إذا سرق فيهم الشريف تركوه !
اعدمت السلطات السعودية في الاسبوع الماضي ستة مواطنين صوماليين بتهمة تكوين عصابة لسرقة سائقي سيارات الاجرة في منطقة جدة وسلب اموالهم كما اعدمت مواطنا سودانيا يوم الجمعة بتهمة تهريب المخدرات، مما يرفع عدد حالات الاعدام منذ مطلع هذا العام الي اربعين حالة. وهو اكثر من مجموع حالات الاعدام التي جري تنفيذها في العام الماضي وبلغت 33 حالة.
المواطنون الصوماليون الذين اعدموا بحد السيف لم يتم ابلاغهم بصدور عقوبة الاعدام في حقهم، وارتكبوا جريمتهم باختطاف سائق تاكسي وسرقته عام 1999 اي قبل خمس سنوات تقريبا، اما لماذا جري اعدامهم بعد عقوبة السجن والجلد (3000 جلدة) فهذا امر غير معروف.
السلطات السعودية بررت عملية الاعدام هذه بالقول ان هؤلاء عاثوا في الارض فسادا واستحقوا عقوبة الاعدام وفق قوانين الشريعة الاسلامية، ولكن قوانين الشريعة هذه التي يتم تطبيقها بشكل انتقائي لا تنص مطلقا على اعدام شخص او مجموعة اشخاص، لم يرتكبوا جريمة القتل، قالقاتل يقتل، اما السارق فتقطع يده.
هؤلاء الضحايا لم يتمتعوا بمحاكمة عادلة، ولم يتمكنوا من الدفاع عن انفسهم، او توكيل محامين للدفاع عنهم، مما يعكس مدي فساد القضاء في هذا البلد الذي يدعي انه يحكم بالاسلام ويطبق قوانين الشريعة.
السلطات السعودية تطبق قوانين الشريعة الاسلامية حسب أمزجة المسؤولين فيها، ففي الاسبوع الماضي تدخل الامير عبدالله بن عبد العزيز ولي العهد وألغي قرارا صادرا عن محكمة شرعية بسجن كاتب سعودي وجلده لانه ارتكب جريمة القذف والتشهير في حق مواطن، وامر باحالة جميع قضايا السب والقذف الي لجنة تشكلها وزارة الاعلام، اي ان الوزارة تصبح هي الخصم والحكم، فهي التي توعز في بعض الحالات لكتاب معينين بالتطاول علي بعض الاشخاص والتشهير بهم لانهم يعارضون سياسة الدولة وفساد المسؤولين، وتفاقم حالات نهب المال العام. ومن الطبيعي ان تنحاز الوزارة الي كتابها عندما يتظلم احدهم امامها، وتوفر لهؤلاء الحماية من اي مقاضاة.
الصوماليون والسودانيون والمسلمون الاخرون يعدمون في المملكة العربية السعودية لانه لا توجد لديهم حكومات محترمة تدافع عنهم، وتقف الي جانب مواطنيها في مثل هذه الازمات، ولو كان هؤلاء من الاوروبيين او الامريكيين فان احكام الاعدام او الجلد لا تطبق عليهم حتي لو ارتكبوا جرائم القتل.
الممرضتان البريطانيتان الشهيرتان ارتكبتا جريمة قتل زميلة استرالية، واعترفتا بجريمتهما ولكن السلطات السعودية لم تطبق عليهما حكم الشرع، رغم صدور حكم من محكمة شرعية باعدامهما، لانها لا تجرؤ علي اغضاب الحكومة البريطانية.
السلطات السعودية لم تعدم غربيا واحدا، ولم تجلد ايا من رعايا الدول الاجنبية، الاوروبية والامريكية تحديدا، وبعضهم متورط في تهريب المخدرات والكحول، وارتكب جرائم قتل، بل ومارس اللواط علنا، ولكنها لا تتورع عن اعدام سعوديين من البسطاء والفقراء المعدمين، او من رعايا الدول الاسلامية الفقيرة.
ومن المفارقة ان الرئيس الامريكي جورج بوش يشيد بالاصلاحات في السعودية، وان منظمة التجارة العالمية توشك علي منحها العضوية فيها رغم ان اول شروط العضوية وجود قضاء عادل مستقل.
الامير عبدالله بن عبد العزيز ولي العهد السعودي سيحل ضيفا علي الرئيس الامريكي جورج بوش في الاسبوع المقبل. وكدليل علي الحفاوة والمكانة الخاصة لولي العهد السعودي قرر الرئيس بوش ان يكون اللقاء في مزرعته في تكساس.
فكيف يمكن ان تصدق الشعوب العربية احاديث الرئيس بوش عن الديمقراطية واحترام حقوق الانسان وهو يبالغ بالترحيب والحفاوة بزعيم دولة اعدمت اربعين شخصا منذ بداية العام دون اي محاكمات عادلة؟
الرئيس بوش لا يهتم بحقوق الانسان وليس جادا في امور الديمقراطية، فكل ما يهمه هو النفط رخيصا، واسرائيل قوية متفوقة، ويبدو ان السعودية تحقق له ما يريد. والا لاحتج الرئيس بوش بشدة ضد عمليات الاعدام هذه، وطالب بالافراج عن الاصلاحيين الاربعة المعتقلين منذ عام لانهم تجرأوا وطالبوا بالاصلاحات في عرائض سلمية قدموها الي المسؤولين السعوديين، وعلي رأسهم ضيفه ولي العهد.
ففي اي قانون سماوي او وضعي يعاقب من يطالب بالاصلاح سلميا بالسجن؟
ادخل إلى موقع القدس العربي
__________________
http://hewar.khayma.com/showthread.php?s=&threadid أن المفهوم السياســي للوطن في الإعلام العربي والخطاب السياسي ـ غالبا ـ ينتهي إلى أنه الكذبة الكبرى التي اصطلح الجميع على إستعمالها للوصول إلى أطماعه الخاصة ، الحزب الحاكم يستعملها مادامت توصله إلى أطماعه ، وطبقة التجار كذلك ـ إن كانت ثمة طبقات تجار خارج السلطة التنفيذية ـ مادموا يحصلون على الصفقات الكبرى ، والأحزاب الساعية للسلطة يمتطــون هذا المفهوم للوصول إلى السلطة .
ولهذا ينكشف الأمـر عندما يتخلى الزعيم عن الأرض هاربا عندما يفقد سلطته ، وتعيش الأحزاب السياسية خارج الوطـن ، وهي تتاجر سياسيا بشعاره ، ويُخرج التجار أموالهم ليهربوا إليها عندما تتهدد مصالحهم التجارية في الوطــن ، بينما كانوا يجعلون الأرض سوقا استثماريا فحسب ، ويبقى فيها الشعب المسكين الذي كان مخدوعا بهذه الكذبة ، حبّ الوطن ، إنه حقـا زمــن الزيــف والخــداع .
=46969
|