مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 06-11-2004, 07:39 PM
ابن الأمل ابن الأمل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2004
الإقامة: مصر
المشاركات: 46
إفتراضي ليلة القدر دروس وآثار فى ميزان الإسلام

بسم الله الرحمن الرجيم
إخوانى جميعا سلام الله عليكم ورحمته وبركاته بداية أهنئكم بهذه الأيام المباركة وأعتذر منكم عن غيبتى الطويلة غير أنى أتعشم أنكم تعلمون مدى صعوبة الدراسة فى الأزهر الشريف إلا أن هذه الصعوبة لم تكن أبدا لتمنعنى من أشارككم فرحة هذه الأيام المباركة فأحببت أن أشارك بهذه السلسلة وهى وإن كانت طويلة نوعا إلا أن تقسيمها إلى أربعة موضوعات يجعل منها ما أتعشمه من أن تكون سهلة المنال لا مملة لا قليلة النفع وسأبدأ سريعا كى لا أطيل عليكم
( 1 )
فى دروس ليلة القدر

الدرس الأول / عدم التلاحى :-

سبق فى سبب إخفاء ليلة القدر حديث الإمام البخارى عن عبادة بن الصامت رضى الله تعالى عنه قال : خرج النبى صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فقال (( خرجت أخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها فى التاسعة والسابعة والخامسة )) وهو عند مسلم عن أبى سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه قال : اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان يلتمس ليلة القدر فى أن تبان له فلما انقضين أمر بالبناء فقوض ثم أبينت له أنها فى العشر الأواخر فأمر بالبناء فأعيد ثم خرج على الناس فقال (( يا أيها الناس إنها كانت أبينت لى ليلة القدر وإنى خرجت لأخبركم بها فجاء رجلان يحتقان معهما الشيطان فنسيتها فالتمسوها فى العشر الأواخر من رمضان ))...... ) الحديث فيبين من هذا أن سبب رفع ليلة القدر أى رفع تحديد ليلتها كان تلاحى رجلين من المسلمين هذا وربما كانت هناك أسباب أخرى إلا أن هذا السبب يبقى هو السبب المباشر فى رفعها فإن قيل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( وعسى أن يكون خيرا لكم )) قلت أن تصادف وجود الخير لا ينفى كون التلاحى شرا بدليل قوله صلى الله عليه وسلم (( فجاء رجلان يحتقان معهما الشيطان )) والشيطان لا يأتى إلا فى الشر
ويلاحظ أن تلاحى الصحابيين لم يكن كما فى يومنا هذا وإنما هما كانا يتطالبان حقوقهما وإن داخل ذلك الغضب والعصبية فلم يكن فى الصحابة رضوان الله عليهم فحاشا ولا لعانا فكيف بنا فى زماننا هذا وما يحدث بيننا من تلاحى قد يصل فى كثير من الأحيان إلى الدماء وكيف لا نستحى وقد سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول (( أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا ائتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر
ولأهمية ذلك الدرس أحب أن أسرد بعضا من أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه
قال صلى الله عليه وسلم (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) وقال (( لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه )) وقال (( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم )) وقال (( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر )) وقال (( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ))
فهذا كله والله مما ينقصنا فى هذه الأيام اللعينة أيام الفتن التى أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اللسان فيها كالسيف فسبحان الله ما أصدق رسول الله

وخير ختام لهذا الدرس هو بعض آيات من كتاب الله تعالى فيه

(( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا )) ( * آل عمران 103 ) (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) ( * المائدة 2 ) (( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم )) ( * المائدة 54 ) (( فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم )) ( * الأنفال 1 ) (( هو الذى أيدك بنصره وبالمؤمنين () وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما فى الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم )) ( * الأنفال 62،63 ) (( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )) ( * الفتح 29 ) (( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم )) ( * الحجرات 10 ) (( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون )) ( * الحجرات 11 )

الدرس الثانى / تحقيق غرض رسول الله صلى الله عليه وسلم :-

كان من حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته وإرادته الخير لها حثهم على أن يتعرضوا لنفحات ربهم فى أيام دهرهم وليس فى أيام الدهر ما هو أفضل من شهر رمضان الذى أنزل فيها القرآن ولذلك فقد أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يضيع المسلمون هذه الأيام فحثهم على الإجتهاد فيها فى العبادة ثم كان فى هذا الشهر الكريم ليلة هى خير من ألف شهر فرأى أصحابه على استعداد لأن يبذلوا ما يفوق طاقتهم من العبادة فى هذه الليلة فأحب صلى الله عليه وسلم ألا يقصروا هذا الجهد على ليلة واحدة فقط ولقد كانت هذه أيضا إرادة الله عز وجل فقد نسى رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة بعد أن أبينت له فقال (( وعس أن يكون خيرا لكم )) وهذا طبيعى جدا أن تتوافق الإرادة الإلهية مع الرغبة المحمدية فليس أحن على أمة محمد صلى الله عليه وسلم من هذين العظيمين ويدل على ذلك حديث مسلم عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال (( التمسوها فى العشر الأواخر فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقى )) وهو واضح فى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلم أنها فى السبع البواقى ولكنه أمرهم بالتماسها فى العشر جميعا وفيه أيضا أن غرض رسول الله صلى الله عليه وسلم هو حثهم على الإجتهاد وترغيبهم فيه إذ نهاهم صلى الله عليه وسلم عن الإجتهاد فوق طاقتهم إلى الحد الذى يعجزهم ويضعفهم وقد يقول قائل قد لعنه الله أنه بهذا يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم كاذبا يعمم لأصحابه ما يعلم تخصيصه والجواب على مثله أن كون تلك رغبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقتضى كونه عالما بتحديدها فقد سبق ان قلنا أنه صلى الله عليه وسلم كان خارجا ليخبرهم بها فرفعت فنسيها صلى الله عليه وسلم كما أنه فى الحديث السابق لم يخفى عن أصحابه كونها فى السبع البواقى ولم يكتف بتعميمها فى العشر الأواخر وكان قوله صلى الله عليه وسلم هذا كفيلا بإعلامهم بأنها فى السبع البواقى فشئ كهذا لم يكن ليخفى عليهم

لكل ذلك يجب علينا أن نراعى حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا ونكون كما كان ديدنه صلى الله عليه وسلم كان يجتهد فى رمضان أكثر من اجتهاده فيما سواه وكان اجتهاده فى العشر الأواخر منه أكثر من اجتهاده فيما يسبقها من الأيام

الدرس الثالث / مساعدة الزوجة لزوجها ومساندتها له :-

رأينا ما فعلته أم المؤمنين خديجة رضى الله تعالى عنها فى هذه الليلة وما ضربته من أروع الأمثلة على مساندة المرأة لزوجها وفى ذلك دروس ودروس

1) تشجيعها لزوجها على الخلاء مع نفسه وربه ومساعدته على ذلك دون شئ مما تفعله النساء من تثبيط لعزيمة أزواجهن حتى أنها كانت تعد له الزاد بنفسها وقد تقدم من حديث عائشة رضى الله تعالى عنها ( ثم حبب إليه الخلاء فكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالى ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها )

2) استقبالها لزوجها بالسكينة فى بيتها والأمان على سريرها فها هو ذا محمد النبى منذ بضع ساعات يدخل عليها صارخا (( زملونى زملونى )) فتستقبله بلهفة الأم الحنون وتبادر إلى طاعته بأسرع ما يكون فلا تستجوبه بل تنتظر ريثما يذهب روعه ويكون همها الأول راحته تقول السيدة عائشة ( فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد فقال (( زملونى )) فزملوه حتى ذهب عنه الروع )

3) سماعها من زوجها سماع المنصت المهتم ثم رفعها من عزيمته بكلمات كالبلسم لروحه وكطريق الهداية لعقله الحائر تقول السيدة عائشة ( فقال لخديجة وأخبرها الخبر (( لقد خشيت على نفسى )) فقالت خديجة : كلا والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحق )

4) مساعدتها له بكل ما فى وسعها دون تخاذل أو تقصير تقول السيدة عائشة ( فانطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة وكان امرءا قد تنصر فى الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبرانى فيكتب من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمى فقالت خديجة : يا بن عم اسمع من ابن أخيك )

تلك والله هى أولى أمهات المؤمنين فأنعم بها من أفضل أم لأفضل أمة وحق لها والله أن يتذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد سنوات من رحيلها وأن يستبشر ويسر لمجرد سماع صوت طرقات أختها فعن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت ( استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف استئذان خديجة فارتاح لذلك فقال (( اللهم هالة بنت خويلد )) فغرت فقلت ما تذكر من عجوز من عجائز قريش هلكت فى الدهر فأبدلك الله خيرا منه ) ( * التجريد ( ح.ر 1575 ) ومختصر مسلم ( ح.ر 1674 ) .... ) وقال الشيخ الألبانى فى تحقيقه ( زاد أحمد فى رواية قالت ( فتمعر وجهه تمعرا ما كنت أراه إلا عند نزول الوحى أو عند المخيلة حتى ينظر أرحمة أم عذاب ) وإسناده على شرط مسلم وفى أخرى له قال (( ما أبدلنى الله عز وجل خيرا منها قد آمنت بى إذ كفر بى الناس وصدقتنى إذ كذبنى الناس وواستنى بمالها إذ حرمنى الناس ورزقنى الله عز وجل ولدها إذ حرمنى أولاد النساء )) ورجال إسناده ثقات رجال الشيخين غير مجالد وهو ابن سعيد وليس بالقوى )

فحق لها والله أن تكون خير نساء الأرض كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ( * مختصر مسلم ( ح.ر 1670 ) عن على رضى الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة بنت خويلد )) قال أبو كريب : وأشار وكيع إلى السماء والأرض )

ولعل الهدية الأكبر والجزاء الأوفى لها رضى الله تعالى عنها أن يرسل لها سبحانه سلامه مع روحه الأمين عن طريق حبيبه فها هى ذى السلسلة الذهبية الحقة التى نعمت بها خديجة بنت خويلد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن ربه عز وجل لها خاصة

عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال ( أتى جبريل النبى صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فاقرأ عليها السلام من ربها عز وجل ومنى وبشرها ببيت فى الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ) ( * التجريد ( ح.ر 1574 ) ومختصر مسلم ( ح.ر 1671 ) واللفظ له ) فياليت كل نساء المسلمين خديجة

وإذا كانت دروس هذه الليلة من الكثرة بمكان حتى أنه لا أحد يقدر على حصرها إلا أننى أحببت أن أتكلم عن هذه الثلاثة دروس لأهميتها البالغة خاصة فى زمان الفتن هذا الذى صارت فيه موبقات زمان النبوة مستحسنات فما بالنا بموبقاته فعدم التلاحى يتعلق بعلاقة المسلمين ببعضهم ولعمرى ما أهم هذه العلاقة التى صرنا اليوم جلوسا تحت الجدران نرثيها وأيضا تحقيق غرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإجتهاد قدر الوسع والطاقة فى هذا الشهر الكريم يتعلق بعلاقة المسلمين مع ربهم عز وجل كما أن ما فعلته السيدة أم المؤمنين وزوجة نبيهم خديجة رضى الله تعالى عنها يعد درسا رائعا لكل امرأة تؤمن بالله تعالى ورسوله وتبحث عن سعادة الدارين وحياة الخلود وإنى لأسأل الله العلى القدير الذى لا يعجزه شئ فى السماوات ولا فى الأرض أن ينظم لنا أمورنا هذه على النحو الذى يرضيه ويرضى رسوله صلى الله عليه وسلم عنا ويجعلنا بحق خير أمة أخرجت للناس
__________________

الأمل
ابــــ ـــن
  #2  
قديم 06-11-2004, 07:49 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

جزاك الله خيرا أخي بن الأمل
ونسأل الله أن يبلغنا هذه الليلة الشريفة العظيمة
وقد سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عن بيان فضل ليلة القدر، وما ورد فيها من الآيات ‏، فقال فضيلته :-
نوَّه الله تعالى بشأنها، وسماها ليلة القدر‏:‏ قيل‏:‏ لأنها تقدَّر فيها الآجال والأرزاق وما يكون في السنة من التدابير الإلهية؛ كما قال تعالى{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ‏}‏[‏سورة الدخان‏:‏ آية 4‏]‏، فسماها الله ليلة القدر من أجل ذلك‏.‏ وقيل‏:‏ سميت ليلة القدر لأنها ذات قدر وقيمة ومنزلة عند الله سبحانه وتعالى‏.‏
وسماها ليلة مباركة؛ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّا أَنزَلْنَاهُ في لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ‏}‏ ‏[‏سورة الدخان‏:‏ آية 3‏]‏‏.‏ ونوه الله بشأنها بقوله‏:‏ ‏{‏وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ‏} ‏[‏سورة القدر‏:‏ آية 2، 3‏]‏؛ أي‏:‏ العمل في هذه الليلة المباركة يعدل ثواب العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، وألف شهر ثلاثة وثمانون عامًا وزيادة؛ فهذا مما يدل على فضل هذه الليلة العظيمة‏.‏
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحراها ويقول صلى الله عليه وسلم""من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا؛ غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‏"‏ ‏[‏رواه البخاري في ‏‏صحيحه‏ ‏(‏2/253‏)‏‏.‏ ‏(‏بدون ذكر‏.‏‏.‏‏.‏ وما تأخر‏) ‏‏]‏‏.‏ وأخبر سبحانه وتعالى أنها تنزل فيها الملائكة والروح، وهذا يدل على عظم شأنها وأهميتها؛ لأن نزول الملائكة لا يكون إلا لأمر عظيم‏.‏ ثم وصفها بقوله‏:‏ ‏{‏سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ‏} ‏[‏سورة القدر‏:‏ آية 5‏]‏، فوصفها بأنها سلام، وهذا يدل على شرفها وخيرها وبركتها، وأن من حرم خيرها؛ فقد حرم الخير الكثير‏.‏
فهذه فضائل عظيمة لهذه الليلة المباركة‏.‏ ولكن الله بحكمته أخفاها في شهر رمضان؛ لأجل أن يجتهد المسلم في كل ليالي رمضان؛ طلبًا لهذه الليلة، فيكثر عمله، ويجمع بين كثرة العمل في سائر ليالي رمضان مع مصادفة ليلة القدر بفضائلها وكرائمها وثوابها، فيكون جمع بين الحسنيين، وهذا من كرم الله سبحانه وتعالى على عباده‏.‏ وبالجملة؛ فهي ليلة عظيمة مباركة، ونعمة من الله سبحانه وتعالى، تمر بالمسلم في شهر رمضان، فإذا وفق باستغلالها واستثمارها في الخير؛ حصل على أجور عظيمة وخيرات كثيرة هو بأمس الحاجة إليها‏

تحياتي

__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }
  #3  
قديم 06-11-2004, 07:49 PM
ابن الأمل ابن الأمل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2004
الإقامة: مصر
المشاركات: 46
إفتراضي

( 2 )

آثار هذه الليلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

يقول الله تبارك وتعالى (( وإنه لتنزيل رب العالمين () نزل به الروح الأمين () على قلبك لتكون من المنذرين () بلسان عربى مبين )) ( * الشعراء 192- 195 ) ويقول سبحانه (( رفيع الدرجات ذو العرش يلقى الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق )) ( * غافر 15 ) ويقول عز من قائل (( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم )) ( * الشورى 52 )

إن من آثار هذه الليلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم – كما تقول الآيات – انتقاله من مصاف المؤمنين الموحدين إلى مصاف الأنبياء المنذرين وكان ذكر الإنذار وحده لأنهم كانوا كفارا مستحقين للعقاب والعقاب يقتضى الإنذار فصار محمد صلى الله عليه وسلم بعد هذه الليلة يصرخ بين ظهرانى قومه (( إنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد )) فصار راعى الأمس اليتيم نبيا مرسلا من قبل رب خلق السماوات والأرض فى ستة أيام ولعمرى ما أعظم هذه النقلة وأكبرها ولا يقلل من حجمها قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ما سبقها من آيات وعلامات تبشر بذلك النبى الذى يسير به الزمان إلى نقطة قدرها الله تعالى فى علمه الأزلى الذى لم يكن قبله شئ وكان من عظمة هذه النقلة أن محمدا صلى الله عليه وسلم قبل ضمة جبريل عليه السلام لم يكن يدرى ما الكتاب ولا الإيمان وما كان يعلم فى حياته سوى أن الأصنام باطل وأن للكون إلاها لا يرى ولا يدرك ولكنه متصرف فى كل شئون كونه شاهد على كل ما فيه وحتى هذا لم يكن بعلم سابق وإنما كان بفطرته صلى الله عليه وسلم التى لم يخلق الله عز وجل فطرة أنقى ولا أطهر ولا أصفى منها أما النبوة فعنها قال الله تعالى له (( قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون )) ( * يونس 16 ) ولعمرى ما أشبه ذلك فيه صلى الله عليه وسلم بأخيه موسى بن عمران عليه السلام الذى قال الله تعالى فى قصته حكاية عن فرعون (( قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين )) ( * الشعراء 18) فها هو ذا الطفل الذى حمله البحر إليه والذى كان سيفه على رقبته والذى أحرق لسانه بالنار والذى رباه على يديه أعواما يقف أمامه داعيا إياه إلى عبادة رب العالمين وهو الذى قال لقومه عن نفسه ( أنا ربكم الأعلى )

كما كان من آثار هذه الليلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحول دفاع الله عز وجل عنه من دفاع فعلى خفى إلى دفاع قولى ظاهر ضد الطاعنين فى نبوته والطاعنين فى أمانته ولعل هذا الدفاع وهذه المحاباة كانت من أسباب نزول القرآن الكريم مفرقا إذ أن آيات وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت كجرعات الدواء التى تثبت المؤمنين على إيمانهم وترد كيد الكافرين إلى نحورهم وإنا لنجد فى كتاب الله تعالى من هذه الآيات الكثير والكثير منها قوله تعالى (( أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين )) ( * الأعراف 184 ) و (( أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آبائهم الأولين () أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون () أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون )) ( * المؤمنون 68- 70 ) و (( قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير مبين () قل ما سألتكم عليه من أجر فهو لكم إن أجرى إلا على الله وهو على كل شئ شهيد () قل إن ربى يقذف بالحق علام الغيوب () قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد () قل إن ضللت فإنما أضل على نفسى وإن اهتديت فبما يوحى إلى ربى إنه سميع قريب )) ( * سبأ 46- 50 ) و (( والنجم إذا هوى () ما ضل صاحبكم وما غوى () وما ينطق عن الهوى () إن هو إلا وحى يوحى () علمه شديد القوى () ذو مرة فاستوى () وهو بالأفق الأعلى () ثم دنا فتدلى () فكان قاب قوسين أو أدنى () فأوحى إلى عبده ما أوحى () ما كذب الفؤاد ما رأى () أفتمارونه على ما يرى () ولقد رآه نزلة أخرى () عند سدرة المنتهى () عندها جنة المأوى () إذ يغشى السدرة ما يغشى () ما زاغ البصر وما طغى () لقد رأى من آيات ربه الكبرى )) ( * النجم 1- 18 ) و (( فلا أقسم بما تبصرون () ومالا تبصرون () إنه لقول رسول كريم () وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون () ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون () تنزيل من رب العالمين )) ( * الحاقة 38- 43 ) و (( وما صاحبكم بمجنون () ولقد رآه بالأفق المبين () وما هو على الغيب بضنين () وما هو بقول شيطان رجيم () فأين تذهبون () إن هو إلا ذكر للعالمين )) ( * التكوير 22- 27 )

كما كان من آثار هذه الليلة التى بدأ فيها اتصال محمد صلى الله عليه وسلم بملكوت ربه عز وجل أن صار الله تعالى هو المساند لحبيبه الذى يشجعه ويخفف عنه حتى أننا نلمس هذا فى دعائه صلى الله عليه وسلم بعد خروجه من الطائف وقوله (( إلى من تكلنى )) ثم قوله (( إن لم يكن بك على غضب فلا أبالى )) فكانت مساندة ربه هى ما يفتقده فى هذه اللحظة وكان أكثر ما يؤلمه هو الخوف من كونه مقصرا فى حق دعوته فكان يستجدى الله تعالى من أجل كلمة رضا واحدة تطمئنه على قربه من ربه ولم يتأخر عنه ربه عز وجل وإنما عاجله بإرسال ملك الجبال فمحمد عنده سبحانه لا يطلب منه أن يأمر ملك الجبال وإنما محمد نفسه هو الذى يأمر ملك الجبال بما يريد فأى مساندة تفوق هذه ولذا نرى محمدا صلى الله عليه وسلم يعفو ويسامح فى سماحة نفس رائعة فهو عندما رفع يديه بكلمات الدعاء التى تقطر حزنا وأسى لم يكن يريد أكثر من استشعار مساندة الله تعالى له وقد كانت هذه المساندة فى أكثر إيحاء الله تعالى إليه فى كل قصة قصها عليه جبريل عليه السلام وفى رحلة الإسراء والمعراج وفى كل آية دفاع عنه من التى أوردناها سابقا وفى كل البشائر التى بشره بها ربه عز وجل وفى تحقق بعض هذه البشائر على أرض الواقع مثل تحقق بشارة بدر وتحقق بشارة انتصار الروم على الفرس كما كانت تظهر بقوة حتى يرجف منها قلب محمد صلى الله عليه وسلم فى تلك الكلمة الرائعة التى كان جبريل يبدأه بها ( السلام يقرئك السلام ) ثم وكأنها قد تجمعت كل لحظات مساندة الله تعالى له فى تلك البسمة الأخيرة على شفتيه ذات البسمة العذبة التى عاش بها طوال حياته وهذه الكلمة الرائعة التى أطلقها نجمة درية فى سماء الكون ودرسا عظيما فى كتاب المؤمنين ووصمة عار فى جبين المتخاذلين وسهما مسموما فى صدور الطاعنين تلك الكلمة الزاهرة التى وجهها لابنته الزهراء (( لا كرب على أبيك بعد اليوم )) ففى هذه الكلمة تجمعت كل لحظات المساندة الإلهية لمحمد صلى الله عليه وسلم إذ كانت هى النتيجة الحتمية لكل هذه اللحظات هى اليقين الأتم الذى لم يصل لدرجته سوى هذا المخلوق الأكمل وكأن محمد إقبال رحمه الله تعالى كان يصف هذه اللحظة النورانية الرائعة لما قال ( إننى لا أرهب الموت أنا مسلم أستقبل الجنة راضيا مسرورا أريد أن أقول لكم ما علامة المؤمن إنها بسمة على شفته عند الأجل المحتوم )

كما كان من آثار هذه الليلة بدء علاقة أخوة رائعة بين أكمل المخلوقين ( محمد ) وأكمل الملائكة ( جبريل ) فقد ظهرت هذه العلاقة فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبلها بسعادة بالغة طفت على قسمات وجهه فأضاءت بنورها الدنيا كلها وأشرق كل كتاب ضم بين جنباته كلمته صلى الله عليه وسلم الوضاءة (( يا أخى يا جبريل ))

أما الأثر الأعظم على الإنسان محمد وهو الأثر الذى لن أتكلم عنه كثيرا هو اتصاله صلى الله عليه وسلم بملكوت الإله الخالق وتلقيه عن العزة الإلهية وكونه ربيب رب العالمين فأنعم بهما من اثنين محبوب وحبيب كلاهما لنا حبيبا
__________________

الأمل
ابــــ ـــن
  #4  
قديم 06-11-2004, 08:02 PM
ابن الأمل ابن الأمل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2004
الإقامة: مصر
المشاركات: 46
إفتراضي

( 3 )

آثار هذه الليلة على البشرية جمعاء

قبل أن أتكلم على آثار هذه الليلة على البشرية كلها أود أن أذكر آيتين كريمتين من كتاب الله تعالى

يقول الله تبارك وتعالى (( هو الذى بعث فى الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين )) ( * الجمعة 2 ) ويقول سبحانه (( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين )) ( * المؤمنون 32 )

إن أول سؤال يتبادر إلى الذهن عند سماع هاتين الآيتين هو ما الذى صرف كلمة ( منهم ) فى وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن تكون ( من أنفسهم ) ؟!

قد يقول قائل أن الصارف هو كون الأميين فى ذلك الوقت كفارا وكونه صلى الله عليه وسلم من المؤمنين وليس من الأميين وهذا مردود عليه بأن الآيتين قد تشابهتا فى أنهما تحدثتا عن رسول يتلوا آيات الله على قوم ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإذا كانت التلاوة متصورة مع اختلاف الدين إلا أنه لا يتصور أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو معلم الأميين وهم على كفرهم وشركهم كما لا يتحقق فيهم قوله تعالى (( ويزكيهم )) لأنهم على كفرهم ومعاداتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لهم وزن عند الله تعالى فلا يزكون عند الله تعالى ولا يزكون فى أنفسهم كما أن قوله تعالى فى حق الأميين (( وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين )) يدل على أنهم وقت المخاطبة كانوا فى نور وعلى نور وكون بعض الأميين فى ذلك الوقت كفارا يدل على أن المخاطب بهذه الآية هم الأميون الذين اتبعوا رضوان الله تعالى وآمنوا بنبيه صلى الله عليه وسلم بدليل قوله تعالى بعد هذه الآية (( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم )) ( * الجمعة 3 ) وقال الإمام ابن كثير ( قال الإمام أبو عبد الله البخارى رحمه الله تعالى – وذكر سندا – عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال : كنا جلوسا عند النبى صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة (( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم )) قالوا : من هم يا سول الله ؟ فلم يراجعهم حتى سئل ثلاثا وفينا سلمان الفارسى فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان الفارسى ثم قال (( لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجاله أو رجل من هؤلاء ))- ثم قال- ففى هذا الحديث دليل على أن هذه السورة مدنية ) انتهى كلامه

وعلى ذلك يكون الممتن عليهم فى الآيتين هم المؤمنون فما الصارف الذى صرف وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه منهم إلى أنه من أنفسهم ؟!

إنى لا أتصور سوى أن هذا الصارف هو اختلاف التعميم والتخصيص فرسول الله صلى الله عليه وسلم من الأميين أى واحد منهم وهذا يقتضى كونه غيرهم هذا بالنظر إلى صفة هذه الأمة أما بالنظر إلى دينهم فهو من أنفسهم وهذا يقتضى كونه صلى الله عليه وسلم معهم واحدا لا يتجزأ ويقارب هذا المعنى قوله تعالى فى الأزواج (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) ( * النساء 1 ) وقوله تعالى (( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون )) ( * الروم 21 ) فهما بالنظر إلى الخلقة اثنان بدليل قوله تعالى (( وبث منهما )) أما بالنظر إلى الحياة المشتركة بينهما فهى من نفسه والنفس كل لا يتجزأ

ولعل هذا هو أكبر آثار تلك الليلة على البشرية كلها وهو أن هذه الليلة كانت بداية تجميع البشر كلهم تحت راية واحدة وعلم واحد فصارت الرسالة الجديدة عامة لكل زمان ومكان وصار الرسول من نفس المؤمنين فتوحد الوصف لكل من يقبل الدخول تحت هذه الراية الجديدة فالوصف الجديد ليس ( قرشى ) أو ( يثربى ) وإنما صار الوصف الجديد الموحد ( مؤمنا ) فالرسول وإن كان من الأميين إلا أن قرابته من المؤمنين أقوى وأشد آصرة فهو لهم من أنفسهم

وتحت هذا الأثر الجديد على هذه الأمة الجديدة يأتى كل أثر آخر فإن أهم ما يحتاجه البشر فى كل زمان ومكان هو التوحد تحت راية واحدة فقد عرف الحواريون الله تعالى كما عرفه صالحوا اليهود كما عرفه صالحوا البشر على مر العصور غير أنهم جميعا كانوا مشتتين ممزقين فكانت هذه الرسالة التى أنزلت على هذا الرسول فى هذه الليلة رسالة عامة لكل بنى آدم فهى لواء جديد يتجمع تحت رايته كل متشوق للحرية وكل ظامئ للسعادة فكانت هذه الرسالة فى هذا الوقت لهؤلاء البشر كالماء البارد على الظمأ وقد رأينا فرحة ورقة بن نوفل العامرة لما سمع قصة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد تمثل هذا الأثر الهام كلماته التى تقطر فرحة ولهفة وهو يقول ( هذا الناموس الذى نزل الله على موسى يا ليتنى فيها جذعا ليتنى أكون حيا إذ يخرجك قومك ) إنه الشوق الجارف إلى الإنضمام إلى الوحدة الإنسانية الجديدة والحنين إلى الموت تحت ظلال هذه الراية هو ذات الحنين الذى يؤرق مضاجعنا ويبكينا نحن المؤمنين فى كل زمان ومكان ونحن نقرأ عن حروبه وغزواته صلى الله عليه وسلم ونتمنى أن نكون هناك إذ ليس مهما ما سنفعله ولا ما سنقدر عليه ولكن المهم فقط هو أن نكون هناك أن نموت هناك تحت هذه الراية

وشئ كهذا لا يخفى على رب العزة سبحانه وتعالى فقد ظهر حرصه سبحانه على هذه الوحدة فى كل أوامره لنا فى تشريعه لصلاة الجماعة والصوم أياما مخصوصة فى جماعة (( شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون )) ( * البقرة 185 ) والحج أياما معلومة فى جماعة (( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب )) ( * البقرة 197 ) حتى أنه سبحانه أنزل سورة سماها سورة ( الحج ) وقال فيها (( وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق )) ( * الحج 27 ) وحتى أنه سبحانه أنزل فى كتابه سورة سماها سورة الجمعة قال فيها (( يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنت تعلمون )) ( * الجمعة 9 ) بل حتى أنه أنزل سورة مخصوصة لتعليم المؤمنين كيف يصفوا أنفسهم صفوفا وأطلق عليها هذا الإسم الرائع ( الصف ) حتى يشعرهم وكأنه هو سبحانه الذى يصفهم بيديه الكريمتين وقال فيها (( إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا كأنهم بنيان مخصوص )) ( * الصف 4 ) فأى كلام بعد كلام الله تعالى ؟

__________________

الأمل
ابــــ ـــن
  #5  
قديم 06-11-2004, 08:06 PM
ابن الأمل ابن الأمل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2004
الإقامة: مصر
المشاركات: 46
إفتراضي

( 4 )

أثر هذه الليلة عند الله تعالى

روى الإمام مسلم فى صحيحه عن عياض بن حمار المجاشعى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم فى خطبته (( ألا إن ربى أمرنى أن أعلمكم ما جهلتم مما علمنى يومى هذا : كل مال نحلته عبدا حلال وإنى خلقت عبادى حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بى ما لم أنزل به سلطانا وإن الله عز وجل نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب وقال : إنما بعثتك لأبتليك وأبتلى بك وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء ( محفوظ فى الصدور ) تقرؤه نائما ويقظان ...... ) الحديث

هذا الحديث يبين كيف أن الله تعالى الذى قال لملائكته بكل قوته وقدرته وعلمه وعزته الإلهية (( إنى أعلم مالا تعلمون )) ( * البقرة 30 ) هو ذاته الذى مقت هؤلاء البشر عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب وقال الإمام ابن كثير فى تفسيره لقول الله تعالى (( هو الذى بعث فى الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين )) ( * الجمعة 2 ) ( فبعثه الله سبحانه وتعالى وله الحمد والمنة على حين فترة من الرسل وطموس من السبل وقد اشتدت الحاجة إليه وقد مقت الله أهل الأرض عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب أى نزرا يسيرا مما بعث الله به عيسى بن مريم عليه السلام) فصارت كل الظروف مهيأة لأن يأتى الله تعالى بذلك الدين الجديد الذى سيعيد أهل الأرض على هيئتهم الأولى التى خلقهم الله تعالى عليها (( حنفاء كلهم )) حيث لم يعد فى الرسالات السابقة قدرة على ربط أهل الأرض بربهم أو إيصالهم له

هنا قد يظهر لنا قائلان يقول أحدهما أننا نتحامل على الرسالات السابقة إذ نقول أنه لا أى منها يملك قوة جذب أو قدرة على تصحيح أوضاع البشر والآخر لا يقول وإنما يقرر أن الرسالات السابقة لا تملك ذلك وكلاهما خطأ وإنما الصحيح أن نقول أن الرسالات السابقة كانت لم تعد قادرة على جذب العباد إلى ربهم بعد ما حدث فيها من تحريف وما صاحبه من سيطرة الفاسدين من رجال الدين على مقدرات الناس وعقولهم وتصريفهم لدينهم تبعا لأهوائهم فإنه جاهلا وحده من يقول أن الرسالات السابقة عن الإسلام ليس لها قوة جذب بل هى لأنها رسالات سماوية لها قوة جذب مهولة جدا وإن لم تتساوى مع قوة جذب الإسلام وقد رأينا ما فعلته رسالة موسى عليه السلام بامرأة فرعون التى ضرب الله تعالى بها مثلا للمؤمنين والسحرة الذين ذكر الله تعالى من كلامهم ما يشابه كلام الأنبياء ومؤمن آل فرعون الذى أنزل الله تعالى فى كتابه سورة باسمه ( المؤمن ) وتكلم سبحانه فيها عنه كأنه نبى وأيضا نعلم أفواج المسيحيين الذين سيدخلون الإسلام عندما يستخرج المسيح عليه السلام الإنجيل غضا طريا كما أنزل من مدفنه حتى يروى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سبعين ألفا منهم سيغزون مدينة جانب منها فى البر وآخر فى البحر وهم يقولون لا إله إلا الله والله أكبر

أما عن عدم مساواة قوة جذب الرسالات السابقة لقوة جذب الإسلام فهذا كان هو مراد الله تعالى أن يرسل رسالة عامة لأهل الأرض كلهم يختم بها الرسالات السابقة لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فقد كانت الرسالة الأخيرة فرصة أخيرة للبشر بعد أن مقتهم الله تعالى كلهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب وهذا لا يقدح أبدا فى الرسالات السابقة فالثقب الذى يجذب مجرات الكون كله واحدة تلو الأخرى يجب ان تكون له قوة جذب تفوق كثيرا قوة جذب ذلك الذى يجذب كواكب مجرة واحدة

لكل ذلك فإن أهم آثار تلك الليلة عند الله تعالى هو كونه سبحانه وجد بين البشر كثيرا ممن دخلوا فى هذا الدين أفواجا فصار كأنه يقول لملائكته ( انظروا : لم يكن فسادهم من فساد خلقتهم وإنما من فساد بعضهم الذين أفسدوا فطرتهم وعقولهم فهاهم أولاء دخلوا فى دينى الإسلام سراعا بعد كثير شوق له وطول انتظار ) فقد كان الدين الجديد مطلبا بشريا بعد أن تاهت عقول البشر فى متاهات الفكر وظلمات الجهل كذلك كان مطلبا إلهيا من رب قال للسماوات والأرض والجبال (( دعونى وخلقى لو خلقتموهم لرحمتموهم )) مطلبا إلهيا لرب قال سبحانه (( إن تكفروا فإن الله غنى عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنت تعملون إنه عليم بذات الصدور )) ( * الزمر 7 ) فهو سبحانه لم يرض لعباده ما هم فيه من كفر ورضى لهم سبحانه دينا عظيما أنزله على رسول كريم فى ليلة مباركة هى خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هى حتى مطلع الفجر
__________________

الأمل
ابــــ ـــن
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م