في الطريق نحو الثقافة - مشاركة في الأدب الساخر ....

[يمان]

في الطريق نحو الثقافة
العالم أصبح قرية صغيرة كما يقولون ......... وعصرنا هو عصر المعلوماتية والانطرنت .......... ما هي الانطرنت لا أدري .......... جاري أبو صالح يتحدث عن ثقب في السماء يدعى ثقب الأوزون ........ سينهي العالم بعد مدة قصيرة ..... ولا بد أن نؤسس حزبا أخضر لرقع الثقب ......... أبو عوني سائق الباص يخبرني دوما عن شخص غامض ........ يدعى الأعور الدجال ...... سيخرج من مثلث برمودا ويحتل العالم ....... أما نسيم الماركوسي – هكذا يطلقون عليه – لم ييأس من دعوتي دائما لكي أنضم أليه واواجه مع رفاقه تغوّل الجلوبلايزيشين ؟؟؟؟ !!!!! والتي تسلعن على حد تعبيره كل شيء حتى البشر وعبثا حاولت فهم ما يقولون ولكني كنت دائما كالأطرش في الزفة ....... فأنا لم ألتفت يوما لما يسمونه ثقافة ...... لم أحاول يوما أن اقترب من هذه الكلمة العجيبة ..... ولكني سئمت .....نعم سئمت ....... لا بد أن أتثقف لا بد أن ألحق بركب الحضارة كما يقول الأستاذ نجيب ..... لم أعد أطيق دور المستمع منذ اليوم سأصبح المتحدث ......وسأتعرف على زمام الحديث حتى امسك به أمام الجميع ....................
ولكن المشكلة من أين أبدأ....... فدروب الثقافة متعددة موعر وصعب .... كما سمعت ذات مرة .... مدحت احد جيراني نصحني قائلا يكفي أن تقرأ الصحف كل يوم خصوصا جريدة الحوادث فهي تمدك يوميا " بالسواليف الطازجة " .... أما رزق .... – وهو بالمنسبة شاعر الحارة قال عليك بدواوين ادريس الديك المعروف بأبو عنتر ...... واصفا إياه بأمير أمراء الشعر ......ناعتا الذين نصبوا احمد شوفي بأمير الشعراء بأنهم مجموعة من فاقدي الذوق الأدبي ........ عباس الوحيد الذي اجتاز الثانوية في الحي قال كل ما عليك فعله أن تشترى "ستالايت ديجيتال " قمر أوروبي والتسمر أمامه ليل نهار فهو لا يخفي شيئا ..... على حد زعمه ......
الأستاذ نجيب والذي اخبرني سابقا بأننا يجب أن نلحق ركب الحضارة ..... قال عليك أن تتابع النشاطات الثقافية والأدبية كالندوات والمحاضرات وأمسيات الشعر والأدب والتي تنظمها المؤسسات والهيئات الثقافية هنا وهناك وأضاف بأنه يترتب علي متابعة إعلاناتها وبرامجها أن كنت محقا في رغبتي أن أصبح مثقفا ...!!!
يا لي من أحمق لو أني وفرت كل هذا الهدر بالوقت وسألت الأستاذ نجيب منذ البداية ....إنه بحق مثقف قدير.......

وأخيرا وجدت المحطة الأولى من رحلتي نحو الثقافة وكانت عبارة عن إعلان لحضور محاضرة في نادي غرناظة الثقافي بعنوان " هرطقات التفكيكيين في نقد أدب ما بعد الحداثة " ......
في مساء اليوم التالي بدأت رحلة البحث عن القاعة التي ستحتضن المحاضرة ... وبدأت أتخيل نفسي وأنا أحدث الأصدقاء في القهوة عن المحاضرة ... ونظرات الإعجاب والغيرة ترمقني من كل صوب ....
المهم أنني انطلقت .... وبعد سير طويل وسؤال أكثر من عشرين شخص وشرب ما لا يقل عن لترين من عدة أنواع من العصير .......آه لقد وجدت القاعة ............
دخلتها وأنا خائف وجل .... كان هناك بضعة أشخاص على المقاعد .... وعدد اكبر منهم على المنصة الرئيسية .... الكل صامت واجم ..... رسمت ملامح جامدة على وجهي وجلست على أول مقعد في الصف الأول وكلي أذان صاغية لما سينطق به المحاضر .... كيف لا وانا سأسرق عباراته واسردها على أصدقائي - غير المثقفين - في القهوة .............
وفي النهاية ظهر المحاضر .... كان شخصا ضخم الجثة ...كبير العمر .... ذو حركة ثقيلة ...حتى خشيت أن يسلم الروح ..... قبل أن يلقي المحاضرة ..... بصعوبة كبيرة صعد إلى المنصة ....كانت نظراته غريبة وهو يحدق في وجوه المحاضرين ..... وفجأة ... اختطف " الميكروفون " من مقدم المحاضرة وقال .... ( قبل أن ابدأ بحاضرتي فإني سأرد على ذلك الصحفي المأفون القابع هناك كالسنجاب الأجرب .... والذي تجرأ أدبي وعبر صحيفته الصفراء وخلع عليه نعوتا جاهلة .... أعرفك جيدا أيها الزنديق العفن وأعرف من يدفع لك لتكتب ذلك الهراء .... انك ومن معك تعبرون عن قيء العولمة التي اجتاحتكم وأفقدتكم خصوصياتكم) - ياه حتى شتائم المثقفين لها رونق خاص – عندها قفز ذلك الصحفي وهو يلوح بيديه بعصبية ويصرخ ....( اصمت أيها العجوز الخرف أنت وأدبك هراء ...هراء عفن ... هلوسات اعجمية .....سيطويه الزمن ..... انا من يدفع له أم أنت يا من تتلقى التمويل من الخارج لتسرق نصفه وتنفق النصف الأخر على نتاجات أدبية ذات لغة مزرية وعبارات مفككة ) عندها بدأ المحاضر بالصراخ وأصبح وجهه احمر على وشك الانفجار ..... بالتأكيد سيسلم الروح بعد قليل ....
وقتها قام بعض من كانوا على المنصة بالمشاركة بالصراخ على الصحفي حتى أن احدهم قذفه بمنفضة سجائر كانت على المنصة فما كان من الصحفي وزملائه الذين كانوا اغلب الحاضرين إلا أن قاموا برمي المقاعد على المنصة ورافق ذلك كله شتائم ذات عيار ثقيل ..... وبينما كنت أراقب ذلك كله كالمشدوه فوجئت بكرسي كبير يتحطم على رأسي ...............!!!!!!

بعد عدة ساعات صحوت ..... وأنا أجد نفسي برأس معصوبة في غرفة مستشفى وصداع حاد يكاد يفجر رأسي وكلمات تطن بعقلي وتنخر دماغي من الداخل ...... ثقافة ....عولمة ... حداثة .... تفكيكيين ..... هراء .....هراء... بعد فترة جاء عندي رجل امن واخذ إفادتي وقال لي يمكنك مغادرة المستشفى ... عندها حملت نفسي ... وبخطى متثاقلة .... بدأت السير نحو البيت ........حقا أن الطريق نحو الثقافة صعبة جدا ..............

يمان

[المبتسم]

نعم كم هو صعب وشاق الطريق الى الثقافه وهكذا كل الامور الهامة الطريق اليها ليس معبدا لكن بطرحك الجميل لهذه الاشكاليه وبهذ الاسلوب الشيق الانيق ، اعتقد انك قد أسلت اللعاب الى الامسيات الثقافيه0 وماعلينا حين الذهاب اليها سوى التسلح،00ليس بالقلم والقرطاس ، ولكن بدروع واقيه من شرر تطاير الكراسى. نعم موضوع جميل وطرح اجمل ونحن فى انتظار المزيد

[سرطاوي وبس]

[poet font="Simplified Arabic,5,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/20.gif" border="groove,4,gray" type=1 line=350% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
بارك الله فيك و ادامك
و لكن ما عساي اقول
اذا تعبت العقول
و اذا اصبح يغدوا ويصول من كان بالامس من العجول
فاقول و اقول : عليك يا اخي باكل الفول
لتظل عن واقع امتنا معزول
هذا ليس قولي و لاتحسبني مسطول
لان هذا قول اذناب العجول
[/poet]

[يمان]

أخي المبتسم وسرطاوي
أشكر لكم كلامكم وتشجيعكم ........ أتمنى أن أسمع منكم نقدا ..
فالسخرية من الواقع قد تكون أحيانا سلاح المثقف الأخير ......

[يتيم الشعر]

معأطيبالتحاياللأقلامالمتألقةيمانوسرطاويوالمبتسم

[يمان]

أخي يتيم الشعر
أشكرك بداية على جهدك المتميز بهذه الساحة المتميزة ........
أشكر لك تحيتك اللطيفة
وسعيد انا بالتواصل معكم
انتظروا منا مشاركات قادمة .....
أخوك
يمان

[ريان الشققي]

أعزائي
تحية طيبة
تعرضت لنفس الموقف في لوس أنجلس عندما كنت مدعوا لألقي قصيدة في (مهرجان الشعر العربي) وكان دوري قبل الأخير، ذهبت وكنت منتعشا بهمة عالية، وكي لا أطيل عليكم عندما بدأت الجلسة في قاعة أحد الفنادق شعرت بالخيبة من نظرات المدعويين بعضهم لبعض حيث النظرات كانت ليست مريحة، وقلت لنفسي خيرا يجب التفاؤل، ما هي إلا ساعة من الزمان حتى بدأ أحد الشعراء متحمسا لقضية ما في البلاد الأم فجاءته الشتائم من بعض الحاضرين فلم يتوقف واستمر في إلقاء قصيدته ، وماهي إلا دقائق والشتائمتخرج مع الزبد من الأفواه والكراسي تنطلق طائرة في أرجاء القاعة، أمسكت بيد زوجتي وأسرعنا نحو الباب ثم وجدت نفسي في البيت أحاول أن استرجع ماحصل وكيف أنه لم أتمكن من إلقاء قصيدتي، وتمنيت أن لا أكون مدعوا بعدها إلى تلك المهرجانات التي تعبر عن الاختلاف أكثر مما تعبر عن الالتئام والتواصل والفن.

شكرا