مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 05-10-2001, 10:40 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Question أين دورنا في رسم صورة صحيحة عن الإسلام؟

لم يوفق رئيس الوزراء الإيطالي (سيلفيو برلوسكوني) في اختيار عبارات تصريحه الإعلامي تأييداً للحملة الدولية بقيادة الولايات المتحدة على الإرهاب، فقد أثار تغليبه الحضارة الغربية على الحضارة الإسلامية -التي وصفها بالتخلف- عليه العالم العربي والإسلامي بالإضافة إلى حلفائه الغربيين الذين وجدوا في تصريحاته خروجاً على سياسة استمالة العرب والمسلمين إلى ما اعتبروه حرباً واسعة ونوعية ضد الإرهاب والإرهابيين، ولأسباب عديدة، كانت ردة فعل الجميع على تصريحات برلوسكوني الإيطالي أشد منها على تصريحات سابقة للرئيس الأمريكي بوش الابن الذي انزلق لسانه فوصف الحرب الانتقامية من الإرهاب والإرهابيين بأنها (صليبية).

= يتبع =
__________________
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك/22]
  #2  
قديم 06-10-2001, 08:44 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Lightbulb

يقظة ولو متأخرة
إن قسوة عبارات بوش الابن و(سيلفيو برلوسكوني) مدعاة لنفهم أن الجرح الغائر الذي تركته الغارة الجوية على كل من واشنطن ونيويورك ليس بالجرح العادي، وأنه فتح ثغرات في جسد العالم المعاصر تستدعي تفهماً أوسع بين الشرق والغرب، بل بين الشعوب والقبائل، كما هو التعبير القرآني.
ومدعاة كذلك ليقف العقلاء في كلا المعسكرين على نقاط الضعف ونقاط القوة في الخطاب السياسي والإعلامي، ومقدار المعرفة بين شطري العالم، وبين المسلمين –تحديداً- وبقية الشعوب والأمم.
ولا يغير شيئاً من الواقع أن تكون الاتهامات السريعة باطلة أو مجحفة، لأن المؤشر يدل على استعداد الآخر الكبير لاتهام المسلمين وتصديق الاتهام والانتقام المباشر في وقت واحد، وذلك نتيجة طبيعية لحملة التعبئة الدعائية المفتراة التي قامت خلال المائة سنة الأخيرة ضد الإسلام والمسلمين في مختلف وسائل المعرفة، وعلى مقدمتها صناعة (السينما) و(التلفاز)، وما بني خلال عقود من الزمن لا يمكن معالجته في دقائق معدودات، ولا أيام متسارعات.

= يتبع =
__________________
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك/22]
  #3  
قديم 07-10-2001, 09:20 AM
ام طه ام طه غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
المشاركات: 187
Post

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لكن اخي ويا للعجب اننا نحن من نروج للدعايات المبغضة ومنذ زمن ايضا


شعوبنا المستسلمة لحضارتهم ، لاعلامهم يشربون السم قطرة قطرة

عودة لسؤال سابق اين اعلامنا؟؟
  #4  
قديم 07-10-2001, 10:57 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Lightbulb

السلام عليكم

كل الأسئلة مشروعة في واقعنا المأساوي.
ونحن نلمس تخلفنا عن ركب التحدي الحضاري المعاصر.
وسؤالك -أخت أم طه- عن دور الأعلام يصيب كبد الحقيقة، وهو يستحق موضوعاً مستقلاً بنفسه.
__________________
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك/22]
  #5  
قديم 07-10-2001, 10:59 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Thumbs up

(تقصير وتجهيل)

أول ما يتبادر إلى الذهن في معالجة هذه الظاهرة السلبية معالجة تقصيرنا نحن – وليس تقصير الآخرين- في عرض مساهمتنا في بناء الحضارة في الماضي وفي الحاضر على السواء.

ويزيد من مأساة هذا التغييب أن شواهد حضارتنا ما زالت ماثلة في الشواطئ الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، وجنوب إيطاليا غني بثروة تاريخية حضارية عمرانية إسلامية ماثلة للعيان في المدن والجزر وكثير من مفردات السياسة والتجارة والمواد العلمية البحتة.

ولولا اختلاف اللغة لحسبت نفسك وأنت تتجول في الريف الإيطالي الجنوبي أو الاسباني والبرتغالي أنك في أية قرية من قرى المسلمين تغفو على الشواطئ الجنوبية والشرقية للبحر الأبيض المتوسط، بل عن التداخل يبلغ مداه في مالطا التي تتكلم حتى اليوم لهجة عربية ليبية واضحة.

يتربع (التجهيل) و(التجاهل) على رأس الحملة الإعلامية الظالمة التي يواجهها عرب اليوم ومسلميه، وكان حرياً بهم أن يتحدثوا لأبنائهم ولغيرهم عن دورهم الرائد في الماضي ودورهم المشارك الحي المعاصر، متمثلاً بنخبة من عقولهم المهاجرة، وبمميزات مجتمعاتهم المعاصرة المتميزة في الجانب الاجتماعي والأخلاقي مما دفع ولي عهد بريطانيا إلى مطالبة بني قومه للتعلم من المسلمين كيفية المحافظة على الأسرة، وعلى حماية الشباب من الانحراف والإنسياق وراء الجريمة والإنحراف والشذوذ.

=يتبع=
__________________
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك/22]
  #6  
قديم 08-10-2001, 10:35 AM
مهند2 مهند2 غير متصل
قمشطيط أرغون
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2001
المشاركات: 429
Post

السؤال هو اين دورنا في رسم صورة صحيحة عن الاسلام

الجواب نستطيع ان ناخذه( من فتح اندونيسا)

فقد فتحت من غير سيف ، فمن وكيف وبما ؟
__________________
***
ان كان بيتك من زجاج
لا تراشق الناس بالحجارة
***
  #7  
قديم 08-10-2001, 03:26 PM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Thumbs up

أشكر للأخ مهند مداخلته وإجابته الداعية إلى الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، واستخدام الأساليب الحضارية كما في فتح أندونيسيا.
وأتابع ما بدأته في الحلقات السابقة:

(الإنسان أولاً)

تقوم الحضارة الإنسانية على (الإنسان) قبل أي شيء آخر، ولا يتصوّر في الذهن أن يقوم الخامل المسحوق، والمحبط الفاشل ببناء حضارة إنسانية متميزة تدرك أبعاد رسالة الإنسان في الكون، ولا غرو أن نرى الإسلام ابتدأ بالإنسان نفسه، فكرمه وعلمه ووجهه،
فرفع من شأنه وأخرجه من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة،
ومن التقوقع إلى الانفتاح،
ومن العصبية إلى التراحم،
ومن الجور إلى العدالة،
ومن رفض المخالف إلى التعايش مع الآخر وقبوله،
وليس من دين كالإسلام جمع –بالزواج- أصحاب الأديان المتعددة تحت سقف واحد، حيث أجاز للمسلم أن يتزوج من الكتابية نصرانية كانت أو يهودية،
وكسر الإسلام قيود الخرافة وأخرج الإنسان من قمقم التبعية للكاهن والساحر إلى حصانة العلم ونعمة التوحيد ورفض مظاهر الدجل،
وقرر له الاستخلاف في الأرض,
والسواسية مع بني جنسه،
وألغى الفوارق الطبقية والعرقية،
وكرّم المرأة وساواها بالرجل في القيمة الإنسانية والتكليف الشرعي والشخصية القانونية المستقلة،
وأقر لكل واحد من بني البشر بحق الحياة والتعبير عن التفكير،
ووفر له الحرية السياسية ضمن ضوابط الشريعة والشورى،
وحرّم الظلم بكل أوجهه وأشكاله وميادينه،
وجعل الاجتهاد شعاراً يتغلب على التقليد،
وأوجب التفكير وجعله عبادة مأجورة،
ونهى عن التطرف في كل شيء حتى في العبادة والطاعات.

إن الإنسان الذي علمه الإسلام وأرشده ووجهه هو الذي بنى الأسس الأولى لما تتمتع به حضارة اليوم من معطيات إيجابية في ميدان حقوق الإنسان والقوانين الدولية، وكان موقفه متشدداً من قضية الظلم والعدالة، والحرية والاستعباد، فلقد استعاذ النبي (صلى الله عليه وسلم) من الظلم، وأعاذ منه، ففي الحديث: (أعيذك بالله يا كعب بن عُجرة من أمراء يكونون من بعدي، فمن غشي أبوابهم وصدّقهم في كذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ولا يرد عليّ الحوض، ومن غشي أبوابهم أو لم يغش، فلم يصدّقهم في كذبهم ولم يعنهم على ظلمهم، فهو مني وأنا منه وسيرد عليّ الحوض).

وخصص عالم الاجتماع العربي المسلم (ابن خلدون) فصلاً كاملاً في مقدمته، بيّن فيه أن وبال الظلم لا يقع فقط على الذين يمارسونه، وإنما يطال الدولة نفسها من حيث هي كيان سياسي، ويؤثر على استمرار أو عدم استمرار الاستقرار فيها، ويهدد استقلالها وازدهارها، كما يؤثر الظلم بشكل سلبي على العمران البشري (الحضارة)، الذي لا يقوم ولا يتقدّم بدون استقرار يقوم على العدل، قال: (ولا تحسبن الظلم إنما هو أخذ المال أو الملك من يد مالكه من غير عوض ولا سبب، كما هو معروف، بل الظلم أعم من ذلك، وكل من أخذ مِلك أحد أو غصبه في عمله، أو طالبه بغير حق، أو فرض عليه حقاً لم يفرضه الشرع، فقد ظلمه، فجباة الأموال بغير حقها ظلمة، والمعتدون عليها ظَلَمة، والمنتهبون لها ظَلَمة، والمانعون لحقوق النّاس ظلمة، وغُصّاب الأملاك على العموم ظَلَمة، ووبال ذلك كله عائد على الدولة بخراب العمران الذي هو مادتها، لإذهابه الآمالَ من أهله).

وما من شك بأن التفرد والاستبداد كارثة على الشعوب، والاستبداد يضيق بالنقد والنصح والحسبة، والتفرّد يغتال المواهب، ويقضي على الإبداع، ويزرع الرعب حتى يصبح المواطن خائفاً من أقرب المقربين إليه، لا يأمن من نفسه على نفسه، ولهذا صار الحكم الفردي عاراً على أصحابه، ووصمة سلبية في جبين الإنسانية، وعقبة كأداء تحول بين الإنسان والبناء الحضاري، وأي حياة هذه بدون حرية واعية، وشورى ناضجة، وسلطان يحفظ للإنسان كرامته؟ والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: (إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له: إنك أنت ظالم، فقد تُودّع منها).

وما هذا كله إلا لحفظ الإنسن –فرداً وجماعة، مؤمناً وكافراً- وحفظ الضرورات الخمس للإنسان (العقل والدين والمال والنفس والنسل).

=يتبع=
__________________
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك/22]
  #8  
قديم 09-10-2001, 12:28 PM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Thumbs up

(تحقيق الحرية وصيانتها نصاً وواقعاً)

شكّلت (الحرية) وما تزال أهم أهداف الإنسان المتحضّر، وأهم دوافعه في بناء الحضارة وتطويرها، كانت الحرية الدافع الأجلّ وراء جل الأعمال الواعية التي عرفها تاريخ البشرية، وكانت الحرية في بعض فترات التاريخ حلماً ذهبياً لا يتمتع به إلا الأقوياء الذين ولدوا على فراش من حرير، وكانت العبودية والرق نصيب الضعفاء الذين لا يملكون حوْلاً ولا طوْلاً وكان قدرهم أن ينتسبوا إلى أمم مستضعفة أو أسر مستعبدة، وكانت الحرية تنتقل بالتوارث والرق كذلك، إلا أن أبواب الرق كانت مفتوحة على مصراعيها، تزداد باسترقاق المدينين والأسرى، بينما كانت بوابات الحرية مقفولة لا يلجها أحد إلا بشق النفس وضمن ظروف استثنائية.

وحفرت العبودية في ضمير البشرية وعقلها جرحاً عميقاً، استمر إلى عقود ماضية قليلة، وكان أقصى أنواع الرق ذلك الذي يبرره الكهنة ورجال الدين، ويعتبرونه حقاً طبيعياً للأقوياء وللأغنياء، وكان الرقيق محروماً من إنسانيته يستغرب مالكوه أن يعبّر عن أحاسيسه كما يفعل الأحرار.

وجاء الإسلام ليحقق في أرض الواقع كل مظاهر الفطرة البشرية، وليعيد للإنسان كرامته، وحقوقه وعلى رأسها (الحرية)، التي أعطاها معنى أبعد بكثير مما عرفته فلسفات الأمم السابقة، فالحرية أبعد بكثير، وأعلى بكثير، وأعظم بكثير من أن تكون صكاً يحتفظ به المرء ليبرزه كلما دعت الحاجة.

(الحرية) في التصور الإسلامي أن ينعتق الإنسان من كل ما يكبله ويحول بينه وبين إنسانيته، فكرةً كان أو قانوناً أو عادةً أو إدماناً، ولذلك فك الإسلام ارتباط الدين والغيب والعبادة عن الكهانة، ولم يجعل في صفوفه مكاناً لرجل دين يستولي على حق تفسير النصوص الدينية، أو ينفرد بعلاقة خاصّة مع الرب المعبود، أو يتحول كلامه إلى تشريع فيحل ما يراه حلالاً ويحرم ما يراه حراماً.

لقد جعل الإسلام العلاقة بين الإنسان وخالقه علاقة مباشرة، لا يتدخل ولا يتوسط بينهما أحد: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} [البقرة/186]، والمسلم الذي يظن أنه يحتاج إلى وساطة بينه وبين الله يكون كالمشركين الذين قالوا عن الأصنام التي يسجدون لها ويقدمون لها مظاهر الولاء والطاعة: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} [الزمر/3]، وقمة الحرية - في التصوّر الإسلامي - قمة العبودية لله، ككفتا ميزان تعلو إحداهما لتهبط الأخرى، كلما قدمت تنازلات في خط العبودية لله كلما تنازلت عن درجة حريتك، وكلما ارتقيت في درجات عبوديتك لله كلما ارتفعت في درجات حريتك.

ولم يكرس الإسلام العبودية داخل إطارها الموروث من المجتمعات الجاهلية وتراكم مفاهيمها المتراجع عن الفطرة وعن إنسانية الإنسان، وإنما ضيَّق أبواب الرق، وفتح أبواب التحرير، فجعل العتق عبادة يتقرب بها المؤمن إلى الله، كما جعله كفّارة ينفذها المسلم كلما ارتكب ما يستوجب التكفير كحنث اليمين والقتل الخطأ، كما شجّع على المكاتبة( )، وجعل الله للمكاتب نصيباً في الزكاة المفروضة، قال تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكينِ والعاملينَ عليها والمؤلّفةِ قلوبُهُم وفي الرقابِ والغارمينَ وفي سبيلِ اللهِ وابن السبيلِ فريضةً من اللهِ واللهُ عليمٌ حكيمٌ} [التوبة/60]، {والذين يبتغون الكتاب مما ملَكتْ أيْمانُكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} [النور/33]، وجعل للرقيق المكاتب نصيباً في الزكاة، وكان (فك الرقبة)( ) من أعلى القربات التي عرفها المجتمع المسلم، وهي تشريع إسلامي غير مسبوق.

لقد هيأ الإسلام كل أسباب (الحرية) وضيق كل أسباب (العبودية) وأطلق أسر العلم والمعرفة ليصبحا في متناول الجميع، أحراراً وعبيداً، ذكوراً وإناثاً، عرباً وعجماً، مسلمين وغير مسلمين، فنهى عن كتمان العلم وجعله جريمة في الدنيا والآخرة، ونهى عن عدم التعلم وجعله كذلك جريمة في الدنيا والآخرة، ورفع بالعلم ما لم يرفع بالمال، ولا الطبقة الاجتماعية، ولا بالعِرق، قال تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} [المجادلة/11]، وقال سبحانه: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب} [الزمر/9].
وبالعلم يعلو الفرد على أصحاب المال والسلطان الجهلة، بغض النظر عن أصله ونسبه وعِرْقه، قال سالم بن أبي الجَعْد، (رافع الأشجعي، المتوفى حوالي100هـ): (اشتراني مولاي بثلاثمائة درهم وأعتقني، فقلت: بأي شيء أحترف؟ فاحترفت بالعلم، فما تمّت لي سنةٌ حتى أتاني أميرُ المدينة زائراً، فلم آذن له).

وانسحب مفهوم الحرية في الإسلام على كل ميادين حياة المسلم، فلا يصح اعتناق الإسلام إلا باختيار حرّ، ولا يصح تعاقد بين اثنين إلا باختيار حرّ، ولا يصح نكاح ولا طلاق إلا باختيار حر، فالإكراه لا تترتب عليه آثار شرعية وقانونية كتلك التي تترتب على الحرية، (والحرية السياسية في الإسلام فرع لأصل عام هو حرية الاختيار، فقد جاء في الحديث: (لا تكونوا إمّعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطّنوا أنفسَكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا)( ). بل الجهر بالحق في الإسلام واجب وليس رخصة، والواجب عند الأصوليين (هو الذي يذم تاركه ويلام شرعاً بوجه ما).

وأي حياة للفرد أو الجماعة تحت قهر السيوف، وسلطان الظلم، وانعدام الاختيار، وظلمة السجون والمعتقلات؟ أي حياة هذه بدون حرية صحيحة ملتزمة، وشورى واعية قاصدة، وحفظ للكرامة الإنسانية، واستيفاء للحقوق وأداء للواجبات؟ وأي حياة هذه والمرء يراقب كلماته ويمسك بشفتيه ويخشى أن تفضحه عيناه أو جوارحه، ولا يأمن على نفسه من نفسه أو من أقرب المقربين إليه، فعيون الظلم مبثوثة والتهم جاهزة والزبانية على أحر من الجمر!

وأي دولة هذه التي تحيط نفسها بجيش من المنافقين الذين ينعقون مع كل ناعق لأن الفرد فيها فقد كرامته، وأعدم شخصيته، وتخلى عن كل ما له علاقة بالتفكير أو التدبّر؟ كيف تقوى أمة من الأمم أو دولة من الدول أو مجتمع من المجتمعات أو جماعة من الجماعات أو أسرة من الأسر، على مواجهة تحديات الحاضر وبناء المستقبل بأفراد ليس لهم من الإنسانية سوى الهيكل الخارجي؟ وبعد ذلك يخشى أحدهم التصرف بدون إذن (ولي الأمر) ولو كان لألصق الأمور الشخصية؟

إن الشخصيات المهزوزة لا تقوى على حمل رسالة ولا أداء أمانة ولا نشر دعوة ولا مواجهة باطل ولا إحقاق حق ولا إنشاء حضارة، لأن ذلك كله لا يقوم بدون مبادرة وإبداع، ولا مبادرة وإبداع مع العبودية، ظاهرة كانت أو مقنّعة.

إن التنصيص القانوني على حفظ الحرية، وتأصيلها بالتربية وبكل وسيلة ممكنة حتى تصبح صفة شخصية لكل مواطن، وبذل كل جهد مطلوب لرعايتها وحمايته، باب من أهم أبواب بناء الفرد والجماعة، والحرية حصن الأمم الحصين، ومدخلها الصحيح لتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، والاستفادة من الطاقات والقابليات، ودفع الإحباطات، وسد الثغرات، وتأمل كلام ابن تيمية (أحمد بن عبد الحليم، ت728هـ) على عاقبة الظلم: (الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مؤمنة)( )، وقبله قال الطرطوشي (محمد بن الوليد، ت520هـ): (إن السلطان الكافر الحافظ لشروط السياسة الاصطلاحية أبقى وأقوى من السلطان المؤمن العدل في نفسه، المضيع للسياسة الشرعية، والجور المرتب أبقى من العدل المهمل، إذ لا أصلح للسلطان من ترتيب الأمور، ولا أفسد له من الحكم، ولا يقوم سلطان إيمان أو كفر إلا بعدل نبوي أو ترتيب اصطلاحي).

اقرأ ذلك لتدرك أبعاد تأصيل العدالة في بناء الأمم واستمرارها وتحقيق عزتها، وهل العدالة؛ بكل مفرداتها وتجلياتها؛ إلا بنت الحرية البارّة؟

= يتبع =
__________________
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك/22]
  #9  
قديم 10-10-2001, 03:27 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Thumbs up

(العلم فريضة)

يعرف القاصي والداني أهمية المعرفة في البناء الحضاري، ولا معرفة بدون علم، ولا علم بدون تعلم، ويكفي أن نذكر أن أول كلمة أوحاها الله تعالى لرسوله (صلى الله عليه وسلم) في الكتاب الكريم {اقرأ} وكفى بذلك دلالة على كل المعاني التي وردت في الكتاب الكريم والحديث الشريف في الحث على طلب العلم وتشريف طلابه ومعلميه.

فقد فرض الإسلام طلب العلم على أتباعه (ذكوراً وإناثاً)، ورفع من درجة طلاب العلم بين عموم المسلمين، والآيات والأحاديث وأقوال العلماء في الحثِّ على طلبِ العلم ونشره كثيرة، وقد جعل الله تعالى شهادة العلماء مقرونة بشهادته تعالى وملائكته في قوله: {شهد الله أنه لا إلهَ إلا هوَ والملائكةُ وأولو العِلْمِ قائماً بالقسط، لا إلهَ إلا هو العزيزُ الحكيمُ} [آل عمران/18]،
ورفع أهل العلم درجات: {يرفعِ اللهُ الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلمَ درجاتٍ واللهُ بما تعملون خبيرٌ} [المجادلة/11]،
وقوله: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكرُ أولُوا الألباب} [الزمر/9]،
ووصفهم بمعرفة المحكَم والمتشابَه، والإيمان بهما، والتمييز بينهما، فقال سبحانه: {وما يعلم تأويلَه إلا اللهُ، والرّاسخونَ بالعلم يقولون: آمنّا به، كلٌّ من عند ربنا، وما يذّكرُ إلا أولو الألبابِ} [آل عمران/7]،
وجعلهم أهلاً للتقوى القائمة على المعرفة: {إنَّما يخشَى اللهَ من عباده العلماءُ} [فاطر/28]،
وسمّى العالم بالحق مبصراً، والكافرَ المستكبر أعمى، فقال عزّ وجلّ: {أفمن يعلمُ أنّما أُنزِل إليك من ربك الحقُّ كمن هو أعمى؟ إنما يتذكّرُ أولُو الألبابِ} [الرعد/19].

وعن أبي الدرداء، عُويمر بن مالك (ت32هـ) رضي الله عنه؛ قال: سمعتُ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهّل اللهُ له طريقاً إلى الجنّة، وإن الملائكةَ لتضعُ أجنحتَها لطالبِ العلم رِضاً بما يصنع. وإن العالِمَ ليستغفرُ له مَنْ في السمواتِ ومَنْ في الأرض حتى الحيتانُ في الماء. وفضلُ العالم على العابد كفضلِ القمر على سائر الكواكب. وإن العلماءَ ورثةُ الأنبياء، وإن الأنبياء لم يُوَرِّثوا ديناراً ولا دِرهماً وإنما ورَّثوا العلمَ، فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافرٍ).

=يتبع=

[ 14-10-2001: المشاركة عدلت بواسطة: صلاح الدين ]

[ 14-10-2001: المشاركة عدلت بواسطة: صلاح الدين ]
__________________
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك/22]
  #10  
قديم 10-10-2001, 07:32 AM
radi radi غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
المشاركات: 245
Post

السلام عليكم

اخي صلاح بارك الله فيكم والى المزيد فنحن نقرا وان لم نعلق
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م