.. .. .. ملحــــمة الغيـــــــــــاب .. .. ..

[ابو طارق]

حبيبتي ..

الكتابة عنك مهرجان فرح لا ينتهي ..
انتشاء غامر للورق والحبر..
عيد باهر للفواصل والنقاط..
سعادة في التقاء الكلمات المغتربة ..
بعد زمان الحنين ..
الكتابة عنك عودة للطفولة الشقية..
تلك التي تركض في دماءنا دون توقف ..
تأمل لحكمة الأزل في مفاجأة الاقتراب ..
وحنو الاحتضان بعد زمان النأي والشتات..
سفر في الجمال وترحل في الشوق وانعتاق في الحب..
الكتابة عنك تأمل في حقيقية كونية كبرى كشروق
الشمس ..
تأتي بالدفء لقلوب أحبت مدنك المسكونة بالبياض..
مفاجأة لا يمكن التعود عليها ورجفة في الروح لا
تنقضي ..
حين يقرر مغامر أن يحتوي غربته في كلمتين..
تعتذر الحروف, وحين يصرّ في مجازفة تشبه النزق..
تجاوز قلبه ليقف في المسافة بين عينيك وعينيك ..
يعلم أنه يغرق في لونهما البني ..
لينجو من مصيدة الكآبة في الغياب ..
لكن أزمته مع الوقت والمكان وعينيك لا تنتهي
ابدا..
كما هي الحقائق الكبار ندرك وجودها..
لكننا نعجز عن تفسير أثرها علينا وعلى العالم
من حولنا..
باهرة أنت في حضورك وباهرة كذلك في الغياب ..
تسلمين الموج للبحر يقبل رمله حين تأتين ..
فينسحب الليل مكتفيا بالعتاب الذي لا يقدم عذرا
للشواطيء..
التي خلت من نوراسها..
إنها هنا في قلبي تراقب ولادتك في ضوء نجمة
شاردة ..
قررت أن تقاوم لترى كيف تومضين ..
لكن الغياب قدرك الآخر الشبيه بالفناء ..
لكل من يستنشق عبيرك القادم من المجهول ..
رجفة للقلوب , هزيمة للنهار المثابر , انطفاء
للأحلام الباذخة..
تخل عن براءة الحلم وخجل الطفولة ..
ترى كيف يمكن للأساطير التي نبتت في مشاعرنا ..
أن توالي بقاءها في حضورك ..
وكيف يمحو الوقت وهج روحك المذاب في لواعجنا
والاغتراب ..
وكيف لنا أن نروض خيول كثيرة .. كثيرة جدا
تفر إلى صقيع مميت حين تقررين التراجع والغياب ..
هذا الشحوب الذي يعتري الورد..
تلك الغيوم التي تكسو الأفق..
ذلك الترمد الذي يطفيء البهجة..
بدايات الغروب الكسير .. الكسير
كما لم يحدث لوجود من قبل ..
يهجم بجنون ليقضي على كل ما تبقى ..
من وله الربيع الذي جاء قبل أوانه حين هل ضياءك..
وغادر في حسره حين قررت الرحيل ..
بعدها يصبغ الوجوم وجه العالم يتوقف وجهي عن
التحديق..
في مرايا السكون ..
أُصعد عينيّ في سياج يمتد بطول الأفق اللامع..
يعكس ظل عينيك ..
ينهمر مطر خرافي في نحيب مرّوع ..
تبكي قلوب كثيرة ..
ويعلن النهار هجرته ..