( ألا لـيـــت قـومـــي يعلـمــــــــون . . . ! )

[أحمد علوي]

-

لا أروع ولا أمتع ولا أحلى من ساعة يقضيها الإنسان بين يدي الله سبحانه ..
وتوضيح ذلك يسير لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد :
أرأيتم إلى إنسان تصله فجأة بطاقة دعوة إلى مجلس عظيم من عظماء الدنيا
_ صاحب شأن كبير ، وكلمة نافذة ، وسلطان واسع ، ونفوذ ، وجاه ، وهيل وهليمان ، وصولة وصولجان ..!! _
ترى كيف سيكون حال هذا الإنسان وهو يجد بين يديه هذه الدعوة الكريمة ..؟!
ابتداءً ، قد لا يصدق ما يرى، فمن هو حتى يُدعى دعوة رسمية كهذه ، وبهذا التكريم الملحوظ ..!
ومن ثم فإنك ستجده يستعد استعداداً غير عادي ، استعداد يليق بصاحب هذه الدعوة ومن فيها ..!
.. بل وأكثر من هذا :
ستجد لسانه لا يكف من الاتصال بكل من يعرفه ليزف إليهم هذه البشرى العظيمة ..!!
بل وأكثر من هذا : قد لا يجد النوم طريقه إلى عينيه في تلك الليلة ، بسبب موجة الفرح غير العادي التي تملأ عليه زوايا قلبه كلها ..!!
بل وأكثر من هذا أيضاً : ستجد جميع المحيطين به [ من أهل وأقارب وأصدقاء وجيران ] الجميع يهنئونه ويباركون له ، ويقترحون عليه ، ويدفعونه إلى مزيد من الاستعداد ، وقد يبادرون بمد يد المساعدة التي قد يحتاجها ..!!
هذا كله قبل أن يصل إلى ذلك المحفل الكبير ، ويشارك في هذه الدعوة التي لم يُدعَ إليها إلا خاصة الخاصة ..!!
أما هناك ، وما أدراك ما هناك ..!!
فماذا تتوقعون أن يكون من أمر هذا الإنسان وهو يرى شدة الحفاوة به ، وروعة الترحيب له ،
وفرحة اللقاء معه ، وكأنه شخص غير الذي يعرف نفسه من الوضاعة …!!
كيف تتوقعون أن يشعر وهو يجد نفسه في ذلك المهرجان المبهر ،
لاسيما وقد علم من بطاقة الدعوة : أن المبادرة والاهتمام بهذه الدعوة تعني أن يتحصل على الكثير ممن يتمناه ويطلبه …!!
كيف تتوقعون أن تكون مشاعره في تلك الساعة ؟
أما أنا فأحسب أنه يكاد يخرج من جلده من شدة الفرح ..!
ثم هل تظنونه في تلك الساعة العجيبة يرغب في الانصراف سريعاً ، أم أنه يود لو طال السمر وامتد ، لساعات من رواءها ساعات ..!!
.. وقس على هذا كثير مثله ..
والآن .. بالله عليكم إذا كان هذا كله شأن الجلوس والإقبال على مخلوق _ أياً كان هذا المخلوق _
فكيف الشأن إذن في الإقبال على من ليس كمثله شيء وهو السميع العليم .. من بيده ملكوت السماوات والأرض .. من إذا أراد شيئاً إنما يقول له كن فيكون ؟!
ألا إنها لذة لا يمكن أن تصفها الكلمات ..
وتعجز عن التعبير عنها الألسنة .. ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..!
ولذا قال بعضهم :
مساكين أهل الدنيا _ أي أهل الشهوات _ خرجوا من الدنيا ولم يذوقوا أحلى وأطيب ما فيها .
فقيل له : وما أطيب ما فيها ؟ فقال : طاعة الله ، وحسن الإقبال عليه ، والتلذذ بذكره ومناجاته ..
وقال آخر : إنها ساعة لا تشبهها إلا ساعة أهل الجنة في الجنة ..!!
وقال ثالث :
على نفسهِ فليبكِ من ضاعَ عمرُهُ ***** وليسَ له منها نصيبٌ ولا سهمُ
والذين لا يرون الأمر على هذه الصورة بل وأكبر منه :
فليعلموا أنهم مصابون بعمى بصيرة ، وانطماس فطرة _ والعياذ بالله _
..