Man9ool
www.fm-m.com
Felesteen Almoslemah
جريمة جباليا وانتهازية السلطة الفلسطينية
بينما كانت حركة حماس تقيم مهرجاناً حاشداً في مدينة جباليا يوم الجمعة 23 أيلول/سبتمبر الماضي احتفالاً واحتفاء بالاندحار الصهيوني من قطاع غزة، أطلقت قوات الاحتلال الصهيوني في صواريخها الغاشمة على المحتفلين والمحتشدين، فقتلت تسعة عشر شاباً وطفلاً، وجرحت العشرات.
وفي الوقت الذي توقعنا فيه من السلطة الفلسطينية أن تصدر بياناً يدين هذه المجزرة البشعة كحد أدنى، فإذا بوزارة داخليتها ((العتيدة)) تصدر بياناً وبعد وقت قصير جداً، يحمّل فيه حماس المسؤولية، باعتبار أن ما وقع هو انفجار داخلي، ويبرّئ بالطبع سلطات الاحتلال من هذا الفعل الآثم والغاشم!.. وعندما سارعت حركة حماس إلى التأكيد على ما أعلنته عن مسؤولية الاحتلال عبر مؤتمرها الصحفي مبرزة الأدلة والقرائن، عادت وزارة الداخلية للتأكيد على موقفها بتبرئة الاحتلال، واتهام حركة حماس بالمسؤولية!!
وفي اليوم التالي، أقامت السلطة الفلسطينية احتفالاً بالاندحار الصهيوني من قطاع غزة(؟!)، وألقى محمود عباس كلمة لم تشتمل على إدانة الاحتلال، ولا تقديم العزاء بالشهداء والضحايا، وإنما غمز ولمز من قناة حماس تحت عناوين وشعارات ((الفلتان الأمني وفوضى السلاح))!
ولم يتوقف الأمر عند السلطة ووزارة داخليتها، بل تمّ الزجّ بحركة فتح –التي لا تمثّل جهازاً رسمياً، وإنما هي فصيل- في سوق الاتهامات والمزايدات، فزوّروا باسم لجنتها المركزية بياناً يحمّل حماس المسؤولية!
لقد طرحت وأثارت هذه المواقف تساؤلات عن أسباب إصرار السلطة الغريب على اتهام حماس، وتبرئة الاحتلال، خصوصاً وأن وزارة الداخلية، التي يقف على رأسها اللواء مصطفى البشتاوي (المسمّى بـ((نصر يوسف)))، لم تكلّف نفسها عناء إرسال لجنة لمعاينة المكان ميدانياً، وفحص مواد الانفجار والشظايا!
طبعاً، إذا عرف السبب دائماً، بطل العجب. ويمكن الحديث عن أكثر من سبب لهذا الموقف، الذي يمكن وصفه بـ((اللاأخلاقي))، لأنه يستند إلى اعتبارات وحسابات ذاتية.
1. إقرار السلطة بأن الانفجار ناجم عن صواريخ الاحتلال يحرج السلطة، ويعطي الحق لفصائل المقاومة بالرد على هذا العدوان، وهو ما لا تريده السلطة.
2. تحميل حماس المسؤولية، يعني اتهامها بالإهمال والاستهتار بحياة البشر، وهو ما سيحرجها أمام جماهيرها، الأمر المهم بالنسبة للسلطة في ظل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، والخوف من فوز حماس فيها.
3. هذا الاتهام محاولة جديدة من السلطة لتجريم سلاح المقاومة، باعتبار أن هذا السلاح هو السبب في الانفجار الذي وقع.
إن هذه الأسباب التي تقدّم ذكرها تشير بوضوح إلى انتهازية السلطة، وإلى أنها غير معنية بحماية شعبها، وإنما معنية بالحفاظ على مواقعها وامتيازاتها، حتى لو كان ذلك على حساب الدماء الفلسطينية الطاهرة، التي تهرق من الاحتلال وأجهزته.
ولكن ما ينبغي على هذه السلطة إدراكه أن شعبنا الصابر المصابر يمتلك من الوعي والإدراك، ما يُعينه على الانحياز للمقاومة الشريفة، ولن تنطلي عليه مؤامرات تجريمها وإدانتها عبر الوسائل الرخيصة والانتهازية.
التحرير