاء بأن من فجر إبداعات غير العرب ، هم العرب بحملهم للرسالة وإداراتهم العادلة . كما أن هذه الأمة الراهنة هي وريثة حضارات وادي النيل والعراق واليمن و شواطئ المتوسط و الأطلسي .. ولا يستطيع أحد بالكرة الأرضية أن يزعم أنه وريث تلك الحضارات العملاقة غير العرب ..
ان القضية أكثر عمقا من الاعتراض على الاسم ، بالقدر الذي هو اعتراض على اللغة التي تفسر القرآن .. ويعلم أصحاب تلك الدعوات أغراضهم جيدا .. فقد حاولوا ببداية القرن العشرين استبدال الحروف العربية بلاتينية أسوة بما حصل في تركيا .. ثم تبعوها بدعوات التحدث و الكتابة باللهجة المحلية ، ولكنهم فشلوا ، وستذهب كل محاولاتهم بالفشل ، لأن الله تعالى قد طمأننا بأنه الضامن لبقاء هويتنا .. اذ قال { انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون } الحجر 9 .


و قال تعالى أيضا { وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وان كانت لكبيرة الا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع ايمانكم ان الله بالناس لرؤوف رحيم } البقرة 143

وحتى نكون شهداء ، يعني سيكون حضورنا مستمرا الى يوم القيامة ، لنشهد على الناس ، فلن نندثر كأمة و لن يندثر دورنا في حمل الرسالة ، وتفسير ما قد يصعب على أبناء غير العرب تفسيره من القرآن ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #36  
قديم 29-10-2005, 08:30 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

أجيال متعددة تتعايش في حالة فريدة ..


من كان يعيش في عام 1955 م ومن كان يعيش في عام 955 م ، يكونان متشابهان في كثير من المسائل .. سواء كانت في طرق كسب الرزق أو تماسك الأسرة ، أو القاعدة الخلقية المؤثرة في السلوك أو إكتناه سلوك الآخرين ..

في عام 1955م لم يكن نسبة العاملين في غير قطاع الزراعة والرعي ، أكثر من 25% من أبناء الأمة العربية .. و يتوزع هؤلاء على قطاعات التجارة والخدمة في الجيش و قطاع التربية والتعليم و بشكل أقل في الصحة و النقل وقطاعات أخرى ..

أما اليوم فإن التوزيع قد انقلب ، حيث لا يعمل في قطاع الرعي والزراعة الا حوالي الربع من سكان الوطن العربي ، في حين تضخم أعداد العاملين في القطاعات الأخرى ، كما تم استحداث قطاعات عمل كثيرة و جديدة . وهذا أدى الى تغير هائل في موضوع التعامل مع الدولة و الصورة التي يريدها المواطن من الدولة أن تكون عليها ..

كما أن التوزيع الجغرافي للسكان قد تأثر تأثرا ملحوظا ، حيث انتقل قسم كبير من سكان البوادي والريف العرب ، الى حواضر من مدن كبرى الى مدن متوسطة ، وما تبع هذا الانتقال من صهر الكثير من النظرات تجاه كثير من المسائل ، ومن بينها مسألة النظر الى موضوع الدولة ..

و للوقوف على تأثير تلك التغيرات ، سنحاول إلقاء نظرة موجزة لثلاث أجيال متعايشة الآن مع بعضها ، تختلف في نظراتها التقييمية تجاه الكثير من المسائل التي تتناول موضوع الدولة ، لكنها تسهم في ضخ آراء تتزاحم في الفضاء الذهني العربي العام ..

أولا : جيل الأجداد المتبقي على قيد الحياة :

رغم أن هذا الجيل لا يتعدى نسبة 12% من سكان الوطن العربي ، الا أنه لا يزال يحظى بتأثير هام في الحياة العامة ، من حيث :
1 ـ أن معظم من هم في سدة الحكم أو من يعطي فقها للحكومات العربية هم من أبناء هذا الجيل .. بما يحملوه من خبرات تخص الحكم والحياة معا ، تنتمي لمخزون معرفي متأثرا بالمسار التاريخي السابق ..

2 ـ ان معظم ممتلكات الأمة من أموال و جذور أموال ، لا زالت بأيدي هذا الجيل الذي يديرها أو يحب أن تدار بمعرفته المتكونة من خبرات سابقة !

3 ـ ان السلطات الاجتماعية ، غير المصنفة على أنها مرتبطة مع الحكم ، لا تزال بأيدي أبناء هذا الجيل .. فالعشائر و أشباه منظمات المجتمع المدني من أحزاب و نقابات و غرف تجارة و جمعيات خيرية و غيرها .


ولما كانت ذخائر هذا الجيل (الأجداد) ، تتضاد بدرجة أو أخرى مع الأجيال التي بعدها من أبناء و أحفاد من حيث :

1 ـ أن جيل الأجداد الذي كان معزولا ثقافيا ، ولا يتلقى ثقافته ومعرفته الا من خلال القنوات التي تسمح سلطات الأب في حينه و سلطات الدولة . مما جعل المسطرة التي يقيس عليها الأمور التي تستوجب القياس ، تتسم بنمط تراثي .

2 ـ ان شكل النشاط الذي كان سائدا في أواسط القرن الماضي كان ينقسم الى خندقين لا ثالث لهما وهما الأول : خط الوطنيين والثاني : خط الأعداء .. وقد كان الخط الأول من السعة بمكان بحيث أنه يضم في جوانبه الديني والقومي واليساري .. ضد الاستعمار ومن كان يقف الى جانبه .. مما جعل طابع النشاط المعارض ، يأخذ صيغة جبهوية أو حشدية أو حركية ..

3 ـ لقد زاد حجم المسكوت عنه في صفوف قوى التحرر العربي ، وكان ذلك في سبيل الاستقلال و التحرر .. وما أن استقلت بعض الدول العربية ، حتى طفا المسكوت عنه الى السطح ، ليشكل بيئة خصبة لنمو أشكالا مختلفة من الصراعات على السلطة لا تزال تولد قلاقل من أقصى غرب الوطن العربي الى أقصى شرقه ..

4 ـ كانت نمطية الجهد الذي قامت به قوى المعارضة في كل أطيافه ، نمطية تتصف بالعموميات الوجدانية و إثارة الهمم الطيبة والتغني بأمجاد ، لم يستطيعوا رسم إحداثياتها بدقة .. ولا حتى يوظفوها توظيفا تاريخيا يصب في مصلحة الاستفادة من دروس و هفوات الماضي ..

في حين ان الجيلين الجديدين ، قد لمسا نوعا من عبثية المناداة بتلك الصيغ العمومية للخطاب السياسي في أواسط القرن الماضي .. فجامل أبناء الجيلين من في الحكم ، وكانوا أول من ينتقد الحكم في أي فرصة ، يحسون بها أنهم قد خرجوا من خطر ذلك الحكم !
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #37  
قديم 30-10-2005, 12:07 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الجيل الثاني : جيل التحولات و التغييرات ..

اذا كان الجيل الأول ( الأجداد الذين لا زالوا على قيد الحياة) .. قد استقى معلوماته و تكوينه المعرفي عن طرق قراءة كتب التراث التي تم إعادة طبع الكثير منها في بداية الخمسينات ، و ما تعلمه في المدارس على أيدي معلمين وضعت مناهج التدريس بين أيديهم وفق تلك الروحية ..

واذا كان ذلك الجيل قد عاش فترات الاستقلال الشكلي الأولى لمعظم الأقطار العربية ، كما عاش مرحلة اغتصاب فلسطين و معارك تحرير الجزائر و الكثير من الأقطار العربية .. وتوج تلك الأجواء بقراءات لشعراء مثل الزهاوي و الرصافي و علي محمود طه و أحمد شوقي و أبو القاسم الشابي و سليمان العيسى .. مما جعل مزاجه مزاجا مراهنا على نصر وشيك !

فان جيل الآباء قد عاش فترة التجريب المرير العقيم ، التي ضاع بها ما تبقى من فلسطين .. و هوت الشعارات النارية التي كان يتم التعبير عنها من خلال خطابات عبد الناصر ، و الكتب القومية و الماركسية و الإسلامية .. و أعيقت مشاريع (أحلام الوحدة) .. و انكفأت الحكومات التي كان مؤسسوها ينادوا بالوحدة ، صوب التقوقع القطري .. وتم التفنن بالتضييق على الحريات العامة ، بحجج مثل الطوارئ و دقة الظرف الراهن !

في مثل تلك الأجواء المخيبة للآمال ، ما كان أمام جيل الآباء الذين تعددت مشاربهم المعرفية والثقافية بصورة تفوق مصادر آباءهم عشرات المرات من خلال القنوات التالية :

1 ـ آلاف الخريجين من جامعات أجنبية وعربية ، امتزجت معارفهم العامة مع معارفهم العلمية ( المهنية ) .. وبعد عودتهم ، أحدثوا تغييرا في المزاج العام .

2 ـ تطور القنوات الإعلامية ، سواء كانت بالإذاعة أو التلفزيون ، أو المجلات والكتب ، وارتخاء قبضة المراقبة الحكومية في البلدان العربية .. مما أسهم في تطوير تقنية التعاطي في الرأي عند الناس ..

3 ـ التسلسل الدرامي للأحداث السياسية في الوطن العربي ، وظف طاقة هؤلاء الشباب بتوجيهها نحو إبداء الرأي و تناقله بين شرائح المجتمع العربي .

4 ـ تطور الجامعات العربية ، و جعل ساحات الجامعات ميدانا رحبا ، لتجنيس (صهر) الرؤى ، وتكوين محور نظري سائد بين أبناء هذا الجيل ..

واذا عرفنا أثر النزوع للإستهلاك الذي قفز بشكل طفرات متتالية لأبناء هذا الجيل والذي اختلف اختلافا بينا عن طرق الاستهلاك المحدود لأبناء الجيل السابق . فاننا نستطيع التعرف للشكل الذي برر به أبناء هذا الجيل تحركهم من خلاله .

لقد اتسم سلوك معظم أبناء هذا الجيل في كل البلدان العربية تقريبا بالتالي :

1 ـ المراهنة على تطور سريع في حياتهم .. وعدم إظهار الرضى في الحياة .
2 ـ التزلف و التملق للقائمين على الحكم ، كل حسب تواجده ، في الدوائر أو التقرب من مديريات الناحية أو القضاء أو المحافظة .. والتباري في إثبات حسن السلوك تجاه من هم في الحكم ..

3 ـ تبرير الرشوة والفساد بحجج واهية ، تستند كلها الى ضيق الحياة المعيشية ، والنظر الى من هم أعلى منهم و كيف ينعمون بأموال البلاد !

4 ـ عدم المشاركة العلنية بالحياة العامة ، الا اذا ربط من يحكم تلك المشاركة بمفاهيم الولاء و ما يتبعه من ترقيات للأفراد ..

5 ـ العزوف عن القراءة و المطالعة ، بحجة عدم الفائدة من ذلك .. وان كل الذين يكتبون من الكذابين !

6 ـ التفكير المستمر بالهجرة .. اذا لم يتم تكوين ثروة سريعة لدى أبناء هذا الجيل ..

ان أثر هذا الجيل الذي يتصف بصفة الطارئ على الوطن ، لم ينتبه لها لا جهاز حكومي عربي ، ولا جهاز تعبوي دعائي معارض .. فكان أثر هذا الجيل الذي تعامل مع الوطن وكأنه زائر أو ضيف ، أثرا مزدوجا ، فبالإضافة أنه سلبي ومؤذي في أغلب الأحيان ، فقد خلف جيلا أكثر تطرفا بعدم المبالاة و حتى الانحراف .. الا القلة التي اهتمت أصلا بترابط الأجيال !!
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #38  
قديم 31-10-2005, 06:32 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الجيل الثالث ( النشء الجديد ) :



اذا كان الجيل الثاني الذي اتسم نشاطه بعدم اليقين من أي شيء ، و أصبحت الرموز التي كانت تشكل أمثلة عليا لدى الجيل الأول ، سواء كانت مجسدة بأشخاص بعض معلمي المدارس و الجامعات وبعض الكتاب والشعراء و القاصين الجيدين .. كل تلك الشخصيات تم التشكيك في صلاحيتها أن تكون أمثلة عليا لدى الجيل الثاني ..

فان الجيل الثالث قد أضاف لهؤلاء النماذج التي كانت تحرس القيم ، وتبث بعض المحفزات لإثارة الهمم لدى المجتمع ، أضاف لهم جيل الآباء و اعتبره جيلا لا يصلح انتقاء أمثلة عليا منه . أما لماذا ؟ وما الذي حصل ؟:

1 ـ راقب النشء الجديد منظومة القيم ولاحظ بعدها عما هو سائد ، فلم تعد قاعدة أو مقولة ( أحب لأخيك ما تحبه لنفسك ) .. ولم تعد قاعدة ( حديث نبوي): (مثل المؤمنين في تحابهم كمثل الجسد الذي اذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر و الحمى ) .. ولم تعد قاعدة ( القناعة كنز لا يفنى) .

2 ـ ان الانفصام الذي حصل بين مفردات ( منظومة القاعدة الخلقية) وبين كل ما يجري ، جعل أبناء هذا الجيل يقلصوا دوائر نشاط بحثهم عن مطابقة تلك (المثل) مع أقرب الناس اليهم ، علهم يهتدوا الى مثل أعلى يقتدون به .. فيلحظوا الأب و قد خضع للعبة التزلف والنفاق التي ذكرناها .. ولاحظوا المعلم الذي أصبح يتفنن في كسب رزقه بالاحتيال على الطرق السوية في التدريس ، وجر بعض الطلبة ليأخذوا عنده بعض الدروس الخصوصية .. فهوى أهم منبعين لاستلهام المثل الأعلى من بينهما ..

3 ـ لكثرة الخريجين وازدياد نسبة التعليم ، و عدم تميز المتعلم عن غيره ، لم تعد العملية التعليمية تشكل رديف للعملية التربوية التي تبقي حالة التطور الحضاري ، مقترنة بمفاهيم الأصالة و مفاهيم النمو المتوازن ..

4 ـ ازدادت الفوارق بين الأغنياء و الفقراء خلال العشرين سنة الماضية ، وقفزت أحلام تتدخل في شكل سلوك الأجيال .. كما ازدادت معها متوسط أعمار الزواج لدى الجنسين ، مما خلق وضعا مرتبكا لم تعهده الأمة ، على أكثر من صعيد ..

5 ـ ان الثورة الإعلامية العالمية ، وتقديم نماذج من الحياة اليومية ، ونماذج من المشاكل .. دفعت هذا الجيل الى الإحساس بانعدام الوزن ، واسوداد المستقبل أمام أبناءه .

ان كل تلك المعطيات أوجدت صفات لهذا الجيل ممكن تلخيصها بما يلي :

1 ـ عدم القراءة و المطالعة ، للإحساس بعدم نفعها .. بل و تعدت تلك الصفة الى المواظبة على الانتظام بالمدارس و المعاهد و الجامعات .. فأعطت صبغة عامة على انخفاض المستوى العلمي قياسا بمن سبق من الأجيال .

2 ـ انخراط ابناء هذا الجيل في نماذج متناقضة غير سوية ، فمن الالتزام المبالغ به بالتجمعات ذات الطابع الديني .. الى الانحراف و تعاطي كل أشكاله التي لم تكن تعرفها الأمة سابقا ..

3 ـ فقدان الإحساس بالهوية الوطنية ، وهذا يتمثل بأزياء بعض الملابس و قصات الشعر ، و ترديد بعض الأغاني و الغوص باستخدام الشبكة العنكبوتية لصرف فيض الاحتقانات المتعددة ، وبأشكال تنذر بخطورة ما !

4 ـ فقدان حالات الانضباط الاجتماعي العام .. كما رافق تلك الصفة عدم التهيب أو الخوف من شيء ، وهي صفة لم تتواجد بالجيلين السابقين بهذا الوضوح .

ويبقى بين كل تلك النماذج مساحات يعيش بها نماذج سوية ، سيكون لها شأنا وقدرة استثنائية في تصويب حال الأمة ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #39  
قديم 01-11-2005, 06:05 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

تتابع الأجيال .. البذرة أهم أم الفسيلة ؟



نعلم في مهنتنا أن تطابق مواصفات النبات الذي يتكاثر بالبذور يكون أقلا منه في النبات الذي يتكاثر بالفسيلة أو ما يطلق عليه التكاثر الخضري . فلو رميت ببذرة مشمش أو تمر أو حتى قمح في مكان ما ، وقدر لها أن تنبت ، فانها لن تشابه النبات الأصلي الذي أخذت منه .. وبالغالب تكون أسوأ من النبات الأصلي ، لذا كان آباؤنا يبحثون بجدية في حقل واسع عن سنابل يأخذون بذورها ، ويزرعونها في منأى عن الاختلاط بغيرها ، من أجل تحسين البذور لديهم .

أما الإكثار بالفسائل أو العقل أو التكاثر الخضري بشكل عام ، فيكفي أن تأخذ فسيلة أو جزءا خضريا من نبات و تعتني به ، حتى ينتج نباتا مطابقا لمواصفات أمه .

نحن أمام مهمتين : الأولى المحافظة على الخصال الجيدة للجيل السابق ، والمهمة الثانية : هي تحسين الجيل القادم بمواصفات تزيد جودة عن سابقاتها من الجيل الأول . كيف ؟

ان سباق التتابع الذي يجري على صعيد الرياضة ، حيث يركض من نقطة الانطلاق (أ ) أحد المتسابقين ليعطي رسالة ( في الرياضة عصا خفيفة) للمتسابق الذي عند النقطة ( ب) وهذا بدوره يركض ليعطيها للمتسابق الذي عند النقطة (ج) وهكذا حتى يستلمها من هو عند آخر نقطة ..

ان من يراقب تقنيات هذا السباق ، يرى أن المتسابق عند النقطة التالية (ب) مثلا ، سيركض مسافة تساوي عشر أو خمس المسافة التي ركضها من هو قبله حتى يصلا معا الى النقطة ( ب) ، فيكون عندها تسارع الذي استلم الرسالة يساوي أفضل حالاته للانطلاق ، وهكذا يفعل كل واحد عند أي نقطة .

لو أسقطنا هذا المثل على تتابع أجيال حركة النهوض العربي ، فلا بد أن يكون التفاهم بين الأجيال يتشابه مع التفاهم بين المتسابقين في المثال السابق ، فلا يعقل أن يبقى أحدنا محتفظا بكامل لياقته الفكرية مدى الحياة ، فلا بد أن يستلم راية النضال أبناء الأجيال القادمة .. وحتى يتم تسليمهم على أحسن وجه ، لا بد من التصالح و التفاهم معهم ..ليبقى التسارع في حالاته المثلى ..

اننا عندما تحدثنا عن رداءة الجيلين و ما مر بهما من ظروف جعلتهما يعطيا صفة أو صبغة سيئة تنذر برداءة ما هي عليه الأمة . لم نذكر ذلك كدعوة للتسليم باستحالة التغيير في حال الأمة . فتلك الصفات تجدها في كل أمم العالم . ولكننا أشرنا الى أن هناك مساحات ، يعيش فوقها نماذج مؤصلة ، لم تستطع أن تعبر عن الأمة بخصائصها هي ، بل استطاعت النماذج السيئة أن تعبر عن ذاتها السيئة ، مما ألصق صفات السوء بالأمة .

لكن ان نسبة 2.5% من أي مجموعة ، فئة كانت أو طائفة أو شعب أو أمة هي كافية لتحدث التحول و التحسين لواقع الأمة ..

يكفي أن يلتقي خمسة من الجادين ، لينظموا مظاهرة يخرج بها عشرات الألوف .. و هي نسبة لم أخترعها ، بل هي نسبة اتفق عليها كل علماء علم النفس السياسي .

ففي صف طلاب مكون من أربعين طالب ، يستطيع واحد أن يحل سؤالا صعبا ، ولا يستطيع واحد أن يحل سؤالا اذا استطاع أن يحله ال 39 طالب ، و يبادر واحد من الطلاب على الضحك على موقف لم يكتشفه الآخرون ، ولكنهم يضحكون عندما يبين لهم وجه الضحك بالموقف .. ويبقى طالب واحد لا يضحك اذا ضحك كل الطلاب !

من الواضح أن عملية تجميع الجادين في الأمة هي أسهل مئات المرات من تجميع غيرهم ، لأن ما يجمعهم يحمل أسباب الوجاهة ، في حين غيرهم لا يستطيع الثبات لرداءة و سفالة ما يطرح من أفكار ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #40  
قديم 03-11-2005, 06:51 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

متى يتحرك الناس للتغيير و كيف يتحركون ؟


الامتعاض ، عدم الرضى ، الرفض ، السخط ، العصيان المدني ، التمرد .. والكثير من المصطلحات التي تشير لحالات تسبق التغيير في أي بلاد . لكن ما الذي يجعل أن يكون هناك شعبا راضيا و شعبا رافضا ، و إنسانا راضيا و إنسانا رافضا ؟

قد يقدم لإنسان كسرة خبز وقليل من الماء ، ويكون شاكرا و راضيا و قانعا وحامدا .. وقد يقدم له طعام فاخر من أجود الأصناف ، ولا يبدي الرضا و لا الشكر ، بل سيفتش عن أدق التفاصيل و يجعلها مدخلا لإبداء عدم رضاه .. كالاحتجاج على كمية الملح الزائد أو الناقص ، أو درجة نضج الطعام الخ .

في حالات قبول المواطن للحكم أو عدم قبوله ، لا تخضع الأمور دائما لاحتكام المنطق والعلم ، بل تخضع لنفس المزاج الذي سقناه بمثال الطعام .. فمن المواطنين من يمدح الحكم أي حكم ، دون أن يلمس منه أي شيء إيجابي أو سلبي ، وهناك من يعلن رفضه وعدم حبه للحكم منذ اللحظة الأولى ؟

تتدرج حاجات الناس في ثلاث مراحل متتالية من حيث الأهمية ، المرحلة الأولى : هي الحاجة للمنفعة الحدية ، ففوائد السكن الحدية مثلا ، هي الوقاية من عوامل الجو والطبيعة وتأمين الستر للساكن .. فان توفرت ينتقل الإنسان لتلبية الحاجة الثانية وهي الرمزية ، كأن يلتزم بنمط البناء السائد في المنطقة من طراز عربي اسلامي ، أقواس ، مقرنصات الخ .. فاذا تحققت انتقل الى اشباع الحاجة التميزية ، كأن يختار بعض أصناف الرخام أو الحجر مع التفنن بنقشها ليتميز على غيره من السكان الذين أمنوا سكنهم أولا والتزموا بالطراز المعماري ثانيا .. فلم يبق الا أن يتنافس معهم على تخصص يميزه !!

سنجد هذا التسلسل في كل المناحي ، بالملبس والطعام ووسائط النقل .. حتى في تقبل موضوع الدولة ..

فالحاجة الاساسية للدولة ، كما يراها البعض هي تأمين القانون الذي يحمي الناس من بعضهم ويؤمن حماية البلاد من العدوان الخارجي ، ويوظف خيرات البلاد لخدمة أبناء البلاد .. وقد تكون هناك أهداف في مخيلة أي فرد تتقدم على غيرها من الأهداف الأخرى التي تكون هي لدى أفراد آخرين بالصدارة ..

لكن ما هي العوامل التي تجعل السمة العامة لدى المواطنين هي عدم الرضا ؟

1 ـ غياب العدل ، وكثرة الاستثناءات تجعل المواطنين يتبرمون من وضع الحكم .. وعندما يحكم على مواطن بحكم قاس ، ويدرك أنه لا يوجد من ينصفه لأنه وقع بشباك معقدة من الإجراءات التي تكفل عدم تغييرها صرامة الرؤى الحكومية تجاه ، مثل تلك الأصناف من الأحكام .. فإن المواطن سيشعر بقهر وإحباط هائلين ، سيشكلان في داخله ندبا يبني عليها مواقفه المستقبلية ..

2 ـ ضيق المعاش على المواطن ، يجعل مشاعره تجاه المكان الذي يعيش فيه غير ودية لأنه لم يشبع حاجاته الحدية من مأكل و مشرب ومسكن و تعليم و علاج من خلال تلك الأوضاع .. فان وده تجاه المكان و من يديره ( الحكم ) ستكون بلا شك ، مشاعر غير ودودة بأقل تعبير ..

3 ـ مشاهدة المواطن لنماذج تقل عنه كفاءة و نشاطا ، لكنها تعيش في أوضاع أكثر راحة و يمن منه .. وذلك لأنها محسوبة على جانب الولاء للنظام الحاكم ، فهذا يجعل هؤلاء الأشخاص مهاميز استفزاز مستمر لذلك المواطن ، خصوصا اذا كان على صلة مكانية أو زمانية بتلك النماذج .. كزمالة في المدرسة أو الكلية أو جار أو قريب .. وقد عرف عن ماضيه ما يؤكد عدم استحقاقه للعيش بهذا النمط المتفوق على نمط المواطن ..

4 ـ نموذج المفروزين من الحكم ، لعدم مطابقة سلوكهم مع السلوك العام للحكم.

5 ـ هناك نماذج تكون أكثر نشاطا في تحركها ، و أكثر قيمة عند القوى الخارجية التي تتربص بأي بلد سوءا .. وهي النماذج التي كان آباؤها و أجدادها متسيدون في عهود قديمة ، كعهد الإقطاع أو عهود الحكومات المرتبطة بالأجنبي بوقاحة ، فهؤلاء مهما كان شكل الحكم ، يبقى الحنين لأمجادهم السابقة هو من يحركهم ويدفعهم للمساهمة في رفض أي حكم لا يعيد لهم أمجادهم ..

6 ـ النموذج الأخير الذي ينشط و يغلب على نشاط كل النماذج السابقة .. هو نموذج الرافضين للحكم لعدم تحقيق الشخصية الوطنية للبلاد ، وعدم تحقيق إنجازات على صعد تطوير هيبة البلاد و النهوض بها اقتصاديا و علميا .. وهؤلاء في الغالب هم من السياسيين المحترفين .. الذين يستطيعون في الغالب استثمار تذمر الفئات الأخرى ..

وعلى العموم فإن كل تلك الفئات والنماذج ، غالبا ما كانت تفشل في البلدان العربية ، التي توقف فيها الأثر العسكري في تغيير الأنظمة منذ أكثر من ثلاثين عاما لأسباب ذكرناها في موضع سابق .. كما أن السلطات الحاكمة في أغلبية الأقطار العربية والتي تمكنت من معرفة وقف التغييرات التي تتم بواسطة الجيش (رغم حالة موريتانيا كاستثناء) .. فقد احترفت التعامل مع القوى المعارضة .. واستطاعت شرذمتها و تخفيف أثرها .. بالإضافة لافتقار تلك الفئات المعارضة نفسها لتحديث أساليب معارضتها المدنية ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م