09-10-2005, 03:22 AM
|
Banned
|
|
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 592
|
|
مذهب من يقول من السلف والخلف بوجوب خلع الحاكم الجائر ولو بقوّة السلاح ، إن لزم الأمـر
بسم لله الرحمن الرحيم
الشيخ العلامة
حامد بن عبدالله العلي
مذهب من يقول من السلف والخلف بوجوب خلع الحاكم الجائر ولو بقوّة السلاح ، إن لزم الأمــر
قالوا : ذلك أن الله تعالى أمر بإنكار الظلم وإزالته ، وشرع ذلك أولاَ باليد ، ولأنّ الجور سبب لفساد البلاد والعباد ، وفي دفعه تحقيق الصلاح والمصالح العامّة التي ماجاءت الشريعة إلاّ لتوفيرها للناس، وما مبنى هذه الشريعة ـ أصـلا ـ إلاّ على هذا الأساس .
قال الإمام ابن حزم رحمه الله : ( إنّ سل السيوف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب ، إذا لم يمكن دفع المنكر إلا بذلك ) الفصل في الملل والأهواء والنحل 4/171
وقال رحمه الله : ( وهذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وكل من معه من الصحابة ، وقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وطلحة والزبير ، وكل من كان معهم من الصحابة ، وقول معاوية وعمرو والنعمان بن بشير ، وغيرهم ممن معهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، وهو قول كل من قام على الفاسق الحجاج ومن والاه من الصحابة رضي الله عن جميعهم ، كأنس بن مالك ، وكل من كان ممن ذكرنا من أفاضل التابعين )
ثم قال ( ثم من بعد هؤلاء من تابعي التابعين ، ومن بعدهم كعبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله بن عمر ، وكعبدالله بن عمر ، ومحمد بن عجلان ، ومن خرج مع محمد بن عبدالله بن الحسن ، وهاشم بن بشر ، ومطر الوراق ، ومن خرج مع إبراهيم بن عبدالله ، وهو الذي تدل عليه أقوال الفقهاء ، كأبي حنيفة ، والحسن بن حي ، وشريك ، ومالك ، والشافعي ، وداود وأصحابهم ، فإن كل من ذكرنا من قديم أو حديث إما ناطق بذلك في فتواه ، وإما فاعل لذلك بسل سيفه في إنكار ما رأوه منكرا ) الفصل 4/171ـ172
قال أصحاب هذا المذهب :
وقد أمر الله تعالى بقتال الفئة الباغية قائلا : ( فَقَاتِلوُا التّيِ تَبْغِي حَتىّ تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ) وقد علق الحكم على وصف البغي ، وهو دليل بيـّن على أن السلطة إن تحقق فيها هذا الوصف ، يجــب أن تقاتل حتى تفيء إلى أمر الله .
فإن قيل : إن الآية في طائفتين اقتتلتا باغيةً إحداهما على الأخرى ، وليست في قتال السلطة الباغية ؟! ،
فالجواب : إن عموم الآية يتناول سلطة البغي ، المنحاز إليها طائفة البغي ، الظالمة لبقية المسلمين ، فهي طائفة بلا ريب ، وهي باغية بلا شك ، فوجب الانقياد للأمر الإلهي بقتالها ، عملا بظاهر القـــــرآن .
قالوا : ولئن دل قوله تعالى : ( فإنْ بَغَتْ إِحْداهما عَلىَ الأُخْرَى فقَاتِلُوا التي تبْغي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ) على وجوب قتال الباغين من غير السلطـة إلى غاية الرجوع إلى حكم الشريعة ، فما باله لايدل على قتال الباغين من ذوي السلطة إلى غاية هي الرجوع إلى الشريعـة ؟!! والحال أن بغي السلطة أشد ضررا ، وأعظم خطرا ، وأكثر فسادا ؟! إن هذا لعجــب !!
وقالوا : وقد عمل من ذكرنا من السلف بهذه الآيــة ، وبالنصوص القرآنية التي تنفي العهد عن الظالمين قال تعالى ( قالَ إنيّ جاعِلُك للنّاسِ إِمَاما قاَل لاَيَنالُ عَهْدِي الظّالميِن ) ،
وبالنصوص النبوية التي أمرت بالأخذ على يد الظالمين ، فمن ذلك :
حديث أبي سعيد الخدري قال صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه تلا قوله تعالى ( يا أيها الناس عليكم أنفسكم لايضركم من ضل إذا اهتديتم ) فقال : أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية فتضعونها في غير موضعها وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيرونه ، أوشك أن يعمهم بعقابه ) وقد ورد ( إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه ) خرجه احمد وأبو داود والنسائي
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : ( ما من نبي بعثه الله قبلي إلا كان له من أمته حواريون ، وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف ، يقولون مالا يفعلون ، ويفعلون مالا يؤمرون ، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ) رواه مسلم
قال ابن رجب : ( وهذا يدل على جهاد الأمراء باليد ) جامع العلوم 304
قالوا : وما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليتخوف على أمته الأئمة المضلين ، ثم لاتكون شريعته داعية إلى إزالة ما يخاف على أمته منه !
ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قال ( إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين ) خرجه الترمذي ،وقال ( وإنما أتخوف على أمتي أئمة مضلين ) خرجه أحمد أبو داود وابن ماجـــة ، وقال ( أشد الناس عذابا يوم القيامة : رجل قتله نبي ، أو قتل نبينا ، وإمام ضلاله .. الحديث ) خرج أحمد
قالوا : ولهذا قال الصديق رضي الله عنه ـ كما في السير ـ في أول خطبة سياسية في الإسلام مبيّنا سنة هذه الأمة في تحقيق العدل ، ومحاربة الظلم : ( إن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوموني ) ..قال ابن كثير : إسناده صحيح
ولهذا قال عمر رضي الله عنه لكعب رضي الله عنه : إني سائلك عن أمر فلا تكتمني ، قال : والله لا أكتمك شيئا أعلمه ، قال ، أخوف شيء تخوفه على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أئمة مضلين ، قال عمر : صدقت ، قد أسر ذلك إلي ، وأعلمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم . خرجه أحمد
قالوا : وهذا مذهب سيد الفقهاء أبي حنيفة النعمان رحمه الله ، قال أبو بكر الجصاص رحمه الله في أحكام القرآن : ( وكان مذهبه رحمه الله مشهورا في قتال الظلمة وأئمة الجور) وقال ( وقضيته في أمر زيد بن علي مشهورة ، وفي حمله المال إليه ، وفتياه الناس سرا في وجوب نصرته ، والقتال معه ، وكذلك أمره محمد وإبراهيم ابني عبدالله بن حسن ) .
قالوا : وهذا نجم العلماء مالك بن أنس رحمه الله ، قد أفتى الناس بمبايعة محمد بن عبدالله بن حسن عندما خلــع الخليفة المنصور ، حتى قال الناس لمالك : في أعناقنا بيعة للمنصور ، قال : إنما كنتم مكرهين ، وليس لمكره بيعة ، فبايع الناس محمد بن عبدالله بن حسن عملا بفتوى الإمام مالك .. ذكــره ابن كثير في البداية والنهاية 10/84
وقد قالت المالكية : ( إنما يقاتل مع الإمام العدل ، سواء كان الأول ، أو الخارج عليه ، فإن لم يكونا عدلين ، فأمسك عنهما إلا أن تراد بنفسك ، أو مالك ، أو ظلم المسلمين فادفع ذلك ) أحكام القرآن لابن العربي .
وقال ابن العربي : ( وقد روى ابن القاسم عن مالك : إذا خرج على الإمام العدل ، خارج وجب الدفع عنه ، مثل عمر بن عبد العزيز ، فأما غيره فدعه ، ينتقم الله من ظالم بمثله ، ثم ينتقم الله من كليهما ، قال الله تعالى " فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولى بأس شديد ، فجاسوا خلال الديار ، وكان وعدا مفعولا " ، قال مالك : إذا بويع للإمام فقام عليه إخوانه ، قوتلوا إن كان الأول عدلا ، فأما هؤلاء فلا بيعة لهم ، إذا كان بويع لهم على الخوف ) أحكم القرآن
قالوا وهذا مذهب الإمام أحمد بن حنبل في رواية ، فقد ذكر أبن أبي يعلى في ذيل بقات الحنابلة عنه ( من دعا منهم إلى بدعة فلا تجيبوه ولا كرامــه ، وإن قدرتم على خلعه فافعلوا ) طبقات الحنابلة 2/305
قالوا : وإن كان المشهور من مذهبه ، تحريم خلع الإمام الجائر ، غير أنه يمكن التوفيق بأن قوله بالتحريم يحمل على عدم القدرة لأنه حينئذ فتترجح المفسدة ويبقى الظلم بل قد يزداد .
ولهذا ذهب بعض محققي الحنابلة إلى القول بخلع الجائر ، منهم ابن رزين ، وابن عقيل ، وابن الجوزي ، رحمهم الله ، كما ذكر ذلك المرداوي في الإنصاف 10/311
قالوا : والعجب ممن يحرمون خلع السلطة الجائرة ، فيكونون سببا لبقاء الظلم الذي كتب الله تعالى تعجيل عقوبته ، وتستفيد السلطة الظالمة المستبدة من توقيعاتهم على جورها ، ليبقى ويزداد كما وكيفا ، ويتخـذ أشكالا وألوانا ،
قالوا : ثم العجب منهم والله كل العجب ، أنهم يدندنون على دوران الشريعة على حفظ الضروريات الخمس ، حفظ الدين ، والعقل ، والعرض ، والمال ، والنفس ، ثم يٌقِرّون بقاء سلطة تنقض هذه الضروريات نقضا ،
فيعطّلون أعظم مقاصد الشريعة العادلة التي ما أنزل الله تعالى إلا لبسط العدل على الناس ، وإزالة الظلم ، وحفظ الحياة من الفساد ،
قالوا : فأي تناقض تأتي به شريعة قـط ، أعظم من هذا التناقض ، أن لو كان إقرار السلطة الجائرة ، وتركها تنشر الظلم ،بلا نكير ، ولا تغيير ، من أصولها !!
وقائل قائلهم : وأيَّ معنى ـ ليت شعري ـ لشريعة قط إن خلت من تحقيق العدل ، وإزالة الظلم ؟!
قالوا : وإنها لجناية على دين الإسلام أعظم جناية ، وتشويه يصدّ عن سبيله أيّ تشويه ، أن يقال في هذا الزمان الذي تثور فيه الشعوب مطالبة بحقوقها فتحصل عليها ، وتكف يد الظالمين عن الأموال ، والأعراض ، والدماء ، وعن العبث بمقدرات الأمة ،
أن يقال : إن شريعة الله تعالى تأمر المسلمين أن يكونوا عونا للظلم بسكوتهم عليه ، وإقرارهــم له .
قالوا : وكيف يحقّ لكم ـ أيها المحرمون خلع السلطات الجائرة بالقوة ـ لــوم الشعوب أن تطلب الخَلاَصات السياسية ، في غير هذه الشريعة ، إن كنتم تقولون لهم إنّ فقهها السياسي قائم على إقرار الظلم ، بل تشريع أسباب بقاءه بتحريم تغييره ؟!!
قالوا : وإذا تبيّن أن القول بتحريم خلع السلطة الجائرة ، معارض لمقاصد الشريعة ، وهو ذريعة لصدّ الناس عن اتباعها فيما هو من أعظم حاجاتهم الحياتية ، علم بطلان هذا المذهب وفساده ، وتناقضه ، والحمد لله .
المذهب الخامس :
مذهب جهاد المرتدين :
وهؤلاء يقولون ، إن النصوص التي استدل بها أصحاب المذهب السابق ، معارَضَة بالأحاديث الآمرة بالصبر على جور الولاة الظلمة ، لئلا ّينكر المنكر بأنكر ، كما ذكر في المقال الثاني ، وهذا سلمنا به ، فتكون معالجة جور السلطة بالإنكار اللساني ، والوسائل الأخرى المتاحة غير الخروج المسلح .
غير أن تلك النصوص باقية بحالها على دلالتها في جهاد االسلطة المرتدة ، بنص الحكم النبوي الصادر بالحق المبين ( إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان ) .
قالوا : ولسنا بحاجة إلى بيان ردّة هؤلاء الحكام مع ظلمهم وفسادهم ، وأنّ وصفهم بالجوْر فقط ، يُضحك الثكلى ، بل هو أشبه باللغط ، غير معدود في أقوال العقلاء ، هو من مذاهب السقط .
قالوا :وحينئذ فكلّ ما استدل به أصحاب المذهب السابق ، دليل لنا ،
|