مقالات اجتماعية ساخرة ( 2 ) .

[صقر الامارات]

# تغيير جــــــو:

السفر والإجازات هي الشغل الشاغل وحديث الناس خلال هذه الأيام ، فمكاتب الطيران أصبحت مثل سوق الخضرة من فرط الازدحام ، وأعتقد جازماً أن نسبة الزعل في البيوت حالياً في أعلى مستوياتها ، خاصةً إذا كان راعي البيت له ظروف تمنعه من السفر لمصاعب مالية أو أشغال عديدة هنا وهناك ترغمه على البقاء في محله ، بينما آمال الحرمة والأبناء في خبر كان ، وجرعات الشحن على أشدها بينهم خاصة إذا سافر قوم فلان بينما لم يفعلوا هم . .

وثمة موقعة أخرى في الدوائر الحكومية والمؤسسات ، فأهم معاملة حالياً هي الإجازة السنوية ، وكل من يعترض سبيلها فهو شيطان ملعون ، ترفع الأيدي يومياً للدعاء عليه ، كما أن من لا يوفقون في الحصول على إجازاتهم ترى بوزهم يمتد لمسافة مترين وزعلهم تمتد آثاره على المراجعين المساكين الذين لا حول لهم ولا قوة . .

ومن الناس من يتفاجأ بانتهاء صلاحية جوازه قبل السفر بيومين أو ثلاثة ، فينطلق كاالمضروب على رأسه هنا وهناك ، ويذهب إلى الجوازات مطالباً بإلغاء كل العمل والتفرغ لإنجاز معاملته وإذا تأخرت لساعة أو ساعتين أقام الدنيا ولم يقعدها وصار ينعت الموظفين باالتخلف والبطء والروتين وتضييع أوقات العمل ، وتسود الدنيا في وجهه ليرى أن العالم كله يتآمر عليه لإفشال مشروعه للسفر ! !

السفر عند ربعنا يا جماعة الخير هو خسارة في خسارة حيث لا تجديد ولا ابتكار ولا بطيخ ، فاالمطعم الذي تناول فيه البرياني قبل سنتين هو نفسه الذي سيأكل فيه هذا العام مطبقاً شعار اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفه ، وبرنامج الرحلات هو نفسه يعتمد على السوق وشراء السامان رغم أنه موجود وبكثرة وتنوع في أسواقنا ومراكزنا التجارية . .

من النادر أن نسعى للتعرف على أكلات الشعوب وطرائق معيشتهم أو ثقافتهم أو ندخل متحفاً أو نرتاد معرضاً أو حتى أن نطلع على خصوصيات تلك البلدان ، لأن هناك من بين المسافرين من نصب عينيه السفر من أجل مشاهدة الخليجيين المسافرين مثله ، والتمتع بفنون المعاكسة التي تطورت وأصبحت تحاك مؤامراتها على أراضٍ دولية ! ! !

لا أعرف متى سنتخلّى عن هذه التصرفات البالية التي أكل عليها الدهر وشرب ، ولم تعد تناسب التطور الذي وصلنا إليه خاصة تلك الأشياء التي تجري تحت ادعاء الترفيه وتغيير الجو والتي أوصلت العديد من شبابنا إلى أنفاق مظلمة ما زالوا يسعون جاهدين للخروج منها بعد أن فقدوا كل شئ في لحظة غفلة تصوروا خلالها أ، السفر يبيح المحظورات . .

عن قريب سيصبح السفر ركناً أساسياً في حياتنا ، لكن أتمنى من كل قلبي أن تتبدل المفاهيم في أقرب فرصة حتى لا يصبح وبالاً علينا بدلاً من أن يكون مناسبة للراحة والاستفادة وتغيير رتابة الحياة اليومية ! !